أكثر من 400,000 (الإدعاء الروسي الرسمي) مصادر أخرى: يتراوح العدد بين ما لا يقل عن 600,000 (نسبة 3/4 من المجموع الكلي للشعب الشركسي)[2] -ليصل إلى 1,500,000 شخص كانوا قد قتلوا مع تعرض عدد مماثل للتهجير القصري.[3]
الإبادة الجماعية الشركسية هي عمليات تطهير عرقيوقتل جماعيوتهجير قسري[4] لحوالي 800,000–1,500,000 مسلم شركسي[3][5][6] (ما لا يقل عن 80-97٪ من مجموع السكان) وإبعاد لغالبية الشركس من موطنهم التاريخي في شركيسيا من قبل الإمبراطورية الروسية، وهي المنطقة التي تشغل مساحة واسعة من شمال القوقاز وشمال شرقي سواحل البحر الأسود. وقعت الإبادة الجماعية في أعقاب حرب القوقاز خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر.[7] تم تسجيل أنه خلال الأحداث، استخدمت القوات الروسيةوالقوزاق أساليب وحشية مختلفة للترفيه عن أنفسهم، مثل تمزيق بطون النساء الحوامل وإخراج الأطفال منها، ثم إطعام الأطفال للكلاب.[5][8] وصف الجنرالات الروس مثل غريغوري زاس الشركس بأنهم «قذارة بشرية»، وبرروا قتلهم واستخدامهم في التجارب العلمية[9] والسماح للجنود الروس باغتصاب الفتيات الشركسيات اللاتي يزيد عمرهن عن 7 سنوات.[10]
تهجر معظم الشركس إلى الدولة العثمانية.
تم تنفيذ عملية ترحيل كبيرة ضد من تبقى من السكان قبل نهاية الحرب عام 1864 واكتمل معظمها بحلول عام 1867.[12] قبلت نسبة صغيرة فقط التحول للمسيحية وإعادة التوطين داخل الإمبراطورية الروسية. وهكذا تم تفريق السكان الشركس المتبقين الذين رفضوا الاستسلام وإعادة توطينهم وتعذيبهم وقتلهم جماعيًا في معظم الأوقات.[13]
توفي عدد غير معروف من المرحلين أثناء العملية. توفي البعض بسبب انتشار الأوبئة بين حشود المرحلين أثناء انتظار المغادرة في الموانئ للوصول للدولة العثمانية. وقتل اخرون عندما غرقت سفن كانت تسير اثناء العواصف.[14] قدرت الحسابات بما في ذلك تلك التي تأخذ في الاعتبار الأرقام الأرشيفية للحكومة الروسية خسارة بنسبة 80٪ -97٪[15][16][17][18] من الأمة الشركسية في هذه العملية.
اعتبارًا من 2021[تحديث] كانت جورجيا الدولة الوحيدة التي اعترفت بالإبادة الجماعية الشركسية. ومع ذلك، فإن روسيا تنفي بنشاط الإبادة الجماعية الشركسية، وتصنف الأحداث على أنها هجرة بسيطة لـ «شعوب بربرية غير متطورة».[19][20] يواصل القوميون الروس في منطقة القوقاز الاحتفال بيوم 21 مايو من كل عام باعتباره «يوم الفتح المقدس»، عندما تم إطلاق الترحيل الشركسي. يحيي الشركس ذكرى يوم 21 مايو من كل عام كيوم حداد في ذكرى الإبادة الجماعية الشركسية. في 21 مايو، يملأ الشركس من جميع أنحاء العالم الشوارع ويحتجون على الحكومة الروسية، وتعتبر الرايات والأعلام الشركسية مشهدًا مألوفًا في مناطق معينة من المدن في اسطنبولوعمان خلال هذه الأحداث.[21][22]
خلفية تاريخية
بدأت الإمبراطورية الروسية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، علمًا أنها حاولت قبل ذلك في أوائل القرن الثامن عشر، سعيًا دؤوبًا لتوسيع أراضيها إلى الجنوب على حساب الإمبراطورية العثمانية المجاورة وإيران القاجارية، وعليه كان هدفها إدخال القوقاز في مجال حكمها. اتضح أن ضم بعض المناطق أسهل من غيرها، وكان ذلك مرهونًا إلى حد كبير بطبيعة الهيكليات السياسية المحلية. كان شرق جورجيا مثلًا الذي يضم منطقتي كارتلي وكاخيتي - أقوى المناطق الجورجية وأكثرها بروزًا - يخضع للهيمنة الإيرانية بين حين وآخر منذ عام 1555.[23]
وجدت روسيا نفسها لاحقًا، من خلال الوضع الجيوسياسي المضطرب في جورجيا داخل إيران القاجارية، قادرة على ضم شرق جورجيا في أوائل القرن التاسع عشر، وهو ما أُقر في معاهدة غولستان (1813). سعت روسيا إلى إخضاع منطقة القوقاز بأكملها تحت سيطرتها، باحتلال أرمينيا وأذربيجان القوقازية وجنوب داغستان، في حين استمالت طبقة النبلاء في مناطق أخرى مثل قبارديا السفلى وأجزاء من داغستان. على الرغم من أن الروس واجهوا في داغستان وجورجيا مقاومة كبيرة لعملية الدمج، فضلًا عن المقاومة العسكرية من قِبل حكومة إيميريتي المحلية، إلا أن المناطق التي رأوا صعوبة في ضمها كانت تلك التي لم تغزوها إمبراطوريات أجنبية من قبل ولم يكن فيها أي احتكارات محلية للسلطة – وهو حال معظم الأراضي الشركسية، حيث كانت مقاومة الدمج في الإمبراطورية الروسية الأكثر صلابةً.[1]
الصراع مع شركيسيا
كان الشركس، الذين اعتنقوا المسيحية من خلال التأثير البيزنطي بين القرنين الخامس والسادس، متحالفين عمومًا مع الجورجيين، وأراد كلاهما الحفاظ على علاقات جيدة مع الروس. على الرغم من وجود إسلامي صغير سابق في شركيسيا، إلا أن التحولات الكبيرة حدثت بعد عام 1717، عندما أمر السلطان مراد الرابع سكان القرم بنشر الإسلام بين الشركس، إذ شهد العثمانيون والقرم نجاحًا في التحويل الديني لأفراد الطبقة الأرستقراطية الذين سينشرون هذا الدين في النهاية بين تابعيهم؛ اكتسب الإسلام قاعدةً أكبر في وقت لاحق إذ بات التحول الديني توطيدًا للتحالفات الدفاعية من أجل حماية استقلالهم من التوسع الروسي.[24] على الرغم من ذلك، استمر وجود الوثنيين والمسيحيين بين الشعب الشركسي. كانت منطقة الأبزاخ التي حكمها محمد أمين وتتبع الشريعة الإسلامية، من أكبر المناطق المسلمة في شركيسيا. سُيست الاختلافات الدينية وأدت إلى الانقسام بين الشركس، باستخدام أمين للقوة العسكرية ضد الناتوخاي والشابسوغ في عام 1840، إذ لم يعتنق جميعهم الديانة الإسلامية.[25]
في شركيسيا، واجه الروس مقاومة غير منظمة ولكن مستمرة. في حين اعتقدت روسيا أنها تمسك بزمام السلطة في شركيسيا بناءً على تنازل العثمانيين عنها في معاهدة أدرنة عام 1829، إلا أن الشركس اعتبروها باطلة، بحجة أن أراضيهم كانت مستقلة عن العثمانيين، فلا يحق لإسطنبول التنازل عنها أساسًا. كانت العلاقات قبل القرن التاسع عشر بين الشركس والقوزاق ودية بتبادل تجاري واسع وتنفيذ هجمات مشتركة على الأتراك والقرميين. ومع ذلك، بعد تدفق أعداد كبيرة من المستوطنين القوزاق وتشييد سلسلة طويلة من الأسيجة ومفارز حرس المراقبة في عام 1792 والتي قطعت الشركس عن مراعيهم المتوارثة حول نهر كوبان، بدأ الشركس وغيرهم من شعوب القوقاز بمهاجمة المعسكرات الروسية بانتظام ثم التواري عن الأنظار. في الوقت نفسه، ومع انتشار المزيد من القوات الروسية في المنطقة، توجهوا إثر إدراكهم لاحتياجاتهم (بسبب صعوبة شحن المواد من الأراضي الروسية) إلى مداهمة القرى المحلية، مما أثار غضب السكان الأصليين الذين بدأوا سلسلة من عمليات الثأر. حارب الشركس الروس لفترة أطول من جميع شعوب القوقاز الأخرى، وذلك بين عامي 1763 و1864.[26][27]
حاول الجيش الروسي فرض سيطرته من خلال بناء سلسلة من الحصون، لكن هذه الحصون أصبحت بدورها أهدافًا جديدة للغارات، وفي بعض الأحيان استولى سكان المرتفعات على هذه الحصون وأحكموا قبضتهم عليها.[28] بحلول عام 1816، استخلص القادة العسكريون مثل الجنرال أليكسي يرمولوف على إثر الاشتباك الروسي مع الشركس أن «الترويع» سيكون ناجعًا في حماية الحدود أكثر من بناء الحصون لأن «الاعتدال في نظر الآسيويين علامة ضعف». تحت قيادة يرمولوف، بدأ الجيش الروسي باستخدام إستراتيجية الانتقام المفرط في غاراته. بهدف فرض الاستقرار والسلطة على منطقة القوقاز بأكملها، ردت القوات الروسية بتدمير القرى التي اعتُقد أن المقاومين يختبئون فيها، إلى جانب عمليات الاغتيال والخطف وإعدام عائلات بأكملها. نظرًا لأن المقاومة كانت تعتمد على القرى المتعاطفة للحصول على الطعام، فقد دمر الجيش الروسي أيضًا المحاصيل والماشية بشكل منهجي وقتل المدنيين الشركس. رد الشركس بإنشاء اتحاد قبلي يضم جميع قبائل المنطقة.[29]
تكثيف المقاومة
كثفت هذه التكتيكات من الجهود المناوئة للحكم الروسي. وهكذا أُصيب الجيش الروسي بالإحباط لتضافر جهود مجموعة من المغيرين سريعي التنقل (يمتطون الخيول بمعظمهم) ورجال حرب العصابات المراوغين الذين يملكون دراية واسعة بالتضاريس. استمرت المقاومة الشركسية، بعدما وجدوا أن القرى التي قبلت سابقًا بالحكم الروسي تقاوم من جديد. علاوة على ذلك، بدأت القضية الشركسية في إثارة تعاطف الغرب، وخاصة بريطانيا التي طُلب منها المساعدة على شكل وسطاء وجواسيس من ثلاثينيات القرن التاسع عشر وأثناء حرب القرم. لم تصل مساعدات بريطانية أخرى ملموسة إذ تراجع الدعم للقضية الشركسية بعد حرب القرم لأنها اعتُبرت بعيدة عن الاهتمامات البريطانية. في غضون ذلك، حاول الإمام شامل في شمال شرق القوقاز كسب دعمهم في نضاله ضد روسا في عدة مناسبات، لكن الشركس كانوا فاترين إلى حد كبير تجاه مبادراته. بعد استسلامه لروسيا، استمرت مقاومتهم بلا هوادة.[30]
واجه الروس المقاومة الشركسية الشديدة من خلال تعديل التضاريس. شيدوا شبكة من الطرق وأزالوا الغابات من حولها ودمروا قرى السكان المحليين وكثيرًا ما وطّنوا الروس أو الشعوب القوقازية الموالية لروسيا في مجتمعات زراعية جديدة. في هذا الوضع الدموي المتفاقم، أصبح التدمير الشامل للقرى تكتيكًا نمطيًا.[31]
في عام 1837، عرض قادة الناتوخاي والأبزاغ والشابسوغ الاستسلام والاندماج الطوعي في الإمبراطورية الروسية، بشرط سحب القوات الروسية والقوزاقية إلى ما وراء نهر كوبان؛ إلا أن عرضهم قوبل بالتجاهل، واستمر انتزاع الأراضي الشركسية من جانب واحد، بإنشاء 36 مستوطنة عسكرية قوزاقية جديدة (ستانيتسا) بحلول عام 1840. علّق الجنرال يرمولوف على الأمر بقوله «نحن بحاجة إلى الأراضي الشركسية، لكن ليس لدينا أي احتياج للشركس أنفسهم». غالبًا ما خدع القادة العسكريون الروس، مثل يرمولوف وبولجاكوف، اللذين عملا لمصلحتهما الشخصية من أجل تحقيق المجد في ساحة المعركة واكتساب الثروة من خلال الاحتلال وهو ما سيصعب تحقيقه على الجبهة الغربية مقارنة بالقوقاز، الإدارة المركزية وحجبوا محاولات الجماعات الشركسية لإقامة سلام مع روسيا.
في مفاوضات صياغة معاهدة باريس لعام 1856 وإنهاء حرب القرم، أصر المندوب البريطاني، إيرل كلارندون، على أن يشكل نهر كوبان الحدود بين روسيا وتركيا، مما يضع شركيسيا خارج الحكم الروسي. إلا أن المندوبين الفرنسي والتركي اللذين دعما الملكية الروسية لشركيسيا قوضا اقتراحه. عندما حاول كلارندون بعد ذلك جعل المعاهدة تنص على عدم إمكانية بناء روسيا لحصونٍ في شركيسيا، أحبطه المندوب الفرنسي مرة أخرى. أيضًا، وسعت المعاهدة النهائية العفو ليشمل الرعايا الذين قاتلوا من أجل قوى معادية، ولكن بما أن شركيسيا لم تكن تحت السيطرة الروسية قبلًا، فقد استُثني الشركس، وهكذا وُضعوا بموجب المعاهدة تحت السيطرة الروسية قانونًا، مع عدم إجبار روسيا على منحهم نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الروس في أي مكان آخر.
أرسل العثمانيين مبعوثين، بما في ذلك رجال ملا الذين دعوا إلى ترك دار الكفر والانتقال إلى دار الإسلام. أمل العثمانيين في زيادة عدد السكان المسلمين في مناطق من الإمبراطورية التي تحوي أشخاص ليسوا من أصل تركي. «الجبليين» تمت دعوتهم للذهاب إلى تركيا حيث الحكومة العثمانية تقبل بهم بحرارة وحياتهم ستصبح أفضل بكثير. ورجال ملا والقادة المحليين فضلوا إعادة التوطين، لأنهم شعروا بأن الإدارة الروسية تضطهدهم، وحذروا شعبهم بأن إذا أرادوا الحصول على الجنسية الروسية، عليهم تغيير دينهم إلى المسيحية.بالإضافة إلى ذلك، الزعماء المحليين كانوا حريصين على الحفاظ على امتيازاتهم القديمة وحقوق الإقطاعية التي كانت قد ألغيت في جميع أنحاء الإمبراطورية الروسية من قبل إصلاح التحرر عام 1861. روسيا فرضت التجنيد الإجباري الذي كان أحد العوامل الذي أخاف هؤلاء السكان، مع أنهم لن يخضعوا أبداً لأي مشروع عسكري.
تم تعيين لجان خاصة من قبل سلطات الإمبراطورية الروسية لخفض معدلات الوفيات و«إجراء فحص لمعرفة حاجيات المهاجرين»، لمنع السفن من امتلاءها فوق الحد الزائد، لإقامة مزادات مربحة للممتلكات ذات الأهمية، وتأمين الطعام والكساء للعائلات الأفقر، الذين يتم نقلهم من دون رسوم من أي نوع. من جهة أخرى، السلطات العثمانية فشلت في مساعدة الواصلين حديثاً، حيث كانوا يسكنون في مناطق الجبال القاسية في الأناضول وكانوا يعملون في وظائف مرهقة.
ابن شامل محمد شافي روع من الظروف التي واجهت المهاجرين عند وصولهم إلى الأناضول وذهب ليحقق في الحادثة: «أنا سأكتب لـ عبد المجيد أنه يجب أن يكف عن خداع الجبليين... سخرية الحكومة التركية لا يمكن أن تكون أكثر وضوحاً، حيث قبلوا إعادة التوطين، من تصريحاتهم، على الأغلب ليستخدموا اللاجئين لأغراض عسكرية، ولكن بعد مواجهة سيول من اللاجئين، أحسوا بالخجل لأنهم حكموا على هؤلاء القوم بالموت البطيء حيث كانوا مستعدين للموت من أجل مجد تركيا».
أدى طرد السكان إلى خلو رقع واسعة من السكان في غرب القفقاس. الحكومة القيصرية كانت قلقة من التدهور الاقتصادي في المنطقة التي في عام 1867 منعت الهجرة إلا في حالات استثنائية. مع ذلك فإن الكثير من الأسر عندما ذهبت لأداء فريضة الحج في مكة المكرمة بقيت مع أقاربها في تركيا، مثلما كانت السفارة الروسية في إسطنبول تقدم تقاريرها.
إعادة الهجرة
بعد الفترة القصيرة التي قضاها الشركسبتركيا، الكثير منهم رفعوا عرائض للسفارة الروسية باسطنبول تعبر عن حقهم بالعودة إلى القفقاس. عند نهاية القرن، القنصليات الروسية في جميع أنحاء الدولة العثمانية غرقت بهذه العرائض. تبعاً لتقدير واحد، %70 من كل من هاجر قبل 1862 سمح لهم بالعودة لوطنهم في غرب القوقاز. لاحقاً، إعادة الهجرة نجحت على نطاق محدود، حيث جماعات من سكان القرى السابقين (ما يصل إلى 8500 نسمة) قدموا بطلب للحصول على إعادة الهجرة بشكل جماعي وتغيير مكان عيشهم شكل صعوبات هائلة للسلطات الإمبراطورية. الإمبراطور الروسي ألكسندر الثاني شك بأن بريطانياوتركيا وجها الشركس لإعادتهم بهدف إشعال حرب جديدة ضد خصومهم الروس. نتيجة لذلك، كان يعرف بإنكاره لتلك العرائض.
عملية إعادة التوطين شكلت مشقة كبيرة لأغلب الناس. عدد كبير توفي بسبب الجوع — الكثير من الأتراك من أصل شركسي اليوم لا يأكلون السمك في ذكرى أعداد هائلة أهلهم الذين خسروهم عند عبور البحر الأسود.
بعض المستوطنين جرى أمرهم بشكل جيد ووصلوا لمناصب عالية في الدولة العثمانية. كان هناك عدد كبير من المهاجرين سابقاً بين الأتراك الشباب.
كل المواطنين في في تركيا يعتبرون أتراك لأغراض رسمية. مع ذلك، هناك بضع مئات من القرى تعتبر 'شركسية' بشكل صاف، مع تقديرات بأن عدد السكان 'الشركس' يصل تقريباً إلى مليون نسمة، مع أن ليش هناك بيانات رسمية في هذا الصدد، والتقديرات مبنية على استطلاعات غير رسمية.
جنباً إلى جنب مع طموحات تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مجموعات معينة بدأت تلقى الاهتمام بناء على عرقهم وثقافتهم.
اقترح باحثون وناشطون شركس إمكانية اعتبار عمليات التهجير الممنهج وإفراغ الجنود الروس للقرى الشركسية والاستعمار الروسي لتلك الأراضي[32] كشكل من أشكال التطهير العرقي المعاصر، بيد أن هذا المصطلح لم يكن قيد الاستخدام أو التداول في القرن التاسع عشر.[33] ويقدر هؤلاء الباحثون أن نسبة 90% من الشركس (أي ما يعادل ثلاثة ملايين) قد جرى ترحيلهم بشكل قسري من المناطق التي غزتها روسيا.[34] تعرض ما لا يقل عن مئات آلاف الأشخاص «للقتل أو التجويع حتى الموت» خلال هذه الأحداث وما تبعها من اندلاع لحرب القوقاز، ولكن ما زال عدد من قتلوا غير معروفاً على وجه الدقة.[35]
رغم عدم وجود استمرارية قانونية بين الامبراطورية الروسية والاتحاد الروسي المعاصر، واعتماد مفهوم الإبادة الجماعية في القانون الدولي خلال القرن العشرين، منظمة الكونغرس الشركسي، وهي منظمة تجمع بين ممثلي الشعوب الشركسية المختلفة في الاتحاد الروسي، دعت في 5 يوليو 2005 موسكو أولاً للاعتراف بمسألة الإبادة وثانياً للاعتذار من سياسة القيصرية التي يقول الشركس أنها أدت للإبادة.[38] أشار التماسهم إلى أن «تبعاً للوثائق القيصرية الرسمية قُتل حوالي أكثر من 400,000 شركسي وأجبر 497,000 على الرحيل لتركيا وفقط 80,000 بقيوا في موطنهم».[36] رفض البرلمان الروسي (الدوما) هذا الالتماس عام 2006 في تصريحٍ، ولكن أقرّ البرلمان بالأعمال التي قام بها النظام السوفيتي والنظام القيصري السابق في إشارة إلى التغلب على العديد من المشاكل والقضايا المعاصرة في القوقاز من خلال سبل التعاون.[38] يوجد حالة من القلق في الحكومة الروسية بخصوص ما قد يحمله الاعتراف بوقائع الإبادة الجماعية بمطالب محتملة لدفع تعويضات مالية فضلاً عن الجهود الرامية إلى إعادة الشراكسة المغتربين إلى موطنهم في شركيسيا.[38]
أصدر البرلمان الجورجي قراراً بتاريخ 21 مايو عام 2011 ينص على أن عمليات القتل الجماعي «التي خُطط لها مسبقاً» والتي نفذتها روسيا الإمبراطورية بحق الشركس وما صاحبها من «المجاعة المتعمدة وانتشار الأوبئة» ينبغي الاعتراف بها على أنها «إبادة جماعية» وينبغي اعتبار الأشخاص الذين تم ترحيلهم خلال تلك الأحداث من وطنهم على أنهم «لاجئين». وقد بذلت جورجيا جهوداً للتوعية بقضايا الجماعات الإثنية في شمال القوقاز منذ عام 2008، وذلك عقب الحرب الروسية الجورجية.[39] أصبحت جورجيا أول دولة تشير للأحداث باستخدام كلمة «إبادة جماعية»، وذلك بعد عقد مؤتمر لأكاديميين وناشطين مدافعين عن حقوق الإنسان ومجموعات شتات شركسية ونقاشات برلمانية في تبليسي خلال عام 2010 و 2011.[39][40][41][42] كما أعلن قرار البرلمان الجورجي يوم 30 مايو عام 2011[43] أن الإبادة الجماعية لشعب الشركس (الأديغة) خلال الحرب الروسية القوقازية وما تلاها تُشكل إبادةً جماعيةً بموجب ما تنص عليه اتفاقية لاهاي الموقعة عام 1907 واتفاقية الأمم المتحدة عام 1948. جرى تشييد نصب تذكاري في بلدة آناكيلا غربي جورجيا يوم 21 مايو من العام التالي لإحياء ذكرى معاناة الشركس.[44]
ذكر ألكسندر أوهتوف رئيس هيئة الحكم الذاتي الثقافي الاتحادي الوطني للشركس الروس في مقابلة مع صحيفة كورمسانت الروسية أن استعمال مصطلح إبادة جماعية مبرر فقال:
«نعم، أعتقد أن مفهوم الإبادة الجماعية بحق الشركس يعد أمراً مبرراً. لتفهم لماذا نتحدث عن إبادة جماعية يجب أن تلقي نظرة على التاريخ. لم يَطرد الجنرالات الروس خلال الحرب الروسية القوقازية الشركس فحسب بل تعداه الأمر ليصل إلى تدميرهم جسدياً. لم يقتلوهم في ساحات القتال وحسب ولكن حرقوا مئات القرى بمن فيها من مدنيين. لم ينجو الأطفال ولا النساء ولا كبار السن. وقد أحرقت حقول المحاصيل الناضجة بأكملها، وقطعت بساتين الفاكهة، بحيث لم يتمكن الشركس من العودة إلى مساكنهم. أليس تدمير السكان المدنيين على نطاقٍ واسع إبادةً جماعيةً؟»[45]
أما في روسيا فقد شُكلت لجنة رئاسية وصفت الحكومة هدفها «بالعمل على مواجهة محاولات تزوير التاريخ على حساب روسيا» فيما يتعلق بأحداث ستينات القرن التاسع عشر.[46]
وجهات نظر الباحثين
يرى الكاتب أرنو تانر أنه يمكن نَسب عمليات الترحيل «بابتكار إستراتيجية التطهير العرقي الحديث والإبادة الجماعية» في الطريقة التي تعرضت منطقة القوقاز إلى القمع الذي استهدف الشركس وتتار القرم.[47] بينما يرى بول هينز أحداث ستينات القرن التاسع عشر بحق الشركس في أنها ألهمت الدولة العثمانية لارتكاب الإبادة الجماعية الأرمنية.[48]
كما يؤيد الباحث والتر ريتشموند استخدام مصطلح «إبادة جماعية» وذلك لكون أحداث عام 1864 تمثل «إحدى أولى الأمثلة على الهندسة الاجتماعية الحديثة». واستشهد ريتشموند بالقانون الدولي الذي ينص على «إن القصد من الإبادة الجماعية ينطبق على أفعال التدمير التي ليست هدفاً محدداً ولكنها نتائج يمكن التنبؤ بها أو منتجات ثانوية لسياسة كان يمكن تفاديها من خلال إجراء تغيير في تلك السياسة»، فيعتبر أن الأحداث تمثل إبادة جماعية على أساس نشوء تحول ديموغرافي لشركيسيا لتصبح منطقة ذات غالبية إثنية روسية وهو تحول كان مرغوباً من جانب السلطات الروسية،[49] وكان القادة الروس مدركين تماماً للعدد الهائل من الضحايا الذين قتلوا على أثر المجاعة نتيجة للأساليب التي اتبعوها في الحرب والتهجير، فقد رأوا تلك الممارسات ضرورية بغية تحقيق هدفهم الأسمى في جعل شركيسيا أراضاً روسية بصورة دائمة، ونظروا للسكان الأصليين بأنهم «لا يعدون عن كونهم باءة ينبغي إزالتها».[50]
المراجع
^ ابKing، Charles. The Ghost of Freedom. ص. 37–39.
^Memoirs of ديمتري ميليوتين[الإنجليزية], "the plan of action decided upon for 1860 was to cleanse [ochistit'] the mountain zone of its indigenous population", as quoted in W. Richmond The Northwest Caucasus: Past, Present, and Future. Routledge. 2008 [بحاجة لرقم الصفحة]
^King، Charles. The Ghost of Freedom: A History of the Caucasus. ص. 95.. "One after another, entire Circassian tribal groups were dispersed, resettled, or killed en masse".
^Richmond, Walter. The Circassian Genocide. Page 132: ". If we assume that Berzhe’s middle figure of 50,000 was close to the number who survived to settle in the lowlands, then between 95 percent and 97 percent of all Circassians were killed outright, died during Evdokimov’s campaign, or were deported."
^Sarah A.S. Isla Rosser-Owen, MA Near and Middle Eastern Studies (thesis). The First 'Circassian Exodus' to the Ottoman Empire (1858–1867), and the Ottoman Response, Based on the Accounts of Contemporary British Observers. Page 16: "... with one estimate showing that the indigenous population of the entire north-western Caucasus was reduced by a massive 94 percent". Text of citation: "The estimates of Russian historian Narochnitskii, in Richmond, ch. 4, p. 5. Stephen Shenfield notes a similar rate of reduction with less than 10 percent of the Circassians (including the Abkhazians) remaining. (Stephen Shenfield, "The Circassians: A Forgotten Genocide?", in The Massacre in History, p. 154.)"
^Richmond, Walter. The Circassian Genocide. Page 59: "Shamil's third naib, Muhammad Amin, arrived during the Adagum Zafes and gained the allegiance of most Circassian tribes in less than a year. He frequently resorted to military force to ensure the loyalty of 'peaceful' tribes such as the Egerukay, Mahosh, and Temirgoy, and to coerce Shapsugs and Natuhays who had not adopted Islam into abandoning paganism and Christianity."
^Shcherbina, Fyodor and Felitsyn, Yevgeniy (2007). Kubanskoye Kazachestvo i ego Atamany. Moscow: Veche, 2007. p. 77
^Potto, Vasiliy (1993). Kavkazskaya Voina v 5i Tomax. Stavropol: Kavkazskiy Krai 1993–1994. Second Volume: p. 204
^King, The Ghost of Freedom, p73-76. p74:"The hills, forests and uptown villages where highland horsemen were most at home were cleared, rearranged or destroyed... to shift the advantage to the regular army of the empire."... p75:"Into these spaces, Russian settlers could be moved or "pacified" highlanders resettled."