الإنزيمات[2] هي محفِّزاتٌ بيولوجيةجزيئة بروتينة. تسرِّعُ التفاعلات الكيميائية. تُسمى الجزيئات التي تمارس الأنزيمات تأثيرها عليها بالركائز، حيث يحوّل الإنزيم الركيزة إلى جزيئات تُعرف باسم النواتج. تحتاج معظم عمليات الاستقلاب (الأيض) إلى إنزيمات من أجل أن تحدث بسرعة كافية للحفاظ على الحياة.[3]:8.1 تحدد الإنزيمات في الخلية أي مسار استقلابي سيحدث في تلك الخلية. تُعرف دراسة الإنزيمات بالإنزيمولوجي وهناك حقل جديد فيه لتحليل «الإنزيمات الكاذبة» ينمو باستمرار، حيث يدرس هذا الحقل الإنزيمات التي فقدت قدرتها التحفيزية البيولوجية خلال التطور وهذا غالباً يؤثر على تسلسلات الأحماض الأمينية ويعطيها خصائص تحفيزية كاذبة غير عادية.[4][5]
تُعرف الإنزيمات بقدرتها على تحفيز أكثر من 5000 نوع من التفاعلات الكيميائية الحيوية.[6] معظم الإنزيمات بروتينات، ولكن بعضها جزيئات محفزة للرنا (RNA) تدعى ريبوزومات. تأتي نوعية الإنزيمات من بينتها ثلاثية الأبعاد المميزة.
تزيد الإنزيمات كما كل المحفّزات سرعة التفاعل من خلال تخفيض طاقة التنشيط. تصل قدرة بعض الإنزيمات حتى جعل تحوّل الركيزة إلى المنتج أسرع بملايين المرات من التحول دون وجود الإنزيم. أحد الأمثلة هو إنزيم أورتيدين 5'-فوسفات ديكربوكسيلاز الذي يسمح بتفاعل من الممكن خلال ثوانٍ، بينما سيتطلب هذا التفاعل دون الإنزيم ملايين السنين.[7][8] كيميائياً، لا تُستهلك الإنزيمات في التفاعلات الكيميائية ولا تقوم بتغيير التوازن في التفاعلات الكيميائية، كما كل الحفّازات الكيميائية. تتميز الإنزيمات عن بقية الحفّازات الكيميائية بنوعيتها الشديدة. يمكن أن يتأثر النشاط الإنزيمي بجزيئات معينة كالمثبطات التي تقلل من النشاط الإنزيمي، أو المنشطات التي تنشط عمل الإنزيم. الكثير من الأدوية العلاجية والسموم هي مثبطات إنزيمية. ينخفض النشاط الإنزيمي بشكل ملحوظ كذلك خارج درجة الحرارةوالحموضة المثاليتين.
تُستخدم بعض الإنزيمات تجارياً، لتصنيع المضادات الحيوية مثلاً، حتى أن بعض المنتجات المنزلية تستخدم الإنزيمات لتسريع تفاعلات كيميائية معينة كبعض الإنزيمات الموجودة في مساحيق الغسيل الحيوية التي تحطم البروتينات أو النشا أو الدهون الموجودة الي تسبب بقع الملابس.
أصل الكلمة والتاريخ
بحلول أواخر القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر، كان قد تم التعرّف على هضم المعدة للَّحم بواسطة مفرزاتها،
[9] وتحويل النشا إلى سكاكر عبر المستخلصات النباتية واللعاب، إلا أن الآليات التي يتم من خلالها هذا كانت مجهولة.[10]
كان الكيميائي الفرنسي أنسيلم باين أول من اكتشف إنزيماً وهو إنزيم دي أسيتاز عام 1833.[11] بعد عدّة عقود وأثناء دراسة تخمّر السكر وتحوله إلى كحول بواسطة الخميرة، خلص لويس باستور أن قوةً حيوية هي من تسبب هذا التخمّر وهي موجودة في خلايا الخميرة، أطلق على هذه القوة اسم "Ferments" «التخمّر»، واِعْتُقِدَ أن التخمّر وظيفة موجودة فقط في الكائنات الحيّة. كتب باستر أن «التخمّر الكحولي فعل مرتبط بحياة وتنظيم خلايا الخميرة، وليس مرتبطاً بموت أو تعفّن هذه الخلايا».[12]
عام 1877، استخدم الفيزيولوجي الألماني فيلهام كون (1837-1900) المصطلح «إنزيم» للمرة الأولى، مشتَقَّةً من الكلمة اليونانية ἔνζυμον والتي تعني «مُخمَّر» أو «في الخميرة»، وقد استخدم هذا المصطلح النشاط كيميائي تقوم به الكائنات الحية.[13]
قدّم إدوارد بوخنر أول ورقة له عن دراسة مستخلصات الخمائر عام 1897. وجد بوخنر في سلسلة من التجارب التي أُجريت في جامعة برلين أن السكر تخمّر بواسطة مستخلصات الخمائر حتى عندما لم يحتوِ المزيج على خلايا خمائر حيّة [14] وأطلق اسم «زيماز» على الإنزيم الذي خمّر السكروز.[15] تلقى بوخنر جائزة نوبل في الكيمياء عام 1907 عن «اكتشافه التخمّر دون الخلايا». سُمِّيت الإنزيمات بعد بوخنر تبعاً للتفاعل الذي تقوم بإجراءه، حيث اِصطُلح على إدماج اللاحقة "ase" «از» مع اسم الركيزة (مثلاً اللاكتاز هو الإنزيم الذي يقسم اللاكتوز) أو مع اسم التفاعل (مثلاً دنا بوليميراز يقوم بتشكيل بوليميرات الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسجين).[16]
لم يتم التعّرف على الهوية الكيمائية الحيوية للإنزيمات في بدايات القرن العشرين، على الرغم من أن الكثير من العلماء لاحظوا النشاط الإنزيمي الذي كان مترافقاً مع البروتينات، ولكن بعض العلماء الآخرين (منهم الحائز على جائزة نوبل ريتشارد فيلستاتر) جادلوا في أن البروتينات عبارة عن ناقلة للإنزيمات الحقيقية وأن البروتينات غير قادرة على التحفيز.[17] أظهر جيمس بي. سيمنر عام 1926 أن إنزيم اليوراز بروتينٌ نقيّ وقام ببلورته، قام بالمثل أيضاً عام 1937 مع إنزيم الكاتالاز. أثبت جون هوارد نورثروب وفيندل ميردريث ستانلي اللذان عملا على إنزيم الببسين الهاضم عام 1930 وإنزيم الكيموتربسين والتريبسين، أثبتا أن البروتينات النقية يمكن أن تكون إنزيمات. حصل هؤلاء العلماء الثلاثة على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1946.[18]
مكّن اكتشاف إمكانية بلورة الإنزيمات من تحليل بنى الإنزيمات بدراسة البلورات بواسطة الأشعة السينية، وتم القيام بهذا الأمر للمرة الأولى من أجل دراسة إنزيم الليزوزوم، وهو إنزيم موجود في اللعاب والدموع وبياض البيض ويقوم هذا الإنزيم بهضم معطف بعض أنواع البكتيريا، حيث فُهِّم هيكل هذا الإنزيم من قبل مجموعة من العلماء يقودهم دافيد تشيلتون فيليبس، ونُشر الأمر 1965.[19] شكّل هيكل الليزوزوم عالي الدقة بدايةً لحقل البيولوجيا الهيكلية وبدايةً لجهود فهم كيف تعمل الإنزيمات على المستوى الذري.[20]
طوّر الاتحاد الدولي للكيمياء الحيوية والبيولوجية الجزيئية نظام تسمية الإنزيمات، وهو رقم التصنيف الإنزيمي، حيث يُوصف كل إنزيم بواسطة تسلسل من أربعة أرقام مسبوقة بالسابقة "EC". يصنِّف الرقم الأول الإنزيمات على أساس آلية عملها.[21]
هناك تقسيم فرعي لهذه الأقسام بحسب خصائص أخرى كالركيزة والنواتج والآلية الكيميائية. فالإنزيم نوعي لأربعة خصائص تصفها الخانات الأربعة في رقم التصنيف الإنزيمي. على سبيل المثال، الهكسوكيناز (EC 2.7.1.1) إنزيم ترانسفيراز أي إنزيم ناقل، يضيف مجموعة الفوسفات (EC 2.7) إلى جزيء الهكسوز، والهكسوز هو جزيء يحتوي على مجموعة كحولية (EC 2.7.1).[22]
عموماً تكون الإنزيمات بروتينات كروية، تمارس تأثيرها بمفردها أو في معقّدات أكبر. يحدد تسلسل الحموض الأمينية هيكل الإنزيم، والذي بدوره يحدد نشاطه التحفيزي.[23] على الرغم من أن البنية تحدد الوظيفة الإنزيمية، إلا أنه لا يُمكن التنبؤ بكامل النشاط الإنزيمي بواسطة البنية فقط.[24] يتمسخ الإنزيم عند التسخين أو عند التعرّض لممسخات كيميائية، ما يؤدي لحدوث خلخلة في بنية الإنزيم، يفقد الإنزيم بسببها نشاطه.[25] يرتبط تمسّخ الإنزيمات بدرجات الحرارة الأعلى من الأنواع الشائعة، لذلك فإن الإنزيمات التي تُستحصل من بكتيريا البيئات البركانية كالينابيع الساخنة تُعتبر ثمينة للغاية لقدرتها على القيام بوظائفها في ظل درجات حرارة عالية، مما يسمح للتفاعلات التي يشرف عليها الإنزيم بالحدوث بمعدّلات عالية جداً.
عادةً تكون الإنزيمات أكبر بكثير من ركائزها. تتفاوت أحجام الإنزيمات بين ثمالة من الأحماض الأمينية في موحود -أوكسالوكروتونات توتوميراز، [26] حتى أكثر من 2500 ثمالة في تصنيع الأحماض الدهنية الحيوانية.[27] يشترك في عملية التحفيز جزء صغير فقط من بنيتها (حوالي 2 إلى 4 حموض أمينية) وهو يسمى الموقع الحفّاز.[28] يقع الموقع الحفّاز قريباً من موقع رابط أو أكثر حيث توجّه الثمالات الركائز. يشكل الموقع الحفّاز والموقع الرابط سويةً موقع النشط في الإنزيم. معظم ما تبقى من بنية الإنزيم تخدم في الحفاظ على التوجيه الدقيق وديناميكية موقع النشط.[29]
في بعض الإنزيمات لا تشارك الأحماض الأمينية في التحفيز بشكل مباشر، بل يحتوي الإنزيم على مواقع تربط وتوجه العوامل المحفّزة المرافقة، أي أنه ينشط التفاعل بشكل غير مباشر.[29] يمكن أن تحتوي بنى الإنزيمات أيضاً على مواقع تفارغية حيث يؤدي ربط جزيء صغير إلى إحداث تغيير في التركيب يزيد أو يُنقص النشاط.[30]
الريبزيمات هي مجموعة صغيرة من المحفزات الحيوية التي تحفز تفاعلات رنا، يمكن أن يكون الإنزيم مفرداً أو ضمن معقّد. أشيع هذه الإنزيمات هو الريبوزوم وهو معقّد من البروتينات ومكّونات محفزة لرنا.[3]
الآلية
ربط الركيزة
يجب أن تربط الإنزيمات ركائزها قبل أن تحفّز تفاعلاتها.عادةً ما تكون الإنزيمات نوعية جداً بالنسبة لركائزها التي تربطها والتفاعلات التي تحفّزها. تتحدد هذه النوعية بجيوب الربط ذات الشكل والشحنة الملائمين بالإضافة إلى الصفة المحبة أو الكارهة للماء، بناء على الصفات السابقة تستطيع الإنزيمات التفريق بين الركائز المتشابهة جداً.[31]
تكون الإنزيمات المشاركة في عملية النسخ وتعبيرالجينوم عالية الدقة والنوعية، حيث تمتلك بعض هذه الإنزيمات آلية «القراءة للإثبات» مثل إنزيم دنا بوليميراز الذي يحفّز تفاعلاً أولاً ومن ثم يتأكد من كون المنتج صحيحاً.[32] تؤدي هاتان الخطوتان إلى معدّل أخطاء أقل من 1 إلى 100 مليون تفاعل في بوليميراز عالية الدقة عند الثدييات.[3] هناك آليات تأكد شبيهة موجودة في رنا بوليميراز،[33] وأمينو أسيل رنا الناقل سينثيتازات،[34] والريبوزومات.[35]
و على العكس من ذلك يوجد العديد من الإنزيمات التي تظهر اختلاطاً إنزيمياً، حيث تمتلك نوعية واسعة وتمارس تأثيراً على ركائز عديدة مختلفة فيزيولوجياً. تؤدي العديد من الإنزيمات إلى حدوث نشاطات جانبية صغيرة، وقد تمثل هذه النشاطات نقطة بداية لانتقاء تطوّري لوظيفة جديدة.[36][37]
نموذج القفل والمفتاح
لشرح النوعية الملحوظة للإنزيمات اقترح إميل فيشر عام 1894 أن للإنزيم والركيزة أشكال هندسية محددة تناسب بعضها بعضاً.[38] تمت الإشارة إلى هذه الفكرة بـ«نموذج القفل والفتاح».[3] نجح هذا النموذج في تفسير نوعية الإنزيمات إلا أنه فشل في تفسير استقرار الحالة الانتقالية التي تحققها الإنزيمات.[39]
نموذج التلاؤم المُستحث
اقترح دانيال كوشلاند عام 1958 تعدلاً على نموذج القفل والمفتاح لأن هياكل الإنزيمات مرنة نوعاً ما، حيث يتغير شكل الموقع النشط باستمرار من خلال التفاعل مع الركيزة.[40] وبالنتيجة فإن الركيزة لا ترتبط ببساطة بموقع نشط جامد، أن السلاسل الجانبية للحموض الأمينية التي تكوّن الموقع النشط تتوضع في أماكن معينة بدقة بالغة حتى تمكّن الإنزيم من أداء وظيفته التحفيزية. يتغير شكل الركيزة أيضاً في بعض الحالات بمجرد دخولها للموقع النشط مثل إنزيم الغلوكوزيداز.[41] يستمر الموقع النشط بتغيير شكله حتى ترتبط الركيزة بشكل تام وتوفق هذه اللحظة تحديد الشكل النهائي وتوزع الشحنات.[42] يزيد التلاؤم المُستحث من دقة التعرّف الجزيئي في ظل وجود منافسة وضوضاء جزيئية، وهذا يكسب التفاعلات التي تتم بإشراف الإنزيم تدقيقاً للركائز.[43]
التحفيز
تحفّز الإنزيمات التفاعلات بطرائق عدة، تشترك هذه الطرق جميعها بمحلة خفض طاقة التنشيط.[44]
عبر تثبيت الحالة الانتقالية:
خلق بيئة مع توزع شحنات متكاملان مع الحالة الانتقالية لتخفيض طاقة التنشيط.[45]
عبر توفير مسار تفاعلي بديل:
يتم إحداث تفاعل مؤقت مع الركيزة، ويتشكل عبر هذا التفاعل وسيط يساهم في توفير طاقة تنشيط أقل للحالة الانتقالية.[46]
عبر زعزعة استقرار الحالة الأرضية للركيزة:
دفع الركيزة المرتبطة إلى الحالة الانتقالية لتقليل الطاقة المطلوبة للوصول إلى الحالة الانتقالية.[47]
عبر توجيه الركائز إلى التفاعلات المنتجة لتقليل تغير إنتروبية التفاعل.[48] مساهمة هذه الآلية في التحفيز ضئيلة نسبياً.[49]
قد تستخدم الإنزيمات العديد من هذه الآليات في وقت واحد.
الديناميكية
الإنزيمات ليست هياكل جامدة ثابتة، بل على العكس من ذلك فإن للإنزيمات حركة ديناميكية داخلية معقدة، حيث تتحرك أجزاء من بنية الإنزيم كثمالات الأحماض الأمينية المفردة، أو الزمر لتشكل عروة بروتينية أو وحدة بنية ثانوية أو حتى نطاق بروتين كامل. تؤدي هذه الحركات إلى مجموعة متجانسة من البنى البروتينية المختلفة قليلاً التي تتداخل مع بعضها البعض عند التوازن. تؤدي هذه الحركات إلى اختلافات في وظائف الإنزيم باختلاف الحالات. على سبيل المثال إنزيم ديهيدروفولات ريدوكتاز يقوم بربط الركيزة ويحفّز ويطلق العامل المرافق ويطلق المنتج خلال دورة تحفيزه.[50]
تمثل المواقع التفارغية جيوب على الإنزيم، تتميز عن المواقع النشطة أنها تربط الجزيئات في البيئة الخلوية، حيث تسبب هذه الجزيئات فيما بعد تغييراً في شكل أو ديناميكية الإنزيم، وينتقل هذا التأثير إلى الموقع النشط، مما يؤدي إلى تغير معدل تفاعل الإنزيم.[51] بهذه الطريقة تنشط التعديلات التفارغية أو تثبط الإنزيم. ترفع التعديلات التفارغية مع المستقبلات أو تخفض من استخدام مسار الإنزيم الاستقلابي، وهي آلية تلقيم راجع تنظم التفاعل وتبدّل نشاط الإنزيم تبعاً للتدفق الأيضي عبر هذا المسار الأيضي.[52]
لا تحتاج بعض الإنزيمات إلى مكونات إضافية لإظهار نشاطها الكامل، بينما تتطلب بعض الإنزيمات وجود جزيئات غير بروتينية تدعى العوامل المرافقة.[53] يمكن أن تكون العوامل المرافقة مركبات عضوية (مثل الفلافين أو الهيم) أو غير عضوية (مثل أيونات المعادن). تقوم هذه العوامل المرافقة بالعديد من المهام للمساعدة في إنجاز مهمة الإنزيم. يمكن للعوامل المرافقة أن تكون مرافقات إنزيم تُطْلَق من موقع الإنزيم النشط أثناء التفاعل أو أن تكون مجموعات اصطناعية ترتبط بشدة بالإنزيم (كالبيوتين في إنزيمات كالبيروفات كاربوكسيلاز).[54]
مثال على إنزيم يحتوي على عامل مرافق هو الكاربونيك أنهيدراز وعامله المرافق الزنك المرتبط كجزء من موقعه النشط في الشكل أعلاه.[55] توجد عادةً الجزيئات أو الأيونات مرتبطة بشدةً بالموقع النشط للإنزيم لتشترك في التحفيز.[3]
تُدعى الإنزيمات التي يتطلب نشاطها وجود عوامل مرافقة إلا أنه لا تمتلك عاملاً مرافقاً بأبوإنزيم أو أبوبروتينات. بينما يُدعى الإنزيم مع عامله المرافق معاً بالهولوإنزيم (أو هالوإنزيم)، كما يطلق مصطلح هولوإنزيم على الإنزيمات التي تشتمل على وحدات فرعية عديدة للبروتين مثلاً إنزيمات دنا بوليميراز، حيث أن الهولوإنزيم هو المعقد الكامل الذي يحتوي على كل الوحدات الفرعية المطلوبة في هذا النشاط.[3]
العوامل المرافقة للإنزيمات
العوامل المرافقة للإنزيمات جزيئات عضوية صغيرة ترتبط ارتباطاً شديداً أو ضعيفاً بالإنزيم. تنقل العوامل المرافقة للإنزيم زمراً كيميائية من إنزيم إلى آخر.[56] مثلاً ثنائي نوكليوتيد الأدنين وأميد النيكوتين NADHوفوسفات ثنائي نيوكليوتيد الأدينين وأميد النيكوتين NADPHوالأدينوزين ثلاثي الفوسفات ATP. تُشتق بعض العوامل المرافقة للإنزيمات من الفيتامينات مثلاً الفلافين أحادي النيكليوتيد FMN وثنائي نيوكليوتيد الفلافين والأدينين FAD والثيامين بيروفوسفات TPP وتيتراهيدروفولات THF، لا يمكن اصطناع هذه الإنزيمات المشتقة من الفيتامينات بشكل جديد de novo في الجسم، لذلك يجب الحصول على المكبات المرتبطة بها (الفيتامينات المشتقة منها) في حالات الحميات الغذائية. تشمل الزمر الكيميائية المحمولة أيون الهيدريد (H?) الذي تحمله مركبات NAD و NADP+، كذلك زمرة الفوسفات التي يحملها مركب الأدينوزين ثلاثي الفوسفات، زمرة الأستيل التي يحملها مرافق الإنزيم A ، زمر الفورميل أو الميثينيل أو الميثيل يحملها حمض الفوليك، وكذلك يحمل أدينوزيل ميثيونين S زمرة الميثيل.[56]
يمكن اعتبار العوامل المرافقة للإنزيمات نوعاً خاصاً من الركائز نظراً لتغيرها الكيميائي نتيجة التفاعل الإنزيمي، أو يمكن اعتبارها ركائز ثانوية شائعة للعديد من الإنزيمات، مثلاً NADH يستخدمها أ: ثر من 1000 إنزيم معروف حتى الآن.[57]
يتم تجديد العوامل المرافقة للإنزيمات بشكل مستمر وتبقى تراكيزها في مستوى ثابت تقريباُ داخل الخلية. مثلاً يتجدد NADH عبر سبيل البنتوز فوسفات، كذلك أدينوزيل ميثيونين S يتجدد بواسطة الميثيونين أدينوزيلترانسفيراز.
لا تغير الإنزيمات -كما كل الحفّازات- من اتجاه التفاعل الكيميائي، حيث يجري التفاعل في حالة وجود إنزيم في الاتجاه ذاته الذي كان سيسر فيه في حالة عدم وجود هذا الإنزيم، ولكن الفارق هو السرعة، حيث يزيد الإنزيم من سرعة التفاعل.[3] مثلاً الكاربونيك أنهيدراز يحفّز تفاعله في أحد الاتجاهين اعتماداً على تراكيز المواد المتفاعلة:[58]
تعتمد سرعة التفاعل على طاقة التنشيط المطلوبة للوصول إلى الحالة الانتقالية، التي تنتهي بإطلاق النواتج. تزيد الإنزيمات من سرعة التفاعلات عبر خفض طاقة الحالة الانتقالية. أولاً يقوم الإنزيم بعملية ربط الركيزة ليتشكل معقد إنزيم-تحت ركيزة منخفض الطاقة (ES).ثانياً يؤسس الإنزيم للحالة الانتقالية التي تتطلب طاقةً أقل لتنجز التفاعل من تلك الطاقة المطلوبة في حالة التفاعل غير المُحفّز (ES‡). أخيراً يتحلل المعقّد إنزيم-نواتج (EP) ليطلق النواتج.[3]
يمكن أن تنجز الإنزيمات تفاعلين أو أكثر، حيث تقوم تحفّز تفاعلاً مناسباً من ناحية الديناميكا الحرارية، يمكن أن يُستخدم هذا التفاعل ليؤدي لحدوث تفاعل ثاني غير مناسب من ناحية الديناميكا الحرارية بحيث يكون إجمالي طاقة المنتجات أقل من طاقة الركائز. مثلاً التحلل المائي للأزينزوين ثلاثي الفوسفات ATP يؤدي لحدوث تفاعلات كيميائية أخرى.[59]
آلية التفاعل الكيميائي في حالتي وجود تحفيز إنزيمي أو عدم وجود. حيث يربط الإنزيم (E) الركيزة (S) لإنتاج نواتج التفاعل (P).
منحنى إشباع تفاعل إنزيم يظهر العلاقة بين تركيز الركيزة و سرعة التفاعل.
حركية الإنزيم هي التحقيق في كيفية ربط الإنزيم للركائز وتحويله إياهم إلى نواتج التفاعل. تستخدم بيانات سرعة التفاعل في تحليل حركية الإنزيم من خلال الحصول عليها عبر المقايسة الإنزيمية. اقترح ليونور ميكايليس وماود مينتين نظرية كميّة للحركية الإنزيمية، يُشار إلى تلك النظرية بـ«حركية ميكايليس و مينتين».[60] كانت مساهمة ميكايليس ومينتين الأعظم هي تفكيرهما في أن تفاعل الإنزيم يجري على خطوتين. بدايةً ترتبط الركيزة بشكل عكوس بالإنزيم ويتشكّل معقد إنزيم-ركيزة، يُدعى أحياناً بمعقد ميكايليس-مينتين تكريماً لهما. يحفّز الإنزيم الخطوة الكيميائية في التفاعل ويطلق النواتج. طُوِّر هذا العمل بواسطة جورج إدوارد بريغز وجون هولدين، الذان اشتقا المعادلات الحركية التي ما تزال مُستخدمة حتى يومنا هذا.[61]
تعتمد سرعة الإنزيم على ظروف الذوبانيةوتركيز الركيزة. لاكتشاف أعلى سرعة لتفاعلٍ إنزيميّ ما يتم زيادة تركيز الركيزة حتى تصبح سرعة تشكيل النواتج ثابتة. يظهر هذا في منحنى الإشباع إلى اليمين. يحدث الإشباع بسبب ازدياد تركيز الركيزة، ومع ازدياد تركيز الركيزة يزداد تحول الإنزم الحر إلى معقّد نزيم-ركيزة، عند الوصول إلى أعلى سرعة للإنزيم (Vmax) تكون جميع المواقع النشطة في الإنزيم مرتبطة بالركيزة، وكمية المعقّد هي كل كمية الإنزيم.[3]
تعتبر أعظم سرعة للإنزيم Vmax أحد مقاييس الحركية الإنزيمية المهمة. كذلك فإن تركيز الركيزة اللازم لتحقيق سرعة إنزيم معينة هي قيمة مهمة أيضاً، وهي تُعطى من ثابت ميكايليس-مينتين (Km)، وهو تركيز الركيزة المطلوب ليصل الإنزيم إلى نصف سرعة تفاعله العظمى، ويمتلك كل إنزيم قيمة Km مميزة لركيزة معينة. هناك ثابت آخر مهم هو kcat وهو عدد جزيئات الركيزة التي يعالجها موقع نشط واحد في ثانية واحدة.[3]
يمكن التعبير عن فعالية إنزيم باستخدام المصطلحات kcat/Km. يدعى أيضاً يثابت النوعية وهو يدمج بين ثوابت سرعة كل خطوات التفاعل بما في ذلك أول خطوة غير عكوسة. يُستخدم ثابت النوعية للمقارنة بين الإنزيمات أو نفس الإنزيم بالنسبة لمختلف الركائز، وذلك لأن ثابت النوعية يعكس القدرة على الجذب والتحفيز. يُدعى الحد الأقصى نظرياً لثابت النوعية بحد الانتشار وهو حوالي 108 إلى 109 (M?1 s?1). عند هذا الحد يؤدي كل تصادم بين الركيزة والإنزيم إلى تحفيز تفاعل، ويكون معدل تكوين النواتج غير محصور بمعدل التفاعل بل بحد الانتشار. تدعى الإنزيمات التي تتحلى بهذه الخاصية بالإنزيمات المثالية حركياً أو تحفيزياً. على سبيل المثال التريوز-فوسفات إيزوميراز، والكاربونيك أنهيدراز، والأستيل كولين إستيراز، والكاتالاز، والفوماراز، وبيتا لاكتاماز، وسوبر أكسيد ديسميوتاز.[3] يمكن أن تصل قيمة kcat لهذه الإنزيمات حتى ملايين التفاعلات خلال ثانية.[3]
تعتمد حركية ميكايليس-مينتين على قانون فاعلية الكتلة، المستمد من فرضيات الانتشار الحر ومن ناحية الديناميكا الحرارية فهو مشتق من الاصطدام العشوائي. لكن العديد من العمليات الخلوية والكيميائية الحيوية تنحرف بشكل كبير عن هذه الظروف، وذلك بسبب الحشد الجزيئي الهائل وتقييد الحركة الجزيئية.[62] أُضيف إلى النموذج إضافات معقّدة في محاولة لتصحيح هذه التأثيرات.[63]
التثبيط
يمكن للموقع الرابط في الإنزيم، و الذي سيقوم في الحالة الطبيعية بربط الركيزة، يمكن له بدلاً من ذلك أن يربط مثبط تنافسي، يمنع بموجبه الركيزة من الارتباط. ثنائي هيدروفولات ريدوكتاز يُثبط بواسطة الميثوتركسات الذي يمنع ارتباط ركيزته و هي حمض الفوليك. اللون الأزرق الموقع الرابط. اللون الأخضر المثبط. اللون الأسود الركيزة. (ببب: 4QI9)
مرافق الإنزيم حمض الفوليك (اليسار) و العقار مضاد السرطان الميثوتركسات (اليمين) متشابهان جداً في البنية، تظهر الاختلافات في اللون الأخضر. بالنتيجة يمثل الميثوتركسات مثبط تنافسي للعديد من الإنزيمات التي تستخدم الفولات.
يمكن أن تنفض سرعات تفاعل إنزيمي بمثبطات الإنزيم المتنوعة.[64]
أنماط المثبطات
المثبط التنافسي
لا يمكن أن يرتبط المثبط التنافسي والركيزة مع الإنزيم في الوقت ذاته.[65] معظم المثبطات التنافسية تشبه بشكل كبير ركائز الإنزيمات التي تثبطها. على سبيل المثال، عقار الميثوتركسات مثبط تنافسي لإنزيم ديهيدروفولات ريدوكتاز الذي يحفّز إرجاع ديهيدروفولات إلى تيتراهيدروفولات. في الشكل المجاور يظهر التشابه بين بنية الميثوتركسات والديهيدروفولات. يمكن التغلب على التثبيط في هذه الحالة بزيادة تركيز الركيزة. في بعض الحالات يرتيط المثبط بموقع غير الموقع الرابط للركيزة المعتادة ويمارس تأثيراً تفارغياً يغير بموجبه الشكل المعتاد للموقع الرابط.
المثبط غير التنافسي
يرتبط المثبط غير التنافسي بموقع غير موقع ربط الركيزة. ترتبط الركيزة وتتمتع بألفتها المعتادة وتبقى قيمة Km ذاتها. يقوم المثبط بخفض الفعالية التحفيزية للإنزيم فتنخفض بذلك قيمة السرعة العظمى Vmax. على النقيض من المثبط التنافسي، فإن المثبط غير التنافسي لا يمكن التغلب عليه عبر زيادة تركيز الركيزة.[64]
مثبط ضد التنافسي
لا يستطيع المثبط ضد التنافسي أن يرتبط بالإنزيم الحر، بل يرتبط فقط بالمعقد إنزيم-ركيزة، وبالتالي فإن هذا النوع من المثبطات هو الأكثر فعالية في التراكيز المرتفعة من الركيزة. في وجود المثبط يصبح المعقد إنزيم-ركيزة غير فعّال.[64] إلا أن هذا النوع من المثبطات نادر.[66]
مختلط
يرتبط المثبط المختلط بموقع تفارغي ويتآثر ارتباط الركيزة وارتباط المثبط. تقلّ وظيفة الإنزيم ولكن لا تختفي عند ارتباط المثبط به. هذا النوع من الثبطات لا يتبع لمعادلة ميكايليس-مينتين.[64]
المثبط غير العكوس
يعطل المثبط غير العكوس الإنزيم بشكل دائم، وذلك عادةً عبر تشكيل رابطة تساهمية للبروتين. من الأمثلة الشائعة عن هذه الطريقة أدوية البنسلين،[67]والأسبرين.[68]
وظائف المثبطات
تعتبر المثبطات جزءاً من آليات التلقيم الراجع في العديد من الأحياء. فإذاا أنتج إنزيم ما كمية أكبر من اللازم لركيزة ما في الكائن الحي، يمكن لهذه المادة المنتجة أن تمارس دوراً مثبطاً لهذا الإنزيم في المراحل الأولى من المسار الإنتاجي، مما يؤدي لإبطاء إنتاج هذه المادة أو إيقافه عند وجود كمية كافية منها. يعتبر هذا شكلاً من أشكال التقليم الراجع السلبي. تستخدم مسارات الاستقلاب الرئيسية هذه الآلية.[3]
بما أن مثبطات الإنزيم تعدل الوظيفة الإنزيمية فقد اِستُخدمت كأدوية. العديد من الأدوية هي مثبطات تنافسية عكوسة تشبه ركيزة الإنزيم الأصلية، كما هو الحال في مثال الميثوتركسات أعلاه، من الأمثلة المعروفة الأخرى الستاتينات التي تستخدم لمعالجة الكوليسترول المرتفع،[69] ومثبطات إنزيم البروتياز التي تستخدم لعلاج عدوى الفيروس العكسي كفيروس HIV.[70] أما الأسبرين فيعتبر مثالاً شائعاً للمثبطات الإنزيمية غير العكوسة التي تستعمل دوائياً، وهو يثبط إنزيمات COX-1 و COX-2 التي تنتج البروستاجلاندين رسول الالتهاب.[68] المثبطات الإنزيمية الأخرى سموم، مثلاً سم السيانيد هو مثبط إنزيمي غير عكوس يجتمع مع النحاسوالحديد في الموقع النشط للإنزيم السيتوكروم سي أوكسيداز ويقوم بإحصار التنفس الخلوي.[71]
الوظيفة البيولوجية
يقوم الإنزيم بوظائف عديدة داخل الكائن الحي. فلا غنى عن الإنزيمات من أجل التنبيه الإشاري في التنظيم الخلوي وغالباً عبر إنزيمات الكينازوالفوسفاتاز.[72] كما أنها تقوم بتوليد الحركة عبر توليد التقلص العضلي ونقل المواد عبر الخلية كجزء من الهيكل الخلوي.[73] إنزيمات أخرى مرتبطة بـ ATP موجودة في غشاء الخلية وهي مضخات أيونية تقوم بالنقل الفاعل لهذه الأيونات عبر الغشاء. تشترك الإنزيمات كذلك في وظائف أكثر غرابةً كتوليد الضوء في اليراعات.[74] يمكن أن تحتوي الفيروسات أيضاً على إنزيمات تقوم بوظائف دخل الخلية المصابة مثل إنزيم HIV إنترغاز، وترانسكريبتاز العكسي، أو لإطلاق الفيروس من الخلية مثل إنزيمات نيورامينيداز الخاص بفيروس الإنفلونزا.[75]
في الحيوانات تظهر وظيفة هامة للإنزيمات في الجهاز الهضمي كإنزيمات الأميلازوالبروتياز التي تقوم بتحطيم الجزيئات الكبيرة (النشاوالبروتينات على التوالي) إلى جزيئات صغيرة، لتتمكّن الأمعاء من امتصاصها. مثلاً جزيئات النشا كبيرة جداً لتستطيع الأمعاء امتصاصها، تقوم الإنزيمات بحلمهة هذه سلاسل النشا الطويلة إلى جزيئات صغيرة كالمالتوز ومن ثم تنتهي إلى جزيئات غلوكوز هي قابلة للامتصاصا في الأمعاء. تختلف الإنزيمات الهاضمة باختلاف ركائزها. في المجترات ذات النظام الغذائي العاشب، تنتج الأحياءالدقيقة داخل أمعائها إنزيم السيللوز الذي يكسر جدران الخلايا النباتية في الألياف النباتية.[76]
الاستقلاب
العديد من الإنزيمات يمكن أن تعمل معاً في تكامل من أجل صنع مسار استقلابي.[3] في المسار الاستقلابي، يأخذ الإنزيم نواتج الإنزيم السابق كركيزة له، ومن ثم تمرر نواتج التفاعل إلى الإنزيم الذي يليه ليستخدمه كركيزة. في بعض الأحيان قد يُحفّز التفاعل بأكثر من إنزيم بشكل متوازي، يسمح هذا التحفيز بتنظيم أكثر تعقيداً، على سبيل المثال انخفاض النشاط التفاعلي لأحد الإنزيمات بينما يستمر النشاط في إنزيم ثاني.[77]
تحدد الإنزيمات الخطوات التي تحدث في هذه المسارات الاستقلابية. وبدون الإنزيمات لن تستمر العلميات الاستقلابية في الخطوات نفسها، ولا يمكن حتى تنظيم الاستقلاب لتلبية احتياجات الخلية. معظم المسارات الاستقلابية المركزية تُنظَّم عبر خطوات مفتاحية، عبر الإنزيمات من خلال الإنزيمات ذات النشاط المرتبط بحلمهة ATP، لأن هذه التفاعلات تطلق كمية كبيرة من الطاقة، بينما يوجد تفاعلات أخرى غير مناسبة من ناحية الديناميكا الحرارية يمكن أن تقترن بحلمهة ATP، حيث تمثل حلمهة ATP شرارة كل أنماط التفاعلات الاستقلابية التي تليها.[3]
التحكم في النشاط
هناك خمسة طرق رئيسية للتحكم بنشاط الإنزيم في الخلية.[3]
التنظيم
يمكن للإنزيمات أن تكون منشطة أو مثبطة بواسطة جزيئات عديدة. على سبيل المثال المنتج (أو المنتجات) النهائي لأحد المسارات الاستقلابية غالباً هي مثبطات لواحد من الإنزيمات الأولى في هذا المسار، هذه الآلية من التنظيم تُدعى بالتلقيم الراجع السلبي، لأن كمية المنتج النهائي التي يتم إنتاجها يتم ضبطها عبر تركيز هذا المنتج.[78] يمكن لآلية التلقيم الراجع السلبي أن تضبط بشكل فعّال معدل تخليق المستقلبات المتوسطة تبعاً لطلب الخلايا. تساعد هذه الآلية في تخصيص فعّال للمواد واقتصاد في الطاقة وتمنع تصنيع فائض من المنتجات النهائية. التحكم في الفعل الإنزيمي يساعد عفي الحفاظ على بيئة داخلية متوازنة في المتعضيات الحية كما كل أجهزة ضبط الاستتباب الداخلي.[78]
تعديل بعد الترجمة
تتضمن الأمثلة على آلية التعديل بعد الترجمة الفسفرة والغلكزة.[78] مثلاً في الاستجابة للإنسولين، تتم فسفرة إنزيمات متعددة بما في ذلك الغليكوجين سينثاز ، تساعد هذه الفسفرة في التحكم في تصنيع أو تقويض الغليكوجين وتسمح للخلايا بالاستجابة للتغيرات في السكر الدم.[79] مثالٌ آخر على التعديل بعد الترجمة هو تقسيم سلسلة عديد الببتيد، مثلاً إنزيم الكيموتربسين وهو من نوع إنزيمات البروتياز، يتم إنتاجه في البنكرياس ويكون اسمه الكيموتربسينوجين أو مولد الكيموتربسين وهو الشكل غير الفعّال، ومن ثم يُنقل وهو في الشكل غير الفعّال إلى المعدة حيث يتم تفعيله. هذا السلوك يمنع الإنزيم من هضم البنكرياس أو الأنسجة الأُخرى قبل أن يدخل لمعة المعي. هذا النمط من طليعة الإنزيم غير الفعّالة تُعرف باسم طليعة الإنزيم.
الكمية
يمكن أن ينخفض أو يزداد إنتاج الإنزيم (نسخ وترجمة جينات الإنزيم) في الخلية كاستجابة للتغيرات في بيئة الخلية. هذا النموذج من التنظيم الجيني يدعى بتحريض الإنزيم. مثلاً إنزيم السيتوكروم بي450 أوكسيداز في الكبد وهو مهم جداً في استقلاب الأدوية. يمكن أن يؤدي تحريض أو تثبيط هذه الإنزيمات إلى تداخلات دوائية.[80] مستويات الإنزيم يمكن أن تُنظم أيضاً عبر تغيير معدل تقويض الإنزيم.[3]
التوزيع داخل الخلوي
يمكن أن تُجزأ الإنزيمات عبر مسارات استقلابية تحدث في الحجرات الخلوية المختلفة. مثلاً تُصنّع الحموض الدسمة بواسطة مجموعة واحدة من الإنزيمات في العصارة الخلويةوالشبكة الإندوبلازميةوجهاز غولجي، بينم تستخدم من قبل مجموعة مختلفة من الإنزيمات كمصدر للطاقة في الميتاكوندريا عبر أكسدة بيتا.[81] بالإضافة إلى ذلك فإن نقل الإنزيم إلى حجرات مختلفة يمكن أن يغير في درجة البروتونات (حيث السيتوبلاسم محايد بينما الليزوزوم حامضي) أو في الحالة التأكسدية، وهذا يؤثر على نشاط الإنزيم.[82]
اختصاص الأعضاء
في عديدات الخلايا حقيقيات النوى، تمتلك الخلايا في النسج المختلفة أنماطاً مختلفة في التعبير الجيني، لذا فإنها تمتلك مجموعات مختلفة من الإنزيمات (تُعرف باسم الإيزوزيمات) متاحة للتفاعلات الاستقلابية. هذا يوفر آلية للتنظيم لكل استقلاب العضوية. مثلاً الهيكسوكيناز أول إنزيم في سبيل تحلل الغلوكوز له شكل خاص يدعى الغلوكوكيناز يتم التعبير عنه في الكبدوالبنكرياس، لهذا الشكل من الإنزيم ألفة منخفضة للغلوكوز ولكنه أكثر حساسية لتركيز الغلوكوز.[83] يشترك هذا الإنزيم في التحسس لسكر الدم وتنظيم إنتاج الأنسولين.[84]
المشاركة في الأمراض
يعتبر التحكم الصارم في نشاط الإنزيم أمراً ضرورياً للاستتباب، حيث أن أي خلل (طفرة، أو إنتاج مفرط، أو إنتاج أقل، أو حذف) في إنزيم حرج واحد يقود إلى مرض وراثي. الخلل في نوع واحد من الإنزيمات من بين آلاف الأنواع الموجودة في جسم الإنسان يمكن أن يكون قاتلاً. من الأمثلة على الأمراض الوراثية القاتلة بسبب قصور إنزيم مرض تاي-ساكس حيث يكون لدى المريض عوز في إنزيم الهيسكوسامينيداز.[85][86]
أحد أمثلة عوز الإنزيم هو النمط الأكثر شيوعاً من بيلة الفينيل كيتون. العديد من الطفرات في أحماض أمينية مفردة في إنزيم الفينيل ألانين هيدروكسيلاز، وهو الإنزيم الذي يحفز الخطوة الأولى في تقويض الفينيل ألانين، وهذا ما يؤدي إلى تراكم الفينيل ألانين والمنتجات ذات الصلة. توجد بعض الطفرات في الموقع النشط، تعطِّل بشكل مباشر الارتباط والتحفيز، ولكن العديد من الطفرات تكون بعيدة عن الموقع النشط وهي تقلل النشاط عبر زعزعة استقرار بنية البروتين، أو عبر آليات أخرى.[87][88] يمكن أن يؤدي هذا إلى إعاقة ذهنية إذا لم يُعَالَج المرض.[89] مثالٌ آخر هو عوز كولين إستيراز الكاذب، في هذه الحالة تضعف قدرة الجسم على تحطيم أدوية كولين إستير.[90] حالات قصور الإنزيمات الوظيفية يمكن علاجها عبر الإعطاء الفموي للإنزيمات مثل قصور البنكرياس[91]وعدم تحمل اللاكتوز.[92]
كما أن هناك طرقاً أخرى تحدث أمراض فيها بسبب خلل إنزيمي يأتي من طفرات جرثومية في الجينات المرمّزة لإنزيمات إصلاحدنا. تسبب العيوب في هذه الإنزيمات سرطاناً لأن الخلايا تصبح أقل قدرةً على إصلاح الطفرات في جينوماتها. هذا يسبب تراكم بطيء للطفرات ويؤدي إلى تطور السرطانات. مثلاً متلازمة السرطان الوراثي هي جفاف الجلد المصطبغ، وهي تسبب تطور سرطانات الجلد استجابةً للحد الأدنى من التعرض للأشعة فوق البنفسجية.[93][94]
تطبيقات صناعية
تستخدم الإنزيمات في الصناعات الكيمائية والتطبيقات الصناعية الأخرى عندما يكون هناك حاجة لمحفّزات نوعية للغاية. عموماً الإنزيمات محدودة في التفاعلات التي تحفّزها، لأنها تطورت لتحفز هذه التفاعلات بالإضافة إلى عدم استقرارها في المذيبات العضوية وفي درجات الحرارة المرتفعة. نتيجةً لذلك، فإن هندسة البروتين هي مجال بحث نشيط يحاول أن يصنع إنزيمات جديدة إما من خلال تصميم عقلاني أو من خلال التطوير في المخبر.[95][96] بدأت تلقى هذه الجهود نجاحاً، حيث قد تم بالفعل تصميم بعض الإنزيمات «من الصفر» لتحفيز تفاعلات لا تحدث في الطبيعة.[97]
^Murphy JM, Farhan H and Eyers PA (2017) Bio-Zombie: the rise of pseudoenzymes in biology.Biochem Soc Trans. 45:537-544
^Murphy JM، وآخرون (2014). "A robust methodology to subclassify pseudokinases based on their nucleotide-binding properties". Biochemical Journal. ج. 457 ع. 2: 323–334. DOI:10.1042/BJ20131174. PMID:24107129.
^Manchester KL (ديسمبر 1995). "Louis Pasteur (1822–1895)–chance and the prepared mind". Trends in Biotechnology. ج. 13 ع. 12: 511–5. DOI:10.1016/S0167-7799(00)89014-9. PMID:8595136.
^Holmes، Frederic Lawrence (2003). "Enzymes". في Heilbron، John L. (المحرر). The Oxford Companion to the History of Modern Science. Oxford: Oxford University Press. ص. 270. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)
^"Eduard Buchner". Nobel Laureate Biography. Nobelprize.org. مؤرشف من الأصل في 2018-07-24. اطلع عليه بتاريخ 2015-02-23.
^The naming of enzymes by adding the suffix "-ase" to the substrate on which the enzyme acts, has been traced to French scientist Emile Duclaux (1840–1904), who intended to honor the discoverers of دياستيز – the first enzyme to be isolated – by introducing this practice in his book Duclaux E (1899). Traité de microbiologie: Diastases, toxines et venins [Microbiology Treatise: diastases , toxins and venoms] (بالفرنسية). Paris, France: Masson and Co. Archived from the original on 2020-10-14. See Chapter 1, especially page 9.
^Nomenclature Committee. "EC 2.7.1.1". International Union of Biochemistry and Molecular Biology (NC-IUBMB). School of Biological and Chemical Sciences, Queen Mary, University of London. مؤرشف من الأصل في 2017-06-08.
^ ابSuzuki H (2015). "Chapter 7: Active Site Structure". How Enzymes Work: From Structure to Function. Boca Raton, FL: CRC Press. ص. 117–140. ISBN:978-981-4463-92-8.
^O'Brien PJ، Herschlag D (أبريل 1999). "Catalytic promiscuity and the evolution of new enzymatic activities". Chemistry & Biology. ج. 6 ع. 4: R91–R105. DOI:10.1016/S1074-5521(99)80033-7. PMID:10099128.
^Fischer E (1894). "Einfluss der Configuration auf die Wirkung der Enzyme" [Influence of configuration on the action of enzymes]. Berichte der Deutschen chemischen Gesellschaft zu Berlin (بالألمانية). 27 (3): 2985–93. DOI:10.1002/cber.18940270364. Archived from the original on 2020-11-27. From page 2992: "Um ein Bild zu gebrauchen, will ich sagen, dass Enzym und Glucosid wie Schloss und Schlüssel zu einander passen müssen, um eine chemische Wirkung auf einander ausüben zu k?nnen." (To use an image, I will say that an enzyme and a glucoside [i.e., glucose derivative] must fit like a lock and key, in order to be able to exert a chemical effect on each other.)
^Boyer، Rodney (2002). "Chapter 6: Enzymes I, Reactions, Kinetics, and Inhibition". Concepts in Biochemistry (ط. 2nd). New York, Chichester, Weinheim, Brisbane, Singapore, Toronto.: John Wiley & Sons, Inc. ص. 137–8. ISBN:0-470-00379-0. OCLC:51720783. مؤرشف من الأصل في 2022-03-31. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)
^Fersht A (1985). Enzyme Structure and Mechanism. San Francisco: W.H. Freeman. ص. 50–2. ISBN:0-7167-1615-1.
^Warshel A، Sharma PK، Kato M، Xiang Y، Liu H، Olsson MH (أغسطس 2006). "Electrostatic basis for enzyme catalysis". Chemical Reviews. ج. 106 ع. 8: 3210–35. DOI:10.1021/cr0503106. PMID:16895325.
^Cox، Michael M.؛ Nelson، David L. (2013). "Chapter 6.2: How enzymes work". Lehninger Principles of Biochemistry (ط. 6th). New York, N.Y.: W.H. Freeman. ص. 195. ISBN:978-1464109621. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)
^Chapman-Smith A، Cronan JE (1999). "The enzymatic biotinylation of proteins: a post-translational modification of exceptional specificity". Trends Biochem. Sci. ج. 24 ع. 9: 359–63. DOI:10.1016/s0968-0004(99)01438-3. PMID:10470036.
^Fisher Z، Hernandez Prada JA، Tu C، Duda D، Yoshioka C، An H، Govindasamy L، Silverman DN، McKenna R (فبراير 2005). "Structural and kinetic characterization of active-site histidine as a proton shuttle in catalysis by human carbonic anhydrase II". Biochemistry. ج. 44 ع. 4: 1097–115. DOI:10.1021/bi0480279. PMID:15667203.
^ ابجدCornish-Bowden A (2004). Fundamentals of Enzyme Kinetics (ط. 3). London: Portland Press. ISBN:1-85578-158-1.
^Price NC (1979). "What is meant by 'competitive inhibition'?". Trends in Biochemical Sciences. ج. 4 ع. 11: N272–N273. DOI:10.1016/0968-0004(79)90205-6.
^Cornish-Bowden A (يوليو 1986). "Why is uncompetitive inhibition so rare? A possible explanation, with implications for the design of drugs and pesticides". FEBS Letters. ج. 203 ع. 1: 3–6. DOI:10.1016/0014-5793(86)81424-7. PMID:3720956.
^Fisher JF، Meroueh SO، Mobashery S (فبراير 2005). "Bacterial resistance to beta-lactam antibiotics: compelling opportunism, compelling opportunity". Chemical Reviews. ج. 105 ع. 2: 395–424. DOI:10.1021/cr030102i. PMID:15700950.
^Yoshikawa S، Caughey WS (مايو 1990). "Infrared evidence of cyanide binding to iron and copper sites in bovine heart cytochrome c oxidase. Implications regarding oxygen reduction". The Journal of Biological Chemistry. ج. 265 ع. 14: 7945–58. PMID:2159465.
^Hunter T (يناير 1995). "Protein kinases and phosphatases: the yin and yang of protein phosphorylation and signaling". Cell. ج. 80 ع. 2: 225–36. DOI:10.1016/0092-8674(95)90405-0. PMID:7834742.
^De Clercq E (2002). "Highlights in the development of new antiviral agents". Mini Rev Med Chem. ج. 2 ع. 2: 163–75. DOI:10.2174/1389557024605474. PMID:12370077.
^ ابجSuzuki H (2015). "Chapter 8: Control of Enzyme Activity". How Enzymes Work: From Structure to Function. Boca Raton, FL: CRC Press. ص. 141–69. ISBN:978-981-4463-92-8.
^Suzuki H (2015). "Chapter 4: Effect of pH, Temperature, and High Pressure on Enzymatic Activity". How Enzymes Work: From Structure to Function. Boca Raton, FL: CRC Press. ص. 53–74. ISBN:978-981-4463-92-8.
^Kamata K، Mitsuya M، Nishimura T، Eiki J، Nagata Y (مارس 2004). "Structural basis for allosteric regulation of the monomeric allosteric enzyme human glucokinase". Structure. ج. 12 ع. 3: 429–38. DOI:10.1016/j.str.2004.02.005. PMID:15016359.
^Froguel P، Zouali H، Vionnet N، Velho G، Vaxillaire M، Sun F، Lesage S، Stoffel M، Takeda J، Passa P (مارس 1993). "Familial hyperglycemia due to mutations in glucokinase. Definition of a subtype of diabetes mellitus". The New England Journal of Medicine. ج. 328 ع. 10: 697–702. DOI:10.1056/NEJM199303113281005. PMID:8433729.
^Guzmán-Maldonado H، Paredes-López O (سبتمبر 1995). "Amylolytic enzymes and products derived from starch: a review". Critical Reviews in Food Science and Nutrition. ج. 35 ع. 5: 373–403. DOI:10.1080/10408399509527706. PMID:8573280.
^ اب"Protease – GMO Database". GMO Compass. European Union. 10 يوليو 2010. مؤرشف من الأصل في 2017-01-23. اطلع عليه بتاريخ 2015-02-28.
^Bajpai P (مارس 1999). "Application of enzymes in the pulp and paper industry". Biotechnology Progress. ج. 15 ع. 2: 147–157. DOI:10.1021/bp990013k. PMID:10194388.
^Begley CG، Paragina S، Sporn A (مارس 1990). "An analysis of contact lens enzyme cleaners". Journal of the American Optometric Association. ج. 61 ع. 3: 190–4. PMID:2186082.
^Farris، Paul L. (2009). "Economic Growth and Organization of the U.S. Starch Industry". في BeMiller، James N.؛ Whistler، Roy L. (المحررون). Starch Chemistry and Technology (ط. 3rd). London: Academic. ISBN:9780080926551. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)