كلمة الإسلام يُبحث عنها في المعجم في «سلم»، وهي مصدر لفعل رباعي هو «أسلم». ويُعرَّف الإسلام لُغويًا بأنه الاستسلام والخضوع والانقياد،[52] والمقصود الاستسلام لأمر الله ونهيه بلا اعتراض، وقيل هو الإذعان والانقياد لله بالطاعة والخلوص من الشرك وترك التمرّد والإباء والعناد ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ١٣١﴾ [البقرة:131].[53][54]
أما معناه الاصطلاحي، فهو الدين الذي جاء به «محمد بن عبد الله»، والذي يؤمن المسلمون بأنه الشريعة التي ختم الله بها الرسالات السماوية. وفي حديث عن «أبي هريرة» أن النبي محمد عرّف الإسلام: «بأن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان وتحج بيت الله».[55]
يؤمن المسلمون بأن الله هو الإله الواحد الذي خلق الكون بكل ما فيه، وأوحى القرآن للنبي محمد عن طريق جبريل، ويؤمنون بأنه الرسالة الخاتمة للرسالات التي بعث بها الأنبياء الذين سبقوه.[59] والأنبياء هم بشر من بني آدم اختارهم الله ليكونوا رسله. ويعتقد المسلمون أن الأنبياء هم بشر وليسوا آلهة، وإن كان بعضهم منحه الله القدرة على صنع المعجزات لإثبات نبوتهم. الأنبياء في المعتقد الإسلامي يعتبروا الأقرب إلى الكمال من البشر، وهم من يتلقى الوحي الإلهي، إما مباشرة من الله، أو عن طريق الملائكة. يذكر القرآن أسماء العديد من الأنبياء، بما في ذلك آدمونوحوإبراهيموموسىوعيسى وغيرهم.[60] وبحسب القرآن فإن كافة الأنبياء كانوا مسلمين يدعون إلى الإسلام ولكن بشرائع مختلفة.[61][62] يُعرّف الإسلام في القرآن بأنه «فطرة الله التي فطر الناس عليها»: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٣٠﴾ [الروم:30]، كما يؤمن المسلمون بأن الحنيفية هي أساس دين إبراهيم. ويرون أن الاختلاف بين الأديان الإبراهيمية في الشريعة فقط وليس في العقيدة وأن شريعة الإسلام ناسخة لما قبلها من الشرائع. أي أن الدين الإسلامي يتكون من العقيدة والشريعة. فأما العقيدة فهي مجموعة المبادئ التي على المسلم أن يؤمن بها وهي ثابتة لا تختلف باختلاف الأنبياء. أما الشريعة فهي اسم للأحكام العملية التي تختلف باختلاف الرسل.[63][64]
يعد أساس الإسلام هو الإيمان بالإله الواحد وهو الله. و أنه أزلي دائم، حي لا يموت، ولا يغفل، عدل لا يظلم، لا شريك له ولا ند، ولا والد ولا ولد، رحمن رحيم، يغفر الذنوب ويقبل التوبة ولا يفرق بين البشر إلا بأعمالهم الصالحة. وهو خالق الكون ومطلع على كل شيء فيه ومتحكم به. وفي المعتقد الإسلامي؛ الله ليس كمثله شيء وهو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم،[65] أي أنه مغاير تمامًا لكل مخلوقاته وبعيد عن تخيلات البشر، لهذا فلا يوجد له صورة أو مجسم، إنما يؤمن المسلمون بوجوده ويعبدونه دون أن يروه، وهو نفسه إله بني إسرائيل﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٩٠﴾ [يونس:90]. كما أن الله في الإسلام واحد أحد وشخص واحد وليس عدة أشخاص، لهذا يرفض المسلمون عقيدة الثالوث المسيحي بوجود الله في ثلاثة أقانيم، فضلاً عن رفض ألوهية المسيح الذي هو بشر رسول في العقيدة الإسلامية،[66] ومن أهم السور التي يستدل المسلمون بها على ذلك، سورة الإخلاص: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤﴾ [الإخلاص:1–4].[67]
يقول بعض الباحثين أن كلمة «الله» العربية المستخدمة إسلاميًا للدلالة على ذات الرب، إنما هي مكونة من قسمين: «الـ» و«إله»، بينما يقول أخرون أن جذورها آرامية ترجع لكلمة «آلوها».[68] ولله في الإسلام عدة أسماء وردت في القرآن، وهناك تسعة وتسعين اسمًا اشتهرت عند المسلمين السنة باسم «أسماء الله الحسنى»، وهي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد لله وردت في القرآن أو على لسان أحد من الرسل وفق المعتقد السني،[69] ومنها: الملك، القدّوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبّار، القابض، الباسط، الوكيل، الأول، الرؤوف، ذو الجلال والإكرام، وغيرها. والحقيقة أن هناك خلاف حول عدد الأسماء الحسنى بين علماء السنة، وخلاف حول الأسماء الحسنى ذاتها. إلا أن البعض رجح أن عددها تسعة وتسعين وفقًا لحديث أورده البخاري عن الرسول محمد أنه قال: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مئةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة».[70][71]
يعد الإيمان بالملائكة أحد أساسيات الإسلام. وفقًا للقرآن، فإن الملائكة لا تملك الإرادة الحرة، إنما خلقوا لطاعة الله وتسبيحه وتنفيذ أوامره، فهم لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون، بل عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.[72] تشمل مهام الملائكة توصيل الوحي، حمل عرش الله، تمجيد الله، تدوين أعمال الشخص من سيئات وحسنات وقبض روحه حين وفاته وغيرها. ويؤمن المسلمون أن الله خلق الملائكة من نور كما خلق الجان من نار، وخلق آدم من طين، وأنها ذات أجنحة يطيرون بها ليبلغوا ما أمروا به سريعًا، وأجنحة الملائكة «مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ» ومنهم من له أكثر من ذلك، ففي الحديث أن النبي محمد رأى جبريلليلة الإسراء وله ستمئة جناح.[73]
كذلك يؤمن المسلمون أن الكائنات جميعًا ترى الملائكة إلا الإنسان، لقول النبي محمد: "إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا".[72] ومن الملائكة المذكورة في القرآن بأسمائها: جبريلوميكائيل، وذلك في سورة البقرة: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ٩٨﴾ [البقرة:98]، وهاروت وماروت في نفس السورة: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ١٠٢﴾ [البقرة:102]، وملك الموت، الذي لم يذكر له اسم آخر في القرآن، في سورة السجدة: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ١١﴾ [السجدة:11]. ومن الملائكة الأخرى المذكورة بدون اسم في القرآن: إسرافيل، رضوان، الزبانية، حملة العرش، الحفظة، والكرام الكاتبون.[معلومة 1] ولا يرمز المسلمون إلى الملائكة بأسمائها فقط احترامًا لها، بل يعظموها ويسلمون عليها، فيقولون على سبيل المثال: «جبريل» أو «جبريل عليه السلام».
يعتبر المسلمون أن القرآن كلام الله الحرفي.[74] وأن آياته أنزلت، بلسان عربيّ مبين،[75] على محمد من الله عن طريق المَلَك جبريل في مناسبات عديدة منذ بعثته حوالي عام 610م حتى وفاته في 8 يونيو سنة 632م.[76] وقد تم تدوين القرآن بواسطة بعض صحابة محمد في حياته، إلا أنه لم يتم جمعه في كتاب واحد في ذلك الحين. وقد جُمع القرآن في كتاب واحد لأول مرة في زمن أبي بكر الصديق، الخليفة الأول، ثم تم نسخه في عدة نسخ وتوزيعها علي مختلف الأمصار المسلمة في عهد عثمان بن عفان، الخليفة الثالث. ويؤمن المسلمون بأن القرآن لم يتغير وبأن الله قد تكفل بحفظه. ويجمع المسلمون بمختلف طوائفهم على نسخة واحدة منه حتى الآن.[77][78]
ينقسم القرآن إلى 114 سورة، ويحتوي على 6236 آية. ويوجد بالقرآن آيات مكية وأخرى مدنية. فأما المكية فهي التي نزلت قبل الهجرة، وكانت تركز أساسًا على بناء العقيدة والإيمان وكذلك المواضيع الأخلاقية والروحية. أما الآيات المدنية اللاحقة فنزلت بعد الهجرة وتهتم بالتشريع والأحكام وبمناقشة القضايا الاجتماعية والأخلاقية اللازمة لبناء المجتمع المسلم خصوصًا والبشري عمومًا.[79] والقرآن أكثر انشغالاً بالتوجيه المعنوي من التعليمات القانونية، ويعتبر الكتاب المرجعي «للمبادئ والقيم الإسلامية».[80] ويعتبر معظم المسلمين أن القرآن إلى جانب السنة النبوية هما المصدران الأساسيان للتشريع الإسلامي. كلمة القرآن مشتقة من «القراءة»، وتعتبر قراءة القرآن أحد أهم العبادات في الإسلام، ويُقرأ القرآن باللغة العربية ولا يجوز تلاوته للتعبد بلغة أخرى. وعلى الرغم من وجود نسخ مترجمة من القرآن بمختلف لغات العالم، إلا أنها لا تسمى «قرآنا» ولا تعدو مجرد كونها تفاسير لمعاني القرآن باللغات الأخرى، حيث تستمد قدسية القرآن من حرفيته، وهو ما لا يتاح في الترجمة بسبب الاختلافات اللغوية وأخطاء المترجمين.[81]
وكما يؤمن المسلمون بالقرآن فإنهم كذلك يؤمنون بأن الكتب السابقة على نزول القرآن نزلت من عند الله على بعض الأنبياء، كالتوراة التي نزلت على موسى، والزبور المنزل على داود، وصحف إبراهيم، والإنجيل المنزل على المسيح عيسى بن مريم، ويعتقدون أن القرآن ناسخ وملغي لما فيها من شرائع، كما يعتقدون أن النسخ الحالية لهذه الكتب طرأ عليها التحريف،[82] والإيمان بهذه الكتب شرط في الإيمان عند المسلمين ومن جحد نزولها يعد كافرًا. ومن الآيات التي يستدل بها المسلمون على ذلك، الآيات التي وردت في سورة المائدة: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ٤٤ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٤٥ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ٤٦ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤٧ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ٤٨﴾ [المائدة:44–48].
يُعرّف الأنبياء في الإسلام بأنهم أشخاص اصطفاهم الله ليكونوا رسله للناس، وهم مجرد بشر لكن الله يعطيهم القدرة على عمل المعجزات لإثبات نبوتهم، فمعجزة النبي سليمان على سبيل المثال كانت التحدث بلغة الطيور ورؤية الجان، ومعجزة المسيحعيسى ابن مريم كانت الولادة بدون أب وإبراء المرضى وإقامة الموتى وكلامه وهو ما زال رضيعًا، أما معجزة محمد فهو القرآن بحد ذاته. ويعتقد المسلمون بأن كل الأنبياء كانوا يدعون إلى دين الإسلام ولكن برسالات مختلفة، أي أنهم دعوا إلى ذات المبادئ التي يدعوا إليها الإسلام ولكن وفق ما دعت إليه ظروف عصرهم وأحوال شعبهم، وكانت آخر هذه الرسالات رسالة محمد بن عبد الله الذي يعتبرها المسلمون الرسالة الخاتمة وأنه لا أنبياء بعده. ومحمد هو نبي الإسلام، ولا ينظر إليه المسلمون باعتباره مؤسسًا لدين جديد، ولكن مرمم ومجدد للإسلام الأصلي، وعقيدة التوحيد التي أنزلها الله على الأنبياء من قبل كآدموإبراهيموموسىوعيسى وغيرهم.[83] يُنظر إلى محمد في التقاليد الإسلامية، على أنه آخر وأعظم الأنبياء.[84]
على مدى السنوات الثلاث والعشرين الأخيرة من حياته، أي ابتداء من سن الأربعين، تلقي محمد الوحي من الله عن طريق الملك جبريل، وهو القرآن، وتم حفظه وتسجيله من قبل أتباعه.[85] وكما يؤمن المسلمون بمحمد فإنهم يؤمنون بآدمونوحوإبراهيموموسىوداودوسليمانوعيسى المسيح وغيرهم كأنبياء من عند الله. والرسل في الإسلام يمثلون الكمال الإنساني في أرقى صوره وهم أطهر البشر قلوبًا وأزكاهم أخلاقًا وأقواهم قريحة وعقلاً، ويعتقد المسلمون أن الله اصطفى آل إبراهيم وبعث من ذريته جميع الرسل وصولاً إلى محمد ليدعوا الناس إلى عبادته ولا يشركوا به شيئا.[86]
ورد في القرآن ذكر لخمسة وعشرين نبيًا،[87] بعضهم ذُكر في الإنجيلوالتوراة بنفس الاسم، كالنبي إبراهيموإسحقويعقوبويوسفوآدم، والبعض ذُكر تحت أسماء أخرى مثل النبي يحيى، الذي يُدعى «يوحنا المعمدان» في الكتاب المقدس، وبعضهم ذُكر في تلك الكتب ولم يُذكر في القرآن وإنما ذُكر في الحديث النبوي، مثل النبي دانيال.[88][89] ويُعظم المسلمون الأنبياء ويسلمون عليهم ولا يدعوهم بأسمائهم المجردة احترامًا وتقديرًا لهم، فيقولون على سبيل المثال: «محمد» صلى الله عليه وسلم، «عيسى المسيح» عليه السلام، «أبانا آدم» عليه السلام، اعتقادًا أن آدم هو أبو البشر كما ورد أيضًا في الكتاب المقدس. يرفض المسلمين السنة تصوير الأنبياء والرسل في أي شكل، سواء في رسم أو تمثال أو تقمص أحد الناس لشخصيتهم في عمل تمثيلي، في حين يبيح الشيعة رسم الأنبياء، وتوجد عدة رسوم فارسية لمحمد والأئمة والملائكة. وقد وردت بعض الأحاديث التي تفيد بهيئة بعض الأنبياء.[معلومة 2]
يوم القيامة، أو يوم الدين، أو اليوم الآخر، أو غيرها من الأسماء التي وردت في القرآن، هو يوم الحساب في العقيدة الإسلامية. وفيه نهاية العالم والحياة الدنيا ويجمع الله جميع الناس لمحاسبتهم على أعمالهم ومن ثم يكون مثواهم الجنة أو النار.[90] حيث يدخل الجنة -وهي النعيم في العقيدة الإسلامية- من آمن بالله وحده وكانت أعماله صالحة ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ١٧﴾ [الطور:17]، ويُعذب في جهنم -وهي الجحيم في الإسلام- من كفر وأشرك بالله ومن كانت أعماله سيئة في الحياة الدنيا ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ١٣ هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ١٤ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ ١٥ اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٦﴾ [الطور:13–16]. ويتناول القرآن والأحاديث وصف أحداث يوم القيامة وأهوالها، وعلامات اقترابها. كما يصف النعيم في الجنة والمتع التي يتمتع بها المرء هناك، كذلك يصف عذاب جهنم ومعاناة المذنبين فيها. يذكر في القرآن أن الله وحده يعلم موعد قيام الساعة، ولا يعلمها أحد من خلقه، وأن الساعة تأتي بغتة دون توقع من أحد. ويؤمن المسلمون السنة أن هناك علامات ليوم القيامة تنقسم إلى جزئين: العلامات الصغرى والعلامات الكبرى.[91] ويذكر القرآن أهوال يوم القيامة، منها ما جاء في سورة التكوير: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ١ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ٢ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ٣ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ٤ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ٥ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ٦ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٧ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ٨ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ٩﴾ [التكوير:1–9]،[92]وسورة الانفطار﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ١ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ ٢ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ٣ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ٤ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ٥﴾ [الانفطار:1–5].
يؤمن المسلمون السنة أن كل شيء مقدر سلفًا من قبل خالق البشر، وكل الأقدار قد تم كتابتها عند الله في اللوح المحفوظ قبل خلق الخلق أو خلق آدم.[93] وأن كل ما يقع في هذا الكون فهو بتقدير ومشيئة الله، وفقًا لما جاء في الكتاب والسنّة وما استدل به علماء الدين الإسلامي. وعلى الرغم من أن الأحداث مقدرة سلفًا، إلا أن الإنسان يملك إرادة حرة ومشيئة في أن لديه الاختيار بين الصواب والخطأ، وبالتالي فهو مسؤول عن تصرفاته،[94] فللإنسان مشيئة واختيارًا بها تتحقق أفعاله كما جاء في سورة التكوير: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ٢٨﴾ [التكوير:28]، وأن مشيئة الإنسان وقدرته غير خارجة عن قدرة الله ومشيئته؛ فهو الذي منح الإنسان ذلك، وجعله قادرًا على التمييز والاختيار، كما جاء في الآية التالية للآية السابقة: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ٢٩﴾ [التكوير:29].[95] في المقابل فإن فهم الشيعة للقضاء والقدر أو كما يسمى العدل يتمحور حول مسؤولية الإنسان عن أفعاله، لكنه في نفس الوقت مسير في بعض الأمور التي تفرض عليه مثل النوع ومكان الميلاد وغير ذلك.[96]
3. الزكاة: وهي جزء من المال يدفعه الأغنياء من المسلمين من أموالهم للفقراء والأيتام والمحتاجين وأوجه أخرى. وهي واجبة على كل المسلمين القادرين، وتختلف عن الصدقات التي يدفعها المسلمون تطوعًا.[104]
4. صوم رمضان: يمتنع المسلمون في شهر رمضان عن الطعام والشراب والجماع من الفجر إلى غروبالشمس، كما أن عليهم تجنب الخطايا الأخرى، وزيادة الطاعات في هذا الشهر. الصوم غير واجب على المسافر أو المريض الذين يشق عليهم الصوم لكن عليهم قضاء ما عليهم بصيام أيام أخرى حين تتاح لهم الفرصة قبل قدوم رمضان العام القابل، أو بإطعام المساكين لمن لا يقدر على الصوم أصلا مثل كبار السن الذين يشق عليهم الصوم لكبر سنهم أو ذوي مرض مزمن؛ ولا يعد الصوم عند المسلمين أمرا تكليفيا من أجل إرهاقهم ولكن هدفه روحي وصحي وفق المعتقد الإسلامي، فهو يحافظ على الصحة ويُساهم في الشعور بجوع الفقراء وحاجتهم، ويزيد من تقوىالله ورفع المعاني الإيمانية والروحية.[105]
الإحسان في الإسلام هو إتقان العمل الذي يقوم به المسلم وبذل الجهد لإيجادته ليصبح على أكمل وجه، فإن كان العمل خاصا بالناس وجب تأديته على أكمل وجه وكأن صاحب العمل خبير بهذا العمل ويتابع العامل بكل دقة. كما جاء في الحديث النبوي «إن الله كتب الإحسان على كل شيء».[107]
في الإسلام يُعد الإحسان الرتبة الثالثة من مراتب الدين الثلاثة والتي تتضمن (الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان). والذي يُعرّف بكونه «عبادة الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» كما ورد في الحديث النبوي من قول النبي محمد في تعريف الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»[108]
وقد ورد في القرآن في سورة النحل: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ٩٠﴾ [النحل:90] أي: أن الله يأمر عباده بالعدل والإنصاف في حقه بتوحيده وعدم الإشراك به، وفي حق عباده بإعطاء كل ذي حق حقه، ويأمر بالإحسان في حقه بعبادته وأداء فرائضه على الوجه المشروع، وإلى الخلق في الأقوال والأفعال، ويأمر بإعطاء ذوي القرابة ما به صلتهم وبرُّهم، وينهى عن كل ما قَبُحَ قولا أو عملا وعما ينكره الشرع ولا يرضاه من الكفر والمعاصي، وعن ظلم الناس والتعدي عليهم، والله -بهذا الأمر وهذا النهي- يَعِظكم ويذكِّركم العواقب؛ لكي تتذكروا أوامر الله وتنتفعوا بها؛ وكذلك ورد في القرآن في سورة الرحمن: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ٦٠﴾ [الرحمن:60]، أي أن الله يجازي مَن أحسن بعمله في الدنيا بالإحسان إليه بالجنة في الآخرة.
وللإحسان الاصطلاحي نوعان وهما
إحسان في عبادة الخالق: بأن يعبد الله كأنَّه يراه فإن لم يكن يراه فإنَّ الله يراه. وهو الجِدُّ في القيام بحقوق الله على وجه النُّصح، والتَّكميل لها.
وإحسانٌ في حقوق الخَلْق: هو بذل جميع المنافع مِن أي نوعٍ كان، لأي مخلوق يكون ولكنَّه يتفاوت بتفاوت المحْسَن إليهم، وحقِّهم ومقامهم، وبحسب الإحْسَان، وعظم موقعه، وعظيم نفعه، وبحسب إيمان المحْسِن وإخلاصه، والسَّبب الدَّاعي له إلى ذلك[109]
يعتبر الجهاد في سبيل الله أحد الفروض الإسلامية ويُسميه البعض الركن السادس للإسلام،[110][111]
ويُقسم الجهاد إلى نوعين: الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس، والجهاد الأصغر وهو القتال في سبيل الله.[112] وأعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.[113]
بالنسبة للجهاد العسكري، يُعرفه البعض بأنه يهدف فقط لحماية الأمة الإسلامية والتصدي للعدوان الخارجي عليها، أو لمحاربة المرتدين أو المتمردين أو الدول التي تضطهد المسلمين، أو التي تعرقل الدعوة الإسلامية[114][115] بينما يرى البعض أن الهدف من الجهاد هو الغزو وتوسعة الأراضي الخاضعة لحكم الدولة الإسلامية. معظم المسلمين اليوم يفسرون الجهاد على أنه وسيلة للدفاع عن المسلمين والمقدسات الإسلامية، إضافة لنشر الشريعة الإسلامية وتطبيقها.[116]
والقتال في سبيل الله فرض كفاية على المسلمين، أي أنه يكفي قيام البعض به ليسقط عن البقية؛ ولكنه فرض عين على الحاكم وأصحاب السلطة.[115] بالنسبة للشيعة لا يكون الجهاد إلا بأمر من الله للإمام المنحدر من سلالة النبي محمد بن عبد الله، وبالنسبة للشيعة الاثني عشرية -أكبر طوائف الشيعة- فهو الإمام محمد المهدي الغائب بحسب اعتقادهم منذ عام 868م.[117][118]
تندرج بعض العادات والممارسات في فئة «الآداب الإسلامية»، مثل رد التحية، والتحية الإسلامية التقليدية هي التلفظ بعبارة «السلام عليكم»، والرد المقابل لها هو «وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته»، والتسمية قبل تناول الطعام أو الشراب وذلك بقول «بسم الله الرحمن الرحيم»، والأكل باليد اليمنى، وحمد الله عند الانتهاء بقول «الحمد لله».[119] إضافة إلى ذلك يحث الإسلام على الاعتناء بالنظافة الشخصية، وختان الذكور -والإناث في بعض الآراء-، والتطهر بالماء أو التراب الطاهر بحال مس ما يُعد من النجاسة، مثل البولوالغائطوالدم، بالإضافة إلى تجهيز وغسل وتكفين جثة المتوفي ومراسم دفنه والصلاة عليه. أيضًا هناك أدعية الأحوال مثل دعاء الخروج من المنزل، ودعاء دخول المسجد، ودعاء دخول بيت الخلاء، وغير ذلك. ولا ينبغي للمسلمين النظر إلى عورات الآخرين ويجب أن يغضوا أبصارهم عنها.
أما بالنسبة للطعام، فهناك أطعمة يعتبرها المسلمين محرمة ولا يقدمون على تناولها، مثل لحم الخنزيرالدم والجيف والكحول، والحيوانات اللاحمة وما لم يُذكر اسم الله عليه عند ذبحه، ومن الآيات التي يستدل المسلمون عليها بذلك ما ورد في سورة المائدة: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ [المائدة:3]. أما الميتة فهي الحيوان الذي نفق دون ذبح شرعي، ويأخذ حكم الميتة الحيوان المذبوح من قبل شخص من غير أهل الكتابكالمجوسي أو البوذي، والدم المسفوح السائل محرّم سواء كان دم ذبيحة من الحيوانات المحلل أكلها أو غيرها وسواء كان مائعًا أو جمد بعد خروجه، أما الدم غير السائل كالكبدوالطحال فحلال أكله في الإسلام، ولحم الخنزير محرّم كذلك الأمر سواء كان خنزيرًا بريًا أم مستأنسًا، وذلك لاعتبار الخنزير من الحيوانات النجسة في الإسلام وأن طهي لحمه على النار لا يزيل النجاسة. وما أهلّ لغير الله به هو ما ذبح لعبادة غير الله كتعظيم الأصنام، والمنخنقة هي البهيمة التي نفقت جرّاء الخنق، والموقوذة هي التي ضربت بالعصا أو بشيء ثقيل حتى ماتت من قوّة الألم، والمتردّية هي التي وقعت وتردّت من علو كأنْ وقعت من أعلى الجبل فماتت، والنطيحة هي التي ماتت بالانتطاح مع بهيمة أخرى، وما أكل السبع يُقصد به ما اقتات عليه الحيوان اللاحم أو انتزع منه قطعة فمات، أما إذا أخذ منها السّبع شيئا من جسدها ولم يقتلها ثم ذُبحت فأكلها حلال عدا القسم الذي انتزع منها. وينبغي أن يكون ذابحي الحيوانات من المسلمين أو أهل الكتاب لكي يجوز للمسلم تناوله.[120] ويُسمى الطعام الذي يصح للمسلم تناوله «طعام حلال». أما بالنسبة للمشروبات الكحولية فيستدل المسلمون على تحريمها من عدّة آيات كتلك التي وردت في سورة البقرة: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة:219]، فالمسلمون يؤمنون أن للمشروبات الكحولية منافع مختلفة لكن مضارها تبقى أكثر من نفعها، لذا فهم يجتنبونها كما ورد الأمر بالنص القرآني.[121]
الشريعة الإسلامية هي مجموعة القوانين المفروضة بالقرآنوالأحاديث النبوية وأقوال السلف الصالح -أو أهل البيت عند الشيعة- واجتهادات علماء الدين الإسلامي، والتي تحدد علاقة الإنسان بالله وبالناس وبالمجتمع والكون. وتحدد ما يجوز فعله وما لا يجوز. وأهم هذه الشرائع أركان الإسلام الخمس. تُقسم الأحكام التي تشتمل عليها الشريعة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:[122]
الأحكام العقائدية: وهي تشمل كل الأحكام التي تتعلق بذات الله وصفاته والإيمان به وهو ما يُعرف بالإلهيات، ومن هذه الأحكام أيضًا كل الأحكام التي تتعلق بالرسل وبالإيمان بهم وبالكتب التي أنزلت عليهم وما إلى ذلك وهو ما يُعرف بالنبوات، ومن هذه الأحكام أيضًا كل الأمور الغيبيّة وهي ما يُعرف بالسمعيات. وهذه الأحكام العقائدية يجمعها علم واحد يُسمى «علم التوحيد» أو «علم الكلام» [122]
الأحكام التهذيبية: وهي الأحكام التي تدعوا إلى التحلي بالفضيلة والتخلي عن الرذيلة، فهناك أحكام تتعلق ببيان الفضائل التي يجب على الإنسان أن يتحلى بها كالصدق والأمانة والشجاعة والوفاء والصبر وما إلى ذلك، وهناك أحكام تتعلق بالرذائل التي يجب على الإنسان أن يتخلى ويبتعد عنها كالكذب والخيانة وخلف الوعد والغدر وما إلى ذلك، وهذه الأحكام التهذيبية يجمعها علم يُسمى «علم الأخلاق» [122] أو «علم التصوف».[123]
الأحكام العملية: وهي الأحكام التي تتعلق بعمل الإنسان أو بفعل الإنسان، وهذه الأحكام محل دراستها علم الفقه الإسلامي.
يرى الإسلاميون ضرورة حكم وإدارة البلاد وفقا للشريعة الإسلامية، وتطبق على المسلمين ومن في عهدتهم كأهل الذمة والمعاهدين والمستأمنين. كما يرون ضرورة توقيع العقوبة المعروفة بالحد على المسلم الذي يتخطى حدود الشريعة ويرتكب ما نهت عنه، والحد في المفهوم الشائع هو العقوبة التي وردت في القرآن أو في الحديث النبوي لكل من خالف أمر الله، وتوقع هذه في بضعة حالات أساسية هي: الزنا، قذف المحصنات مثل اتهام إحدى النساء بالزنا دون دليل أو اتهام إنسان برئ بتهمة تمس الشرف أو المروءة كالسرقة وخيانة الأمانة بدون دليل أيضاً، شرب الخمر، السرقة، اللواط، المحاربة، القتل، والردة.[124] وتختلف العقوبة الموقعة على الشخص باختلاف الفعل الذي ارتكبه.[معلومة 4] وكانت الشريعة الإسلامية تُطبق في الدول الإسلامية المتتالية بصفتها القانون الأساسي، أما اليوم فقلة من الدول تطبقها كالقانون الوحيد للدولة وهي السعودية التي تطبق الشريعة على المنهج السلفي وإيران على المنهج الاثنا عشري والصومال في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة المحاكم الإسلامية وحركة شباب المجاهدين على منهجين مختلفين من المناهج السنية. بينما تطبقها دول أخرى إلى جانب قوانينها الوضعية، وتطبقها أخرى في مسائل الأحوال الشخصية فقط.
أما الفقه الإسلامي فهو العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبطة من الأدلة التفصيلية، والمراد هنا الفهم، ومن الأحكام الشرعية العملية خطابات الشارع المنظمة لكل ما يتعلق بأعمال العباد وأفعالهم، والمقصود بالمستنبطة أي المأخوذة من الأدلة، والمراد من الأدلة التفصيلية: القرآنوالسنّة النبويةوإجماع علماء الشريعةوالقياس على أمور معلومة مسبقًا والعرف السائد والاستحسان وغير ذلك من أدلة أو مصادر الفقه الإسلامي.[125] والفقه الإسلامي يُقسم إلى عدة أنواع يختلف في تحديدها وتعدادها الفقهاء، ولكن يمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع أساسية:[126]
المعاملات: وهي العلاقات التي تنظم علاقة الفرد بأخيه الفرد كالأحكام المتعلقة بالعقود الوضعية مثل عقد البيع والإيجار والقرض والسلم والهبة والوديعة والعارية والكفالة وغير ذلك من العقود.[126]
السياسة الشرعية: وهي الأحكام التي تنظم علاقة الدولة بالأفراد أو بالدول الأخرى، ومن أمثلتها الأحكام التي تتحدث عن موارد بيت المال ومصارفه الشرعية، بالإضافة إلى الأحكام التي تتحدث عن القضاء، والأحكام التي تبين الجرائم والعقوبات سواء أكانت حدود أم تعزيزات.[126]
أحكام الأسرة: ويشمل هذا النوع الأحكام التي تنظم الزواجوالطلاق وحقوق الأولاد والميراثوالوصية إلى غير ذلك مما يُطلق عليه مصطلح «الأحوال الشخصية»، وهذه الأحكام هي التي تشتمل عليها قوانين الأحوال الشخصية.[126]
1. القرآن: هو وحي الله لنبيه محمد، وهو المصدر الأول للتشريع، وهو ما نزل لفظه ومعناه من عند الله على النبي محمد باللفظ العربي، وقد تعهده الله بحفظه من التبديل والتحريف. وقد ظهر في العصر الحديث أقلية تقول بأن القرآن هو المصدر الوحيد للشريعة الإسلامية عرفوا لاحقًا بالقرآنيين. وعند المسلمين فالقرآن هو أصل وأساس التشريع الأول، وقد يُبين فيه أسس الشريعة ومعالمها في العقائد وفي العبادات والمعاملات ما بين تفصيل وإجمال.[127] والقرآن عند علماء الشريعة قطعي الثبوت، أما دلالته على الأحكام فقد تكون قطعية وقد تكون ظنية، وهي تكون قطعية بحال كان اللفظ الوارد فيه الحكم لا يحتمل إلا معنى واحدًا، وتكون دلالة القرآن على الأحكام ظنية إذا كان اللفظ فيه يحتمل أكثر من معنى.[127]
2. السنّة النبوية: وينص القرآن على وجوب اتباع أوامر الرسول محمد بن عبد الله، ويقول علماء الدين الإسلامي أن اتباع الرسول يتمثل في التمسك بالسنّة النبوية وهي كل قول أو فعل أو تقرير يصدر عن الرسول، ويؤمنون أن كلام الرسول كله وحي من الله، ولذلك تعتبر السنّة النبوية المصدر الثاني في التشريع الإسلامي، وقد قام العلماء بجمع السنة النبوية في مجموعة من الكتب مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما من كتب الحديث. وتنقسم السنّة باعتبار سندها، أي روايتها، إلى ثلاث أقسام عند الأحناف: سنّة متواترة وسنّة مشهورة، وسنّة آحاد، أما جمهور الفقهاء فيقسمون السنّة إلى متواترة وأحادية.[128] أما السنّة المتواترة فهي ما رواها عن النبي محمد جمع من الصحابة يستحيل تواطؤهم على الكذب عادةً ثم رواها عنهم جمع من التابعين يمتنع اتفاقهم على الكذب عادةً، ثم رواها عنهم جمع من تابعي التابعين يستحيل اتفاقهم على الكذب عادةً، وحكم السنّة المتواترة أنها قطعية الثبوت وتفيد العلم واليقين ويجب العمل بها.[128]والسنّة المشهورة هي ما رواها عن النبي محمد واحد أو اثنان أو جمع من الصحابة لم يبلغ حد التواتر ولا يمنع توطؤهم على الكذب عادةً، ثم رواها عنهم جمع من التابعين يستحيل تواطؤهم على الكذب ثم رواها عنهم جمع من تابعي التابعين يستحيل اتفاقهم على الكذب عادةً.[128]والسنّة الأحادية هي ما رواه عن الرسول واحد أو اثنان أو جمع من الصحابة لم يبلغوا حد التواتر ولا يمنع تواطؤهم على الكذب عادةً، ثم رواها عنهم جمع من التابعينوتابعي التابعين لم يبلغ حد التواتر أيضًا، وحُجِّية آحاديث الآحاد مختلف عليها بين أهل السنة، فيرى المتكلمين عدم الآخذ بآحاديث الآحاد في مسائل العقيدة، بينما يرى أهل الحديث والآثرية ومنهم الشافعيوأحمد بن حنبل أن لها حُجِّية.[129]
3. أحاديث أهل البيت: يُعد هذا المصدر مصدر خلاف بين المذهبين السنيوالشيعي: فعند الشيعة أن أحاديث أهل البيت هي المصدر الثالث للتشريع، ويجمع كتب الحديث لديهم أقوال النبي إضافة إلى أقوال أهل البيت كما هو كتاب الكافي للكليني. وقد استدل الشيعة على حجية سنة أهل البيت بأدلة كثيرة، وأهم ما ذكروه من أدلتهم على اختلافها ثلاثة: القرآن، السنّة النبوية، والعقل. أما بالنسبة للقرآن فقد استدلوا بآيات عدة أهمها آيتان، الأولى آية التطهير وهي: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣﴾ [الأحزاب:33]، والثانية: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ٨٣﴾ [النساء:83]، وأول أدلتهم من السنة وأهمها هو حديث الثقلين: "إني تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفونني فيهما".[130] ويرى الشيعة أن في هذا الحديث دلالة على عصمة أهل البيت وبالتالي فإن أحاديثهم تعتبر مصدرًا من مصادر التشريع، لاقترانهم بالكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وفق هذا الحديث النبوي.[131] بينما لا يُفرّق أهل السنة بين أحاديث أهل البيت وبين أقوال باقي الصحابة.[132][133]
4. الإجماع: وهو اتفاق جمع كبير من علماء الأمة على حكم مسألة بعينها استدلالاً بالنصوص الواردة فيها، وقد استنبط علماء الدين الإسلامي فكرة الإجماع وفقًا لتفسيرات بعض آيات القرآن والأحاديث التي يرونها دالة على ذلك.[134] ولا ينعقد الإجماع إلا بتحقيق الأمور التالية: أن يكون الاتفاق على الحكم من المجتهدين الذين بلغوا درجة الاجتهاد عند أهل السنّة، وعن الأئمة عند الشيعة،[135] وبالتالي فلا عبرة باتفاق غيرهم من العامّة. كذلك يجب أن يتفق جميع المجتهدين فلا يشذ واحد منهم، فلو خالف واحد منهم فلا ينعقد الإجماع وفقًا للرأي الراجح. أيضًا يجب أن يكون المجتهدون من أمة النبي محمد وبالتالي فلا عبرة باتفاق المجتهدين من غير هذه الأمة،[136] ويجب أن يكون اتفاق المجتهدين بعد وفاة محمد إذ لا وجود للإجماع في حياته بما أن مصادر التشريع في عصره كانت محصورة في القرآنوالسنّة.[136] وأخيرًا يجب أن يكون الاتفاق على حكم شرعي قابلاً للاجتهاد كالإجماع على أن أمرًا ما واجب أو حرام أو مندوب أو ما إلى ذلك. والإجماع نوعان:[136] الإجماع الصريح وهو أن يتفق المجتهدون في عصر من العصور على حكم شرعي في واقعة ما بإبداء كل منهم رأيه صراحة، والإجماع السكوتي وهو أن يتحدث بعض المجتهدين في عصر من العصور بحكم شرعي في واقعة ما ويعلم بذلك باقي المجتهدين في نفس العصر فيسكتون دون إبداء موافقة أو مخالفة صريحة.[136]
5. القياس: وهو إلحاق أمر غير منصوص على حكمه في القرآن أو السنّة أو الإجماع بأمر آخر منصوص على حكمه في القرآن أو السنّة أو الإجماع لاشتراكهما في علّة الحكم. ومن أمثلة القياس تحريم النبيذ قياسًا على تحريم الخمر، فقد ورد في سورة المائدة أن حكم الخمر هو التحريم وأن علّة التحريم هي الإسكار،[137] ونفس العلّة موجودة في النبيذ، لذا اتفق العلماء على أنه يأخذ حكم الخمر المنصوص عليه.
6. الاجتهاد: وهو تطوع أحد العلماء أو مجموعة من العلماء لاستنتاج حكم مسألة معينة لم يرد نص معين فيها؛ كالأمور الحديثة من التقنيات وغيرها. وقد اشترط العلماء شروطًا فيمن يحق له الاجتهاد.
المذاهب الفقهية منها ماهو فردي ومنها ماهو جماعي، والمذاهب الفردية يُقصد بها المذاهب التي تكونت من آراء وأقوال مجتهد أو فقيه واحد، ولم يكن لتلك المذاهب أتباع وتلاميذ يقومون بتدوينها ونشرها، فلم تُنقل إلى العصور اللاحقة بشكل كامل. أما المذاهب الفقهية الجماعية فيُقصد بها تلك المذاهب التي تكونت من آراء وأقوال الأئمة المجتهدين مضافًا إليها آراء تلاميذهم وأتباعهم، ثم أُطلق على هذه المذاهب أسماء هؤلاء الأئمة ونُسبت إليهم باعتبارهم المؤسسين لها، ولقد قام تلاميذ وأتباع هذه المذاهب الجماعية بنشرها وتدوينها مما ساعد على بقائها حتى الآن. ومن أشهر المذاهب الفقهية الباقية المذاهب الأربعة المعروفة وهي بحسب الترتيب التاريخي: المذهب الحنفيوالمذهب المالكيوالمذهب الشافعيوالمذهب الحنبليوالمذهب الظاهري، وتُسمى هذه المذاهب بمذاهب أهل السنّة،[138] بالإضافة لمذاهب الشيعة كالمذهب الجعفريوالمذهب الزيدي، وكذلك المذهب الإباضي.[139]
يُعد أساس المنهج الاجتهادي لأبي حنيفة هو الأخذ بالقرآن، ثم بالسنّة النبوية الصحيحة، وبأقضية الخلفاء الراشدين وعامّة الصحابة، ثم اللجوء إلى القياس.[145] لكنه لم يكن يلتزم بآراء التابعين «فهم رجال ونحن رجال» كما يقول. كان أبو حنيفة متشددًا إلى أبعد الحدود في مسألة الحديث، فكان لا يقبل الحديث عن النبي محمد إلا إذا روته جماعة عن جماعة؛ أو كان حديثًا اتفق فقهاء الأمصار على العمل به؛ أو رواه واحد من الصحابة في جمع منهم فلم يخالفه أحد. كما أنه كان يرفض الأحاديث المقطوعة وأحاديث الآحاد، ويشترط في الحديث المتواتر أن يكون الراوي عرف المروي عنه، وعاشره وتيقن من أمانته.[145] وعلى الجملة كان أبو حنيفة يُفضل القياس على الحديث غير الموثوق، وتوسع في استعمال الرأي لاستنباط العلّة الجامعة بين المسائل المقاسة على بعضها البعض، فقال «بالاستحسان»، وهو أمر أوسع من القياس عملاً بالحديث النبوي: «ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن»، والمراد بذلك تحقيق المصالح المتنوعة في حدود الدين. وكان أبو حنيفة يأخذ بالأعراف التي لا تخالف نصًا من النصوص الشرعيّة ويوجب العمل بها، خصوصًا في مجال التجارة الذي كان له فيه خبرة واسعة. وبهذا قيل عن فقه أبي حنيفة أنه كان «يسير مع الحياة ويراعي مشاكلها المتنوعة».
المذهب المالكي
مؤسس هذا المذهب هو الإمام مالك بن أنس المُلقب «بشيخ الإسلام» و«حجة الجماعة»،[146] وُلد في المدينة المنورة سنة 711م، الموافقة سنة 96هـ، وتوفي سنة 795م الموافقة سنة 179هـ. يتمثل أساس التشريع عند مالك في القرآنوالسنّة النبوية. وكان المحدثون في المدينة كثيرين ويعرف بعضهم بعضًا. لكن مالكًا لم يكن يرفض القياس، أي بناء الأحكام على نظائرها من التي أجمع عليها أهل المدينة، وما أثر من فتاوى الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة شرط ألا يُخالف ذلك مصلحة متوافقة مع مقاصد الشريعة. وذهب مالك إلى القول بالمصالح المرسلة أو مبدأ «الاستصلاح» وهو قريب من مبدأ «الاستحسان»؛ وشرطه أيضًا أن تكون هذه المصالح متلائمة مع مقاصد الشريعة وأصولها. فالمراد بالاستصلاح تشريع الحكم في واقعة لا نص فيها ولا إجماع، مراعاة لمصلحة مرسلة غير مقيدة بنص يدل على إثباتها أو نفيها، فهو بهذا بديل عن القياس بحال كان الأخير مستحيلاً بسبب فقدان حكم الأصل المقاس عليه. وكان مالك يعتبر عمل أهل المدينة حجة تشريعية مقدمة على الخبر والقياس؛ وعندما يستغلق عليه أمر، كان يقول باللاأدريّة حتى لا يقع في حرام.[147] وأدّت به جرأته أحيانًا إلى صدام مع السلطة. فقد قال: «ليس على مستكره بيعة»؛ فاعتبر الخليفة أبو جعفر المنصور هذا الكلام طعنًا بخلافته. وقال أيضًا بعدم شرعية زواج المتعة، فاستعدى عليه بعض العبّاسيين.[148] يختلف أتباع المذهب المالكي في صلاتهم عن أتباع باقي المذاهب الإسلامية من حيث طريقة الوقوف ووضعية الأيدي.[149]
وأساس التشريع عند الشافعي هو القرآن والسنّة النبوية.[145] ولا يشترط في الحديث أن يكون متواترًا؛ بل إنه يقبل أحاديث الآحاد، شرط أن يكون الرواة صادقين موثوقين، كما يقبل الشافعي بإجماع الصحابة وأهل المدينة، لكنه يُفضل إجماع علماء الأمة في كل الأمصار، لأنه أكثر ضمانة لوحدة الأمة ومصلحتها، وهذا ما يمكن تسمته بالإجماع الموسع. ويأتي بعد ذلك القياس ثم الاجتهاد إذا كان مبنيًا على قياس؛ لذلك أنكر الشافعي الاستحسان الذي يتجاوز القياس ويتأثر بالتالي بالعامل الذاتي. بل إنه يُفضل القياس على الاستحسان باعتباره أكثر ضمانة لشرعيّة الأحكام لاعتماده أحكام سابقة مبنية على أصل أو إجماع. فالعودة إلى الأصول أكثر تحقيقًا للعدالة الشرعية.[145] يختلف الشافعيّة في هيئة صلاتهم عن باقي المذاهب الأخرى من بعض النواحي، مثل وضعيّة الأيدي عند القيام والركوع، وإبقاء السبّابة مرتفعة حتى التسليم.[153]
المذهب الحنبلي
صاحب هذا المذهب هو الإمام أحمد بن حنبل، وُلد سنة 780م الموافقة سنة 164هـ في بغداد،[154][155] وتوفي بها 12 ربيع الأول سنة 855م[156] الموافقة سنة 241هـ. هو تلميذ للشافعي؛ أخذ عنه ميله إلى الحديث. وُلد وعاش في العصر العبّاسي الذي كثر فيه الجدل الكلامي والفقهي، فرأى في ذلك الجدل انحرافًا عن الحقيقة الشرعيّة. وكانت مصنفات الحديث قد وضعت حدًا لظاهرة الوضع، فصار الاعتماد على الحديث أمرًا مضمونًا؛ فاعتمد أحمد بن حنبل عليه، وعُرف مذهبه بأنه محافظ.
اعتمد أحمد بن حنبل على الحديث، واعتبره كافيًا بصورة عامّة للتشريع بعد القرآن.[145] كما أنه يرجع إلى فتاوى الصحابة، وخصوصًا الخلفاء الراشدين شرط ألا تكون مخالفة لأي حديث. وكان يُقدم الحديث المرسل الضعيف الإسناد، وحديث الأحاد والحديث المقطوع على القياس. فهو لا يلجأ إلى القياس إلا نادرًا، لذلك اعتبره بعضهم رجل حديث لا رجل فقه.[145]
يشبه المنهج الاجتهادي للإمام جعفر الصادق منهج علماء أهل السنّة في أمور أساسية، فهو يعتمد بالتدريج على القرآن والسنّة النبوية والإجماع ثم الاجتهاد. لكنه يضيف إلى ذلك أمرًا أساسيًا عند الشيعة، هو الاعتقاد بالإمامة وما يترتب عليه من تقييم للصحابة وفتاواهم وأحاديثهم واجتهاداتهم بحسب مواقفهم من آل البيت. ويترتب على المفهوم الشيعي للإمامة القول بعصمة الإمام.[145] فكانت اجتهادات الإمام غير قابلة للطعن، لأنه معصوم عن الخطأ والنسيان والمعصية؛ بل إن أقواله واجتهاداته تدخل حكمًا في إطار السنّة. ولا يمكن لكل فرد أن يدرك معاني القرآن الباطنة؛ بل هذا أمر خاص بالأئمة فقط، لأن اجتهاداتهم أكثر مطابقة من غيرها لمقاصد الشريعة. وتتشدد الشيعة كثيرًا في مسألة القياس، فلا يُقبل القياس ما لم يكن الحكم المقاس عليه معللاً بعلة منصوص عليها. أما القياس المفتقر لعلّة منصوص عليها فيصبح رأيًا، والفقه بالرأي مرفوض، لأنه فعل إنساني ليس فيه ضمانة شرعيّة. ويأخذ الفقه الجعفري بالإجماع شرط أن يكون صادرًا عن أئمة الشيعة. أما إجماع عامّة الصحابة فلا يكون حجة إلا إذا كان الإمام الأول للشيعة علي بن أبي طالب طرفًا فيه. فالإجماع من حق الأئمة المعصومين، أما الإجماع العام فهو مرفوض، لأنه أيضًا لا يوفر ضمانة شرعيّة. وإلى ذلك لا بد من الاجتهاد واللجوء إلى العقل الصرف عند عدم وجود نص من قرآن أو سنّة أو إجماع الأئمة وذلك لتأمين مصلحة المسلمين، وهذا نوع من الاستصلاح. لكن الاجتهاد ليس لكل الناس، فهو أولاً وأساسًا للأئمة المعصومين ومن ثم لفضلاء العلماء المجتهدين، شرط ألا يخالفوا باجتهاداتهم ما جاء به الإمام المعصوم. والإمام حاضر للظهور إذا أخطأ المجتهدون لكي يسدد خطاهم ولتبقى الأمة على الطريق المستقيم.[145]
مذاهب أخرى
تُعتبر المذاهب الخمسة سالفة الذكر أكثر المذاهب الإسلامية انتشارًا، ويوجد إلى جانبها بضعة مذاهب أخرى أقل انتشارًا وأخرى مندثرة. ومن هذه المذاهب: المذهب الزيدي ومؤسسة الإمام زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب المولود سنة 80هـ والمقتول سنة 122هـ.[159] والمذهب الزيدي قريب في أحكامه الفقهية من مذاهب أهل السنّة وخاصة المذهب الحنفي،[160] والسبب في هذا التقارب هو احتكاك زيد بفقهاء العراق وأخذه عنهم وأخذهم عنه وبخاصة إمام مدرسة الرأي أبو حنيفة النعمان. ويُعتبر القرآن أول مصادر استنباط الأحكام عند الزيديّة ويليه السنّة النبوية، ولم يقتصر الفقه الزيدي على روايات أهل البيت في الحديث بل تلقى بالقبول روايات غيرهم من الصحابة، مع ملاحظة اقتصار علمائهم على مرويات رجالهم وأئمتهم في بعض المسائل التي تتصل وأصل مذهبهم كما هو الحال بالنسبة لمسألة الإمامة.[161] كما اعتمدوا على الاجتهاد بالرأي، فمن أصولهم اشتراط الاجتهاد في الأئمة وهم يوجبون الاجتهاد على المسلمين، فإن عجز المسلم عن الاجتهاد جاز له التقليد، وتقليد أهل البيت أولى من تقليد غيرهم، كما أخذوا أيضًا بالاستصحاب والمصالح المرسلة. ومن أشهر كتب زيد: كتاب المجموع الفقهي الكبير وكتاب الجماعة والقلة.[161]
أيضًا هناك المذهب الأباضي ومؤسسه الإمام جابر بن زيد الأزدي، وهذا المذهب قريب من مذاهب أهل السنّة ولا تكاد تختلف مصادر أئمته في استنباط الأحكام عن مصادر مذاهب أهل السنّة في الجملة، ولهذا لا يوجد بينهم وبين أهل السنّة خلاف إلا في بعض الأحكام منها إجازة الوصية للوارث والقول بالوصية الواجبة، وغيرها.[162] بالإضافة إلى ذلك هناك ثلاثة من القضايا لهم فيها قول. قضية إنكار رؤية الله بالآخرة والقول بخلق القرآن والاعتقاد بالخلود بالنار للفساق ان لم يتب. وقد تم إيضاح ذلك كله في كتاب الحق الدامغ لمؤلفه لأحمد بن حمد الخليلي. كذلك هناك المذهب الظاهري الذي أسسه الإمام داود بن علي بن خلف الأصفهاني، والمشهور بداود الظاهري لتمسكه بظواهر نصوص الكتاب والسنّة في استنباط الأحكام. وقد كان الظاهري في البداية شافعي المذهب لكنه اتخذ لنفسه بعد ذلك مذهبًا خاصًا نهج فيه الأخذ بظواهر النصوص ونفى القياس إلا إذا كان منصوص العلّة ووجدت هذه العلّة في الفرع، ويرى الظاهري أن في عموميات الكتاب والسنّة النبوية ما يفي بأحكام الشريعة. وقد برز في وقت لاحق عالم آخر قام بتدوين المذهب ونشره وبيانه فأطلق عليه لقب المؤسس الثاني للمذهب الظاهري، وهذا الإمام هو ابن حزم الأندلسي.[162] وأصول المذهب الظاهري في استنباط الأحكام هي القرآن ثم السنّة النبوية، ويُعتبر هذا المذهب من أكثر المذاهب توسعًا في العمل بالسنّة، ثم الإجماع، ولكن كان مفهوم الإجماع عند الظاهري مقصور فقط على إجماع الصحابة دون غيرهم، وكان المذهب الظاهري لا يأخذ بالقياس وأنكر العمل به وبالرأي إلا في حالة الضرورة عندما لا تسعفه النصوص، وكان يُسمي ذلك استدلالاً أو دليلاً. كما لم يأخذ بالاستحسان ولا بسد الذرائع ولا المصالح المرسلة. وللإمام الظاهري مصنفات كثيرة منها: كتاب إبطال القياس وكتاب إبطال التقليد.[162]
ومن المذاهب التي لم يُكتب لها البقاء، المذهب الأوزاعي الذي تأسس على يديّ الإمام أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمَد الأَوْزَاعِيُّ المولود في مدينة بعلبكبلبنان سنة 707م الموافقة سنة 88هـ والمتوفى في بيروت سنة 774م الموافقة سنة 157هـ.[163] كان الأوزاعي أحد أهم الفقهاء الذين أثروا في مسيرة الفقه الإسلامي في بلاد الشاموالأندلس خصوصًا، حيث بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على مذهبه نحوًا من مائتين وعشرين سنة.[164] ثم انتقل مذهبه إلى الأندلس وانتشر هناك فترة، ثم ضعف أمره في الشام أمام مذهب الشافعي، وضعف في الأندلس أيضًا أمام مذهب مالك الذي وجد أنصارًا وتلاميذ في الأندلس، بينما لم يجد مذهب الأَوْزَاعِيِّ الأنصار والتلاميذ.[165] وكذلك كان الحال بالنسبة لمذهب الإمام الليث بن سعد المصري.[166]
تكوّنت خلال مراحل التاريخ الإسلامي فرق متعددة، كان مدار الخلاف بينها وبين المسلمين الحاكمين هو الخلافةوإمامة المسلمين وزعامتهم، أي أن الخلاف كان شبه سياسي. والبعض من هذه الفرق ما زال موجودًا حتى الوقت الحالي وبعضها الآخر اندثر. أما أهم الطوائف الإسلامية الحالية فهي
أهل السنّة والجماعة: يُعتبر المسلمون السنّة أكبر الطوائف الإسلامية حاليًا، حيث أن أغلبية البلدان الإسلامية هي بلدان سنيّة. والسُنّة في اللغة من «السَّن»، وهو انتهاج الطريق والسير فيه، ويُقصد بها شرعًا الطريق الذي رسمه القرآن وبيان النبي محمد للمسلمين، لذا فالمسلمين السنّة يُعرّفون بأنهم طائفة المسلمين الذين استمروا بالسير على الطريقة الدينية التي جرى العمل بها نفسها منذ عهد النبي محمد. يقول أهل السنّة أن الخلفاء الراشدين كانوا خلفاء النبي محمد الشرعيين بما أن النبي محمد لم يوص بالخلافة لأحد بعده، وبالتالي كان لا بد للمسلمين من انتخاب خليفة له، ولا يقولون بأحقية أحدهم بالخلافة دون الآخر، بل يقرون بها كما جاءت. ويعتبر السنّة أن الخلافة تكون بالشورى لأنها مهمة سياسية.[167][168] يتبع السنّة أربعة مذاهب فقهية أساسية: المذهب الحنفي، الشافعي، المالكي، والحنبلي، ويقولون بصحتها جميعها وأن للمسلم أن يختار أي منها أنسب له ويتبعه دون حرج.[169][170]
الشيعة: حسب نتائج تقرير مركز بيو للأبحاث عن «حجم وتوزيع السكان المسلمين في العالم» -الذي جرى في أكتوبر 2009-، فإن نسبة الشيعة تتراوح ما بين 10% إلى 13% من إجمالي المسلمين حول العالم، فهم بهذا ثاني أكبر الطوائف الإسلامية.[171] يرى الشيعة أن الخلافة من حق الإمام علي بن أبي طالب ونسله لأن النبي محمد أوصى له بها، فهي بالتالي أصل من أصول الدين، لا يجوز تركها للناس ينتخبون لها من يشاؤون. والإمام عند الشيعة معصوم عن الذنوب، أي أنه لا يترك واجبًا مع قدرته على تركه، ولا يفعل محرمًا مع قدرته على فعله.[172] وقد ظهرت داخل الشيعة فرق ونزاعات عديدة أشهرها: "الإمامية" أو "الجعفرية"، الذين حافظوا على عقيدتهم في الإمامة وعصمة الأئمة؛[173] و«الزيدية»، الذين يجيزون إمامة المفضول مع وجود الأفضل، أي أن الإمام عليًا أحق بالخلافة، لكنهم يقبلون بصحة خلافة أبي بكروعمروعثمان.[174] والإمام الأول عند الشيعة هو علي بن أبي طالب، يخلفه إبناه الحسن ثم الحسين، ومن الحسين جاء التسعة الباقون من الأئمة الاثني عشر الذين تتبعهم الشيعة الاثنا عشرية.
الإسماعيلية: الإسماعيليون فرقة من الشيعة يوافقون على الأئمة الستة الأوليين، ويختلفون على سائر الأئمة بعد جعفر الصادق، إذ يجعلون الإمامة في ابنه إسماعيل عوضًا عن موسى الكاظم، وهو عندهم «الإمام المستور». ويرى الإسماعيليون أن لكل ظاهر باطنًا، ولكل آية قرآنية تأويلاً، ويختلفون عن سائر المسلمين في أنهم يعتقدون أن العبرة في الإيمان وليس بالأعمال.[175] يرى عدد من علماء السنة أن الإسماعيليين خارجون عن الإسلام، مثل ابن الجوزي، وابن تيمية، [176] ومفتي مصر السابق حسنين محمد مخلوف.[177]
الصوفيّة: الصوفيّة هي طريق يسلكه العبد للوصول إلى مراتب الإحسان، [178] عن طريق الانصراف كليًا إلى العبادة ومحاولة لكشف الحجب عن عالم الغيب وعن حقيقة الإنسان وسعادته من خلال الصلاة والتزهد والتجهّد، كما كان يفعل الصحابة والسلف، وفقًا لهذا المعتقد.[179] ويعتبر التصوّف مكملاً للشريعة الإسلامية وفقًا لممارسيه، أما طائفة السلفية من المسلمين، فيرون أن ما أتى به هذا المعتقد إنما هو بدعة سيئة ينبغي تجنبها. وفي الصوفيّة عدّة مدارس أو «طرق» ينتمي أكثرها للطائفة السنيّة وبعضها للطائفة الشيعية، أما بعضها الآخر فتصف نفسها على أنها طائفة بحد ذاتها.[180][181]
الدروز: الدروز فرقة باطنية منشقة عن الطائفة الإسماعيلية، وهم يُنسبون إلى محمد بن إسماعيل الدرزي، أحد دعاة الخليفة الفاطمي، الحاكم بأمر الله.[182] يعتبر الدروز أنفسهم أصحاب مذهب لا أصحاب دين، وأنهم وجدوا منذ قديم الزمان، وأن موعد الدعوة التي وجه الحاكم الدعاة لنشرها قد انتهى وأغلق باب اعتناقها. وهم يؤمنون بالتوحيد، فالله واحد أحد لا بداية له ولا نهاية، وبأن الدنيا تكونت بقوله «كوني» فكانت، وبأن الأعمار مقدّرة، وهم يكرمون الأنبياء المذكورين في الكتب المنزلة.[183] وأبرز ما يختلف به الدروز عن سائر الفرق الإسلامية، اعتقادهم بالتناسخ، أي أن الأرواح البشرية تتناسخ أو تتقمص، أي تنتقل عند الوفاة من إنسان لإنسان مثله.[184] كذلك فهم لا يتزوجون إلا بواحدة، وإذا طلّق أحدهم امرأته فلا يجوز له ردها، وهم يستطيعون أن يوصوا بأموالهم لمن شاءوا. ويحرص الدروز على الفضائل ويقدمونها على بعض الفروض الدينيّة. فالعفّة والصدق وحسن الخلق والامتناع عن التدخين وشرب الخمر كلّها أمور تلح عليها الطريقة المذهبية.[185] ويعتبر رجال الدين الدروز أنفسهم من المسلمين، إلا أن علماء السنّة والشيعة كان لهم نظرات أخرى لهذا الادعاء، حيث قبله البعض ورفضه البعض الآخر.[177][186][187][معلومة 5] بالمقابل يعد بعض الباحثين مذهب التوحيد الدرزي ديانة إبراهيميةوتوحيدية مُستقلة مُنشقة من الإسلام.[188][189][190][191] كما ويجادل عدد آخر من الباحثين أن عوام الدروز لا يَعتَبِرُون أنفسهم مسلمون.[192][193][194]
الأحمدية: نشأت الجماعة الأحمدية في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في شبه القارة الهندية. مؤسسها هو الميرزا غلام أحمد القادياني الذي صرّح أنه هو المهدي المنتظر ومجدد زمانه والمسيح الموعود الذي بشّر به النبي محمد وقال أنه سيأتي في آخر الزمن.[195][196][197][198][199] يعتقد الأحمديون أن مؤسس جماعتهم جاء مجددًا للدين الإسلامي، ومعنى التجديد عندهم هو إزالة ما تراكم على الدين من غبار عبر القرون، ليعيده ناصعًا نقيًا كما جاء به النبي محمد الذي يؤمنون بأنه «عبد الله ورسوله وخاتم النبيين».[200] ويؤمن الأحمدية بكافة أركان الإيمان الإسلامي، لكنهم يختلفون عن المسلمين في طائفة من الأمور البارزة، مثل إيمانهم أن المسيح لم يُرفع إلى السماء بل عُلّق على الصليب لكنه لم يمت، بل أغشي عليه ثم صحا وهاجر ومات ميتة عادية، [201] كذلك يؤمنون أن محمدًا أفضل الأنبياء وأكملهم، وليس آخرهم. وهو مما يوفق في نظرهم بين نبوة مؤسس العقيدة وبين استمرار انتمائهم للإسلام.[202] ويرى كثير من علماء السنّة والشيعة أن الطائفة الأحمدية ليست بطائفة إسلامية، لإنكارها صريح القرآن الذي يذكر بأن النبي مُحمد خاتم الأنبياء، وأنها أنشأت أساسًا بدعم من البريطانيين لبث التفرقة بين مسلمي الهندوباكستان في أوائل القرن العشرين.[203]
وبالإضافة للطوائف سالفة الذكر، هناك بضعة طوائف أخرى باقية وأخرى مندثرة: فمن أبرز الفرق الدينية الزائلة، فرقة الخوارج، وهم الفريق الذي انشق عن الإمام علي بن أبي طالب، أو «خرجوا» عنه، بعد معركة صفين ولم يقبلوا بمبدأ التحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان. كان الخوارج يرون أن الخلافة غير محصورة في قبيلة قريش، بل هي حق لكل مسلم، ودعوا لإقرار المبادئ الديمقراطية التي دعا إليها الإسلام. أما إذا لم يقتنع خصومهم بهذه المبادئ من طريق الرأي والجدل، فيجب أن يُقنعوا بها بالقوة والعنف. أما أشهر فرق الخوارج فهي: الأزارقة، النجدات، الصفرية، الإباضية، والأخيرة أكثر فرق الخوارج تساهلاً، ولذلك استطاعت البقاء إلى الوقت الحاضر، إذ يوجد منهم اليوم في الجزائروتونسوسلطنة عمانوليبياوزنجبار.[204][205] ومن الطوائف المندثرة أيضًا: القرامطة والحشاشون. وهناك طائفة من المسلمين ترفض اللجوء إلى الحديث النبوي لاستنباط الأحكام الشرعيّة، ولا ترجع إلا للقرآن، وهؤلاء يُطلق عليهم «القرآنيون».[206]
جرت العادة على تقسيم تاريخ الإسلام إلى عهود الخلافة المتنوعة التي مرّت على الدول الإسلامية والأسر الحاكمة التي حكمتها. وبطبيعة الحال يبدأ تاريخ الإسلام منذ عهد النبي محمد، ويُطلق على تلك المرحلة تسمية «العصر النبوي» أو «صدر الإسلام»، وفيها بدأت الدعوة الإسلامية بين العرب وانتشر الدين الجديد شيءًا فشيئًا حتى اعتنقه أغلب سكان شبه الجزيرة العربية.[207][208] وبعد وفاة محمد تولّى شئون المسلمين 4 من كبار الصحابة هم أبو بكر الصديقوعمر بن الخطّابوعثمان بن عفّانوعليّ بن أبي طالب، وعُرفوا بالخلفاء الراشدين، [209] وفي عهدهم بدأ التوسع الإسلامي خارج شبه الجزيرة العربية. وبعد عهد الخلفاء الراشدين جاء العهد الأموي أو العصر الأموي الذي استفرد فيه بنو أميّة بالخلافة وفيه استمر التوسع الإسلامي حتى بلغ شبه الجزيرة الأيبيرية، [210] وفي أواخر هذا العصر ثار بنو العبّاس بن عبد المطلب عمّ النبي محمد على الحكم وخلعوا الأمويين واستفردوا بالحكم فعُرفت هذه الفترة باسم «العصر العبّاسي»، [211] وفيها بلغت الحضارة الإسلامية أوج تقدمها وازدهارها وتقدمت فيها العلوم والآداب تقدمًا لم تعرفه العرب من قبل فعُرف هذا العصر أيضًا «بالعصر الذهبي للإسلام»، [212] وفي أواخره دبّ الضعف إلى جسم الدولة وتراجعت هيبة الخلافة لأسباب مختلفة، [213] فما كان إلا أن استفرد عدد من الحكام بأقاليم مختلفة ودعوا لنفسهم مثل الطولونيينوالإخشيديينوالحمدانيينوالفاطميينوالسلجوقيين، ثم حلت ثالثة الأثافي بالمسلمين؛ فكانت الحروب الصليبية، حيث شنّت الممالك الأوروبية الغربيّة حملة على بلاد الشام للاستيلاء على مدينة القدس من أيدي المسلمين، فتمكنت من ذلك وبقي الصليبيون في الأراضي المقدسة مئة وأربعًا وتسعين سنة.[214][215]
وخلال هذه الفترة قامت بضع دول إسلامية استمرت بقتال الصليبيين واسترجعت منهم بعض المدن والقلاع أحيانًا وفقدتها لصالحهم في أوقات أخرى مثل دولة الأتابكةوالأيوبيين، [216] قبل أن تقوم دولة المماليك في مصر وتهزم الصليبيين وتردهم على أعقابهم وتسترجع كامل بلاد الشام. وخلال هذه الفترة كان المغول بقيادة هولاكو خان قد غزوا عاصمة الخلافة بغداد وأمعنوا فيها تدميرًا وخرابًا، [212] فنقل الخلفاء العباسيون مقرهم إلى مدينة القاهرة إلا أن خلافتهم كانت قد أصبحت خلافة صورية ذلك أن سلاطين المماليك كانوا قد أصبحوا سادة الموقف بحق.[217] وبعد ذلك لم يعد للمسلمين دولة قويّة توحدهم كما كان الحال في بداية العهد العبّاسي، إلى أن ظهرت الدولة العثمانية على يد السلطان عثمان الأول، [218] فقد قام خلفاؤه بالاستيلاء على عدد من الدول التي لم يسبق للمسلمين فتحها، كدول البلقان، ونشر الإسلام فيها، وفي عهد سابع سلاطين هذه الدولة، محمد الثاني، افتتحت القسطنطينية بعد محاولات عديدة فاشلة خلال الأزمنة السابقة، [219] وفي سنة 1516 فتح حفيد السلطان سالف الذكر، سليم الأول، بلاد الشامومصر وقضى على السلطنة المملوكية وجعل آخر خلفاء بني العبّاس يتنازل له عن الخلافة، فأصبح بنو عثمان بذلك خلفاء المسلمين طيلة 408 سنوات، [220] وعُرف هذا العصر «بالعصر العثماني»، وفيه برزت بضع دول إسلامية في إيران وما ورائها مثل الدولة التيموريةوالدولة الصفوية والدولة الهوتكيانية. وبعد انهيار الدولة العثمانية تفرّق شمل المسلمين وقامت عدّة دول مستقلة يجمعها رابط اللغة أو الثقافة أو الأخوّة دون أن تكون موحدة فعلاً.
نشأ الدين الإسلامي على يد محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب من بني هاشم، أحد فروع قبيلة قريش العربية العريقة. كان محمد، وفقًا للمصادر الإسلامية، حنيفيًا قبل الإسلام يعبد الله على ملة إبراهيم ويرفض عبادة الأوثان والممارسات الوثنية.[221] وكان يذهب إلى غار حراء في جبل النور على بعد نحو ميلين من مكة فيأخذ معه السويق والماء فيقيم فيه شهر رمضان، [222] وكان يختلي فيه ويقضي وقته في التفكر والتأمل. يؤمن المسلمون أن الوحي نزل لأول مرّة على محمد وهو في غار حراء، حيث جاءه الملاك جبريل، فقال: «اقرأ»، قال: «ما أنا بقارئ» - أي لا أعرف القراءة، قال: «فأخذني فغطَّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني» فقال: «اقرأ»، قلت: «ما أنا بقارئ»، قال: «فأخذني فغطَّني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني» فقال: «اقرأ»، فقلت: «ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّني الثالثة، ثـم أرسلني»، فقال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ٢ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ٣ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ٤ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ٥﴾ [العلق:1–5]، فأدرك محمد أن عليه أن يعيد وراء جبريل هذه الكلمات، ورجع بها يرجف فؤاده، فدخل على زوجته خديجة بنت خويلد، فقال: «زَمِّلُونى زملوني»، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم أخبر زوجته بما حصل معه، فانطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان حبرًا مسيحيًا يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيلبالعبرانية، وكان شيخًا كبيرًا فأخبره خبر ما رأى، فقال له ورقة: «هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى». ويؤمن المسلمون أن جبريل آتى محمدًا مرة أخرى جالسًا على كرسي بين السماء والأرض، ففر منه رعبًا حتى هوى إلى الأرض، فذهب إلى زوجه خديجة فقال: «دثروني، دثروني، وصبوا علي ماءً باردًا»، فنزلت سورة المدثر: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنْذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ٣ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ٤ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ٥﴾ [المدثر:1–5]، وهذه الآيات هي بداية رسالته ثم بدأ الوحي ينزل ويتتابع لمدة ثلاثة وعشرين عاماً حتى وفاته.[223] أعلن محمد رسالته إلى أسرته سرًا، فكان ممن سبق إلى الإسلام زوجته خديجة بنت
خويلد، وابن عمه علي بن أبي طالب، وصديقه المقرّب أبو بكر، وأخذ محمد يدعو إلى ترك عبادة الأصنام وعبادة إله واحد لا شريك له والإيمان بالآخرة، ولكنه ما كاد يجهر بالدعوة حتى سخرت منه قبيلته قريش، وآذته أشد الإيذاء، وعذّبت أتباعه من المستضعفين، فأخبرهم محمد أن الله أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة، فخرج قرابة 80 منهم وضموا عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت محمد، وحاطب بن أبي بلتعة اللخميوجعفر بن أبي طالب.[224] فأمّن نجاشيالحبشة «أصحمة بن أبحر النجاشي» المسلمين على أرواحهم وأعطاهم حرية البقاء في بلاده، فبقي منهم من بقي في شتى أنحاء القرن الإفريقي عاملاً على نشر الدين الإسلامي هناك.
وزاد في حرج موقف النبي محمد وأتباعه في مكة وفاة عمّه أبي طالب ووفاة زوجته خديجة، فخسر بفقدهما مساعدين قويين، وهكذا اشتد اضطهاد قريش للمسلمين من أتباع محمد، الذين كانوا يتحملون الاضطهاد صابرين، عندئذ لم يجد النبي بدًا من أن يأمر المسلمين بالهجرة سرًا من مكة إلى مدينة يثرب، وكان نحوٌ من سبعين رجلاً من أهلها قد آمنوا برسالته في إحدى زياراتهم لمكة.[225] وما لبث محمد أن لحق بأتباعه إلى يثرب يرافقه أبو بكر، وعندما وصلها قابله أهلها بتحية النبوّة وسُميت «المدينة المنورة». وأخذ عدد المسلمين يتكاثر شيءًا فشيئًا، إلى أن استطاعوا أن يواجهوا أهل مكة في ساحات المعارك، فكانت غزوة بدر بتاريخ 17 مارس سنة 624م، الموافق في 17 رمضان سنة اثنتين للهجرة. وانتصر جيش المسلمين وقُتِل من المكيين حوالي 70 قتيلا منهم أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي القرشي سيد قبيلة قريش، في حين قتل من المسلمين ما لا يتجاوز أربعة عشر شخصًا. ذلك بالرغم من التفوق العددي لجيش مكة.[226] كما تم أسر 70 فردًا من قوات جيش مكة، وأُطلق سراح الكثير منهم لاحقًا مقابل فدية.[227][228] وقد أثارت الهزيمة أهل مكة فجمعوا جموعهم في العام التالي، والتقوا بالمسلمين عند جبل أحد وكرّوا عليهم وهزموهم. قُتل عدد كبير من المسلمين في هذه المعركة من ضمنهم حمزة بن عبد المطلب عم محمد الذي يلقبه المسلمون السنّة «سيد الشهداء».[229][230][231] وبعد معركة أحد أقدم أبو سفيان على حشد جيش كبير، وتوجه به نحو المدينة المنورة قاصدًا احتلالها. أعد محمد كذلك جيشًا كبيرًا لمواجهة الغزو، واستخدم أسلوبًا جديدًا لم يكن معروفًا في شبه جزيرة العرب في ذلك الحين، حيث أخذ بمشورة سلمان الفارسي وقام بحفر خندق حول المدينة وأضرم فيه النيران. حينما وصل تحالف العرب إلى المدينة يوم 31 مارس سنة 627م فوجئوا بالخندق فقرروا محاصرة المدينة. استمر الحصار لمدة أسبوعين، [232] بعدها قرر المحاصرون العودة إلى ديارهم.[233] وفي العام التالي أبرم محمد معاهدة سلام مع المكيين عُرفت بصلح الحديبية، واتفقوا أن تسري مفاعيلها طيلة عشر سنوات.[234]
توّجه المسلمون إلى خيبر بعد أن أراحوا بالهم من جهة المكيين، وكانوا ألف وست مئة مقاتل، في مطلع ربيع الأول من العام السابع الهجري، وأحاط محمد تحركه بسرية كاملة لمفاجأة اليهود. فوصل منطقة تدعى الرجيع تفصل بين خيبر وغطفان وفي الظلام حاصر المسلمون حصون خيبر واتخذوا مواقعهم بين أشجار النخيل. وفي الصباح بدأت المعارك، حتى سقطت آخر حصونهم على يد سرية بقيادة علي بن أبي طالب. فاتفق معهم محمد على أن يعطوه نصف محصولهم كل عام على أن يبقيهم في أراضيهم.[235][236] كما بعث محمد في تلك السنة رسائل إلى العديد من حكام الدول المجاورة، داعيًا إياهم إلى اعتناق الإسلام.[224] فأرسل رسله إلى هرقل إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية، وكسرى شاه فارس، والمقوقس عامل الروم في مصر، وبعض البلدان الأخرى.[237][238] وفي السنوات التي أعقبت صلح الحديبية، أرسل محمد قواته إلى الشمال فالتقوا مع القوات البيزنطية في غزوة مؤتة، لكنهم انهزموا بسبب الفارق العددي الكبير.[239] وبعد مضيّ ثماني سنوات على هجرة النبي محمد من مكة، استطاع أن يعود إليها فاتحًا دون قتال، [240] وأعلن عفوًا عامًا عن كل أهل مكة، باستثناء عشرة منهم ممن قاموا بنظم الشعر لهجائه، [241] فسارع أهلها إلى الانضواء تحت لوائه واعتناق الإسلام دينًا، ثم أقدم على تدمير جميع تماثيل الآلهة العربية بداخل الكعبة وحولها.[242][243] وأمر بلال بن رباح الحبشي، أحد الصحابة وأول مؤذن في الإسلام، أن يصعد الكعبة ويؤذن بالصلاة.
وعاش النبي محمد سنتين بعد فتح مكة، وفي السنة العاشرة للهجرة خرج للحج في أكثر من مئة ألف من المسلمين. وعند جبل عرفات ألقى عليهم خطبته التي تعتبر دستور الإسلام، فقد بيّن فيها أسس الإسلام ومبادئه، ونادى بالمساواة بين الناس، لا فرق في ذلك بين العبد الحبشي والحر العربي، وقرأ عليهم آخر ما نزل من القرآن: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة:3] ولم يمض على حجة الوداع ثلاثة أشهر حتى مرض النبي محمد بالحمّى، فلمّا رأى الأنصار اشتداد المرض عليه أحاطوا بالمسجد، فخرج متوكئًا على علي والعبّاس والفضل أمامهما، [244] فجلس في أسفل مرقاه من المنبر وقال للناس أنه ملاق ربه لا محال، فلم يسبق لنبي قبله أن خلد في قومه حتى يخلد فيهم، وبعد أن أوصى المسلمين بالمهاجرين والأنصار خيرًا، توفي النبي محمد يوم 8 يونيو سنة 632م، الموافق في 12 ربيع الأول سنة 11 هـ، وهو في الثالثة والستين من عمره، [245] ودُفن ببيت زوجته عائشة بجانب المسجد النبوي، [246] وفي هذا الوقت كان الإسلام قد انتشر في شبه الجزيرة العربية بالكامل.[85]
بعد وفاة محمد اختلف أتباعه على هوية الشخص الذي سيخلفه في الحكم، [208] حيث اجتمع جماعة من المسلمين في سقيفة بني ساعدة، فرشّح سعد بن عبادة نفسه وأيده في ذلك الأنصار، في حين رشح عمر بن الخطابأبا بكر الصديق مؤكدًا على أحقية المهاجرين في الخلافة.[247] ولقي هذا الترشيح تأييد المسلمين ممن كانوا في السقيفة، في حين اعترض عليه لاحقًا مجموعة من المسلمين كانوا منشغلين بتجهيز جثمان محمد ودفنه؛ متمسكين بعلي بن أبي طالب كخليفة نظرًا لقرابته ومكانته من محمد، ويضيف بعض المؤرخين لهذة الأسباب مبايعة المسلمين له في غدير خم. بعد استقرار الأمر لأبي بكر في المدينة، عمل على حمايتها ومحاربة بعض القبائل التي ارتدت عن الإسلام بعد وفاة النبي، وفي أيامه كان ظهور مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة، فأرسل إليه من حاربه وقتله، [248] وعُرفت هذه الحروب «بحروب الردة»، [249]
وكذلك ادعت سجاح بنت الحارث النبوة وبقيت على ذلك إلى خلافة معاوية بن أبي سفيان فأسلمت وحسن إسلامها. ولم يكد أبو بكر يفرغ من قتال المرتدين حتى وجّه جيوشه لفتح البلاد الواقعة خارج شبه الجزيرة العربية، فوجّه عدّة جيوش إلى بلاد الشام، وولّى عليها كلها أبا عبيدة بن الجراح، [250] وكان منها سرية كان قد أعدها محمد قبل مماته بقيادة أسامة بن زيد لمحاربة الروم رغم اعتراض البعض لصغر سن قائدها.[251] وكان أول اصطدام هو الذي وقع في وادي عربة جنوبي البحر الميت، فانتصرت فيه الحملة العربية بقيادة يزيد على قوّات البيزنطيين التي تراجعت نحو غزة. ولمّا بلغت هرقل، إمبراطور الروم، أنباء المعارك الأولى التي خاضتها القوات العربية في الشام، أسرع إلى الجنوب حيث نظّم خطة الدفاع، وولّى أخاه ثيودورس قائدًا على جيش الروم، فأرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد الذي كان يُقاتل الفرس في العراق يطلب إليه أن يسرع إلى نجدة القوات العربية في الشام، فلبّى خالد طلبه بعد أن كانت مدينة الحيرة قد استسلمت له، فكانت بذلك أول غنيمة نالها المسلمون خارج شبه الجزيرة العربية. ما كاد خالد يبلغ بصرى حتى اجتمع قوّاد القوات العربية وأمروه عليهم، [250][252] فرتب الجيش ترتيبًا جديدًا، وبدأت الغارات المنظمة على مدن الشام. وبتاريخ 8 أغسطس سنة 634م، مرض أبو بكر مرضًا شديدًا، فأدرك دنوّ أجله وأقدم على إعلان خلافة عمر بن الخطاب كي لا يصبح هناك شقاق بين المسلمين بعد وفاته، على الرغم من أن الجدال كان قائمًا عما إذا كان ينبغي أن يتولى علي بن أبي طالب الخلافة أم لا.[253] توفي أبو بكر يوم الإثنين في 23 أغسطس من نفس السنة ودُفن إلى جانب النبي محمد.
تولّى عمر بن الخطاب الخلافة بعد وفاة أبو بكر، فتابع الفتوحات التي بدأها المسلمون في عصر سلفه، فسقطت مدينة بصرى ثم تبعتها فحل على ضفة الأردن الشرقية. وبعد حصار ستة أشهر استسلمت دمشق بعد أن غادرتها حاميتها البيزنطية. وقد أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق أمانًا على أنفسهم وأولادهم وأموالهم وكنائسهم وبيوتهم ما داموا يؤدون الجزية. ودخلت القوى العربية حمصوحماة، ولكن أنباء الحشد الكبير الذي أعده هرقل، بقيادة أخيه ثيودورس في فلسطين، والذي قيل أنه وصل في تعداده إلى 100,000 رجل، [254] جعلت خالدًا يتخلّى عن بعض المدن الشاميّة ليواجه جيش الروم في وقعة حاسمة، فانحدر إلى وادي اليرموك الذي يصب نهره في الأردن، وجمع جيوشه كلها وعسكر بها على مرتفع جنوبيّ النهر، [255] فكان النهر فاصلاً بين جيوشه وبين الروم، فإذا هاجمها العدوّ استطاعت أن تنجو بنفسها إلى الصحراء التي تمتد ورائها، فيتعذر على الروم اللحاق بها. ولكن ما أن انجلى غبار المعركة الكبرى التي نشبت بين الفريقين حتى ظهرت هزيمة البيزنطيين في فرار عدد من كتائب الجيش وفي كثرة الجرحى والقتلى. وكان من بين القتلى ثيودورس نفسه.[256] وفي الوقت نفسه توجهت قوة عربية بقيادة أبي عبيدة بن الجرّاح إلى سهل البقاع، ورابطت خارج أسوار بعلبك، وبعد حصار طويل وقتال شديد استسلمت الحامية البيزنطية في المدينة. وتوجهت قوة عربية أخرى بقيادة يزيد بن أبي سفيان إلى سواحل لبنان، فتم الاستيلاء على صوروصيداوبيروتوجبيلوعرقة صلحًا.[257]
كانت الحملة العربية في العراق بقيادة سعد بن أبي وقّاص تُنازل جيش الفرس بقيادة القائد رستم فرخزاد، في معركة القادسية قرب الحيرة. وكانت النتيجة أن قُتل رستم وتشتت الجيش الفارسي ومضى سعد بجيشه إلى المدائن عاصمة الفرس، فدخلها بعد أن فرّ منها يزدجرد الثالث آخر الأكاسرة الساسانيين، مع فلول من الجيش، ولكن سعدًا طاردهم من مدينة إلى مدينة حتى اشتبك معهم في آخر واقعة كبيرة وهي معركة نهاوند.[258] وكانت مقاومة الفرس أشد من مقاومة الروم في الشام، فكثرت المعارك، وكثرت الضحايا، ولم يتم فتح فارس إلا عام 640م.[259] وكان العرب قد اتخذوا الكوفة معسكرًا يوجهون منه القوّات لإخضاع الفرس الذين كانت تتجدد مقاومتهم، حتى تم إخضاع الأقاليم الشرقية كخراسان ومنها تقدموا إلى ما وراء النهر وفتحوا بعد ذلك أذربيجانوأرمينيا وكامل القوقاز. وانطلق عمرو بن العاص من القدس إلى مصر، بعد أن شاور الخليفة، [260] سالكًا الطريق التي سلكها قبله قمبيزوالإسكندر الأكبر. واصطدمت القوة العربية بالروم في مدينة الفرماء، مدخل مصر الشرقية، فسقطت المدينة بيد عمرو، ثم تبعتها بلبيس. وكان المقوقس، عامل الروم على مصر، قد تحصن بحصن إزاء جزيرة الروضة على النيل، ورابط عمرو في عين شمس.[261] ولما وصلت الإمدادات من الخليفة عمر، تقاتل الفريقان في منتصف الطريق بين المعسكرين، [262] فانهزم المقوقس واحتمى بالحصن، ولمّا ضيّق عمرو عليه الحصار اضطر إلى القبول بدفع الجزية.[263] وتابع عمرو استيلائه على المدن المصرية، ولم يبق إلا الإسكندرية قصبة الديار المصرية وثانية حواجز الإمبراطورية البيزنطية. وكان الاسطول البيزنطي يحميها من البحر، ولكن شدّة الغارات البريّة العربية، وموت هرقل وارتقاء ابنه قسطنطين الثاني عرش الإمبراطورية وكان حديث السن، جعلت الروم يوافقون على شروط الصلح، فجلت قواتهم وأسطولهم عن المدينة ودخلها المسلمين فاتحين، وأطلقوا الحرية الدينية للأقباط وأمّنوهم على ممتلكاتهم وأرواحهم.[264] وبتاريخ 1 نوفمبر سنة 644م، الموافق في 24 ذي الحجة سنة 23هـ، طُعن عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤة الفارسي وهو يُصلي، [265] ولم يلبث طويلاً حتى فارق الحياة في 7 نوفمبر من نفس السنة، ودُفن إلى جانب النبي محمدوأبي بكر. وكان عمر أوّل من حمل لقب «أمير المؤمنين»، وبلغ عدد المدن التي افتتحت في خلافته حوالي 4050 مدينة، [266] وفي عهده دوّنت الدواوين وأُنشئ البريد ووُضع التاريخ الهجري.
بعد مقتل عثمان حصلت البيعة لعليّ بن أبي طالب، [272] فبايعه جميع من كان في المدينة من الصحابةوالتابعين والثوّار. يروى إنه كان كارهًا للخلافة في البداية واقترح أن يكون وزيرًا أو مستشارًا إلا أن بعض الصحابة حاولوا إقناعه فضلا عن تأييد الثوار له، [273][274] ويروي ابن خلدونوالطبري أنه قبل خشية حدوث شقاق بين المسلمين.[272][275] ومنذ اللحظة الأولى في خلافته أعلن علي أنه سيطبق مبادئ الإسلام وترسيخ العدل والمساواة بين الجميع بلا تفضيل أو تمييز، كما صرح بأنه سيسترجع كل الأموال التي اقتطعها عثمان لأقاربه والمقربين له من بيت المال، [276][277][278] فأقدم في سنة 36 هـ على عزل الولاة الذين عينهم عثمان وتعيين ولاة آخرين يثق بهم، مخالفًا بذلك نصيحة بعض الصحابة مثل ابن عباسوالمغيرة بن شعبة الذين نصحوه بالتروي في اتخاذ القرار.[275] وبعد بضعة أشهر من استلامه الحكم، طالبت عائشة بنت أبي بكر وزوجة النبي محمد، طالبت الأخذ بثأر عثمان، وانضم إليها طلحةوالزبير بن العوام وساروا ومن تبعهم إلى البصرة للاستيلاء عليها، [275][279] فلحقهم علي وحصلت بين الفريقين معركة الجمل المشهورة، فانتصر علي ومن معه وقُتل طلحة وولى الزبير ومن بقي معه إلى المدينة، وأرسل علي عائشة إلى المدينة مع أخاها محمد بن أبي بكر، وبذلك انتهت الفتنة في هذه الجهة. ثم جمع علي جيوشه لقتال معاوية بن أبي سفيان والي بلاد الشام لامتناعه عن مبايعته ومطالبته بأخذ ثأر عثمان، [278] فوقعت بين
الفريقين معركة صفين الشهيرة، وبعدها اتفق علي مع معاوية أن يعين كل منهما حكمًا من طرفه ليفصلا الخلاف، وتهادنا على ذلك وحررا به عهدًا بين أبي موسى الأشعري بالنيابة عن علي وعمرو بن العاص بالنيابة عن معاوية، واجتمع الحكمان لإيجاد حل للنزاع، فدار بينهما جدال طويل، واتفقا في النهاية على خلع معاوية وعلي وترك الأمر للمسلمين لاختيار الخليفة. خرج الحكمان للناس لإعلان النتيجة التي توصلا إليها، فأعلن أبي موسى الأشعري خلع علي ومعاوية، لكن عمرو بن العاص أعلن خلع علي وتثبيت معاوية.[275][280]
بعد حادثة التحكيم عاد القتال من جديد واستطاع معاوية أن يحقق بعض الانتصارات وضم عمرو بن العاص مصر بالإضافة إلى الشام وقتل واليها محمد بن أبي بكر. ورغم أن علي لم يقم بأي فتوحات طوال فترة حكمه إلا أنها اتصفت بالكثير من المنجزات المدنية والحضارية منها تنظيم الشرطة وإنشاء مراكز متخصصة لخدمة العامة كدار المظالم ومربد الضوال وبناء السجون.[281][282] وأمر أبا الأسود الدؤلي الكناني بتشكيل حروف القرآن لأول مرة.[283][284]
وبتاريخ 24 يناير سنة 661م، الموافق في 17 رمضان سنة 40هـ، كان علي يؤم المسلمين بصلاة الفجر في مسجد الكوفة، وأثناء الصلاة ضربه عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم على رأسه، وتقول بعض الروايات أن علي بن أبي طالب كان في الطريق إلى المسجد حين قتله بن ملجم، [285][286] فحُمل إلى بيته وجيء له بالأطباء الذين عجزوا عن معالجته فتوفي بعدها بثلاثة أيام، تحديدًا ليلة 21 رمضان سنة 40 هـ عن عمر يناهز 64 سنة حسب بعض الأقوال.[285] واختُلف في المحل الذي دُفن فيه.[287]
وبعد إغتيال علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين من قبل الخوارج، بويع لابنه الحسن في العراقوالحجازوتهامةواليمن وباقي البلاد الإسلامية ما عدا الشامومصر.[288] فجمع معاوية جيشًا لمحاربته واستعد الحسن كذلك للقتال، [289] لكن ثارت الفتنة بين جنوده وانسحب كثير ممن كان حوله.[290] فلما رأى ذلك كتب إلى معاوية أنه مستعد للتنازل إليه عن حقه في الخلافة بشرط أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة وخراج ولاية دارابجرد الفارسية وأن لا يسب عليًا ولا يجعل الخلافة وراثية في عائلته، [291] وأن تعود الخلافة إليه أو إلى أخيه الحسين بحال وفاة معاوية، وذلك وفق المصادر الشيعية.[292] وبعد ذلك تنازل الحسن لمعاوية وكتب إلى قيس بن سعد قائد جيوشه بأن يُبايع معاوية، فدخل الأخير الكوفة وصارت له الخلافة على جميع الأقاليم بدون مشارك أو منازع، فكان مؤسس السلالة الأموية.[293] اتخذ معاوية بعد ذلك من مدينة دمشق عاصمة له فأصبحت في عهده محور النشاط السياسي والاجتماعي للدولة الإسلامية. أما الحسن بن علي فقد عاد إلى المدينة المنورة وأقام بها إلى أن توفي حوالي السادس من مارس سنة 670م، الموافق في 7[294] أو 28 صفر سنة 50هـ[295] ودُفن في البقيع، وقال البعض أنه مات مسمومًا بينما قال آخرون أنه توفي بالقرحة.[معلومة 7] وأهم ما حصل في أيام معاوية حصار مدينة القسطنطينية لأول مرة من قبل المسلمين، [296] وتأسيس عقبة بن نافع مدينة القيروانبتونس، [297] ودخول سعد بن عثمان بن عفّان مدينة سمرقند.[298] وفي سنة 56هـ بايع معاوية الناس لابنه يزيد بولاية العهد، فامتنع الحسين بن علي بن أبي طالب وتبعه بعضهم. ولمّا بويع ليزيد بعد موت أبيه أصرّ الحسين على امتناعه وسار من المدينة المنورة إلى الكوفة لمحاربة يزيد، فالتقى بجنوده في الموضع المعروف بكربلاء، وعند وصول جيش الأمويين تخلّى أهل الكوفة عن نجدة الحسين ولم يبق معه إلا أهله وأصحابه. خير عمر بن سعد قائد الجيش الأموي الحسين بين مبايعة يزيد أو القتال فلما راى الحسين اصرارهم على اجباره على الاستسلام والبيعة ليزيد رفض هو واصحابه البيعة ليزيد.[معلومة 8] وجرت المعركة بتاريخ 10 محرم سنة 61هـ، الموافق في 12 أكتوبر سنة 680م، [299][300] وانتهت بمقتل الحسين وأهل بيته، [301] فكان لهذا صدىً مؤلم في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
توالى على منصب الخلافة بعد مقتل الإمام الحسين إثنا عشر خليفة واستمرت الخلافة الأموية نحوًا من تسعين سنة وانتشر الإسلام في ظلها انتشارًا عظيمًا، ففي سنة 705م افتتحت بلاد المغرب على يد موسى بن نصير من قبل الخليفة الوليد بن عبد الملك، [303] ثم أرسل موسى قائد جيشه طارق بن زياد في حملة عسكرية إلى لفتح الأندلس، فاستطاع الأخير الوصول إلى شبه الجزيرة الأيبيرية سنة 711م وقاتل القوطيين وراح يفتح القلاع والمدن الواحدة تلو الأخرى حتى سقطت كامل شبه الجزيرة بأيدي المسلمين عدا الجبال الشمالية الغربية منها. ثم توغل المسلمون في أوروبا حتى أوقفهم شارل مارتل في تور بفرنسا عام 732م وذلك في معركة دامية أنقذت أوروبا أمام اندفاع الفاتحين المسلمين. هذا في الغرب، أما في الشرق فكانت ألوية الدولة الأموية ترفرف في السندوكاشغروطشقند، وفي الشمال ثبّت المسلمون أقدامهم في أرمينيا وسفوح جبال القوقاز الجنوبية، أما في الجنوب فكان المحيط الهندي حائلاً طبيعيًا منع المسلمون من تجاوزه.[304]
انهمك بعض الخلفاء الأمويين في ملذاتهم، وانصرفوا عن شؤون الدولة إلى نزاعهم مع بعض أفراد البيت الأموي. وصادف ذلك إعلان الثورة العبّاسية التي تدعو لبني العبّاس، فكان ضعف الخلفاء وانشغالهم في أمورهم الخاصة ونقمة الناس عليهم أسبابًا أدت إلى نجاح الثورة العبّاسية وانتشارها بين الرعيّة وبشكل خاص الفرس الذين أبعدهم الأمويون عن مناصب الدولة.[305]
اندلعت الثورة العبّاسية في مقاطعة كخراسان بقيادة أبي مسلم الخراساني عام 747م. سقط ذلك الإقليم بيد الثوّار ثم سقطت مدينة الكوفة في العراق سنة 749م، وفي أواخر السنة نفسها بويع أبو العباس السفاح بالخلافة في مسجد الكوفة. قام مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين بمحاولة للتصدي للثورة العبّاسية، فالتقى بقواتهم على ضفة نهر الزاب، [306] وهو فرع من نهر دجلة، فانهزم أمام القوات الثائرة وتمكن العبّاسيون من احتلال دمشق وأقاموا دولتهم على أنقاض الدولة الأموية. قضى أبو العبّاس معظم عهده في محاربة قوّاد العرب الذين ناصروا بني أمية حتى أبادهم عن بكرة أبيهم ولم يفلت منهم إلا عبد الرحمن الداخل الذي استولى على الأندلس وأسس فيها الدولة الأموية، فكانت بذلك أقدم الأقاليم عهدًا بالانفصال عن الخلافة العبّاسية.[307] وبعد أبو العباس السفاح، تولى أخوه أبو جعفر المنصور خلافة المسلمين، [308][309] ويُعد الأخير المؤسس الحقيقي للدولة العبّاسية، حيث استطاع بحزمه وكيده أن يتغلب على الأحداث الخطيرة التي حدثت في عهده ومنها خلع عيسى بن موسى بن محمد العباسي من ولاية العهد وأخذ البيعة للمهدي بن المنصور. وقد ذهب بعض المؤرخين إلى أن المنصور كان أعظم الخلفاء العباسيين شدة وبأسًا وحزمًا وإصلاحًا، [310] وقد انحدر منه جميع الخلفاء الذين ارتقوا الخلافة العباسية بعده، وعددهم خمسة وثلاثون.[311]
وخلال هذا العهد بُني أيضًا بيت الحكمة الذي ضم خزانة كتب ودار علم وترجمة، وأنشأت البيمارستانان، فكانت طليعة المستشفيات الحديثة في العالم،[319] حيث كانت تمنح شهادات في الطب للطلبة ولا تسمح لسواهم بمداواة الناس، [320][321] وتأسست الجامعات في طول البلاد وعرضها، وما زالت إحداها، وهي جامعة القيروان، مستمرة في منح الشهادات للطلاّب، [322] وأُدخل المنهج الاختباري التجريبي لتفرقة الصحيح من الباطل من النظريات العلمية، [323][324] وأبرز من طبّق هذا المنهج أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم، المعروف بكونه «أول عالم حقيقي في التاريخ».[325] كذلك يُعتقد أن مبدأ الاستشهاد بالمراجع أوّل ما طبق في هذا العصر.[323][326]
وإلى جانب الشعوبية السياسية، تكوّنت فرق دينية متعددة عارضت الحكم العبّاسي. وكان محور الخلاف بين هذه الفرق وبين الحكام العبّاسيين هو «الخلافة» أو إمامة المسلمين. ومن هذه الفرق: الخوارجوالشيعةوالقرامطةوالحشاشون، وكان لكل جماعة منهم مبادئها الخاصة ونظامها الخاص وشعاراتها وطريقتها في الدعوة إلى هذه المبادئ الهادفة لتحقيق أهدافها في إقامة الحكم الذي تريد. وجعلت هذه الفرق الناس طوائف وأحزابًا، وأصبحت المجتمعات العباسيّة ميادين تتصارع فيها الآراء وتتناقض، فوسّع ذلك من الخلاف السياسي بين مواطني الدولة العبّاسية وساعد على تصدّع الوحدة العقائدية التي هي أساس الوحدة السياسية.[330] ومن العوامل الداخلية التي شجعت على انتشار الحركات الانفصالية، اتساع رقعة الدولة العبّاسية، ذلك أن بعد العاصمة والمسافة بين أجزاء الدولة وصعوبة المواصلات في ذلك الزمن، جعلا الولاة في البلاد النائية يتجاوزون سلطاتهم ويستقلون بشؤون ولاياتهم دون أن يخشوا الجيوش القادمة من عاصمة الخلافة لإخماد حركتهم الانفصالية والتي لم تكن تصل إلا بعد فوات الأوان، وكانت معظم هذه الحركات الانفصالية فارسية في بداية الأمر، ومن الدويلات الفارسية التي ظهرت: الدولة الزيادية في اليمن، الدولة الصفارية في كخراسان، الدولة الزيدية في الكوفة ثم طبرستان، الدولة السامانية في بلاد ما وراء النهر، والدولة الساجية في أرمينياوأذربيجان.[331]
وشهد التاريخ العبّاسي، منذ عهد المتوكل، عصر الاستبداد العسكري التركي الذي دام مئة سنة، وفيه اشتدت حركة الانفصال عن الدولة العبّاسية، فانفرد الطولونيونبمصر، الذين ينسبون إلى الأمير أحمد بن طولون ابن أحد الأتراك الذي ولاه المأمون على مصر، [332] انفردوا بحكمها من سنة 868 حتى سنة 905م.[333] وفي سنة 909م أسس سعيد بن حسين، الذي ادعى أنه حفيد الإمام جعفر الصادق، أسس الخلافة الفاطمية في تونس بعد أن نشر أحد الدعاة واسمه أبو عبد الله الحسين، المذهب الإسماعيلي بين السكان من الأمازيغوالعرب. وفي سنة 932م قُتل الخليفة أبو الفضل جعفر المقتدر بالله، فعمّت الفوضى بالدولة العبّاسية وطغت عليها موجة فتن وجراح لم تلتئم لمدة طويلة، وظهرت دويلات جديدة مثل: دولة بني بويه الفارسية التي سيطرت على بلاد فارسوالعراق واعتبر قيامها انتصارًا للعنصر الفارسي على التركي، والدولة الغزنوية التي تُنسب إلى ألب تكين التركي؛ والتي توسعت وسيطرت على الهند وعاد العنصر التركي فيها لينتصر على العنصر الفارسي في زعامة العالم الإسلامي.[334] وبعد ثلاثين سنة من زوال الحكم الطولوني في مصر، استفرد بها الإخشيديين الذين يُنسبون لأبي بكر محمد بن طغج بن جف من أولاد ملوك فرغانة، الملقب بالأخشيد، وفي عهدهم انتزع سيف الدولة الحمداني مدينة حلب وأنشأ فيها دولة سنة 945م، وضم إليها سوريا الشمالية.[335] ظل الحكم الإخشيدي قائمًا في مصر إلى أن استولى عليها الفاطميّون سنة 969م، ومن أبرز أعمال هؤلاء بناء مدينة القاهرةوالجامع الأزهر بهدف نشر الدعوة الإسماعيلية.[336]
ولم يلبث أن ظهر عنصر جديد من الأتراك هم الأتراك السلاجقة الذين يُنسبون إلى سَلْجُوق بن دُقَاق، وقد استطاع هؤلاء أن يتفوقوا عسكريًا على الجيوش العبّاسية، لكنهم استمروا باحترام منصب الخليفة وسلطته الزمنية.[337] حارب السلاجقة قبائل الترك الوثنية ونشروا فيها الدين الإسلامي، وقد استعان الخليفة بهم في بغداد عام 1055 للقضاء على ثورة الفاطميين الذين استولوا على العاصمة وعدّة مدن عراقية، وبذلك أصبحوا يديرون السلطة في الدولة العبّاسية. بعد هذا النصر على الفاطميين تطلع طغرل بك، حفيد سلجوق، إلى الإمبراطورية البيزنطية ورغب في ممتلكاتها، لكنه لم يتمكن من فتح شيء من الأقاليم التابعة لها، لكن خليفته ألب أرسلان استطاع بمساعدة وزيره نظام الملك من تنظيم أمور الدولة والانتصار على الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديوجينيس الرابع في معركة ملاذكرد عام 1071م.[338] وبهذه المعركة انفتحت الطريق أمام السلاجقة للدخول إلى آسيا الصغرى حيث أسسوا دولتهم وعرفوا بسلاجقة الروم.[339]
وبعد سقوط الدولة الأيوبية، قامت على أنقاضها السلطنة المملوكية في مصر بعد ثورة قام بها المماليك سنة 1250،[343] وكانت جحافل المغول الزاحفة من أواسط آسيا قد وصلت أبواب بغداد، فخرج الخليفة العباسي، المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله، لملاقاة زعيمها هولاكو خان، فطلب منه الأخير أن يأمر أهل بغداد بوضع سلاحهم والخروج من المدينة. بعدها أعمل المغول السيف في رقاب أهل بغداد أربعين يومًا وسلبوا الأموال وأهلكوا الكثيرين وقتلوا الخليفة وابنيه وأخواته.[344] ثم توجه المغول غربًا واستولوا على أهم المدن السورية مثل دمشقوحلب، قبل أن يتحولوا جنوبًا قاصدين مصر، فتصدى لهم جيش المماليك بقيادة الظاهر بيبرسوسيف الدين قطز، وانتصر عليهم في معركة عين جالوت قرب مدينة الناصرة في سنة 1260 وأراح الشام من شرهم إلى حين. بعد انتصاره على المغول هاجم بيبرس الصليبين فصارت قلاعهم ومدنهم تسقط واحدة تلو الأخرى، واستمر المماليك يلحقون الهزائم بالصليبيين حتى استولى السلطان الأشرف صلاح الدين خليل على مرفأهم الرئيسي، أي مدينة عكا، فجلوا عن المدن الأخرى وركبوا البحر عائدين لبلادهم.[345] وفي عهد المماليك أعتنق كثيرًا من خاقانات المغول الإسلام دينًا ونشروه في الأقاليم الخاضعة لهم في آسيا الوسطىوشبه القارة الهنديةوأوروبا الشرقيةوشبه جزيرة القرم.[346] ونقل العبّاسيون مقر الخلافة إلى مدينة القاهرة. توالى على حكم المماليك في مصر، منذ منتصف القرن الخامس عشر سلاطين ضعاف، باستثناء بعض الشخصيات القوية مثل السلطان قايتباي والسلطان قنصوه الغوري الذي أراد النهوض بدولته لكنه لم يستطع، بعد أن كانت جموع العثمانيين قد زحفت على سوريا وهددت مصر نفسها بالسقوط.
ينتسب العثمانيون إلى أرطغرل، زعيم عشيرة قايي التركية، الذي عمل في خدمة علاء الدين السلجوقي سلطان قونية. وبعد وفاته تولّى زعامة قومه ابنه عثمان، فأخلص الولاء للدولة السلجوقية على الرغم مما كانت تتخبط فيه من مشاكل، وحين تغلب المغول على دولة قونية السلجوقية، سارع عثمان لإعلان استقلاله عن السلاجقة، فكان المؤسس الحقيقي لهذه الدولة التركية الكبرى التي نُسبت إليه فيما بعد. قام عثمان وخلفاءه فيما بعد بفتح عدد من الإمارات والبلدان المجاورة التي لم يسبق لها أن دخلت في الإسلام، مثل اليونانومقدونياوألبانياوبلغاريا، وفي سنة 1453 استطاع سابع سلاطين آل عثمان، محمد الثاني، أن يفتح مدينة القسطنطينية ويقضي على الإمبراطورية البيزنطية، [219] فابتهج المسلمون حول العالم ابتهاجًا عظيمًا، اعتقادًا منهم أن النبؤة التي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال بها قد تحققت: «لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش».[347] ويعود انتصار العثمانيين على البيزنطيين إلى استخدامهم سلاح المدفعية والتدريب العالي والكفاءة الكبيرة التي تمتع بها الجنود.[348] وفي هذا العصر برزت عدّة دول إسلامية شرق الأناضول والشام، كالدولة التيموريةوالدولة الصفوية، والأخيرة تأسست على يد الشاه إسماعيل الأول بن حيدر الصفوي، في إيرانوأذربيجان وشرق العراق، وكان إسماعيل قد فرض التشيّع على أهل البلاد الخاضعة له وجعل الشيعة المقيمين في آسيا الصغرى يثورون على الدولة العثمانية، [349] فأخضع السلطان سليم الأول، حفيد محمد الثاني، هذه الثورة، وذلك بأن جمع الشيعة المقيمين على حدود إيرانوالعراق، وفتك بهم جميعًا، ويُقال أن عددهم وصل إلى أربعين ألفًا.[350] وبعد إخضاعه للثورة الشيعية، قاتل سليم الصفويين وانتصر عليهم في معركة چالديران. وبعد هذه المعركة حوّل سليم أنظاره نحو السلطنة المملوكية، بعد أن كان المماليك قد عقدوا معاهدة سرية مع الصفويين خوفًا من سياسة سليم التوسعية والتي كان يهدف من ورائها على ما يظهر في توحيد جميع البلدان السنيّة تحت تاجه.[351]
وفي سنة 1516 توجه السلطان سليم على رأس جيوشه إلى سوريا وهزم المماليك في معركة مرج دابق، فسقطت بلاد الشام بيده، ثم تابع سيره حتى وصل مصر وقاتل المماليك قتالاً شديدًا في معركة الريدانية وتغلّب عليهم فسقطت مصر بيده في 13 أبريل سنة 1517،[217] واستصحب معه أثناء عودته إلى القسطنطينية آخر الخلفاء العباسيين، محمد المتوكل على الله، حيث تنازل له عن الخلافة، فأصبح بنو عثمان بذلك خلفاء المسلمين منذ ذلك التاريخ.[220] وبعد وفاة السلطان سليم الأول ارتقى عرش الدولة ابنه سليمان، وفي عهده تقدمت الفتوحات تقدمًا عظيمًا، فاستولى العثمانيون على أقاليم وإمارات كثيرة من أوروبا الشرقية وفتحوا مدينة بلگراد، [352] وحاصروا مدينة ڤيينا مرتين لكنهم لم يستطيعوا اقتحامها.[353] وبعد انقضاء عهد السلطان سليمان، أصيبت الدولة بالضعف والتفسخ، ولم تنهض مجددًا إلا في عهد السلطان محمد الرابع والمصلح الكبير محمد كوبرولي، ففي تلك الفترة هاجم العثمانيون أوكرانيا واستولوا عليها، ثم حاصروا ڤيينا للمرة الأخيرة بتاريخ 17 يوليو سنة 1683 ولكنهم صُدوا عنها. ومنذ ذلك الحين توالت الهزائم على العثمانيين ففقدوا معظم ممتلكاتهم في أوروبا.[354]
وفي القرن الثامن عشر، ظهرت الحركة الوهابية في شبه الجزيرة العربية على يد محمد بن عبد الوهاب، ودعت إلى تطهير الدين الإسلامي من الشوائب التي علقت فيه طيلة القرون الماضية والعودة إلى الإسلام الأساسي دون غيره، [355] فحارب العثمانيون هذه الحركة وتمكنوا من القضاء على ثورة أتباعها، لكنهم لم يطفؤها تمامًا، إذ انبثقت منها في القرن التاسع عشرالدعوة السلفية، والدیوبندية، والبريلوية. وفي ذات القرن زالت إمبراطورية مغول الهند الإسلامية تمامًا بعد أن قضى عليها البريطانيون، [356] واشتدت النزعة القومية في دول البلقان مما أدى لاستقلال العديد منها عن الدولة العثمانية، كذلك ازدادت نسبة المهاجرين من المسلمين الهنود والإندونيسيين إلى دول الكاريبي مما ولّد أكبر مجتمع إسلامي في الأمريكيتين.[357] أضف إلى ذلك أن إنشاء طرق تجارية جديدة في أفريقيا المستعمرة حديثًا، جعل العديد من الدعاة المسلمين ينتقلون إلى تلك الناحية من العالم بهدف نشر الدعوة الإسلامية، ويُقدّر أن عدد المسلمين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تضاعف بين سنتيّ 1869و1914.[358] انقضى العصر العثماني عند نهاية الحرب العالمية الأولى وانهزام الدولة العثمانية أمام قوّات الحلفاء، واحتلال قواتها لمعظم أنحاء الدولة. وفي سنة 1924 ألغى رئيس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك منصب الخليفة وأزال سلطته الزمنية والدينية من الوجود.[359][360]
كانت معظم الدول الإسلامية غير الخاضعة للسلطان العثماني قد تم احتلالها من قبل دول أوروبية مختلفة في أوائل القرن العشرين. وبعد أن انهزمت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، اقتسمت الدول الظافرة، وبشكل خاص بريطانياوفرنسا، اقتسمت معظم الأراضي التابعة للدولة بموجب اتفاقية سايكس بيكو، وأخضعتها لحكمها. وخلال القرن العشرين استقلت جميع هذه الدول وأصبح لكل منها كيانه الخاص ومصالحه الذاتية، ولم يعد يربطها ببعضها سوى رابط اللغة أو الثقافة أو الأخوّة، وقد جرت بضعة محاولات لتوحيد البعض من هذه الدول، كمحاولة الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر في توحيد سوريا ومصر، ولكنها باءت بالفشل إجمالاً.[361]
أظهرت دراسة شاملة من سنة 2009 لمئتين واثنين وثلاثين دولة ومنطقة، أن 23% من إجمالي سكان العالم، أي حوالي 1.6 مليار نسمة، يعتنقون الدين الإسلامي. وتتراوح نسبة معتنقي المذهب السنّي من هؤلاء بين 87% و 90%،[365][366] ومعتنقي المذهب الشيعي بين 10% و 13%،[366][367] أما المذاهب الأخرى الباقية فيعتنقها أقليّة من الناس. كذلك تبين أن حوالي 50 دولة في العالم يُشكل المسلمون أغلبية سكانها،[368] وأن العرب يشكلون 20% من مسلمي العالم.[369]
الأقلية المسلمة في الهند هي أكبر أقلية مسلمة في العالم حيث تبلغ نسبتهم 14% (أي؛ 176 مليون نسمة) من مجمل السكان.[374] يقول معظم الخبراء أن عدد المسلمين في جمهورية الصين الشعبية يتراوح بين 20 و 30 مليون (بين 1.5% و 2% من إجمالي عدد السكان).[375][376][377][378] إلا أن البيانات التي قدمها مركز الإحصاء السكاني التابع لجامعة ولاية سان دييگو إلى مجلة «الأخبار الأمريكية والتقارير العالمية» (بالإنجليزية: U.S. News & World Report)، تفيد أن عدد المسلمين في الصين يصل إلى 65.3 ملايين مسلم.[379] ويصل عدد المسلمين في كل أوروبا، عدا تركيا، إلى 44 مليون نسمة، أي ما يُشكل حوالي 6% من إجمالي سكان أوروبا.[374] ويُعتبر الإسلام ثاني أكثر الديانات انتشارًا بعد المسيحية في معظم الدول الأوروبية،[380] وهو في طريقه ليحتل ذات المركز في الأمريكيتين (4.2 مليون أو 1.1% من مجمل السكان)،[374] حيث يتراوح عدد المسلمين في الولايات المتحدة فقط، وفق بعض المصادر، بين 2,454,000[381][382] و 7 ملايين نسمة.[366][383]
وفقًا لدراسة نشرت من قبل مركز بيو للأبحاث عام 2015 يُعتبر الإسلام المجموعة الدينية الرئيسية الأسرع نموًا في العالم، ويعود ذلك في المقام الأول بسبب "صغر سن المسلمين وارتفاع معدل الخصوبة بين المسلمين بالمقارنة مع المجموعات الدينية الأخرى"،[35] ونتيجة لذلك من المتوقع أن يكون الدين الأكبر في العالم بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، متجاوز بذلك المسيحية.[35] وتُشير الدراسة إلى أن التحول الديني ليس له تأثير صافٍ على النمو السكاني للمسلمين حيث "أن عدد الأشخاص الذين يعتنقون الإسلام مساوٍ تقريبًا لعدد الأشخاص الذين يتركون الإسلام".[384]
تتعدد العبادات في الإسلام، وأغلبها لا يستوجب مكانا محددا عدا الحج (الذي يتطلب زيارة البقاع المقدسة). أما الصلاة، فوفق حديث جابر فإن الأرض جعلت مسجدا للمسلم.[413] وهذا يعني أن كل رقعة من الأرض (عدا تلك المنهي عنها) تصلح لأداء الصلوات فرادى وجماعات.
ويخصص المسلمون دورا خاصا تسمى المساجد (ومفردها مسجد) تجمعهم لأداء الصلاة في جماعة.
واسم «مسجد» مشتق من كلمة «سجد»، ذلك أن الصلاة الإسلامية تتمثل في السجود والركوع. ويُطلق على المساجد الكبرى أيضًا تسمية «جامع» أو «مسجد جامع».[414] والمساجد أماكن يؤمها المسلمون لطلب العلم وحل مشاكلهم إضافة للصلاة، وان انحصر دورها حاليا على جمع المسلمين للصلاة وذكر الله. ومن أبرز الصلوات التي تؤدى في المسجد: صلاة ظهر يوم الجمعة، ذلك أنه يُفرض على كل مسلم أدائها في المسجد جماعةً والاستماع إلى خطبة الإمام. ولقد تطوّر نمط بناء المساجد بشكل كبير منذ بناء مسجد قباء، أول مسجد في الإسلام، حتى الآن،[415] وهناك عدّة أنماط معمارية للمساجد أبرزها: النمط العثماني، والنمط الفارسي، والنمط المغربي، وغيرها.
تُعتبر الأسرة الوحدة المركزية للمجتمع الإسلامي، وقد حدد الإسلام دور كل فرد من أفرادها وخصص لهم حقوق وواجبات معينة. ويظهر الأب في الإسلام المسؤول الرئيسي عن حفظ وصيانة العائلة، وعليه يقع واجب التكفل بمصاريفها من طعام وشراب وطبابة وكسوة وغير ذلك. وقد حدد القرآن أسباب الميراث في الإسلام تحديدًا واضحًا نافيًا للجهالة، وهي الزوجية والقرابة والولاء، وحدد لكل سبب منها شروط معينة ينبغي وجودها حتى يصح التوارث، ونص أن هناك بضعة موانع للميراث، هي القتل واختلاف الدين والارتداد عن الإسلام واختلاف الوطن،[417] ووضع لكل منها شروط لا يقوم المانع بدونها، ونصيب المرأة من الميراث في الإسلام هو نصف نصيب الرجل في حالات معينة وهناك حالات تتساوى فيها المرأة مع الرجل في الميراث، وحالات يفوق نصيبها نصيب الرجل.[418] كذلك جاء في القرآن تحديدًا للأشخاص الذين يستحقون التركة ومراتبهم وفق درجة قرابتهم من المتوفى، ومن الآيات التي يستدل بها المسلمون على ذلك، ما جاء في سورة النساء: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ١١﴾ [النساء:11]. أما الزواج في الإسلام فيُعتبر عقدًا مدنيًا تتوافر فيه جميع عناصر العقود الأخرى من إيجاب وقبول بين طرفين يتمتعان بالأهلية العقلية والقانونية اللازمة لإبرامه، وبحضور شاهدين من الرجال، أو رجل وامرأتين. ويُعقد عقد الزواج الإسلامي في محكمة شرعيّة عادةً أمام قاض شرعيّ. وقد أرشد الفقه الإسلامي من يريد الزواج إلى عدّة أمور ينبغي أن يراعيها فيمن يريد خطبتها، كأت تكون ذات دين وجمال ونسب طيّب وغير ذلك من الأمور، ويصدق ذات الأمر على الفتاة، فعليها أن تراعي نفس الأمور في الرجل المتقدم لخطبتها. وأوجب الإسلام على الزوج دفع مهر إلى زوجته بموجب عقد الزواج عليها، وبالمقدار المتفق عليه.[419]
يجوز للرجل في الإسلام أن يتزوج حتى 4 نساء، شرط أن يعدل بينهن، أما إذا لم يستطع ذلك فلا يجوز له أن يتزوج بأكثر من واحدة، وذلك وفقًا لما جاء في سورة النساء: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ٣﴾ [النساء:3] بينما لا يحق للمرأة المسلمة سوى زوج واحد. وقد حدد القرآن النساء المحرمات على الرجل في نفس السورة حيث جاء: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ٢٣﴾ [النساء:23]. ويحق للرجل المسلم أن يتزوج بامرأة من أهل الكتاب، أي بامرأة مسيحية أو يهودية أو صابئية أو حنيفية، ويُفرض عليه ألا يمنعها أن تمارس شعائر دينها، بينما لا يحق للمرأة المسلمة أن تتزوج سوى برجل مسلم.[420] والطلاق جائز شرعًا في الإسلام، ولكن بشرط أن تكون الحياة المشتركة بين الزوجين قد أصبحت مستحيلة لسبب من الأسباب، ويقع الطلاق بقول الرجل لزوجته «أنت طالق».[421]
يُحرّم القرآن الاختلاط غير المشروع بين الذكر والأنثى، وقد وردت آيات قرآنية تحث المرأة على التستر وعدم كشف عورتها على الرجل الأجنبي عنها، ويحدد القرآن ما يجب أن ترتديه المرأة المسلمة بحيث لا ينكشف من جسدها إلا ما قضت به حاجة التعامل وهو الوجه والكفان، وحد الوجه من منبت الشعر إلى أسفل الذقن وما بين وَتِدَي الأذنين بحيث لا يظهر شيء من الشعر ولا القرط ولا شيء من العنق ولا يكون الثوب مظهرًا لما تحته.[422] ومن الآيات التي يستدل بها المسلمون على ذلك، ما جاء في سورة النور: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ٣٠ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٣١﴾ [النور:30–31]. أما بالنسبة للرجال فلم يحدد القرآن لبسًا معينًا لهم، لكن يشترط أن تستر الملابس عورتهم. ويُطلق كثير من الرجال المسلمين لحيتهم وبعضهم يحلق شاربه اقتداءً بحديث النبي محمد: "خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ".[423]
يعتمد التقويم الإسلامي أو التقويم الهجري على التقويم القمري المستعمل عند العرب قبل الإسلام، ولم يكن العرب حينذاك يعدون السنين بل كان لكل سنة اسم يميزها عن بقية السنين، واستمر هذا الحال إلى السنة السابعة عشر للهجرة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب فوضع ما سُمي فيما بعد التقويم الهجري وجعل أول سنة فيه السنة التي هاجر فيها النبي محمد، ولكنه لم يغير في تسمية الشهور العربية ولا في ترتيبها، والأشهر الهجرية هي: محرم، صفر، ربيع الأول، ربيع الثاني، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة. والشهر القمري هو المدة التي تكون بين الهلالين، وبالتعبير الفلكي المعاصر هو المدة التي يُتم فيها القمر دورةً كاملة حول الأرض. ومدته فلكيًا 29.530588 يوم لذلك فالأشهر الهجرية تارة 30 يومًا وتارة 29 يومًا.
يُسمى رجال الدين المسلمون الذين يتفقهون في أمور الدين والعباد «علماءً» أو «فقهاء»، ومن يصل منهم لأعلى درجات العلم ويُفتي بالمسائل المستجدة التي تُعرض عليه يُسمّى «مفتيًا». وهناك عدّة تسميات أخرى تُطلق على رجال الدين المسلمون منها: المولى، الشيخ، والمولوي. وتُطلق الشيعة على رجال الدين الذين يعود نسبهم للنبي محمد «أسيادًا» ومفردها «سيّد»، كذلك يُسمي الدروز كبار رجال الدين «شيوخ عقل» وذلك كونهم يعقلون أمور الدين ويرشدون الناس فيها.
يعتبر المسلمون الآيتين ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٨ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٩﴾ [الممتحنة:8–9] والآية ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ٦﴾ [الكافرون:6] أساسًا في التعامل مع غير المسلمين. وينص القرآن على احترام الأديان الإبراهيمية الأخرى، كاليهوديةوالمسيحية، باعتبارها ديانات منزلة سابقًا على رسل وأنبياء بعثهم الله لهداية البشر. ويؤكد القرآن أنه «يقوم بإعادة الديانة الإبراهيمية النقية التي أُنزلت على إبراهيم والتي تم تحريفها من قبل بعض اليهود والمسيحيين».[424] ويؤمن المسلمون أن الزبوروالتوراةوالإنجيل كتب سماوية أنزلها الله على أنبيائه داودوموسىوعيسى المسيح، لكنهم لا يؤمنون بقدسية النسخ الحالية منها ويعتقدون أنها نسخ محرّفة وضعيّة، وأن الكتب الأصلية ضاعت مع مرور الزمن لأسباب مختلفة، كالتأخر في تدوينها ووفاة حفظتها، الأمر الذي جعل اللاحقين من أتباعها لا يميزون بين الصحيح وغير الصحيح منها.[425]
يؤمن المسلمون بأن دين الصابئة إبراهيمي وفقًا لما جاء في القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦٢﴾ [البقرة:62]، حيث ذُكرت الصابئة ضمن سياق الأديان الإبراهيمية الأخرى،[426] واختلف المُفسرون في المقصود من كلمة «الصَّابِئِينَ»، قال بعضهم أنهم «الذين لم تبلغهم دعوة نبي»، وقيل: «قوم يشبه دينهم دين النصارى»، وقيل: «قوم بين المجوس واليهود والنصارى»، ويعتبرهم بعض الفقهاء من أهل الكتاب ويأخذون أحكامهم.[427]
ذُكر المجوس في القرآن وهم عباد النار وخدامها في آية ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ١٧﴾ [الحج:17] وقد قبل النبي محمدالجزية من مجوس هجر وهناك بعض الأقوال التي أجازت الزواج من نسائهم رغم كونهم ليسوا من أهل الكتابكابن حزم الأندلسي في المحلى بالآثاروالشوكاني في السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار محتجين بحديث «سنوا بهم سنة أهل الكتاب.»[428][429][430][431] فقال ابن حزم «وَجَائِزٌ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ، وَهِيَ الْيَهُودِيَّةُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ، وَالْمَجُوسِيَّةُ، بِالزَّوَاجِ. وَلاَ يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ اَمَةٍ غَيْرِ مُسْلِمَةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلاَ نِكَاحُ كَافِرَةٍ غَيْرِ كِتَابِيَّةٍ اَصْلاً»
يرى الإسلام اليهودية بأنها شريعة سماوية محرفة ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ٤٨﴾ [المائدة:48]، ،﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٧٥﴾ [البقرة:75]، ويؤمن المسلم بأصلها وبأنبيائها وبالتوراة رغم إقراره بتحريفها ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ﴾ [المائدة:44] ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ١٢﴾ [الأحقاف:12]، كما أن موسي هو أكثر الشخصيات ذكرًا في القرآن﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ٢٣﴾ [غافر:23]،[432] ويتفق مع الكثير من تشريعاتها مثل تحريم الخمر ولحم الخنزير، وإباحة الختان للذكور وتعدد الزوجات وقوامة الرجل علي المرأة، ويشير النص القرآني لليهود في عدة مواضع، وفي سياقات متنوعة، تتراوح بين رواية قصص بني إسرائيل وبين الحديث عن اليهود، وبين مدحه لهم ولأهل الكتاب وبين ذمّه لهم ووصفهم بالمفسدين ويأتي هذا الوصف من منطلق أن الإسلام يعدّ اليهودية دينا محرفا ولتكذيبهم النبي محمدﷺ رغم وجوده لديهم في التوراة﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٥٧﴾ [الأعراف:157]، ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٢﴾ [الجمعة:2]، ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٧١﴾ [آل عمران:71]، ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ٩٩﴾ [آل عمران:99] ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ٨٩﴾ [البقرة:89] ، ويدعو لمجادلتهم بالتي هي أحسن ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [العنكبوت:46]، ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ٦٤﴾ [آل عمران:64]، وفي موضع آخر يذكر القرآن أنهم كانوا شعبه المختار : ﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ٣٢﴾ [الدخان:32]، ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ٤٧﴾ [البقرة:47]، ويثني على صبرهم: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ١٣٧﴾ [الأعراف:137]. وقد صاروا قومٌ مغضوب عليهم بعد ذلك وشتتهم الله وجعلهم يتيهون في الأرض بسبب كفرهم بآياته وعصيانهم وقتلهم للأنبياء ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ١١٢﴾ [آل عمران:112]، وأخذ الله عهده معهم ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٩٣﴾ [البقرة:93]، ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ٨٧﴾ [البقرة:87]، وينتقد تكبرهم وتعاليهم علي غير اليهود وسرقتهم لهم بدعوي أنهم شعب الله المختار وأبنائه وأحبائه ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٦ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ٧﴾ [الجمعة:6–7] ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ١٨﴾ [المائدة:18] ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٧٥﴾ [آل عمران:75].
ولكنهم ليسوا متساوين في الاتصاف بما ذكر من القبائح، بل منهم قوم سلموا منها، وهم الذين استقاموا على الحق ولزموه، وأكثروا من تلاوة آيات الله في صلاتهم التي يتقربون بها إلى الله-تبارك وتعالى- آناء الليل وأطراف النهار. ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ١١٣ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ١١٤﴾ [آل عمران:113–114] وفي الحديث النبوي «إن الله تعالى نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب.»[433][434][435]﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ١٥٩﴾ [الأعراف:159]، ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ١٩٩﴾ [آل عمران:199] ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾﴿وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ ومع أنه ورد في القرآن: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ٨٢﴾ [المائدة:82]، إلا أن الإسلام قد أمر المسلمين بحسن معاملة أهل الكتاب سواء كانوا يهود أم مسيحيين، ما داموا غير محاربين، وعدم جدالهم إلا بالتي هي أحسن.[436]
لقد أبرم النبي محمد العهود مع اليهود في المدينة، واعتبرهم جزءًا من الأمة الإسلامية، وحارب الكثير من اليهود جنبًا إلى جنب المسلمين ضد البيزنطيينوالفرنجة، وقد أحل القرآن طعام اليهود للمسلمين والعكس كما أحل الزواج من نسائهم المحصنات في آية سورة المائدة ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾ [المائدة:5][437]
وقد أقصى النبي اليهود من المدينة لأنهم واثقوه وعاهدوه ثم خانوا العهود وتحالفوا مع أعدائه من المشركين، فإخراجهم كان بسبب غدرهم وخيانتهم وحربهم علي المسلمين ومحاولاتهم العديدة لقتل الرسول وليس بسبب يهوديتهم ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ٢٥ وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ٢٦ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ٢٧﴾ [الأحزاب:25–27].[438][439]
يؤمن المسلمون بالأصل الإلهي للمسيحية وأنها شريعة سماوية محرفة منسوخة برسالة النبي محمد﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾، ويؤمن بأنبيائها مثل زكرياويحيي بن زكريا (يوحنا المعمدان) وعيسى بن مريم (يسوع)،[441] ويشملهم القرآن بلفظ أهل الكتاب بجانب اليهود، ويخصهم بأسم أهل الإنجيل﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤٧﴾ [المائدة:47]، ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ٣ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ [آل عمران:3–4] . والمسيحيون - أو كما سموا في القرآن بالنصارى - فقد وصفهم القرآن بأنهم أقرب الناس مودة للمسلمين وعزى القرآن ذلك إلى أن منهم قساوسة ورهبان وتواضعهم علي عكس اليهود.﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ٨٢ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ٨٣﴾ [المائدة:82–83]، وقد جعل الله في قلوبهم رأفة ورحمة ورهبانية ﴿ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ﴾، ومع ذلك ورد في القرآن أن بعضًا منهم متعصبون لدينهم وكارهون للمسلمين ويودون أن يردوهم عن دينهم بكل سبيل، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ١٠٠﴾ [آل عمران:100] وانهم لن يرضوا عن المسلمين حتي يتبعوا ملتهم: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ١٢٠﴾ [البقرة:120]. ويبيح الإسلام للمسلمين مصادقة النصارى ويدعوا لجدالهم بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم،﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ٤٦﴾ [العنكبوت:46] والتعامل الحسن معهم من أي نوع ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٨﴾ [الممتحنة:8] ولكن يمنع من اتخاذهم كالأخوة وموالاتهم في الحرب وذلك وفقا للآية الحادية والخمسين من سورة المائدة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٥١﴾ [المائدة:51] والتي استنبط منها العلماء المسلمون قاعدة الولاء والبراء.
أما المسيح في القرآن فيُدعى «عيسى» بدلاً من «يسوع»، وهو الاسم السائد بين العرب آنذاك، ويعتقد البعض أن هذا تعريب لاسمه اليوناني «إيسوس»؛[442] وهو نبي مؤتى بالبينات ومؤيد بالروح القدس،[443] ويدعى كلمة الله الوجيه في الدنيا والآخرة،[444] قول الحق،[445] وقد جاء بالحكمة والبينات والهدي والموعظة ﴿وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ٦٣﴾ [الزخرف:63]﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ٤٦﴾ [المائدة:46] ويذكر القرآن أيضًا عددًا من أعمال عيسى ومعجزاته الواردة في الأناجيل القانونية،[446] وأخرى مذكورة في الإناجيل الأبوكريفية مثل قصة الخلق من طين علي هيئة الطير الواردة في إنجيل الطفولة لتوما.[447] ويشبهه بآدم حيث خلقهما الله من تراب ثم نفخ فيهما من روحه،[448] وتشير سورة الأنبياء 91 إلى عذرية مريم وحملها بأمر الله دون أن يمسسها بشر كما يصفها القرآن بالصديقة والمُطهرة ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ٤٢﴾ [آل عمران:42] ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ٧٥﴾ [المائدة:75]،[449] ويذكر القرآن قصة ولادة السيد المسيح تحت النخلة وسقوط الثمار من الغصن لتأكلها مريم وتكلم المسيح في المهد، وتختم بالإعلان أن عيسى وأمه هما آية للعالمين؛ بيد أن القرآن يرفض ألوهية المسيح أو أنه ابن الله أو ما يُعرف بالثالوث﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾كما ينفي صلبه أو مقتله بل شبه لهم ذلك، ولكن رفعه الله إليه مما يتفق مع ما جاء في رواية إنجيل بطرس﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ١٥٧ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ١٥٨﴾ [النساء:157–158].[450] مؤكدا أن المسيح نفسه لم يدعي الألوهية بل مجرد عبد لله ورسوله كباقي الرسل الذين سبقوه ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ٣٠ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ٣١ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ٣٢ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ٣٣ ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ٣٤﴾ [مريم:30–34]،[451][452] وأن المعجزات الباهرة التي قام بها كالخلق من الطين وإحياء الموتي وشفاء المرضي كانت بإذن الله وليست منه﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾﴿لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ۚ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا﴾ كما ينفي القرآن توارث خطيئة آدم أو ما يُعرف بالخطيئة الأصلية وأكد أن لا تزر وازرة وزر أخرى، وأن آدم تلقى من الله كلمات فتاب عليه ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.
الإسلام والعقائد الشرقية
يعتبر المسلمون الهندوسية ديانة وثنية، ولكن يؤمن المسلمون بأن الله أرسل رسله لكافة الشعوب ولكن أنحرفوا بعد ذلك عن التوحيد﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً﴾، وقد جاء الإسلام للقضاء علي كافة أنواع الشرك بالله سواء عبادة الأوثان والصور أو نسبة أبناء وبنات لله أو القول بالحلول والإتحاد كما عند اليهودوالنصاري أن روح الله تحل فيهم وفي كهنتهم وفي أنبيائهم ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ﴾،[453] تتشابه الهندوسية مع الإسلام من عدّة نواح: فالهندوسيّة الحديثة تنص على أن جميع الآلهة القديمة التي عبدها الهندوس إنما هي أسماء وصفات للإله الواحد، كذلك ينص القرآن على تعدد الأسماء والصفات لله في آخر سورة الحشر. ويؤمن الهندوس بوجود حساب وعقاب بعد الموت وأن الله هو الذي سيحاسب الناس أجمعين كما يؤمن المسلمون. وتختلف الهندوسيّة عن الإسلام من ناحية أن الهندوس لا يؤمنون بجنة ولا بنار ولكنهم يؤمنون بجزاء آخر للمحسن والمسيء فيقولون إن المحسن عندما يموت، يموت جسده وتبقى روحه باقية لا تموت، لأنها جزء من الإله فتجازى بأن توضع في جسد صالح وهو ما يعرف بتناسخ الأرواح. كذلك يقوم الهندوس بحرق الجثة بعد مماتها، في حين أن المسلمون يدفنون الميّت في التراب إيمانًا منهم أن هذا «إكرام للميّت».[454]
وكانت إحدى نتائج الاحتكاك بين الهندوس والمسلمين أن ظهرت ديانة جديدة تجمع بين المعتقدات الهندوسية والإسلامية، هي الديانة السيخيّة.[455] ويتشابه المسلمون مع السيخ في أنهم يؤمنون بخالق واحد ويحرمون عبادة الأصنام ويقولون بالمساواة بين الناس ووحدانية الخالق الذي لا يموت والذي ليس له شكل معين، ولا يعبدون الشمس ولا القوى الطبيعية ولا الحيوانات، ويحرمون الرهبنة ويقولون بالسعي لطلب الرزق ويعتقدون بالنبوة والرسالة وأن هناك مرسل من عند الله لهداية الناس. وكما أن للإسلام أركان خمسة، فللسيخيّة مبادئ خمسة:[456] إطلاق شعر الرأس واللحية وعدم حلقهما، وتضفير الشعر، ولبس «الكاتشا» أي سروال متسع يضيق عند الركبتين، وحمل «الكربال» وهو سيف أو خنجر للسيخي ليحتمي به، ووضع سوار من حديد حول المعصم هو سوار «الكارا». ويختلف الإسلام عن السيخيّة بأن الأخيرة تبيح شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وتحرّم لحم البقر لأنها مقدسة وفقًا لهم.[457] ويتشابه الإسلام مع الديانة الكنفوشيوسية من ناحية الإيمان بالقضاء والقدر، والدعوة إلى طاعة الوالدين واحترام الحاكم والأخ والإخلاص والوفاء للصديق وعدم ظلم الناس لا قولاً ولا فعلاً والتمتع بالأمانة وعدم الخيانة. ويختلف عنها من ناحية إيمان الكنفوشيوسيين بوجود آلهة متعددة للجبال والأرض والقمر والسماء وغير ذلك، وتقديسهم لأرواح أجدادهم وعدم اعتقادهم بالجنة والنار والبعث.[454]
أمًا الديانة البوذيّة، فلا تهتم - على عكس الإسلام - بعبادة الإله أو الخالق، بل تهتم بتعاليم المعلم بوذا،[458][459] بالإضافة لتوافقها مع الهندوسية في الإيمان بتناسخ الأرواح.[460] وتدعو البوذية إلى مبادئ كثيرة يدعو إليها الإسلام ويُعاقب من يخالفها، كعدم السرقة والابتعاد عن الزنا وقول الأقوال الكريمة وغير ذلك. ويختلف الإسلام عن البوذية من ناحية أن البوذية ترى أن الحياة شقاء متصل وتعاسة دائمة، ولا يرون فيها إلا وجهًا مظلمًا يسعون للتخلص منه، وليس الحال كذلك في الإسلام، فالدين الإسلامي يرى الحياة بوجهيها ويرسمها بشقيها، بخيرها وشرها، بحلوها ومرها، ففيها المصائب والآلام، وفيها أيضا اللذائذ والنعم، والإنسان مطالب في هذه الحياة أن يعمل الصالحات، لا ليتخلص من الحياة بل ليعمّرها، وليعمّر أيضًا آخرته.[454]
يرى بعض الباحثين غير المسلمين بأن الإسلام هو انشقاق عن النسطورية أو الآريوسية في المسيحية أو عن طائفة من اليهودية ويربطون ذلك بزوجة محمد الأولى خديجة بنت خويلد وقرابتها من ورقة بن نوفل، أو ربطه بقس بن ساعدة. وآراء أخرى ترى بأن محمدًا تأثر بتلك الاتجاهات الدينية ولكنه لم يُنشِئ امتدادًا لها بل أنشأ دينًا جديدًا بالكامل، وتعود بعض هذه النظريات إلى فترة مبكرة من التاريخ الإسلامي، ففي العهد الأموي مثلاً كتب الراهب يوحنا الدمشقي مزاعم بأن الراهب بحيرى النسطوري قام بمساعدة محمد في كتابة القرآن نافيًا ألوهية مصدر النص القرآني.[461]
كما يرى بعض غير المسلمين بأنه كان هناك بعض القيود الاجتماعية والقانونية المفروضة على أهل الذمة، الكثير منها رمزية. أكثر هذه القيود إساءةً لأهل الذمة كانت الملابس البارزة التي فرضت عليهم في بغداد مع أنها لم تُذكر في القرآن أو السنّة.[462] أما العنف والعداء الظاهر فكان نادرًا جدًا.[463]
ويدعي برنارد لويس، أنه في الفترة السابقة على القرن التاسع عشر، لم يكن أحد يهتم بالتسامح في التعامل مع غير المؤمنين في الإسلام والمسيحية.[464] وأن التعريف المعروف للتسامح كان: «أنا القائد. سوف أمنحك بعض من الحقوق والصلاحيات التي أتمتع بها ولكن ليس كلها، بشرط أن تعيش بحسب القوانين التي أفرضها وأتحكم بها أنا.»،[465] غير أن هذا غير صحيح، فالقائد المسلم يحكم بأحكام الشريعة الإسلامية التي توضح كل الأمور ولا تدع مجالاً للتسلط، وإن لم يحكم بها القائد فكل الرعية ستعاني منه ولا يصح التهكم على هذا القائد والخروج عن طاعته بناء على أنه مخالف.
ويقول برنارد لويس أنه في الأصل كان مسموحًا لليهود والمسيحيين —أهل الكتاب— أن يعيشوا في البلاد الإسلامية باعتبارهم أهل الذمة وكان من المسموح لهم أن «يمارسوا طقوسهم الدينية تحت قيود معينة والتمتُع ببعض الحكم الذاتي لدينهم» ويتم الدفاع عن أمانهم وممتلكاتهم مقابل دفعهم للجزية، على صعيد آخر يُفرض على المسلمين دفع الزكاة وهي نوع من الضرائب أيضًا.[466] يقول برنارد لويس أنه بالرغم من منزلة الذميين المنخفضة في الدول الإسلامية إلا أن حالهم كانت جيدة بالمقارنة مع غير المسيحيين أو حتى المسيحيون من مذاهب غير رسمية في الدول المسيحية القديمة.[467] كان من النادر أن يُعدم أو يُهَجَر ذمّي، أو أن يجبر على ترك دينه. كان أهل الذمة أحرارًا في اختيار مساكنهم وأعمالهم التي يكسبون بها رزقهم.[462] وأن أغلب الحالات التي غير فيها ذميّ دينه كانت باختياره، ولأسبابه الخاصة. مع ذلك كانت هناك حالات من الإجبار لتغيير الدين في القرن الثاني عشر في شمال أفريقيا، الأندلسوبلاد فارس،[468] وكلام لويس هذا بعضه صحيح والبعض الآخر فيه نظر، وفقًا لبعض الباحثين. وهناك البعض من غير المسلمين، وخاصة الغربيين، ممن يؤمنون بأن الإسلام يُشكل خطرًا على دولهم، خصوصًا بعد هجمات 11 سبتمبر على برجيّ مركز التجارة العالمي بمدينة نيويورك والتي وُجهت فيها أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة، إضافة إلى سلسلة هجمات إرهابية أخرى في محطات القطارات والحافلات في أوروبا، اتهمت منظمات إسلامية بالوقوف ورائها. ومما زاد من خوف هؤلاء الناس، الانتشار السريع للإسلام في الدول الغربية بفعل ازدياد عدد المهاجرين من المسلمين، واعتناق عدد من السكان المحليين لهذا الدين، ويُطالب هؤلاء بعدّة أمور لضمان عيشهم بأمان، منها عدم بناء المساجد وعدم السماح بتطبيق الشريعة الإسلامية.[469] وبالمقابل، فهناك نسبة أخرى من الغربيين لا تؤمن بأن الإسلام يُشكل خطرًا عليها ولا تمانع ببناء المساجد وتطبيق الشريعة في المجتمعات الإسلامية المغتربة.
^NW, 1615 L. St; Washington, Suite 800; Inquiries, DC 20036 USA202-419-4300 | Main202-419-4349 | Fax202-419-4372 | Media (2 Apr 2015). "Religious Composition by Country, 2010-2050". Pew Research Center's Religion & Public Life Project (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2020-11-12. Retrieved 2020-11-12.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link)
^"God: Who is Allah". thetruereligion.org. مؤرشف من الأصل في 2004-05-01. ... "Allah" is simply the Arabic word for "God"—and there is only One God. Let there be no doubt—Muslims worship the God of Noah, Abraham, Moses, David and Jesus—peace be upon them all. ...
^John L. Esposito (2009). "Islam. Overview". في John L. Esposito (المحرر). The Oxford Encyclopedia of the Islamic World. Oxford: Oxford University Press. DOI:10.1093/acref/9780195305135.001.0001/acref-9780195305135-e-0383 (غير نشط 8 سبتمبر 2018). Profession of Faith [...] affirms Islam's absolute monotheism and acceptance of Muḥammad as the messenger of God, the last and final prophet.{{استشهاد بموسوعة}}: الوسيط |doi-access=subscription غير صالح (مساعدة)صيانة الاستشهاد: وصلة دوي غير نشطة منذ 2018 (link)
^F.E. Peters (2009). "Allāh". في John L. Esposito (المحرر). The Oxford Encyclopedia of the Islamic World. Oxford: Oxford University Press. DOI:10.1093/acref/9780195305135.001.0001/acref-9780195305135-e-0383 (غير نشط 8 سبتمبر 2018). the Muslims' understanding of Allāh is based [...] on the Qurʿān's public witness. Allāh is Unique, the Creator, Sovereign, and Judge of humankind. It is Allāh who directs the universe through his direct action on nature and who has guided human history through his prophets, Abraham, with whom he made his covenant, Moses, Jesus, and Muḥammad, through all of whom he founded his chosen communities, the 'Peoples of the Book.'{{استشهاد بموسوعة}}: الوسيط |doi-access=subscription غير صالح (مساعدة)صيانة الاستشهاد: وصلة دوي غير نشطة منذ 2018 (link)
^According to Oxford Dictionaries, "Muslim is the preferred term for 'follower of Islam,' although Moslem is also widely used." نسخة محفوظة 29 يوليو 2016 على موقع واي باك مشين.
^İbrahim Özdemir (2014). "Environment". في Ibrahim Kalin (المحرر). The Oxford Encyclopedia of Philosophy, Science, and Technology in Islam. Oxford: Oxford University Press. DOI:10.1093/acref:oiso/9780199812578.001.0001/acref-9780199812578-e-237 (غير نشط 8 سبتمبر 2018). When Meccan pagans demanded proofs, signs, or miracles for the existence of God, the Qurʾān's response was to direct their gaze at nature's complexity, regularity, and order. The early verses of the Qurʾān, therefore, reveal an invitation to examine and investigate the heavens and the earth, and everything that can be seen in the environment [...] The Qurʾān thus makes it clear that everything in Creation is a miraculous sign of God (āyah), inviting human beings to contemplate the Creator.{{استشهاد بموسوعة}}: الوسيط |doi-access=subscription غير صالح (مساعدة)صيانة الاستشهاد: وصلة دوي غير نشطة منذ 2018 (link)
^Trofimov، Yaroslav (2008)، The Siege of Mecca: The 1979 Uprising at Islam's Holiest Shrine، New York، ص. 79، ISBN:978-0-307-47290-8{{استشهاد}}: صيانة الاستشهاد: مكان بدون ناشر (link)
^Esposito، John (1998). Islam: The Straight Path (3rd ed.). Oxford University Press. ص. 9, 12. ISBN:978-0-19-511234-4.
^King، David A. (1983). "The Astronomy of the Mamluks". Isis. ج. 74 ع. 4: 531–555. DOI:10.1086/353360.
^Hassan، Ahmad Y (1996). "Factors Behind the Decline of Islamic Science After the Sixteenth Century". في Sharifah Shifa Al-Attas (المحرر). Islam and the Challenge of Modernity, Proceedings of the Inaugural Symposium on Islam and the Challenge of Modernity: Historical and Contemporary Contexts, Kuala Lumpur, August 1–5, 1994. International Institute of Islamic Thought and Civilization (ISTAC). ص. 351–399. مؤرشف من الأصل في 2015-04-02.
^The preaching of Islam: a history of the propagation of the Muslim faith By Sir Thomas Walker Arnold, pp. 125–258
^ ابج"Why Muslims are the world's fastest-growing religious group". مركز بيو للأبحاث. 23 أبريل 2015. مؤرشف من الأصل في 2022-11-03. اطلع عليه بتاريخ 2016-05-05. The main reasons for Islam's growth ultimately involve simple demographics. To begin with, Muslims have more children than members of the seven other major religious groups analyzed in the study. Muslim women have an average of 2.9 children, significantly above the next-highest group (Christians at 2.6) and the average of all non-Muslims (2.2). In all major regions where there is a sizable Muslim population, Muslim fertility exceeds non-Muslim fertility.<
^NW, 1615 L. St; Washington, Suite 800; Inquiries, DC 20036 USA202-419-4300 | Main202-419-4349 | Fax202-419-4372 | Media (18 Dec 2012). "The Global Religious Landscape". Pew Research Center's Religion & Public Life Project (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2020-02-22. Retrieved 2020-02-22.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link)
Sunni Islam: Oxford Bibliographies Online Research Guide "Sunni Islam is the dominant division of the global Muslim community, and throughout history it has made up a substantial majority (85 to 90 percent) of that community."
"Religions". كتاب حقائق العالم. Central Intelligence Agency. مؤرشف من الأصل في 2019-01-15. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-25. Sunni Islam accounts for over 75% of the world's Muslim population...
"Mapping the Global Muslim Population: A Report on the Size and Distribution of the World's Muslim Population". Pew Research Center. 7 أكتوبر 2009. مؤرشف من الأصل في 2019-06-14. اطلع عليه بتاريخ 2013-09-24. The Pew Forum's estimate of the Shia population (10–13%) is in keeping with previous estimates, which generally have been in the range of 10–15%. Some previous estimates, however, have placed the number of Shias at nearly 20% of the world's Muslim population.
"Shia". Berkley Center for Religion, Peace, and World Affairs. مؤرشف من الأصل في 2019-05-16. اطلع عليه بتاريخ 2011-12-05. Shi'a Islam is the second largest branch of the tradition, with up to 200 million followers who comprise around 15% of all Muslims worldwide...
"Religions". كتاب حقائق العالم. Central Intelligence Agency. مؤرشف من الأصل في 2019-01-15. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-25. Shia Islam represents 10–20% of Muslims worldwide...
^"Region: Middle East-North Africa". The Future of the Global Muslim Population. Pew Research Center. مؤرشف من الأصل في 2013-07-25. اطلع عليه بتاريخ 2011-12-22.
^"Region: Sub-Saharan Africa". The Future of the Global Muslim Population. Pew Research Center. مؤرشف من الأصل في 2013-07-28. اطلع عليه بتاريخ 2011-12-22.
^"Muslim Population by Country". The Future of the Global Muslim Population. Pew Research Center. مؤرشف من الأصل في 2011-02-09. اطلع عليه بتاريخ 2011-12-22.
^Lippman, Thomas W. (7 أبريل 2008). "No God But God". U.S. News & World Report. مؤرشف من الأصل في 2019-05-05. اطلع عليه بتاريخ 2013-09-24. Islam is the youngest, the fastest growing, and in many ways the least complicated of the world's great monotheistic faiths. It is based on its own holy book, but it is also a direct descendant of Judaism and Christianity, incorporating some of the teachings of those religions—modifying some and rejecting others.
D. Gimaret. "Allah, Tawhid". Encyclopaedia Britannica Online. {{استشهاد بموسوعة}}: الوسيط |تاريخ الوصول بحاجة لـ |مسار= (مساعدة)
^David Thomas. "Tathlith, Trinity". Encyclopaedia of the Qur'an Online.: Contrary to Muslim understanding, some scholars have suggested that the Qur'an only opposes certain deviant forms of Trinitarian belief.
William Montgomery Watt in The Cambridge History of Islam, p.32
Richard Bell, William Montgomery Watt, Introduction to the Qur'an, p.51
F. E. Peters (1991), pp.3–5: "Few have failed to be convinced that … the Quran is … the words of Muhammad, perhaps even dictated by him after their recitation."
"Qur'an". Encyclopaedia of Islam Online.: The word Qur'an was invented and first used in *the Qur'an itself. There are two different theories about this term and its formation.
^See: * Accad (2003): According to Ibn Taymiya, although only some Muslims accept the textual veracity of the entire Bible, most Muslims will grant the veracity of most of it. * Esposito (1998, pp. 6,12) * Esposito (2002, pp. 4–5)* Peters (2003, p. 9) *F. Buhl. "Muhammad". Encyclopaedia of Islam Online. {{استشهاد بموسوعة}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)* Hava Lazarus-Yafeh. "Tahrif". Encyclopaedia of Islam Online.
^ ابF. Buhl; A. T. Welch. "Muhammad". Encyclopaedia of Islam Online.
^"The Koran". Quod.lib.umich.edu. مؤرشف من الأصل في 2013-09-24. اطلع عليه بتاريخ 2009-12-12.
^
Wheeler، Brannon M. Prophets in the Quran: an introduction to the Quran and Muslim exegesis. Comparative Islamic studies. Continuum International Publishing Group. ص. 8. ISBN:9780826449573. مؤرشف من الأصل في 2011-12-18. هناك 25 نبيًا مذكورون بأسمائهم في القرآن [...] من بينهم: آدم (ذُكر 25 مرة باسمه)، إدريس (1)، نوح (43)، هود (7)، صالح (10)، إبراهيم (69)، إسماعيل (12)، إسحق (17)، يعقوب (16)، لوط (27)، يوسف (27)، شعيب (11)، أيوب (4)، ذو الكفل (2)، موسى (137)، هارون (20)، داود (16)، سليمان (17)، إلياس (1)، اليسع (2)، يونس (4)، زكريا (7)، يحيى (5)، عيسى (25)، محمد (4).
B. كرا دي فو. "Hadd". Encyclopaedia of Islam Online. {{استشهاد بموسوعة}}: الوسيط |تاريخ الوصول بحاجة لـ |مسار= (مساعدة) والوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
N. Calder. "Sharia". Encyclopaedia of Islam Online. {{استشهاد بموسوعة}}: الوسيط |تاريخ الوصول بحاجة لـ |مسار= (مساعدة) والوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^ ابجدهالمدخل لدراسة الفقه الإسلامي ونظرياته العامة. دكتور رمضان علي الشرنباصي، دكتور جابر عبد الهادي الشافعي سالم. أنواع الفقه الإسلامي : صفحة 10-12
^ ابالمدخل لدراسة الفقه الإسلامي ونظرياته العامة. دكتور رمضان علي الشرنباصي، دكتور جابر عبد الهادي سالم الشافعي. مصادر التشريع في عصر الرسول، القرآن الكريم: صفحة 47-50
^ ابجالمدخل لدراسة الفقه الإسلامي ونظرياته العامة. دكتور رمضان علي الشرنباصي، دكتور جابر عبد الهادي الشافعي سالم. التشريع الإسلامي في عصر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، السنّة النبوية: صفحة 50-56
^الوافي في الفلسفة والحضارات، دار الفكر اللبناني. تأليف: عبده الحلو، محمد عبد الملك، د. كريستيان الحلو. علوم إسلامية: المذهب الجعفري
^ ابجدالمدخل لدراسة الفقه الإسلامي ونظرياته العامة. دكتور رمضان علي الشرنباصي، دكتور جابر عبد الهادي الشافعي سالم. الفقه الإسلامي في عهد الخلفاء الراشدين، الإجماع: صفحة 77-81
^مقالة تأليف السيّد 'علي بن 'علي الزيدي، موجز في تاريخ شيعة اليمن (2005) مراجع: مؤمن، صفحة.50، 51. وس.س. أخطر ريزيفي، "فرق الشيعة"
^مقالة تأليف السيّد 'علي بن 'علي الزيدي، موجز في تاريخ شيعة اليمن (2005)
^ ابالمدخل لدراسة الفقه الإسلامي ونظرياته العامة. دكتور رمضان علي الشرنباصي، دكتور جابر عبد الهادي سالم الشافعي. أشهر مذاهب الشيعة، مذهب الشيعة الزيدية: صفحة 251-254
^ ابجالمدخل لدراسة الفقه الإسلامي ونظرياته العامة. دكتور رمضان علي الشرنباصي، دكتور جابر عبد الهادي سالم الشافعي. المذهب الأباضي والمذهب الظاهري: صفحة 259-263
^التربية الإسلامية، دار المقاصد للتأليف والطباعة والنشر. الشيخ محي الدين الشلاّح، الشيخ محمد معروف. الإشراف والمراجعة: الشيخ عبد العزيز سيّد أحمد المنتدب من قبل الأزهر الشريف في مصر. الإمام الأوزاعي: صفحة 138
"Afghanistan: A Country Study". Country Studies. U. S. Library of Congress (Federal Research Division). ص. 150. مؤرشف من الأصل في 2015-07-21. اطلع عليه بتاريخ 2007-04-18.
"WORLD RELIGIONS RESOURCES". WPC library catalog. Warner Pacific College. 2012. مؤرشف من الأصل في 2012-08-26. اطلع عليه بتاريخ 2014-09-16.
"The Journey of Abraham"(PDF). Part of Library's Stories of Faith Program; Discussion to Focus on Shared Beliefs of Semitic Religions. San Diego Public Library. مؤرشف(PDF) من الأصل في 2012-09-24. اطلع عليه بتاريخ 2012-03-03.
"Tagged: Abrahamic religions". Search Results. National Library of Australia. 2012. مؤرشف من الأصل في 2013-07-21. اطلع عليه بتاريخ 2012-03-03.
"Why 'Abrahamic'?". Lubar Institute for Religious Studies at U of Wisconsin. مؤرشف من الأصل في 2013-10-04. اطلع عليه بتاريخ 2012-03-03.
"Abrahamic religions". Library of Congress Authorities & Vocabularies. The Library of Congress. 16 أكتوبر 2008. مؤرشف من الأصل في 2011-07-21. اطلع عليه بتاريخ 2012-03-03.
Bacquet، Karen (مايو 2006). "When Principle and Authority Collide: Baha'i Responses to the Exclusion of Women from the Universal House of Justice". Nova Religio: The Journal of Alternative and Emergent Religions. ج. 9 ع. 4: 34–52. DOI:10.1525/nr.2006.9.4.034. JSTOR:10.1525/nr.2006.9.4.034.
^"Druze in Syria". Harvard University. مؤرشف من الأصل في 2022-11-08. The Druze are an ethnoreligious group concentrated in Syria, Lebanon, and Israel with around one million adherents worldwide. The Druze follow a millenarian offshoot of Isma'ili Shi'ism. Followers emphasize Abrahamic monotheism but consider the religion as separate from Islam.
^J. Stewart، Dona (2008). The Middle East Today: Political, Geographical and Cultural Perspectives. Routledge. ص. 33. ISBN:9781135980795. Most Druze do not consider themselves Muslim. Historically they faced much persecution and keep their religious beliefs secrets.
^Blankinship، Khalid Yahya (1994)، The End of the Jihad State, the Reign of Hisham Ibn 'Abd-al Malik and the collapse of the Umayyads، جامعة ولاية نيويورك، ص. 37، ISBN:0791418278
^ ابMatthew E. Falagas, Effie A. Zarkadoulia, George Samonis (2006). "Arab science in the golden age (750–1258 C.E.) and today", The FASEB Journal[لغات أخرى]20, pp. 1581–1586.
^المصور في التاريخ، الجزء السادس. تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان. دار العلم للملايين، بيروت. الحروب الصليبية والدول الإسلامية المعاصرة لها، صفحة 76
^ ابThompson, J., A History of Egypt, AUC Press 2008, p. 194; Vatikiotis, P.J., The History of Modern Egypt, The Johns Hopkins University Press, 1992, p.20
^The Ottoman Empire, 1700-1922, Donald Quataert, page 4, 2005
^ ابسيف الله المسلول: خالد بن الوليد، حياته وحملاته: صفحة:576 تأليف الفريق آغا إبراهيم أكرم، دار النشر الوطنية، روالبندي (1970) (ردمك 978-0-7101-0104-4).
L. Gardet. "Islam". Encyclopaedia of Islam Online. {{استشهاد بموسوعة}}: الوسيط |تاريخ الوصول بحاجة لـ |مسار= (مساعدة) والوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^انظر المجمع الفاتيكاني الثاني في عصرنا بيان في علاقات الكنيسة مع الديانات غير المسيحية، المادة عدد 3 المخصصة للحديث عن الإسلام نسخة محفوظة 18 يناير 2012 على موقع واي باك مشين.
^ ابAhmed, Imad-ad-Dean. Signs in the heavens. 2. Amana Publications, 2006. Print. ISBN 1-59008-040-8 page 23, 84.
"Despite the fact that they did not have a quantified theory of error they were well aware that an increased number of observations qualitatively reduces the uncertainty."
^Rosanna Gorini (2003), "Al-Haytham the Man of Experience, First Steps in the Science of Vision", International Society for the History of Islamic Medicine, Institute of Neurosciences, Laboratory of Psychobiology and Psychopharmacology, Rome, Italy:
"According to the majority of the historians al-Haytham was the pioneer of the modern scientific method. With his book he changed the meaning of the term optics and established experiments as the norm of proof in the field. His investigations are based not on abstract theories, but on experimental evidences and his experiments were systematic and repeatable."
^تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 189 ISBN 9953-18-084-9
^المصور في التاريخ، الجزء السادس. تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان، دار العلم للملايين، صفحة 131
Watt (1973), p.18: Wahhabism should not be confused with the early Kharijite sect of Wahabiyya, which was named after Abd-Allah ibn-Wahb ar-Rasibi, who opposed Ali at Nahrawan.
^Muslim Minorities in the West: Visible and Invisible By Yvonne Yazbeck Haddad, Jane I. Smith, pg 271
^Bulliet, Richard, Pamela Crossley, Daniel Headrick, Steven Hirsch, Lyman Johnson, and David Northrup. The Earth and Its Peoples. 3. Boston: Houghton Mifflin, 2005. ISBN 0-618-42770-8
^"Conversion". The Future of the Global Muslim Population (Report). Pew Research Center. 27 يناير 2011. مؤرشف من الأصل في 2022-11-05. there is no substantial net gain or loss in the number of Muslims through conversion globally; the number of people who become Muslims through conversion seems to be roughly equal to the number of Muslims who leave the faith
^"Population by religion"(PDF). Population Census Organization, Government of Pakistan. مؤرشف من الأصل(PDF) في 2010-09-22. اطلع عليه بتاريخ 2008-02-13.
^وفقا لحديث جابر المصدر : التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، » كتاب الطهارة » كتاب التيمم - موقع Islamweb.net "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2018-10-11. اطلع عليه بتاريخ 2012-03-25.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^Budge، E.A. Wallis (13 يونيو 2001). Budge's Egypt: A Classic 19th Century Travel Guide. Courier Dover Publications. ص. 123–128. ISBN:0-486-41721-2.
J. Pedersen. "Masdjid". Encyclopaedia of Islam Online. {{استشهاد بموسوعة}}: الوسيط |تاريخ الوصول بحاجة لـ |مسار= (مساعدة) والوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
"Mosque". Encyclopaedia Britannica Online. {{استشهاد بموسوعة}}: الوسيط |تاريخ الوصول بحاجة لـ |مسار= (مساعدة)
^مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بالميراث والوصية والوقف في الفقه والقانون والقضاء. دكتور محمد كمال الدين إمام، دكتور سالم عبد الهادي سالم الشافعي. أسباب الميراث، صفحة 77-85
^أحكام الأسرة الخاصة بالزواج والفرقة وحقوق الأولاد في الفقه الإسلامي والقانون والقضاء. دكتور رمضان علي السيد الشرنباصي، دكتور سالم عبد الهادي سالم الشافعي. حكم زواج الرجل المسلم من المرأة الكتابية-حكم زواج المرأة المسلمة من الرجل الكتابي، صفحة 218-223
^يؤمن المسلمون أن لكل ملاك مهمة محددة يؤديها، فجبريل، المعروف باسم "جبرائيل" في الديانة المسيحيةاليهودية، مهمته إبلاغ الوحي، وميكائيل إنزال المطر وإنبات النبات، وإسرافيل النفخ في الصور يوم القيامة، وملك الموت، المعروف باسم "عزرائيل" في الكتاب المقدس، مهمته قبض الأرواح وله أعوان من الملائكة، ورضوان هو خازن باب الجنة، والزبانية هم تسعة عشر ملك أوكلهم الله بالنار فهم خزنتها وكّلهم يقومون بتعذيب أهلها، وحملة العرش أربعة وإذا جاء يوم القيامة أضيف إليهم أربعة آخرون، والحفظة عملهم حفظ الإنسان، أما الكرام الكاتبون فمهمتهم كتابة أعمال البشر وإحصاؤها عليهم فعلى يمين كل عبد مكلف ملك يكتب صالح أعماله وعن يساره ملك يكتب سيئات أعماله.
^وصف النبي محمد النبي موسى بقوله: "ليلة أُسري بي رأيت موسى وإذا هو رجل ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة"، وقال واصفًا المسيح: "ليس بيني وبينه نبي وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ينزل بين ممصرتين، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل"؛ وقد جاء وصفٌ للنبي يوسف في القرآن لما رأته نسوة المدينة حين دعتهن امرأة العزيز لما شاع خبرها بأنها راودت فتى العزيز، فقيل: ﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ٣١﴾، وقد قال النبي محمد واصفًا يوسف: "أعطي يوسف شطر الحسن".
^لا تجوز الصلاة في الإسلام من غير وضوء أو تيممبتراب أو رمل أو صخر طاهر بحال تعذر وجود الماء. تختلف صلاةالمسلمينالسنّة عن صلاة المسلمينالشيعة بشكل بسيط من ناحية الحركات المؤداة وبعض الأدعية. وعدد ركعات الصلاة يختلف باختلاف موعدها، فلصلاة الفجر ركعتين، وصلوات الظهروالعصروالعشاء أربع ركعات، أما صلاة المغرب فعدد ركعاتها ثلاثة. وإلى جانب هذه الصلوات المفروضة هناك صلوات تُعرف بصلوات السنّة، وهي ما كان النبي محمد يؤديه من صلوات إضافية تقربا إلى الله، وسنة الظهر أربع ركعات قبل صلاة الفريضة وركعتين بعدها وهي سنّة مؤكدة، أما سنة العصر وإن كانت سنة غير مؤكدة فقد وردت فيها أحاديث كثيرة منهاحديثابن عمر أن النبي محمد قال: "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعًا". ومن الصلوات الأخرى في الإسلام صلاة الوتر، وهي سنّة مؤكدة يبدأ وقتها بعد صلاة العشاء وينتهي بطلوع الفجر، وأقلها ركعة واحدة، وأفضلها إحدى عشر ركعة أو ثلاثة عشر ركعة، وإن زاد على ذلك أوتر بخمس عشر أو بعشرين مع الوتر أو ما أشبه ذلك فلا بأس في ذلك.
^يُعاقب المرء الزاني في الإسلام بالجلد مئة جلدة، وذلك وفقًا لما ورد في سورة النور: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٢﴾ [النور:2]، وذلك إذا لم يكن متزوجًا، أما لو كان كذلك فعقوبته الرجم حتى الموت. وعلى من يدعي أن امرأة قد زنت أن يأتي بأربعة شهود، فإن لم يفعل وتبين كذبه فقد اقترف إثم رمي المحصنات وعقوبته الجلد ثمانين جلدة وفقًا لما جاء في ذات السورة: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤﴾ [النور:4]، أما حد اللواطوالسحاق فهو القتل إن كان كلا الفاعلين راضيًا. وحد السرقة قطع اليد إن كانت السرقة بلا داع، أي لم يكن السارق محتاجًا ويهدف من وراء عمله إطعام نفسه أو عزيز عليه. وحد الردة هو القتل إن لم يتوب المرتد، وحد القتل هو القصاص أو الديّة أو الكفّارة. أما حد شرب الخمر فهو الجلد مع اختلاف الفقهاء في تحديد مقداره، حيث قال بعضهم أنه أربعون وقال آخرون أنه ثمانون.
^يقول عدد من رجال الدين السنّة والشيعة أن الدروز مرتدون عن دين الإسلام، وليسوا بمسلمين؛ ولا يهود، ولا مسيحيين، فهم لا يقرون بوجوب الصلوات الخمس، ولا وجوب صوم رمضان، ولا وجوب الحج، ولا تحريم ما حرم الله والنبي محمد من الميتة والخمر وغيرهما. وإنهم إن أظهروا الشهادتين مع هذه العقائد فهم كفار باتفاق المسلمين. وأن غايتهم أن يكونوا فلاسفة على مذهب أرسطو وأمثاله، أو مجوسًا. وقولهم مركب من قول الفلاسفة والمجوس، ويظهرون التشيع نفاقًا.
^اختلف المؤرخون في يوم وتاريخ مقتل عثمان ولكن الكل مجمعون على أنه قتل في شهر ذي الحجة، وأرجح الأقوال أنه قتل في اليوم والتاريخ المذكورين في المتن كما روي عن الزهري.
^يرى بعض المؤرخين مثل الدكتور إحسان حقي، أن قصة السم ليست واقعية بل اخترعت لأسباب سياسية محضة، إذ ليس ما يدعو أحدًا إلى سم الإمام الحسن بما أنه تنازل عن الخلافة واستمر يعيش حياة الملوك بما كان يغدقه عليه معاوية من مال، فقد جاء في الجزء الثامن من البداية والنهاية: "صالح الحسن معاوية على أن يأخذ ما في بيت المال الذي في الكوفة وكان فيه خمسة آلاف ألف وقيل سبعة آلاف ألف وعلى أن يأخذ خراج دارابجرد في كل عام، فامتنع أهل تلك الناحية عن أداء الخراج إليه فعوضه معاوية عن كل سنة ستة آلاف ألف درهم، مع ماله في كل زيارة من الجوائز والهدايا والتحف إلى أن توفي". ويقول هؤلاء المؤرخون أن الإمام الحسن مات بالقرحة إذ جاء في البداية والنهاية أنه كان يوضع تحته طست ويرفع آخر نحوًا من أربعين يومًا. وجاء قوله: "لقد لفظت طائفة من كبدي أقلبها بهذا العود". أي أنه كان ينفث الدم. والمسموم لا يعيش أربعين يومًا وهو على هذه الحال.
^كان سبب رفض الحسين هو أن يزيد رجل فاسق شارب خمر قاتل نفس وقد وردت الكثير من روايات الشيعة والسنة في فسقه حتى كفره منها:1- تاريخ الطبري : 3 / 13 و6 / 267 و7 / 11 و10 / 60 و11 / 538.
العلاقات الباكستانية العمانية باكستان سلطنة عمان باكستان سلطنة عمان تعديل مصدري - تعديل العلاقات الباكستانية العمانية هي العلاقات الثنائية التي تجمع بين باكستان وسلطنة عمان.[1][2][3][4][5] مقارنة بين البلدين هذه مقارنة عامة ومرجعية للدول�...
←→Сентябрь Пн Вт Ср Чт Пт Сб Вс 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 2023 год Содержание 1 Праздники и памятные дни 1.1 Международные 1.2 Национальные 1.3 Религиозные 2 События 2.1 До XIX века 2.2 XIX век 2.3 XX век 2.4 XXI век 3 Родились 3.1 До XIX века 3.2 XIX век 3.3 XX век 3....
Susúa State ForestSpanish: Bosque Estatal de SusúaTabonuco forest in Susúa.GeographyLocationSabana Grande, YaucoAdministrationWebsitewww.drna.gobierno.prEcologyWWF ClassificationPuerto Rican moist forests Susúa State Forest (Spanish: Bosque Estatal de Susúa) is one of the 20 forest units that make up the public forest system of Puerto Rico. This forest is located in the southeastern foothills of the Central Mountain Range or Cordillera Central, in the municipalities of Sabana Grande and ...
Hidangan Mi Koba Mi Koba adalah hidangan mi yang berasal dari provinsi Bangka Belitung. Nama mi ini diambil dari Koba, ibu kota Kabupaten Bangka Tengah, Bangka Belitung. Mi Koba memiliki cita rasa khas kaldu yang berasal dari ikan tenggiri dan umumnya dinikmati dengan telur, tauge, seledri, dan bawang goreng.[1][2] Asal usul Seporsi Mi Koba Mi Koba pertama kali diciptakan oleh Iskandar sejak 1987. Ia dan temannya berjualan dengan gerobak di Kecamatan Koba, Bangka Tengah. Saat ...
Гільде ШрадерHilde Schrader Загальна інформаціяГромадянство НімеччинаНародження 4 січня 1910(1910-01-04)[1]Штасфурт, Зальцланд, Саксонія-Ангальт, НімеччинаСмерть 23 березня 1966(1966-03-23) (56 років)Магдебург, НДРСпортВид спорту спортивне плавання[2] Участь і здобутки Гільде Ш�...
Mercedes-Benz SK 1953 (1994–1998)SK 1953 (1994–1998) Schwere Klasse (SK) Hersteller: Daimler-Benz Verkaufsbezeichnung: SK Produktionszeitraum: 1988–1998 Vorgängermodell: Neue Generation (NG) Nachfolgemodell: Actros Technische Daten Motoren: 6,0–15,1 Liter Leistung: 125–390 kW zul. Gesamtgewicht: 17–41 t Die Schwere Klasse (SK) war eine Lkw-Baureihe des Herstellers Daimler-Benz, die am 4. Juli 1988 in Singen am Bodensee der Fachpresse vorgestellt wurde. Die Typenpal...
Показник заломлення Символи: n {\displaystyle n} Одиниці вимірюванняРозмірність: безрозмірнісна Показник заломлення у Вікісховищі Заломлення променя світла на межі пластикового матеріалу з повітрям Показник заломлення — безрозмірнісна фізична величина, що характеризу...
Mirena IntraUterine System Alat hormonal intrauterin, yang dijual dengan nama merek Mirena dan lain-lain, adalah sebuah alat intrauterin yang melepaskan hormon levonorgestrel ke dalam uterus.[1] Alat tersebut dipakai untuk pengendalian kelahiran, periode menstrual berat dan mencegah pembentukan laposan uterus dalam terapi penggantian estrogen.[1] Alat tersebut adalah salah satu bentuk pengendalian kelahiran paling efektif dengan tingkat kagagalan setahun sekitar 0.2%.[2 ...
This article includes a list of general references, but it lacks sufficient corresponding inline citations. Please help to improve this article by introducing more precise citations. (June 2012) (Learn how and when to remove this template message) Task Force 11TF 11's Saratoga (foreground) conducts aircraft operations with Task Force 16's Enterprise in the South Pacific in August 1942.ActiveAt least 1941–45, 2001–?CountryUnited StatesAllegianceAllies of World War IIBranchUnited States Nav...
Bạn có thể mở rộng bài này bằng cách dịch bài viết tương ứng từ ngôn ngữ khác. (tháng 5/2022) Nhấn [hiện] để xem các hướng dẫn dịch thuật. Đừng dịch những nội dung không đáng tin hay chất lượng thấp. Nếu được, bạn hãy tự kiểm chứng các thông tin bằng các nguồn tham khảo có trong bài gốc. Bạn phải ghi công bản quyền bài gốc trong tóm lược sửa đổi bài dịch. Chẳng hạn, b...
Kaizer Chiefs Généralités Nom complet Kaizer Chiefs Football Club Surnoms Amakhosi (Les Chefs)[1] Glamour Boys Fondation 7 janvier 1970 Statut professionnel Professionnel Couleurs orange et noir Stade Rand Stadium (en)(25 000 places)Soccer City Stadium (94 700 places) Siège 5/6 Lena Road,Lenaron, Naturena Championnat actuel ABSA Premiership Président Bheki Shongwe Entraîneur Cavin Johnson Site web http://www.kaizerchiefs.com/kc_home.asp Palmarès principal National[2] Pre...
2019 video game 2019 video gameBorderlands 3Cover art, with a Psycho enemy in a pose traditionally used for Jesus in art, with a grenade as the Sacred Heart[2]Developer(s)Gearbox SoftwarePublisher(s)2KDirector(s)Paul SageDesigner(s)Keith SchulerArtist(s)Scott KesterWriter(s)Danny HomanSam WinklerConnor Thomas ClearyComposer(s)Jesper KydMichael McCannFinishing Move Inc.Raison VarnerSeriesBorderlandsEngineUnreal Engine 4[3]Platform(s)PlayStation 4WindowsXbox OnemacOSStadiaXbox S...
Piazza del Duomo a MilanoAutoreAlfredo Di Romagna Data1944 Tecnicaolio su tavola Dimensioni29,8×39,8 cm UbicazioneCollezioni d'arte della Fondazione Cariplo, Milano Piazza del Duomo a Milano è un dipinto di Alfredo Di Romagna. Eseguito nel 1944, appartiene alle collezioni d'arte della Fondazione Cariplo. Descrizione Con un tocco immediato e impressionista, Di Romagna organizza questo scorcio della piazza del Duomo giocando sulla contrapposizione fra le linee di sviluppo verticali, pres...
City in North Alabama, US Huntsville redirects here. For other uses, see Huntsville (disambiguation). City in Alabama, United StatesHuntsvilleCityDowntown HuntsvilleHuntsville Museum of ArtU.S. Space & Rocket CenterPropst ArenaFirst National Bank SealLogoNickname: Rocket City[2]Motto: Star of Alabama[3]Location of Huntsville in Limestone County and Madison County, AlabamaHuntsvilleLocation within AlabamaShow map of AlabamaHuntsvilleLocation within the United Stat...
Luftaufnahme der Außenalster mit Alsterpark Der Alsterpark führt entlang des Alsterufers rund um die Außenalster und schließt die Bereiche Schwanenwik, das Eduard-Rhein-Ufer und das Alstervorland mit ein. Im Süden beginnend führt der Park östlich durch die Hamburger Stadtteile St. Georg, Hohenfelde, Uhlenhorst und Winterhude, ab der Krugkoppelbrücke westlich durch das Alstervorland in Harvestehude und Rotherbaum bis zur Kennedybrücke am Übergang zur Binnenalster. Inhaltsverzeichnis ...
2024 Philadelphia PhilliesLeagueNational LeagueDivisionEastBallparkCitizens Bank ParkCityPhiladelphiaOwnersJohn S. MiddletonPresident of baseball operationsDave DombrowskiManagersRob ThomsonTelevisionNBC Sports PhiladelphiaNBC Sports Philadelphia +NBC Philadelphia (Tom McCarthy, John Kruk, Ben Davis, Mike Schmidt, Jimmy Rollins, Rubén Amaro Jr.)RadioPhillies Radio Network WIP SportsRadio 94.1 FM (English)(Scott Franzke, Larry Andersen, Kevin Stocker)WTTM (Spanish)(Danny Martinez, Bill K...
Painting by Vittore Carpaccio Two Venetian LadiesArtistVittore CarpaccioYearc. 1490MediumOil on panelDimensions94 cm × 64 cm (37 in × 25 in)LocationMuseo Correr, Venice Two Venetian Ladies is an oil on panel painting by the Italian Renaissance artist Vittore Carpaccio. The painting, believed to be a quarter of the original work, was executed around 1490 and shows two unknown Venetian ladies. The top portion of the panel, called Hunting on the Lagoon...
Messier 96ESO's Very Large Telescope citra dari Messier 96, dikenal sebagai NGC 3368. Gambar tersebut memperlihatkan intinya terlantar dari pusat, gas dan debu didistribusikan secara asimetris dengan lengan spiralnya yang tidak jelas.Data pengamatan (J2000 epos)Rasi bintangLeoAsensio rekta 10j 46m 45.7d[1]Deklinasi +11° 49′ 12″[1]Pergeseran merah897 ± 4 km/s[1]Jarak31 ± 3 Jtc (9.6 ± 1.0 Jp)[2]Magnitudo semu (V)+10.1 ...
Para otros usos de este término, véase Country club. Entrada de una Gated Community (Boca Bayou condominiums en Boca Ratón, Florida). Un barrio cerrado en Ezeiza, en el aglomerado Gran Buenos Aires, Argentina. Una urbanización cerrada (del inglés gated community) (también llamada barrio cerrado o privado, country, country club,—en Argentina—ciudadela cerrada o privada, colonia privada —en México—, urbanización privada o conjunto residencial—en Venezuela—, etc...) es una fo...