رئيس الجمهورية التونسية هو رئيس دولة تونس منذ استحداث الوظيفة في 25 يوليو1957.[1] وبهذه الصفة، يمارس السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة في نظام رئاسي. وفقاً للمادة 87 من دستور 2022[1]، فإنه القائد الأعلى للقوات المسلحة. وبموجب الدستور، يُنتخب الرئيس بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
« إنه لمن الضروري المضي قدما على وجه السرعة للقيام بانتخابات عامة ديمقراطية للبلديات ولمجلس قومي تأسيسي الذي ستوكل إليه مهمة وضع دستور يحدد نظام الحكم في البلاد على أساس الملكية الدستورية، شريطة أن الشعب وحده هو مصدر السيادة ويمارسها عبر برلمان يتألف من غرفة واحدة منتخبة بالاقتراع العام والمباشر وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.[4] »
« أدرك قادة الحزب الحر الدستوري الجديد تدريجيا أن وجود الباي على رأس الدولة كان يمثل عيبا لمبدأ الوحدة. شيئا فشيئا، بدأ أعضاء الحزب الحر الدستوري الجديد تقليص صلاحيات الباي، لما يصلح إذا الباي، الذي لم يكن في الأصل ينتمي للحزب الحر؟ هذا هو العنصر المتغاير في بنية متجانسة.[4] »
بمناسبة الذكرى الثانية لعودته إلى تونس، في 1 يونيو1957، كانت لدى الحبيب بورقيبة الرغبة في إعلان الجمهورية. ولكن الأزمة في العلاقات التونسية الفرنسية بسبب تعليق المساعدات المالية من فرنسا، أجلت الحدث.[6] في 22 يوليو، أعلن المكتب السياسي للحزب للحر الدستوري الجديد دعوة نواب المجلس التأسيسي لجلسة خارقة للعادة في 25 يوليو.[7] بدأت الجلسة على الساعة 9:23 في قاعة العرش في قصر باردو، تحت رئاسة الجلولي فارس وبحضور السلك الدبلوماسي.[8] الوزير الأول الحبيب بورقيبة وكل أعضاء حكومته، ماعدا البشير بن يحمد الذي لم يكن برلمانيا، كانوا حاضرين على مقاعد النواب. بافتتاحه الجلسة، دعى الجلولي فارس النواب لاختيار نظام الحكم الجديد. قال نائب رئيس المجلس أحمد بن صالح في هذا الصدد:
« يجب على الدولة أن تتحرر من الماضي، وهذا لا يمكنه سوى أن يعزز استقلال البلاد وسيادة الشعب التونسي. لا شك في هذا، علينا اليوم أن نواجه تركة النظام القديم. لا يمكن أن يوجد حاكم ملك على هذه البلاد، وإرادة الشعب هي شيء مقدس. ترعرع جيلنا في عقيدة الحزب الحر الدستوري الجديد، ونطمح إلى الحرية والسلام والازدهار. يجب علينا أن نتمتع كليا بسيادتنا الكاملة وغير المقسمة. أثناء النضال، لقد عشنا بالفعل في نظام جمهوري، لأنه في ذلك الوقت كان هناك اثنان من تونس، الأولى وهمية والثانية حقيقية. وجدت الجمهورية في تونس بطريقة غير شرعية، علينا اليوم أن نرجعها شرعية.[8] »
تم تأكيد هذا التوجه وهذه الكلمات في التدخلات الموالية. على الساعة 15:30، بدأ بورقيبة محاكمة ممنهجة ضد حكم البايات، واتهمهم بالخسة والخيانة. أنهى حديثه في النهاية بالدعوة لإعلان الجمهورية:
« بلغ الشعب التونسي درجة من الوعي لتولي إدارة شؤونه بنفسه. أعرف قدر المحبة التي يكنها لي. يظن البعض أنه يمكنني أن أقرر مصيرهم. ولكن لدي شيء من الاحترام للشعب التونسي، الذي لا أريد أن يسلط عليه سيد، وأن الخيار الوحيد الذي أشير به عليه هو خيار الجمهورية.[7] »
في النهاية، تم التصويت بالإجماع على إلغاء الملكية الموجودة منذ 252 سنة وإعلان قيام النظام الجمهوري،[9] المرتكز فقط على الحزب الحر الدستوري الجديد.[10] تمت مصادرة أملاك الباي، التي ساهمت إيراداتها في تسديد ديون الدولة. كلف بورقيبة مباشرة بالقيام بمهام رئيس الجمهورية، في انتظار إقرار الدستور الجديد الذي أكد سنتين بعد ذلك على الطابع الرئاسي للنظام الجديد.
ملامح فترات الرئاسة
الهادي نويرة الذي عينه بورقيبة رئيسا للوزراء، وكذلك خلفه في الحكم في حالة وفاته.إعلان الجمهورية يوم 25 يوليو1957.
بعد إقرار النظام الجمهوري في 25 يوليو1957، أصبحت تونس ذات نظام رئاسي بامتياز، أين كون بورقيبة حكومته الثانية بعد أربعة أيام، وأصبح يشغل في نفس الوقت منصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، وذلك حتى 1969. ركز بورقيبة في عمله على الوحدة القومية وإرساء أسس الدولة الجمهورية الجديدة، وذلك بدعم التربية والتعليم والثقافة وحرية المرأة وإصدار مجلة الأحوال الشخصية،[11] وتحقيق السيادة الوطنية الكاملة عبر إخراج آخر جنود القوات الفرنسية من تونس وتحديدا من بنزرت، وذلك فيما يعرف بأحداث بنزرت في 1961.[12] بعده في 1963، بدأ بورقيبة بتحقيق السيادة الزراعية بتأميم الأراضي الفلاحية المملوكة من الأجانب.[13] عربيا، دعا بورقيبة العرب في 1965 إلى التفاوض مع إسرائيل حول القضية الفلسطينية وتقسيم الأراضي على أساس قرار الأمم المتحدة رقم 181 واتباع سياسة المراحل وعقد صلح مع إسرائيل مقابل إرجاع الجزء الأكبر من الأراضي المحتلة وعودة الفلسطينيين، الأمر الذي لاقى رفضا وتنديدا كبيرين في العالم العربي.[14] سنة 1970، عين بورقيبة الهادي نويرة في رئاسة الوزراء وأعلنه خليفة له في الرئاسة في حالة وفاته. وفي 1973، شدد بورقيبة يده على الحكم والربط بين الحزب والدولة، وأعلنه الحزب الاشتراكي الدستوري رئيسا مدى الحياة. في 1974، اتفق بورقيبة مع معمر القذافي على إقرار الوحدة بين تونس وليبيا عبر إنشاء الجمهورية العربية الإسلامية التي سيكون بورقيبة رئيسها والقذافي نائبه، لكن فشل هذا المشروع.[15] شهدت تونس في يناير1978 مواجهات حادة بين الدولة والنقابيين فيما عرف بالخميس الأسود تركت أثرا كبيرا في الدولة. حاول بورقيبة تجاوز الإخفاق الناتج عن حكم الحزب الواحد، وأعلن التعددية السياسية في 1981. عادت الاضطرابات في يناير1984 فيما عرف بأحداث الخبز التي احتج فيها المواطنون على غلاء الأسعار والمعيشة، والتي سرعان ماستجاب لها بورقيبة بخفض أسعار السلع الأساسية، ولكن خلفت مئات القتلى والجرحى وآلاف الاعتقالات.[16] طيلة فترة حكمه، شهد بورقيبة خلافات كبرى خاصة مع اليوسفيينوالإسلاميين.[17]
حكم زين العابدين بن علي
السنوات الأولى (1987-1989)
سعى بن علي إلى تطمنة الرأي العام عبر بيان وعد فيه بإلغاء الرئاسة مدى الحياة وبإرساء «تعددية سياسية» كما ألغى محكمة أمن الدولة وأفرج عن الإسلاميين والنقابيين المعتقلين في حين حافظَ على نفس التركيبة الحكومية باستثناء الحقائب التي كان يتولّاها منافسوه كمحمد الصيّاح الذي أُجبر على الابتعاد عن الحياة السياسية. في فيفري1988 غَيّر اسم الحزب الاشتراكي الدستوري إلى التجمع الدستوري الديمقراطي وفي جويلية 1988 عدّل الدستور في اتجاه زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية. في أفريل1989 نظمت انتخابات رئاسية سارعت فيها عدة شخصيات معارضة كراشد الغنوشيوأحمد المستيريوالمنصف المرزوقي تأييد ترشح بن علي فيها. وإن جاءت نتائج الانتخابات الرئاسية منتظرة في ظل عدم وجود منافسين فيها لبن علي كانت نتائج الانتخابات التشريعة مخيّبة لآمال المعارضة التي لم تتحصل على أي مقعد فانسحب المستيري من الحياة العامة وغادر الغنوشي البلاد وبدأت بوادر انغلاق سياسي تبرز في الأفق.
بدى بن علي في بداية التسعينات ممسكا بزمام السلطة فاحتل الموقع الأول في المشهد السياسي بدون منازع وعيّن مقربيين له في أهم مفاصل الدولة في حين جدّد حزب التجمع هياكله بإدخال آلاف من المنخرطين الجدد. سمحت السلطة بتكوين حزبيين جديدين مقربين منها وأعطت التأشيرة للتجمع الاشتراكي التقدمي ورفضتها لحركة النهضة (الاسم الجديد للاتجاه الإسلامي) التي مالبثت أن دخلت في صدام جديد مع الحكم فاتهمت بمحاولة قلب النظام وبأحداث عنف متفرقة فلوحق أعضاءها وحوكم بعض قادتها أمام القضاء العسكري وفرّ البعض الآخر خارج البلاد. رغم تأييد أغلب الأحزاب الأخرى للسياسات الحكومية ظلت حركتها مقيدة ولم يسمح لها بدخول البرلمان إلا رمزيا من خلال إسنادها بعض المقاعد ابتداءً من 1994 فيما انتخب بن علي ذلك العام بدون منافس بنسبة قاربت المائة بالمائة. على المستوى الاقتصادي استفادت الحكومة من إصلاحات الثمانينات ومن مواسم فلاحية جيدة لتحقق نسب نمو فاقت في بعض الأحيان ال5 %، وعلى المستوى الاجتماعي اعتمدت سياسات حذرة عززتها ببعض البرامج كالصندوق الوطني للتضامنوالسيارة الشعبية الذين استهدفت من خلالها محاربة الفقر وتقديم تسهيلات للطبقة الوسطى لتوسيع رقعة مساندة النظام. في النصف الثاني من العشرية بدأ يظهر نفوذ لزوجة بن علي الثانية ليلى الطرابلسي التي أصبح أخواتها فجأة من أصحاب الأعمال إضافة لصهره الأول سليم شيبوب الذي برز كرئيس للترجي ووسيط في عدة صفقات عمومية. عام 1999 قدم بن علي نفسه مجددا للرئاسيات، ورغم وجود مرشحين آخرين فاز مرة أخرى بنسبة فاقت ال99% في ماعتبرته الملاحظون إشارة أن النظام ليس له أي نية للإصلاح.
شهدت بداية الألفية بعض التململ في البلاد فاندلعت في فيفري2000 مظاهرات ذات طابع اجتماعي وخاض الصحفي توفيق بن بريكإضرابا عن الطعام احتجاجا على غياب حرية التعبير غطته عدة وسائل أجنبية وأسس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المعارض واظهرت حركة التجديد تغييرات في مواقفها المساندة حتى الآن لبن علي، إلا ان النظام باستثناء بعض الوعود النظرية بقي يتوخى نفس السياسات وفي 2002 أقام استفتاءً لإحداث تعديلات دستورية تمكن الرئيس من حصانة قضائية ومن إمكانية تمديد ولايته.[18] في السنوات اللاحقة ازدادت تجاوزات أصهار بن علي أمثال بلحسن الطرابلسيومروان المبروكوعماد الطرابلسيوصخر الماطري الذين اصبحوا يسيطرون على قطاعات شاسعة من الاقتصاد في حين أصبحت القرارات الهامة تأخذ خارج الحكومة من قبل الحلقة المضيقة للرئاسة من عائلة ومستشارين. في الاثناء اظهر الانموذج التنموي محدوديته فرغم المظاهر الاستهلاكية التي انتشرت، ارتفعت البطالة وبقيت الاسثمارات محدودة وزاد الفساد المالي الذي كان شبه معدوم في عهد بورقيبة. في 2005 شكلت المعارضة هيئة 18 أكتوبر التي طالبت بإصلاحات جذرية للنظام وفي 2008 عرف الحوض المنجمي في ولاية قفصةاحتجاجات غير مسبوقة دامت عدة أشهر على خلفية اجتماعية. تلبدت الغيوم فوق البلاد عام 2010 ففي وقت زادت فيه الإضرابات الاجتماعية والمطالبة بتحرير الإعلام ومحاربة الفساد، ظهرت حملة تناشد بن علي الترشح للانتخابات عام 2014 لولاية سادسة جوبهت بحملة مضادة ضد «التمديد والتوريث» [19]، وفي تلك الأجواء جاءت حادثة إحراق محمد البوعزيزي لنفسه لتشعل احتجاجات عارمة أولا في سيدي بوزيد ثم في بقية الجمهورية جابهها النظام بالقوة قبل أن يضطر بن علي أمام امتداد رقعتها إلى الهروب بعد محاولته استرضاءها.
في 31 ديسمبر2014، تسلم الباجي قائد السبسي الرئاسة، وبدأ العمل بمقتضيات دستور تونس 2014 الجديد الذي قسم الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس نواب الشعب وجعل من النظام نظام شبه رئاسي.
في 25 يوليو 2019 تسلم محمد الناصر رئاسة الجمهورية بصورة مؤقتة لحين إجراء انتخابات رئاسية بعد وفاة السبسي.
يتم انتخاب رئيس الجـمهورية مباشرة من قبل الشعب لولاية تصل مدتها إلى خمس سنوات انتخابا عاما، حرا، مباشرا، سريا، وبالأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها، خلال الأيام الثلاثين الأخيرة من المدة الرئاسية (الفصل 39 من الدستور).[27] تم ادخال ثلاثة قوانين استثنائية لانتخاب رئيس الجمهورية التونسية. كان بورقيبة قد أعلن نفسه رئيسا مدى الحياة سنة 1975 بمقتضى القانون الدستوري عدد 75-13 المؤرخ في 19 مارس1975 أضيفت إلى الفصل 40 من الدستور وبعد 7 نوفمبر1987 ألغى بن علي الرئاسة مدى الحياة. للترشح لرئاسة الجمهورية كان الدستور التونسي ينص على وجوب الحصول على ثلاثين توقيعا من أعضاء البرلمان أو رؤساء البلديات شريطة أن يكون للحزب المعني نائب أو أكثر في مجلس النواب. في سنة 2004 تم إجراء تعديل ينصّ على أن يكون للمترشح أقدمية فترة خمس سنوات في الهيئة القيادية لحزبه كما مكن هذا التعديل أن أن يقوم بعدد غير محدود من الولايات الرئاسية بعد أن كان محدودا بثلاث ولايات كحد أقصى. في سنة 2009 أعلن رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة عيدي الاستقلال والشباب على إمكانية أن يترشح لرئاسة الجمهورية «المسؤول الأول عن كل حزب سياسي سواء كان رئيسا أو أمينا عاما أو أمينا أول لحزبه شريطة أن يكون منتخبا لتلك المسؤولية وأن يكون يوم تقديم مطلب ترشحه مباشرا لها منذ مدة لا تقل عن سنتين متتاليتين منذ انتخابه لها».
بعد الثورة التونسية في بداية 2011، تم تعليق العمل بدستور 1959، لذلك تم انتخاب مجلس تأسيسي في أكتوبر من نفس السنة، حيث قام بصياغة قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية الذي يحل محل الدستور مؤقتا في 10 ديسمبر2011، ومنه نص في الفصل 9 على أن يكون المترشح لرئاسة الجمهورية مسلما، لديه فقط الجنسية التونسية، وكلا أبويه تونسيين ولا يقل عن 35 من العمر، ويجب عليه عند انتخابه الاستقالة من منصبه في المجلس التأسيسي وأي وظيفة حزبية أخرى.
خص دستور تونس 2014 الجديد رئيس الجمهورية ب17 فصلا:
ينص الفصل 74 على أحقية كل تونسي أو تونسية الترشح للمنصب بشرط أن يكون مسلما وأن يكون تونسيا منذ الولادة، ويبلغ من العمر 35 سنة على الأقل، وفي حالة امتلاكه لجنسية أخرى إلى جانب التونسية فيجب عليه التعهد بالتخلي عنها في حالة فوزه بالرئاسة. يشترط الفصل 74 كذلك على وجوب تزكية المترشح للرئاسية من قبل عدد من النواب أو رؤساء مجالس الجماعات المحلية أو الناخبين التونسيين، ولكنه ترك عدد ضبط عدد المزكين إلى القانون الانتخابي.[29]
الفصل 75 يضبط عدد الدورات الرئاسية، إذ يحدد المدة الرئاسية ب5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة متصلة أو منفصلة، كما أنه يشترط القيام بالانتخابات الرئاسية في الستين يوما الأخيرة للرئاسة، ويكون ذلك انتخابا عاما، حرا، مباشرا، سريا، نزيها وشفافا بالأغلبية المطلقة للأصوات، في دورتين إذا لزم الأمر.[30]
« الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي أو تونسية غير حامل لجنسية اخرى ، مولود لأب و أم ، و جد لأب , و جد لأم ، تونسيين و كلهم تونسيون دون إنقطاع .
ويجب أن يكون المترشح أو المترشحة يوم تقديم ترشحه بالغا من العمر أربعين سنة على الأقل ومتمتعا بجميع حقوقه المدنية والسياسية. يقع تقديم الترشح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات حسب الطريقة والشروط المنصوص عليها بالقانون الانتخابي . »
الفصل 90 :
« ينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمسة أعوام انتخابا عاما حرا مباشرا سريا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من المدة الرئاسية وبالأغلبية المطلقة للأصوات المصرح بها. يشترط أن يزكي المترشح أو المترشحة عدد من أعضاء المجالس النيابية المنتخبة أو من الناخبين وفق ما يضبطه القانون الانتخابي ، وفي صورة عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلقة في الدورة الأولى، تنظم دورة ثانية خلال الأسبوعين التاليين للإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأولى، ويتقدم للدورة الثانية المترشحان المحرزان على أكثر عدد من الأصوات في الدورة الأولى. إذا توفي أحد المترشحين في الدورة الأولى أو أحد المترشحين في الدورة الثانية، يُعاد فتح باب الترشح وتحدد المواعيد الانتخابية من جديد في أجل لا يتجاوز خمسة وأربعين يوما، ولا يعتد بالانسحاب لا في الدورة الأولى ولا في الدورة الثانية. وإذا تعذر إجراء الانتخابات في الميعاد المحدد يسبب حرب أو خطر داهم، فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون إلى حين زوال الأسباب التي أدت إلى تأجيلها . ولا يجوز تولي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين متصلتين أو منفصلتين ، وفي حالة الاستقالة، تعتبر المدة الرئاسية كاملة »
وزير داخلية ووزير أول تحت حكم بورقيبة، قام بن علي بالإنقلاب على بورقيبة في 1987 معللا ذلك بعمره البالغ وحالته الصحية التي لا تسمح له بقيادة الجمهورية. بداية من 17 ديسمبر2010، واجه بن علي أربعة أسابيع من الاحتجاجات السلمية التي قابلها بالعنف وهي الثورة التونسية. إضطر وقتها لترك الرئاسة ومغادرة البلاد إلى السعودية وذلك في 14 يناير2011 رفقة زوجته ليلى بن علي.
كونه رئيس مجلس النواب، أعلنه المجلس الدستوري حسب الفصل 57 رئيسا للبلاد بصفة مؤقتة، وذلك بعد شغور منصب رئيس الجمهورية إثر الثورة التونسية وهروب بن علي إلى السعودية. تعتبر هذه أول مرة في تاريخ الجمهورية يرأسها شخص بصفة مؤقتة.
المرزوقي هو أول رئيس جمهورية بعد الثورة التونسية منتخب ديمقراطيا، (كنائب في المجلس التأسيسي الذي انتخبه بطريقة غير مباشرة للرئاسة). يعتبر كذلك أول رئيس لا يأتي من صفوف الحزب الحاكم، حيث كان حزبه يشارك في تحالف الترويكا الحاكم.
31 ديسمبر 2014 – 25 يوليو 2019 † (توفي في المنصب؛ تنتهي المدة في 31 ديسمبر 2019)
بفوزه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التونسية 2014 ضد الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي، أصبح الباجي قائد السبسي أول رئيس منتخب ديمقراطيا بالاقتراع العام المباشر بعد الثورة. توفي يوم 25 يوليو 2019 قبل ستة أشهر من نهاية عهدته، هو أول رئيس تونسي يموت أثناء توليه زمام الحكم.
في 8 نوفمبر1959، تم تنظيم أول انتخابات رئاسيةوتشريعية. بعد ذلك تم تنظيم الانتخابات تقريبا في نفس اليوم، يعني يوم الأحد.[34]
منذ الانتخابات الأولى، كان بورقيبة المرشح الوحيد، حيث كان يتمتع بصفة زعيم الاستقلال والنضال الوطني. وبقي المترشح الوحيد في كل مرة حتى 1974، ولم يقف رصيده الانتخابي عن الارتفاع أين مر من 91% في 1959 إلى 99.85% في انتخابات 1974.[34] في 10 سبتمبر1974، شهدت تونس لأول مرة مرشح ثاني يواجه رئيس الجمهورية، حيث قام السياسي الشاذلي زويتن، رئيس الغرفة الفتية الاقتصادية التونسية، بإعلان ترشحه في تصريح صحفي، تبعه بيان من أعضاء جمعيته مستنكرين فيه ترشح رئيسهم. كما كان منتظرا، لم تقبل لجنة الانتخابات ترشحه. هذه الانتخابات كانت الأخيرة، حيث أعلن بورقيبة السنة الموالية، «الرئاسة مدى الحياة».[35]
أزيح بورقيبة عن الحكم في 7 نوفمبر1987 عبر انقلاب أبيض من قبل رئيس وزرائه زين العابدين بن علي، الذي عين نفسه رئيسا للجمهورية. أول انتخابات في عهد بن علي نظمت في 2 أبريل1989، وكان فيها أيضا المترشح الوحيد. وجب الانتظار 20 سنة حتى 1994، لرؤية المنصف المرزوقي، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان المنتهية ولايته وهو يعلن نيته الترشح لانتخابات 1994. يعتبر ثاني شخص حاول الترشح لمواجهة رئيس منتهية ولايته، ولكن لم يستطع جمع التوقيعات اللازمة للترشح، وتم سجنه لاحقا ومنعه من الحصول على جواز سفر تونسي. قام بن علي بتعديل الدستور لرؤية مرشحين آخرين بصفة رسميا، وكذلك لتمكينه من الترشح بصفة غير محدودة، وذلك في انتخابات 1999و2004و2009.
بعد الثورة التونسية في 2011 ضد نظام بن علي، تم الاعتماد على الفصل 56 من الدستور، وعين محمد الغنوشي رئيسا بصفة مؤقتة،[36] لكن هذا الأخير لم يتسنى له القيام بالقسم الرسمي أمام المجلس الدستوري، وسرعان ما اعتمد الفصل 57، أين عين فؤاد المبزع في 15 يناير رئيسا مؤقتا.[37] بعد ذلك، انتخب المجلس الوطني التأسيسي رئيس الجمهورية بطريقة غير مباشرة، انتخابا حرا وسريا بالأغلبية المطلقة لأعضائه في 12 ديسمبر2011. ترشح للمنصب 10 أشخاص، لم يستطع ثمانية منهم جمع التوقيعات ال15 اللازمة لقبول الترشح، ومترشح آخر لم يصل للسن القانونية للترشح،[38] ولم يلبي هذه الشروط سوى مترشح واحد وهو الحقوقي المنصف المرزوقي، الذي تحصل على 153 صوتا مع دعم تحالف الترويكا، و3 أصوات ضد و2 ممتنعين و44 صوت أبيض، ليصبح بذلك أول رئيس ديمقراطي في تونس.[38][39]
بعد إصدار الدستور الجديد في 2014، تم تعيين تاريخ أول انتخابات رئاسية مباشرة بعد الثورة في 23 نوفمبر2014. في 21 ديسمبر، وبعد الدورة الثانية من الانتخابات، فاز المترشح الباجي قائد السبسي بالرئاسية بنسبة 55.85%، أمام الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي الذي تحصل على 44.32%، وأصبح السبسي بذلك أول رئيس ينتخب ديمقراطية بطريقة مباشرة في تارية البلاد.[40]
شروط الترشح
الفصل 37 من القانون الانتخابي المعدل سنة 2024، الذي صدر عملا بأحكام الفصل 89 من دستور تونس 2022،[41] يسمح لكل ناخب دينه الإسلام، ويبلغ من العمر على الأقل 40 سنة، تونسي الجنسية، مولود لأب وأم تونسيين وجد لأب وجد لأم تونسيين وكلهم تونسيون دون انقطاع، بالترشح للانتخابات الرئاسية. إذا كان يحمل جنسية ثانية فلا بحق له الترشح. الفصل 38 من نفس القانون، يفرض على المترشح أن يجمع توقيعات 10 من أعضاء مجلس نواب الشعب أو 000 10 توقيع من الناخبين، ويمنع في نفس الوقت أن يوقع أحدهم لصالح مرشحين إثنين سواء من النواب أو الناخبين. الفصل 39 من القانون الانتخابي يشترط أخيرا تقديم مبلغ مالي يقدر ب000 10 دينار تونسي في خزينة الدولة، يمكن له أن يسترجعها إذا تحصل على أكثر من 3% من الأصوات المصرح بها. الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مكلفة بتقديم القائمة النهائية للمترشحين المقبولين بعد أربعة أيام كحد أقصى من غلق مدة قبول ملفات الترشح. يمكن الطعن بأي قرار لدى المحكمة الإدارية.
إحصائيات
الصورة الرسمية للحبيب بورقيبة، أول رئيس في البلاد وصاحب أطول مدة رئاسة.
«أقسم بالله العظيم أن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة ترابه ونظامه الجمهوري وأن أحترم القانون التأسيسي المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية وأن أسعى لحماية مصالح الوطن وضمان قيام دولة القانون والمؤسسات وفاء لأرواح الشهداء وتضحيات التونسيين على مرّ الأجيال وتجسيدا لأهداف الثورة».
«اقسم بالله العظيم ، ان احافظ على استقلال الوطن وسلامته ، و ان احترم دستور الدولة و تشريعها ، وان ارعى مصالح الوطن رعاية كاملة».[44]
تحديد المدة
حسب دستور 1959، فإن ولاية رئيس الجمهورية تدوم ل5 سنوات، ويمكن تجديدها لعدد غير محدود. لكن الحبيب بورقيبة في 1974 قام بإعلان نفسه رئيسا مدى الحياة وذلك عبر تعديل دستوري قام به المجلس.
بعد وصول زين العابدين بن علي للحكم عبر انقلاب 7 نوفمبر 1987، وعد بن علي بأنه لا رئاسة مدى الحياة، وعدل الدستور وحدد عدد الدورات بأربعة دورات رئاسية كأقصى حد، لكنه في 2002 قام بتعديل دستوري منح رئيس الجمهورية بالترشح لمنصب الرئاسة لعدد غير محدود، مما سمح له بالترشح بعد ذلك مرتين حتى هروبه من البلاد إثر الثورة التونسية في 2011.[27]
ينص الفصل 90 من دستور 2022،[45] على مدة الدورة الرئاسية ب5 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، وتكونان متصلتين أو منفصلتين. في حالة استقالة الرئيس قبل انتهاء مهامه، تعتبر الولاية الرئاسية الجارية كاملة.
وحسب نفس الفصل، في حالة تقديم رئيس الجمهورية استقالته كتابة إلى رئيس المحكمة الدستورية، أوفي حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، تجتمع المحكمة الدستورية فورا، وتقر الشغور النهائي، وتبلغ ذلك إلى رئيس المحكمة الدستورية الذي يتولى فورا مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.[53]
ينص الفصل 109، أنه في حالة الشغور النهائي يؤدي القائم بمهام رئيس الجمهورية اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعبوالمجلس الوطني للجهات و الاقاليم وعند الاقتضاء أمام المحكمة الدستورية في حالة حل المجلس.[53]
حسب الفصل 109، يمارس القائم بمهام رئيس الجمهورية، خلال الشغور الوقتي أو النهائي، المهام الرئاسية. ولا يحق له المبادرة باقتراح تعديل الدستور، أو اللجوء إلى الاستفتاء، أو حل مجلس نواب الشعب و المجلس الوطني للجهات و الاقاليم.[54]
وخلال المدة الرئاسية الوقتية يُنتخب رئيس جمهورية جديد لمدة رئاسية كاملة، كما لا يمكن تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.
إعفاء الرئيس
ينص الفصل 88 من الدستور السابق ، دستور 2014،[55] أنه يمكن لأغلبية أعضاء مجلس نواب الشعب المبادرة بلائحة معللة لإعفاء رئيس الجمهورية من أجل الخرق الجسيم للدستور، ويوافق عليها المجلس بأغلبية الثلثين من أعضائه، وفي هذه الصورة تقع الإحالة إلى المحكمة الدستورية للبت في ذلك بأغلبية الثلثين من أعضائها. ولا يمكن للمحكمة الدستورية أن تحكم في صورة الإدانة إلا بالعزل. ولا يُعفي ذلك من التتبعات الجزائية عند الاقتضاء. ويترتب على الحكم بالعزل فقدانه لحق الترشح لأي انتخابات أخرى.
أما في الدستور الحالي للبلاد دستور 2022 فلا يمكن عزل رئيس الجمهورية
المهام والسلطة والصلاحيات
العلم الخاص بالرئاسة.
نص دستور 2022 على ممارسة رئيس الجمهورية للسلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يراسها رئيس الحكومة، لذلك يتولى رئيس الجمهورية تعيين اعضاء الحكومة و رئيسها ، ورسم السياسات العامة في البلاد ، كما يتولى ايضا تعيين القيادات العليا المدنية و العسكرية.[56]
ولدى رئيس الجمهورية صلاحيات:
حل مجلس نواب الشعب في أي وقت، لكنه لا يستطيع حله في أول 6 أشهر من نيل ثقة أول حكومة، أو في آخر 6 أشهر من المدة النيابية أو الرئاسية.
إعلان الحرب وإبرام السلم بعد موافقة مجلس نواب الشعب بأغلبية ثلاثة أخماس أعضائه، وإرسال قوات إلى الخارج بموافقة رئيسي مجلس نواب الشعب والحكومة على أن ينظر المجلس في الأمر بعد ذلك.
اتخاذ التدابير التي تحتمها الحالة الاستثنائية، والإعلان عنها طبق الفصل 96.[57]
حسب الفصل 81 من الدستور،[59] فإن لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومةومجلس نواب الشعبوالمجلس الوطني للجهات و الاقاليم وإعلام رئيس المحكمة الدستورية. في هذه الحالة، لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب و مجلس الجهات و الاقاليم، كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة. عند إقرار هذه التدابير وعند انتهائها يتوجب على رئيس الجمهورية تقديم بيان للشعب.
الفصل 97 يعطي الحق لرئيس الجمهورية أن يعرض على الاستفتاء الشعبي مشاريع قوانين المتعلقة بالموافقة على المعاهدات، أو بالحريات وحقوق الإنسان، أو بالأحوال الشخصية.[60]
لرئيس الجمهورية أن يخاطب مجلس نواب الشعب و المجلس الوطني للجهات و الاقاليم (حسب الفصل 100).[61]
التعيينات
يتولى رئيس الجمهورية بأوامر رئاسية حسب الفصل 106:[62]
بعد الثورة التونسية في 2011، اعتاد رؤساء الجمهورية على المشاركة وتنظيم عدة احتفالات وطنية تخص أحداث تاريخية أو أعياد ميلاد هياكل ومؤسسات وطنية، وأهمها:
في 27 سبتمبر2005، أصدر بن علي بعد موافقة مجلس النواب قانونا ينظم امتيازات ومنافع رئيس الجمهورية بعد انتهاء مهامه.[73]
يتمتع إذا رئيس الجمهورية بعد انتهاء مهامه بجراية عمرية تعادل المنحة المخولة لرئيس الجمهورية المباشر، إلى جانب العديد من الامتيازات العينية منها محل سكن مؤثث وأعوان مكلفين بخدماته ومصاريف صيانته والمصاريف المتعلقة بالهاتف والتدفئة واستهلاك الماء والغاز والكهرباء، ووسائل النقل والأعوان المكلفين بالسياقة، والعناية الصحية اللازمة بالنسبة إليه وإلى قرينه وإلى أبنائه حتى بلوغهم سن الخامسة والعشرين. تعهد مهمة أمن وحماية الرئيس السابق وزوجته وأبنائه إلى الإدارة العامة المكلفة بأمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية، وكلها تساوي تلك التي يتمتع بها رئيس الجمهورية المباشر. في حالة وفاة الرئيس، تتمتع زوجته بجراية عمرية تساوي 80% من المنحة المخولة لرئيس الجمهورية المباشر تضاف إليها 10% عن كل ابن قاصر، وتبقى لها ولأبنائها الامتيازات العينية والعناية الصحية التي كان يتمتع بها الرئيس المتوفي. في حالة وفاة رئيس الجمهورية وقرينه، يتمتع أبناؤهما بجراية عمرية تساوي 50% من المنحة المخولة لرئيس الجمهورية المباشر وذلك إلى حد بلوغ كل واحد منهم سن الخامسة والعشرين، وإذا كان عدد هؤلاء الأبناء والبنات ثلاثة أو أكثر تسند لهم جراية جملية تساوي المنحة المخولة لرئيس الجمهورية المباشر يتم توزيعها عليهم بالتساوي.[73]
في 22 سبتمبر2015، أصدر الباجي قائد السبسي بعد مصادقة مجلس نواب الشعب قانونا يتعلق بالمنافع المخولة لرؤساء الجمهورية بعد انتهاء مهامهم، ملغيا بذلك قانون بن علي الصادر في 2005، تماشيا مع النظام الجديد في البلاد.[74]
يعطي هذا القانون الرئيس المنتهية مهامه الحق في جراية عمرية تعادل المنحة الجملية الشهرية المخولة لرئيس الجمهورية المباشر، ومنحة سكن في حدود 000 3 دينار تونسي شهريا ويتم الترفيع فيها بنسبة 5% كل 3 سنوات. له الحق أيضا في سيارة (قوتها من 10 إلى 16 خيول) معها سائق و500 لتر من الوقود شهريا، إضافة إلى عون خدمات. يتمتع الرئيس وزوجته وأبناؤه بالعناية الصحية اللازمة وتتعهد بمصاريفها الدولة كليا. توفر له الحماية الأمنية داخل تراب الجمهورية التونسية بالنسبة إليه وإلى زوجته وأبنائه القصر، وتيسر ظروف إقامته في الخارج من قبل البعثات الدبلوماسية التونسية. ينتهي التمتع بالجراية العمرية وبكل الامتيازات ماعدا الحماية الأمنية والرعاية الصحية في صورة تعيينهم أو انتخابهم للقيام بمهام عمومية أو في صورة ممارستهم لنشاط مهني بمقابل يشكل دخلا قارا. عند وفاة رئيس الجمهورية ينتفع قرينه الباقي على قيد الحياة وأبناؤه بجرايات الأرامل والأيتام وفق نظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي. استثنى القانون الانتفاع بأحكامه كل رئيس جمهورية يصدر في شأنه حكم بات قاض بإدانته من أجل الخيانة العظمى أو التعذيب أو جريمة ضد الإنسانية أو اختلاس أموال عمومية أو تدليس أو تخلى عن مهامه بغير الصيغ القانونية.[74]
الفصل 93 من الدستور التونسي يحدد المقر الرسمي لرئاسة الجمهورية في تونس العاصمة، ولكن يمكنه أيضا في الظروف الإستثنائية التنقل لأي مكان آخر من تونس.[75]
عند إنشاء منصب رئاسة الجمهورية، كان مقر رئاسة الجمهورية ولسنوات قليلة في قصر السعادة في ضاحية المرسى. ثم انتقل مباشرة لمدينة قرطاج في الضواحي أيضا وتحديدا في قصر قرطاج وذلك إلى اليوم. الحبيب بورقيبة كان يملك قصرا خاصا في مدينة المنستير وهو قصر صقانس، ولكنه الآن تحت ملك الدولة التونسية. زين العابدين بن علي كان يملك أيضا عدة قصور خاصة في تونس العاصمة وضواحيها، ولكن بعد الثورة التونسية أصبحت تحت ملك الدولة ومحل مصادرة.
المقر الرسمي للرئاسة هو قصر قرطاج ويسمى أيضا قصر الجمهورية، وهو مجمع رئاسي يمتد على حوالي 40 هكتارا، ويحتوي على دار الضيافة المخصصة للاحتفالات، ويتكون أيضا من دار السلام، وهي مقر الإقامة الرسمية لرئيس الجمهورية.[76]
لدى رئاسة الجمهورية أربعة إقامات: القصر الرئاسي بمرناق، القصر الرئاسي بعين دراهم، القصر الرئاسي بالحمامات (دار الخير)، القصر الرئاسي بقربص.[76]
يوجد أربعة قصور أخرى كانت على ملك الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، أصبحت على ملك وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بعد الثورة التونسية في 2011 وهي: قصر سيدي الظريف (في سيدي بوسعيد)، قصر أوتيك، قصر ياسمين الحمامات، قصر خليج الملائكة في مرسى القنطاوي.[76]
اشترى الرئيس زين العابدين بن علي في 1999، طائرة أولى من نوع بوينغ 737-700 (BBJ)، تعرف تحت تسجيل TS-IOO (أوسكار أوسكار) وقادرة على قطع مسافة 600 16 كم دون توقف. هذه الطائرة هي التي امتطاها بن علي وعائلته للتوجه بها نحو السعودية عند سقوط نظامه في 2011.[77] عرضت هذه الطائرة للبيع من قبل الخطوط التونسية في 2011،[78] ولم يشتريها أي شخص أو جهة، وذلك حتى 2015 أين أعلنت الرئيسة المديرة العامة للخطوط التونسية سارة رجب عن تراجعهم عن ذلك، وأصبحت هذه الطائرة في خدمة رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومةورئاسة مجلس نواب الشعب.[79]
الطائرة الرئاسية الثانية اشتراها بن علي في 2009 بسعر 110 مليون دولار أمريكي (أي 250 مليون دينار تونسي)،[80] وهي طائرة من نوع إيرباص إيه 340-500، وعهدت مباشرة لشركة لوي فيتون لتجديدها من الداخل كليا لتصبح طائرة رئاسية بديكورات فخمة وذلك بسعر 75 مليون دولار،[80] ولكن عند سقوط نظام بن علي في 2011 إثر الثورة التونسية، بقيت الطائرة رابضة في مطار بوردو ميرينياك (فرنسا) واستعملت مرة واحدة في رحلة خاصة من قبل ليلى الطرابلسي وعائلتها (وهي زوجة بن علي) وذلك نحو السيشل،[81] عرضت الطائرة للبيع بعد الثورة مباشرة من قبل الخطوط التونسية،[78][82] ثم في 4 ديسمبر2016، أعلنت الخطوط التونسية أنها توصلت لعقد بيع الطائرة لشركة لم تعلن عنها بمبلغ يناهز 80 مليون دولار أمريكي (أي 181 مليون دينار تونسي).[80]
بعد الثورة التونسية، استعمل كبار المسؤولين التونسيين (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان) في بعض الأوقات الطائرة الرئاسية الأولى بوينغ 737-700.[81] ولكن اشتروا في أوقات أخرى عدة طائرات خاصة، منها طائرة من نوع داسو فالكون 900[81] التي اشتراها رجل الأعمال التونسي محمد الفريخة في 2013 بعد مصادرتها من مالكها الأول محمد صخر الماطري، صهر بن علي.[83]
بعد الثورة التونسية، وأثناء رئاسة المنصف المرزوقي بين أواخر 2011و2014، أنشأ المرزوقي حوارات قرطاج وهي ندوات علمية ودينية وثقافية وسياسية يستضيف فيها الرئيس في كل مرة شخصية معروفة وطنية أو دولية وتقدم محاضرة في أحد المواضيع بحضور العشرات من الشخصيات تونسية والسفراء الأجانب في تونس ومختصين. وكانوا المحاضرين كالآتي:
رئيس الدولة هو غير مسؤول سياسياً: التعديل الدستوري في 1997، أشار إلى أن رئيس الجمهورية لا يجب عليه الاستقالة إذا كان في نزاع مع مجلس النواب ويقبل فقط استقالة الحكومة. التعديل الدستوري في 2002، أقر عدم المسؤولية الجنائية للرئيس، أين يتمتع الرئيس بحصانة قضائية أثناء ممارسته مهامه وبعدها أيضاً، وذلك فيما يخص ما قام به من أعمال أثناء ولايته.[100]
التعديل الدستوري لا يمنع الرئيس من المرور على العدالة، ولكن يرجع القرار للقاضي في تحديد كون العمل خاص أو عام وهل له علاقة بالرئاسة أم لا. من جهتها المحكمة العليا تم تأسيسها فقط لتنظر في تهمة الخيانة العظمى لأعضاء الحكومة ولكن ليس الرئيس بالرغم من الجدال الذي وقع بين أعضاء المجلس التأسيسي 1956. قضية إساءة استعمال السلطة لأغراض الثراء تم نقاشها أيضاً من قبل هذا المجلس، ولكن لا يجود أي فصل يحدد مسؤولية الرئيس وأعضاء الحكومة في الدستور.
من جهة أخرى، في سبتمبر2005، قام مجلس النواب بسن قانون يعطي الرئيس امتيازات عند انتهاء مهامه ولعائلته عند وفاته. الرئيس زين العابدين بن علي كان بإمكانه التمتع بجراية شهرية وامتيازات تعادل التي كان يملكها أثناء الرئاسة (سكن، خدم، خدمات صحية). كما يعطي هذا القانون لزوجة الرئيس وأبنائه نفس الحقوق، وبالنسبة للأبناء لعمر 25 سنة حتى في حالة وفاة الرئيس وزوجته.
بعد 2011
نص الدستور الجديد في 2022، أن رئيس الجمهورية يتمتع بالحصانة طيلة توليه الرئاسة، وتعلق في حقه كافة آجال التقادم والسقوط، ولكن يمكن إستئناف القضايا والإجراءات بعد انتهاء مهامه.
لكن لا يسال رئيس الجمهورية عما قام به أثناء فترة رئاسته وهو ما كان منصوصا عليه في الدستور السابق لسنة 2014.
لعبت السيدة الأولى في تونس بين الاستقلال في 1956والثورة التونسية عام 2011 دورا هاما وصل أحيانا للتدخل في شؤون الدولة من تعيينات ومحاكامات. لكن بعد الثورة التونسية، رأى هذا المنصب ندرة نشاطه بصفة كبيرة، حيث كان هناك غياب طويل لزوجة المنصف المرزوقي واقتصر وجودها على استقبال رئاسي وزيارة خارجية وحيدين، معللاً ذلك بأنه يفضل عدم الخلط بين السياسة والشؤون العائلية. كذلك غابت الأعمال الخيرية التي اعتادت متهملة هذا المنصب بالقيام بها.
شهدت تونس 9 سيدات أولى لأربع رؤساء وواحدة لرئيس مؤقت. كان لبورقيبة وبن علي زوجتين لكلاهما أثناء تحمل هذا المنصب، وزوجة واحدة لكل من المبزع والمرزوقي والسبسي ومحمد الناصر وقيس سعيد.
^Algérie. Le passé, l’Algérie française, la révolution (1954-1958)، جاك سيمون، دار نشر لارماتون، باريس، الصفحة 286.
^ ابجمن الملكية الدستورية إلى الجمهورية، حاتم بن عزيزة، رياليتي/حقائق، العدد 762، 27 يوليو 2000.
^آخر أيام الملكية، فيصل الشريف، رياليتي/حقائق، العدد 1126، 26 يوليو 2007.
^ ابLe régime constitutionnel de la Tunisie : la Constitution du 1er juin 1959، فيكتور سيلفيرا، المجلة الفرنسية للعلوم السياسية، 1960، المجلد 10، العدد 2، الصفحة 378.
^ ابHabib Bourguiba. Un homme, un siècle، بيار ألبان مارتال، دار نشر جاغوار، باريس، 1999، الصفحة 69.
^ اب25 يوليو 1957، وأسس بورقيبة الجمهورية، رياليتي/حقائق، العدد 917، 24 يوليو 2003.
^Le mouvement marocain des droits de l’homme : entre consensus national et engagement citoyen، مارغريت رولاند، دار نشر كارتالا، باريس، 2002، الصفحة 108.