دخلت المسيحية إلى ألمانيا منذ الحقبة الكارولنجية في القرن العاشر الميلادي. وعانت ألمانيا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر من حروب دينية طائفية تكبدت خلالها خسائر فادحة كلفت عدة ملايين، بحلول القرن العشرين تمكنت ألمانيا، بفضل نخبها المسيحية ذات الحس الوطني الألماني، من أن تبني تجربه للتعايش والتوحد بين البروتستانت والكاثوليك. ولعب الاتحاد الديمقراطي المسيحي دورًا حاسمًا في عملية التقارب هذه، وكذلك دوره بترسيخ الحياة الديمقراطية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وتعزيز الهوية الألمانية. وتُعد كل من الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنيسة البروتستانتية الألمانية الكنائس الوطنيةللشعب الألماني.[13]
تاريخ
العصر الروماني والكارولنجي المتأخر
المرحلة الأولى من تنصير مختلف شعوب الكلتوالجرمانيين وقعت في الجزء الغربي من ألمانيا الحاليَّة، وهو الجزء الذي كانت تسيطر عليه الإمبراطورية الرومانية. وتم تسهيل التنصير بين رعايا الإمبراطورية من الوثنيين وتحقق تدريجياً بمختلف الوسائل. وكان لصعود المسيحية الجرمانية في بعض الأحيان طوعياً، لا سيَّما بين الجماعات المرتبطة مع الإمبراطورية الرومانية. ومع انهيار الحكم الروماني في الأراضي الألمانيَّة في القرن الخامس، انتهت المرحلة الأولى من التنصير في الأراضي ألمانية. وفي عام 496 افتتحت المرحلة الثانية من تنصير البلاد مع تعميد ملك الفرنجةكلوفيس الأول إلى جانب عدد من أفراد أسرته. وعلى النقيض من القبائل الألمانية الشرقية، الذين اعتنقوا المسيحية على مذهب الآريوسية، أصبح كلوفيس الأول كاثوليكياً. وعلى خطى الملك حصل العديد من الفرنجة أيضاً على سر المعمودية. خلال القرون الثمانية التالية أعاد المبشرين الأيرلنديين والإسكتلنديين والإنجليز بجلب المسيحية إلى الأراضي الألمانية، وأدت فعالية حركات التبشير في سنوات 700 في نشر المسيحية شمال فرنساوألمانيا؛ إلى تحول ألمانيا إلى المسيحية رسميًا. وبات لبابا روما، دور كبير ليس على الصعيد الديني فحسب بل على الصعيد المدني أيضًا، وغدا الباباوات يتوجون الأباطرة؛ في عام 800 قام البابا ليون الثالث بتتويج شارلمان إمبراطورًا للإمبراطورية الرومانية المقدسة مفتتحًا بذلك عهدًا جديدًا من العلاقات بين الإمبراطورية والكرسي الرسولي.
خلال الفترة الكارولنجية انتشرت المسيحية في جميع أنحاء ألمانيا، وخاصة خلال عهد شارلمان من خلال وحملاته العسكرية التوسعية. وفي عام في 530 كتب بندكتس كتاب الحكمة الرهبانية، والذي أصبح نموذجًا لتنظيم الأديرة في جميع أنحاء ألمانيا.[14] هذه الاديرة الجديدة حافظت على الحِرف التقليدية والمهارات الفنيّة وحافظت أيضًا على الثقافة الفكرية والمخطوطات القديمة داخل مدارسها ومكتباتها. فضلًا عن توفير حياة روحية لرهبانها، كانت الأديرة أيضًا مركز إنتاج زراعي واقتصادي، لا سيما في المناطق النائية، وأصبحت الأديرة إحدى القنوات الرئيسية للحضارة،[15] وساهمت هذه الأديرة في النهضة الكارولنجية في القرن التاسع. وفي العصور الوسطى كانت الكاثوليكية هي الدين الرسمي الوحيد داخل الإمبراطورية الرومانية المقدسة، كان لليهود حق بالإقامة في المدن والبلاد، لكن لم يعتبروا مواطنين في الإمبراطورية. في داخل الإمبراطورية كانت الكنيسة الكاثوليكية قوة كبرى، وحكمت أجزاء كبيرة من الأراضي من قبل الأساقفة الأمراء؛ كما ولا يمكن أن يحصل الإمبراطور الروماني المقدس على اللقب إلا بتتويج البابا.
شغل الأساقفة منصب حاكم مدني لبعض الإمارات العلمانية داخل حدود الإمبراطورية الرومانية المقدسة وكانت تدار هذه الإمارات الأسقفية سياسيًا من قبل الأمير الأسقف الذي كانت تتداخل إلى حد كلي أو إلى حد كبير مع اختصاصه الأبرشي والديني، لأن بعض أجزاء من أبرشيته، أو حتى مدينة إقامته، يمكن أن لا تكون جزءًا من حكمه المدني. في حالة حصلت المدينة على تصريح مدينة حرة من الإمبراطورية الرومانية المقدسة.[16] إذا كان الحاكم الأسقفي كان أسقفًا، المصطلح الصحيح الأمير رئيس أساقفة. وعادًة ما يعتبر الأمير الأسقف ملكًا منتخبًا. كانت الأسقفيات الإكليروسية جزء من الإمبراطورية الرومانية المقدسة، والتي شكلت، بالإضافة إلى جانبها الكنسي، دولة مدنية داخل الإمبراطورية. ومع تراجع للقوة الإمبريالية من القرن الرابع فصاعدًا في مواجهة الغزوات البربرية، كان منصب الأساقفة المسيحيين أحيانًا الحكام والبديل عن القائد الروماني، وقد اتخذوا القرارات العلمانية للمدينة وقادوا القوات الخاصة عند الضرورة. وكانت العلاقات بين الأمير-الأسقف والمواطنين في كثير من الأحيان غير ودية. وقد وقعت احتكاكات بين البرجوازية والأساقفة.
عصر الإصلاح البروتستانتي
شهدت مرحلة عصر النهضةالإصلاح البروتستاني في ألمانيا على يد مارتن لوثر،[17] إذ انتقد مارتن لوثر الفساد في الكنيسة الكاثوليكية وفي مقدمة ما انتقد قضية صكوك الغفران، وشراء بعض المناصب العليا في الكنيسة والمحسوبية إضافة إلى ظهور ما يشبه «عوائل مالكة» تحتفظ بالكرسي الرسولي مثل آل بورجيا.[18] وكان لنشوء البروتستانتية دور هام في تحسين مستوى التعليم ونشر المعرفة في ألمانيا، فقد دعا مارتن لوثر إلى حق الفرد في تفسير الإنجيل، وشجّع على قراءة ودراسة الكتاب المقدس.[19] وكان للبروتستانتية دور في إدخال الاجتهاد والتفكير الحر على الفكر الغربي، فقد قام مارتن لوثر بترجمة جديدة للكتاب المقدس من اليونانية إلى الألمانية فأعتبر ذلك العمل الضخم حجر الأساس في تاريخ الأدب الألماني.[20] حث مارتن لوثر ومن بعده رفيقاه السويسريان الأكثر تشددًا جان كالفن وزوينجلي على العناية بالتعليم والثقافة والنظافة والنظام ودعا أتباعه إلى اعتبار أداء الوظيفة بأمانة وحرص لا مجرد واجب تجاه رب العمل بل بمثابة رسالة أخلاقية تجاه الخالق نفسه.
قام الأمير فريدريك الثالث بنقل لوثر تحت حماية فرسان ملثمين إلى قلعة فرتبرغ بعد انفضاض مجلس ورمز. وخلال إقامته في القلعة الواقعة في منطقة إيزنباخ، ترجم لوثر العهد الجديد من اليونانية إلى اللغة الألمانية، ووضع عددًا من الكتب الجدليّة، كان من ضمنها كتابًا تهجم فيه على ألبريشت رئيس أساقفة ماينز، كما ألف كتبًا أخرى في شرح مبدأ التبرير، وتفنيد لاهوت التبرير في الكنيسة الكاثوليكية، وشرح عدد من الكتابات اللاهوتية.[21][22]
نشر لوثر ترجمته الألمانية للعهد الجديد عام 1522،[23] ثمّ أنهى ومعاونيه ترجمة العهد القديم عام 1534، ليُتمّ بذلك ترجمة الكتاب المقدس كلّه. واستمرّ على دراسة اللغات القديمة والعمل على صقل الترجمة حتى نهاية حياته.[24] انتُقد لوثر لإضافته كلمة «وحده» بين كلمة «الإيمان» في روما 3: 28،[25] غير أن لوثر استفاض بتبرير عمله لكون الخلاص بالإيمان وحده حسب رأي لوثر هو العقيدة الأساسية في المسيحية، وأن القديس بولس كان يريد أن يوصل هذه الفكرة، وبالتالي فإضافة الكلمة أمر ضروري لكي يتضح بشكل ناصع فحوى العقيدة المسيحية في التبرير كما رآها لوثر.[26]
انتشرت ترجمة لوثر في جميع أنحاء ألمانيا، وقال أنه يعتزم العمل بكامل طاقاته لجعل الوصول إلى الكتاب المقدس سهلاً ويوميًا بالنسبة لجميع الألمان، وإزالة أي عائق قد يراه الشخص أمام بعض المفاهيم أو الألفاظ. حظيت ترجمة لوثر بشعبية كبيرة وتأثير كبير في ترجمة الكتاب المقدس، ودفعت إلى ارتفاع الطلب على المنشورات باللغة الألمانية، كما ساهمت مساهمة فعالة في تطور اللغة والأدب الألمانيين؛[27] وذهب البعض إلى أن انتشار اللوثرية في مختلف أصقاع ألمانيا يعود لترجمته هذه.[28] ومما يذكر، هو تأثير هذه على ترجمات أخرى لاحقة مثل ترجمة الكتاب المقدس للإنجليزية عام 1525، ومن ثم ترجمة الملك جيمس الشهيرة لاحقًا.[29]
كان لنشوء البروتستانتية السبب الرئيس لاندلاع عدة حروب أهلية في أجزاء من ألمانيا. في نهاية المطاف، أدت هذه الخلافات إلى نشوب نزاعات التي لعب الدين فيها عاملاً رئيسيًا. ومع بداية القرن السابع عشر دمرت حرب الثلاثين عاما التي اندلعت سنة 1618 أوروبا وهي تنتقل من دولة إلى دولة حاملة أبعادها الدينية؛ وقد تحارب في ألمانياالكالفينيونواللوثريون وكلاهما من البروتستانت بحرب طاحنة.[30] وقد انتهى الصراع بين الطوائف المسيحية المختلفة من خلال صلح أوغسبورغ وهي معاهدة وُقعت بين فرديناند الأول، الذي حل محل أخيه شارل الخامسكإمبراطور روماني مقدس، والأمراء اللوثريين، في الخامس والعشرين من سبتمبر عام 1555 بمدينة أوغسبورغ في بافاريا، ألمانيا. وسمح البند "Cuius regio, eius religio" الشهير بالوثيقة للأمراء الألمان باختيار إما اللوثرية أو الكاثوليكية ضمن أراضيهم، وتنتهي بتأكيد استقلالهم بدولهم. أعطيت الأسر فترة كانوا خلالها أحرار بالهجرة إلى مناطق أخرى ذات دين يرضونه. وظلَّ المصرفي جاكوب فوغر وعضو أسرة فوغر على المذهب الكاثوليكي. وكان جاكوب فوغر قد افتتح عصر الرأسمالية ونمو الاحتكارات الخاصة وسيطرة رجال الأعمال بأموالهم على السادة الإقطاعيين الذين يملكون الأرض.[31]
العصور الحديثة
أحدث عصر التنويروالثورة العلمية تغييرات كبيرة في المجتمع، يُذكر أن ظهور البروتستانتية كان له أثر كبير في نشوء الثورة العلمية،[32] وكأحد الأسباب التي أدت إلى الثورة العلمية خاصة في انكلتراوألمانيا، فقد وجد الباحثون علاقة إيجابية بين ظهور حركة التقوىالبروتستانتية والعلم التجريبي.[33] فضلًا عن اعتبار أخلاق العمل البروتستانتية كقيم الموثوقية، والادخار، والتواضع، والصدق، والمثابرة والتسامح، أحد أسباب نشأة الثورة الصناعية.[34] كما وكان للبروتستانتية دور في إدخال الاجتهاد والتفكير الحر على الفكر الألماني، فقد قام مارتن لوثر بترجمة جديدة للكتاب المقدس من اليونانية إلى الألمانية فاعتبر ذلك العمل الضخم حجر الأساس في تاريخ الأدب الألماني.[20] وبيّن ماكس فيبر إحصائياً بأن البروتستانت بألمانيا، هم الأكثر غنى وثراء بنسب تتزايد، كما لمس مدى حضور الفكر الديني في السلوك تجاه القضايا والمشاكل، مما يؤكد صلة الدين بما يمارس واقعياً بحسب ماكس فيبر.[35]
كان لألمانيا ثلاث فترات رئيسية للتحول اليهودي إلى المسيحية، وهي البداية الأولى خلال عصر موسى مندلسون، وحدثت موجة ثانية خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر. وقام ديفيد فريدلاندر بإعداد قائمة تضم 32 عائلة يهودية وحوالي 18 يهوديًا غير متزوج تم تحولهم إلى المسيحية مؤخرًا إلى المستشار البروسي لولاية هاردنبرغ في عام 1811.[36] في المقاطعات البروسية الثمانية القديمة بين عام 1816 وعام 1843، في عهد فريدرش فيلهلم الثالث ملك بروسيا، تحول حوالي 3,984 يهوديًا إلى المسيحية، وكان من بينهم العديد من أغنى اليهوج والأكثر ثقافة،[37] في حين وفقًا الموسوعة اليهودية كانت أعدادهم حوالي 2,200 من عام 1822 إلى عام 1840. وكانت الفترة الثالثة والأطول من الإنفصال عن اليهودية بسبب اللاسامية، وبدأت في عام 1880. حيث في جميع أنحاء الولايات الألمانية، بإستثناء النمساوفرنسا، حصل العديد من اليهود على مناصب عالية وعائدات كبيرة مقابل التخلي عن اليهودية.
شغل أوتو فون بسمارك منصب رئيس وزراء مملكة بروسيا بين عامي 1862و1890، ولكونه بروتستانتيًّا ملتزمًا، لم يتسامح مع أي سلطة دينية خارج الإمبراطورية الألمانية حول الشؤون الألمانية. وبالتالي قام بإطلاق حملة الحرب الثقافيَّة أو الكولتوركامپف ضد سلطة البابا والكنيسة الكاثوليكية في عام 1873، كانت حدود الحملة فقط في بروسيا. وقد قوبل ذلك بدعم قوي من الليبراليين الألمان، حيث رأي الليبراليون أنها تقوّض سياسيًا من سيادة الدولة التي يُفتَرَض أنها أكثر تقدمية، وتتناقض ثقافيًا مع الانتماء للقومية التي مثلت في ذلك الوقت المخرج الرئيسي من الهويات الدينية، أضف لذلك أن التحالف القديم بين الكنيسة الكاثوليكية والأسر الحاكمة كان في نظرهم تعزيزًا لإنعدام المساواة، في حين كانت فكرة الدولة القومية التي تقوم على المواطنة أكثر عدلًا. العنصر الكاثوليكي، بدوره رأى الليبراليين الوطنيين، الذين كانوا في كثير من الأحيان من البروتستانت، الكنيسة أسوأ عدو.[38] وعلى الرغم أنَّ الكاثوليك شكلوا حوالي ثلث السكان، إلا أنهم نادرًا ما سُمح لهم بشغل المناصب الرئيسيَّة في الحكومة الإمبراطورية أو الحكومة البروسية. وتم إلغاء القسم الكاثوليكي التابع لوزارة الثقافة، ليصبح الصوت الكاثوليكي مع الوقت شبه منعدم داخل دوائر السلطة الألمانية، ومررت السلطة حزمة من القوانين المعادية للثقافة الكاثوليكية لتتمكن من الإشراف بنفسها على التعليم الديني الذي يخضع له أعضاء الكنيسة. بعد 1871 كان هناك حملة تطهير منهجي في عزل الكاثوليك. وفي المدى الطويل، وكانت النتيجة الأكثر أهمية تعبئة الناخبين الكاثوليك، وإصرارهم على حماية هويتهم الدينية، واحتشد الكاثوليك وراء الكنيسة وحزب الوسط.
هيمن على مملكة بروسيا كل من المذهب البروتستانتي اللوثري والكالفيني الإصلاحي. وخلال عهد فريدرش فيلهلم الثالث ملك بروسيا نشأ اتحاد الكنائس البروسي والذي كان عبارة عن دمج لهيئات الكنائس البروتستانتية الرئيسية، وقد ظهر هذا الاتحاد في عام 1817 بعد سلسلة من المراسيم التي كتبها فريدرش فيلهلم الثالث ملك بروسيا التي وحدَّت الطوائف اللوثرية والإصلاحية في بروسيا.[39] وأصبح الاتحاد أكبر منظمة دينية مستقلة في الإمبراطورية الألمانية وفي وقت لاحق جمهورية فايمار، مع حوالي 18 مليون من الرعية.
عانت الكنيسة الكاثوليكية من الاضطهاد الديني في ألمانيا النازية. وباعتبار النازية أيديولوجية شمولية، ادعى النازيون السيطرة المطلقة على جميع الأنشطة الجماعية والاجتماعي، والتدخل في شؤون التعليم الكاثوليكي والمجموعات الشبابية والأندية العمالية والجمعيات الثقافية.[40] لم تقبل الأيديولوجية النازية أن تكون الكنيسة مؤسسة مستقلة، وكان من المطلوب إخضاع الكنيسة للدولة.[41] وقامت القيادة النازية بمحاولات لمحو المسيحية في ألمانيا على المدى الطويل.[42] ظهرت العدوانية المتطرفة تجاه الكنيسة من جانب كل من وزير الدعاية السياسية جوزيف غوبلز، ووزير داخلية الرايخ الألماني هاينريش هيملرومارتين بورمان والذين قادوا حملة قوية ضد الكنائس والقساوسة بين نشطاء الحزب النازي.[43][44]
أثر الحكم الشيوعي سلبًا على الممارسة والدينية والتدين في ألمانيا الشرقية، المعروقة تقليديًا كمعقل البروتستانت في ألمانيا وعرّفت ألمانيا الشرقية نفسها حتى انهار سور برلين في عام 1989جمهورية ملحدة، وقمعت السلطات الشيوعية واضطهدت مختلف أشكال المسيحية بدرجات مختلفة. بعد إعادة توحيد ألمانيا عام 1990 حيث ضمت فيه جمهورية ألمانيا الديمقراطية، أو ما كان يعرف بألمانيا الشرقية، إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية، عادت الحرية الدينية للمسيحيين في ألمانيا الشرقية.
يـَضمن القانون الأساسي للجمهورية الألمانية حرية الأديان. لا توجد أقليات دينية مضطهدة رسميًا. هناك اتفاقيات بين الحكومة الاتحادية والكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية، والتي يتلقى بموجبها أبناء هذين المذهبين دروسًا دينية في المدارس الحكومية. وتُعوِّض الحكومة هذه الدروس باقتطاع نسبة ضريبية على السكان من أبناء هذه المذاهب. ووفقاً لدراسة قامت بها مركز بيو للأبحاث عام 2019 حوالي 71% من الألمان من دافعي ضريبة الكنيسة.[45]
منذ منتصف القرن العشرين، شهدت البلاد تحولاً جذرياً بعيداً عن البروتستانتية، في عام 1950 كان البروتستانت يمثلون أغلبية (59%) من سكان ألمانيا، حيث شكلَّ الكاثوليك أقلية كبيرة (37%)، وفقاً لأبحاث أجراها ديتليف بولاك وأولاف مولر في جامعة مونستر بألمانيا.[46] وتستند هذه النسب إلى حد كبير على قوائم عضوية الكنيسة التي تشمل كلاً من الأطفال والبالغين. على مدى الستين سنة التالية، انخفضت حصة البروتستانت 30 نقطة، في حين انخفضت حصة الكاثوليك 7 نقاط. يظهر التراجع الوطني بين البروتستانت الألمان أيضاً عند النظر بشكل منفصل إلى ألمانيا الشرقيةوالغربية (التي تم إعادة توحيدها في عام 1990)، وفقاً لأبحاث إضافية أجراها بولاك. يعتبر التراجع في ألمانيا الشرقية، والذي كان بروتستانتياً في الغالب عندما تشكلت البلاد عام 1949، على نطاق واسع نتيجة الإضطهاد والقمع وتهميش الدين خلال العقود الأربعة من الحكم الشيوعي.[46]
في ألمانيا الغربية، تم ذكر العديد من جوانب الحياة الدينية كأسباب محتملة للهوية الكاثوليكية القوية التي تم التوصل إليها من سنوات وجودها كدين أقلية، والإختلافات العقائدية حول الخلاص التي تجعل المشاركة الرسمية للكنيسة أكثر ضرورة للكاثوليك منها للبروتستانت. كما أظهر تحليل حديث لمركز بيو للأبحاث عام 2019 انخفاضاً في حصة البروتستانت في ألمانيا.[46] بين البالغين الذين سئل عن طائفتهم الدينية الحاليَّة والمذهب الذي تربوا عليه، فقد كان هناك انخفاض في حصة البروتستانت بنسبة 5%؛ حيث تربى 33% على البروتستانتية وقال حوالي 28% أنهم ما زالوا يعتبرون أنفسهم بروتستانت. وظلَّت نسبة الذين يقولون أنهم من الكاثوليك مستقرة إلى حد كبير: حيث قال 45% أنهم تربوا على الكاثوليكية وقال حوالي 43% أنهم ما زالوا يعتبرون أنفسهم كاثوليك.[46]
الوضع الحالي
وفقًا للتعداد السكاني في ألمانيا عام 2011، تعد المسيحية أكبر ديانة في ألمانيا ويشكل معتنقوها حوالي 66.8% من مجموع السكان، ويشّكل البروتستانت نسبة 31.8% منهم أي 25 مليون (منهم 30.8% أعضاء في الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا)، في حين يشكل الكاثوليك 31.2% أي 24.5 مليون.[47] الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا هي أكبر كنائس البروتستانتية في البلاد وهي عبارة عن اتحاد عشرين كنيسة لوثريةوإصلاحيَّة. وألمانيا هي موطن لأكبر عدد من الشباب المسيحي في أوروبا الغربية، فبحسب مركز بيو للأبحاث عام 2010 وصلت أعداد شباب ألمانيا المسيحيين بين سن 15 إلى 29 سنة حوالي 8.7 مليون (62%) من أصل 14.1 مليون شاب ألماني.[48]
في عام 2015، وجدت يوروباروميتر أن 72.6% من السكان البالغين في ألمانيا هم من المسيحيين، ووجدت أن أكبر طائفة مسيحية هي البروتستانتية، والتي ضمت نحو 33.1% من السكان، وتليها الكاثوليكية بنسبة 31.1%، والأرثوذكسية الشرقية بنسبة 0.9%، في حين شكلّ أتباع الطوائف المسيحية الأخرى نحو 7.5%.[49] وفي عام 2016 وجد المكتب السياسي الألماني أن 34.2% من السكان البالغين الذين يحق لهم التصويت من البروتستانت، وحوالي 31.9% كانوا من الكاثوليك، وقال حوالي 28.8% أنهم غير منتسبين لديانة، وكان حوالي 2.5% من المسلمين.[50] وفي عام 2016، وجد المسح الاجتماعي العام الألماني أن 64.5% من الألمان أعلنوا أنهم ينتمون إلى طائفة مسيحية، وكان 30.5% من الكاثوليك ، وكان 29.6% أعضاء في الكنيسة الإنجيلية، وكان 1.7% أعضاء في الكنيسة الإنجيلية الحرة، وكان 1.4% من الأرثوذكس وكان 1.3% من المسيحيين الآخرين.[51] في عام 2017 وجد استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث أن 71% من السكان البالغين الألمان يعتبرون أنفسهم مسيحيين عند سؤالهم عن دينهم الحالي (بغض النظر عما إذا كانوا أعضاء رسميًا في كنيسة مسيحية معينة). ويُظهر الاستطلاع نفسه أن معظم المسيحيين في ألمانيا غير ممارسين.[52]
يتركز البروتستانت في الشمال والشرق وفي إقليم الفورتمبرغ يشكّل هؤلاء الأغلبية الساحقة؛ والمدن الكبرى تقليديًا مثل فرانكفورت، وهامبورغ، ودوسلدورف، وهانوفر والعاصمة برلين هي في الغالب مدن بروتستانتية، بينما الرومان الكاثوليك يتركز وجودهم في الجنوب والغرب خاصة في بافاريا ومدن مثل ميونخوكولونيا. يعتبر الكاثوليك الألمان مقارنة بالبروتستانت أكثر التزامًا في الشعائر الدينية.[53]البابا الماضي بينيدكتوس السادس عشر (من 19 أبريل 2005 إلى 28 فبراير 2013) من مواليد بافاريا.
أثر الحكم الشيوعي والإضطهاد الديني سلبًا على الممارسة والدينية والتدين في ألمانيا الشرقية، حاليًا حوالي نصف سكان ألمانيا الشرقية من اللادينيين.[54]
وفقًا لدراسة المؤمنين بالمسيح من خلفية مسلمة: إحصاء عالمي وهي دراسة أجريت من قبل جامعة سانت ماري الأمريكيّة في تكساس سنة 2015 وجدت أن عدد المسلمين في ألمانيا المتحولين للديانة المسيحية يبلغ حوالي 15,000 شخص.[55]
4. يتضمن حوالي 3.5% غير المنسبين للكنائس المسيحية، وحوالي 1.5% لادينيين، وأتباع الديانات الأخرى بنسبة 1.0%.[60]
5. بيانات مجمعة من جمهورية ألمانيا الاتحادية ومن جمهورية ألمانيا الديمقراطية، بإستثناء محمية سار حتى عام 1956.
6. يستبعد هذا القسم أعضاء الديانات الأخرى الذين يعيشون في ألمانيا الشرقية.
7. يشمل هذا القسم أعضاء الديانات الأخرى التي تعيش في ألمانيا الشرقية.
8. وقد أجريت التعدادات في سنوات مختلفة، وقد أجريت واحدة في ألمانيا الغربية في 6 يونيو 1961 بينما تم في ألمانيا الشرقية في 31 ديسمبر 1964.
التوزيع حسب الولاية
المعطيات في هذه القائمة مأخوذة من المسح السكاني من قبل مؤسسة بوليتباروميتر حول المعتقدات الدينيَّة للبالغين الألمان الذين يحق لهم التصويت (18+) في عام 2016:[61][62]
وفقًا للتعداد السكاني في ألمانيا عام 2011 يشّكل البروتستانت نسبة 31.8% منهم أي 25 مليون (منهم 30.8% أعضاء في الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا)، وتعد الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا واحدة من أكبر المؤسسات البروتستانتية الوطنية في العالم، وتأتي في المرتبة بعد كنيسة إنجلترا وكنيسة المسيح في الكونغو. تاريخيًا هيمن على مملكة بروسيا كل من المذهب البروتستانتي اللوثري والكالفيني الإصلاحي. وخلال عهد فريدرش فيلهلم الثالث ملك بروسيا نشأ اتحاد الكنائس البروسي والذي كان عبارة عن دمج لهيئات الكنائس البروتستانتية الرئيسية، وقد ظهر هذا الاتحاد في عام 1817 بعد سلسلة من المراسيم التي كتبها فريدرش فيلهلم الثالث ملك بروسيا التي وحدَّت الطوائف اللوثرية والإصلاحية في بروسيا. وفي عام 1948 توحدت الكنائس اللوثرية والكالفينيَّة الإصلاحيَّة واتحاد الكنائس البروسي في ما عُرف لاحقًا الكنيسة الإنجيلية في ألمانيا. وفقًا لإحصائيات الكنيسة من عام 2015 ينتمي حوالي 57% من أتباع الكنيسة لفرع اتحاد الكنائس البروسي، وحوالي 40% للفرع اللوثري في حين ينتمي 3% للفرع الكالفيني الإصلاحي.[64] وتشير تقارير إلى أن الكنائس الإنجيلية «الحرّة» في نمو مستمرّ، حيث شهد أعداد أتباع اتحاد الكنائس الإنجيلية الخمسينية في ألمانيا نمواً مطرداً منذ نصف عقد حتى الآن.[65][66]
البروتستانتية هي الدين الرئيسي في ألمانيا الشمالية والشرقية والوسطى، مع غلبة الفرع الكالفيني الإصلاحي في أقصى الشمال الغربي و ليب، والفرع اللوثري في الشمال والجنوب، وفرع اتحاد الكنائس البروسي في وسط وغرب ألمانيا. وعلى الرغم من أنَّ غالبية المسيحيين في جنوب ألمانيا هم من الرومان الكاثوليك، لكن هناك وجود كثافة بروتستانتية في شمال فورتمبيرغ وشمال بافاريا. الغالبية العظمى من البروتستانت الألمان تنتمي إلى الكنيسة الإنجيلية في ألمانية،وتبعها حوالي 25 عضوُا في عام 2006 أو حوالي 30% من سكان ألمانيا.[67] ومع ذلك، فإن متوسط التردد على الكنائس أقل، حيث يحضر فقط حوالي مليون شخص الخدمات الدينية المقامة يوم الأحد.[68]
تُظهر السجلات التاريخية أن العديد من الأتراك العثمانيين اعتنقوا المسيحية وأصبحوا كهنة أو رعاة في الأراضي الألمانيَّة.[69] لا توجد أعداد رسميَّة عن أعداد المسيحيين الأتراك في ألمانيا، لكن وفقاً لتعداد السكان عام 2011 تبين أنّ هناك 1,170 مسيحي تركي في سكسونيا السفلى أو 1.3% من مجمل الأترك الألمان في سكسونيا السفلى.[70][71] نشرت صحيفة دي فيلت الألمانية تقريرًا عن مجموعة من المسلمين الذين تحولوا إلى المسيحية، أغلبهم من ذوي الأصول التركية أو العربية. وتشير الكنيسة البروتستانتية التركية في كولونيا إلى ارتفاع أعداد العائلات المسلمة المتحولة إلى المسيحية كما أعلنت كنائس تركية أخرى في ألمانيا عن تزايد أعداد المتحولين إليها.[72] أشارت تقارير مختلفة إلى تحول العديد من اللاجئين المسلمين إلى الديانة المسيحية في ألمانيا خصوصًا اللاجئين القادمين من أفغانستانوسورياوالعراق،[73][74][75] فضلًا عن زيادة في أعداد اللاجئين الإيرانيينوالأفغان من المتحولين للمسيحية بحثًا عن الحرية الدينية.[76] وبحسب دراسة تعود إلى عام 2015 وجدت أن حوالي 15,000 مسلم تحول إلى المسيحية منذ عام 1960.[55] وتشير تقارير إلى أن الكنائس الإنجيلية «الحرّة» في نمو مستمرّ، حيث شهد أعداد أتباع اتحاد الكنائس الإنجيلية الخمسينية في ألمانيا نمواً مطرداً منذ نصف عقد حتى الآن.[65][66]
الكنيسة الكاثوليكية الألمانية هي جزء من الكنيسة الكاثوليكية العالمية في ظل القيادة الروحية للبابا في روما والمؤتمر الأسقفي الألماني. وتنقسم الكنيسة الكاثوليكية في ألمانيا إلى 27 أبرشية. بسبب ضريبة الكنيسة الإجبارية لأولئك الذين مسجلون ككاثوليك، تعد الكنيسة الكاثوليكية الألمانية أغنى جزء من الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا، حيث وصلت إيرادات الكنيسة إلى حوالي 9.2 مليار يورو في عام 2010. لدى ولايتين من الستة عشرة ولاية ألمانية أغلبية كاثوليكيَّة مطلقة وهي بافاريا (51.2%) وسارلاند (59.8%). إلى جانب هذه الولايات تُعد الكاثوليكية أكبر مجموعة دينية في راينلند بالاتينات، وشمال الراين-وستفالياوبادن-فورتمبيرغ.
بصرف النظر عن وزنها الديموغرافي، فإن للكنيسة الكاثوليكية في ألمانيا تراث ديني وثقافي قديم يعود إلى سان بونيفاسرسول ألمانيا وأول رئيس أساقفة ماينز، وإلى شارلمان الذي دفن في كاتدرائية آخن. وتشمل المواقع الدينية البارزة دير اتال، ودير ماريا لاتش، وأوبرامرغاو، المشهور بأدائها لمسرحية الآلام كل عشر سنوات. تعتبر الهندسة المعمارية الكاثوليكية في ألمانيا غنية أيضاً ومثيرة للإعجاب، فهناك كنائس وكاتدرائيات مثل كاتدرائية كولونياوكاتدرائية إرفورتوكاثدرائية شباير وكاتدرائية سانت مارتن وكاتدرائية السيدة العذراء في ميونيخوكاتدرائية القديسة هيدفيغ.[80] وأوضح أجرته وكالة الأنباء الألمانية عام 2017 أنَّ لدى الكنيسة الكاثوليكية في ألمانيا ثروة تقدر بالمليارات في صورة أصول نقدية وأصول مالية وكذلك مخصصات خاصة للكهنة وممتلكات عقارية. وأوضح الاستطلاع أن كل من كولونيا وليمبورج وماينتسوترير تندرج ضمن الأبرشيات الأكثر ثراء في ألمانيا.[81]
تُمثل المسيحية في الأراضي الألمانية جزءًا رئيسيًا من فسيفساء الثقافة الدينية في البلاد، حيث كان للمسيحية تأثير طويل الأمد على ثقافة ومجتمع ألمانيا، مع وصولها إلى منطقة ألمانيا الحديثة بحلول عام 300، بينما كانت أجزاء من تلك المنطقة تابعة للإمبراطورية الرومانية، وبعد ذلك، عندما تحول الفرنجة والقبائل الجرمانية الأخرى إلى المسيحية من القرن الخامس فصاعدًا. أصبحت المنطقة مسيحية بالكامل في زمن شارلمان في القرنين الثامن والتاسع. بعد أن بدأت حركة الإصلاح من قبل مارتن لوثر في أوائل القرن السادس عشر، ترك العديد من الناس الكنيسة الكاثوليكية وأصبحوا بروتستانت، معظمهم تحول إلى المذهب اللوثري والكالفيني.[84] تُعتبر ألمانيا مسقط رأس حركة الإصلاح البروتستانتي، وخلال القرن السادس عشر أصبحت ألمانيا الشمالية مركز الإصلاح البروتستانتي لتنتشر لاحقاً إلى بريطانياوالأراضي المنخفضةودول الشمال. كما أن للبروتستانتية أثرًا قويًا في التاريخ الثقافي والسياسي لتلك الأقطار. في القرون الأخيرة، وضع البروتستانت ثقافتهم الخاصة، التي قدمت مساهمات كبيرة في مجال التعليم، والعلوم الإنسانية والعلوم، والنظام السياسي والاجتماعي، والإقتصاد والفنون، وغيرها من المجالات.[85] يُشكل اليوم أتباع المذهب البروتستانتي ثاني أكبر المذاهب المسيحية مع أكثر من 800 مليون شخص حول العالم أو 37% من مجمل المسيحيين في العالم.[86]
تشمل تقاليد ميلادية تعود أصولها إلى ألمانيا كل من إكليل الزهور لزمن المجيء وشخصية عامل المنجم الميلادية المرتبطة بتقاليد سكان جبال الخاموكسارة البندقوسوق عيد الميلاد، ونشأت أسواق عيد الميلاد في ألمانيا، لكنها موجودة الآن في العديد من البلدان الأخرى.[125] يعود تاريخ أسواق عيد الميلاد إلى أواخر العصور الوسطى في الجزء الناطق بالألمانية من أوروبا، وفي أجزاء كثيرة من الإمبراطورية الرومانية المقدسة السابقة التي تضمنت العديد من المناطق الشرقية من فرنسا.[125] وأصبحت عادة شائعة في زمن المجيء خلال عصر الإصلاح البروتستانتي.[126] أقيم سوق عيد الميلاد بدريسدن لأول مرة في عام 1434 ويُعتبر أول سوق حقيقي لعيد الميلاد؛[127] الأسواق السابقة للموسم كانت «أسواق ديسمبر».[128] يمكن العثور على الإشارات المبكرة لهذه «أسواق ديسمبر» في فيينا (1298)، وميونيخ (1310)، وباوتسن (1384)، وفرانكفورت (1393)، وميلانو.[129]
لعبت البعثات التبشيرية الألمانية دوراً هاماً في تنصير العديد من سكان أفريقيا جنوب الصحراءوشرق آسياوجنوب شرق آسياوأوقيانوسيا، كما أدت موجات الهجرات الألمانية إلى الأمريكتان إلى تعزيز الوجود المسيحي فيها، ولعل أبرز مآثر البعثات التبشيرية الألمانية تنصير مستعمرة جنوب غرب أفريقيا الألمانية والتي استعمرت من قبل الإمبراطورية الألمانية الاستعمارية، وأصبحت تُعرف لاحقاً بعد الاستقلال باسم ناميبيا، وهي أبرز إرث ثقافي واجتماعي للكنيسة الألمانية في أفريقيا، حيث ضمت ناميبيا في عام 2010 على أغلبية سكانية لوثرية، وهي الدولة الوحيدة خارج القارة الأوروبية التي يُشكل فيها المذهب اللوثري مذهب أغلبية السكان.[86]
الثقافة المسيحية الألمانية
لوحة لقاء يعقوب مع راحيل"، من أبرز الأعمال الفنيَّة للحركة الناصرية
تاريخيًا عرفت ألمانيا فجوة اقتصادية-اجتماعية بين الكاثوليك والبروتستانت فاستنادًا إلى ماكس فيبر كان لأخلاق العمل البروتستانتية، خاصة المذهب الكالفيني، من انضباط وعمل شاق وإخلاص، وراء ظهور العقلية الرأسمالية في أوروبا، مما جعل من الدول والمجتمعات البروتستانتية في ألمانيا أن تصبح المجتمعات الأكثر ثراء ورفاهية.[130]: وذلك لقولها بأن النجاح على الصعيد المادي هو دلالة على نعمة إلهية واختيار مسبق للخلاص.[131] لم تعد اليوم الفجوة موجودة على أرض الواقع حيث تُعد ولاية بافاريا في ألمانيا ذات الغالبية الكاثوليكية، شبه متكاملة اقتصاديًا، واقتصاد بايرين هو الثاني من حيث الحجم في ألمانيا ومن ضمن العشرة الأوائل في أوروبا.
في الآونة الأخيرة اضمحلت الفروق بين الكاثوليكوالبروتستانت لكن ثمة فرقًا يظل قائمًا يرتبط بما يسمى بالألمانية «استيعاب طبيعة الحياة» فأغلبية الكاثوليك تُميل إلى التمتع بالحياة وتعشق تقاليد الكرنفال على سبيل المثال. فضلًا عن تشديد المجتمعات الكاثوليكية على القيم والروابط الأسريّة - تتضمن الأسرة الممتدة - وقيم الضيافة والاحتفالات.[132] أمَّا البروتستانت فإنهم يرفضون مثل هذه الطقوس تمامًا إيمانًا منهم بالمسؤولية «الفردية» للمؤمن. فرق آخر قائم ذو طابع جمالي بحت. فالكاثوليك يعشقون زخرفة كنائسهم ويزينونها بصور قديسيهم وتماثيلهم الأمر الذي يرفضه الإنجيليون أيضًا. بالتالي فقد أصبحت كنائس البروتستانت منذ عهد لوثر وكالفن ولو ظاهريًا بمثابة أندية ثقافية تمارس فيها بجانب الطقوس الدينية أنماط الحوار المبنية على المساواة بين القسيس والمؤمن.[133]
السياسة
يضمن القانون الأساسي للجمهورية الألمانية حرية الأديان. لا توجد أقليات دينية مضطهدة رسمًيا. الكنائس تشارك بنشاط في الحياة الاجتماعية، وتعرب عن مواقفها من القضايا الراهنة سواء في لجان مجلس الأخلاق أو في الحصة المخصصة لها من ساعات بث محطات الإذاعة والتلفزيون العامة، كما تُسأل الكنيسة عن رأيها الخاص في بعض جلسات الاستماع في لجان البرلمان.[134]
نشأت الديموقراطية المسيحية في القرن التاسع عشر خصوصًا في بلجيكاوألمانيا باعتبارها مجموعات مصالح كاثوليكية تركز على تحقيق أهداف محدودة، بسبب حالة البؤس التي كان يعانيها العمال في تلك الفترة وبسبب تصاعد الحركات الاشتراكية النقابية، فظهرت هذه الحركات تحت مسمى «العمل الكاثوليكي الشعبي» والتي تطورت لاحقا لتُعرف بـ«الديموقراطية المسيحية»، والتي تعود جذورها الفلسفية لتوما الإكويني وأفكاره، وهناك من يعتقد أن الصراع بين الكنيسة والدولة كان أحد العوامل في ظهور «الديموقراطية المسيحية».[135] ويعتبر اللاهوتي الألماني فيلهلم إيمانويل فون كيتيلر أبرز منظري الديموقراطية المسيحية. وترأس الاتحاد الديمقراطي المسيحي مع أنغيلا ميركل الحكومة الألمانية.
في يونيو من عام 2018 بدء سريان مرسوم الصليب في بافاريا، وهو قانون ينص على تعليق الصلبان في مداخل مؤسسات الولاية الحكوميَّة من مدارس ومستشفيات ومؤسسات حكوميَّة. وكان رئيس الوزراء البافاري ماركوس زودر من الاتحاد الاجتماعي المسيحي. وكان ماركوس زودر قد قام في السابق بتعليق صليب على الجدار في مدخل مستشارية ولاية بافاريا بمدينة ميونيخ، وقد أشعل بذلك جدلاً في جميع أنحاء ألمانيا. حيث أكدَّ زودر أن الصليب لا يمثل ديانة، وإنما هو جزء من «الهوية التاريخية الثقافية لولاية بافاريا». داخل الكنائس كان رد الفعل على المرسوم زودر متبايناً، حيث رأى الكاردينال ورئيس أساقفة ميونيخ، إن «من يرى الصليب فقط كرمز ثقافي، فإنه لم يفهم. وليس من حق الدولة أن تشرح ماذا يعني الصليب». في المقابل رحب الأسقف الكاثوليكي في ريغنسبورغ، رودولف فودرهولتسير حيث قال «الاعتراف بالصليب كمفهوم للمعتقد المسيحي هو الذي يطبع بعمق أسس تعايشنا».[136]
العطل
الأعياد المسيحية مثل عيد الفصحوعيد الميلاد هي أيام عطلة على الصعيد الاتحادي بموجب الدستور. إلى ذلك تمنح بعض الولايات أيام عطلة إضافية بمناسبة أعياد أخرى للمذهبين الكاثوليكي والبروتستانتي. التعاون بين الكنيسة والدولة لا يتوقف عند هذا الحد، فمصلحة الضرائب تقوم بجباية ضريبة الكنيسة من ضريبة الدخل، وتتراوح قيمتها ما بين ثمانية إلى تسعة في المائة بناء على الولاية ووفقا لنوع الكنيسة أو الطائفة الدينية التي ينتمي إليها المواطن، وتقوم الكنائس بدفع مصاريف إدارية مقابل هذه الخدمة.[134]
التعليم
تربويًا تبقى مادة الدين مادةً إلزامية في المدارس العامة في جميع الولايات باستثناء برلينوبريمن. وهذا يعني أن التعريف بالدين هو مادة دراسية إلزامية لجميع أعضاء الطوائف الدينية مع اختلافها. ومع ذلك يمكن للوالدين طلب إعفاء طفلهما من هذه الدروس، كذلك يحق للتلميذ بعد سن الرابعة عشرة أن يقرر بنفسه إذا كان يرغب في الاستمرار في دروس الدين أو التوقف عنها.[134]
وفيما يتعلق بالتعليم الديني فإن اختيار طريق التعليم الديني الأكاديمي يتطلب عادة موافقة كنيسته، فالكنيسة تتدخل في اختيار أساتذة الكليات اللاهوتية في الجامعات التابعة للدولة، كما أنها تحدد أيضا محتوى المناهج التعليمية في تلك الجامعات، وذلك على خلاف التعليم المدرسي الذي لا تتدخل فيه الكنيسة.[134]
الوضع الحالي
وجدت دراسة قامت بها مركز بيو للأبحاث عام 2018 أنَّ حوالي 71% من الألمان قالوا أنهم مسيحيون وبحسب الدراسة تأتي الكاثوليكيَّة بمقدمة الطوائف المسيحيَّة مع حوالي 43% من السكان يليهم البروتستانت مع حوالي 28% من السكان، وأعتبر حوالي 49% أنفسهم مسيحيين اسميين وحوالي 22% قال أنه يُداوم على حضور القداس. عمومًا حصل حوالي 86% من مجمل الألمان على سر المعمودية، وقال حوالي 79% أنه تربى على التقاليد المسيحيَّة، بالمجمل قال حوالي 87% من الألمان الذين تربوا على التقاليد المسيحيَّة ما زالوا يعتبرون أنفسهم مسيحيين، في حين أنَّ النسبة المتبقيَّة معظمها لا تنتسب إلى ديانة.[137] حوالي 3% من المسيحيين في ألمانيا تربوا على تقاليد دينية غير مسيحيَّة وتحولوا للمسيحية لاحقاً.
وبحسب الدارسة قال 61% من المسيحيين الألمان أنَّ للدين أهميَّة في حياتهم، وقال 95% من المسيحيين الألمان المُداومين على حضور القداس أنهم يؤمنون بالله بالمقابل قال 77% من المسيحيين الإسميين ذلك.[137] ويُداوم حوالي 31% من المسيحيين الألمان على حضور القداس على الأقل مرة في شهر، ويصوم حوالي 13% منهم خلال فترات الصوم، ويرتدي 25% الرموز المسيحيَّة، ويُقدم حوالي 30% منهم الصدقة أو العُشور، ويُشارك 10% معتقداتهم مع الآخرين، في حين أنَّ 54% من المسيحيين يُداومون على الصلاة ويعتبر 53% منهم متدينين.[137]
كما وحصل 99% من مجمل المسيحيين الألمان على سر المعمودية، وقال 94% منهم أنه سيربي طفله على الديانة المسيحيَّة، يذكر أن حوالي 9% من غير المنتسبين لأي ديانة قال أنه سيربي طفله على الديانة المسيحيَّة. بحسب الدراسة أعرب حوالي 62% من الألمان المسيحيين بأنَّ هويتهم المسيحيَّة هي مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لهم، ويوافق 44% منهم على التصريح أنَّ المسيحية هي عاملًا هامًا لكي تكون وطنيًا. وقال 89% منهم أنه يعرف «الكثير» عن المسيحية.[137]
على المستوى الاجتماعي والسياسي قال 65% من الألمان المسيحيين أن الكنائس تلعب دورًا إيجابيًّا في مساعدة الفقراء والمحتاجين، وعبرَّ 76% من المسيحيين الملتزمين للغاية عن وجهات نظر إيجابية للمؤسسات الدينية مقابل 36% من المسيحيين الأقل التزاماً. ورفض 78% من الألمان المسيحيين القول أنَّ «العِلم يجعل الدين غير ضروري في حياتي!»، كما وقال 2% من الألمان المسيحيين أن تعاليم المسيحيَّة تُروج للعنف مقابل 19% منهم قال أن تعاليم الإسلام تُروج للعنف، كما وقال حوالي 39% منهم أنه يعرف شخص يهودي على المستوى الشخصي، ويعرف حوالي 71% شخص ملحد على المستوى الشخصي، ويعرف حوالي 66% شخص مُسلم على المستوى الشخصي. وقال 19% من الألمان المسيحيين أنهم غير مستعدين لتقبل اليهود داخل عائلتهم، بالمقابل يقول 51% من الألمان الكاثوليك وحوالي 16% من الألمان البروتستانت بأنه غير مستعد لتقبل المسلمين داخل عائلتهم. يذكر أنه وفقاً لمركز بيو للأبحاث 96% من المسيحيين الألمان متزوجون من أشخاص من نفس الديانة.[137]
مراجع
^ ابجدهو"Full List". مؤرشف من الأصل في 2020-08-07. اطلع عليه بتاريخ 2020-08-21.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^Friedrich Nietzsche (trans. والتر كوفمان), The Portable Nietzsche, 1976, p. 96.
^Glauben Sie, Professor Grünberg, als Naturwissenschaftler an Gott? — Peter Grünberg: Ja, natürlich. Ich bin streng katholisch aufgewachsen und denke, einiges dabei gewonnen zu haben. Aber ich halte es mit Lessings Ringparabel. Welcher der drei Ringe ist der echte? – Grünberg states he believes in God, was raised strictly Catholic, and adheres to Lessing's Ring Parable in an interview with غيرهارد إرتل and Peter Grünberg at cicero.deنسخة محفوظة 12 أكتوبر 2013 على موقع واي باك مشين.
^Ericksen & Heschel, Betrayal: German churches and the Holocaust, p.10, Fortress Press.
^Gelder، Craig Van (2008). The Missional Church and Denominations. Wm. B. Eerdmans Publishing. ص. 71. ISBN:9780802863584. مؤرشف من الأصل في 2022-04-05. Germany's two churches (the National Church for the Protestants and the Roman Catholic Church) were "proper"with respect to their polities.
^Reformation Europe: 1517–1559, London: Fontana, 1963, 53; Diarmaid MacCulloch, Reformation: Europe's House Divided, 1490–1700, London: Allen Lane, 2003, 132.
^Luther, Martin. "Letter 82," in Luther's Works. Jaroslav Jan Pelikan, Hilton C. Oswald and Helmut T. Lehmann (eds), Vol. 48: Letters I, Philadelphia: Fortress Press, 1999, c1963, 48:246; Mullett, 133. يوحنا البطمسي، author of وحي، had been exiled on the island of Patmos.
^Lindberg, Carter. "The European Reformations: Sourcebook". Blackwell Publishing Ltd., 2000. pg. 49. Original sourcebook excerpt taken from "Luther's Works". St. Louis: Concordia/Philadelphia: Fortress Press, 1955–86. ed. Jaroslav Pelikan and Helmut T. Lehmann, vol. 35. pgs. 182, 187–189, 195.
^Daniel Weissbort and Astradur Eysteinsson (eds.), Translation—Theory and Practice: A Historical Reader, Oxford: Oxford University Press, 2002, ISBN 0-19-871200-6, 68.
^النزعات الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام، كارين آرمسترونغ، ترجمة محمد الجورا، دار الكلمة، طبعة أولى، دمشق 2005، ص.92
^Negotiating the French Pox in Early Modern Germany by Claudia Stein
^Douglas W. Hatfield, "Kulturkampf: The Relationship of Church and State and the Failure of German Political Reform," Journal of Church and State (1981) 23#3 pp. 465-484 in JSTOR(1998) نسخة محفوظة 03 أبريل 2019 على موقع واي باك مشين.
^Christopher Clark, "Confessional policy and the limits of state action: Frederick William III and the Prussian Church Union 1817–40." Historical Journal 39.#4 (1996) pp: 985–1004. in JSTORنسخة محفوظة 11 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
^Theodore S. Hamerow; On the Road to the Wolf's Lair - German Resistance to Hitler; Belknap Press of Harvard University Press; 1997; ISBN 0-674-63680-5; p. 136
^Theodore S. Hamerow; On the Road to the Wolf's Lair - German Resistance to Hitler; Belknap Press of Harvard University Press; 1997; ISBN 0-674-63680-5; p. 196
^* ألان بولوك؛ Hitler: A Study in Tyranny; HarperPerennial Edition 1991; p 219: "Once the war was over, [Hitler] promised himself, he would root out and destroy the influence of the Christian Churches, but until then he would be circumspect"
Michael Phayer؛ The Response of the German Catholic Church to National Socialismنسخة محفوظة 20 يناير 2019 على موقع واي باك مشين., published by ياد فاشيم: "By the latter part of the decade of the Thirties church officials were well aware that the ultimate aim of Hitler and other Nazis was the total elimination of Catholicism and of the Christian religion. Since the overwhelming majority of Germans were either Catholic or Protestant this goal had to be a long-term rather than a short-term Nazi objective."
وليام شيرر, Rise and Fall of the Third Reich: A History of Nazi Germany, p. p 240, Simon and Schuster, 1990: "under the leadership of Rosenberg, Bormann and Himmler—backed by Hitler—the Nazi regime intended to destroy مسيحية in ألمانيا, if it could, and substitute the old paganism of the early tribal Germanic gods and the new paganism of the Nazi extremists."
أنطون جيل (1994). An Honourable Defeat; A History of the German Resistance to Hitler. Heinemann Mandarin. 1995 paperback ISBN 978-0-434-29276-9, pp. 14–15: "[the Nazis planned to] de-Christianise Germany after the final victory".
ريتشارد جي إيفانز؛ The Third Reich at War; Penguin Press; New York 2009, p. 547
Ian Kershaw; Hitler a Biography; 2008 Edn; WW Norton & Company; London p.661
Ian Kershaw; The Nazi Dictatorship: Problems and Perspectives of Interpretation; 4th Edn; Oxford University Press; New York; 2000"; pp. 173–74
روجر غريفينFascism's relation to religion in Blamires, Cyprian, World fascism: a historical encyclopedia, Volume 1, p. 10, ABC-CLIO, 2006: "There is no doubt that in the long run Nazi leaders such as Hitler and Himmler intended to eradicate Christianity just as ruthlessly as any other rival ideology, even if in the short term they had to be content to make compromises with it."
Dill, Marshall, Germany: a modern history , p. 365, University of Michigan Press, 1970: "It seems no exaggeration to insist that the greatest challenge the Nazis had to face was their effort to eradicate Christianity in Germany or at least to subjugate it to their general world outlook."
Bendersky, Joseph W., A concise history of Nazi Germany, p. 147, Rowman & Littlefield, 2007: "Consequently, it was Hitler's long range goal to eliminate the churches once he had consolidated control over his European empire." "نسخة مؤرشفة"(PDF). مؤرشف من الأصل في 2017-10-10. اطلع عليه بتاريخ 2016-09-17.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^Ian Kershaw; Hitler a Biography; 2008 Edn; W.W. Norton & Co; London; pp. 381–82
^Peter Longerich; Heinrich Himmler; Translated by Jeremy Noakes and Lesley Sharpe; Oxford University Press; 2012; p.265
^Kenneth Sidwell, Reading Medieval Latin (Cambridge University Press, 1995) takes the end of Otto III's reign as the close of the Ottonian Renaissance.
^Kuehn, M. (2001). Kant: A biography. New York: Cambridge University Press. p 169
^Hegel، Georg Wilhelm Friedrich (1971). Early Theological Writings. ترجمة: Knox، T. M. Chicago University Press.
^ ابجFahlbusch, Erwin and Bromiley, Geoffrey William. The Encyclopedia of Christianity. Grand Rapids, MI: Leiden, Netherlands: Wm. B. Eerdmans; Brill, 1999–2003, 1:244.
^ ابWolfram Kaiser, Helmut Wohnout. Political Catholicism in Europe, 1918–45. London, England; New York City, USA: Routledge, 2004. P. 40.
^S. Lott، Elizabeth (2019). The Holy Roman Empire: A Historical Encyclopedia [2 volumes]. ABC-CLIO. ص. 293. ISBN:9781440848568. ... because even though Augsburg welcomed Protestants during and after the Reformation, the Fugger family remained Catholic.
^Erich Dinkler, "Planck, Max", in Die Religion in Geschichte und Gegenwart, Third Edition, Volume V, Tübingen (Germany), 1961, col. 404–405
^Moore, Lance (2019). A God Beyond Belief: Reclaiming Faith in a Quantum Age. John Hunt Publishing, UK
^Marganau, Henry (1985). "Why am I a Christian". Truth Journal, Vol. I
^Stoltzenberg، Dietrich (2004). Fritz Haber : Chemist, Nobel laureate, German, Jew. Philadelphia: Chemical Heritage Foundation. ISBN:978-0-941901-24-6.
^Lenard, Philipp (1914). Probleme komplexer Moleküle (Problems of complex molecules) (بالألمانية).
^Stuhlinger, Ernst & Ira Ordway, Frederick. 1994. Wernher von Braun, crusader for space: a biographical memoir. Krieger Pub, p. 270
^Glauben Sie, Professor Grünberg, als Naturwissenschaftler an Gott? — Peter Grünberg: Ja, natürlich. Ich bin streng katholisch aufgewachsen und denke, einiges dabei gewonnen zu haben. Aber ich halte es mit Lessings Ringparabel. Welcher der drei Ringe ist der echte? – Grünberg states he believes in God, was raised strictly Catholic, and adheres to Lessing's Ring Parable in an interview with غيرهارد إرتل and Peter Grünberg at cicero.deنسخة محفوظة 2007-11-30 على موقع واي باك مشين.
^Till Weishaupt (ديسمبر 2007). "Glauben Sie an Gott?". Cicero. مؤرشف من الأصل في 2016-12-22. اطلع عليه بتاريخ 2014-09-03. Translated from German: Oh, yes, I believe in God. (...) I am a Christian and I try to live as a Christian (...) I read the Bible very often and I try to understand it.
^Barr, Stephen M. Modern Physics and Ancient Faith. Notre Dame, IN: University of Notre Dame, 2006.
^Grant, Edward. God and Reason in the Middle Ages. Cambridge: Cambridge University Press, 2001.
^Lindberg, David C. The Beginnings of Western Science. Chicago: University of Chicago Press, 1992.
^Watson، J.R. (2003). An Annotated Anthology of Hymns. Oxford: Oxford University Press. ص. 10–11, 19. ISBN:0-19-926583-6.
^ ابHall, James, Hall's Dictionary of Subjects and Symbols in Art, 1996 (2nd edn.), John Murray, (ردمك 0719541476)
^Mitchell Benjamin Frank. Romantic Painting Redefined: Nazarene Tradition and the Narratives of Romanticism. Ashgate Publishing, 2001; (ردمك 0-7546-0477-2)
^Banister Fletcher, A History of Architecture on the Comparative Method
^Davies، Martin (1996). The Gutenberg Bible. British Library. ISBN:0-7123-0492-4.
^Perry, Joe (27 Sep 2010). Christmas in Germany: A Cultural History (بالإنجليزية). University of North Carolina Press. p. 32. ISBN:9780807899410. Archived from the original on 2021-10-27. A chronicle from Stasbourg, written in 1604 and widely seen as the first account of a Christmas tree in German-speaking lands, records that Protestant artisans brought fir trees into their homes in the holiday season and decorated them with "roses made of colored paper, apples, wafers, tinsel, sweetmeats, etc."... The Christmas tree spread out in German society from the top down, so to speak. It moved from elite households to broader social strata, from urban to rural areas, from the Protestant north to the Catholic south, and from Prussia to other German states.
^Larsen, Timothy (2020). The Oxford Handbook of Christmas (بالإنجليزية). Oxford University Press. p. 151. ISBN:978-0-19-883146-4. Similarly, Christmas markets (aka Christkindlsmarkt) are common during Advent, a Reformation era tradition that has spread from Germany to other countries.
^Weber, Max "The Protestant Ethic and The Spirit of Capitalism" (Penguin Books, 2002) translated by Peter Baehr and Gordon C. Wells
^Calvin's position is expressed in a letter to a friend quoted in Le Van Baumer، Franklin, editor (1978). Main Currents of Western Thought: Readings in Western Europe Intellectual History from the Middle Ages to the Present. New Haven: Yale University Press. ISBN:0-300-02233-6. {{استشهاد بكتاب}}: |الأول= باسم عام (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Pritchard، Colin Pritchard (2006). Mental Health Social Work: Evidence-Based Practice. Routledge. ص. 111. ISBN:9781134365449. in cultures with stronger 'extended family traditions', such as Asian and Catholic countries
1 كُلياً داخل آسيا، ولكن تاريخياً مصنفة كدولة أوروبية. 2 جزئياً أو كلياً داخل آسيا، حسب الحدود. 3 معظم أراضيها في آسيا.
4 جغرافياً هي جزء من إفريقيا، ولكن تاريخياً مصنفة كدولة أوروبية.
أخلاقيات الثقافة الأعلام والتراجم الجغرافيا التاريخ الرياضيات العلوم المجتمع التقانات الفلسفة الأديان فهرس البوابات عدل بوابة أخلاقيات مرحبا بكم في بوابة الأخلاقيات. هذه البوابة م
РитсенRitzing Країна Франція Регіон Гранд-Ест Департамент Мозель Округ Тьйонвіль Кантон Сьєрк-ле-Бен Код INSEE 57585 Поштові індекси 57480 Координати 49°26′13″ пн. ш. 6°27′43″ сх. д.H G O Висота 284 - 398 м.н.р.м. Площа 6,15 км² Населення 136 (2011-01-01) Густота 22,11 ос./км² Розміще
El «Diccionario Even-Shoshan» (en hebreo: מילון אבן-שושן) es un diccionario compilado y publicado por el lexicógrafo y judío israelí Avraham Even-Shoshan. Inicios como lexicógrafo El interés de Avraham Even-Shoshan por la lexicografía hebrea comenzó durante sus primeros años escolares: A principios de los años 1930, cuando yo era un joven profesor, el supervisor Dr. Eliezer Rieger me pidió que participara en el equipo de asistentes para determinar el vocabulario básic...
Молоді британські митці Оригінальна назва англ. Young British Artists, Brit artists, YBAДата заснування 1992Тип творче об'єднання Молоді британські митці у Вікісховищі Молоді британські митці або Брітарт (англ. Young British Artists, Brit artists, YBA) — умовна назва групи сучасних художників та художн
Trần Văn HữuThủ tướng kiêm Bộ trưởng Ngoại giaoChính phủ Quốc gia Việt NamNhiệm kỳ7 tháng 5 năm 1950 – 3 tháng 6 năm 1952(2 năm, 27 ngày)Quốc trưởngBảo ĐạiTiền nhiệmNguyễn Phan LongKế nhiệmNguyễn Văn TâmPhó thủ tướngPhan Huy Quát(1/1950-2/1951)Nguyễn Khắc Vệ(2/1951-3/1952)Thủ hiến Nam phần, Quốc gia Việt NamNhiệm kỳ14 tháng 7 năm 1949 – 21 tháng 1 năm 1950(191 ngày)Th
1999 studio album by Brendan PerryEye of the HunterStudio album by Brendan PerryReleased4 October 1999 (UK)RecordedQuivvy Church, IrelandGenreFolk rock, dream popLength42:10Label4AD (CAD 9015)ProducerBrendan PerryBrendan Perry chronology Eye of the Hunter(1999) Ark(2010) Eye of the Hunter is the debut solo album by Brendan Perry, previously the male half of the band Dead Can Dance. The album was released by 4AD on 4 October 1999 in the UK and a day later in the US. Overview The album'...
American streamer and cosplayer (born 1998) This biography of a living person needs additional citations for verification. Please help by adding reliable sources. Contentious material about living persons that is unsourced or poorly sourced must be removed immediately from the article and its talk page, especially if potentially libelous.Find sources: Emiru – news · newspapers · books · scholar · JSTOR (August 2022) (Learn how and when to remove this t...
For other uses, see Hotel Senator (disambiguation). United States historic placeHotel SenatorU.S. National Register of Historic Places Show map of Sacramento, CaliforniaShow map of CaliforniaShow map of the United StatesLocation1121 L Street, Sacramento, CaliforniaCoordinates38°34′39″N 121°29′31″W / 38.577574°N 121.492076°W / 38.577574; -121.492076Area.87 acres (0.35 ha)Built1923–1924ArchitectKenneth MacDonald and G. Albert LansburghArchitectural...
Michael BarnesThông tin cá nhânTên đầy đủ Michael Thomas BarnesNgày sinh 24 tháng 6 năm 1988 (35 tuổi)Nơi sinh Chorley, Lancashire, AnhVị trí Tiền vệ cánh tráiThông tin câu lạc bộĐội hiện nay Charnock RichardSự nghiệp cầu thủ trẻ000?–2005 Lancaster City2005–2008 Manchester UnitedSự nghiệp cầu thủ chuyên nghiệp*Năm Đội ST (BT)2006–2008 Manchester United 0 (0)2008 → Chesterfield (cho mượn) 3 (0)2008 → Shrewsbury Town...
Latvian politician Pēteris Juraševskis8th Prime Minister of Latvia8th Prime Minister of the 1st RepublicIn office24 January 1928 – 30 November 1928PresidentGustavs ZemgalsPreceded byMarģers SkujenieksSucceeded byHugo Celmiņš Personal detailsBorn(1872-04-04)4 April 1872Sesava parish, Russian EmpireDied10 January 1945(1945-01-10) (aged 72)Jelgava, Latvian SSRPolitical partyDemocratic CentreAlma materSaint Petersburg Imperial UniversityProfessionLawyer Pēteris Juraševskis ...
Chinese politician (born 1950) This article is an orphan, as no other articles link to it. Please introduce links to this page from related articles; try the Find link tool for suggestions. (May 2023) Xiu Fujin (born December 1950) is a politician of the People's Republic of China who is currently the Vice Chairman of the Central Committee. Biography In 2008, he was elected as a member of the Standing Committee of the Eleventh National Committee of the Chinese People's Political Consultative ...
American film director (b. 1970) Tanya WexlerWexler in 2011Born (1970-08-06) August 6, 1970 (age 53)Chicago, Illinois, U.S.Alma materYale University Columbia University (MFA)OccupationFilm directorYears active1998–presentChildren4ParentJerrold Wexler (father)RelativesDaryl Hannah (half-sister) Page Hannah (half-sister) Haskell Wexler (uncle) Tanya Wexler (born August 6, 1970) is an American film director. Wexler has been working in the film industry since 1998, when her f...
German independent record label SPV GmbHParent companyNapalm RecordsFounded1 January 1984FounderManfred SchützDistributor(s)SPV (Germany)(1984–present)Plastic Head Distribution (UK)ADA/MVD/eOne (North America)Season of Mist/Modulor (France)Suburban Records (Benelux)Musikvertrieb AG (Switzerland)Hoanzl (Austria)Border Music (Nordics)PIAS (Spain)Audioglobe (Italy)Compact (Portugal)Mystic (Eastern Europe)Soyuz Music (Russia)H-Music (Hungary)MGM Distribution (Australia)Diskunion (Japan)The Orc...
Borough in Monmouth County, New Jersey, United States Borough in New Jersey, United StatesWest Long Branch, New JerseyBoroughMurry Guggenheim House SealLocation of West Long Branch in Monmouth County highlighted in red (left). Inset map: Location of Monmouth County in New Jersey highlighted in orange (right).Census Bureau map of West Long Branch, New JerseyWest Long BranchLocation in Monmouth CountyShow map of Monmouth County, New JerseyWest Long BranchLocation in New JerseyShow map of New Je...
Использование метода FISH для детекции филадельфийской хромосомы Цитогене́тика (от греч. κύτος — «клетка» и γενητως — «происходящий от кого-то») — раздел генетики, изучающий закономерности наследственности во взаимосвязи со строением и функциями органоидов, в о...
Vaksin COVID-19 Moderna, salah satu vaksin RNA yang pertama kali mendapat izin penggunaan oleh badan pengawas obat. Vaksin COVID-19 Moderna dan Pfizer–BioNTech adalah vaksin RNA pertama yang mendapat izin untuk digunakan pada manusia. Negara yang telah mengizinkannya ditandai dengan warna ungu (Pfizer–BioNTech), hijau (Moderna), dan loreng (keduanya). Vaksin RNA atau vaksin mRNA adalah jenis vaksin yang menggunakan sebuah molekul alamiah yaitu RNA duta (dikenal juga dengan singkatan bahas...
Former electorate in Wellington, New Zealand Western Hutt electorate boundaries between 1993 and 1996. Western Hutt was a New Zealand parliamentary electorate from 1969 to 1996. Population centres Through an amendment in the Electoral Act in 1965, the number of electorates in the South Island was fixed at 25, an increase of one since the 1962 electoral redistribution.[1] It was accepted that through the more rapid population growth in the North Island, the number of its electorates wo...
هذه المقالة تحتاج للمزيد من الوصلات للمقالات الأخرى للمساعدة في ترابط مقالات الموسوعة. فضلًا ساعد في تحسين هذه المقالة بإضافة وصلات إلى المقالات المتعلقة بها الموجودة في النص الحالي. (يوليو 2019) منتخب كوبا لكرة الصالات بلد الرياضة كوبا تعديل مصدري - تعديل منتخب كوبا ...
Strategi Solo vs Squad di Free Fire: Cara Menang Mudah!