كلمة مسيحي (باليونانية Χριστιανός وأيضاً χρηστιανός) هي نسبة إلى المسيح "،[26][27] والمسيح في العربية هو الممسوح وربما تكون مشتقة من الكلمة الآراميةالسريانية (ܡܫܝܚܐ) (مشيحا) والآرامية هي لغة المسيح،[28] وكلمة مسيحي في معظم اللغات الهندوأوروبية مشتقة من الكلمة اليونانية "كريستوس" بمعنى المسيح.
كلمة «مسيح» في اللغة العبرية هي «ماشيح - מָשִׁיחַ» من الفعل «مشح» أي «مسح» ومعناها في العهد القديم الممسوح بالدهن المقدس، ونقلت كلمة «ماشيح» إلى اللغة اليونانية كما هي ولكن بحروف يونانية «ميسياس -Мεσσίας» ومن ثم ترجمت ترجمة فعلية «خريستوس -Хριτός» من الفعل اليوناني «خريو -chriw» أي يمسح؛ وجاءت في اللاتينية «كريستوس ـ Christos» ومنها في اللغات الأوربية " Christ"؛ إن عملية المسح تتم في العهد القديم بواسطة الدهن المقدس الذي كان يصنع من زيت الزيتون مضافًا إليه عددًا من الطيوب (سفر الخروج 22:30-31)، وقد ظل هذا التقليد حتى أيامنا هذه في المسيحية في سر الميرون؛ وكان الشخص أو الشيء الذي مسح يصبح مقدساً ومكرساً للرب؛ وحصر استخدامه للكهنة، الملوك والأنبياء (خروج 30:30)؛ ولهذا دعوا بمسحاء الرب (المزامير 15:105)، ومفردها «مسيح الرب» (صموئيل الثاني 1:23)، ويصفهم الله بمسحائي (أخبار الأيام الأول 22:16)؛ لكن الوحي الإلهي في أسفار العهد القديم يؤكد أن هؤلاء «المسحاء» جميعاً؛ كانوا ظلاً ورمزاً للآتي والذي دعي منذ داود فصاعداً بـ «المسيح»، وكانوا جميعاً متعلقين بمسيح المستقبل الذي سيأتي في ملء الزمان ودعاه دانيال النبي المسيح الرئيس (دانيال 24:9)، و«المسيح» و«قدوس القدوسين» (دانيال 25:9)، لأنه سيجمع في شخصه الصفات الثلاث: الكاهن والنبي والملك؛ وهذا الشخص وفق العقيدة المسيحية هو يسوع، بينما لا تزال الديانة اليهودية تنتظر قدومه.
تاريخ استخدام الكلمة
الراجح أن يسوع وأتباعه الأوائل - طبقاً للكتاب المقدس - لم يبتدعوا اسماً يميزون به أنفسهم عن سائر اليهود، فالمسيح لما طلب من المرأة السامرية أن تعطيه يشرب استنكرت عليه ذلك وقالت: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ، وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟»[30] ومع ذلك لم يبد أي اعتراض على نعتها إياه بيهودي بل استطردا في حديثهما إلى أن قال لها: «أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ، أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ. لأَنَّ الْخَلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ».[31] وعلى هذا فهو يرى نفسه كواحدٍ من اليهود، وكذلك فإن شاول الطرسوسي المعروف ببولس لم يجد حرجاً في أن يعتبر نفسه يهوديًا بالرغم من تنصره واتباعه للمسيح[32][33]، وليس أدل على أن التلاميذ استمروا في استخدام مصطلح يهود مما رواه بولس في رسالته إلى أهل غلاطية حيث قال:
وقد ظهر استخدام كلمة مسيحي لأول مرة بين سنتي 42 - 43 م، وأقدم نص مكتوب يذكر كلمة «مسيحي» ورد بكتابات المؤرخ تاسيتس (ولد سنة 56 ميلادي)، ويبدو أن كلمة «مسيحي» في الأصل أطلقت على أتباع يسوع الأوائل بهدف التوبيخ والتحقير من شأنهم، ولكن شاع استخدامها فيما بعد وأقرها المسيحيون فيما بينهم، حيث تقول دائرة المعارف الكتابية تحت مادة «مسيح - مسيحيون»:
... ولعلها (أي كلمة مسيحي) كانت تنطوي أساساً على نوع من التهكم، ويبدو أن المسيحيين أنفسهم لم يتقبلوا هذا الاسم بصدر رحب في البداية، ولكنه على توالي الأيام، التصق بهم وصاروا يعرفون به"[35]
ويذهب كاتبو قاموس الكتاب المقدس لنفس الرأي فيقولون تحت مادة «مسيحي»:
دعي المؤمنون مسيحيين أول مرة في أنطاكية (اع 11: 26) نحو سنة 42 أو 43 م. ويرجّح أن ذلك اللقب كان في الأول شتيمة (1 بط 4: 16)..." [36]
بالإمكان العثور على مجموعة واسعة من المعتقدات والممارسات في جميع أنحاء العالم بين هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم مسيحيين. لا يوجد تعريف موّحد بين الطوائف والمذاهب حول تعريف «المسيحية». على سبيل المثال، يشير تيموثي بيل التفاوت من المعتقدات بين أولئك الذين يعرفون أنفسهم كمسيحيين في الولايات المتحدة على النحو التالي:
على الرغم من أن الجذور التاريخية لهذه الطوائف تعود إلى كل من اللاهوت المسيحيوالتقاليد المسيحية. إلاّ أن هناك البعض قد لا يعتبر فئات أخرى ضمن تصنيف أكبر وهو المسيحية؛ على سبيل المثال معظم المعمدانيين والأصوليين المسيحيين، لا يعتبرون المورمونية أو العلم المسيحي أنهم ضمن العائلة المسيحية. في الواقع، فإن ما يقرب من 77 في المئة من الأميركيين يعرّفون نفسهم بأنهم مسيحيون وينتمون إلى مجموعة متنوعة من التقاليد المسيحية.[37]
حاولت ليندا هولم تقديم تعريف شائع حول من هم المسيحيين مشيرة إلى أنّ «حول أيًا كان قد يختلف حوله المسيحيين؛ على الأقل هناك اتفاق في الاعتقاد بأن يسوع له أهمية فريدة من نوعها».[38] الفيلسوف مايكل مارتن، في كتابه القضية ضد المسيحية' يقيّيم ثلاثة عقائد مسيحية تاريخية (قانون الإيمان الرسوليّ والنيقاوي والأثانسياوسي) لوضع مجموعة من الافتراضات الأساسية والتي تشمل الاعتقاد والإيمان بالله، وتاريخية يسوع، وسر التجسد، والخلاص من خلال الإيمان بيسوع، والإيمان في يسوع باعتباره قدوة أخلاقية.[39]
يشيع في الثقافة العربية استخدام كلمتين للتعبير عن المسيحيين منها لفظ «نصارى» وهو اللفظ الذي يُستخدم في الكتب والأدبيات الإسلامية بشكل عام بحيث يطلق على الديانة المسيحية مصطلح نصرانية إذ جاء في القرآن:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ١٤﴾ [الصف:14]. وقد ورد لفظ نصارى في القرآن 13 مرة. وقد تعود أيضًا كلمة «نصارى» إلى مدينة الناصرة.[43] في حين مصطلح «مسيحي» ذات الأصول السريانية هو المصطلح الأكثر انتشارًا ويعني أتباع المسيح.[43][44]
هناك فرق في استخدام الكلمة في بعض الثقافات فكلمة «نصراني» تشير إلى الأشخاص ذووي ثقافة مسيحية، بينما تشير «مسيحي» إلى الشخص المؤمن في يسوع.[45] بشكل عام لا يحبذ العرب المسيحيون تسمية نصارى ويطلقون على أنفسهم مصطلح مسيحيين.
في بعض البلدان تستخدم كلمة نصراني بشكل عام لوصف شخص غير مسلم ذو بشرة بيضاء.[45] كلمة آخر في اللغة العربية تستخدم في بعض الأحيان لتسمية المسيحيين، ولا سيما في سياق سياسي، وهي «صليبي» (تتصل مع الحملات الصليبية) ومصدر الكلمة من الصليب ولهذه الكلمة غالبًا دلالات سلبية.[44][46]
المصطلحات الآسيوية
المصطلح السرياني «ناصري» يطلق غالبًا على مسيحيين القديس توما في ولاية كيرالا، الهند. كما يَطلق المسيحيين في شبه القارة الهندية، على أنفسهم «عيساي» (بالهندية: ईसाई) و (بالأردوية: عیسائی) وهي الكلمة الشائعة أيضًا لوصفهم من قبل اصحاب الديانات الأخرى.[47] ويعود مصدر الكلمة إلى عيسى مسيح أي يسوع المسيح. في الماضي، استخدم الملايو مصطلح «سيراني» لغة ملاوية (بالملاوية: Serani) لتسمية البرتغاليين ومصدر الكلمة من اللغة العربية من كلمة نصراني. اليوم يتم استخدام مصطلح سيراني لتسمية المجتمع المسيحي من الكريول في ماليزيا.
الكلمة الصينية المستخدمة لوصف المسيحيين هي جيدو تو وهي حسب نظام بينيين تكتب jīdū tú (بالصينية: 基督徒) تعني حرفيًا أتباع المسيح. في فيتنام يستخدم أيضًا مصطلح أتباع المسيح (بالفيتنامية: tín đồ Cơ đốc giáo) لوصف المسيحيين. المصطلح الياباني لوصف المسيحيين هو كيريشتن (باليابانية: キリシタン) وهو مصطلح مماثل (للكلمة البرتغالية: cristão) والتي تعني حرفيًا أتباع المسيح. وقد شاع المصطلح أولًا للإشارة إلى أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في القرن 16 و17 وذلك قبل حظرها من قبل توكوغاوا شوغن.
العقيدة الدينية والديانة التي يمارسها المسيحيين هي «الديانة المسيحية» وهي إحدى الديانات الإبراهيميةوالديانات التوحيدية؛ الجذر اللغوي لكلمة مسيحية تأتي من كلمة مسيح[8] موجد المسيحية هو يسوع وهو بحسب العقيدة المسيحية المسيح، ابن الله، الله المتجسد، المخلص وغيرها من التسميات الأخرى؛[48] المسيحية تعتبر أكبر دين معتنق في الأرض[49] ويبلغ عدد أتباعها 2.2 مليار أي حوالي ثلث سكان الكوكب من البشر،[50] كذلك فالمسيحية دين الأغلبية السكانية في 120 بلدًا من أصل 190 بلدًا مستقلاً في العالم.[51]
نشأت المسيحية حوالي العام 27 من جذور مشتركة مع الديانة اليهودية ولا تزال آثار هذه الأصول المشتركة بادية إلى اليوم من خلال تقديس المسيحيين للتوارةوالتناخ والتي يطلقون عليها إلى جانب عدد من الأسفار الأخرى اسم العهد القديم الذي يشكل القسم الأول من الكتاب المقدس لدى المسيحيين في حين يعتبر العهد الجديد القسم الثاني منه؛ يعتقد المسيحيون أن النبؤات التي دونها أنبياءالعهد القديم قد تحققت في شخص المسيح،[52] وهذا السبب الرئيس لتبجيل التوراة أما العهد الجديد فهو بشكل عام قصة حياة المسيح وتعاليمه، التي تشكل أساس العقائد المسيحية.[53]
تؤمن أغلب الطوائف المسيحية أن يسوع هو المسيحوالابن أي الأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس، وبالتالي فهو إله كامل.[48][54][55] وقد ولد من عذراء بطريقة إعجازية. وخلال حياته الأرضية اجترح العجائب والمعجزات، ثم صلب ومات تكفيرًا عن خطايا البشرية، وقام من الموت في اليوم الثالث وصعد إلى السماء متحدًا مع الله الآب، بيد أنه أرسل الروح القدس ثالث الأقانيم الإلهية، وسيعود في اليوم الأخير لإدانة البشرية ومنح الحياة الأبدية في ملكوت السموات للصالحين والمؤمنين.[55]
تتألف المسيحية من ستة طوائف أو ستة عائلات كبيرة،[56] وتتفرع عن كل طائفة منها مجموعة من الكنائس أو البطريركيات التي هي ذات نظام إداري مستقل أو شبه مستقل عن سائر الكنائس أو البطريركيات؛ إنما في أمور الإيمان فهي تتبع العائلة الكبرى التي تنتمي إليها؛ وغالبًا ما يكون الاختلاف بين الكنائس المنتمية لطائفة واحدة هو في ظاهر الطقوس، لكون الطقوس ترتبط بشكل أساسي بثقافات الشعوب وحضارتها، أكثر من كونها ترتبط بالعقائد.[57]
من خلال نظرة تاريخية للانتشار الديموغرافي للمسيحية، فمن المعروف أن المسيحية قد انطلقت من القدس وتمركزت في المدن الكبرى على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسطكأنطاكيةوجبيلوقبرص ومن ثم انتشرت في اليونانوتركياوروما؛[58] وكانت النقطة الفاصلة في تاريخها صدور مرسوم ميلانو عام 313،[59] نتيجة تكاثر عدد المسيحيين المطرد اضطرت الإمبراطورية الرومانية للاعتراف بالمسيحية كدين من أديان الدولة، منهية بذلك حقبة طويلة من الاضطهادات، وأخذت المسيحية تتسارع إبانها بالنمو؛ ومن ثم أعلنت المسيحية دين الإمبراطورية الرومانية الوحيد خلال عهد الإمبراطور قسطنطين ما أدى إلى تحولها من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم؛ وأخذت المناطق التي ظلّت عصيّة على حركة التبشير المسيحية خصوصًا في القرى والأرياف التحول من الأديان الوثنية السائدة نحو المسيحية. أما في أوروبا فإن المسيحية لم تدخل إلى شمال القارة قبل القرنين السابعوالثامن وذلك بنتيجة عاملين أولهما حركة التبشير النشطة ويمكن أخذ تجربة القديس باتريك في بريطانياوإيرلندا كمثال على ذلك،[60] والحروب التي شنها القوط الشرقيون وغيرهم من الأقوام المسيحية، تجاه الأقوام الوثنية في الشمال؛ وكان لاعتناق روسيا المسيحية أواخر القرن التاسع دور بارز في انتشار المسيحية في الشمال الأوروبي. ويعود إلى تنصير الشعوب السلافية مثل البلغاروالصرب وباقي شعوب أوروبا الشرقية إلى كيرلس وميثوديوس.[61] أما في آسيا، فمع استثناء الشرق الأوسط حيث كانت القاعدة الأساسية للمسيحية، فإن حركات التبشير استطاعت اجتذاب عدد من سكان الصينوالهندوأفغانستان نحو المسيحية، وقد تأسست أبرشيات ناشطة في تلك الأصقاع، لكنها اندثرت بشكل تدريجي بعيد القرن السابع بنتيجة التحولات الهامة في الشرق الأوسط ممثلة ببروز الإسلام؛ غير أن الحال في أفريقيا كان مواتيًا بشكل أكبر للمسيحيين، إذ حافظت عدد من الدول على ذاتها المسيحية ومنها أثيوبياوأرتيريا.
حركات التبشير والاستيطان النشطة إبان عصر النهضة والاكتشافات في أوروبا ساهمت في نقل المسيحية نحو أمريكا الشماليةوأمريكا الجنوبية والتي تحولت إلى قارات مسيحية وذلك بفضل الإرساليّات التبشيرية خاصًة من اليسوعيين، كذلك بنشر المسيحية من جديد في آسيا والمناطق المكتشفة حديثًا في أفريقيا،[62] وقد اصطدمت في بعض الأحيان بالظروف السياسية كمنع الصين للمسيحية في القرن الخامس عشر إثر توتر العلاقات بين الإمبراطوروالرهبنة اليسوعية التي رفضت إدخال بعض الطقوس القادمة من الديانات الصينية التقليدية، ومنها إكرام الإمبراطور، ضمن الطقوس المسيحية الرسمية. وقد حققت الإرساليات البروتستانتية انتشارًا واسعًا في أفريقيا وأوقيانوسيا وآسيا خاصًة الكنيسة المشيخيةوالأبرشانيون توّج ذلك في بتأسيس جمعية لندن التبشيرية التي كان لها أثر هام في وصول البروتستانية إلى الشرق الاقصىوأوقيانوسيا، وكان للإرساليات البروتستانتية الأثر الأكبر في ادخال الطب الحديث للصين خاصًة من خلال المبشرين أمثال الجراح روبرت موريسون والقس جون ليفينغستون.
أما في الشرق الأوسط فقد ظلّ للمسيحيين حضور فاعل طوال العصر الأمويوالعباسي، لكنه أخذ بالتقهقر بنتيجة الاضطهادات الدينية التي تزامنت مع انهيار الدولة العباسية وأدت إلى حصر المسيحيين في بعض المناطق النائية كطور عابدين أو سهل نينوى أو معلولا أو جبل لبنان، على أن الوجود المسيحي لم يندثر يومًا من المدن الكبرى كحلب أو دمشق أو بيروت. وفي العصر الحالي، فإن المشرق يعاني من نسب هجرة مرتفعة بين مواطنيه المسيحيين وهي ظاهرة أخذت بالانتشار منذ نهاية القرن التاسع عشر؛ يقابلها هجرة من مختلف دول العالم بما فيها المسيحية نحو الدول النفطية الغنية في الخليج العربي.
أما من ناحية التوزيع القاري فيُشكّل المسيحيون في الأمريكتين نسبة 86.0% من السكان،[68] أمّا في أوروبا فيُشكّل المسيحيين نسبة 76.2% وفي أوروبا يتواجد أكبر تجمع مسيحي في العالم،[69] أما في القارة الأسترالية فُيشكّل المسيحيون نسبة 73.36% من تعداد السكان وفي القارة الأفريقية حيث تشهد المسيحية انتشارًا كبيرًا فيُشكّل المسيحيون نسبة 47.60% من سكانها، أي أن عددهم يصل إلى أكثر من 516,470,000 مليون نسمة، أما في القارة الآسيوية فيُشكّل المسيحيون نسبة 12.6% من سكانها، وتتراوح أعدادهم بين 285,120,000-364,780,000 مليون نسمة.
يعتنق أغلب الأوربيين المسيحية ديناً، إذ يُعرِّف 76.2% من الأوروبيين أنفسهم كمسيحيين وتصل أعدادهم إلى 565,560,000 نسمة، وبالتالي يتواجد في أوروبا أكبر تجمع مسيحي في العالم.[69] وتأوي روسيا أكبر التجمعات المسيحية في أوروبا من حيث عدد السكان، تليها في ذلك إيطاليا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وأوكرانيا، وإسبانيا، وبولندا، ورومانياواليونان. وتعتبر هذه مجتمعة موطنًا لحوالي 20% من مسيحيين العالم. المسيحية هي الديانة السائدة في 50 بلدًا وإقليمًا أوروبيّاً، باستثناء الشعب الألبانيوالبوشناقوالأتراك حيث أنّ المسيحيبن يعدون أقليّة بينهم؛ بالمقابل فإنّ غالبيّة شعوب وعرقيّات أوروبا تعتنق المسيحيّة دينًا. ويُعتبر مسيحيي أوروبا وفقًا لدراسة معهد بيو المجموعة المسيحيّة الأكبر سنًّا إذ أنّ متوسط العمر العمر هو 42.[11]
تاريخياً، عاش أغلبية المسيحيين في دول غربيَّة، وبيضاء، والتي غالباً ما تم تصويرها على أنها حضارة "أوروبية مسيحية".[75] وتَمتلك أوروبا ثقافة مسيحية غنيَّة بوجود العديد من القديسينوالشهداء فضلًا عن كون الغالبيّة العظمى من الباباوات هم من الأوروبيين. المسيحيين الأوروبيين كان لهم أكبر الأثر في صقل الديانة المسيحية، حيث بشّر الأوروبيين بالمسيحية في العالم الجديد، أفريقيا جنوب الصحراءوأوقيانوسيا وكان لهم الأثر في دخول سكانها للمسيحية. فضلًا عن ذلك أعطت شعوب أوروبا البصمة الحضارّية والثقافيّة للمسيحية العالميّة.
الغالبية العظمى من سكان أمريكا اللاتينية (93%)[76] هم من المسيحيين، ومعظمهم من أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية[77]، وحوالي 70% من سكان أمريكا اللاتينية يعرّفون أنفسهم ككاثوليك.[78] أفادت دراسة عام 2012 أجراها مركز بيو الاميركي للأبحاث حول الديانات إلى أنّ عدد المسيحيين في اميركا اللاتينية وجزر الكاريبي يصل إلى 531,280,000.[11] في منطقة الكاريبي ينقسم شعوب المنطقة بين الكاثوليكية والبروتستانتية، الكاثوليكية هي الديانة السائدة في جزر الأنتيل الكبرى، والدول الناطقة بالفرنسية؛ بينما البروتستانتية هي السائدة في الدول الناطقة بالإنكليزية. ويعتنق الديانة المسيحيّة 95.6% من سكان دول أمريكا الوسطى؛ الغالبيّة العظمى منهم تنتمي للكنيسة الرومانيّة الكاثوليكيّة (84%).
يُعتبر مسيحيي أمريكا الجنوبية من المجموعات المسيحيّة الشابة والأصغر سنًّا فمتوسط العمر لدى المسيحيين اللاتينيين هو 27.[11] تحوي أمريكا اللاتينية ثاني أكبر تجمع مسيحية وأكبر تجمع كاثوليكي في العالم،[79] وكثيرًا ما يطلق عليها بالقارة الكاثوليكية، كون غالبية السكان من الكاثوليك، كذلك فإن 40% من كاثوليك العالم يعيشون في أمريكا اللاتينية.[79] في الآونة الاخيرة ازدادت أعداد ونمو البروتستانتية خاصًة الكنائس الإنجيلية والخمسينية في أمريكا الجنوبية، الجدير بالذكر أن في البرازيل وحدها يصل أعداد البروتستانت إلى 40 مليون. ويعتبر أعضاء الكنائس البروتستانتية خاصًة الخمسينيةوالإنجيلية المجموعات الأكثر نموًا وانتشارًا في أمريكا اللاتينية الآن.
يَعود حضور المسيحية بين شعوب القارة إلى البعثات التبشيريّة الإسبانيّة والبرتغاليّة والفرنسيّة التي أرسلت الكهنة خاصًة من اليسوعيين من أجل تحويل السكان الأصليين للكاثوليكية، وقد تعزز الوجود المسيحي خاصًة في الأرجنتين والأوروغواي وتشيلي وجنوب البرازيل بفضل الهجرة الكبيرة من الدول الأوروبية إلى القارة حيث هاجر الملايين إليها بشكل خاص من الأصول الإيطاليةوالإسبانيةوالبرتغالية. وتشمل كذلك أصول أوروبية أخرى كالألمانيةوالآيرلندية، والفرنسية، والكرواتيةوالإنكليزية غالبية هؤلاء المهاجرين كانوا من خلفية دينية كاثوليكية وحملوا معهم الثقافة الكاثوليكيةوتقاليدها إلى القارة اللاتينية.
كما أن كثيرًا من الذين ينتمون إلى أصول هندية أو إفريقية بشكل خاص يمزجون الشعائر الكاثوليكية مع العقائد الروحية لثقافاتهم التقليدية. مما أدّى إلى نشأة ثقافة كاثوليكية مميزة خاصًة في البرازيل والبيرو حيث دمج الأفارقة الذين وصلوا القارة كعبيد وحررّوا من ذلك فيما بعد والشعوب الأصليّةوالمستيزو في القارة تقاليدهم الدينية مع الكاثوليكية.
تؤوي أفريقيا جنوب الصحراء ثالث أكبر تجمّع مسيحي عالمي، حوالي 23.8% من مسيحيي العالم موجودين في أفريقيا. يشكلّون 63.2% من سكان القارة وذلك حسب احصائية مركز البحاث الاميركي بيو في حين يٌشّكل البروتستانت حوالي (57.2%) من مجمل مسيحيين أفريقيا، بينما تصل نسبة الكاثوليك 34.1% والأرثوذكس 7.8% من مجمل المسيحيين في أفريقيا.[81] على من الرغم من أن الشعب الإثيوبي يُعتبر واحد من أقدم الأمم المسيحيّة في العالم وقد كان له ثقافة مسيحية خاصًة ومميزّة وفريدة من نوعها.[82] فإن غالبيّة شعوب أفريقيا جنوب الصحراء دخلت المسيحية حديثًا نسبيًّا وذلك من خلال جهود البعثات التبشيريّة. وتؤوي نيجيريا أكبر التجمعات المسيحية في أفريقيا من حيث عدد السكان، تليها في ذلك الكونغو الديمقراطية، وأثيوبيا، وجنوب أفريقيا، وكينيا، وأوغندا، وتنزانيا، وأنغولا، وغاناوزامبيا. يعتبر مسيحييّ أفريقيا المجموعة المسيحية الأكثر شبابًا والأصغر سنًا فمتوسط العمر لدى الأفارقة المسيحيين هو 19.[11]
وفي دراسة أخرى للباحث الإيطالي ماسيمو انتروفيني عام 2012، وجدت أن المسيحية أصبحت الدين الأول في أفريقيا،[83] حيث أصبح عدد المسيحيين أكبر من عدد المسلمين في القارة الأفريقية، إذ يشكل المسيحيين نسبة 53.46% من سكان أفريقيا،[83] مقارنة مع المسلمين الذين يشكلون نسبة 46.40% من سكان أفريقيا.[83] وقد أشارت الدراسة أيضًا إلى أن هناك أغلبية مسيحية في 31 دولة أفريقية مقابل أغلبية إسلامية في 21 دولة وأغلبية لأتباع الأديان التقليدية في ست دول أفريقية.[83]
تحوي آسيا على 13% من مجمل المسيحيين في العالم، وتتراوح نسبتهم في القارة الآسيويّة بين 7%-12%، وقد قدرّت دراسة قامت يها معهد بيو سنة 2010 أعداد المسيحيين في آسيا بحوالي 285,120,000 مليون نسمة (بلا احتساب مسيحيو الشرق الأوسط)؛[84][85] في حين قدرّت دراسة قامت بها مركز البحوث للمسيحيّة العالميّة لسنة 2010 عدد المسيحيين الآسيويين بحوالي 341,566,079؛[86] بالمقابل قدرّت دراسة نشرتها الموسوعة البريطانية سنة 2013 أعداد المسيحيون في آسيا بحوالي 364,780,000 مليون نسمة.[87] يُشّكل البروتستانت نصف مسيحيي آسيا أي حوالي 49%، والكاثوليك 46.1%، والأرثوذكس 4.2% من مجمل المسيحيين في آسيا. يُعتبر مسيحيي آسيا مجموعة شابة نسبيًا فمتوسط العمر هو 27.
يعتنق أغلب شعوب أمريكا الشماليّة المسيحية ديناً، إذ يُعرِّف 77.4% من سكّان أمريكا الشمالية أنفسهم كمسيحيين.[11] ويَصل أعداد المسيحيون في أمريكا الشمالية إلى نحو 266,630,000 مليون وبالتالي يشكلون 12.3% من مجمل مسيحيي العالم.
تنقسم الطوائف المسيحية في أمريكا الشمالية إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية حيث يعتنقها ما يقرب من 24% من سكان الولايات المتحدة؛[91] وأكثر من 40% من الكنديين.[92]والبروتستانتية والتي يعتنقها معظم سكان الولايات المتحدة، حيث أنّ نصف السكان من البروتستانت، فضلًا مع ما يزيد قليلًا عن ربع سكان كندا. يُعتبر مسيحيي أمريكا الشمالية من المجموعات المسيحية الأكبر عمرًا فمتوسط العمر لدى مسيحيي القارة هو 39.[11]
يُعتبر مسيحيي أمريكا الشمالية من المجموعات المسيحية الأكثر ثراءً في العالم. حيث كشف تقرير جديد نشرته مؤسسة «نيو ورلد ويلث» سنة 2015 المتخصصة في أبحاث الثروة العالمية عن سيطرة المسيحيين خصوصًا مسيحيي أمريكا الشمالية على السواد الأعظم من الثروات العالميّة، وأوضح التقرير أن إجمالي الثروات التي يمتلكها المسيحيون تصل إلى 107.280 مليار دولار، ما يمثل أكثر من 55% من الثروات العالمية.[93]
غالبيّة شعوب المنطقة من السكان الأصليين دخلت المسيحية حديثًا وذلك بجهود الإرساليّات التبشيرية. أمّا في أستراليا ونيوزيلاندا فقد تعزز الوجود المسيحي بفضل موجات المهاجرين الإنكليزوالاسكتلندينوالألمانوالإسكندنافيين والإيطاليين والأيرلنديين وغيرهم من الشعوب المسيحية الأوروبية التي هاجرت إلى هذه الدول.
يعتنق 92.1% من سكان جزر ميلانيزيا الديانة المسيحيّة؛ وتتصدر المذاهب البروتستانتيّة كأكبر الطوائف المسيحيّة في جزر ميلانيزيا ويُعتبر مذهب الميثوديّة أكبر المذاهب المسيحيّة في جزر ميلانيزيا. وتشكّل المسيحيّة نسبة 93.1% من السكان في مجموعة جزر مايكرونيزيا، أكثر من نصف المسيحيين (60%) في مجموعة جزر مايكرونيزيا هم من الكاثوليك في حين أن النسبة الباقية هي من نصيب الطوائف البروتستانتيّة. ويعتنق 96.1% من سكان مجموعة جزر بولنيزياالديانة المسيحية؛ أكثر من نصف المسيحيين (52.6%) في مجموعة جزر بولنيزيا هم من البروتستانت بالأخص أتباع مذهب الأبرشانيّ في حين أنّ النسبة المتبقيّة من نصيب الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.[86]
يعيش اليوم في الشرق الأوسطوشمال أفريقيامسيحيين عرب سواءً عن طريق النسب العربي أو بحكم انتشار العروبة كلغة وثقافة وهوية، بالإضافة أيضًا إلى الوجود التاريخي لكل من السريانوالأرمن والوجود الحديث للأثيوبيين والإريتريين والهنود وسواهم من الجاليات الوافدة سيّما على دول الخليج العربي.[100]
وتشكل مصر أكبر تجمّع داخل الوطن العربي في حين يشكل لبنان التجمع الأعلى من حيث النسبة؛ هناك تواجد ملحوظ للمسيحيين في سورياوالأردنوفلسطينوالعراق كما تضم بعض البلدان المجاورة مثل إسرائيلوتركياوإيران تجمعات من المسيحيين، كما ويوجد أكثر من مليوني مسيحي في جنوب السودان، لكن لا يحسب هؤلاء ضمن سكان الشرق الأوسط. ويتواجد أيضًا في بعض دول الخليج العربي مثل الكويتوالبحرين أقليات مسيحية من السكان المحليين كما ويتواجد في كافة دول الخليج العربي جاليات مسيحية كبيرة وفدت للعمل، وكذلك الأمر في دول المغرب العربي في شمال أفريقيا، حيث تتواجد تجمعات من المسيحيين غالبيتهم من أصول أوروبية، بالإضافة إلى تواجد جماعات مسيحية محليّة وهي إما عربية أو أمازيغية أكثرها من معتنقو المسيحية.
حسب إحصائيّة مركز الأبحاث الأميركي بيو لعام 2011 يُشّكل الكاثوليك (الأغلبيّة تنتمي إلى الكنائس الكاثوليكية الشرقية) حوالي 43.5% من مجمل مسيحيين الشرق الأوسط، بينما الأرثوذكس (الأغلبيّة أرثوذكسية مشرقية) يُشّكلون 43.0% من مسيحيين الشرق الأوسط، أما البروتستانت فنسبتهم حوالي 13.5% من مجمل المسيحيين في الشرق الأوسط.[103]
اليوم لم تعد الأوصاف الجغرافيا للمسيحية (شرقية وغربية) تمثل حقيقة فعلية على أرض الواقع، وذلك بسبب الهجرات الكثيرة التي قام بها المسيحيون الشرقيون باتجاه الغرب وبالعكس، بالإضافة لحركات التبشير العالمية التي قامت بها الكنائس المختلفة خلال القرون الخمسة الأخيرة وعلى الأخص الكاثوليكية.
تاريخيًا ارتبطت المسيحية الغربية مع المصطلح جيوسياسية «الغرب المسيحي»، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى الدور الذي لعبته الكنائس المسيحية الغربية في تشكيل ملامح الحضارة الغربية، والدور الذي لعبه الغرب في نشر المسيحية وتشكيل تاريخها.[107][108]
وتقوم الكنيسة بإدارة المدارس والجامعات والمستشفيات والملاجئ ودور العجزة في تلك البلدان. وكوَّن الكاثوليك في بعض الأقطار التي تسكنها غالبية كاثوليكية أحزابًا سياسية قوية. وكان للكنيسة الكاثوليكية أثر كبير في تاريخ أوروبا السياسي والثقافي والأدبي والفني.[110]
وجدت الدراسة التي أعدّها «مركز (بيو) حول الدين والحياة العامة» لعام 2011 أنّ المسيحية الكاثوليكية تأتي في مقدمة الطوائف المسيحية وهم حوالى حوالي 1.13 مليار نسمة (17.33% من البشرية، 51.4% من المسيحية).[79] يشكل المنتمين إلى الطقس اللاتيني الغالبيّة العظمى من أتباع الكنيسة الكاثوليكية وتصل أعدادهم إلى 1.1 مليار نسمة.
معظم البلدان التي لديها أكبر عدد من السكان الكاثوليك لديها أغلبية الكاثوليكية. على من الرغم من أنّ الولايات المتحدة لديها رابع أكبر عدد من السكان الكاثوليك في العالم الا أنّ نسبة الكاثوليك في البلاد هي 24%. هناك 67 بلدًا في العالم فيه الكاثوليك يشكلّون غالبية السكان.[79]
حقَّقت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية نجاحًا كبيرًا في العالم الجديد. وتحولت أمريكا الجنوبية إلى قارة كاثوليكية بامتياز في حين ان كنداوالولايات المتحدة تعزز فيها الوجود الكاثوليكي بفعل موجات الهجرة الأوروبية الكاثوليكية خاصًة من إيطالياوأيرلندا. استطاع الكاثوليك نشر عقيدتهم في آسيا يحيث تملك اليوم تجمعات كاثوليكية ذات شأن في الفلبين، وفييتنام، والصين، واليابانوالهند وغيرها من الدول.
سبّب الإصلاح البروتستانتي، انقسام المسيحية الغربية ونقطة بداية البروتستانتية، التي ولدت في أوروبا في القرن السادس عشر. وعلى الرغم من أنّ أوروبا هي مهد ومنشأ البروتستانتية فاثنين فقط من بين أكبر عشرة دول تضم أكبر عدد من البروتستانت هي دول أوروبيّة.[113]
يعيش في الولايات المتحدة أكثر عدد من البروتستانت ففي حوالي 160 مليون بروتستانتي ويشكلون 20% من إجمالي البروتستانت جميع أنحاء العالم. في حين تحتل نيجيريا المرتبة الثانية، مع ما يقرب من 60 مليون بروتستانتي ويشكّل هؤلاء نسبة 7% من مجمل البروتستانت في جميع أنحاء العالم. وتحتل الصين المرتبة كثالث أكبر تجمع بروتستانتي في العالم بحوالي 58 مليون، وذلك على الرغم من أن البروتستانت يشكلّون أقل من 5% من إجمالي عدد السكان في الصين.[113]
يُشّكل البروتستانت الأغلبية السكانيّة في 49 بلدًا. على الرغم من الروابط التاريخية بين أوروبا والبروتستانتية، فان فقط 13% يقطنون في أوروبا خاصًة في أوروبا الشمالية في حين يعيش حوالي 37% من بروتستانت العالم في أفريقيا جنوب الصحراء وحوالي 33% في الأمريكتين ويعيش في كل من آسياوأوقيانوسيا 17% من البروتستانت في العالم.
تتصدر الكنيسة المعمدانية أكبر المذاهب البروتستانتية وذلك بحوالي 100 مليون،[115] ويتواجد أغلب أتباعها في أمريكا الشمالية، وأفريقيا وآسيا.
تعتبر الكنيسة الأنجليكانية وفقًا لإحصائيات مختلفة ثاني أكبر المذاهب البروتستانتية ويعتنقها 85 مليون شخص وهي المذهب الغالب في المملكة المتحدة وتشكل المذهب الرئيسي لجزء كبير من السكان في دول مختلفة منها كندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، وجنوب أفريقيا فضلًا عن عدد من الدول الأفريقية وجزر الكاريبي.[116]
يبلغ عدد أتباع المذهب اللوثري حوالي 70 مليون شخص،[117] تشكل اللوثرية الديانة الغالبة في ألمانيا والدول الإسكندنافيةونامبيا ولها حضور تاريخي ذو شأن في إستونياولاتفيا؛ وعلى الرغم من أن نامبيا هي الدولة الوحيدة ذات الغالبيّة اللوثريّة خارج القارة الأوروبية الا أن اللوثرية تنتشر أيضًا في كافة أنحاء دول العالم. يصل عدد المنتمين إلى مذهب الميثودية حوالي 70 مليون،[118] العدد الأكبر منهم متمركز في أمريكا الشماليّة وأفريقيا وآسيا ويُذكر أن تونغا الدولة الوحيدة في العالم فيها الميثودية هي الديانة السائدة. الكنائس كالفينية أو الإصلاحيّة، وهي كنائس تتبنّى لاهوت المصلح الفرنسي جان كالفن يعتنقها حوالي 75 مليون نسمة، لها حضور تاريخي وثقافي ذو شأن في سويسراوهولنداواسكتلندا فضلًا عن الولايات المتحدة ولهذا المذهب قاعدة اجتماعية عريضة راسخة في الطبقات الوسطى والعليا ذات النفوذ الاقتصادي والسياسي والثقافي في الولايات المتحدة،[119] وهي من المذاهب الرئيسية للواسب فضلًا هناك حضور مميز للكالفينية في إندونيسياوكوريا الجنوبية ودول شتى في أوقيانوسيا. أمّا الأدفنتست فتصل أعدادهم إلى حوالي 17 مليون ويتوزعون بشكل رئيسي في الولايات المتحدة وأفريقيا ودول أمريكا الجنوبية.
المذاهب التي ذكرت سابقًا هي جزء من المذاهب التقليدية والتاريخية في حين أنّ تقدر عدد أتباع التيّارات الإنجيلية بحوالي 285 مليون،[120] وتشمل الكنائس الخمسينية والتي يبلغ عدد أتباعها حوالي 280 مليون.[121] يتوزعون في كافة أنحاء العالم وبشكل خاص في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا.
أكبر التجمعات البروتستانتية
على اليمين: قائمة البلدان العشرة الأوائل الأمريكية التي تحوي أكبر عدد من البروتستانت. القائمة على اليمين أُخذت من دراسة قام بها معهد بيو في 2011.
على اليسار: قائمة البلدان العشرة الأوائل الأمريكية التي لديها أعلى نسب مئوية للسكان البروتستانت.
هناك حوالي 28 مليون مسيحي في العالم الذين لا ينتمون إلى التقاليد المسيحية الثلاثة الكبرى .[122] ويشكّل هؤلاء حوالي 1% من نسبة السكان المسيحيين في العالم.
هذه الطوائف عبارة عن مجموعة من الكنائس المستقلة والمنفصلة عن بعضها البعض ولها معتقدات متفاوتة، بعضها تنكر ألوهة المسيح وترى أنه كائن روحي أشبه بالله. أكبر الطوائف التي تتبع هذا التصنيف هي كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرةوشهود يهوهوالتوحيديةومسيحيون بلا طائفة.[122] وفقًا لدراسة معهد بيو تعتبر الولايات المتحدة موطن ل37% من المسيحيين الآخرين، على الرغم من أن حوالي 3% من الأمريكيين ينتمون إلى هذه المجموعات.[122] حوالي ثلثي (67%) المسيحيين الآخرين يعيشون في 10 بلدان التي تحوي على أكبر عدد من المسيحيين الآخرين.[122]
يعيش غالبية المسيحيين الآخرين في الأمريكتين (63%). وتعيش أعداد من فئة المسيحيين الآخرين في أفريقيا جنوب الصحراء (17%)، وأوروبا (11%) ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ (9%). يعيش أقل من 1% من المسيحيين الآخرين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.[122]
وقد تشاركت الكنائس الشرقية بالتقليد الديني ولكنها انقسمت على نفسها خلال القرون الأولى للمسيحية وذلك بسبب خلافات عقائدية كرستولوجيةولاهوتية بالإضافة لأسباب سياسية.
وعلى الرغم من الاختلافات اللاهوتية والعقائدية بين هذه الفئات، إلا أنها تتشابه فيما بينها في الممارسات التقليدية والتي تختلف وتتميز بها عن الكاثوليكيةوالبروتستانتية في الغرب.
أرثوذكس شرقيون
المسيحية الأرثوذكسية هي مذهب يُرجع جذوره بحسب أتباعه إلى المسيح والخلافة الرسولية والكهنوتية. وكانت المسيحية كنيسة واحدة حتى الانشقاق الذي حصل بين الكنيسة الغربية وهي الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والشرقية وهي بطريركية القسطنطينية المسكونية.
وهي ثاني أكبر الكنائس المسيحية بعد الكنيسة الكاثوليكية في العالم؛ بالمقابل تتخطى المذاهب البروتستانتية مجتمعة الكنيسة الأرثوذكسية، وتتراوح أعداد أتباع الأرثوذكسية الشرقيين بين 223 مليونًا و300 مليون.[124]
ما يقرب من أربعة من كل عشرة مسيحيين أرثوذكس في جميع أنحاء العالم (39%) يقيمون في روسيا،[125] وهو أكبر بلد أرثوذكسي في العالم. على الرغم من أن تركيا هي مقر بطريركية القسطنطينية المسكونية، أي مركز المسيحية الأرثوذكسية فعدد المسيحيين الأرثوذكس فيها صغيرة نسبيًا (حوالي 180,000 يشمل الرقم الأرثوذكس المشرقيين).
ينتشر الأرثوذكس بشكل خاص في أوروبا الشرقية حيث الغالبية هناك أرثوذكسية. ويعيش بالمجمل 76.9% من الأرثوذكس في أوروبا،[125] ويتواجد 6.7% من أرثوذكس العالم في تركياووسط آسياوالشرق الأوسط،[125] أمّا الأمريكتين ففيها 1% من مجمل الأرثوذكس.
يوجد داخل الكنيسة الكاثوليكية مجموعة من التقاليد الكنسية، فإلى جانب التقليد الروماني اللاتيني الذي ينتمي له غالبية الكاثوليك تحتضن الكنيسة خمسة تقاليد شرقية تتبعها كنائس كاثوليكية شرقية. جميع هذه التقاليد والمرجعيات لها تنظيمها الخاص وقيادتها الذاتية تحت سلطة البابا، وهي محمية من أي محاولة لتحويلها للتقليد اللاتيني. وهي تنقسم إلى خمسة تقاليد وهي التقليد البيزنطي، الأنطاكي، الكلداني، الإسكندري والأرمني. تصل أعداد أتباع الكنائس الكاثوليكية الشرقية إلى 17.2 مليون.[133]
الكنائس الأصغر عددًا والتي تتبع التقاليد البيزنطية وهي كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، التي تشكل أكبر تجمع في إسرائيل ولها ثقل في سوريا سيّما في حلبومرمريتا وفي لبنان سيّما في زحلة. والكنيسة الرومانية الكاثوليكية المتحدة والكنيسة الروثينية الكاثوليكية والتي لها ثقل في رومانيا، والكنيسة الهنغارية اليونانية الكاثوليكية والتي لها ثقل في المجر، والكنيسة السلوفاكية اليونانية الكاثوليكية.
كنيسة المشرق (بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐعيتّا دْمَدنحا)، كما عرفت بعدة أسماء مثل كنيسة فارس والكنيسة النسطورية هي كنيسة مسيحية وجزء تاريخي من تقليد المسيحية السريانية ضمن المسيحية الشرقية. نشأت هذه الكنيسة ضمن الإمبراطورية الساسانية وانتشرت بعدئذ في معظم أنحاء آسيا. وهي منقسمة إلى قسمين كنيسة المشرق القديمة والتي كانت الكنيسة الام وتكوين كنيسة جديدة ما يسمى اليوم كنيسة المشرق الآشورية وبطريركها مار دنخا خننيا وإلى اليوم بقي كرسي كنيسة المشرق القديمة في بغداد بينما كرسي الكنيسة التي انفصلت حديثاً أصبح في الولايات المتحدة. غالبيّة أتباع هذا المذهب يعيشون في العراق وإيران وفي المهجر في الولايات المتحدة وأوروبا الشمالية وعددهم بالمجمل 600,000.[134]
الثقافة المسيحية هي مصطلح أو تعبير يستعمل في أغلب الأحيان لوصف جميع المظاهر الثقافية والحضارية الشائعة والمرتبطة تاريخيًا بالمسيحيين في جميع أنحاء العالم.
تاريخيًا عرفت أوروبا فجوة اقتصادية-اجتماعية بين الكاثوليك والبروتستانت فاستنادًا إلى ماكس فيبر كان لأخلاق العمل البروتستانتية، خاصة المذهب الكالفيني، من انضباط وعمل شاق وإخلاص، وراء ظهور العقلية الرأسمالية في أوروبا، مما جعل من الدول والمجتمعات البروتستانتية في أوروبا أن تصبح الدول والمجتمعات الأكثر ثراء ورفاهية في القارة.[145]: وذلك لقولها بأن النجاح على الصعيد المادي هو دلالة على نعمة إلهية واختيار مسبق للخلاص.[146] لم تعد اليوم الفجوة موجودة على أرض الواقع وإن كانت الدول ذات الخلفية البروتستانتية (الدول الإسكندنافية) لا تزال الأكثر ثراء. تحتل دول كاثوليكية مثل فرنساوإيطاليا مكانة مميزة بين الدول الصناعية في العالم؛ كما وتتربع كل من لوكسمبورغ، ليختنشتاين، موناكو، بلجيكا، جمهورية أيرلنداوالنمسا وجميعها دول ذات أغلبية كاثوليكية قائمة أغنى دول العالم.[147] وتعد ولاية بافاريا في ألمانيا ذات الغالبية الكاثوليكية، شبه متكاملة اقتصادياً، فاقتصاد بايرين هو الثاني من حيث الحجم في ألمانيا ومن ضمن العشرة الأوائل في أوروبا.
لعبت الموسيقى أبداً دوراً هاماً في الثقافة المسيحية سواء كانت موسيقى شعبية أو كلاسيكية. ابتكرت بعض الأدوات المرتبطة بالموسيقى الكلاسيكية بما في ذلك البيانووالكمان في الكنائس كما واستخدمت الموسيقى في طقوس العبادة والصلوات المسيحية. واخذ الغناء شكل فردي وجماعي، وشكل جوقة أو خُورُس.
لا تزال الموسيقى الكلاسيكية ذات شعبية كبيرة في الأوساط المسيحية تظهر من خلال الموسيقى الكنسيّة وتنوعها منها على سبيل المثال الموسيقى الغريغورية هي الموسيقى الدينية الأبرز في تاريخ المسيحية الغربية وهي ذي ألحان وكلمات مأخوذة من الكتاب المقدس للموسيقى الكنسية اللاتينية. وهو فن موسيقي غنائي جاد، ذو سير لحني منفرد (أحادي الصوت) غير مرافق بآلات موسيقية والموسيقى الكنسية السريانية تستخدم هذه الموسيقى ثمان مقامات شرقية، ويرجأ تاريخها إلى مار أفرام السرياني. فضلًا عن الموسيقى البيزنطية (باليونانية: Βυζαντινή Μουσική). هي الموسيقى الدينيّة التي نشأت في الإمبراطورية البيزنطية وفي البلاط الإمبراطوري في مدينة القسطنطينية.[149] تعد الموسيقى البيزنطية نظام موسيقي عريق بدأ مع بداية المسيحية وتطور باستمرار عبر التاريخ ويستمر إدخال التطويرات والتعديلات عليه حتى اليوم. يستعمل هذا النظام الموسيقي في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية وعدد من الكنائس الكاثوليكية الشرقية ذات التقاليد البيزنطية. وقد أدت الصحوة الكبرى الثانية في الولايات المتحدة، إلى ظهور نمط شعبي جديد من الموسيقى البروتستانتية الروحيّة أو ما تسمى بموسيقى الغوسبل وهو غناء ديني مسيحي تطوّر في الثلاثينات أولاً عند الأمريكيين الأفارقة وبيض جنوب الولايات المتحدة ثم غزا بقية العالم.
اللغة اللاتينية: هي اللغة الطقسيّة في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وهي اللغة الرسمية للكرسي الرسولي والتي يصدر بها جميع الوثائق والمعاهدات، وكانت قبل المجمع الفاتيكاني الثاني اللغة الرسميّة للكنيسة الرومانية الكاثوليكية. وقد ظلت اللغة اللاتينية لغة العلم والدراسة في العالم المسيحي الغربي حتى القرن السابع عشر حين بدأت تحل محلها اللغات المحلية، وظلت اللاتينية لغة دولية للمعاملات الدبلوماسية حتى تلك الفترة أيضا حيث حلت محلها الفرنسية كلغة دولية ثم الإنجليزية.
اللغة اليونانيَّة الكوينه: هي اللغة الطقسيّة في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، تعتبر هذه اللغة لغة مقدسة في التقاليد المسيحيّة الشرقية ويعود ذلك بسبب تدوين نصوص الإناجيل باللغة الكوينه الإغريقية، التي كانت لغة التواصل العامة، كما أن السبعونية هي ترجمة للتناخ بالكوينه نحو زمن كتابة الاناجيل، ومصدر اقتباساتها من التناخ، ويمكن هذا التدوين اللغوين من تتبع كيفية فهم الفقهاء اليهود للتناخ العبري، في الزمن قبيل العصور الميلادية، ويمكن ملاحظة ان الترجمة الكوينيه الإغريقية وضعت بشكل أدق وأكثر إحكاماُ.
نشأت قاعدة الأدب المسيحي منذ فجر المسيحيّة مع رسائل بولس وهي إحدى أقدم الوثائق المسيحية الموجودة والنصوص التأسيسية لعلم اللاهوت المسيحي. وتطول قائمة أهم الإنتاجات الأدبيًّة المسيحية خاصة التي كتبت خلال العصور الوسطى.
منها كتاب القديس أوغسطينوس «الاعترافات»، ويعتبر كتاب «الاعترافات» أول سيره ذاتية مكتوبة في الأدب الغربي. وقد أثرت كتابات أوغسطينوس ومنها «المدينة الفاضلة» تأثيرًا عميقًا في الثقافة الغربية.[162] وكتابات اللاهوتي والفيلسوف توما الأكويني، الذي كان أحد الشخصيات المؤثرة في مذهب اللاهوت الطبيعي، وهو أبو المدرسة التوماوية في الفلسفةواللاهوت. وقد ألّف العديد من المؤلفات عن الفلسفة التي تعتبر إحدى الأعمال الأكثر تأثيرًا في الأدب الغربي.[163] ومن الآداب المسيحية الشعبيَّة المعروفة «حكايات ذهبية» أو «الأسطورة الذهبية» وهو من كتابة يعقوب دي فراغسي وفيه يسرد حكايات القديسين وقد أثّر هذا الكتاب في الفن والثقافة والفلكلور الغربي،[164] فضلًا عن أعمال مثل «يوطوبيا» أو «المدينة الفاضلة» من تأليف توماس مور، و«الرياضات الروحية» وهو من أعمال إغناطيوس دي لويولا. كتب أعلام الإصلاح البروتستانتي العديد من المؤلفات التي تركت تأثير على الثقافة المسيحية منها مؤلفات مارتن لوثر أب الإصلاح حيث عزز الإصدار من قياس مفردات اللغة الألمانيّة وطورت بذلك أيضًا مبادئ الترجمة،[165]وجان كالفن مؤلف «تأسيس الديانة المسيحية» عام 1536، وهي من أهم أعماله الأدبية وتتعرض فيه للمعتقدات المسيحية. كان للمرأة المسيحية دور بارز في كتابة الشعر والقصيدة المسيحية، خاصة في المواضيع الصوفية، مثل القديسة الإيطالية كاترينا السيانيّة والإسبانية تريــــزا الأفيلية والفرنسية تريزا الطفل يسوع والألمانية، يهودية الأصل، إديث شتاين.
في قائمة الثمانين شخصية الأكثر تأثيرًا في العلوم من الحاصلين على جائزة نوبل، ذكرت 65 شخصية مسيحية.[172] وفي قائمة المائة شخصية الأكثر تأثيرًا في العلوم، ذكرت 75 شخصية مسيحية من مختلف المجالات العلمية.[173]
كما وجد الخبير الاقتصادي جون هوللي الذي عمل مع البنك الدولي في كتابه مذنب، يهود ومسيحيون أن 75% من جوائز نوبل بين الأعوام 1901و1990 كانت من نصيب المسيحيين على الرغم من أن نسبة المسيحيين في العالم هي 33.2%.[174] في حين وجدت دراسة أخرى لشيربي أودلبرغ عام 2000 أنّ 35% من الحائزين على جائزة نوبل هم من البروتستانت أو المسيحيين أو من خلفية مسيحية.[175]
ذكر كتاب ذكرى 100 عام لجائزة نوبل أنَّ حوالي (65.4%) من الحاصلين على جائزة نوبل بين الأعوام 1901- 2000 كانوا من المسيحيين.[176][177] في حين وجدت دراسة أخرى قامت بها جامعة نبراسكا- لينكون سنة 1998 أنّ 60% من العلماء الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء بين الأعوام 1901-1990 هم من خلفية مسيحية.[178]
على عكس عدد كبير من الديانات الأخرى، فإن المسيحية لا تحوي على شريعة محددة بممنوعات أو محظورات أو تفرض عادات معينة، غير أنها تدعو إلى حياة أخلاقية واجتماعية عادلة وبالتالي تحرم كل ما يعارضها، القتل بما فيه الإجهاض، السرقة، الحسد، الزنى وغيرها ما يشكل عمليًا الوصايا العشر؛ إن شريعة العهد الجديد، كما يرى المسيحيون، تختصر في فعل المحبة،[179] فالمسيحي مدعو لأن تكون جميع أعماله تجاه نفسه والمجتمع ناجمة عن المحبة،[180] وذلك لأن المحبة تتفوق في اللاهوت المسيحي على الإيمان ذاته،[181] وبالتالي فكل فعل صادر عن محبة هو ليس بخطيئة.
يترجم فعل المحبة حسب المسيحية إلى ما يسمى أعمال الرحمة، وتأخذ هذه الأعمال أهمية خصوصًا لدى الكنيسة الكاثوليكية، والأرثوذكسيةوالميثودية وينظر إلى هذه الأعمال كوسيلة لنيل النعمة والقداسة، تقليديًا تم تقسيم أعمال الرحمة إلى فئتين، في كل منها سبعة عناصر، أعمال الرحمة البدنية والتي تهتم بالاحتياجات المادية للآخرين، وأعمال الرحمة الروحية التي تهتم بالاحتياجات الروحية للآخرين. وبالتالي اتباعًا لوصية المحبة وأعمال الرحمة أنشأت الكنيسةالمستشفياتوالمدارسوالجامعات والجمعيات الخيرية ودور الأيتام والملاجئ لمن هو بلا مأوى.[110]
تعتبر المسيحية دينًا طقسيًا، أي أنه يترافق مع مجموعة من الطقوس تتم غالبًا في الكنيسة التي هي مركز الحياة الدينية، وإلى جانب القدّاس الإلهي تكثر الطقوس المرتبطة بمراحل حياة الإنسان وترتبط هذه في الأسرار السبعة المقدسة، منها كالعماد وهو سر الدخول إلى المسيحية ويلحق به سر التثبيت باستخدام الميرون، الزواج استنادًا إلى ما ورد في الرسالة إلى أفسس 32/5، الجنازة وهناك أيضًا سر مسحة المرضى. تمنع الكنيسة الكاثوليكية زواج الكهنة، مع وجود استثناء في الكنائس الكاثوليكية الشرقية شرط أن يتم قبل نيل السر،[182] وينذر الرهبان نذر العفة أي البتولية إلى جانب الطاعة والفقر. بينما تسمح الكنائس الأرثوذكسية الشرقيةوالمشرقية في زواج الكهنة وتفرض البتولية على الرهبان وحدهم، وكذلك حال الكنائس البروتستانتية التقليديّة، أما البروتستانتية الغير تقليدية فلا يوجد لديها سر كهنوت من الأساس.
الأسرة هي صميم الثقافة المسيحية كما كانت دائماً على مدى الأجيال.[183] وهي في المفهوم المسيحي كنيسة صغيرة،[184] وقد اهتمت الكنيسةبالزواج حيث تُقام حفلات الزفاف في الكنائس بمباركة رجال الدين واعتبرته أيضًا سرًا من الأسرار السبعة المقدسة وذلك لكونه يشكل أساس العائلة، بحيث يصبح به الزوجان جسدًا واحدًا.[185] كما ويحضّ الكتاب المقدس على صلة الرحم والقرابة والعلاقات الأسرية. فضلًا عن آيات تدعو إلى تدعو إلى طاعة الوالدين والإحسان إليهما.[186][187] في أغلب الطوائف المسيحية، لا يوجد تعدد زوجات ولا يتم تحبيذ الزواج من غير المسيحية،[188] كذلك من الصعب الحصول على الطلاق نظرًا لكون الزواج عقدًا غير منحل،[189] غير أنه قد ظهرت عدد من الأوضاع الأخرى مثل بطلان الزواج أو فسخ الزواج في الكنيسة الكاثوليكية إضافة إلى تسهيلات في الطلاق لدى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية؛ في حين لا يرى البروتستانت الزواج سرًا مقدسًا أصلاً.
تضم المهرجانات الصقلية الدينية أيضاً منها (مشهد ميلاد المسيح) والذي يجري في وقت عيد الميلاد. الجمع بين الدين والتراث الشعبي موجود في المجتمعات الكاثوليكية والأرثوذكسية حيث تقوم معظم المدن والبلدات والقرى سنويًا بالاحتفال بذكرى القديسين الشفعاء. لعب التقليد الشفوي دوراً كبيراً في الفولكلور المسيحي. تم تناقل قصص القديسيين وأبطال العالم المسيحي كثيرة من جيل إلى جيل.
الديانة المسيحية لا تحرم أي نوع من المأكولات أو المشوربات، بشكل عام لا توجد قيود على المأكولات وذلك باستثناء كل من كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبيةوالأدفنتست التي تقوم بفرض سلسة من الشرائع على الطعام وهي تشابه القيود الموجودة في الديانة اليهودية، أمّا لحم الخنزير لا توجد لدى أغلبية الطوائف المسيحية موانع بأكله. في الثقافة الكاثوليكية تنتشر عادة أكل السمك والمأكولات البحرية في يوم الجمعة. لا توجد أطباق مسيحية موحدّة، بل الأطباق تختلف من بلد إلى بلد باختلاف الثقافات. في بعض الثقافات مثل الهند أضحى لدى المسيحيين مطبخ خاص بهم.
يمتلك المسيحيين ثقافة غنية في الأعياد والمناسبات والتي تكتسب طابعًا اجتماعيًا مميزًا. اليوم أغلب العطل الرسمية في العالم الغربي هي أعياد وعطل مسيحية أو ذات أصول مسيحية. وبسبب هيمنة المسيحية في أوروبا طوال القرون الوسطى، أصبحت العديد من الأعياد المسيحية جزء من الثقافة العالميّة. مثل عيد جميع القديسين (الهالويين)، والفالنتاين دي وعيد القديس باتريك. وعلى العموم فإن عيد الميلادوعيد الفصح يعتبران من أهم الأعياد المسيحية في الرزنامة المسيحيّة.
عيد القيامة وهو أهم الأعياد الدينية في المسيحية، يسبقه الصوم الكبير والذي الكرنفالات، الذي يبدأ عادة مع العطلة التي تسبق الصوم الكبير، ومن أشهر كرنفالات العالم المسيحي كرنفال ريو دي جانيرو في البرازيل وبوينس آيرس في الأرجنتين وفينيسيا في إيطاليا وكرنفال نيس في فرنسا وكرنفال كولونيا ونيو أورلينز، وتعتبر الكرنفالات تقليد كاثوليكي، ثم دخلت على الاحتفالات الأرثوذكسية، لكن الكنائس البروتستانتية، وخصوصًا المتشددة منها، كانت ترفض القيام بهذه الإستعراضات، وتعوض عنها الدول المجتمعات البروتستانتية في بريطانيا وإسكندنافيا احتفالات ثلاثاء البان كيك.
أسبوع الآلام وهو آخر أسبوع في زمن الصيام تستذكر محاكمة المسيح وآلامه وصلبه ومن ثم موته، وتتنوع العادات في هذا الزمن مع تنوع الثقافات ففي جمعة الآلام تقام في الدول ذات التقاليد الكاثوليكية مثل إيطاليا والبرتغال وأمريكا اللاتينية تمثيلاً حيًا لدرب الآلام، المواكب تكون مكونة غالبًا من محفات يحمل كل منها العشرات من الرجال، تمثل المحفات حلقات من قصة الصلب والقيامة وتماثيل للعذراء ويتبع المحفات فرق موسيقية يصاحبها أحيانًا صوت أوبرالي ينطلق من إحدي الشرفات المطلة على الطريق.[191] وتعرض برامج تلفازية حول حياة والآلام يسوع في كافة دول العالم المسيحي فضلًا عن ترانيم تتعلق بالمناسبة. في عيد القيامة في الدول ذات الأغلبية الأرثوذكسية يُعتبر بيض الفصح هو البيض المزيّن الذي يتم عمله ضمن تقاليد الاحتفال بعيد الفصح.
عيد الميلاد والذي يُعتبر ثاني أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق بعد عيد القيامة ويحتفل فيه بذكرى ميلاد يسوع وتُعتبر عطلة رسمية في غالبية دول العالم.[192][193][194] يترافق عيد الميلاد باحتفالات دينية وصلوات خاصة للمناسبة، واحتفالات اجتماعية من إهداء الهدايا ووضع شجرة الميلاد ووجود شخصية بابا نويل والإجتماعات العائليّة حول مائدة الميلاد، وتقليد المجوس الثلاثة في إسبانيا والطفل يسوع في أوروبا الوسطى وقد أضحت هذه التقاليد جزء من الفلكلور والثقافة المسيحية. ويعتبر موسم عيد الميلاد أكثر المواسم التي ينفق عليها البشر مالاً عليها في مختلف أنحاء العالم،[195] يرتبط بعيد الميلاد عيد الغطاس الذي يحل في 6 يناير ومن أبرز مظاهر العيد في الدول الأوروبية ذات الطابع الأرثوذكسي مثل روسياوبلغاريا أن يُلقى صليب في البحر ويقوم شاب بالغوص لاسترجاعه والغطس في بِرك المياه المتجمدة.[196]
ومن التقاليد المسيحية الأسرية الاحتفال في يوم الاسم Onomastico وهو تقليد مُنتشر في كثير من البلدان في العالم الكاثوليكي بحيث يٌحتفل في يوم من أيام السنة المرتبطة باللاسم الشخصي للفرد. نشأت العادة مع تقويم القديسين للكنيسة اليونانية الأرثوذكسيةوالكنيسة الرومانية الكاثوليكية، حيث يحمل المؤمنين، اسم قديس معين، وبطبيعة الحال سيحتفل في يوم عيد هذا القديس. في كثير من البلدان، ما يزال يبقى الاحتفال بيوم الاسم شعبيًا خاصة في المناطق التي تسودها الكاثوليكيةوالأروثوذكسية وذلك بخلاف المناطق التي تسودها البروتستانتية. في حين يعتبر تقليد سلافا (بالصربية: Слава) الأرثوذكسي لبتجيل قديس معين والذي يعتبر شفيع الأسرة.
أثرت الكنيسة على النظرة الاجتماعية للمرأة في جميع أنحاء العالم بطرق هامة، حسب بعض المؤرخين أمثال جيوفيري بلايني.[199] أما في تاريخ المسيحية، فبدوره لعبت النساء أدوارًا متعددة إن كان في السلك الرهباني أو العلماني، كاللاهوتيات، والراهبات، والملكات، والصوفيات والشهداء، والممرضات، والمعلمات وحتى مؤسسات مذاهب.[200] علمًا أنه وكما يتضح من إنجيل لوقا، فإن ليسوع نفسه أتباعًا من النساء.
في اللاهوت المسيحي يتساوى الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، استنادًا إلى تعاليم يسوع في المساواة بين الجنسين،[201] تعارض المسيحية عددًا من العادات الاجتماعية التي هي في نظرها مذمومة ومنها وأد البنات، والطلاق، وسفاح المحارم، وتعدد الزوجات والخيانات الزوجية وتقوم بمساواة الخطيئة بين الرجل والمرأة.[202][203][204] وتتجلى مظاهر المساواة حسب الكنيسة في القوانين الكنيسة وتشريعاتها مع وجود الاختلافات بين الأحوال الشخصية لمختلف الكنائس،[205] إلا أنها تشترك في عدد من التشريعات مثل قضية الارث حيث يتساوى الرجل والمرأة في حصته من الإرث،[205] وكذلك في حالتي الطلاق بما فيه فسخ الزواج أو الهجر، حيث يشترك الأب والأم في النفقات وتقاسم الثروات المدخرة بشكل متساوي إلا في بعض الحالات الخاصة،[205] كما تعطى الحضانة للمرأة، في سنين الطفولة الأولى.[205]
غير أن الأمر لا يخلو من الانتقادات، إذ إن الكنيسة الكاثوليكيةوالأرثوذكسية ترفض منح سر الكهنوت للمرأة،[206][207] ما وجده البعض انتقاصًا من حقوق المرأة ومساواتها؛ عمومًا ذلك لا يمنع التأثير الكبير لها في المؤسسات المسيحية وخاصة في الرهبنات وما يتبع لها من مؤسسات، كما كانت هناك العديد من القديسيات في هذه الكنائس.
الفجوى بين متوسط الدراسة بين الرجال المسيحيين (9.5 سنة) وبين النساء المسيحيات (9.1 سنة) قليلة (0.4) بالمقارنة مع الجماعات الدينية الأخرى.[208] في العديد من الدول تعتبر النساء المسيحيات أكثر تعلمًا من الرجال خصوصًا في أوروبا وأمريكا الشمالية، على سبيل المثال في عام 2010 حصلت حوالي %43 من الشابات المسيحيات في أوروبا على الشهادات الجامعيَّة بالمقارنة مع 30% من الشباب المسيحيين، وحصلت حوالي 44% من الشابات المسيحيات في أمريكا الشمالية على الشهادات الجامعيَّة بالمقارنة مع 34% من الشباب المسيحيين.[209] يعود ارتفاع نسب المتعلمين بين النساء المسيحيات لعدة أسباب حيث تشير الدارسة أن واحدة من الأسباب هي تشجيع المصلحين البروتستانت أمثال مارتن لوثر وقادة حركة التقوية المسيحيَّة على تعليم وتثقيف المرأة مما أدى إلى محو الأمية بين النساء في المجتمعات البروتستانتية في وقت مبكر. وفي بحث قامت به جامعة ميونخ لبيانات بالنسبة للتعليم في البلدان الأوروبية يعود لعام 1970، وجد أنَّ البلدان ذات النسبة العالية من البروتستانت فيها تكافؤ ملحوظ بين الرجال والنساء في سنوات التعليم.[210]
لعلّ القديسة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين والقديسة مونيكا والدة القديس أوغسطينوس، من أكثر النساء تأثيرًا في التاريخ الكنسي، أما في العصور الوسطى تزايدت الأعلام النسويّة البارزة وأدوارها القيادية في الأديرة مثل القديسة كلارا الأسيزي، وحتى سياسيات وعسكريات أمثال القديسة جان دارك «شفيعة فرنسا»، وإليزابيث الأولى ملكة إنكلترا التي ركّزت المذهب البروتستانتي في البلاد والإمبراطورة البيزنطية تيودورا والتي بدورها دعمت الأرثوذكسية اللاخليقدونية في الإمبراطورية البيزنطية، أما من مؤسسات المذاهب سطعت إيلين وايت مؤسسة الأدفنتست وماري بيكر إيدي مؤسسة العلم المسيحي. في القرن العشرين، أطلقت الكنيسة الكاثوليكية لقب معلم الكنيسة الجامعة على ثلاثة نساء هنّ القديسة الإسبانية تريزا الإفيلية، والقديسة كاترين السينائيّة والراهبة الفرنسية القديسة تيريز الطفل يسوع. يُذكر أيضًا الأم تريزا التي نافحت عن العدالة الاجتماعية ورعت مساعدة الفقرات وحازت على جائزة نوبل للسلام.
أسست المنظمات الكنيسة المستشفيات والمنازل لذوي الاحتياجات الخاصة أو كبار السن، والمؤسسات التعليمية، والمنظمات التي تقدم المساعدات إلى البلدان النامية، وغيرها من وكالات الرعاية الاجتماعية.[211][212][213] في القرن التاسع عشر، ظهر في العالم البروتستانتي حركات نشطة والتي نادت إلى الإصلاح الاجتماعي مثل إلغاء الرق، الإصلاحات في السجن، وحق المرأة في الاقتراع.[214][215][216] كما جوابا على «المسألة الاجتماعية» في القرن التاسع عشر، وألمانيا تحت حكم المستشار البروتستانتي أوتو فون بسمارك تم إقامة برامج التأمين التي قادت الطريق إلى دولة الرفاه (التأمين الصحي والتأمين ضد الحوادث، والتأمين على العجز، ومعاشات الشيخوخة). وتأثر بسمارك وسياسته من حركة «المسيحية العملية».[217][218] هذه البرامج، تم تبنيها من قبل العديد من الدول الأخرى، ولا سيّما في العالم الغربي.
خلال الثورة الصناعية ظهرت عدد من العديد من المشاكل الاجتماعية، أدى ذلك إلى ظهور حركات دينية داخل الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية، والتي حاولت ايجاد حلول لهذه المشاكل. منها مثل «جيش الخلاص» و«جمعية الشبان المسيحيين» والتي تدير مؤسسات متعددة تشمل مستشفيات ومراكز تأهيل لمدمني الكحول والمخدرات، ومعسكرات وأندية للصبية والفتيات، وأماكن إقامة للمسنين وأندية ومراكز للعناية اليومية، كما تقدم برامج تعليمية للأمهات غير المتزوجات، ودعمًا للمسجونين وعائلاتهم.[219] وقد تبنت أيضًا هذه الحركات عقيدة النظافة من الإيمان، ومنها حركات الإنجيل الاجتماعي التي ظهرت داخل الكنائس البروتستانتية، ولعلّ أبرزها «جيش الخلاص» الذي شكَّله الزوجين وليم وكاثرين بوث، وقد كان لهم دور في نشر والتوعية عن النظافة الشخصية ونقلًا عن كتاب الصحة والطب في التعاليم الانجيلية،[220] كان أحد شعاراتهم الأبكر: «الصابون، الحساء، والخلاص». فضلًا عن تشديدهم على الاستحمام خاصة عشية يوم السبتويوم الأحد تحضيرًا للقداس وتقديمهم وإنتاج منتجات خاصة بالنظافة الشخصيّة.[221] ومن الشخصيات التي برزت في هذه الفترة أيضًا فلورنس نايتينجيل وهي قديسة في الكنيسة الأنجليكانية،[222] فقد اهتمت فلورنس بالنظافة وقواعد التطهير، وبتمريض الصحة العامة في المجتمع وتعتبر أول من وضع قواعد للتمريض الحديث وأسس لتعليم التمريض ووضعت مستويات للخدمات التمريضية والخدمات الإدارية في المستشفيات.[223] كما وأسست الأم تريزا رهبانية لمساعدة المشردين فضلًا عن المستشفيات ودور الأيتام والمسنين والمشردين ودرّست أديرتها التمريض. وبسبب الدور المؤثر للراهبات على هذه المهن فقد نظر اليها في الغرب على انها مهن نسائية.
لعبت الكنائس المسيحية المختلفة أدورًا في محو الأمية من خلال بناء المدارسوالجامعات. في بعض البلدان، تعتبر الكنيسة المزود الرئيسي للتعليم وأحيانًا أخرى يكون نظامها التعليمي أفضل من الحكومي. في الوقت الحاضر، لدى الكنيسة الكاثوليكية شبكة كبيرة من المدارس وعددها 125,016 وتمتلك أكبر تنظيم تعليمي غير حكومي في العالم.[224] ووجدت دراسة الدين والتعليم حول العالم قامت بها مركز بيو للأبحاث عام 2016 أنَّ المسيحيون هم المجموعة الدينيَّة الثانية الأكثر تعليمًا في العالم بعد اليهود، فيما يُعد كل من المسلمونوالهندوس الأقل حصولاً على تعليم رسمي وذلك وفقًا لدراسة ديمغرافية شملت 151 بلدًا عن تباين التعليم بين الأديان ومسح استند على بيانات متوفرة عن فئة متوسط العمر فيها 25 سنة وما فوق.[225] ووفقًا للدراسة يتصدر المسيحيين المرتبة الثانية كأكثر الجماعات الدينية تعليمًا عام 2010، إذ تصل معدل سنوات الدراسة للمسيحي في العالم حوالي 9.3 سنة.[226] ووجدت الدراسة أن لدى المسيحيين في المجتمعات والدول التي يشكل فيها المسيحيين الغالبيَّة معدل سنوات دراسة مرتفع،[227] ويتصدر مسيحيين ألمانيا (13.6 سنة) ومسيحيين نيوزيلندا (13.5 سنة) ومسيحيين ليتوانيا (13.0 سنة) المجتمعات المسيحية الأكثر تعليمًا. تشير الدراسة أنَّ ارتفاع المستوى التعليمي للمسيحيين في العديد من الدول يعود لعدة أسباب منها قيام الرهبان المسيحيين في الشرق الأوسطوأوروبا في بناء المكتبات والمطابع، حيث قاموا في الحفاظ على الثقافة الفكريَّة والمخطوطات القديمة داخل مدارسها ومكتباتها، وفي كثير من الحالات، تطورت هذه الأديرة المسيحية إلى جامعات مرموقة.[228] وفقًا للدراسة يتصدر المسيحيين المرتبة الثانية كأكثر الجماعات الدينية الحاصلة على تعليم عال أو تعليم جامعي، أمَّا من حيث العدد بغض النظر عن النسب المئوية فإن المسيحيين يحلّون في المرتبة الأولى من حيث عدد حملة الشهادات الجامعيَّة، بين المجتمعات المسيحيَّة المختلفة يتصدر مسيحيي سنغافورة على أعلى نسب من حيث التوجه للتعليم العالي والحصول على الشهادات الجامعيَّة (67%)، يليهم مسيحيين إسرائيل (63%)،[89] ومسيحيين جورجيا (57%).[90]
يتفوق المسيحيون تعليميًا (مع متوسط سنوات دراسة 6.0 سنة) في مناطق أفريقيا جنوب الصحراء على المسلمين (مع متوسط سنوات دراسة 2.6 سنة)، وعزا بعض علماء الاجتماع ذلك إلى جوانب تاريخية مثل الأنشطة التبشيرية المسيحية خلال فترات الاستعمار الغربي.[229] ويشير ناثان نان أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد أنَّ التعليم «هو المكافأة الرئيسية قبل المبشرين لجذب الأفارقة للمسيحية». كما وشجع المبشرين البروتستانت على تعليم المرأة ومحو الأمية بين النساء.[230] الفجوى بين متوسط الدراسة بين الرجال المسيحيين (9.5 سنة) وبين النساء المسيحيات (9.1 سنة) قليلة (0.4) بالمقارنة مع الجماعات الدينية الأخرى.[208] ويعود ارتفاع نسب المتعلمين بين النساء المسيحيات لعدة أسباب حيث تشير الدارسة أن واحدة من الأسباب هي تشجيع المصلحين البروتستانت أمثال مارتن لوثر وقادة حركة التقوية المسيحيَّة على تعليم وتثقيف المرأة مما أدى إلى محو الأمية بين النساء في المجتمعات البروتستانتية في وقت مبكر. وفي بحث قامت به جامعة ميونخ لبيانات بالنسبة للتعليم في البلدان الأوروبية يعود لعام 1970، وجد أنَّ البلدان ذات النسبة العالية من البروتستانت فيها تكافؤ ملحوظ بين الرجال والنساء في سنوات التعليم.[210]
أجرت مجلة المسيحية اليوم دراسة واسعة لفهم نطاق الاختلافات بين المسيحيين الأمريكيين والتي تنطبق بشكل أو بآخر على مجمل المسيحيين في العالم. وقد وجدت الدراسة الاستقصائية مواقف وسلوكيات مختلفة تنقسم إلى خمسة قطاعات متميزة. إذ تتنوع الميول الدينية بالنسبة للمسيحيين فمثلًا بدلًا من حضور الكنيسة صباح يوم الأحد والطقوس الجماعيَّة، يختار العديد من المسيحيين خاصًة الشباب طرق أخرى قد تكون أكثر شخصية وفردية. يتنوع أيضًا المسيحيون لاهوتيًا علمًا أنًّ الغالبيَّة العظمى من المسيحيين يؤمنون بألوهية المسيح لكن هناك أقلية تنكر ألوهة المسيح وترى أنه كائن روحي أشبه بالله.[231]
يُعتبر سر العماد، «الأساس والمقدمة لسائر الأسرار»، وهو علامة الدخول في الدين المسيحي، ومشاركة المسيح، وقبول عمله في سر الفداء، ويتم غالبًا بسكب الماء ثلاثًا على رأس المعمد. تمارس الكنيسة الكاثوليكية وسائر الكنائس الأرثوذكسية وقسم هام من الكنائس البروتستانتية عماد الأطفال وبالتالي حسب المعتقدات المسيحية يعتبر العماد ختم أبدي وبالتالي إن حصل الشخص على سر العماد يعتبر مسيحي بغض النظر عن مدى ايمانه أو التزامه بالطقوس المسيحية. في حين أنّ العديد من الكنائس البروتستانتية تعتبر المسيحي الحقيقي من يقبل يسوع كمخلص شخصي. وقد وجدت دراسات مختلفة أنًّ المسيحيين في أفريقياوآسياوأمريكا اللاتينية هم أكثر التزامًا من الناحية الدينية وأكثر تدينًا مقارنًة بمسيحيي العالم الغربي وينظبق ذلك أيضًا على الشباب المسيحي إذ يميل الشباب في نصف الكرة الأرضية الجنوبي أن يكون أكثر تدينًّا والتزاما من الناحية الدينيًَة.
وجدت الدراسة تقسيمات المسيحيين الاميريكيين والتي قد تنطبق على مجمل المسيحيين:
«مسيحيين فعالين وملتزمين» حيث يؤمن هؤلاء أن الخلاص يأتي من خلال يسوع، ويلتزمون في حضور الكنيسة بشكل منتظم، ويداومون على قراءة الكتاب المقدس، وعلى الإستمرار في التنمية الروحيّة من خلال الإيمان الشخصي في كنيستهم، وقبول مناصب قيادية في الكنيسة، ويلتزم العديد منهم في التبشير بين الآخرين.
«مسيحيين من دون طائفة» تلتزم هذه المجموعة في «قبول المسيح كمخلص ورب» وذلك كمفتاح لكونه مسيحيًا وفقًا لهم، يكون التركيز لدى هذه المجموعة أكثر على العلاقات الشخصية مع اللهويسوع أكثر مما هو على الكنيسة، أو على قراءة الكتاب المقدس أو التبشير.
«مسيحيين خاصيين» يملك هؤلاء الكتاب المقدس ولكن لا يميلون إلى قراءته. وهم أقل التزاما في حضور الصلوات في الكنيسة. يؤمن أتباع هذا التصنيف بالله والقيام بأشياء جيدة، ولكن ليس بالضرورة في سياق الكنيسة. هذه الفئة بشكل عام فيها تواجد ملحوظ للشباب.
«مسيحيين ثقافيًا» هم أشخاص ذوي خلفية تراثية وحضارية مسيحية من ناحية عرقية أو ثقافية أو دينية أو تعليمية والروابط العائليَّة وقد لا يؤمنون بالمعتقدات الدينية المسيحية، ولكن يعرفون أنفسهم كمسيحيين لارتباطهم بالمسيحية وراثيًا وحضاريًا، وبسبب البيئة الاجتماعية والثقافية التي نشأوا فيها. شريحة واسعة من المسيحيين الثقافة قد يصنفوّن كعلمانيين أو غير ملتزمين دينيًا.
«مسيحيين ملحدين» لا يؤمن هؤلاء بإله المسيحية ولكن على الرغم من عدم اتباعهم للعقائد اللاهوتية المسيحية الاّ أنهم يتبعون تعاليم المسيح الأخلاقيّة والإنسانيّة وبالتالي يعرفون أنفسهم كمسيحيين. على الرغم من عدم ايمان الملحدين المسيحيين بالوهية يسوع الاّ أنه يحتل نقطه مركزية في مفهومهم حيث أنّ معظم الملحدين المسيحيين يعتبرون يسوع معلم أخلاقي ومثال أعلى ويتقبلوا تعاليمه لكن مع رفض لفكرة ألوهيته إذ أنهم لا يؤمنون بالله. وقد يوصف ملحدونولادينيون أنفسهم مسيحيون مثل إخصائي السلوك البريطاني ومؤلف عدة كتب؛ ريتشارد دوكينز فعلى الرغم من كونه معروف بآرائه في الإلحاد فقد وصف نفسه كمسيحي.
بالمقابل يُطلق على المسيحيين المتبِّعين لاهوت والدوغماتية المسيحية عدد من المصطلحات مثل المسيحي الكتابي الذي يؤمن بعصمة الكتاب المقدس، المسيحي المتلزم، معتنق المسيحية والمسيحي المؤمن. وتُلقى هذه المصطلحات رواج بين المسيحيين الأصوليينوالإنجيليين حيث يعتبرون المسيحي الحق هو الشخص المؤمن بيسوع المسيح ويقبله مخلصًا شخصيًا لنفسه وممارس لدينه بشكل يومي ولا يكفي أن يكون الشخص مولود كمسيحي ولا يزاول الطقوس الدينية لذلك فالمسيحيين الإنجيليين يشجّعون مسيحيين الثقافة أو المسيحيين الإسميًا الغير الملتزمين على على إعادة الولادة كمسيحيين مرة أخرى أو ما يعرف بالولادة الجديدة.
التحول إلى المسيحية هو تحول ديني ِلشَخص ما من خلفية وديانة غير مسيحية إلى شكل من أشكال المسيحية.[232] لا توجد احصائيات دقيقة حول عدد المتحولين للمسيحية خاصًة وأن عدد من المتحولين يخشون على أنفسهم لو صرحوا بالدين الجديد الذي اعتنقوه، إما لخوفهم من ردود أفعال مجتمعهم، أو لكون سياسة بلدهم تجرّم التحول الديني، وبالتالي تكون إحصائيات معدلات التحويل شديدة الصعوبة. لكن هناك بعض التقديرات حول عدد المتحولين للمسيحية من دول مختلفة. تشير تقديرات مختلفة إلى سنويًّا يعتنق المسيحية 30 مليون شخص قادمين من خلفيات دينية مغايرة أي 23,000 شخص يوميًا[233] ومن حيث النمو العددي بغض النظر عن النسب المئوية فإن المسيحية تحلّ في المرتبة الأولى،[233] ووفقاً للموسوعة المسيحية العالميَّة يعتنق المسيحية سنويًا 2.7 مليون شخص قادمين من خلفيات دينية مغايرة.[234] يذكر أن مناطق جنوب الكرة الأرضية تشهد ازديادًا في معدل نمو المسيحية.[7] وبحسب تقرير معهد بيو تزايد عدد المسيحيين حول العالم بنسبة 4 أضعاف خلال المئة عام المنصرمة،[7]
يواجه عدد من المتحولين للمسيحية انتقادات خاصة أولئك الذين تحولوا للمسيحية لاعتبارات ماديَّة أو من أجل الحصول على فرص تعليم أو عمل أو حياة أفضل أو من أجل تسهيل الهجرة إلى الدول الغربية المتطوّرة ذات التراث المسيحي. يطلق على هذه المجموعة لقب مسيحيي الأرز.[235] في حين يدافع عنهم آخرون على اعتبار أنّ الغالبيّة من المتحولين للمسيحية تحولوا للمسيحية بعد دراستها وعن اقتناع ديني فضلًا عن التحول لدين آخر هو حريّة دينيَّة.[236]
تعتبر الحركات التبشيرية في آسياوأفريقيا. تشير بعض الدراسات أن المسيحية هي أسرع أديان العالم انتشارًا، خصوصًا المذهبين الكاثوليكيوالبروتستانتي.[237][238][239] في حين تتمسك أخرى بكون الإسلام الأكثر انتشارًا في العالم. تشهد الدول ذات الثقافة البوذية في الشرق الأقصى ظاهرة في ازدياد معتنقي المسيحية منها:
في الصين، كان عدد المسيحيين قبل 1949 حوالي 4 ملايين نسمة (3 ملايين الكاثوليك ومليون بروتستانتي)، في سنة 2010 وصل عدد المسيحيين في الصين إلى 67 مليون،[240][241] تقول تقارير أن المسيحية أسرع الأديان انتشارًا في الصين بمتوسط سنوي يبلغ 7%.[242] يتوقع أحد التقارير أن تصل أعداد السكان المسيحيين في الصين إلى أكثر من 400 مليون شخص بحلول عام 2040، الأمر الذي سيجعل الصين أكبر دولة فيها مسيحيين على الأرض.[243] وذكر تقرير في صحيفة ديلي تلغراف إلى ازدياد أعداد المسيحيين في الصين الشيوعية بشكل مطرد وأنه بحلول عام 2030 قد تصل أعداد المسيحيين الصينيين إلى 247 مليون.[244] وفقاً لتقرير مجلس العلاقات الخارجية نما عدد البروتستانت الصينيين بمعدل 10% سنوياً منذ عام 1979.
في كوريا الجنوبية ارتفعت نسبة المسيحيين من 2.0% عام 1945 حتى وصلت إلى 29.2% عام 2005.[245][246] ووفقًا لقاعدة بيانات المسيحيّة العالميّة نمت المسيحية في كوريا الجنوبية من 20.7% في عام 1985 إلى 29.5% في عام 2005.[247]
في سنغافورة ارتفعت نسبة المسيحيين من 12.7% سنة 1990 إلى 17.5% سنة 2010، وهي إلى جانب اللادينية تحظى باعلى معدل نمو في سنغافورة.[248] واستمرت معدلات النمو حيث وفقاً لتعداد السكان عام 2015 بلغت نسبة المسيحيين حوالي 18.8% من السكان.[249]
في اليابان وصلت نسبة المسيحيين حسب احصائية مؤسسة غالوب سنة 2006 إلى 6% مقارنة 1% سنة 2000،[250] واستنادًا إلى استطلاع عام 2006 الذي أجرته مؤسسة غالوب وجدت أن المسيحية هي الدين الأسرع انتشارًا بين الشباب الياباني.[251]
فيتايوان شهدت المسيحية نموًا قويًا في عقد عام 1950، وظلت العضويَّة ثابتة نسيبيًا في عقد 1970.[252] وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن نسبة المسيحيين تصل إلى حوالي 4.5% من السكان.[253] ومنذ عام 1978 شاركت الكنيسة المشيخية في جهود تبشيرية واسعة النطاق المعروفة باسم حركة عشرة واحد والتي تهدف إلى زيادة 10% من عضويتها سنويًا.[254]
في إندونيسيا يزداد معدل نمو المسيحية وانتشارها بشكل خاص بين الأقلية الصينية.[255][256]
في فييتنام ازداد عدد السكان المسيحيين بنسبة 600% خلال العقود الأخيرة.
في الهند وعلى الرغم من الإضطهادات الموجهة ضد المسيحيين في البلاد، التحول للمسيحية في ازدياد استنادًا إلى منظمة أبواب مفتوحة، في سنة 2005 اعتنق المسيحية بين 60,000 إلى 70,000 هندي.[273] في ماليزيا واستنادًا إلى منظمات هندوسية أعتنق 160,000 هندوسي المسيحية في الأعوام الاخيرة.[274] وقد أعتنق حوالي 97,000 هندوسي المذهب المثيودي.[275] فضلًا عن 25,000 انضم للمذهب الكاثوليكي.[275] وفي الولايات المتحدة كشف استطلاع من مركز بيو للدراسات وللرأي أجري بين يهود أمريكا في أكتوبر 2013 ونشرته صحيفة «هارتس»، نقلاً عن «نيو يورك تايمز»، كشف عن ارتفاع عدد المسيحيون من خلفية يهودية وبين الإستطلاع انه يقطن في الولايات المتحدة 1,600,000 يهودي تحول للمسيحية أو مسيحي من خلفية يهودية.[276]
صن يات سين أول رئيس لجمهورية الصين ويعتبر والد الصين الحديثة (بوذي سابقًا).
التدين والتردد على الكنائس
شهدت عدد من المجتمعات المسيحية التقليدية في العالم المسيحي خاصًة ذات الخلفية البروتستانتية مثل ألمانيا، المملكة المتحدة، هولندا، الدول الإسكندنافيةوأستراليا انخفاضًا في حضور الكنيسة والمداومة على الصلاة والطقوس الكنسية منذ 1970. وعلى الرغم من ذلك تحتفظ الكنائس البروتستانية بنسب عالية من الأعضاء المنتمين لها في البلدان الآنفة الذكر. لا يقتصر الأمر على الدول ذات الثقافة البروتستانتية بل يشمل أيضًا بعض الدول الكاثوليكية، وان كان أقل وضوحًا في الدول الكاثوليكية مقارنًة بالبروتستانتية، منها فرنسا والدولة الشيوعية السابقة الجمهورية التشيكية حيث تصل نسبة المداومين والمؤمنين فيها إلى ادنى مستوايتها.[286] أفضى ذلك إلى ظهور شريحة المسيحية الثقافية وهو مصطلح واسع يستخدم لوصف أشخاص مسيحيين اسميًا ذوي خلفية تراثية وحضارية مسيحية وينتمون إلى المسيحية من ناحية عرقية أو ثقافية أو دينية أو تعليمية أو بسبب الروابط العائلية.
بحسب دراسة قامت بها معهد غالوب الدولي عام 2013 وجدت أن المسيحيين هم الأكثر تدينًا بين أتباع الأديان الإبراهيمية من حيث نسب المتدينين بمختلف طوائفهم والتي بلغت 81% بينما كانت نسبة غير المتدينين أو المسيحيين الإسميين منهم 16%،[287] ووجدت دراسات مختلفة أن المسيحيين في أفريقا وآسيا وأمريكا اللاتينية هم أكثر التزامًا من الناحية الدينية وأكثر تدينًا مقارنًة بمسيحيي العالم الغربي. حسب دراسة معهد غالوب وجدت أنّ نسبة المتدينيين بين المسيحيين في أمريكا اللاتينية تصل بمعدل 84%، وتملك غالبيّة شعوب أمريكا اللاتينية معدلات مرتفعة من حيث المداومة على الطقوس الدينية والتديّن منها على وجه الخصوص البرازيل والبيرو وذلك بإستثناء كل من الأرجنتين والأوروغواي حيث أنّ فقط 20% من المسيحيين في الأرجنتين والأوراغواي يعتبرون أنفسهم متدينين.[288]
حققت المسيحية في أفريقيا نموًا هامًا، حيث تزايد عدد السكان المسيحيين 70 ضعفا ليصل إلى 470 مليونًا، وجدت دراسة قام بها معهد غالوب أنّ مسيحيي أفريقيا متحمسون لدينهم، حيث إن 9 من كل 10 قالوا إن الدين مهم جدًا في حياتهم. وفقًا لدراسة قام بها معهد غالوب عام 2010 وجدت أن كل من مسيحيي جمهورية الكونغو الديموقراطيةوغانا هم المسيحيين الأكثر تدينًا على مستوى العالم.[289] العديد من المجتمعات المسيحية في الدول الآسيوية مثل الفلبينوالهندوالصينوكوريا الجنوبية متحمسين لدينهم، ولديهم معدلات عاليّة في المواظبة على الصلاة وفي التردّد على الكنائس وممارسة الشعائر الدينيّة. أمّا المسيحيين العرب وإن كانوا أقل مواظبة على الصلاة فإنهم بحسب المقاييس الغربية أكثر تدينًا مما في الغرب.
كما وأظهرت دراسة لمؤسسة بيرتلسمان الألمانية أن معظم الشباب في دول العالم المختلفة أصبحوا أكثر تدينًا، ووجدت أنّ الشباب المسيحي في الدول النامية متدينين بصورة أكبر مقارنة بنظرائهم في أوروبا. فعلى سبيل المثال أظهرت الدراسة أن 80% من الشباب البروتستانت خارج أوروبا متدينين بقوة مقارنة ب7% فقط من الشباب البروتستانت في أوروبا ممن يتصفون بالتدين الشديد. والأمر نفسه ينطبق على الشباب الكاثوليك، إذ أن عدد المتدينين منهم في أوروبا يصل إلى 25% بينما يبلغ عددهم خارج أوروبا 68%. وبحسب الدراسة نفسها هناك 90% من الشباب في دول مثل نيجيرياوغواتيمالا والبرازيل يؤدون الصلاة مرة على الأقل يوميًا. وأكبر نسبة للشباب المتدينين في العالم الغربي كما توضح الدراسة تظهر في الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك 57% من الشباب الأمريكي يصلون يوميا، كما أن 90% من الشباب البروتستانت هناك متدينون بصورة قوية.[290]
التردد على الكنائس حسب البلد
القائمة التالية تستعرض نسب المسيحيين المواظبين على حضور الطقوس الدينيَّة مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، وتختلف نسبة المواظبة على حضور القداس اختلافًا كبيرًا حسب دول العالم.
^Wilken، Robert Louis (27 نوفمبر 2012). The First Thousand Years: A Global History of Christianity. New Haven and London: Yale University Press. ص. 26. ISBN:978-0-300-11884-1.
^Gilley، Sheridan (2006). The Cambridge History of Christianity: Volume 8, World Christianities C.1815-c.1914. Brian Stanley. Cambridge University Press. ص. 164. ISBN:0521814561. ... Many of the scientists who contributed to these developments were Christians...
^L. Johnson، Eric (2009). Foundations for Soul Care: A Christian Psychology Proposal. InterVarsity Press. ص. 63. ISBN:0830875271. ... . Many of the early leaders of the scientific revolution were Christians of various stripes, including Roger Bacon, Copernicus, Kepler, Francis Bacon, Galileo, Newton, Boyle, Pascal, Descartes, Ray, Linnaeus and Gassendi...
^S. Kroger، William (2016). Clinical and Experimental Hypnosis in Medicine, Dentistry and Psychology. Pickle Partners Publishing. ISBN:1787203042. Many prominent Catholic physicians and psychologists have made significant contributions to hypnosis in medicine, dentistry, and psychology.
^ ابجدE. McGrath، Alister (2006). Christianity: An Introduction. John Wiley & Sons. ص. 336. ISBN:1405108991. Virtually every major European composer contributed to the development of church music. Monteverdi, Haydn, Mozart, Beethoven, Rossini, and Verdi are all examples of composers to have made significant contributions in this sphere. The Catholic church was without question one of the most important patrons of musical developments, and a crucial stimulus to the development of the western musical tradition.
^What Christianity Has Done for the World. Rose Publishing Inc. 2014. ISBN:1628621060. Christian, also contributed much to the world of music. A prolific composer, Bach regularly wrote sacred music, dedicating his efforts to the glory of God.
^A. Spinello، Richard (2012). The Encyclicals of John Paul II: An Introduction and Commentary. Rowman & Littlefield Publishers. ص. 147. ISBN:1442219424. ... The insights of Christian philosophy "would not have happened without the direct or indirect contribution of Christian faith" (FR 76). Typical Christian philosophers include St. Augustine, St. Bonaventure, and St. Thomas Aquinas. The benefits derived from Christian philosophy are twofold....
^Roy Vincelette، Alan (2009). Recent Catholic Philosophy: The Nineteenth Century. Marquette University Press. ISBN:0874627567. ... .Catholic thinkers contributed extensively to philosophy during the Nineteenth Century. Besides pioneering the revivals of Augustinianism and Thomism, they also helped to initiate such philosophical movements as Romanticism, Traditionalism, Semi-Rationalism, Spiritualism, Ontologism, and Integralism...
^Hillerbrand، Hans J. (2016). Encyclopedia of Protestantism: 4-volume Set. Pickle Partners Publishing. ص. 174. ISBN:1787203042. ... In the centuries succeeding the REFORMATION the teaching of Protestantism was consistent on the nature of work. Some Protestant theologians also contributed to the study of economics, especially the nineteenth-century Scottish minister THOMAS CHALMERS....
^Ernst، Troeltsch (2017). Protestantism and Progress: A Historical Study of the Relation of Protestantism to the Modern World. Routledge. ص. 80. ISBN:1351496115. ...It is clear enough without this that the contribution of Protestantism to modern economic development, which is, in point of fact, one of the most characteristic features of our modern world, is to be ascribed, not to Protestantism as a whole, but primarily to Calvinism, Pietism, and the Sectaries, and that even with them this contribution is only an indirect and consequently an involuntary one.
^Iso Baumer, « Unité et diversité des Églises d'Orient en Suisse », dans Martin Baumann et Jorg Stöltz (dir.), La nouvelle Suisse religieuse : Risques et chances de sa diversité, éd. Labor et Fides, (ISBN978-2-8309-1278-4, lire en ligne), p. 168. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2017-10-21. اطلع عليه بتاريخ 2020-10-28.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^Weber, Max "The Protestant Ethic and The Spirit of Capitalism" (Penguin Books, 2002) translated by Peter Baehr and Gordon C. Wells
^Calvin's position is expressed in a letter to a friend quoted in Le Van Baumer، Franklin, editor (1978). Main Currents of Western Thought: Readings in Western Europe Intellectual History from the Middle Ages to the Present. New Haven: Yale University Press. ISBN:0-300-02233-6. {{استشهاد بكتاب}}: |الأول= باسم عام (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^The Columbia Electronic Encyclopedia, 6th ed. 2007 - "Byzantine music"
^Dmitrij Cizevskij. Comparative History of Slavic Literatures, Vanderbilt University Press (2000) p. 27
^Columbia Encyclopedia, Sixth Edition. 2001–05, s.v. "Cyril and Methodius, Saints"; Encyclopædia Britannica, Encyclopædia Britannica Incorporated, Warren E. Preece – 1972, p. 846, s.v., "Cyril and Methodius, Saints" and "Eastern Orthodoxy, Missions ancient and modern"; Encyclopedia of World Cultures, David H. Levinson, 1991, p. 239, s.v., "Social Science"; Eric M. Meyers, The Oxford Encyclopedia of Archaeology in the Near East, p. 151, 1997; Lunt, Slavic Review, June 1964, p. 216; Roman Jakobson, Crucial problems of Cyrillo-Methodian Studies; Leonid Ivan Strakhovsky, A Handbook of Slavic Studies, p. 98; V.Bogdanovich , History of the ancient Serbian literature, Belgrade, 1980, p. 119.
^The Columbia Encyclopaedia, Sixth Edition. 2001–05, O.Ed. Saints Cyril and Methodius "Cyril and Methodius, Saints) 869 and 884, respectively, “Greek missionaries, brothers, called Apostles to the Slavs and fathers of Slavonic literature."
^Encyclopædia Britannica, Major alphabets of the world, Cyrillic and Glagolitic alphabets, 2008, O.Ed. "The two early Slavic alphabets, the Cyrillic and the Glagolitic, were invented by St. Cyril, or Constantine (c. 827–869), and St. Methodius (c. 825–884). These men were Greeks from Thessaloniki who became apostles to the southern Slavs, whom they converted to Christianity."
^Cizevskij، Dmitrij؛ Zenkovsky، Serge A.؛ Porter، Richard E. Comparative History of Slavic Literatures. Vanderbilt University Press. ص. vi. ISBN:0-8265-1371-9. "Two Greek brothers from Salonika, Constantine who later became a monk and took the name Cyril and Methodius.
^The illustrated guide to the Bible. New York: Oxford University Press. 1998. ص. 14. ISBN:0-19-521462-5. In Eastern Europe, the first translations of the Bible into the Slavoruic languages were made by the Greek missionaries Cyril and Methodius in the 860s
^Smalley، William Allen (1991). Translation as mission: Bible translation in the modern missionary movement. Macon, Ga.: Mercer. ص. 25. ISBN:978-0-86554-389-8. The most important instance where translation and the beginning church did coincide closely was in Slavonic under the brothers Cyril, Methodius, with the Bible completed by AD. 880 This was a missionary translation but unusual again (from a modern point of view) because not a translation into the dialect spoken where the missionaries were The brothers were Greeks who had been brought up in Macedonia,
^Kazhdan، Alexander P. (1991). The Oxford Dictionary of Byzantium. New York: Oxford University Press. ص. 507. ISBN:0-19-504652-8. Constantine (Cyril) and his brother Methodius were the sons of the droungarios Leo and Maria, who may have been a Slav.
^اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية، مرجع سابق، ص.20. تذكر الأناجيل عددًا من المواقع التي تفيد بأن المسيح كان يستخدم الآرامية أو السريانية القديمة وليس العبرية، انظر متى 46/27 ومرقس 41/5 ويوحنا 42/1، وهو الأمر الذي كان منتشرًا في المجتمع العبري القديم في فلسطين خصوصًا إثر سبي بابل.
^أهمية اللغة السريانية وطنيًا وحضاريًا، المحاضرة التي ألقاها ملفونو أبروهوم نورو في حفلة تكريمه بقاعة مار يعقوب السروجي، البوشرية - جبل لبنان بتاريخ 2 نيسان 1998 من قبل الرابطة السريانية في لبنان، موقع سرياني، 29 تشرين الثاني 2010. نسخة محفوظة 7 أغسطس 2020 على موقع واي باك مشين.
^Ross, James F., "Thomas Aquinas, Summa theologiae (ca. 1273), Christian Wisdom Explained Philosophically", in The Classics of Western Philosophy: A Reader's Guide, (eds.) Jorge J. E. Gracia, Gregory M. Reichberg, Bernard N. Schumacher (Oxford: Blackwell Publishing, 2003), p. 165. [3]نسخة محفوظة 14 أبريل 2015 على موقع واي باك مشين.
^Émile Mâle, L'art religieuse du XIIIe siècle en France (1898) devotes a full chapter to Legenda Aurea، which he avowed was his principal guide for the أيكونغرافيا of saints.
^Fahlbusch, Erwin and Bromiley, Geoffrey William. The Encyclopedia of Christianity. Grand Rapids, MI: Leiden, Netherlands: Wm. B. Eerdmans; Brill, 1999–2003, 1:244.
^Baruch A. Shalev, 100 Years of Nobel Prizes (2003),Atlantic Publishers & Distributors , p.57:
between 1901 and 2000 reveals that 654 Laureates belong to 28 different religion Most (65.4%) have identified Christianity in its various forms as their religious preference.
^"The Christian Flag". جامعة بوب جونز[لغات أخرى]. مؤرشف من الأصل في 14 نوفمبر 2010. اطلع عليه بتاريخ 2007–10–18. The white on the flag represents purity and peace. The blue stands for faithfulness, truth, and sincerity. Red, of course, is the color of sacrifice, in this case calling to mind the blood shed by Christ on Calvary, represented by the cross.{{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link)
^Geoffrey Blainey; A Very Short History of the World; Penguin Books, 2004
^ اب[ Becker, Sascha O. and Wößmann, Ludger. 2008. “Luther and the Girls: Religious Denomination and the Female Education Gap in 19thCentury Prussia.” Discussion Paper No. 3837. The Institute for the Study of Labor in Bonn.]
^Clifton E. Olmstead, History of Religion in the United States, pp. 484-494
^H. Wagner, Diakonie, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band I, col. 164-167
^J.R.H. Moorman, Anglikanische Kirche, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band I, col. 380-381
^Clifton E.Olmstead, History of Religion in the United States, pp. 461-465
^Allen Weinstein and David Rubel, The Story of America, pp. 274-275
^M. Schmidt, Kongregationalismus, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band III, col. 1770
^K. Kupisch, Bismarck, Otto von, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, 3. Auflage, Band I, col. 1312-1315
^P. Quante, Sozialversicherung, in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, Band VI, col. 205-206
^David B. Barrett؛ George Thomas Kurian؛ Todd M. Johnson، المحررون (15 فبراير 2001). World Christian Encyclopedia p.360. Oxford University Press USA. ISBN:0195079639.
^His Ph.D. thesis in mathematics was defended at the جامعة غوتنغن on 13 June 1906: Untersuchungen über die Stabilität der elastischen Linie in Ebene und Raum, unter verschiedenen Grenzbedingungen. It was awarded magna cum laude[الإنجليزية]. See Greenspan, 2005, pp. 35-36 and Max Born’s Life. نسخة محفوظة 13 نوفمبر 2013 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
^Information Services on Latin America (Oakland, Calif.) (1990), p. 300 Yabroud, 50 miles north of دمشق, is now recognized for just one thing — being the hometown of the parents of Argentine President Carlos Menem.