عُرف الكبريت منذ أقدم العصور، وذلك لأنّه يوجد في الطبيعة بشكله العنصري الحرّ. فقد استخدم المصريون القدماء الكبريت في تبييض الأقمشة وفي بعض التطبيقات الأخرى منذ حوالي 2000 سنة قبل الميلاد؛ ووفقاً لبردية إبيرس فقد استُعمِلَ مرهمٌ حاوٍ على الكبريت في علاج التهاب الجفن. منذ القرن السادس قبل الميلاد أطلق الصينيون على خامة الكبريت الطبيعية اسم «شيليوهوانغ 石硫黄»، والمنتشرة بالقرب من مدينة هانتشونغ؛[2] ومنذ القرن الثالث قبل الميلاد اكتشف الصينيون أنّه من الممكن استخراج الكبريت من البيريت.[2][3] اهتمّ الطاويّون بقدرة الكبريت على الاشتعال وبتفاعله مع بعض الفلزات، ووجدوا له استخداماتٍ في الطبّ الصيني التقليدي.[2]
استُخدِم الكبريت منذ مرحلة ما قبل العصر الكلاسيكي اليوناني في التعقيم بالبخار،[4] وهو أمرٌ مذكورٌ في الأوديسّة؛[5][6] كما استُعمِل الكبريت في الحروب لتحضير المشاعل لقدرته على الاحتراق البطيء.[3] ناقش بلينيوس الأكبر الكبريت في موسوعة التاريخ الطبيعي، وأورد التطبيقات المستخدمة في ذلك الوقت مثل التعقيم والطب وتبييض الملابس.[7] ساهم الكيميائيون العرب والمسلمون في تطوير التجارب على عنصر الكبريت التي سعت لمعرفة ماهيته،[ْ 1] ونجح جابر بن حيان في تحضير حمض الكبريتيك من أملاح الكبريتات (التي كانت تسمى الزاج)، ولذلك أطلق عليه اسم «زيت الزاج».[ْ 2] قام الهنود أيضاً بوصف استخدام الكبريت في العمليات الخيميائية مع الزئبق وذلك منذ القرن الثامن للميلاد،[8] وكان يطلق عليه اسم «ذو الرائحة». وَصَفت معاهدة سلالة سونغ الحاكمة العسكرية سنة 1044 للميلاد استخدام صيغٍ متنوّعة من مسحوق البارود الأسود، والذي كان يحوي على الكبريت في تركيبه بالإضافة إلى الفحم ونترات البوتاسيوم (ملح البارود).[9] كان الرمز الخيميائي للكبريت في أوروبا على شكل مثلّث على رأس صليب؛ واستخدم الكبريت من الخيميائيين الأوروبيين في معالجة الجربوالحكةوالصدفيةوحب الشباب؛ وذلك غالباً بسبب أثر الكبريتيت (السلفيت) المعقّم والمختزل.[10][11][12]
العصور الحديثة
كانت عملية غرف الرصاص التي طوّرها جون روبوك سنة 1746 من أولى العمليات التقنية الكيميائية لإنتاج حمض الكبريتيك.[13][14] ساهم أنطوان لافوازييه لاحقاً سنة 1777 في إقناع المجتمع العلمي آنذاك أنّ الكبريت هو عنصرٌ وليس مركّباً كيميائياً؛ خاصّةً أنّ إجراء التجارب على احتراق الكبريت كان عاملاً مساعداً في إسقاط نظرية الفلوجستون.[15] في النهاية أدّت تجارب لوي جوزيف غي لوساكولوي جاك تينار في ترسيخ حقيقة أنّ الكبريت ينتمي إلى العناصر الكيميائية؛[16] وبناءً على اقتراح من يونس ياكوب بيرسيليوس مُنِحَ العنصر الرمز S، حيث بدأ يظهر في الجداول العلمية للعناصر منذ سنة 1814.[17] تمكّن الكيميائي وليام كريستوفر زايسه سنة 1822 من اكتشاف مركّبات الزانثات الحاوية على الكبريت، كما تمكّن من تحضير إيثانثيول، وهو أوّل مركّبات الثيول (المركبتانات) المكتَشفة.[18] من الاكتشافات المهمّة الأخرى المتعلّقة بالكبريت عمليةُ فلكنةالمطاط، والتي اكتشفها تشارلز غوديير مصادفةً سنة 1839.
كانت توضّعات وترسّبات الكبريت في صقلية وافرةً، وكانت المصدر الرئيسي للكبريت لأوروبا لفترات طويلة من الزمن. في أواخر القرن الثامن عشر كان يُستورَد حوالي 2000 طن سنوياً من الكبريت إلى مدينة مرسيليا في فرنسا من أجل تحضير حمض الكبريتيك المستخدَم في عملية لوبلان. بالمقابل ازداد الطلب على الكبريت في بريطانيا أثناء الثورة الصناعية، ومع ازدياد التنافس مع فرنسا، زادت الضغوط السياسية، ممّا أدّى في النهاية إلى حدوث ما أطلق عليه اسم «أزمة الكبريت» سنة 1840، وذلك عندما قام فرديناندو الثاني ملك الصقليتين بمنح صلاحيات استخراج الكبريت بشكلٍ حصريٍّ إلى شركة فرنسية، خارقاً بذلك اتفاقية مُسبَقة مع بريطانيا تعود إلى سنة 1816، ممّا دفع بريطانيا بالتهديد بالحصار البحري، إلّا أنّ فرنسا توسّطت بحلّ الأمر سلمياً بمفاوضاتٍ دبلوماسية.[19][20]
توسّع استخدام الكبريت منذ أواخر القرن التاسع عشر، حيث استخدم في المجال الطبي لصنع المراهم وغيرها؛[21] كما ازداد الطلب عليه مع تطوير عملية التلامس لتحضير حمض الكبريتيك ولصناعة الأسمدة.[22] وفي الولايات المتحدة اكتُشِف الكبريت سنة 1867 في ولايتي تكساسولويزيانا في توضّعات تحت أرضية، والتي استخدمت عملية فراش لاحقاً لاستخراجه منها،[23] والتي طُوّرت ما بين سنتي 1891 و1894 من الكيميائي هيرمان فراش.[24]
الوفرة الطبيعية
في الكون
يتشكّل نظير الكبريت32S داخل النجوم الضخمة عند درجات حرارة مرتفعة جدّاً في عملية احتراق السيليكون، والتي تندمج فيها نواةٌ من السيليكون مع نواةٍ من الهيليوم؛[25] وتعدّ هذه العملية جزءاً من عملية ألفا التي تنتج العناصر الكيميائية في الكون بكمّيّات وافرة، ولذلك فإنّ الكبريت هو عاشر العناصر الكيميائية من حيث ترتيب الوفرة في الكون. توجد سحبٌ من غاز ثنائي أكسيد الكبريت وضباب من حمض الكبريتيك في الغلاف الجوّي لكوكب الزهرة، وبُرهِنَ على وجود الكبريت في تركيب كوكب المريخ؛ كما عُثرَ على الكبريت أيضاً في تركيب قمر أوروبا؛[26] ومن الأمثلة الواضحة على وفرة الكبريت في الكون هو قمر آيو (أحد أقمار كوكب المشتري)، والذي يتميّز بلونه الأصفر بسبب وجود الكبريت فيه بأطواره المتعددة، الغازية والصلبة والمنصهرة؛[27] حيث اقتُرحَ أن تكون الحمم البركانية، التي تمتدّ على مسافة مئات من الكيلومترات، مكوّنةً من الكبريت ومركّباته.[28]
يدخل الكبريت أيضاً على هيئة مركّبات الكبريتيد في تركيب عدّة أنماط من الأحجار النيزكية؛ فيحوي الكوندريت العادي وسطياً على الكبريت بنسبةٍ تصل إلى 2% تقريباً، في حين تصل النسبة في الكوندريت الكربوني إلى حوالي 6.6%. تحوي النيازك عادةً على كبريتيد الحديد FeS على شكل معدن ترويليت، ولكنّ هناك استثناءات، حيث يحوي الكوندريت الكربوني أحياناً على الكبريت العنصري أو الكبريتات أو مركّبات أخرى للكبريت.[29] يمكن أن يوجد الكبريت على عدّة أشكال في الكون، من بينها الشكل النادر على هيئة جزيء ثنائي الذرة S2 في النيازك؛[30] كما توجد مركّبات بسيطة مختلفة للكبريت في الوسط بين النجمي مثل كبريتيد الهيدروجين H2S وكبريتيد الكربونيل COS وأحادي أكسيد الكبريت SO وثيوفورمالدهيد CH2S وغيرها.[31][32]
في الأرض
يعدّ الكبريت خامس العناصر الكيميائية من حيث ترتيب الكتلة في الأرض، أمّا من حيث تركيب القشرة الأرضية فيأتي الكبريت ومركّباته في المرتبة السادسة عشرة. تصفُ دورة الكبريت العمليات الجيوكيميائية التي ينتقل فيها الكبريت ومركّباته بين الأنظمة والأوساط المختلفة الموجودة على سطح الأرض، والتي تشمل غلاف الأرض الصخريوالمائيوالجويوالحيوي.[33][34]
يمكن أن يُعثَر على الكبريت بشكله الطبيعي العنصريَ الحرَ، أي بشكل غير مرتبط مع عناصر أخرى، وهو ذو لون أصفر مميّز، ويسمّى هذا الشكل عادةً «زهر الكبريت». وفق الجمعية الدولية للمعادن فإنّ الكبريت ينتمي إلى المعادن اللافلزية العنصرية، ويمكن أن يوجد على أشكالٍ متعدّدة، منها معدن الروسيتسكيت النادر. تكون توضّعات الكبريت عادةً ذات بلّورات صغيرة متكتّلة معتمة، ولكن يمكن العثور على بلّورات كبيرة الحجم، وأكبر بلّورة كبريت موثّقة تبلغ أبعادها 22×16×11 سم.[35] تكون البلّورات الكبيرة من الكبريت شفّافة إلى شافّة، وهي ذات بريق، ولها الخواص البصرية التالية: معامل الانكسار: nα = 1.9579 و nβ = 2.0377 وnγ = 2.2452؛ وزاوية التبعثر: '2vz ≈ 68°58.[36] تترك بلورات الكبريت خدشاً أبيضَ اللون على السطوح السوداء.
يوجد الكبريت في غلاف الأرض المائي على شكل أيون الكبريتات (السلفات)، وهو يشكّل ما مقداره 7.68% من نسبة الأملاح الكلّية في مياه البحر، ليأتي بذلك في المرتبة الثالثة بعد أيونات الكلوريد والصوديوم.[43] عندما يكون تركيز أيون الكبريتات فوق 100 مغ/ل، فإنّه يسبب التآكل، خاصّةً للفولاذوالخرسانة في الإنشاءات البحرية.[44] أمّا في المياه العذبة فتشكّل أيونات الكبريتات مصدراً لقساوة المياه وعُسْرها، لذلك تعمل محطّات تحلية المياه على ضبط تركيزها في مياه الشرب. تطلق البراكين طبيعياً غاز ثنائي أكسيد الكبريت عند ثورانها، كما يمكن أن تشكّل جسيمات كبريتية من الهباء الجوي تتراوح أبعادها بين 0.1 إلى 1 ميكرومتر في طبقات الغلاف الجوّي العليا، والتي تعكس حينها أشعّة الشمس وتبعثِرُها، ممّا قد يترك تأثيراً مبرّداً على المناخ العالمي.[45] يطلق على المياه الحاوية على نسبٍ مرتفعةٍ من الكبريت (غالباً على شكل كبريتيد الهيدروجين) اسم «المياه الكبريتية»؛ وهي غالباً ما تستخدم للاستشفاء.[46]
الإنتاج
يمكن العثور على خامة الكبريت طبيعياً على هيئة زهر الكبريت الأصفر في عدّة أماكنٍ من العالم، وهو شائع الوجود على هذا الشكل.[47] كما يمكن أن يُستحصَل على الكبريت بشكلٍ غير مباشر وذلك من أكسدة معادن الكبريتيدات المنتشرة في الطبيعة مثل معدن البيريت، وذلك بالتسخين الحراري بحيث ينتج غاز ثنائي أكسيد الكبريت، والذي يُحوَّل لاحقاً إلى حمض الكبريتيك.[48]
كانت المنطقة البركانية في صقلية مركزاً للحصول على خام الكبريت، حيث كان يَسهُل العثور على خام الكبريت بالقرب من سطح الأرض، إذ كان يُجمَع ثم يُعالَج بأسلوب عُرفَ لاحقاً باسم «عملية صقلية»، والتي كانت الطريقة الأولية البدائية المنتشرة لمعالجة الكبريت إلى أن جرى استبدالها لاحقاً في القرن التاسع عشر بعملية فراش.[49][50] كانت قطع الكبريت تُكدَّس مع وجود فراغات فيما بينها في قمائن (أتون) مصنوعة من الآجر (القرميد) ومبنية على الهضاب المنحدرة؛ بعد ذلك يُنثَر مسحوقٌ من الكبريت على تلك القطع ويُشعَل ممّا يسبّب انصهار الكبريت وسيلانه إلى أسفل الهضبة؛ وفي النهاية كانت بقايا التوضّعات الرسوبية تُنثَر في المحيط. كانت عملية صقلية مجهدة ومضنية وخالية من الآليات، حيث استُعملت العمالة اليدوية لتحرير الخامة من الصخور وجلبها إلى السطح، ولا يزال هذا الأسلوب مستخدماً بالقرب من المناطق البركانية في أنحاء العالم، وخاصّةً في إندونيسيا بالقرب من بركان إيجن.[51]
يُنتَج الكبريت حاليّاً بطرق آلية، إمّا من أماكن توفّر خامة الكبريت وفق عملية فراش،[21] أو يُستحصَل على شكل ناتج ثانوي من عمليات تكرير النفط. يَعتمد المبدأ في عملية فراش على ضخّ بخار الماء المحمَّص إلى توضّعات الكبريت الرسوبية، ممّا يؤدّي إلى انصهار الكبريت بالشكل الذي يسهل فيه استخراجه بشكل نقي نسبياً (حوالي 99.5%) من جوف الأرض بضخ الهواء المضغوط.[52] كانت عملية فراش العملية الوحيدة لاستخراج الكبريت لفترة طويلة، وبقيت مستخدمة رغم وجود طرق أخرى إلى أواخر القرن العشرين، ففي سنة 1995 على سبيل المثال كان الإنتاج العالمي وفق هذه الطريقة حوالي 3.1 مليون طن.[53] ولكن مجموع العوامل من حيث محدودية أماكن توضّعات خامة الكبريت والكلفة المرتفعة، بالإضافة إلى تطوير وسائل استحصال الكبريت من النفطوالغاز الطبيعي، أدّى إلى تراجع استخدام عملية فراش، بحيث أنّ هذه العملية لم تعد مطبّقة بشكل أساسي في أيّ مكان من العالم منذ سنة 2002.[54][55]
يُستحصَل على الكبريت حالياً بشكل أساسي من كبريتيد الهيدروجين، والذي ينتج ثانوياً من عمليات تكرير النفط والغاز الطبيعي، إمّا بشكل طبيعي أثناء عملية الاستخراج، أو بشكل ناتج ثانوي من عمليات نزع الكبريت المهدرج، والتي تهدف إلى إزالة مركبات الكبريت العضوية غير المرغوب بها من المنتجات النفطية النهائية وذلك بإجراء فصم للرابطة الكيميائية بين الكربون والكبريت C–S على الشكل:[54][55]
يُحوَّل كبريتيد الهيدروجين إلى عنصر الكبريت وفق عملية كلاوس، والتي تتألّف من خطوتين؛[56] تتضمّن الأولى أكسدة جزء من كبريتيد الهيدروجين إلى ثنائي أكسيد الكبريت بأكسجين الهواء، ثمّ في الخطوة الثانية بإجراء تفاعل تناسب مشترك بين كبريتيد الهيدروجين وثنائي أكسيد الكبريت:[54][55]
يمكن أن يُكدَّس الكبريت المستحصَل على هيئة أكوام ليستخدم في تطبيقات أخرى؛ فعلى سبيل المثال توجد حالياً كمّيات كبيرة نسبياً من عنصر الكبريت في مقاطعة ألبرتا الكندية نظراً لارتفاع محتوى الكبريت في نفط أثاباسكا الرملي.[57] لكن تخزين الكبريت في حالته الصلبة يجعله عرضةً للرطوبة الجوية ولأنواع من البكتريا، ممّا يحوّله في النهاية إلى حمض الكبريتيك؛ كما يؤدّي تشكّل كبريتيد الحديد نتيجة التآكل ضمن الخزانات الحديدية إلى حدوث تلقائية الاشتعال، ممّا يرفع من خطورة اندلاع الحرائق أو الانفجارات.[58] لذلك فإنّه غالباً ما يُخزَّن ويُنقَل الكبريت على الحالة السائلة، خاصّةً أنّ وجوده على هذا الشكل له ميّزات من حيث الكلفة والجودة، كما أنه يسيَّل في أغلب الأحيان قبل استخدامه في التطبيقات المختلفة. بلغ الإنتاج العالمي من الكبريت سنة 2011 حوالي 69 مليون طن متري، ساهمت فيه أكثر من 15 دولة بمليون طنّ على حدة، أمّا باقي الدول المساهمة بأكثر من 5 ملايين طن فهي الصين (9.6) والولايات المتّحدة الأمريكية (8.8) وكندا (7.1) وروسيا (7.1).[59]
لعنصر الكبريت 23 نظيراً معروفاً، أربعةٌ منها مستقرّة وهي 32S بوفرة طبيعية94.99%±0.26% (أكثر النظائر وفرةً) و33S بوفرةٍ مقدارها 0.75%±0.02% و34S بوفرةٍ مقدارها 4.25%±0.24% و36S بوفرةٍ مقدارها 0.01%±0.01%.[60][61] أمّا باقي النظائر فهي مشعّة، وأطولها عمراً هو النظير 35S، حيث يبلغ عمر النصف 87 يوماً، ويتشكّل من تشظية الأشعّة الكونيّةلنظير الآرغون40Ar؛ في حين أنّ النظائر المشعّة المتبقيّة للكبريت لها عمر نصف أقلّ من ثلاث ساعات.
عند ترسّب معادن الكبريتيدات، فإنّ التوازن النظيري بين الطور السائل والطور الصلب يمكن أن يسبّب فرقاً طفيفاً في التجزئة النظيرية لقيم النظير كبريت-34 بالنسبة إلى النظير الأكثر انتشاراً كبريت-32؛ ويُرمَز لذلك الفرق δ34S. تستخدم تلك الفروقات في عيّنات المعادن ذات الأصل المشترك لتقدير درجة حرارة التوازن، كما يستفاد منها، إلى جانب تفاوت قيم النظير كربون-13 δ13C، في معادن الكربوناتومعادن الكبريتيدات من أجل تقدير حموضة الوسط (pH) وانفلاتية الأكسجين في المائع الحامل أثناء تشكّل المعدن الخام. تُحسَب قيمة δ34S هذه على الشكل:[62]
‰
تساهم البكتريا منتزعة الكبريت في التغيّر الطبيعي لنسب توزّع نظائر الكبريت، إلّا أنّ ذلك التغيّر يمكن أن يعود إلى النشاط البشري. يستخدم الكبريت المخصَّب في دراسات علم المياه، حيث يؤدّي معرفة نسبة النظائر في تتبّع مصادر التلوث.
الخواص الفيزيائية
يوجد الكبريت في الطبيعة على عدّة أشكال (متآصلات) من الجزيئات متعدّدة الذرّات المختلفة في عدد وترتيب الذرّات فيها؛ وتعتمد الخواص الفيزيائية للكبريت والتحوّل بين هذه الأشكال اعتماداً كبيراً على درجة الحرارة. بذلك يعدّ الكبريت أكثر العناصر الكيميائية تعدّداً بالأشكال داخل وبين الجزيئية، ولكنّ الشكل الأكثر استقراراً هو الشكل الحلقي ثماني الكبريت، وهو الذي يوجد بشكل حرّ في الطبيعة. يوجد ثماني الكبريت في الشروط القياسية على شكل صلب أصفر اللون سهل التفتّت. ينصهر الكبريت عند الدرجة 115.21 °س؛ ويغلي عند الدرجة 444.6 °س؛ وهو يتسامى بسهولة.[63]
عند تسخين الكبريت إلى درجة حرارة تتجاوز 119 °س يتشكّل في البداية سائل قليل اللزوجة ذو لون أصفر فاقع، وهو يتكوّن بمعظمه من حلقي ثماني الكبريت S8. عند تثبيت درجة الحرارة يتسبّب تحوّل جزئي لحلقات ثماني الكبريت إلى حلقات أصغر بحدوث انخفاض لنقطة التجمد، والتي تبلغ حدّها الأدنى عند 114.5 °س. يؤدّي الاستمرار بالتسخين إلى رفع لزوجة المصهور بسبب تشكّل البوليمرات،[63] والتي تبلغ قيمتها الأعظمية عند 187 °س؛ وعندها تتكسّر حلقات الكبريت وتشكّل جزيئات طويلة السلسلة، وهو مثال على بلمرة فتح الحلقة. تتكسّر هذه السلاسل عند درجات حرارة تفوق هذه الدرجة، وتتناقص حينها اللزوجة بشكل مستمرّ؛ ويكون لمصهور الكبريت لون أحمر فوق الدرجة 200 °س. تبلغ كثافة الكبريت وسطياً حوالي 2 غ/سم3 حسب نوع المتآصل؛ وتعدّ جميع متآصلات الكبريت ممتازةً من حيث مقدرتها على العزل الكهربائي.
يشكّل الكبريت أكثر من 30 متآصلاً من الأشكال المختلفة، وذلك بشكل أكبر من أيّ عنصرٍ كيميائيٍ آخر.[64] أكثر هذه المتآصلات انتشاراً هو ثماني الكبريت الحلقي S8، ولكن توجد حلقات أخرى عديدة من هذا العنصر،[64] مثل الحلقة السباعية S7، والتي تتميّز بلونها الأصفر الأغمق من S8. بيّنت التجارب باستخدام تقنية استشراب السائل رفيع الإنجاز (HPLC) أنّ الكبريت العنصري في الحالة السائلة يكون في حالة توازن بين مزيج يتكوّن بشكل رئيسي من S8 مع وجود نسبة من S7، وكمّيات صغيرة من S6.[65] جرى التمكّن من تحضير حلقات أكبر من الكبريت، بما في ذلك S12 وS18.[66][67] يمكن الحصول على شكل لابلّوري من الكبريت (يسمّى أيضاً الشكل البلاستيكي) بإجراء عملية تبريد سريعة لمصهور الكبريت، مثل سكبه الفجائي في الماء البارد. بيّنت دراسة بالأشعّة السينية أنّ الشكل اللابلّوري يكون على هيئة لولب، يحوي ثمان ذرّات في كلّ لفة.[64]
عند الدرجة 95.2 °س، وهي دون نقطة انصهاره، يغيّر ثماني الكبريت الحلقي من بنيته البلورية من الشكل ألفا α إلى الشكل بيتّا β؛[63] لكن ترتيب الذرّات في حلقة S8 الثمانية لا تتأثّر بهذا التغيّر الطوري، ولكنه بالمقابل يؤثّر على التآثرات بين الجزيئية. يتبلور الكبريت على الشكل بيتّا وفق نظام بلوري أحادي الميل، وتكون فيه أبعاد الشبكة البلورية وفق ما يلي: a = 1085 بم وb = 1093 بم و c = 1095 بم؛ وزاوية الميلان بمقدار 96.2°؛ مع وجود 6 وحدة صيغة S8 لكلّ وحدة خلية؛ ولذلك يكون الشكل بيتّا أقلّ كثافة من الشكل ألفا. ينصهر الشكل بيتّا عند الدرجة 119.6 °س، وهي تدعى نقطة الانصهار المثالية للكبريت، وذلك في مقابل 115 °س التي تمثل نقطة الانصهار الطبيعية للكبريت.[69] عند التبريد يتحوّل الكبريت عائداً إلى الشكل ألفا.[63] يوجد شكل بلوري ثالث ونادر من ثماني الكبريت، وهو الشكل غامّا، الذي يعرَف أيضاً باسم روسيتسكيت، وتتّبع فيه البلّورات نظاماً أحادي الميل أيضاً.[64]
سباعي الكبريت الحلقي
وهو أقلّ متآصلات الكبريت ثباتية؛[64] حيث يقع طول الرابطة S-S فيه ضمن مجال غير عادي بين 199.3 و 218.1 بيكومتر. توجد منه أربعة أشكال بلّورية معروفة (ألفا α- وبيتا β- وغاما γ- ودلتا δ-)؛[63] ويُكشَف عنه غالباً إمّا في الحالة المصهورة أو في محاليل الكبريت في المذيبات اللاعضوية.
سداسي الكبريت الحلقي
هو متآصل للكبريت تترتّب فيه الذرّات بشكل حلقي على هيئة الكرسي، ويكون طول الرابطة S–S مقدار 2.057 بم؛ وزاوية الرابطة S–S–S مقدار 102.2 °.[70] يوجد سداسي الكبريت الحلقي على شكل بلّورات حمراء برتقالية، وهي تتبع النظام البلوري السداسي؛ وحُضّر أوّل مرّة سنة 1891 من الكيميائي إنغلز بمفاعلة ثيوكبريتات الصوديوم مع حمض الهيدروكلوريك؛[71] لذلك يعرف باسم «كبريت إنغلز». عند الشروط القياسية يتحوّل سداسي الكبريت إلى ثماني الكبريت الأكثر استقراراً.[63]
أشكال مختلفة للكبريت
هناك أشكال حلقية مختلفة للكبريت تتفاوت في أحجامها، ولكنها غير مستقرّة على العموم؛ وأصغر الحلقات المكتشفة هي حلقة خماسية للكبريت، ولكنّه لم يُتَمكَّن من عزلها، إنّما جرى الكشف عنها فقط في حالة البخار.[64] أمّا الحلقات الأكبر المكوّنة من 9 ذرات وما فوق (Sn حيث n = 9 – 15, 18, 20) فيمكن تحضيرها ضمن شروط خاصّة،[69] ويعدّ الشكل الاثناعشريّ هو الشكل الأكثر استقراراً فيما بينها، ويمكن تخيّل بنيته على شكل ثلاثة مستويات متوازية، تقع فيها ثلاث ذرّات كبريت في الأعلى وستّ في المنتصف وثلاث في الأسفل.[63]
عند درجات حرارة مرتفعة يمكن الحصول على سلاسل بوليمرية من الكبريت، وهي شديدة التنوّع من حيث طول السلسلة وشكلها والشروط الحرارية التي تتشكّل فيها.[72] هناك خمسة متآصلات مميّزة للكبريت يمكن الحصول عليها عند ضغوط مرتفعة؛[64] أمّا في الحالة الغازية فيمكن أن تتشكّل جزيئات صغيرة S2 – 4، تتراوح بين الكبريت الثنائي والثلاثي والرباعي، وهي تتشكّل عند درجات أعلى من 550 °س.[63]
يحترق الكبريت في الهواء عند درجات حرارة تزيد عن 250 °س بلهبٍ أزرق مع تشكّل لغاز ثنائي أكسيد الكبريت، والذي له رائحة خانقة ومهيّجة. بوجود الهواء الرطب يتأكسد الكبريت مع مرور الوقت، بحيث يمكن الحصول على ثنائي أكسيد الكبريت ومنه إلى حمض الكبريتيك. لا ينحلّ الكبريت في الماء، ولكنه ينحلّ في ثنائي كبريتيد الكربون، وبدرجة أقلّ في المذيبات العضويةاللاقطبية مثل البنزينوالتولوين. لا يتفاعل الكبريت مع الأحماض غير المؤكسِدة؛ في حين أنّ الأحماض المؤكسِدة مثل حمض النتريك قادرة على أكسدته إلى أيونات الكبريتات الموافقة. في المحاليل القلوية يخضع الكبريت إلى تفاعل عدم تناسب ليعطي الكبريتيدوالكبريتيت. ينحلّ الكبريت في محاليل الكبريتيدات ليعطي مركّبات متعدد الكبريتيد المختلفة؛ في حين أنّ إذابته في محاليل الكبريتيت يؤدي في النهاية إلى تشكّل مركبات ثيوكبريتات الموافقة. يمكن أن يشكّل الكبريت أيونات ملوّنة متعدّدة الكهارل، مثل 2+S8 (أزرق غامق) و2+S4 (أصفر) و2+S16 (أحمر)، وذلك عندما يتفاعل مع المؤكسدات متوسّطة القوّة في الأوساط الحمضية القوية.[75] يُستحصَل على هذه المحاليل الملوّنة مثلاً عند إذابة الكبريت في الأوليوم، وهي ظاهرة وُثّقَت أوّل مرّة سنة 1804، ولكن لم يُعرَف تفسيرٌ لها إلّا في ستينيات القرن العشرين.[63] بالمقابل، يؤدّي اختزال الكبريت إلى الحصول على متعدّدات الكبريتيد، والتي تتألّف من سلاسل من ذرّات الكبريت التي تنتهي بأنيونات كبريتيد سالبة الشحنة −S:
تتراوح حالات الأكسدة التي يأخذها الكبريت في مركّباته الكيميائية من −2 إلى +6. تبلغ طاقتا تأيّن الكبريت الأولى والثانية مقدار 999.6 و2252 كيلوجول/مول، على الترتيب؛ ورغم ذلك فإنّ حالة الأكسدة +2 نادرة للكبريت، في حين أنّ الحالتان +4 و+6 أكثر شيوعاً في مركّباته الكيميائية. تبلغ طاقتا تأين الكبريت الرابعة والسادسة مقدار 4556 و8495.8 كيلوجول/مول، على الترتيب؛ ويعود ارتفاع القيمة إلى الانتقال الإلكتروني الداخلي بين المدارات الذرّية.
للكبريت أكاسيد متعدّدة، يستحصَل على الشكلين الأشهر منهما نتيجة احتراق الكبريت بأكسجين الهواء:
يوجد ثنائي أكسيد الكبريت SO2 في الشروط القياسية على هيئة غازٍ عديم اللون، ويمتاز بصفاته المهيّجة ورائحته اللاذعة وطبيعته الحمضية؛ وهو ينحلّ بسهولة في الماء ليشكّل حمض الكبريتوز، لذلك يعدّ هذا الأكسيد من الناحية الكيميائية أنهيدريداً للحمض المذكور.[69] أمّا ثلاثي أكسيد الكبريت SO3 فهو أنهيدريد حمض الكبريتيك، ويوجد هذا الأكسيد في الشروط القياسية على هيئة بلّورات إبرية عديمة اللون، تتميّز بقابليتها المرتفعة للاسترطاب، وهي تنحلّ بشكل ناشر للحرارة في الماء لتشكّل حمض الكبريتيك. لا يعدّ أحادي أكسيد الكبريت SO مستقرّاً إلّا عندما يكون ممدّداً، أمّا في التراكيز المرتفعة فهو سرعان ما يتحوّل إلى ثنائي أكسيد ثنائي الكبريت S2O2. هناك مجموعةٌ من تحت أكاسيد الكبريت والتي لها الصيغة العامة SmOn، حيث m <2n، وأبسط مركّب منها هو أحادي أكسيد ثنائي الكبريت S2O؛ لكنّها أكاسيد غير مستقرّة، ويمكن أن يُقدَّر ترتيب استقرارها على الشكل S2O> S2O2> SO.[82]
الأحماض الأكسجينية
يشكّل الكبريت سلسلةً من الأحماض الأكسجينية، التي لا يمكن عزل بعضها، لذا لا تعرف إلا على شكل الأملاح الموافقة. يمكن لأحماض الكبريت الأكسجينية للكبريت أن تحوي ذرّةً واحدةً من الكبريت، أو أن يكون حمضاً مضاعفاً مؤلّفاً من ذرتي كبريت؛ أو تكون على شكل أحماض أكسجينية متعدّدة الكبريت، ومن الأمثلة على الأخيرة الأحماض متعددة الثيونيك ذات الصيغة العامة Sn(SO3H)2 (حيث n> 2).
هناك صلة وصل بين ثنائي أكسيد الكبريت وأيون الكبريتيت2−SO3 مع حمض الكبريتوز H2SO3؛ في حين توجد صلة وصل بين ثلاثي أكسيد الكبريت وأيون الكبريتات2−SO4 مع حمض الكبريتيك H2SO4. يتحدّ حمض الكبريتيك مع ثلاثي أكسيد الكبريت ليتشكّل الأوليوم، وهو محلول من حمض ثنائي الكبريتيك (حمض البيروكبريتيك H2S2O7) في حمض الكبريتيك. يعدّ الأخير من المؤكسدات القوية، لأنّ الكبريت يكون فيه في حالة أكسدة مرتفعة. بالمقابل يمكن أن يشكّل الكبريت أحماضاً أكسجينية وهو في حالة أكسدة متدنيّة، كما هو الحال في حمض الثيوكبريتيك H2S2O3، ولكن أملاحه من الثيوكبريتات2−S2O3 أشهر منه، وهي من المختزلات المعروفة.
هناك العديد من هاليدات الكبريت المعروفة، وبعضها لها تطبيقات مهمّة في الصناعة، وخاصّةً الفلوريدات والكلوريدات؛ أمّا البروميدات فهي قليلة الشهرة، في حين أنّ يوديدات الكبريت غير معروفة. أشهر الفلوريدات هو سداسي فلوريد الكبريت SF6، ويوجد في الشروط القياسية على هيئة غاز كثيف، ويستخدم وسطاً عازلاً في المحوّلات الكهربائية مرتفعة التوتّر.[69] يوجد ثنائي فلوريد الكبريت SF2 على شكل غاز عديم اللون، وهو غير مستقرّ؛ أمّا رباعي فلوريد الكبريت فهو كاشف عضوي نادر الاستخدام ومرتفع السمّية ويوجد أيضاً على شكل غاز عديم اللون.[83] هناك أيضاً فلوريدات مضاعفة، مثل ثنائي فلوريد ثنائي الكبريت S2F2، والذي يوجد على شكل غاز عديم اللون؛ في حين أنّ عشاري فلوريد ثنائي الكبريت S2F10 هو سائل عديم اللون له رائحة ثنائي أكسيد الكبريت.
من مركّبات الكبريت مع النتروجين اللاعضوية المثيرة للاهتمام مركّب رباعي نتريد رباعي الكبريت S4N4، إذ يعطي تسخينه بوليمراً لاعضوياً من متعدد الثيازيل SN)x)، والذي له خواص كيميائية فلزّية، رغم عدم احتوائه على أيّة فلزّات في تركيبه؛[86][87] كما يمكن أن يُستحصَل على هذا البوليمر أيضاً من مركّب ثنائي نتريد ثنائي الكبريت S2N2.[88]
يحوي أنيون الثيوسيانات−SCN في تركيبه بالإضافة للكبريت على النتروجين والكربون، وهو ملح حمض الثيوسيانيك HSCN. تؤدّي أكسدة الثيوسيانات إلى الحصول على مركّب ثيوسيانوجين SCN)2)، والذي يكون ترتيب الذرات فيه على الشكل NCS-SCN.[89]
السلفوكسيدات R1-S(=O)-R2والسلفونات R1-S(=O)(=O)-R2 وهي ثيوإيثرات ترتبط فيها ذرّة أكسجين واحدة أو اثنتين على الترتيب بذرّة الكبريت المركزية. من الأمثلة على السلفوكسيدات مركّب ثنائي ميثيل السلفوكسيد (DMSO)، وهو مذيب معروف؛ ومن الأمثلة على السلفونات مركّب سلفولان.
توجد عدّة تفاعلات كيميائية لإجراء التحليل النوعي للكبريت، من ضمنها:
في حال وجوده في العيّنة يُحوّل الكبريت بعد التفاعل مع فلزّ الصوديوم الحرّ إلى كبريتيد الصوديوم، وهو جيّد الانحلال في الماء، بحيث تتشكّل أنيونات الكبريتيد. عند إضافة محلول ملحي من مركّبات الرصاص الثنائي يتشكّل راسب أسود اللون من كبريتيد الرصاص.
يؤدّي إضافة حمض إلى مركّبات الكبريتيد غير المنحلّة تتشكّل رائحة مميّزة من غاز كبريتيد الهيدروجين، والذي يقوم بتسويد ورق مشبع بمحلول أسيتات الرصاص الثنائي نتيجة تشكّل كبريتيد الرصاص.
تؤدّي أكسدة المركّبات الحاوية على الكبريت إلى تشكّل أيونات الكبريتيتوالكبريتات، حيث يمكن الكشف عن الأخيرة باستخدام محاليل الباريوم الثنائي، إذ يتشكّل جرّاء ذلك راسب أبيض من كبريتات الباريوم:
يمكن تحليل الكبريت مطيافياً باستخدام مطيافية الرنين المغناطيسي النووي33S-NMR، وذلك من أجل تحليل الكبريت على شكل الكبريتيت أو الكبريتات؛ إلّا أنّ حساسية هذا الأسلوب التحليلي قليلة، بسبب ندرة الوفرة الطبيعية لهذا النظير.
كما يمكن وفق تقنية الاستشراب الغازي (الكروماتوغرافيا الغازية) الكشف عن الكبريت انتقائياً باستخدام كواشف عاملة وفق مبدأ الضيائية الكيميائية أو البلازما. أمّا من أجل تحديد المحتوى الكلّي من الكبريت في المركّبات العضوية فيمكن تحويلها إلى غاز كبريتيد الهيدروجين، ثم بتحليلها كروماتوغرافياً.[97]
الدور الحيوي
ينتمي الكبريت إلى العناصر الحيوية المهمّة في خلايا الكائنات الحية، وله العديد من الوظائف الحيوية، وهو يدخل في دورة الغذاء على كافّة المستويات التصنيفية للكائنات الحية. تماثل الوفرة الطبيعية للكبريت في جسم الإنسان وفرة البوتاسيوم، وتقدّر كمّيته في جسم إنسان وزنه 70 كغ بحوالي 140 غرام، ويقدّر نسبياً بحوالي 0.25% وزناً؛ ويحوي الغلوبين عند الإنسان حوالي 0.6% وزناً كبريت.[98] يمكن لبعض الأنواع النباتية أن تحوي مكوّنات عضوية كبريتية مثل الأليين وغيرها، والمسؤولة عن الروائح المميّزة للبصل والثوم مثلاً، وذلك إلى نسبة تصل إلى حوالي 5% من وزنها الجاف.[99] عند تعرّض هذه المركّبات في حالتها الطازجة إلى أكسجين الهواء تتأكسد بمساهمة من نشاط إنزيمي إلى مكوّنات كبريتية عضوية مثل ثنائي كبريتيد ثنائي الأليلوالأليسين، وهي المسؤولة عن الرائحة والنكهة المميّزة لهذه النباتات.[100]
البروتينات والعوامل المرافقة العضوية
غالباً ما يوجد الكبريت في خلايا الأجسام الحية من النباتات والحيوانات على شكل الحمضين الأمينيينالسيستئينوالميثيونين، بالتالي فهما يدخلان في تركيب جميع الببتيداتوالبروتيناتوالإنزيمات الحاوية على هذين الحمضين الأمينيين. يعدّ الميثيونين من الأحماض الأمينية الضرورية لجسم الإنسان؛ وباستثناء البيوتينوالثيامين، يُصطَنع منه حيوياً أغلب المركّبات الحيوية الحاوية على الكبريت في الجسم. يساهم إنزيم أكسيداز الكبريتيت (مؤكسدة الكبريتيت) في استقلاب الميثيونين والسيستئين عند الإنسان والحيوانات. تعدّ الرابطة ثنائية الكبريتيد (S-S) بين البقايا الطرفية للسيستين في السلاسل الببتيدية ذات أهميّة حيوية في تشكيل بنية البروتينات؛ حيث تعمل هذه الروابط على منح متانةوجساءة إضافية لها.[101] فعلى سبيل المثال تعود القوّة الهيكلية للريشوالشعر إلى عدّة أسباب، منها المحتوى المرتفع من روابط S-S في الكيراتين. كما يساهم المحتوى المرتفع من روابط S-S في الشعر والريش أيضاً في عدم قابليتها للتحلّل، وفي إصدارها لرائحة مميّزة عند حرقها. يحوي البيض نسبةً مرتفعةً من الكبريت، وذلك من أجل تأمين تغذية كافية لتشكّل الريش عند الفراخ؛ وبسبب النسبة المرتفعة من الكبريت تلاحظ رائحة كبريتيد الهيدروجين عند تعفّن البيض.
هناك حمضان أمينيان آخران حاويان على الكبريت، وهما هوموسيستئينوالتورين، ولكنهما لا يُشفّران من الدنا أثناء اصطناع البروتينات. تستخدم العديد من الإنزيمات ذات الأهمية الخلوية المجموعات الكبريتية الداخلة في تركيبها من أجل المشاركة الفعّالة في التفاعلات التي تتضمّن مجموعة أسيل؛ ومن الأمثلة المعروفة كلّ من مرافق الإنزيم-أوألفا حمض الليبويك.[101] في العمليات الكيميائية الحيوية داخل الخلية يسهم الكبريت بعمليات الأكسدة والاختزال داخلها؛ إذ أنّ الغلوتاثيون على سبيل المثال، وهو ثلاثي ببتيد يحوي الكبريت في تركيبه، يقوم بدور مختزل بواسطة وحدة الثيول (SH-) الطرفية. كما تقوم بروتينات ثيوريدوكسين الصغيرة بدورٍ مهمّ في عمليات الاختزال اعتماداً على وجود وحدات سيستئين في بنيتها.
تقوم النباتات بامتصاص الكبريت من التربة على شكل كبريتات، ومن ثم تختزل إلى كبريتيد عبر الكبريتيت، ثم تُحوَّل داخل النبات إلى سيستئين ومركّبات كبريتية عضوية أخرى.[108] تتطلّب عملية التحويل إلى مكوّنات حيوية أخرى داخل النبات (عملية التمثّل) بالنسبة للكبريت مقداراً من الطاقة يفوق ما تتطلّبه عمليّة تَمَثُّل النترات.[108] من جهةٍ أخرى، يؤثّر نقص الكبريتات في التربة سلباً على محصول النباتات.[109]
لذلك فإنّه غالباً ما تُلزَمُ المنشآت المستخرِجة للطاقة بإجراء عملية نزع كبريت غاز العادم. تعتمد تلك العملية بشكلٍ أساسيٍّ على إجراء غسيل للغاز الحمضي بتمريره في وحدة ماصّة ضمن وسط قاعدي، وغالباً من محلول هيدروكسيد الكالسيوم، والذي يقوم بامتصاص غاز ثنائي أكسيد الكبريت ليشكّل في نهاية التفاعل مركّب كبريتات الكالسيوم (الجص) وفق المعادلة:
بالإضافة إلى ذلك فقد جرى تطوير عمليات لنزع أو تخفيض نسبة الكبريت في المشتقّات النفطية مثل نزع الكبريت المهدرج أو عملية كلاوس. إلّا أنّ تلك العمليات لم تكن كافية بالشكل الكافي للحدّ من الاحترار العالمي، ممّا تطلّبَ اتخاذَ تشريعات مناخية على مستوى العالم، والتي تمثّلت بانعقاد مؤتمر باريس للمناخ وتوقيع اتفاقيته.[111] جرّاء ذلك أعلنت المنظمة البحرية الدولية (IMO) على سبيل المثال أنّه ابتداءاً من مطلع سنة 2020 يجب أن لا يزيد محتوى الكبريت في زيت الوقود المستخدم في البواخر والناقلات عن مقدار 0.50% وزناً.[112]
يعدّ الكبريت بذاته عنصراً مغذّياً للنبات، فيمكن أن يُستخدَم سماداً، إلّا أنّه لا يمكن للنبات أن يمتصّه بحدّ ذاته مباشرة، ولكن يمكن لأنواع من البكتريا أن تحوّله إلى مشتقّات منحلّة، مثل أيون الكبريتات، فتصبح النباتات قادرةً على امتصاصه، وهو يقوم عند امتصاصه بتحسين كفاءة امتصاص المغذّيات الأساسية الأخرى، وخاصّةً النتروجينوالفوسفور.[115] يجري هذا التطبيق عادةً في الأماكن التي تعاني من نقص في الكبريت في تربتها.[116][117][118] كما يدخل الكبريت عنصراً في تركيب بعض المواد الكيميائية المهمّة الداخلة في صناعة الأسمدة مثل مركب كبريتات الكالسيوم.
المبيدات
يعدّ عنصر الكبريت من أقدم المبيدات المستخدمة، فقد كانت شمعة الكبريت مستخدمةً للقضاء على الطفيليات على اختلافها. فيستخدم مسحوق الكبريت مبيداً للفطريات لبعض المحاصيل مثل العنب والفريز وغيرها؛ إذ له فعالية جيّدة تجاه طيفٍ واسعٍ من أمراض البياض الدقيقي، وكذلك تجاه فطر البقعة السوداء في الورد؛ كما أنّ لاستخدامه في الزراعة العضوية أهمّية كبيرة، فهو يستخدم في مكافحة جرب التفاحوالعفونة وغيرها من الآفات الفطرية. لكي يُطبَّق مسحوق الكبريت على المحاصيل فإنه يمكن أن يُرَشّ أرضياً بجهاز أو أن يرشَّ جوياً من طائرة زراعية؛ ويعرَف الكبريت المطبّق لهذا الخصوص تجارياً باسم «الكبريت القابل للبلل»، لأنه يُخلَط مع مكوّنات إضافية تجعله قابلاً للامتزاج مع الماء.[119][120]
تحوي العديد من الأدوية من الكبريت في تركيبها، ومن أوائل الأمثلة على ذلك مستحضر السلفوناميد، والمعروف باسم «عقار السلفا». ومن الأمثلة الشهيرة أيضاً دخول الكبريت في تركيب مضاداتبيتا لاكتام الحيوية، من ضمنها البنسليناتوالسيفالوسبورينات وغيرها.
يمكن أن يستخدم الكبريت في بعض الأحيان لزخرفة الأثاث الخشبي، حيث يُصبّ مصهور الكبريت في مكانه ثم يُحَفّ ويُنَعَّم. كان هذا الأسلوب شائعاً في القرن الثامن عشر والتاسع عشر في ولاية بنسلفانيا الأمريكية.[129][130]
المخاطر
لا يعدّ الكبريت من العناصر السامّة، وكذلك أيضاً مركبات الكبريتات المنحلّة مثل كبريتات المغنسيوم (الملح الإنجليزي). تعدّ أكاسيد الكبريت من الأكاسيد الحمضية وهي من المواد الأكّالة المخرّشة؛ كما تعدّ أحماض الكبريت المستقرّة من الأحماض القويّة، وهي شرهة جدّاً للماء، لذلك فإنّ تماس الجلد معها يؤدّي إلى التسبّب بحروق.[131]
يكون غاز كبريتيد الهيدروجين بتراكيز مرتفعة وبغياب تهوية مناسبة من الغازات السامة؛[132] وتُزال السمّية بالأكسدة إلى كبريتات.[133]
تشتَقُّ كلمة «Sulfur» من الكلمة اللاتينية «sulpur»، والتي جرى تحويرها إلى «sulphur» اعتقاداً أنّ أصلها إغريقي؛ مع العلم أنّ الكلمة اليونانية للكبريت هي «θεῖον» (ثيون)؛ ومن هنا أتت السابقةثيو- المستخدمة في تسمية مركّبات الكبريت العضوية. مع انقلاب حرف P إلى PH أصبحت التهجئة بحرف f؛ وتغيّر الشكل مع مرور العصور. ففي القرن الثاني عشر الميلادي كانت التهجئة في اللغة الأنجلو-نورمانية «sulfre»؛ وفي القرن الرابع عشر الميلادي أعيد استخدام تهجئة «sulphre» في الإنجليزية الوسطى؛ أمّا في القرن الخامس عشر الميلادي فأصبحت التهجئتان «sulfur» و «sulphur» شائعتين في اللغة الإنجليزية. استمرّ الاستخدام المزدوج حتى القرن التاسع عشر الميلادي، حين جرى اعتماد تهجئة «sulphur» في الإنجليزية البريطانية؛ في حين أنّ الإنجليزية الأمريكية اعتمد فيها تهجئة «Sulfur». اعتمد الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية (IUPAC) أسلوب الكتابة على الشكل «sulfur» في أواخر القرن العشرين؛[134] وكذلك لجنة التسمية في الجمعية الملكية للكيمياء.[135] تشير قواميس أكسفورد أن التهجئة باستخدام حرف -f- هي الشائعة في السياق الكيميائي التقني، إلا أن الاستخدام العام لها يشيع بازدياد في بريطانيا أيضاً.[136]
وفي التصوّف الإسلامي يرد ذكر الكبريت الأحمر في عناوين الكتب،[ْ 6] ومنها كتاب «الكبريت الأحمر في بيان علوم الشّيخ الأكبر» لمؤلّفه عبد الوهاب الشعراني، والذي دافع فيه عن شيخه محيي الدين بن عربي. والكبريت الأحمر شيءٌ افتراضيٌّ يُضرب به المثل من حيث القيمة المثالية، أو من حيث نُدرة الوجود، أو الشيء الذي يستحيل العثور عليه.[ْ 7]
^موقع الأنبا تكلاهيمانوت القبطي الأرثوذكسي. "قاموس الكتاب المقدس". مؤرشف من الأصل في 2017-09-17. {{استشهاد ويب}}: النص "دائرة المعارف الكتابية المسيحية" تم تجاهله (مساعدة) والنص "شرح كلمة كبريت" تم تجاهله (مساعدة)
^ ابجZhang, Yunming (1986). "The History of Science Society: Ancient Chinese Sulfur Manufacturing Processes". Isis. ج. 77 ع. 3: 487. DOI:10.1086/354207.
^ ابN. Figurowski: Die Entdeckung der chemischen Elemente und der Ursprung ihrer Namen. Aulis-Verlag Deubner, Köln 1981, ISBN 3-7614-0561-8, S. 179–180.
^George Rapp: Archaeomineralogy. 2. Auflage. Springer, 2009, ISBN 978-3-540-78593-4, S. 242.
^Pliny the Elder on science and technology, John F. Healy, Oxford University Press, 1999, (ردمك 0-19-814687-6), pp. 247–249.
^White، David Gordon (1996). The Alchemical Body — Siddha Traditions in Medieval India. Chicago: University of Chicago Press. ص. passim. ISBN:978-0-226-89499-7.
^Fritz Seel: Geschichte und Chemie des Schwarzpulvers. Le charbon fait la poudre. In: Chemie in unserer Zeit. 22, 1988, S. 9–16, doi:10.1002/ciuz.19880220103.
^Lin، A. N.؛ Reimer، R. J.؛ Carter، D. M. (1988). "Sulfur revisited". Journal of the American Academy of Dermatology. ج. 18 ع. 3: 553–558. DOI:10.1016/S0190-9622(88)70079-1. PMID:2450900.
^Maibach، H. I.؛ Surber، C.؛ Orkin، M. (1990). "Sulfur revisited". Journal of the American Academy of Dermatology. ج. 23 ع. 1: 154–156. DOI:10.1016/S0190-9622(08)81225-X. PMID:2365870.
^Gupta، A. K.؛ Nicol، K. (2004). "The use of sulfur in dermatology". Journal of Drugs in Dermatology. ج. 3 ع. 4: 427–31. PMID:15303787.
^Derry، Thomas Kingston؛ Williams، Trevor I. (1993). A Short History of Technology: From the Earliest Times to A.D. 1900. New York: Dover.
^William H. Brock: Viewegs Geschichte der Chemie. Springer, 1997, ISBN 3-540-67033-5, S. 67
^J. Gay-Lussax, L. J. Thenard: Prüfung der zerlegenden Untersuchungen des Hrn. Davy über die Natur des Schwefels und des Phosphors. In: Annalen der Physik. Volume 35, Issue 7, 1810, S. 292–310, doi:10.1002/andp.18100350704.
^Peter Kurzweil, Paul Scheipers: Chemie: Grundlagen, Aufbauwissen, Anwendungen und Experimente. Vieweg+Teubner; (2011), S. , ISBN 3-8348-1555-1.
^W. C. Zeise: Jahresber. Fortschr. Chem. 3, 1824, S. 80; 16, 1837, S. 302.
^Thomson، D. W. (أبريل 1995). "Prelude to the Sulphur War of 1840: The Neapolitan Perspective". European History Quarterly. ج. 25 ع. 2: 163–180. DOI:10.1177/026569149502500201.
^Daniel C. Boice, Celine Reyle: The Nature of Diatomic Sulfur in Comets. In: Formation of Cometary Material, 25th meeting of the IAU, Joint Discussion 14, 22 July 2003, Sydney, Australia.بيب كود: 2003IAUJD..14E..38B
^C. A. Gottlieb, E. W. Gottlieb, M. M. Litvak, J. A. Ball, H. Pennfield: Observations of interstellar sulfur monoxide. In: Astrophysical Journal. 219, 1, 1978, S. 77–94. بيب كود: 1978ApJ...219...77G.
^M. W. Sinclair, N. Fourikis, J. C. Ribes, B. J. Robinson, R. D. Brown, P. D. Godfrey: Detection of interstellar thioformaldehyde. In: Australian Journal of Physics. Band 26, S. 85. بيب كود: 1973AuJPh..26...85S.
^Madigan MT, Martino JM (2006). Brock Biology of Microorganisms (ط. 11th). Pearson. ص. 136. ISBN:0-13-196893-9.
^Peter Adolphi, Bernd Ullrich: Fixierung und Reaktionsfähigkeit von Schwefel in Braunkohle. In: Proc. XXXII. Kraftwerkstechnisches Kolloquium, Nutzung schwieriger Brennstoffe in Kraftwerken, Dresden 24. und 25. Oktober 2000. S. 109–116.
^Ursula Klein: Verbindung und Affinität: Die Grundlegung der neuzeitlichen Chemie an der Wende vom 17. zum 18. Jahrhundert. Birkhäuser Verlag, 1994, ISBN 3-7643-5003-2.
^Emil Raymond Riegel, James Albert Kent: Kent and Riegel's handbook of industrial chemistry and biotechnology. Band 1, S. 1162.
^ ابجEow، John S. (2002). "Recovery of sulfur from sour acid gas: A review of the technology". Environmental Progress. ج. 21 ع. 3: 143–162. DOI:10.1002/ep.670210312.
^ ابجSchreiner، Bernhard (2008). "Der Claus-Prozess. Reich an Jahren und bedeutender denn je". Chemie in Unserer Zeit. ج. 42 ع. 6: 378–392. DOI:10.1002/ciuz.200800461.
^Roland Dittmeyer, Wilhelm Keim, Gerhard Kreysa, Alfred Oberholz (Hrsg.): Winnacker/Küchler: Chemische Technik: Prozesse und Produkte. Band 3: Anorganische Grundstoffe, Zwischenprodukte. Verlag Wiley-VCH, Weinheim 2005, ISBN 3-527-30768-0.
^Hyndman، A. W.؛ Liu، J. K.؛ Denney، D. W. (1982). "Sulfur Recovery from Oil Sands". Sulfur: New Sources and Uses. ACS Symposium Series. ج. 183. ص. 69–82. DOI:10.1021/bk-1982-0183.ch005. ISBN:978-0-8412-0713-4.
^R. Dittmeyer, W. Keim, G. Kreysa, A. Oberholz: Winnacker·Küchler: Chemische Technik. Band 3: Anorganische Grundstoffe, Zwischenprodukte. 5. Auflage. Wiley-VCH, Weinheim 2005, ISBN 3-527-30768-0, S. 33–34 (Volltext؛ PDF; 7,9 MB). نسخة محفوظة 12 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
^Haynes, William M., ed. (2011). CRC Handbook of Chemistry and Physics (92nd ed.). Boca Raton, FL: CRC Press. p. 1.14. ISBN 1-4398-5511-0
^Canfield، D. E. (2001). "Biogeochemistry of Sulfur Isotopes". Reviews in Mineralogy and Geochemistry. ج. 43 ع. 1: 607–636. DOI:10.2138/gsrmg.43.1.607.
^ ابجدهوزحطيGreenwood, Norman N.; Earnshaw, Alan (1997). Chemistry of the Elements (بالإنجليزية) (2 ed.). Butterworth-Heinemann. ISBN:0-08-037941-9.
^Tebbe، Fred N.؛ Wasserman، E.؛ Peet، William G.؛ Vatvars، Arturs؛ Hayman، Alan C. (1982). "Composition of Elemental Sulfur in Solution: Equilibrium of S6, S7, and S8 at Ambient Temperatures". Journal of the American Chemical Society. ج. 104 ع. 18: 4971–4972. DOI:10.1021/ja00382a050.
^Meyer، Beat (1964). "Solid Allotropes of Sulfur". Chemical Reviews. ج. 64 ع. 4: 429–451. DOI:10.1021/cr60230a004.
^Paul D. Bartlett and William R. Roderick: Hexaatomic sulfur. In: Henry F. Holtzclaw, Jr. (Hrsg.): Inorganic Syntheses. Band 8. McGraw-Hill Book Company, Inc., 1966, S. 100–103
^Theilig, Eilene (1982). A primer on sulfur for the planetary geologist. NASA Contractor Report 3594, Grant NAGW-132, Office of Space Science and Applications, Washington, DC, USA: National Aeronautics and Space Administration, Scientific and Technical Information Branch. ص. 4. مؤرشف من الأصل في 2020-04-13.
^F. Asinger, M. Thiel: Einfache Synthesen und chemisches Verhalten neuer heterocyclischer Ringsysteme. In: Angewandte Chemie. 70, 1958, S. 667–683, doi:10.1002/ange.19580702202.
^Gewald, K.; Schinke, E.; Böttcher, H. Chemische Berichte1966, 99, 94-100.
^Jerry March: Advanced Organic Chemistry. 3. Auflage. Verlag Wiley & Sons, 1985, ISBN 0-471-60180-2, S. 550 und 1053.
^ ابGreenwood, N. N.; & Earnshaw, A. (1997). Chemistry of the Elements (2nd ed.), Oxford:Butterworth-Heinemann. (ردمك 0-7506-3365-4).
^Vaughan, D. J.; Craig, J. R. "Mineral Chemistry of Metal Sulfides" Cambridge University Press, Cambridge (1978) (ردمك 0-521-21489-0)
^R. Steudel (2003). "Sulfur-Rich Oxides SnO and SnO2". في Steudel, R. (المحرر). Elemental Sulfur und Sulfur-Rich Compounds II. Berlin-Heidelberg: Springer. DOI:10.1007/b13185. ISBN:9783540449515.
^Günther Ohloff: Riechstoffe und Geruchssinn – Die molekulare Welt der Düfte; Springer Verlag, ISBN 978-3-540-52560-8.
^Edouard Demole, Paul Enggist, Günther Ohloff: 1-p-Menthene-8-thiol: A powerful flavor impact constituent of grapefruit juice (Citrus parodisi MACFAYDEN). In: Helv. Chem. Acta. 65, 1982, S. 1785–1794; doi:10.1002/hlca.19820650614.
^T. Ubuka, T. Abe, R. Kajikawa, K. Morino: Determination of hydrogen sulfide and acid-labile sulfur in animal tissues by gas chromatography and ion chromatography. In: Journal of Chromatography B: Biomedical Sciences and Applications. 757, Nr. 1, 2001, S. 31–37, doi:10.1016/S0378-4347(01)00046-9.
^Sosa Torres، Martha E.؛ Kroneck، Peter M.H.، المحررون (2020)، Transition Metals and Sulfur: A Strong Relationship for Life، Metal Ions in Life Sciences (Series editors Astrid Sigel, Eva Freisinger and Roland K.O. Sigel)، Berlin/Boston: de Gryyter، ج. 20، ص. xlv+455، DOI:10.1515./978311058897، ISBN:978-3-11-058889-7، ISSN:1559-0402
^Thomas Leustek, Kazuki Saito: Sulfate Transport and Assimilation in Plants. In: Plant Physiology. Band 120, Nr. 3, Juli 1999, S. 637–644, doi:10.1104/pp.120.3.637.
^Alan R. Wellburn, U. Gramm (Übers.), D. Mennecke-Bühler (Übers.): Luftverschmutzung und Klimaänderung: Auswirkungen auf Flora, Fauna und Mensch. Springer, 1997, ISBN 3-540-61831-7, S. 31 u. 104.
^Niemeier, U., & Tilmes, S. (2017). Sulfur injections for a cooler planet. Science, 357(6348), 246–248. doi:10.1126/science.aan3317
^UN Industrial Development Organization: Fertilizer Manual. Verlag Springer Netherlands, 1998, ISBN 0-7923-5032-4.
^"FAQ - The Sulphur Institute". sulphurinstitute.org. The Sulphur Institute. 2020. مؤرشف من الأصل في 2020-03-21. اطلع عليه بتاريخ 2020-02-27.
^Zhao، F.؛ Hawkesford، M. J.؛ McGrath، S. P. (1999). "Sulphur Assimilation and Effects on Yield and Quality of Wheat". Journal of Cereal Science. ج. 30 ع. 1: 1–17. DOI:10.1006/jcrs.1998.0241.
^Blake-Kalff، M. M. A. (2000). "Diagnosing sulfur deficiency in field-grown oilseed rape (Brassica napus L.) and wheat ( Triticum aestivum L.)". Plant and Soil. ج. 225 ع. 1/2: 95–107. DOI:10.1023/A:1026503812267.
^Ceccotti، S. P. (1996). "Plant nutrient sulphur-a review of nutrient balance, environmental impact and fertilizers". Fertilizer Research. ج. 43 ع. 1–3: 117–125. DOI:10.1007/BF00747690.
^Kathrin Hartmann, Jutta Hein: Infektionskrankheiten der Katze Kluwer, 2008, ISBN 3-87706-746-8, S. 332
^Hagers Handbuch der Pharmazeutischen Praxis (بالألمانية) (4th ed.). Berlin–Heidelberg–New York: Springer. Vol. 6B. 1978. pp. 672–9. ISBN:978-3-540-07738-1.
^Arzneibuch-Kommentar. Wissenschaftliche Erläuterungen zum Europäischen Arzneibuch und zum Deutschen Arzneibuch [Pharmacopoeia Commentary. Scientific annotations to the European Pharmacopoeia and the German Pharmacopoeia] (بالألمانية) (23rd ed.). Stuttgart: Wissenschaftliche Verlagsgesellschaft. 2004. Monographie Schwefel zum äußerlichen Gebrauch [Monograph Sulfur for external use]. ISBN:978-3-8047-2575-1.
^Mass، Jennifer L؛ Anderson، Mark J (2003). "Pennsylvania German sulfur-inlaid furniture: characterization, reproduction, and ageing phenomena of the inlays". Measurement Science and Technology. ج. 14 ع. 9: 1598. DOI:10.1088/0957-0233/14/9/311.
^Baker، Colin (1 مارس 2007). "The dehydration of sucrose". Education in Chemistry. Royal Society of Chemistry. مؤرشف من الأصل في 2019-04-02. اطلع عليه بتاريخ 2018-06-14.
У этого термина существуют и другие значения, см. Чапельник (значения). Запрос «Сковородник» перенаправляется сюда; см. также другие значения. Эту страницу предлагается переименовать в «Сковородник».Пояснение причин и обсуждение — на странице Википедия:К переимено...
Израильско-армянские отношения Израиль Армения Медиафайлы на Викискладе Израильско-армянские отношения — настоящие и исторические дипломатические двусторонние политические, культурные, экономические, военные и другие связи между Арменией и Израилем. В период ...
Polder van Nootdorp Waterschap in Nederland Locatie op de polderkaart van W.H. Hoekwater uit 1901 Locatie Provincie Zuid-Holland Coördinaten 52°2'30,19NB, 4°24'52,92OL Oppervlakte ? ha Geschiedenis Opgericht rond 1460 Opgeheven 1977 Opgegaan in Hoogheemraadschap van Delfland Portaal Nederland Polder van Nootdorp is de naam van een polder en voormalig waterschap in de voormalige gemeente Nootdorp (gemeente Pijnacker-Nootdorp) in de Nederlandse provincie Zuid-Holland. Het...
جان كيس معلومات شخصية الميلاد سنة 1959 (العمر 63–64 سنة) بلومنجتون الإقامة ماكلين مواطنة الولايات المتحدة الزوج ستيف كيس (1998–) الحياة العملية المهنة سيدة أعمال، وشريك منتدى دولي تعديل مصدري - تعديل جين كيس (بالإنجليزية: Jean Case) (من مواليد 1959) سيد...
صوفي دوقة هوهنبيرغ معلومات شخصية الميلاد 1 مارس 1868(1868-03-01)شتوتغارت[1][2] الوفاة 28 يونيو 1914 (46 سنة) [3][4][1][5] سراييفو[1] سبب الوفاة إصابة بعيار ناري مكان الدفن قلعة ارتستيتين مواطنة سيسليثانيا الزوج فرانس فرديناند (1 يوليو 1900–)...
Bear MountainBear MountainHighest pointElevation2,307 ft (703 m) NGVD 29[1]Prominence1287[1]Coordinates34°18′48″N 84°38′53″W / 34.3134269°N 84.6479887°W / 34.3134269; -84.6479887[2]GeographyBear MountainCherokee County, Georgia, U.S. Parent rangeAppalachian MountainsTopo mapUSGS White East Bear Mountain is a mountain located in the foothills of the Appalachian Mountains, southwest of Waleska, Georgia. Situate...
Quranic Arabic CorpusPusat penelitian:University of Leeds, Britania Raya.Peluncuran perdana:November 2009Bahasa:Bahasa Arab Al-Quran, Bahasa InggrisAnotasi:Sintaks, MorfologiKerangka kerja:Keterkaitan Tata bahasaLisensi:GNU General Public LicenseSitus web:http://corpus.quran.com/ Pohon keterkaitan sintaks untuk ayat (67:1) Quranic Arabic Corpus adalah sebuah proyek yang menyediakan sumber daya tentang penjelasan linguistik atas bahasa Arab Al-Quran yang terdiri dari 77.430 kata. Proyek ini be...
Esta página cita fontes, mas que não cobrem todo o conteúdo. Ajude a inserir referências. Conteúdo não verificável pode ser removido.—Encontre fontes: ABW • CAPES • Google (N • L • A) (Abril de 2020) Zamora-Chinchipe Brasão Bandeira Fundação 10 de novembro de 1953 Região geográfica Capital Zamora População 12.386 habitantes Censo [[]] Área 10.556 km² Densidade 1,17 hab/km² Cantões 9 Paróquias Urbanas 12 Paró...
Soviet armoured aerosledge NKL-26 (Rz 2612) Place of origin Soviet UnionSpecificationsCrew2Armor10 mm (front only)Mainarmament7.62mm DT machine gunEngine8.6L (525 ci) Shvetsov M-11GOperationalrange250 kmMaximum speed 50 km/h (31 mph) The NKL-26 was an armoured aerosan introduced by the Soviet Union during the Second World War, based on the earlier NKL-6 (OSGA-6).[1] It was made of plywood and had a ten-millimetre armour plate on the front only, and was armed with a 7.62...
يفتقر محتوى هذه المقالة إلى الاستشهاد بمصادر. فضلاً، ساهم في تطوير هذه المقالة من خلال إضافة مصادر موثوق بها. أي معلومات غير موثقة يمكن التشكيك بها وإزالتها. (مارس 2020) وقع احتلال أسرة تيودور (أو إعادة احتلالها) لأيرلندا (بالإنجليزية: Tudor conquest of Ireland) في عهد سلالة تيودور، التي...
2018 box set by Yazoo This article needs additional citations for verification. Please help improve this article by adding citations to reliable sources. Unsourced material may be challenged and removed.Find sources: Four Pieces – news · newspapers · books · scholar · JSTOR (August 2018) (Learn how and when to remove this template message) Four PiecesBox set by YazooReleased26 October 2018Recorded1981–1983Genre Synth-pop new wave LabelMuteProduce...
American contemporary visual artist (born 1985) Jojo AnavimJojo Anavim in his New York City studio, 2016.Born1985NationalityAmericanKnown forPainting, CollageNotable workDon't Post ThatMovementContemporary ArtWebsitewww.jojoanavim.com Jojo Anavim is an American contemporary visual artist. Anavim's work features a blend of pop art and street-art influences and employs a large variety of materials and techniques including collage and acrylic paints.[1] Background He was born to Per...
Drawing by Michelangelo The Punishment of TityusArtistMichelangeloYear1532MediumBlack chalk; charcoal on the versoDimensions19 cm × 33.0 cm (7.5 in × 13.0 in)LocationRoyal CollectionAccessionRCIN 912771[1] The Punishment of Tityus is a drawing by the Italian Renaissance artist Michelangelo. Description The drawing shows the mythical figure Tityus tied down on a large rock; on the top of the rock seems to be some kind of plant or tree trunk w...
French banker, philanthropist, pioneer of photography (1860–1940) For other people named Albert Kahn, see Albert Kahn (disambiguation). This article includes a list of general references, but it lacks sufficient corresponding inline citations. Please help to improve this article by introducing more precise citations. (February 2015) (Learn how and when to remove this template message) Albert KahnAlbert Kahn at his office in Paris, 1914Born(1860-03-03)3 March 1860Marmoutier, Bas-Rhin, France...
Ice hockey team in Phillip, Australian Capital TerritoryCanberra KnightsCityPhillip, Australian Capital TerritoryLeagueAustralian Ice Hockey LeagueEast Coast Super LeagueNSW SuperleagueFounded1981Operated1981–2014Home arenaPhillip Ice Skating CentreColoursTeal, Black, Silver and White ChampionshipsECSL Championships1 (1998) The Canberra Knights were a semi-professional ice hockey team in the Australian Ice Hockey League (AIHL). The team played its home games at th...
American non-profit organization This article has multiple issues. Please help improve it or discuss these issues on the talk page. (Learn how and when to remove these template messages) This article relies excessively on references to primary sources. Please improve this article by adding secondary or tertiary sources. Find sources: Big Cat Rescue – news · newspapers · books · scholar · JSTOR (April 2020) (Learn how and when to remove this template me...
Rugby section of the FC Barcelona sports club Rugby teamBarcelonaFull nameFutbol Club Barcelona RugbyFounded21 September 1924; 99 years ago (1924-09-21)LocationBarcelona, SpainGround(s)La Teixonera (Capacity: 500)ChairmanVacantCoach(es)Sergio Guerrero Felipe MartínezLeague(s)División de Honor2022-235th 1st kit 2nd kit 3rd kit Official websitewww.fcbrugby.com Active departments of FC Barcelona Football(Men's) Football B(Men's) Football U-19(Men's) Football(Women's) Football...