تألف تدخل الحلفاء في الحرب الأهلية الروسية من سلسلة من الحملات العسكرية متعددة الجنسيات التي بدأت في عام 1918. تمثلت أهدافهم في مساعدة الفيلق التشيكوسلوفاكي، وتأمين إمدادات الذخيرة والأسلحة في الموانئ الروسية، وإعادة تأسيس الجبهة الشرقية. تمكن الفيلق التشيكوسلوفاكي في بعض الفترات بين عامي 1918 و1920 من السيطرة على كامل السكك الحديدية العابرة لسيبيريا والعديد من المدن الرئيسية فيها.
هدفت هذه التدخلات الصغيرة بصورة جزئية إلى منع ألمانيا من استغلال الموارد الروسية، وهزيمة القوى المركزية، وبدرجة أقل، دعم بعض قوات الحلفاء التي حوصرت داخل روسيا بعد الثورة البلشفية.[1] وصلت قوات الحلفاء في أرخانغلسكوفلاديفوستوك في سياق حملة شمال روسيا.
استمرت دول الحلفاء بشحن الإمدادات إلى روسيا منذ بداية الحرب في عام 1914 عبر موانئ أرخانغلسكومورمانسك (التي تأسست عام 1915) وفلاديفوستوك. دخلت الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء في أبريل 1917، إذ تخلى الرئيس الأمريكيوودرو ويلسون عن تحفظاته بشأن الانضمام إلى الحرب واتخاذ القيصر المستبد حليفًا له، وبدأت الولايات المتحدة بتقديم الدعم الاقتصادي والتقني لحكومة كيرينسكي.[2]
فقدت الحرب شعبيتها في صفوف الجماهير الروسية، ونمت الاضطرابات السياسية والاجتماعية، بالتزامن مع ازدياد الدعم المقدم للحزب البلشفيالماركسي المناهض للحرب وقائده فلاديمير لينين. تمرد عدد كبير من الجنود العاديين ضد الجيش الإمبراطوري الروسي أو فروا من الخدمة. بدأ هجوم كيرينسكي في 1 يوليو [18 يونيو حسب النمط القديم] 1917، لكن الألمانوالنمساويين-المجريين هاجموا القوات الروسية وهزموها. أدى ذلك إلى انهيار الجبهة الشرقية. بات الجيش الروسي المحبط واقفًا على حافة التمرد وكان معظم الجنود قد هجروا الخطوط الأمامية. عيّن كيرينسكي لافر كورنيلوف بدلًا من أليكسي بروسيلوف بصفة القائد الأعلى للجيش (19 يوليو 1917).
حاول كورنيلوف إقامة دكتاتورية عسكرية من طريق تنفيذ انقلاب (10 سبتمبر [27 أغسطس حسب النمط القديم] 1917)؛ حصل على دعم الملحق العسكري البريطاني في بتروغراد بقيادة العميد ألفريد نوكس، واتهم وكيرينسكي نوكس بإنتاج دعاية مؤيدة لكورنيلوف. ادعى كيرينسكي أيضًا أن اللورد ميلنر، عضو مجلس وزراء الحرب البريطاني، قد كتب له رسالة تعبر عن دعمه لكورنيلوف. شارك في الانقلاب الفاشل سرب من السيارات المدرعة البريطانية بقيادة أوليفر لوكر لامبسون الذي ارتدى الزي العسكري الروسي.[3][4][5] أدت ثورة 25 أكتوبر [7 نوفمبر حسب النمط القديم] 1917 إلى الإطاحة بحكومة كيرينسكي المؤقتة وتولي البلاشفة السلطة.
غزت قوات القوى المركزية روسيا في أوائل عام 1918، واحتلت أراضي واسعة[6] وهددت بالاستيلاء على موسكو وفرض أنظمة حكم مُذعِنة. أراد لينين عقد صفقة مع ألمانيا لكنه فشل في الحصول على موافقة مجلسه حتى أواخر فبراير. في محاولة يائسة لإنهاء الحرب، وتطبيقًا لوعدوهم المطروحة في شعارهم «السلام، الخبز، الأرض»، وقعت جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية على معاهدة برست ليتوفسك (3 مارس 1918)، لتضع حدًا لإراقة الدماء. شعرت دول الحلفاء بالخيانة وانقلبت على النظام الجديد، وساعدت أعدائها «البيض» وقوات الإنزال لمنع وصول الإمدادات الروسية إلى ألمانيا.[7][تحقق من المصدر]
ألغت الخيانة كل التحفظات التي أبدتها دول الحلفاء حول الإطاحة بالبلاشفة. وفقًا لوليام هنري تشامبرلين: «فكر المسؤولون في داوننغ ستريت بوضع منطقة القوقاز تحت الحماية، بينما فكر أولئك في كي دورسيه بالمثل لكن مع فرض حمايتهم على شبه جزيرة القرموبيسارابياوأوكرانيا»، حتى قبل توقيع برست ليتوفسك، وبدأوا بالتفاوض على صفقات لتمويل الجنرالات البيض بهدف تحقيق هذه المساعي. حاول آر. إتش. بروس لوكهارت وعميل بريطاني آخر ومسؤول فرنسي في موسكو تنظيم انقلاب من شأنه الإطاحة بالنظام البلشفي، لكنهم تعاملوا مع عملاء مزدوجين ومن ثم كُشف أمرهم واعتُقلوا.[8] تتمثل إحدى الأسباب الأخرى الكامنة خلف الدعم الفرنسي والبريطاني للبيض في الرغبة بحماية الأصول التي حصلوا عليها نتيجة الاستثمار المكثف في روسيا القيصرية.[9]
سيطر الفيلق التشيكوسلوفاكي في إحدى الفترات على معظم خطوط سكة الحديد العابرة لسيبيريا وجميع المدن الرئيسية فيها. كان السجناء النمساويون المجريون من جنسيات مختلفة. انضم بعض أسرى الحرب التشيكوسلوفاكيين للجيش الروسي. لطالما رغب التشيكوسلوفاكيون في إنشاء دولتهم المستقلة، وساعد الروس على إنشاء وحدات تشيكوسلوفاكية خاصة (الفيالق التشيكوسلوفاكية) لمحاربة قوى المركز.
كفل توقيع معاهدة بريست ليتوفسك إعادة أسرى الحرب إلى أوطانهم. صرح البلاشفة في عام 1917 أنه إذا ظلت الجيوش التشيكوسلوفاكية محايدة ووافقت على مغادرة روسيا، فسيتم منحها ممرًا آمنًا عبر سيبيريا في طريقها إلى فرنسا عبر فلاديفوستوك للقتال مع قوات الحلفاء على الجبهة الغربية. سافرت الفيالق التشيكوسلوفاكية عبر سكة الحديد العابرة لسيبيريا إلى فلاديفوستوك. على أي حال، اندلع القتال بين الفيلق والبلاشفة في مايو 1918.
القوى الأجنبية عبر روسيا
أعداد جنود الحلفاء الذين كانوا موجودين في المناطق المشار إليها في روسيا:
هبط 600 جندي من القوات الفرنسية والبريطانية في أرخانجيلسك.[10]
4,192 كندي في فلاديفوستوك، 600 كندي في أرخانجيلسك[18]
انسحاب الحلفاء
انسحبت قوات الحلفاء في العام 1920. بقي اليابانيون في المقاطعات البحرية في الشرق الأقصى الروسي حتى العام 1922 وفي شمال سخالين حتى العام 1925[15]، عندما أجبر النجاح العسكري للجيش الأحمر اليابان على الانسحاب من روسيا.
التقييم من قبل المؤرخين
كان التقييم التاريخي للتدخل سلبيًا عالميًا. كتب فريدريك إل. شومان أن نتائج الحملة «كانت تسميم العلاقات بين الشرق والغرب إلى الأبد بعد ذلك، والإسهام بشكل كبير في أصول الحرب العالمية الثانية و»الحرب الباردة «اللاحقة، ولإصلاح أنماط الشك والكراهية على حد سواء. هناك بعض الأطراف التي تهدد حتى الآن الكوارث الأسوأ في الوقت المستقبلي.»[19] وقد لخص بعض المؤرخين الحديثين التدخل كالتالي: «التأثير المباشر للتدخل كان لإطالة أمد الحرب الأهلية الدموية، وبالتالي تكلف الآلاف الأرواح الإضافية وعرض الدمار الهائل على مجموعة مجتمعية مدمرة بالفعل».[20]
^John W. Long, "Plot and counter‐plot in revolutionary Russia: Chronicling the Bruce Lockhart conspiracy, 1918." Intelligence and National Security 10#1 (1995): 122–143.
^Kalypso Nicolaïdis؛ Berny Sebe؛ Gabrielle Maas (2014). Echoes of Empire: Memory, Identity and Colonial Legacies. Bloomsbury Publishing. ص. 131. ISBN:978-0857726292.
^Olson, John Stuart؛ Pappas, Lee Brigance؛ Pappas, Nicholas Charles (1994). An Ethnohistorical Dictionary of the Russian and Soviet Empires. Greenwood Publishing. ص. 273.
^E.M. Halliday, When Hell Froze Over (New York City, NY, ibooks, inc., 2000), p. 44
^Robert L. Willett, Russian Sideshow, pp. 166–167, 170
^Jaan Maide (1933). Ülevaade Eesti vabadussõjast 1918—1920 (Estonian War of Independence 1918—1920: Overview) (بالإستونية). Tallinn: Estonian Defence League.
^ أبA History of Russia, 7th Edition, Nichlas V. Riasanovsky & Mark D. Steinberg, Oxford University Press, 2005.
^Joana Breidenbach (2005). Pál Nyíri, Joana Breidenbach, ed. China inside out: contemporary Chinese nationalism and transnationalism (illustrated ed.). Central European University Press. p. 90. (ردمك 963-7326-14-6). Retrieved 18 March 2012. "At the end of the year 1918, after the Russian Revolution, the Chinese merchants in the Russian Far East demanded the Chinese government to send troops for their protection, and Chinese troops were sent to Vladivostok to protect the Chinese community: about 1600 soldiers and 700 support personnel." As well, there were reports of Canadian soldiers fighting Kettites, Chinese Communists (perhaps left-wing adventurers), in the Murmansk area (as recorded in war diary of E.H. Cope, North Russia Expeditionary Force, Provincial Archives of Alberta, 68.101/3).
^Grey, Jeffrey (October 1985). "A 'Pathetic Sideshow': Australians and the Russian Intervention, 1918–19". Journal of the Australian War Memorial. Canberra: Australian War Memorial. 7. ISSN 0729-6274