بلغت الدولة ذروة مجدها وقوتها مع صعود جلال الدين أكبر للعرش، وتمتعت الهند تحت حكم أكبر وابنه جهانكير بتقدم اقتصاد البلاد والتعايش الديني، واهتم الحكام بالأديان المحلية والتقاليد الثقافية، وامتدت أراضيها لتشمل أنحاء واسعة من شبه قارة الهند.
أسماء الإمبراطورية المغولية
أطلق معاصرو بابور على الإمبراطورية التي أنشأها بابور اسم الإمبراطورية التيمورية، وهو مصطلح يستخدمه المغول أنفسهم أيضًا.[8] اسم آخر لإمبراطورية المغول هو هندوستان، وهو مسجل في عين أكبري ويقال إنه الأقرب إلى الاسم الرسمي للإمبراطورية.[9] تشير الوثائق الإدارية المغولية إلى هذه الإمبراطورية باسم بلادِ هندوستان أو بلاد الهندوستان و ولايتِ هندوستان أو ولایة الهندوستان.[10] استخدم الغربيون كلمة مغول أو موغل للإشارة إلى إمبراطور وإمبراطورية كبيرة.[11] قام الإمبراطور الأخير بهادور شاه ظفر بنفسه بتعيين إمبراطوريته على أنها هندوستان في هندوستاني.[12][13] كلمة مغول أو موغل مشتقة من الفساد العربي والفارسي للمغول، على الرغم من أن أسلاف بابور كانوا أكثر تأثراً بالثقافة الفارسية من المغول. وبغض النظر عن هذا، فقد كانت هذه الإمبراطورية تسمى في اللغة العربيةسلطنة الهندية، وهو ما يدل على ذلك اللقب الملكي أورنجزيب.[14]
التاريخ
الصراع مع الصوريين
ينحدر مؤسس السلالة ظهير الدين بابر (باپُر) من تيمورلنك (عن طريق أبيه) وجنكيز خان (عن طريق أمه). كان منذ 1497 م أميرا على سمرقند (إمارة فرغانة). استولى سنة 1504 على كابل، ثم زحف من هناك على الهند، بعدما استعداه بعض أمراءها على حاكمهم. بعد انتصاره على اللودهيين، أصبح شاهاً (1526-1530 م) على الهند (شمال ووسط الهند). قام السلطان الصوري شر شاه يطرد ابنه همايون (1530-1556 م) سنة 1540 م إلى فارس. استطاع همايون أن يستعيد سلطته مجددا سنة 1555 م.
مرحلة الأوج
بلغت الدولة أوجها السياسي أثناء عهد السلطان أكبر (1556-1605 م)، والذي أكمل سيطرته على كامل بلاد هندوستان (باكستان وشمال الهند) وزحف إلى الشرق حتى البنغال، ثم أدخل كل الدول الإسلامية (و غيرها) الواقعة هناك تحت سلطته. كانت سياساته تقوم على التسامح، كما حاول أن يعامل المسلمين والهنود بالتساوي، قام بتجديد نظام الإدارة في الدولة. تواصلت جهود تطوير الدولة المغولية في عهد كل من جهنگير (جهانگير) (1605-1627 م) ثم شاه جهان (1628-1658 م). تكثفت عملية التبادل التجاري مع البلدان الأوروبية (عن طريق شركة الهند الشرقية البريطانية)، وعمت الدولة حالة من الرخاء.
المرحلة الأخيرة
قام أورنكزيب (1658-1707 م) أحد آخر السلاطين الكبار بغزو بيجابور (جنوب الهند) سنة 1686 م، ثم كلكندة سنة 1687 م. مال أثناء حكمه إلى أخذ أصحاب الطوائف الأخرى (عدا الطائفة السنية) بالشدة على حساب سياسة المساواة بين أتباع الطوائف المختلفة. منذ القرن الـ17 م أصبحت الهند تواجه ضغوطا سياسية واقتصادية من طرف البرتغاليين أولا ثم البريطانيين. أصبح المغول بعد سنة 1707 م يتلقون الهزيمة تلو الأخرى. سنة 1739 م يقوم (نادر شاه) (شاه بلاد فارس) بالاستيلاء على دلهي. سنة 1803 م جاء دور البريطانيين للاستيلاء على الهند. تم خلع آخر السلاطين (محمد بهادر شاه) سنة 1857 م من طرف البريطانيين وأصبحت الملكة فيكتوريا تلقب باسم «إمبراطورة الهند».
كان من مظاهر التجاوب بين الثقافتين الهندية والإسلامية تطور اللغة الاردية التي تعد مزيجا من لغات الحاكمين والمحكومين أي من الفارسية أساسا وما تسرب إليها من ألفاظ عربية كثيرة ومصطلحات اللهجة المحلية الهندية بدأت ألفاظ كثيرة من لغات الفاتحين تتسرب إلى لهجات الهند منذ ان غزا محمود الغزنوى هذه البلاد واستقر خلفاؤه من بعده فيها
المجتمع المغولي
ظل الاقتصاد الهندي مزدهر تحت حكم المغول كما كان، بسبب إنشاء شبكة الطرق والعملة الموحدة، جنبا إلى جنب مع توحيد البلاد. السلع الصناعية والمحاصيل الزراعية كانت تباع في جميع أنحاء العالم . وتشمل الصناعات الرئيسية بناء السفن (كانت صناعة بناء السفن الهندية متقدمة كأوروبا ويبيع الهنود أيضاً هذه السفن للشركات الأوروبية)، والمنسوجات، والفولاذ.
حافظ المغول على أسطول صغير، الذي كان يحمل الحجاج إلى مكة المكرمة، ويستورد بعض الخيول العربية إلى سورت.ديبل في السند كانت في الغالب مستقلة. حافظ المغول أيضا على السفن الشراعية النهرية داو (سفينة)، والتي تنقل الجنود على الأنهار وتحارب المتمردين. ومن بين الأدميرالات المعروفين كان هناك يحيى صالح، مناوار خان، ومحمد صالح كامبو. أيضا حمى المغول حبش جانجيرا. وكان بحارتها ذائعو الصيت غالبا ما يرحلوا إلى الصين وساحل شرق أفريقيا السواحيلية، مع بعض المواد المغولية المستهلكة في القطاع الخاص.
ازدهرت المدن والبلدات تحت حكم المغول. وعادةً ما كانت هذه المدن عبارة عن مراكز عسكرية وسياسية، وليست مراكز تصنيع أو تجارة. فقط تلك النقابات التي تنتج السلع للبيروقراطية جعلت البضائع في المدن؛ واستندت معظم الصناعة في المناطق الريفية. بنى المغول أيضا مكتبات في كل محافظة واقعة تحت سلطتهم، حيث كان يُدرّس فيها الناشئة القرآن والشريعة الإسلامية بلغاتهم مثل فتاوى الأمجيري .
كانت منطقة البنغال مزدهرة خاصةً عند وقوعها تحت حكم المغول في 1590 إلى استيلاءها والسيطرة على شركة الهند الشرقية البريطانية في 1757. معظم الثروة تم تخزينها من قبل الطبقات الراقية، أجور الأيدي العاملة كانت منخفضة. كان الرق محدود إلى حد كبير بالنسبة لخدم المنازل. بعض الطوائف الدينية أكدت بفخر المكانة العالية للعمل اليدوي.
كان النبلاء هيئة متجانسة؛ في حين كانوا يتألفوا أساسا من طبقة راجبوت الأرستقراطية وعدد من أجانب الدول الإسلامية، ويمكن للناس من جميع الطوائف والقوميات كسب اللقب من الإمبراطور. الطبقة الوسطى من التجار الأثرياء هم عدد قليل يعيشون في المدن الساحلية؛ تظاهر جزء كبير منهم بالفقر لتجنب الضرائب. كان الجزء الأكبر من الشعب فقير .ومستوى معيشتهم منخفض مثل، أو أعلى قليلا من مستوى معيشة فقراء الهنود تحت الحكم البريطاني. أياً كانت الفائدة التي جلبها البريطانيون من القنوات والصناعة الحديثة تم اضعافها بسبب ارتفاع النمو السكاني، وارتفاع الضرائب، وانهيار الصناعة التقليدية في القرن التاسع عشر.
^Balfour، E.G. (1976). Encyclopaedia Asiatica: Comprising Indian-subcontinent, Eastern and Southern Asia. New Delhi: Cosmo Publications. S. 460, S. 488, S. 897. ISBN:978-81-7020-325-4.