تعدّ مسألة خاتمة النبوة بالنبي محمد من ضروريات المذهب وبديهيات الدين الإسلامي برأي علماء ومفكري الإسلام،
فقد أجمع العلماء من السنةوالشيعة على أنّ محمداً هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وآخر السفراء الإلهيين والمبعوثين لهداية البشرية، ودينه آخر الأديان وكتابه آخر الكتب السماوية التي نزلت للبشرية كافة، كما أجمعوا على تكفير من ادعى النبوة لأحد بعد رسول الله.
يقول عبد القاهر البغدادي: أجمع المسلمون وأهل الكتاب على أن أول من أرسل من الناس آدم ، وآخرهم محمد ﷺ.[1]
معنى الكلمة
"الخاتم من مادة "ختم" يطلق على ما يختم به آخر الرسائل أو الوثائق والكتب المهمة. ومن هنا وضعت كلمة "الخاتم" على ما يلبس في الاصابع، لأنَّ فص الخواتم كان ينقش عليه اسم أو رسم ويستعمل لختم الرسائل في الزمن السابق، وكان كل ختم لشخص معين. فكان يعتبر ختم الكتاب أو الوثيقة دليلا على اختتامهما وانتهائهما. فمعنى الخاتم هو الوسيلة التي تختم بها الرسائل والوثائق وليس ذلك الذي يُلبس في اليد وإن أطلق عليه ذلك فلأجل أنّ كونه يستعمل في ختم الرسائل والكتب.[2]
نقل عن ابن فارس: «خَتَمَ» لها معنى أصلي واحد لا أكثر وهو الوصول إلى نهاية الشيء، فأمّا «الْخَتْمُ»، وهو الطّبع على الشيء، فهو من هذا الباب ايضاً، لأنّ الطّبع على الشيء لا يكون إِلّا بعد بلوغ آخره في الأحراز. والخاتم مشتق منه لأَنّ به يختم.[3]
فمن هنا يُقال إنّ المراد من خاتم النبيين هو إنّ النبي محمد هو الشخص الذي اختتمت وأغلقت أبواب النبوة من بعده كما يعلن اختتام محتويات الكتاب عن طريق ختمها ووجود النبي يكون ختم على باب النبوة فأوصد بوجه البشر إلى الأبد.
الخاتمية في القرآن
الآية القرآنية التي تصزح بكون النبي محمد خاتم الأنبياء وإيصاد باب النبوة بصورة مطلقة من بعده، هي:
القرآن هو البرهان الذي جعله الله تعالى حجة على الخلق يوم القيامة، وذلك يدلّ على استمرار الرسالة المحمدية إلى يوم القيامة فإدعاء النبوة يناقض كون القرآن حجّة. حيث قال تعالى:
هناك آيات تدلّ على أنّ القرآن حق وثابت لا يمسّه الضياع أو الزيادة والنقصان، فإذا كان القرآن مصوناً من تسلّل الباطل إليه، فهذا يلازم أن تكون رسالة النبي محمد خالدة إلى يوم القيامة.
إضافة إلى ذلك إن رسالة الإسلام هي رسالة عالمية موجهة للبشرية جمعاء وهناك آيات تشير إلى أن الإسلام دين كامل يشمل جميع احتياجات الناس في كل زمان ومكان وهو يشير إلى عدم الحاجة إلى رسالة أخرى بعده بل فيه كل ما يحتاجه العالم وفي كل الأوقات. فإدعاء النبوة هو طعن في عموم الرسالة المحمدية.
فهذه الآيات تدلّ على استحالة مجيء كتاب سماوي آخر ينسخ القرآن الكريم والشريعة الإسلامية، فالشريعة الإسلامية هي شريعة عالمية ودائمية والخالدة.[1][11]
الأدلة الروائية
إن العلماء الشيعة والسنة أجمعوا على أن الله ختم النبيين بمحمد وأن لا يجوز بأحد بعده يدعي النبوة والأحاديث حول الخاتمية فكثيرة وموجودة في كتب الفريقين، نذكر بعضها:
حين خرج الرسول ﷺ في غزوة تبوك وخلف عليا مكانه في المدينة، فبكى على، فقال له رسول الله ﷺ: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس بعدي نبي.»[12]
قال النبي ﷺ والمسلمون حوله مجتمعون: «أيها الناس انه لانبي بعدي ولا سنة بعدي،، فمن ادعى بعد ذلك فدعواه وبدعته في النار، فاقتلوه ومن اتبعه فانه في النار.»[13]
خلّف رسول الله ﷺعلي بن أبي طالب في غزوة تبوك فقال:«يا رسول الله تخلّفني في النّساء والصّبيان؟» فقال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي»[15]
قال رسول الله ﷺ: «ذهبت النبوة وبقيت المبشرات»، قيل وما المبشرات يا رسول الله؟،قال «الرؤية الصالحة»[16]
روي عن أبي هريرة في صحيح البخاري:
قال رسول الله ﷺ:«إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون ويقولون: هلا وضعت اللبنة، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين»[17]