الحروف المقطعة، والمقطعات وأوائل السور وفواتح السور أو الفواتح، هي حروف تبتدأ بها بعض سور القرآن الكريم، افتُتحت بها تسعٌ وعشرون سورةً من سُوَر القرآن.[1] جمعها بعضهم بعد إزالة المكرر من الأحرف بقوله: «نص حكيم قاطع له سر».[2]
اختلف العلماء في تفسير معنى الحروف المقطعة التي تصدرت في بعض سور القرآن الكريم، فمنهم رد علم ذلك إلى الله ومنهم من فسرها، والذين فسروها اختلفت أقوالهم كالآتي:
ولو رتّبت الأحرف «ترتيبًا هجائيًا» مع إزالة المتكرر منها نجدها 14 حرفا هي: «ا ح ر س ص ط ع ق ك ل م ن ه ي». وقد جُمعت الأحرف وركّبت عند بعضهم لتكوّن جملٌ مختلفة يسهل حفظ أي واحدة منها كما أدناه:
ومن الأقوال الأخرى عن الحروف المقطعة:
أولا: مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا، وهي: ا ل م ص ر ك ه ي ع ط س ح ق ن، يجمعها قولك: نص حكيم قاطع له سر. وهي نصف الحروف عددا، والمذكور منها أشرف من المتروك، وبيان ذلك من صناعة التصريف.
ثانيًا: لا شك أن هذه الحروف لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثا ولا سدى؛ ومن قال من الجهلة: إنه في القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلية، فقد أخطأ خطأ كبيرا. فتعين أن لها معنى في نفس الأمر، فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به، وإلا وقفنا حيث وقفنا، وقلنا: (آمنا به كل من عند ربنا).
ثالثًا: في الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور، ما هي؟ مع قطع النظر عن معانيها في أنفسها. فقال بعضهم: إنما ذكرت لنعرف بها أوائل السور حكاه ابن جرير، وهذا ضعيف؛ لأن الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه، وفيما ذكرت فيه بالبسملة تلاوة وكتابة. وقال آخرون: بل ابتدئ بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين - إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن - حتى إذا استمعوا له تلي عليهم المؤلف منه. حكاه ابن جرير - أيضا -، وهو ضعيف أيضا؛ لأنه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها، بل غالبها ليس كذلك، ولو كان كذلك - أيضا - لانبغى الابتداء بها في أوائل الكلام معهم، سواء كان افتتاح سورة أو غير ذلك. ثم إن هذه السورة والتي تليها أعني البقرة وآل عمران مدنيتان ليستا خطابا للمشركين، فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوهِ.
وقال آخرونَ: بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه [تركب] من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها. ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة، ولهذا يقول تعالى:(الم ذلك الكتاب لا ريب فيه) [ البقرة: 1، 2 ]. (الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه) [ آل عمران: 1 - 3 ]. المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه) [ الأعراف: 1، 2 ]. الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم) [ إبراهيم: 1 ] (الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين) [ السجدة: 1، 2 ].(حم تنزيل من الرحمن الرحيم)[ فصلت:1,2]. (حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم) [ الشورى: 1 - 3 ]، وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤُلَاءِ لمن أمعن النظرَ، والله أعلمُ.[5]
يعني بالقاف: قد وقفت.