أَبُو الطَّيِّب المُتَنَبِّي أحمَدُ بن الحُسَينِ الجُعْفِيُّ الكِنْدِيُّ الكُوفِيُّ (303- 354 هـ / 915- 965 م) شاعر مُجيد لقِّب بشاعرِ العَرَب، ومالئ الدُّنيا وشاغل الناس، له مكانة سامية لم تُتَح لغيره من شعراء العرب بعد الإسلام، فيوصف بأنه نادرة زمانه،[2] وأعجوبة عصره، وظلَّ شعره إلى اليوم مصدرَ إلهام للشعراء والأدباء. وهو شاعر حكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. وتدور معظم قصائده حول نفسه ومدح الملوك. ظهرت موهبتُه الشعرية مبكِّرًا؛ فقد قال الشعرَ صبيًّا، ونظمَ أولَ أشعاره وعمره 9 سنوات، واشتَهَر بحدَّة الذكاء واجتهاده.[3][4][5]
وكان المتنبِّي ذا كبرياء وشجاعة وطموح ومُحبًّا للمغامرات، وكان في شعره يعتزُّ بعروبته، ويفتخرُ بنفسه، وأفضلُ شعرهِ في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك، إذ جاء بصياغة قوية مُحكَمة. وكان شاعرًا مبدعًا محلِّقًا غزيرَ الإنتاج، يُعَد مفخرةً للأدب العربي، فهو صاحبُ الأمثال السائرة والحِكَم البالغة والمعاني المبتكَرة. وجد الطريق أمامه أثناء تنقُّله مهيَّأً لموهبته الشعرية الفائقة لدى الأمراء والحكَّام، إذا تدور معظم قصائده على مدحهم. ولا يقوم شعرُه على الصَّنعة والتكلُّف، لتفجُّر أحاسيسه وامتلاكه ناصية اللغة والبيان، ممَّا أضفى عليه لونًا من الجمال والعذوبة. ترك تراثًا عظيمًا من الشعر القويِّ الواضح، بلغ قرابة 326 قصيدة، تمثِّل عنوانًا لسيرة حياته، صوَّر فيها الحياة في القرن الرابع الهجري أوضحَ تصوير، ويُستدَلُّ بها على جريان الحكمة على لسانه، ولا سيَّما في قصائده الأخيرة التي بدا فيها وكأنه يودِّع الدنيا عندما قال: أبْلَى الهوى بَدَني.
شهدت الحِقبةُ التي نشأ فيها أبو الطيب تفكُّك الدولة العباسية وتناثر الدويلات الإسلامية التي قامت على أنقاضها، فكانت مرحلةَ نُضْج حضاري وتصدُّع سياسي، واضطراب وصراع عاشها العربُ والمسلمون. فالخلافة في بغداد انحسَرت هيبتُها والسلطان الفعليُّ في أيدي الوزراء وقادة الجيش ومعظمهم من غير العرب! ثم ظهرت الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام، وتعرَّضت الحدود لغزَوات الروم والصراع المستمرِّ على الثغور الإسلامية، ثم ظهرت الحرَكاتُ الدموية في العراق كحركة القرامطة وهجَماتهم على الكوفة. كان لكل وزير ولكل أمير في الكِيانات السياسية المتنافسة مجلسٌ يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلةَ دعاية وتفاخر، ووسيلةَ صلة بينه وبين الحكَّام والمجتمع، فمن انتظمَ في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفقَ معهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلًا يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعرًا معروفًا استقبله المقصود الجديد، وأكبرَه لينافس به خصمَه أو ليفخرَ بصوته.
في هذا العالم المضطرب كانت نشأة أبي الطيِّب، الذي وعَى بذكائه الفِطري وطاقته المتفتِّحة حقيقةَ ما يجري حوله، فأخذ بأسباب الثقافة مستغلًّا شغَفَه في القراءة والحفظ، فكان له شأنٌ في مستقبل الأيام أثمر عن عبقرية في الشعر العربي. كان في هذه المرحلة يبحث عن شيء يُلِحُّ عليه في ذهنه، أعلنه في شعره تلميحًا وتصريحًا حتى أشفقَ عليه بعضُ أصدقائه وحذَّروه مَغَبَّة أمره، حذَّره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في دهوك فلم يستمع له وإنما أجابه: (أبا عبد الإله معاذ إني) إلى أن انتهى به الأمر إلى السجن.
أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي، وجده جعفي، هو ابن سعد العشيرة من مَذحِج، وكندة التي يُنسب إليها، محلة بالكوفة وليست كندة القبيلة. ولد المتنبي في الكوفة ونشأ فيها وإليها نُسِب.[6][7][8]
ظل باحثًا عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في أنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 هـ، واتصل بسيف الدولة ابن حمدان، أمير وصاحب حلب، سنة 337 هـ وكانا في سن متقاربة، فوفد عليه المتنبي وعرض عليه أن يمدحه بشعره على ألا يقف بين يديه لينشد قصيدته كما كان يفعل الشعراء فأجاز له سيف الدولة أن يفعل هذا وأصبح المتنبي من شعراء بلاط سيف الدولة في حلب، وأجازه سيف الدولة على قصائده بالجوائز الكثيرة وقربه إليه فكان من أخلص خلصائه وكان بينهما مودة واحترام، وخاض معه المعارك ضد الروم، وتعد سيفياته أصفى شعره. غير أن المتنبي حافظ على عادته في إفراد الجزء الأكبر من قصيدته لنفسه وتقديمه إياها على ممدوحه، فكان أن حدثت بينه وبين سيف الدولة فجوة وسعها كارهوه وكانوا كثرًا في بلاط سيف الدولة.
ازداد أبو الطيب اندفاعًا وكبرياء واستطاع في حضرة سيف الدولة في حلب أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرمًا مميزًا عن غيره من الشعراء في حلب. وهو لا يرى إلا أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظنون أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة، إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده، إلا أنه مطمئن إلى إمارة حلب العربية الذي يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعدًا وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضًا هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحيانًا بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه. ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية، إذ لم يكن يحسن مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان.
وفي المواقف القليلة التي كان المتنبي مضطرا لمراعاة الجو المحيط به، فقد كان يتطرق إلى مدح آباء سيف الدولة في عدد من القصائد، ومنها السالفة الذكر، لكن ذلك لم يكن إعجابا بالأيام الخوالي وإنما وسيلة للوصول إلى ممدوحه، إذ لا يمكن فصل الفروع عن جذع الشجرة وأصولها كقوله:
من تغلب الغالبين النّاس منصبه
ومن عدّي أعادي الجبن والبخل
خيبة الأمل وجرح الكبرياء
أحس بأن صديقه بدأ يتغير عليه، وكانت الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض عنه، وتنقل إلى سيف الدولة بأشياء لا ترضي الأمير. وبدأت المسافة تتسع بين الشاعر والأمير، ولربما كان هذا الاتساع مصطنعًا إلا أنه اتخذ صورة في ذهن كل منهما. وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية الأمير، وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ يشعر بأن فردوسه الذي لاح لهُ بريقه عند سيف الدولة لم يحقق السعادة التي نشدها. وأصابته خيبة الأمل لاعتداء ابن خالويه عليه بحضور سيف الدولة حيث رمى دواة الحبر على المتنبي في بلاط سيف الدولة، فلم ينتصف له سيف الدولة، ولم يثأر له الأمير، وأحس بجرح لكرامته، لم يستطع أن يحتمل، فعزم على مغادرته، ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه، وإنما أراد أن يمضي بعزمه. فكانت مواقف العتاب الصريح والفراق، وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة 345 هـ ومنها: (لا تطلبن كريمًا بعد رؤيته). بعد تسع سنوات ونصف في بلاط سيف الدولة جفاه الأمير وزادت جفوته له بفضل كارهي المتنبي ولأسباب غير معروفة قال البعض أنها تتعلق بحب المتنبي المزعوم لخولة شقيقة سيف الدولة التي رثاها المتنبي في قصيدة ذكر فيها حسن مبسمها، وكان هذا مما لا يليق عند رثاء بنات الملوك، وانكسرت العلاقة الوثيقة التي كانت تربط سيف الدولة بالمتنبي.
فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له، وإنما كره الجو الذي ملأه حساده ومنافسوه من حاشية الأمير. فأوغروا قلب الأمير، فجعل الشاعر يحس بأن هوة بينه وبين صديقه يملؤها الحسد والكيد، وجعله يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت كبرياؤه للضيم، فغادر حلب، وهو يكن لأميرها الحب، لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب، ولم يقف منه موقف الساخط المعادي، وبقيت الصلة بينهما بالرسائل التي تبادلاها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة وبعد ترحاله في بلاد عديدة بقي سيف الدولة في خاطر ووجدان المتنبي.
ثم مدح كافورًا الإخشيدي وأبا شجاع، وأقام في مصر ردحًا من الزمن يرقب الفرصة من كافور فيصعد المجد على كاهله، فمما قال فيه:
حتى أوجس كافور منه خيفة، لتعاليه في شعرهِ وطموحهِ إلى الملك، فزوى عنه وجهه، فهجاه وقصد بغداد، وكان خروجه من مصر في يوم عيد، وقال يومها قصيدته الشهيرة التي ضمنها ما بنفسه من مرارة على كافور وحاشيته، والتي كان مطلعها:
عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم لأمر فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيدا دونها بيد
وفي القصيدة هجوم شرس على كافور وأهل مصر بما وجد منهم من إهانة لهُ وحط منزلته وطعن في شخصيته، ثم إنه بعد مغادرته لمصر قال قصيدةً يصف بها المنازل التي في طريقه وكيف أنه أقام بقطع القفار والأودية المهجورة التي لم يسلكها أحد، وفي مطلعها يصف ناقته:
ألا كل ماشية الخيزلى
فدى كل ماشية الهيذبى
وكل نجاة بجاوية
خنوف وما بي حسن المشى
ضربت بها التيه ضرب القما
فإما لهذا وإما لذا
إذا فزعت قدمتها الجياد
وبيض السيوف وسمر القنا
وفيها يصف المنازل في طريقه:
وجابت بُسيطة جوب الرَّداء
بين النَّعَام وبين المها
إلى عُقدة الجوف حتى شَفَت
بماء الجُرَاوِيّ بعض الصدا
ولاحَ لها صورٌ والصَّبَاح
ولاحَ الشَّغور لها والضَّحَا
وهي قصيدة يميل فيها المتنبي إلى حد ما إلى الغرابة في الألفاظ ولعله يرمي بها إلى مساواتها بطريقه.
وذكر في قصائده بعض المدن والمواضع الواقعة ضمن الحدود الإدارية لدُومة الجندل، والتي منها:
حَتّامَ نحنُ نُساري النّجمَ في الظُّلَمِ
ومَا سُرَاهُ على خُفٍّ وَلا قَدَمِ
وَلا يُحِسّ بأجْفانٍ يُحِسّ بهَا
فقْدَ الرّقادِ غَريبٌ باتَ لم يَنَمِ
تُسَوِّدُ الشّمسُ منّا بيضَ أوْجُهِنَا
ولا تُسَوِّدُ بِيضَ العُذرِ وَاللِّمَمِ
وَكانَ حالهُمَا في الحُكْمِ وَاحِدَةً
لوِ احتَكَمْنَا منَ الدّنْيا إلى حكَمِ
وَنَترُكُ المَاءَ لا يَنْفَكّ من سَفَرٍ
ما سارَ في الغَيمِ منهُ سارَ في الأدَمِ
لا أُبْغِضُ العِيسَ لكِني وَقَيْتُ بهَا
قلبي من الحزْنِ أوْ جسمي من السّقمِ
طَرَدتُ من مصرَ أيديهَا بأرْجُلِهَا
حتى مَرَقْنَ بهَا من جَوْشَ وَالعَلَمِ
تَبرِي لَهُنّ نَعَامُ الدّوّ مُسْرَجَةً
تعارِضُ الجُدُلَ المُرْخاةَ باللُّجُمِ
ولمّا وصل إلى بسيطة، رأى بعض غلمانه ثورًا فقال: هذه منارة الجامع ورأى آخر نعامة برية فقال: هذه نخلة، فضحك أبو الطيب وقال:
بُسيطة مهلًا سُقيت القطارا
تركت عيون عبيدي حيارا
فظنوا النعام عليك النخيل
وظنوا الصوار عليك المنارا
فأمسك صحبي بأكوارهم
وقد قصد الضحك فيهم وجارا
ومما قاله في مصر ولم ينشدها الأسود ولم يذكره فيها، وفيها يشكو معاناته من الزمن:
صَحِبَ النّاسُ قبلَنا ذا الزمانا
وعَناهُم من شأنِه ما عنانـا
وتولّوا بغصّةٍ كلّهم منْه
وإن سـرّ بعضـَهم أحيــانـا
رُبما تُحسِنُ الصّنيع لَيَالِيـ
ـهِ ولكِن تكدّرُ الإحْسَانا
وكأنّا لم يرض فينا بريب الـد
ـدهر حتى اعانَه من اعانـا
كلّما انبتَ الزمان قناةً
ركّبَ المرءُ في القناةِ سِنَانـا
ومرادُ النفوسِ اصغر من أن
نتـعـادى فيه وأن نتـفـانـى
غيرَ أنّ الفتى يلاقي المنــــايـــا
كالـــحاتٍ ولا يـلاقي الهوانا
ولو أنّ الحياةَ تبقى لحي
لــعددنا أضـّـلّـنا الشجــعانــا
وإذا لم يكن من المــوتِ بدٌّ
فمن العجزِ أن تكون جبانا
كل مالم يكن من الصعب في الأنـــ
ــفس سهل فيها إذا هو كانا
لم يكن سيف الدولةوكافور هما من اللذان مدحهما المتنبي فقط، فقد قصد أمراء بلاد الشاموالعراق وفارس. وبعد عودته إلى الكوفة، زار بلاد فارس، فمر بأرجان، ومدح فيها ابن العميد، وكانت لهُ معه مساجلات، ومدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز وذلك بعد فراره من مصر إلى الكوفة ليلة عيد النحر سنة 350هـ.
شعره وخصائصه الفنية
شعر المتنبي كان صورة صادقة لعصره، وحياته، فهو يحدث عما كان في عصره من ثورات واضطرابات، ويدل على ما كان به من مذاهب وآراء، ونضج العلم والفلسفة. كما يمثل شعره حياته المضطربة: فذكر فيه طموحه وعلمه، وعقله وشجاعته، وسخطه ورضاه، وحرصه على المال، كما تجلت القوة في معانيه وأخيلته، وألفاظه وعباراته. وقد تميز خياله بالقوة والخصابة فكانت ألفاظه جزلة، وعباراته رصينة تلائم قوة روحه، وقوة معانيه، وخصب أخيلته، وهو ينطلق في عباراته انطلاقًا ولا يعنى فيها كثيرًا بالمحسنات والصناعة. ويقول الشاعر العراقي فالح الحجية في كتابه في الأدب والفن أن المتنبي يعتبر وبحق شاعرالعرب الأكبر عبر العصور.
أغراضه الشعرية
المدح الإخشيدي، وقصائده في سيف الدولة تبلغ ثلث شعره أو أكثر، وقد استكبر عن مدح كثير من الولاة والقادة حتى في حداثته. ومن قصائده في مدح سيف الدولة:
أجاد المتنبي وصف المعارك والحروب البارزة التي دارت في عصره وخاصة في حضرة وبلاط سيف الدولة، فكانت أشعره تعتبر سجلًا تاريخيًا. كما أنه وصف الطبيعة وأخلاق الناس ونوازعهم النفسية، كما صور نفسه وطموحه. وقد قال يصف شِعب بوَّان، وهو منتزه بالقرب من شيراز:
مَغَاني الشِّعْبِ طِيبًا في المَغَاني
بمَنْزِلَةِ الرّبيعِ منَ الزّمَانِ
وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيّ فِيهَا
غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ وَاللّسَانِ
مَلاعِبُ جِنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا
سُلَيْمَانٌ لَسَارَ بتَرْجُمَانِ
طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى
خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ
غَدَوْنَا تَنْفُضُ الأغْصَانُ فيهَا
على أعْرافِهَا مِثْلَ الجُمَانِ
فسِرْتُ وَقَدْ حَجَبنَ الحَرّ عني
وَجِئْنَ منَ الضّيَاءِ بمَا كَفَاني
وَألْقَى الشّرْقُ مِنْهَا في ثِيَابي
دَنَانِيرًا تَفِرّ مِنَ البَنَانِ
لها ثمر تشـير إليك منـه
بأَشربـةٍ وقفن بـلا أوان
وأمواهٌ يصِلُّ بها حصاهـا
صليل الحَلى في أيدي الغواني
إذا غنى الحمام الوُرْقُ فيها
أجابتـه أغـانيُّ القيـان
وقال يعاتب سيف الدولة ويفخر بنفسه وشعره في قصيدة وا حر قلباه:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها ويختصم
وجاهل مده في جهله ضحكي
حتى أتته يد فراسة وفم
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن أن الليث يبتسم
ومهجة مهجتي من هم صاحبها
أدركته بجواد ظهره حرم
رجلاه في الركض رجل واليدان يد
وفعله ماتريد الكف والقدم
ومرهف سرت بين الجحفلين به
حتى ضربت وموج الموت يلتطم
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
الهجاء
لم يكثر الشاعر من الهجاء. وكان في هجائه يأتي بحكم يجعلها قواعد عامة، تخضع لمبدأ أو خلق، وكثيرًا ما يلجأ إلى التهكم، أو استعمال ألقاب تحمل في موسيقاها معناها، وتشيع حولها جو السخرية بمجرد اللفظ بها، كما أن السخط يدفعه إلى الهجاء اللاذع في بعض الأحيان. وقال يهجو طائفة من الشعراء الذين كانوا ينفون عليه مكانته:
أفي كل يوم تحت ضِبني شُوَيْعرٌ
ضعيف يقاويني، قصير يطاول
لساني بنطقي صامت عنه عادل
وقلبي بصمتي ضاحكُ منه هازل
وأَتْعَبُ مَن ناداك من لا تُجيبه
وأَغيظُ مَن عاداك مَن لا تُشاكل
وما التِّيهُ طِبِّى فيهم، غير أنني
بغيـضٌ إِلىَّ الجاهـل المتعاقِـل
ومن قوله في هجاء كافور:
من أية الطرق يأتي مثلك الكرم
أين المحاجم ياكافور والجلم
جازا الأولى ملكت كفاك قدرهم
فعرفوا بك أن الكلب فوقهم
سادات كل أناس من نفوسهم
وسادة المسلمين الأعبد القزم
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
ألا فتى يورد الهندي هامته
كيما تزول شكوك الناس والتهم
فإنه حجة يؤذي القلوب بها
من دينه الدهر والتعطيل والقدم
ما أقدر الله أن يخزي خليقته
ولا يصدق قوما في الذي زعموا
بيد أن أبرز ما أتى به المتنبي على مستوى الهجاء كان القصيدة الشهيرة التي كتبها بعد فراره من مصر حيث استبقاه كافور الإخشيدي فيها قسرًا. وتعتبر قصيدة هجاء كافور من أكثر قصائد الهجاء قسوة. ومما جاء فيها:
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ
فَلَيتَ دونَكَ بيدًا دونَها بيدُ
لَولا العُلى لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها
وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ
وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً
أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ
لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي
شَيءً تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جيدُ
يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما
أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ
أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني
هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ
إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً
وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ
ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُ
أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ
أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِنًا وَيَدًا
أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ
إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ
عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ
جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ
مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ
ما يَقبِضُ المَوتُ نَفسًا مِن نُفوسِهِمُ
إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ
مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ
لا في الرِحالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ
أَكُلَّما اِغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ
أَو خانَهُ فَلَهُ في مِصرَ تَمهيدُ
صارَ الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها
فَالحُرُّ مُستَعبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ
نامَت نَواطيرُ مِصرٍ عَن ثَعالِبِها
فَقَد بَشِمنَ وَما تَفنى العَناقيدُ
العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ
لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ
لا تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ
إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ
ما كُنتُ أَحسَبُني أَحيا إِلى زَمَنٍ
يُسيءُ بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ
وَلا تَوَهَّمتُ أَنَّ الناسَ قَد فُقِدوا
وَأَنَّ مِثلَ أَبي البَيضاءِ مَوجودُ
وَأَنَّ ذا الأَسوَدَ المَثقوبَ مِشفَرُهُ
تُطيعُهُ ذي العَضاريطُ الرَعاديدُ
جَوعانُ يَأكُلُ مِن زادي وَيُمسِكُني
لِكَي يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقصودُ
إِنَّ اِمرَءً أَمَةٌ حُبلى تُدَبِّرُهُ
لَمُستَضامٌ سَخينُ العَينِ مَفؤودُ
وَيلُمِّها خُطَّةً وَيلُمِّ قابِلِها
لِمِثلِها خُلِقَ المَهرِيَّةُ القودُ
وَعِندَها لَذَّ طَعمَ المَوتِ شارِبُهُ
إِنَّ المَنِيَّةَ عِندَ الذُلِّ قِنديدُ
مَن عَلَّمَ الأَسوَدَ المَخصِيَّ مَكرُمَةً
أَقَومُهُ البيضُ أَم آبائُهُ الصيدُ
أَم أُذنُهُ في يَدِ النَخّاسِ دامِيَةً
أَم قَدرُهُ وَهوَ بِالفَلسَينِ مَردودُ
أَولى اللِئامِ كُوَيفيرٌ بِمَعذِرَةٍ
في كُلِّ لُؤمٍ وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ
وَذاكَ أَنَّ الفُحولَ البيضَ عاجِزَةٌ
عَنِ الجَميلِ فَكَيفَ الخِصيَةُ السودُ
كما ينسب له هذا البيت في وصف أكثر أهل الأرض في الذل.
وأوغلُ أهل الأرضُ في الذلِ أمةٌ
تضامُ ومنها لمن ضام جندُ
الحكمة
اشتهر المتنبي بالحكمة وذهب كثير من أقواله مجرى الأمثال لأنه يتصل بالنفس الإنسانية، ويردد نوازعها وآلامها. ومن حكمه ونظراته في الحياة:
كان المتنبي قد هجا ضبة بن يزيد الأسدي العيني بقصيدة شديدة الهجاء شنيعة الألفاظ وتحتوي على الكثير من الطعن في الشرف، مطلعها:
مَا أنصَفَ القَومُ ضبّة وَأمهُ الطرْطبّة
وإنّما قلتُ ما قُلــتُ رَحمَة لا مَحَبة
فلما كان المتنبي عائدًا إلى الكوفة، وكان في جماعة منهم ابنه محمد وغلامه مفلح، لقيه فاتك بن أبي جهل الأسدي، وهو خال ضبّة بن يزيد الأسدي الذي هجاه المتنبي، وكان في جماعة أيضًا. فتقاتل الفريقان وقُتل المتنبي وابنه مُحمد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول جنوب غرب بغداد.
قصة قتله أنه لما ظفر به فاتك أراد الهرب فقال له غلامه: أتهرب وأنت القائل:
كان ابن جني مُعجبًا بالمتنبِّي، ووصف فصاحته وطلاقته أنَّها «نور من عند الله عز وجل استودعه قلبه»، ودافع عنه ضُدَّ نُقاده، ووصفهم بـ«الجُهَّال».[10] ويُرجِع تهجُّم المعاصرين على المتنبي إلى الحسد. وما يمِيِّز شرح ابن جني عن بقيَّة الشروح هو أنَّه تمكَّن من اللقاء بالمتنبي والجلوس معه واستفساره عن أبياته، ما يجعل تفسيره أدقُّ من هذه الناحية عن بقيَّة الشروح. وابن جني هو أول من فطن إلى أنَّ المتنبي كان يهجو كافور الإخشيدي في قصائد ظاهرها المديح وباطنها الهجاء، في ازدواجيَّة علم ابن جني أنَّها مقصودة، وأنَّها من باب الدهاء والحذاقة، في حين ذمَّه نُقَّاد آخرون لردائة مديحه.[11]
التقى ابن جني بالمتنبي بحلب عند سيف الدولة الحمداني كما التقاه في شيراز، عند عضد الدولة وكان المتنبي يحترمه ويقول فيه: «هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس، وكان إذا سئل عن شيء من دقائق النحو والتصريف في شعره يقول: سلوا صاحبنا أبا الفتح». ويعد ابن جني أول من قام بشرح أشعار ديوان المتنبي وقد شرحه شرحين الشرح الكبير والشرح الصغير، ولم يصل إلينا في العصر الحديث سوى الشرح الصغير. كان ابن جني يثني دوما على المتنبي ويعبر عنه بشاعرنا فيقول: «وحدثني المتنبي شاعرنا، وماعرفته إلا صادقا». وكان كثير الاستشهاد بشعره وإذا سُئل المتنبي عن تفسير بعض أبياته كان يقول: «اسألوا ابن جني فإنه أعلم بشعري مني».
الجبايش الجبايش قضاء الجبايش في محافظة ذي قار اللقب الجبايش أم الأهوار تاريخ التأسيس 1959 (منذ 64 سنة) تقسيم إداري البلد العراق[1] المحافظة محافظة ذي قار نوع المنطقة قضاء المسؤولون قائممقامية بديع الخيون خصائص جغرافية إحداثيات 31°N 47°E / 31°N 47°E / 31; 47 المسا...
Deutsche RentenversicherungRheinland Sozialversicherung Gesetzliche Rentenversicherung Rechtsform Körperschaft des öffentlichen Rechts Zuständigkeit Regierungsbezirken Düsseldorf und Köln Sitz Düsseldorf Aufsichtsbehörde Ministerium für Arbeit, Gesundheit und Soziales des Landes Nordrhein-Westfalen Versicherte 8 Mio. (2010)[1] Rentner 1,4 Mio. Renten (2010)[1] Haushaltsvolumen 10,6 Mrd. (2010)[1] Website DRV Rheinland Sitz der Deutschen Rentenversicherung Rhein...
Titi Rio Mayo[1] Status konservasi Kritis (IUCN 3.1)[2] Klasifikasi ilmiah Kerajaan: Animalia Filum: Khordata Kelas: Mamalia Ordo: Primata Famili: Pitheciidae Genus: Callicebus Spesies: C. oenanthe Nama binomial Callicebus oenantheThomas, 1924 Persebaran geografi di Amerika Selatan Titi Rio Mayo (Callicebus oenanthe) adalah sebuah spesies titi, sebuah jenis dari monyet Dunia Baru, endemik di Peru. Titi Rio Mayo, sebelumnya dianggap memiliki persebaran asli yang kecil...
Ciudad de Asunción Entidad subnacionalBanderaEscudo Entidad Barrio • País ParaguayDirigentes • Intendente municipal Óscar Nenecho RodríguezSuperficie • Total 1.17 km²Altitud • Media 43 m s. n. m.Población • Total 5,582 hab. • Densidad 4,755 hab/km² Sitio web oficial [editar datos en Wikidata] Luis Alberto de Herrera es un barrio de la ciudad de Asunción, capital de la República del Paraguay. Caracter...
KintyreFull nameKintyre Camanachd ClubGaelic nameComann Camanachd Chinn TireFounded1985GroundThe Meadows Park, CampbeltownLeagueIn Abeyance Home Kintyre Camanachd is a shinty team from Campbeltown, Kintyre, Scotland. It no longer holds membership of the Camanachd Association and has not fielded a senior side or a ladies' side for several years. However, it has youth teams which compete from time to time. History Shinty was traditionally played, as in other Highland areas, at New Year. One gam...
Easter custom This article is about the greeting. For the troparion, see Paschal troparion. The resurrection of Jesus Christ from the dead, described in the New Testament as having occurred on the third day after his crucifixion at Calvary. Part of a series on theEastern Orthodox ChurchMosaic of Christ Pantocrator, Hagia Sophia Overview Structure Theology (History of theology) Liturgy Church history Holy Mysteries View of salvation View of Mary View of icons Background Crucifixion /...
Czech TV series or program The Fourth StarGenreComedyWritten byPetr KolečkoJan PrušinovskýMiroslav KrobotDirected byJan PrušinovskýMiroslav KrobotStarringVáclav NeužilIvan TrojanMartin MyšičkaCountry of originCzech RepublicOriginal languageCzechNo. of seasons1No. of episodes12ProductionRunning time28 minutesOriginal releaseNetworkCzech TelevisionRelease6 January (6 January 2014) –24 March 2014 (24 March 2014) Čtvrtá hvězda (The Fourth Star) is a Czech te...
Paramitha Widya KusumaS.E., M.M.Anggota Dewan Perwakilan Rakyat Republik IndonesiaPetahanaMulai menjabat 1 Oktober 2019PresidenJoko WidodoDaerah pemilihanJawa Tengah IX Informasi pribadiLahir18 Januari 1992 (umur 31)Brebes, Jawa TengahPartai politik PDI-PSuami/istriAhmad Saeful AnsoriHubunganIndra Kusuma (ayah)Anak2Alma materUniversitas Islam Sultan Agung Universitas PancasaktiPekerjaanPolitikusSunting kotak info • L • B Paramitha Widya Kusuma, S.E., M.M. (la...
Australian actress and dancer (born 1994) This biography of a living person needs additional citations for verification. Please help by adding reliable sources. Contentious material about living persons that is unsourced or poorly sourced must be removed immediately from the article and its talk page, especially if potentially libelous.Find sources: Xenia Goodwin – news · newspapers · books · scholar · JSTOR (September 2018) (Learn how and when to remo...
Puteri Indonesia BantenLogo Puteri IndonesiaPembuatMooryati SoedibyoNegara asal Banten, IndonesiaRilis asliRilis2001 –Sekarang Puteri Indonesia Banten adalah kontes regional yang diadakan di provinsi Banten untuk memilih perwakilan provinsi tersebut di kontes Puteri Indonesia, pemegang saat ini adalah Salsabila Dinitasari dari Tangerang Selatan. Persyaratan Persyaratan bagi peserta pemilihan Puteri Indonesia: Warga Negara Indonesia, berusia 18-26 tahun, belum menikah dengan tinggi...
The Girl Who Heard Dragons First edition coverAuthorAnne McCaffreyCover artistMichael WhelanCountryUnited StatesLanguageEnglishGenreScience fictionPublisherTor BooksPublication dateMay 1994Media typePrint (hardback & paperback)Pages352 pp.ISBN0-312-93173-5 The Girl Who Heard Dragons is a 1994 collection of short fantasy and science fiction stories by the American-Irish author Anne McCaffrey.[1] It opens with an essay on her celebrity, or lack thereof, and includes 23 dra...
У этого термина существуют и другие значения, см. Волга (значения). ГАЗ Volga Siber Общие данные Производитель ГАЗ Годы производства 2008—2010 Сборка ГАЗ (Нижний Новгород, Россия) Класс Средний Дизайн и конструкция Тип кузова 4‑дв. седан (5‑мест.) Платформа Chrysler JR41 Компоновка п...
Artikel ini tidak memiliki referensi atau sumber tepercaya sehingga isinya tidak bisa dipastikan. Tolong bantu perbaiki artikel ini dengan menambahkan referensi yang layak. Tulisan tanpa sumber dapat dipertanyakan dan dihapus sewaktu-waktu.Cari sumber: Toko cendera mata – berita · surat kabar · buku · cendekiawan · JSTOR Toko hadiah Museum County Campbell di Gillette, Wyoming Mok dan cangkir kaca di toko hadiah kebun binatang di Timur Laut Meksiko. Pap...
Infantry brigade of the Australian Army during the occupation of Japan 34th Brigade (Australia)Troops from the 34th Brigade march through Saijo in 1946Active1945–48Country AustraliaBranch Australian ArmyTypeInfantrySize~4,700 menPart ofBCOFInsigniaUnit colour patchMilitary unit The Australian 34th Brigade was an Australian Army brigade. The brigade was formed in late 1945 following the end of World War II as part of the Australian contribution to the British Commonwealth Occu...
Підземні води Шипіт — підземне джерело водопостачання Місце розташування підземелля[d] Наступник поверхневі води Отримані відзнаки Q1520885? (2022) Досліджується в гідрогеологія Протилежне поверхневі води Підземні води у Вікісховищі Підземні води — води, що містят...
Danielle Minogue, 2006 Danielle Jane Minogue (n. 20 octombrie, 1971) este o cântăreață-compozitoare australiană, personalitate de televiziune și ocazional actriță, model și designer. Minogue a devenit cunoscută la începutul anilor 1980 datorită rolurilor sale în emisiunile de la televiziunea australiană, înainte de a deveni vedetă pop la începutul anilor 1990. Este sora cântăreței și actriței Kylie Minogue. Discografie CD-uri Love & Kisses (1991) Get Into You (1993) ...
Administration of an estate on death This article is about administration of an estate on death. For other usages, see Administration (disambiguation). This article has multiple issues. Please help improve it or discuss these issues on the talk page. (Learn how and when to remove these template messages) The examples and perspective in this article may not represent a worldwide view of the subject. You may improve this article, discuss the issue on the talk page, or create a new article, as a...
For the later film, see There's Something About a Soldier (1943 film). This article relies largely or entirely on a single source. Relevant discussion may be found on the talk page. Please help improve this article by introducing citations to additional sources.Find sources: There's Something About a Soldier 1934 film – news · newspapers · books · scholar · JSTOR (October 2006) 1934 American filmThere's Something About a SoldierDirected byDave Fle...