كما كانت الحال في تونسومصر سابقاً، فقد كان للجيش دور كبير في ليبيا أيضاً بدعم الثورة وتقويتها بالرغم من عدم إقصائه للنظام الحاكم كما حدث في الحالتين السابقتين. فقد تبين خلال ثورة 17 فبراير أن الجيش لليبي لا يُعطي ولاءه الكامل للقذافي بالرغم من مُحاولاته المُستمرة، وقد ظهرت مئات أو حتى آلاف الاستقالات في صفوفه مُباشرة بعد بدأ المجازر في بنغازي وبدأت سلسلة كبيرة جداً من الانشقاقات[1] التي اضطرت القذافي لاستخدام المرتزقة الأفارقة في النهاية.[2]
كانت ردة الفعل قوية في أنحاء ليبيا مع بدأ الثورة، فقد أعلن الأمن العام بمدينة البيضاء الانضمام يوم 17 فبراير إلي المتظاهرين [3][4] كما أنضم الأمن سريعاً في مدينة بنغازي وتبرؤه من نظام القذافي، كما انضمت من بنغازي قوات «قاعدة بنينا الجوية» - الواقعة في ضواحي المدينة - و«ثكنة الفرسان» - واحدة من أقوى كتائب المدرعات في البلاد - و«القوات البحرية في بنغازي» - بحرية المدينة - إلى الثوار وتخلت هي الأخرى عن النظام. وفضلاً عن هذه المدينة، فقد أعلنت قوات تنتمي إلى الأمن والجيش في طبرقوأجدابياومصراتة وحتى طرابلس.[5]
بالإضافة إلى هذه الأجهزة، شهدت قوات القذافي وكتائبه عدة انشقاقات وعصى العديد من جنوده أوامر بقصف المدنيين. فمثلاً، في يوم 23 فبراير أرسل القذافي طائرتينوسفينتين حربيتين إلى بنغازي لكي يقصفوها ويَقمعوا المُتظاهرين، لكن قائدي الطائرتين ورباني السفينتين امتنعوا عن تنفيذ هذه الأوامر ولجؤوا جميعاً في أوقات متقاربة إلى جزيرة مالطا هرباً من القذافي.[6] وفي اليوم ذاته كان الزعيم الليبي قد أرسل طائرة أخرى غير هؤلاء لقصف المدينة، لكن قائدها رفض تنفيذ الأوامر[7] فهدده مُساعده بمسدس إذا لم يَستجب لأمر القذافي، ولذا فقد قفز قائد الطائرة بمظلة واضطر مساعده بدوره للقفز منها فتحطمت في الصحراء قرب بنغازي.[8] وقد شهدت صفوف الجيش عشرات الانشقاقات الأخرى المماثلة التي ساهمت في تغيير مسار الثورة إلى صالح الشعب الليبي.
يَسود في دولة ليبيا بشكل عام نظام الانتماء القبلي إلى حد كبير، وقد ساعدت الطبيعة البدوية لسكان البلاد على رعاية هذا النظام وإبقائه على مر القرون، وقد كان لهذا دور كبير في التحكم بالتوجه السياسي لليبيا على مدى تاريخها الحديث بما في ذلك الاستقلال عن العثمانيين والمقاومة ضد الاستعمار، ولذا فقد كان لهذه القبلية دورها في ثورة 17 فبراير الليبية هي الأخرى. ومن العوامل التي ساعدت على إعطاء هذا الدور للقبائل أن الزعيم الليبي معمر القذافي كان يُفرق بينها، فيُعطي الجاه ومناصب الدولة للقبائل الأقرب نسباً والأوثق علاقة معه ومع قبيلته، أما المناصب الأعلى والأهم والأكثر نفوذاً على الإطلاق فقد كانت حكراً على قبيلته نفسها وهي القذاذفة التي أعطى لأفرادها مناصب الحكومة العليا. وقد خلق هذا التفريق العنصري القبلي في الدولة الليبية حدة وضغينة اتجاه القذافي وقبيلته، كما وُلد تنافس كبير على النفوذ والجاه في المناصب الحكومية خصوصاً مع قبيلة المقارحة التي عدتها بعض الدراسات مُرشحة للانقلاب عسكرياً على نظام القذافي.[9]
شهدت القوات المسلحة الليبية سلسلة متواصلة من مئات أو ربما آلاف الاستقالات في صفوف جنود الجيش وأحياناً ضباطه مباشرة بعد بدأ القذافي لمذابحه في بنغازي بعد بدأ الثورة ببضعة أيام،[1] وقد تضمن هذا أيضاً وحدات الشرطة لليبية بل وعشرات الدبلوماسيين الليبيين في الخارج ومسؤولي الحكومة ذوي المناصب العليا. وربما يَكون من أهم المستقيلين والمنضمين للثورة الليبية وزيرا العدل مصطفى عبد الجليل والداخلية عبد الفتاح يونس العبيدي الذين أعلنا استقالتهما خلال الأسبوع الأول للاحتجاجات وأصبحا ذا أهمية في قيادة الثورة.[10][11] وفيما يَلي قائمة بأهم الشخصيات الحومية التي أعلنت استاقلتها كنتيجة للثورة:
أبدت السفارات الليبية حول العالم رد فعل قوي على قمع الثورة في ليبيا، وقد شهدت العديد منها احتجاجات، بما في ذلك السفارة الليبية في ماليزيا التي اقتحمها 200 متظاهر وأخذوا يَهتفون ضد النظام وحطموا بعض رموز نظام القذافي التي كانت في مبنى السفارة، وبدوره أعرب السفير عن احتجاجه على العنف ضد المتظاهرين بالرغم من عدم استقالته.[14] وبالإضافة إلى ذلك، فقد استقال أعضاء أو سكرتيرون في العديد من السفارات الأخرى بما في ذلك بلجيكاوالسويدوالأمم المتحدة. وفيما يلي قائمة بسفراء ليبيا في دول الخارج الذين أعلنوا استقالتهم وانضمامهم للثورة احتجاجاً على أعمال القذافي ضد المتظاهرين: