أبو الفضل شهاب الدين أبو العباس سيدي أحمد بن أحمد بن سيدي محمد الخضار بن عيسى البرنسي الفاسي المعروف بـزرّوق (846 هـ - 899 هـ) الفقيه المالكي المعروف..صاحب الشروحات المعتمدة عند المالكية، ومن أهم من اعتنى بجانب التربية والسلوك في الكتابات الإسلامية[1].. وتذكر العديد من المصادر أنّ الزروق قام بحركة تصحيحية لمسيرة التصوف التي كانت حصيلة سنوات من التعلم والسفر بين الحواضر العلمية في العالم الإسلامي والتي اعتبر العديد من المؤرخين أنها أظهرت التصوف كمنهج حياة متكامل وفق الكتاب والسنة.[2]
حياته
ولد بإقليم جبالة قرب مدينة فاس على أصح الروايات سنة 846 هـ، مات أبوه وهو رضيع فنشأ يتيماً وتولى جده لأمه تربيته، وكانت أمه تُعرف بالزهد والتقوى والصلاح. زرّوق هو لقب جده الذي كان بعينه زرقة، فقالوا: زرّوق ومن ثم أطلقت على ذريته من بعده.
كان مالكي المذهب حيث قرأ رسالة ابن أبي زيد القيرواني في فقه المالكية على الشيخ عبد الله الفخار وعلى السبطي بحثاً وتحقيقاً، وكان محباً للتصوف فأخذ الطريقة على يد الشيخ المسلِّك عبد الله المكي وأخذ عن محمد بن القاسم القوري وغيره. وتوفي بمدينة مصراتة (غرب ليبيا) سنة 899 هـ.
مشايخه
أخذ عن الشيخ يحي العيدلي والشيخ أبي عبد الله الفخار والقوري والزرهوني والمجاصي وعبد الرحمن المجدولي والسنهوري، والحافظين الدميري والسخاوي والرصاع والأخضر وإبراهيم المازني والمشدالي وابن المهدي المواسي والشيخ أحمد بن عقبى الحضرمي والشيخ الشهاب الأفشيطي وغيرهم كثيرون من علماء المغربوتونسومصر.
وكانت له شهرة كبيرة في أرض مصر فكان يدرس في الجامع الأزهر وكان يحضر درسه ما يزيد على 6 آلاف مستمع.
وتولى إمامة المالكية وصار المرجع في المذهب وانتفع على يديه خلق كثير.
أثره ومكانته
يعتبر الشيخ زرّوق من أهم مراجع علماء المالكية وتكاد لا تخلو أغلب المصنفات في الفقه المالكي من ذكر فتاواه واجتهاداته وشروحاته، كما أن الشيخ زرّوق من أهم من نظّر واعتنى بالتصوف، واجتهد في إبراز كون التصوف من تعاليم الإسلام المهمة، لما يحمله من معاني الإحسان والتزكية، وكان لا يلتفت إلى غلاة المتصوفة ولا يقرّهم على بدعهم وتجاوزاتهم، واتجه إلى تبيين التصوف الحقيقي الّذي أقره علماء السلف مثل الأئمة مالك[؟]والشافعيوأحمد بن حنبل.
أسس مركزا إسلاميا في مصراتة بعد أن اختارها ليستقر بها سنة 886 هجرية الموافق 1448 م وعرف المركز باسم زاوية سيدي أحمد زروق البرنسي ، وكان لهذا أثر كبير على الحياة العلمية والاجتماعية والتربوية على صعيد العالم الإسلامي.
وللشيخ أحمد زرّوق مخطوطات كثيرة في مختلف مكتبات العالم يرجع إليها الباحثون في شتى مجالات علوم الشريعة والتصوف.
أقوال العلماء فيه
قال العلامة عبد الرؤوف المناوي عنه: عابد من بحر الغيب يغترف وعالم بالولاية يتصف تحلى بعقود القناعة والعفاف وبرع في معرفة الفقه والتصوف والأصول والخلاف. خطبته الدنيا فخاطب سواها وعرضت عليه المناصب فردها وأباها.
وقال المناوي: كان سريع الحفظ دائم الإطراق كثير التأدب مع من تقدمه في السن محافظاً على الامتثال.
قال عنه الشيخ الخروبي((أن الشيخ لم تفته صلاة الجماعة أربعين سنة)).
معاصريه
جمعته مع الشيخ عبد الواحد الدكالي مودّة كبيرة وصحبة[3]، فقد كانا رفيقين في مصر وعلى تواصل دائم في ليبيا كما أن الشيخ زرّوق التقى بالشيخ عبد السلام الأسمر وهو صبي ولمس أنّ للشيخ الأسمر مستقبلا واعدا في العلم والدعوة.[4]
تعدّ مكتبة الشيخ أحمد زروق عريقة بقدر عراقة الزاوية التي أسسها في مدينة مصراتةبليبيا، فهما مرتبطتان في الزمان والمكان والمؤسس، وحال كونها تأسست قبل قرابة 560 عاما فهي تعدّ كذلك من أقدم المكتبات في المنطقة، وتحظى المكتبة باهتمام دولي حيث يرتادها الباحثون من دول عدة وهي كذلك على تواصل مع مراكز علمية خارج ليبيا، وفيما يلي قائمة ببعض محتويات المكتبة من كتب ومخطوطات ذات قيمة عالية:
^"شرح عقيدة الإمام الغزالي للعارف بالله أبو العباس أحمد بن زروق الفاسي"، تحقيق: د.محمد عبد القادر نصار، دارة الكرزة للنشر والتوزيع، مصر الجديدة، الطبعة الأولى 2007.
^رسائل الأسمر إلى مريديه، د. مصطفى رابعة، دار المدار الإسلامي، بيروت
^أحمد بك النائب الأنصاري، ص 183، المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب، منشورات مكتبة الفرجاني - طرابلس الغرب - ليبيا.