قُدِّم رجال شرطة الحدود الذين شاركوا في إطلاق النار إلى المحاكمة وأدينوا وحُكم عليهم بالسجن، لكن جميعهم حصلوا على عفو وأُطلق سراحهم في غضون عام.[3] وحُكم على قائد اللواء بدفع غرامة رمزية.[4] وجدت المحكمة الإسرائيلية أن الأمر بقتل المدنيين كان «غير قانوني بشكل صارخ».[5]
صرح يسسخار شدمي - المسؤول الأعلى رتبة الذي تمت مقاضاته بتهمة المذبحة - قبل وقت قصير من وفاته، أنه يعتقد أن محاكمته نُظمت لحماية أعضاء النخبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، بمن فيهم رئيس الوزراء بن غوريون من تحمل المسؤولية عن المجزرة.[6]
في ديسمبر (كانون الأول) 2007، اعتذر رئيس إسرائيل شمعون بيريز رسميًا عن المذبحة.[7]
وقعت المجزرة مساء يوم 29 أكتوبر1956، بعد أن قررت قيادة الجيش الإسرائيلي فرض حظر التجول على سكان كفر قاسم وقرى عربيّة أخرى متاخمة للحدود الاردنية آنذاك، كخطوات تحضيرية لشن حرب على مصر، نقل قائد المنطقة الوسطى تسفي تسور الأوامر للضباط والألوية الميدانيين، وأوكلت مهمة تطبيق حظر التجول على وحدة حرس الحدود بقيادة الرائد شموئيل ملينكي، وبقيادة مباشرة من قائد كتيبة الجيش المرابطة على الحدود يسسخار شدمي، أعطى شدمي الأوامر أن يكون منع التجول من الساعة الخامسة مساءً حتى السادسة صباحًا، وحسب التوثيق التاريخي للمجزرة، أوعز شدمي لمالينكي بتنفيذ حظر التجول بيد من حديد، وبلا اعتقالات إنما باستعمال القوة ضد المخالفين، وحين سُأل عن مصير من لم يعلم بالحظر أجاب شدمي: «الله يرحمه».[11]
تم إبلاغ مختار القرية قبل نصف ساعة فقط من بدء منع التجول، والذي حذر أن مئات من أهل القرية يعملون خارجها ولم يعودوا بعد ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم، إلا أن مندوب الجيش أجابه أنه سيتم الاهتمام بهم. بعد نصف ساعة وفي الخامسة مساءً بدأت المذبحة حيث تواجدت أربع فرق لحرس الحدود على مداخل القرية، وأخذت بإطلاق النار وإعدام كل من تواجد في الخارجً، وكل من كان عائدًا إلى القرية.[12] وخلال ساعة واحدة سقط في طرف القرية الغربي 43 شهيدًا، وفي الطرف الشمالي سقط 3 شهداء، وفي داخل القرية سقط شهيدان، وكان من بين الشهداء في كفر قاسم 9 نساء، و4 طفلات و17 طفلاً وفتى دون الثامنة عشرة، منهم 5 أطفال دون العاشرة. كان إطلاق النار داخل القرية كثيفًا وأصاب تقريبًا كل بيت، وجرح 18 أخرين.
حاولت الحكومة إخفاء الموضوع ولكن الأنباء عن المجزرة بدأت تتسرب فأصدرت الحكومة الإسرائيلية بياناً يفيد بإقامة لجنة تحقيق، توصلت اللجنة إلى قرار بتحويل قائد وحدة حرس الحدود وعدد من مرؤوسيه إلى المحاكمة العسكرية، استطاع الناشط الإسرائيلي لطيف دوري، وعضوا الكنيستتوفيق طوبيومائير فيلنر اختراق الحصار المفروض على المنطقة ونقلوا الأخبار إلى العالم.
استمرت محاكمة منفذي المجزرة حوالي عامين والتي اعتبرت صورية وشكلية،[13] في 16/10/1958 أطلق سراح آخرهم، أما العقيد يسسخار شدمي، صاحب الأمر الأول في المذبحة فقد قدم للمحاكمة وفي مطلع عام 1959 صدر الحكم بحقه وكانت عقوبته التوبيخ ودفع غرامة مقدارها قرش إسرائيلي واحد.[14]
وصل عدد الضحايا إلى (49) شهيدًا، 2.5% تقريبًا من عدد سكان كفر قاسم الذي لم يتجاوز الألفي نسمة آنذاك، ولم تبق عائلة في كفر قاسم إلا وفقدت شهيداً.
وفي البلدات المجاورة قتل طفل من الطيبة عمره 14 سنة. وفي الطيرة قتل رجل في ال 60 من عمرة، وفي باقة الغربية فقد أحد الشبان وعمرة 14 عامًا.[15]
شالوم عوفر قائد الزمرة التي رابطت على المدخل الغربي للقرية حيث سقطت الغالبية الساحقة من الشهداء.[16]
تسلسل أحداث المجزرة
صباح الاثنين 29 أكتوبر 1956، أبلغ الجنرال تسفي تسور قائد المنطقة الوسطى المقدم يسسخار شدمي قائد كتيبة الجيش المرابطة على الحدود، وقادة الألوية في تلك المنطقة، عن السياسة التي قررها رئيس الوزراء ووزير الدفاع دافيد بن غوريون للتعامل مع العرب في منطقة الحكم العسكري، وهي ضمان الهدوء التام على هذه الجبهة لصالح العمليات في سيناء.
على إثر هذه الأوامر قام المقدم شدمي بزيادة ساعات منع التجول الاعتيادي الذي كان مفروضًا على القرى العربية ومحيطها في ذلك الوقت، وقرر بدأ حظر التجول ابتداءً من الساعة الخامسة مساءً بدل التاسعة (الأمر الذي اعتبر تجاوز لصلاحياته)، حيث كان الحظر اليومي المعتاد في هذه الأيام من الحكم العسكري يبدأ في التاسعة على الطرق المحيطة وفي العاشرة داخل القرية.
أوكلت مهمة تطبيق حظر التجول على وحدة حرس الحدود بقيادة الرائد شموئيل ملينكي، على أن يتلقى هذا الأوامر مباشرة من قائد كتيبة الجيش المرابطة على الحدود يسسخار شدمي، أعطى شدمي الأوامر أن يكون منع التجول من الساعة الخامسة مساءً حتى السادسة صباحًا، وأشار شدمي لمالينكي عدة ساعات قبل حصول المجزرة، أن منع التجول في هذه المرة سيتميز بالشدة واللجوء إلى القوة في حال ظهور من يخالف الأوامر من العرب، ويضيف شدمي أنه لن تكون هناك اعتقالات إنما قتل بالرصاص حالاً للمخالفين. وأضاف شدمي: قتيل واحد أو عدد من القتلى أفضل من التورط باعتقالات، وحين سأله مالينكي عن مصير العائدين إلى قراهم بعد ساعات منع التجول، أجابه «الله يرحمه». قال ذلك باللغة العربية وأضاف: «بدون عواطف».[17] وقد أنكر شدمي لاحقًا هذه الأقوال التي أوردها مالينكي في شهادته.
عقد مالينكي اجتماعًا مع ضباط فرقته (14 ضابطًا برُتب مختلفة) وبينهم الملازم غابرئيل دهان (قائد الفرقة المسؤولة عن كفر قاسم) وأبلغهم بأمر حظر التجول وأنه يجب عدم أخذ معتقلين، فكل من يخالف يطلق عليه الرصاص ويقتل، وإذا وقع قتلى فإن هذا سيساعد على فرض منع التجول في الليالي القادمة، وأضاف أن: «كل من يرى خارج البيت يطلق عليه الرصاص من أجل قتله» (ورد في نص قرار حكم مالينكي وجنوده ص102).
وسأل الضابط آريه منشس: ماذا سيكون مصير النساء والأطفال؟ فأجابه مالينكي: «مصيرهم مثل مصير الآخرين: بدون مشاعر». وعاد منشس سائلا عن مصير العمال العائدين إلى قراهم ليجيبه مالينكي «الله يرحمه»! فهكذا قال قائد اللواء، أي شدمي.
وجاء في محضر الجلسة المذكورة: (ابتداءً من هذا اليوم في الساعة 17:00 يفرض منع التجول على قرى الأقليات حتى الساعة السادسة صباحًا. جميع مخالفي منع التجول يطلق الرصاص عليهم من أجل قتلهم).[11]
وصلت سرية الملازم غابريئل دهان إلى قرية كفر قاسم، ووزع هذا مجموعته إلى أربع زمر، رابطت إحداها عند المدخل الغربي للبلد بقيادة شالوم عوفر، في الساعة 16:30 من اليوم نفسه استدعى العريف يهودا زشنسكي مختار كفر قاسم وديع أحمد صرصور وأبلغه بقرار منع التجول وطلب منه إبلاغ الأهالي، قال المختار إن 400 شخصًا يعملون خارج القرية ولم يعودوا بعد ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم، فوعد العريف أنه «سيهتم بهم».
مع اقتراب الساعة الخامسة كانت وحدات حرس الحدود منتشرة على مداخل القرية وفي الساعة الخامسة تلقوا كلمة السر لبدء العملية وهي «أخضر»، بدأت المجزرة الساعة الخامسة مساءً 17:00، عند طرف القرية الغربي، حيث رابطت فرقة شالوم عوفر على المدخل الرئيسي، وبدأ العمال والفلاحون العرب بالعودة إلى القرية بعد الانتهاء من عملهم، خلال ساعة واحدة أوقف جنود حرس الحدود كل عائد للقرية، وتم إيقاف كل عائد يسير على قدميه، وكل راكب دراجة، وكل عربة وسيارة. تأكدوا من هويتهم بأنهم من سكان كفر قاسم وأمروهم جماعة بعد الأخرى بالاصطفاف على حافة الطريق وأطلقوا النار عليهم تنفيذًا لأمر ضابطهم شالوم عوفر الذي قال: «احصدوهم». وبعد كل عملية «حصاد» كانت فرقة حرس الحدود تبتعد عن الطريق غربًا عن الجثث حتى لا تثار مخاوف القادمين الجدد قبل وصولهم إلى موقع الفرقة، تمت عملية القتل على تسع موجات، وفي موقع أخر لاحق الجنود عمال عائدين وأطلقوا النار عليهم من الخلف.
قُتل 43 شهيدًا عند مدخل القرية الغربي، ثلاثة سقطوا في الطرف الشمالي للقرية ووسط القرية سقط شهيدان.
الدفن وخطف الجثث
مباشرة بعد المجزرة قام أفراد شرطة حرس الحدود بتكديس جثث الشهداء ال (49) في شاحنة، وتم إلقائهم في منطقة قريبة من مركز الشرطة في بلدة رأس العين (روش هاعين) القريبة، تم دفن الجثث هناك بشكل موقت، وبعد يومين تقرر دفنهم في مقبرة القرية، حينها استدعى الجنود أفراد من القرية للتعرف على الجثث، تم تشخيص 47 جثة وبقيت جثتان لامرأتين لم ينجح أحدٌ في التعرف عليها بسبب كثرة التشويه.
أُعلن عن انتهاء أمر منع التجول في 31 أكتوبر 1956 الساعة العاشرة صباحاً، ومباشرة خرج أهالي كفر قاسم عن بكرة أبيهم إلى الشارع الرئيسي في القرية، متوجهين إلى مدخل القرية الغربي وليكتشفوا حجم المجزرة والقتل ولا زالت آثار الدماء تصبغ المكان، وأخذوا يروون ما شاهدوا وما لحق بهم، وسرعان ما سار السكان في مسيرة غاضبة إلى بيت المختار مطالبين بعدم السكوت على مجزرة القرية الدامية.[18] خلال وقت قصير تبين كذلك أن عملية دفن الضحايا كانت خاطئة وغير مقبولة، مما حدا أهالي القرية لاحقًا بالخروج الجماعي متحدين الأوامر وترتيب دفن يليق بالشهداء، وقد وصلت قوات كبيرة من حرس الحدود إلى القرية في ساعة الجنازة المجددة، وأمرت الأهالي بالالتزام بالهدوء.[19]
التستر وكشف النقاب عن المجزرة
عندما وصل خبر المذبحة إلى قيادة الجيش والحكومة، أصدروا أمرُا يمنع نشر أي تفصيل عما حدث في كفر قاسم، وفرض على القرية نفسها حصار كامل، ولم يسمح لإنسان بالخروج من القرية أو الدخول إليها، بما في ذلك أعضاء الكنيست. لم يكشف النقاب عن المجزرة إلا بتاريخ 13 نوفمبر 1956، نشر أول خبر في الصحف بعد أسبوع من المجزرة بتاريخ 6 نوفمبر 1956. وأفاد الخبر أنه: "تشكلت لجنة تحقيق للبت في أحداث كفر قاسم، جلجوليةوالطيبة". وأضاف أن "بعض العرب قتلوا وأصيبوا أثناء منع التجول الذي فرض على هذه القرى في 29 تشرين الأول.
عضو الكنيست عن الحزب الشيوعي الإسرائيليتوفيق طوبي كان أول من طالب بالتحقيق في الموضوع بعد أن عرف عن المجزرة بواسطة نائب عربي تابع لحزب «ماباي»، إلا أن مراقبة شديدة فرضت على سجلات الكنيست حالت دون نشرها، وقام بدورة بإدراج الموضوع على جدول الكنيست إلا أن طلبه رفض، لكن الأمر بدأ بالانكشاف، مما اضطر الحكومة إلى إصدار بيان وكان ذلك في 11 نوفمبر 1956 وأعلن فيه: أنه في ذلك التاريخ أعلن منع التجول، بهدف المحافظة على حياة الناس وأن عدد من الناس الذين عادوا إلى بيوتهم بعد فرض منع التجول أصيبوا على يد حراس الحدود وعين رئيس الحكومة لجنة تحقيق لتستوضح ظروف الحادث. وقررت لجنة التحقيق التي شكلت بعد استماعها للشهود، دفع تعويض 1000 ليرة لكل عائلة وأحالت قسم من المسؤولين للمحكمة العسكرية، وصدر بعدها عدد من البيانات التي لم تذكر عدد الضحايا واستمر كذلك منع التجول.
كان أول الردود العالمية هو إذاعة راديو موسكو لتفاصيل المجزرة، ونقلت سفارة إحدى الدول الاشتراكية مذكرة طوبي وفلنر إلى مندوبها في الأمم المتحدة الذي وزعها على أعضاء الجمعية العامة، وبدأت الصحف العالمية والعربية بنشر الخبر وتفاصيل المجزرة.
وكان لطيف دوري الناشط في حزب مبام حينذاك، قد نجح بالتسلل للقرية بعد ثلاثة أيام من وقوع المجزرة، واستطاع أن يحصل على شهادات الجرحى والشهود الموقعة من طرفهم، والتي أصبحت فيما بعد من الوثائق المهمة التي تشهد على المجزرة، وعمل بالتعاون مع صحافيين مثل أوري أفنيري، الذي حرر أسبوعية «هعولام هزيه»، ونخبة من المثقفين والأدباء اليهود عملوا على توزيع نشرة بعنوان «كل شيء عن كفر قاسم» أُصدرت في ديسمبر 1956 محاولين الالتفاف على قوانين الرقابة، حيث قدمت الحقائق التي وصلت من لطيف دوري وغيره ووضعت أمام الرأي العام، وتبع ذلك موجة عارمة من المقالات ورسائل القراء مطالبة بمحكمة علنية.
المحكمة
لم يقدم جميع المسؤولين عن الجريمة للمحاكمة ومن ضمنهم يسسخار شدمي الذي أعطى الأوامر، وتم محاكمة الجنود الذين تواجدوا على مدخل كفر قاسم الرئيسي فقط، ولم تتطرق المحكمة إلى السياسة الرسمية التي أدت إلى هذه المجزرة، إلا أنها شجبت أوامر القتل وعرَّفت من خلال قراراها معنى ما يسمى الأوامر غير الشرعية المتعمدة، أوامر تعلوها راية سوداء كما عرفتها المحكمة، وهي التي يتوجب على الجندي رفض الامتثال إليها إذا ما وجهت اليه.
قدم 11 فرد من حرس الحدود التي قاموا بالمجزرة إلى محاكمة عسكرية استمرت 22 شهرًا، صدرت بحقهم أحكام تتراوح بين 7-17 عام واستند الحكم أنهم نفذوا أوامر كان عليهم رفضها، وبرأت اثنين منهم هم إسماعيل عبد الرحمن (شركسي)، وزكريا شعبان سعيد (شركسي). وكانت هيئة المحكمة برئاسة القاضي الدكتور بنيامين هليفي، وجاء في الحكم الذي صدر في تشرين أول 1958، بين أمور أخرى، أن جنود حرس الحدود أطلقوا النار على مواطنين عرب بدم بارد، وعن سبق إصرار. وجاء في الحكم، أن أمر منع التجول الذي يشمل أمرا عامًا بإطلاق النار على أناس بهدف قتلهم، دون تحديد لتلك الحالات- غير العادية- التي فيها ضرورة لاستخدام هذه الوسيلة المتطرفة لفرض منع التجول، هو غير قانوني، وهو ليس سوى أمر بالقتل. وجاء في القرار أن الحقيقة الأساسية واضحة: «كل الضحايا كانوا بلا حول ولا قوة تماما، وأن قتلهم في كل حالة هو قتل بدم بارد، دون أي مبرر أمني ودون أي مبرر قانوني»،[15] وخاصة أن بقية الفرق العسكرية في القرى الأخرى قرروا عدم تنفيذ الأوامر بشكل حرفي، وكان هناك جنود من بين أفراد الفرقة ذاتها الذين لم ينفذوا الأوامر.
حكم على الرائد شموئيل ملينكي بالسجن مدة 17 عامًا وعلى غبريئيل دهان وشالوم عوفر بالسجن 15 عامًا بتهمة الاشتراك بقتل 43 عربيًا، بينما حكم على الجنود الآخرين السجن لمدة 8 سنوات بتهمة قتل 22 عربيًا، لم تبق العقوبات على حالها. قررت محكمة الاستئنافات تخفيفها: ملينكي – 14 عاماً، دهان – 10 أعوام، عوفر – 9 أعوام. جاء بعد ذلك قائد الأركان وخفض الأحكام إلى 10 أعوام لملينكي، 8 لعوفر و 4 أعوام لسائر القتلة. ثم جاء دور رئيس الدولة الذي خفض الحكم إلى 5 أعوام لكل من ملينكي وعوفر ودهان، ثم قامت لجنة تسريح المسجونين وأمرت بتخفيض الثلث من مدة كل من المحكومين، وأصدر رئيس الدولة عفوًا للمتهمين، وبالتالي لم يسجن أيًا من المتهمين لأكثر من ثلاث سنوات، وفي سنة 1960 أطلق سراح أخر مرتكبي المجزرة.[21][22][23]
محكمة شدمي
أدى الضغط الإعلامي والجماهيري والمطالبات بمعاقبة المسؤولين الحقيقيين عن المجزرة إلى تقديم شدمي لمحاكمة عسكرية، وعقدت هذه المحاكمة في 24 ديسمبر 1958 أي بعد مرور سنتين على المجزرة، وأنهت عملها بعد شهرين، في قرارها أخلت مسؤوليته عن المجزرة، وكانت عقوبته التوبيخ ودفع غرامه مقدارها قرش إسرائيلي واحد بسبب زيادة عدد ساعات منع التجول خارج نطاق صلاحيته، عقوبة أصبحت تعرف ب «قرش شدمي»، للدلالة على المحاكمة الصورية.
صلحة الحاكم العسكري
بعد مرور عام وشهر على المجزرة وقبل أن تنتهي محكمة مالينكي وجنوده العشرة، عقدت في كفر قاسم في ساحة المدرسة مراسيم صلحة (صلح عشائري) بين الدولة والقرية، بضغط متواصل من قبل الحاكم العسكري من أجل إغلاق ملف كفر قاسم، والتلميح للشارع الإسرائيلي، أن الجريمة غُفِرَت. ففي 20 تشرين الثاني 1957 نصب الحاكم العسكري خيمة كبيرة أجلس فيها كل رجالات القرية وعلى رأسهم المختار ومن الجانب الإسرائيلي شارك وزير الشرطة بيخور شطريت وقائد المنطقة تسفي تسور وضابط الحكم العسكري العقيد شاحار وغيرهم، وكتبت الصحف تفيد أنه ذُبح في تلك المناسبة (15) خروفاً و (100) دجاجة حسب الشريعة اليهودية وعلى حساب الجيش الإسرائيلي.[24]
وجاء في كتاب كفر قاسم الماضي والحاضر2001، أن بن غوريون كان معنيًّا بهذا الطقس قبل نهاية محاكمة مرتكبي المجزرة، ليتم التمهيد للعفو عنهم، ومن ناحية أخرى من أجل قطع الطريق على أسر الضحايا في المطالبة بالتعويضات المرتكزة إلى مسؤولية الدولة المباشرة عن المجزرة، وإعفاء الدولة من تحمل أي مسؤوليات مستقبلية عن هذا الملف. حيث شكلت لجنة من وراء الكواليس تابعة للحكم العسكري، وعقدت صفقة تقرر بموجبها منح 5000 ليرة فقط لكل عائلة شهيد، وهو ما يعادل الثلث من المبلغ المستحق في حالات مشابهة لتعويض ضحايا «الحرب».[25]
مصير المتهمين الرئيسيين بالمجزرة
يسسخار شدمي تابع خدمته وتقدمه في المناصب العسكرية حتى عام 1963، ثم أنهى خدمته كقائد كتيبة 200، وحارب في حرب الأيام الستة واستمر في خدمة الاحتياط، وانتقل إلى السوق الحر، واستمر بإنكار إعطائه الأوامر بتنفيذ المجزرة حسب شهادة ملينكي.
شموئيل ملينكي، بعد أن تم تخفيض عقوبته من 17 سنة إلى 7 سنوات، قضى ثلاث سنوات وأربعة أشهر في السجن، وتم الإفراج عنه لأسباب صحية، بعد خروجه أعاد له بن غوريون رتبه العسكرية التي جُرد منها، وعينه لاحقًا ضابط لأمن المفاعل النووي في ديمونا، ثم تقاعد من الجيش عام 1964، تم الاعتراف به عمعاق عسكري لأسباب صحية، وتوفي في العام 1978.
غابريئل دهان، حكم عليه بالحبس لمدة 10 سنوات، لم يمضي في السجن أكثر من ثلاث سنوات، بعد السجن عاد ليعيش في مدينة اللد مع عائلته وتم تعيينه مسؤولً أمنيًا في البلدية للمهمات الخاصة من بينها شؤون العرب، بعد ذلك بوقت قصير ترك البلاد إلى أوروبا، وقام بتغيير اسم عائلته، وحاول منع الكشف عن هويته وقد أصبح رجل أعمال ناجح هناك، وقد كشفت صحيفة هأرتس العام 2006 أن اسم عائلته الجديد هو داغان.[26] وفي أكثر من تحقيق صحفي نشر في إسرائيل تم التأكيد أنه تلقى منصبًا هامًا في مؤسسة مالية صهيونية، مقربة من الدولة، ولم يبدي أسفه أو ندمه على فعلته كذلك.
شالوم عوفر، كان عمره 25 عام حين حصول المجزرة، حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات لم يكملها في السجن كالباقين، وهو صاحب الأمر «احصدوهم»، في مقابلة لاحقة بعد 30 عام من المجزرة للصحفية داليا كرفل في صحيفة هعير (المدينة، في 10 أكتوبر 1986)، لم يبدي أي ندم على فعلته، وصرح أن عملية سجنهم كانت صورية وفترة محكوميتهم كانت مريحة ومدللة، وكشف كذلك أن المتهمين وقعوا على تعهدات بالسرية وفيما لو نقضوها كان من الممكن سجنهم لمدة 15 عام، وحسب رأيه كان ذلك محاولة لمنع التحقيق من الوصول إلى القيادات العليا تسوروبن غوريونوديان.[27]
خطة الخلد، س-59
خطة «خلد» (اللغة العبرية: חפרפרת) هي خطة احترازية أعدتها حكومة بن غوريون في مطلع الخمسينات وسميت س-59 أو «خُلد»، بهدف التنفيذ في حال نشوب حرب على الجبهة الشرقية مع الأردن، لب هذه الخطة هو تهجير جماعي وقصري للمواطنين العرب سكان المثلث، حيث يفيد بحث نشره الصحفي روبيك روزنتال أن الخطة وضعت على الطاولة إبان العدوان الثلاثي، وتم إجراء مناورات تدريبية لإجرائها، ثم تم إلغاء الخطة لعدم نشوب حرب مع الأردن. وكان روزنتال نشر تفاصيل هذه الخطة في كتابه «كفر قاسم: التاريخ والخرافة»،[9] ولا يعرف فيما إذا كانت المجزرة مخططة مسبقًا أم لا، إلا أن البحث يكشف أن الجنود تصرفوا وفق الأوامر الحرفية بسبب معرفتهم المسبقة أن إطار عملهم هو خطة الخلد، ويكشف روزنتال أن حقيقة وجود هذه الخطة قد ذكر عدة مرات خلال المحاكمة، واعترفت بوجودها عدة شخصيات إسرائيلية.[12]
وكان روزنتال قد كشف هذه التفاصيل بعد مرور 35 عاماً على وقوع المجزرة، بعد إجرائه بحث لغرض كتابة مسرحية حول الموضوع فالتقى الكثير من الشخصيات الضالعة بالقضية، وتمكن من قراءة محاضر محكمتي ملينكي وشدمي في الأرشيف التابع للجيش الإسرائيلي، ووثائق لم يكشف عنها قبل ذلك. ويقول روزنتال أنه ليس من الممكن فهم المذبحة دون معرفة المخطط العسكري المذهل الذي شكل الخلفية لها.[28] ومما يستدل إليه وفق هذا الكشف، أن مجزرة كفر قاسم لم تكن خطأ في فهم الأوامر، إنما جزء من خطة عسكرية مبيتة تهدف إلى ترحيل الفلسطينيين ممن أصبحوا مواطنين في دولة إسرائيل، بناء على اتفاقية رودوس1949 التي نصت على نقل قرى المثلث من ام الفحم شمالًا إلى كفر قاسم جنوبًا من السيادة الأردنية إلى الإسرائيلية، وشملت بنود تحمي أهالي المثلث وأملاكهم. وهذا بعد نهاية الحرب رسميًا.[9]
اعتراف واعتذار
لم تعترف أي من حكومات اسرائيل بمسؤوليتها عن المجزرة، في العام 2007 أعرب شمعون بيريز رئيس إسرائيل آنذاك عن اعتذاره لأهالي القرية لحدوث المجزرة، خلال زيارة قام بمناسبة عيد الأضحى.[29] وفي العام 2014 شارك الرئيس رؤوفين ريفلين في مراسم إحياء ذكرى ضحاياها، فكان بذلك أول رئيس إسرائيلي يشارك في مراسمها. ووصف ما حدث بـ«الجريمة النكراء» التي تجب معالجة تداعياتها. إلا أنه لم يعتذر عنها معتبرا أن اعتذار سلفه بيريز يكفي. وقال «جئت هنا اليوم كأحد أبناء الشعب اليهودي وكرئيس لدولة إسرائيل للوقوف أمام عائلات الضحايا والمصابين للشعور بألم الذكرى معكم».[30]
وأضاف ريفلين أن «القتل الخسيس في قريتكم كفر قاسم يعد فصلا استثنائيا وأسود في تاريخ العلاقات بين العربواليهود الذين يعيشون هنا». واعتبر أن «إسرائيل اعترفت بالجريمة التي ارتكبت هنا عن حق وعدل، واعتذرت عنها، أنا أيضا أكرر ذلك هنا اليوم وأقول: لقد ارتكبت هنا جريمة قاسية».[10]
في أكثر من بيان وتصريح صحفي وعريضة، أعرب أهالي كفر قاسم عن مطالبتهم بالاعتراف بالمجزرة، بكل ما ينطلي عليه هذا الاعتراف من النواحي الرمزية القانونية والمادية،[31][32] وكان نواب عرب في الكنيست قد قدموا مرارًا اقتراحات قوانين تفرض على إسرائيل الاعتراف بالمجزرة، لم يُصدِّق الكنيست على أي منها.
تخليد الذكرى
منذ عام 1956، يحيي أهالي كفر قاسم والفلسطينيين في الداخل المحتل ذكرى هذه المجزرة، وفي كفر قاسم أصبح هذا اليوم عطلة رسمية ويوم حداد على الشهداء. وأقامت البلدية نصبًا تذكاريًا في نفس المكان الذي قتلوا فيه ومسجدًا يسمى بمسجد الشهداء ومتحفًا خاصًا لتخليد ذكراهم.[33]
قصيدة ناتان الترمان
نشرت صحيفة «دافار» الإسرائيلية، الناطقة بلسان الاتحاد العام لنقابات العمال (الهستدروت)، في 7/12/1956 قصيدة للشاعر الإسرائيلي ناتان الترمان يصف فيها شعور القلق والخزي الذي اختلج في صدور من عرفوا الأبعاد الحقيقية لهذه المذبحة، وكان من أوائل الإسرائيليين الذين أدانوا هذه المجزرة بهذه القصيدة بدأت تفاصيل الجريمة البشعة تتسرب إلى الصحافة العالمية.[34] ويقول في جزء منها:
فلا يمكن أن يقوم مجتمع إنساني حدث فيه كل هذه النذالة والوحشية
دون أن تثور في أرجائه رعـشة غـضب وخزي،
غـضب يحمل كل نوازع السخط الإنساني والفردي
سخط النساء لاغـتيال النساء،
وسخط الأطفال لاغـتيال الأطفال دون مبرر...
وكتب محمود درويش في هذه المجزرة قصيدة بعنوان «أزهار الدم»، مكونة من ستة أناشيد: معنى الدم، حوار تشرين، الموت مجانا، القتيل رقم 18، القتيل رقم 48، وعيون الموتى على الأبواب. ويقول فيها:[36]
كفر قاسم،
قرية تحلم بالقمح وأزهار البنفسج،
وبأعراس الحمائم
كفر قاسم،
إنني عدت من الموت لأحيا، لأغني،
فدعيني أستعر صوتي من جرح توهج
وأعينيني على الحقد الذي يزرع في قلبي عوسج
إنني مندوب جرح لا يساوم
علمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي
وأمشي... ثم أمشي.... وأقاوم
ضحايا المجزرة
المصدر: كتاب كفر قاسم الماضي والحاضر والمستقبل، في موقع كفر قاسم.[18]
^Ronnie May Olesker, Fletcher School of Law and Diplomacy (Tufts University). International Law and Organization. The value of security vs. the security of values: The relationship between the rights of the minority and the security of the majority in Israel. 2007. p. 318.
Repila batu penanda Romawi di Via Claudia Augusta di dekat Unterdiessen, Bayern. Via Claudia Augusta adalah jalan Romawi kuno yang menghubungkan lembah Sungai Po dengan provinsi Rhaetia. Jalur ini melintasi Pegunungan Alpen. Sejarah Pada tahun 15 SM, jenderal Romawi Nero Claudius Drusus mendapat perintah dari ayah tirinya Kaisar Augustus untuk memperbaiki jalur yang melintasi Pegunungan Alpen agar Romawi dapat memperkuat kendali mereka di Rhaetia dan Norikum. Proyek pengalihan fungsi jalur he...
Philosophical idea of a person having a unique existence This article is about the topic in philosophy. For a person's self-identity or sense of self, see Self-concept and Identity (social science). For other uses, see Personal identity (disambiguation) and Identity (disambiguation). Part of a series onThe Self Constructs Self-knowledge (psychology) Self-image Self-concept Self-schema Theories Neural basis of self Self-categorization theory Processes Self-perception theory Self-awareness Self...
У Вікіпедії є статті про інших людей із прізвищем Щербак. Артем Щербак Особисті дані Повне ім'я Артем Юрійович Щербак Народження 3 вересня 1996(1996-09-03) (27 років) Керч, Україна Зріст 185 см Вага 76 кг Громадянство Україна Росія Позиція нападник,півзахисник Інформація...
Zisterzienserabtei Heinrichau Klostergebäude mit Mariä-Himmelfahrt-Kirche Lage Polen Polen Woiwodschaft Niederschlesien Liegt im Bistum Erzbistum Breslau Koordinaten: 50° 40′ 0″ N, 17° 1′ 0″ O50.66666666666717.016666666667Koordinaten: 50° 40′ 0″ N, 17° 1′ 0″ O Ordnungsnummernach Janauschek 597 Gründungsjahr 1222 Jahr der Auflösung/Aufhebung 1810 Jahr der Wiederbesiedlung 1947 Mutterkloster Kloster Leubus ...
Basisdaten[1] Bestandszeitraum 1879–1927 (Verwaltungsamt)1927–1932 (Landratsamt) Verwaltungssitz Detmold Fläche 158 km² (1910) Einwohner 24.395 (1910) Bevölkerungsdichte 154 Einw./km² (1910) Gemeinden 34 (1910) Lippe am Anfang des 20. Jahrhunderts Das Landratsamt Detmold war von 1927 bis 1932 ein Verwaltungsbezirk im Freistaat Lippe mit Sitz in der Stadt Detmold. Es ging aus dem Verwaltungsamt Detmold hervor, das 1879 im Fürstentum Lippe eingerichtet worden war. Inhaltsverzei...
This article is about the original British version. For the American version part of the PlayMania Block, see Quiznation (American game show). This article does not cite any sources. Please help improve this article by adding citations to reliable sources. Unsourced material may be challenged and removed.Find sources: Quiznation British game show – news · newspapers · books · scholar · JSTOR (June 2019) (Learn how and when to remove this template ...
Esta página cita fontes, mas que não cobrem todo o conteúdo. Ajude a inserir referências. Conteúdo não verificável pode ser removido.—Encontre fontes: ABW • CAPES • Google (N • L • A) (Abril de 2023) Potamotrygon hystrix. Potamotrygon motoro.Potamotrygon henlei.Potamotrygon leopoldi.Potamotrygon castexi. Potamotrygon é um gênero de peixes batóides, mais conhecidos como arraias-de-água-doce, são os peixes cartilagín...
منظمة برواكتيفا أوبن آرمز منظمة برواكتيفا أوبن آرمز رجال إنقاذ متطوعون (بملابس حمراء صفراء) من منظمة برواكتيفا أوبن آرمز لمساعدة اللاجئين السوريين والعراقيين (في أكتوبر 2015). البلد إسبانيا المقر الرئيسي جزيرة لسبوس اليونان تاريخ التأسيس بادالونا (إسبانيا - كتالونيا) ا...
Masjid al-MuallakPemandangan masjid dari pasarAgamaAfiliasi agamaIslamDistrikUtaraLokasiLokasi Akko, IsraelKoordinat32°55′15.06″N 35°4′8.27″E / 32.9208500°N 35.0689639°E / 32.9208500; 35.0689639Koordinat: 32°55′15.06″N 35°4′8.27″E / 32.9208500°N 35.0689639°E / 32.9208500; 35.0689639{{#coordinates:}}: tidak bisa memiliki lebih dari satu tag utama per halamanArsitekturJenisMasjidGaya arsitekturUtsmaniyahRampung1758Menara1 M...
2003 2D fighting video game 2003 video gameGuilty Gear IsukaNorth American PlayStation 2 cover featuring Sol BadguyDeveloper(s)Arc System WorksPublisher(s) Sammy Studios JP: Sammy Studios (Arcade, PS2)Arc System Works (Xbox)Sourcenext (Windows)NA: Sammy Studios (PS2)EU: 505 Games (PS2, Xbox)Zoo Digital Publishing (Windows) Designer(s)Daisuke IshiwatariComposer(s)Daisuke IshiwatariTetsuya OhuchiYoshihiro KusanoSeriesGuilty GearPlatform(s)ArcadePlayStation 2Microsoft WindowsXboxRelease December...
This article's lead section may be too short to adequately summarize the key points. Please consider expanding the lead to provide an accessible overview of all important aspects of the article. (December 2023) This is a list of equipment used by the Armed Forces of Bosnia and Herzegovina. Small arms Name Origin Photo Type Variant Notes Pistols Zastava CZ 99[1] Yugoslavia 9 mm Para semi-auto pistol Standard issue pistol. Submachine guns MP5[2] West Germany 9 m...
1995 novel For other uses, see Wonder boy (disambiguation). Wonder Boys First edition coverAuthorMichael ChabonCountryUnited StatesLanguageEnglishPublisherVillard BooksPublication dateMarch 14, 1995Media typePrint (Hardcover, paperback)Pages368 pp[1] (first edition, hardback)ISBN0-679-41588-2 (first edition, hardback)OCLC30895804Dewey Decimal813/.54 20LC ClassPS3553.H15 W66 1995 Wonder Boys is a 1995 novel by the American writer Michael Chabon.[1][2][3 ...
1678 battle in the Swedish-Brandenburg War Battle of WarksowPart of Scanian WarBattle of WarksowDate18 January 1678LocationWarksow near Gustow on RügenResult Swedish victory, temporary reconquest of Rügen by SwedenBelligerents Swedish Empire Denmark-Norway Brandenburg-PrussiaCommanders and leaders Otto Wilhelm von Königsmarck Detlef von Rumohr † Colonel von HülsenStrength 3,500:[1] 1,500 infantry2,000 cavalry 4,670:[2] 2,900 infantry1,770 cavalryCasualties and losses abo...
Questa voce sull'argomento nuotatori statunitensi è solo un abbozzo. Contribuisci a migliorarla secondo le convenzioni di Wikipedia. Segui i suggerimenti del progetto di riferimento. Brad Schumacher Nazionalità Stati Uniti Altezza 193 cm Nuoto Specialità 4x100 m sl, 4x200 m sl Palmarès Competizione Ori Argenti Bronzi Giochi olimpici 2 0 0 Giochi PanPacifici 1 0 0 Universiadi 1 0 0 Per maggiori dettagli vedi qui Statistiche aggiornate al 6 agosto 2007 Modifica dati...
Presence of blood in ejaculation Medical conditionHematospermiaThe ejaculatory output of a man with severe hematospermiaSpecialtyUrology Hematospermia (also known as haematospermia, hemospermia, or haemospermia) is the presence of blood in the ejaculate. It is most often a benign symptom.[1] Among men age 40 or older, hematospermia is a slight predictor of cancer, typically prostate cancer.[2] No specific cause is found in up to 70% of cases.[3] Cause Though haem...
B. J. NovakNovak pada tahun 2008LahirBenjamin Joseph Manaly Novak31 Juli 1979 (umur 44)Newton, Massachusetts, Amerika SerikatAlmamaterUniversitas Harvard (AB)PekerjaanAktorpenulis skenariosutradakomedianpenulisproduserTahun aktif2001–sekarang Benjamin Joseph Manaly Novak[1] (lahir 31 Juli 1979) adalah seorang aktor, penulis skenario, sutradara, komedian, penulis dan produser asal Amerika Serikat. Dia telah menerima lima nominasi Primetime Emmy Award dan memenangkan dua Scr...
La questione della lingua fu la disputa su quale modello linguistico adottare nella penisola italiana; sorta in ambito letterario, ebbe la sua fase più acuta agli inizi del Cinquecento, per poi protrarsi con alterne vicende (almeno) fino ad Alessandro Manzoni. Indice 1 Dal De vulgari eloquentia di Dante al dibattito cinquecentesco 2 L'affermazione del modello bembiano 3 Il dibattito nel Settecento e nell'Ottocento 4 Schema cronologico della questione della lingua 4.1 Trecento 4.2 Quattrocent...