هيروديون أو جبل فريديس أو جبل الإفرنج (باليونانية: Ἡρώδειον) (بالعبرية: הרודיון) هي قلعة وبلدة قديمة في الضفة الغربية تقع على مرتفع صناعي مخروطي الشكل كالبركان، قطره 100 م. على بُعد 12 كم (7.5 ميل) جنوب مدينة القدس، و5 كم (3.1 ميل) جنوب شرق بيت لحم، وتقع بين قريتي زعترةوجناتا، والمتاخمة لمستوطنة سديه بار الإسرائيلية ولقاعدة عسكرية من الجنوب. يبلغ ارتفاع جبل الفريديس 758 مترًا (2,487 قدمًا) فوق مستوى سطح البحر.[1][2] وهو يشرف على مدينة القدس، ومنطقة الأغوار وما حولها، أقامه هيرودوس الكبير خلال الفترة (72 – 4 ق.م)، أواخر القرن الأول قبل الميلاد، وجعله حصناً منيعاً محاطاً بخندق يملئه الماء، ووراء الخندق سور مستدير حول المنطقة، وقد بني بالحجارة الضخمة، وأقيمت فيه أبراج للمراقبة، وبنى حوله مدينة أطلق عليها اسم (هيروديا)، وزينها بعدد من الحدائق وبرك السباحة.[3][4][5]
حمل الموقع عدة أسماء قبل نشر أبحاث الكتاب المقدس في فلسطين عام 1841، مثل جبل الفرنجة، أو جبل الفردوس الصغير، أو بيتوليا. وقد استند تعريف إدوارد روبنسون للموقع على أن اسم الموقع "هيروديوم" إلى الوصف الموجود في كتب يوسيفوس فلافيوس.[6][7] وصف يوسيفوس قصرًا وحصنًا وبلدة صغيرة، سُميت على اسم هيرودس الكبير، وتم بناؤها في الفترة ما بين (23-15 ق.م). ويُزعم أن التابوت الحجري المكتشف في عام 2007 ينتمي إلى هيرودس لأنه كان أكثر زخرفة من التوابيت الأخرى الموجودة في المنطقة.[8][9]
هيروديون حسب التسميات الأجنبية هو الموقع الوحيد الذي سمي على اسم الملك هيرودس الكبير. وقد أطلق عليه الصليبيون اسم "جبل الفرنجة". كما أطلق عليه السكان المحليون الفلسطينيون تاريخيًا اسم جبل الفردوس أو جبل الفريديس بمعنى جبل الجنة. وصفه إدوارد روبنسون في عام 1838 بأنه "جبل الفرنجة"، في إشارة إلى جبل الفردوس.[11]
الاسم الإنجليزي الحديث هو ترجمة حرفية للتهجئة اليونانية (باليونانية: Ἡρώδειον)، كما أن التهجئة باللغة العربية الحديثة (هيروديون). تم العثور على اسم هيرودس في ستينيات القرن الماضي منقوشًا في إحدى رسائل بار كوخبا التي تم استخراجها من كهوف وادي مربعات في صحراء الخليل، ويُعتقد أنه يمثل الاسم العبري الأصلي للموقع.
في يوليو 2020 سيجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الجبل وعزلته عن الجوار الفلسطيني، في إجراء شمل أيضا إغلاق طريق تاريخي يشق المنطقة وصولا إلى البحر الميت والمسمى بالطريق القديم.[12]
التاريخ
التأسيس
بعد الغزو الفرثي لسوريا وتحديدًا في عام 40 قبل الميلاد، هرب هيرودس إلى جبل مسعدة. وفي أثناء مروره من موقع جبل الفريديس، اشتبك هيرودس مع اليهود الموالين لعدوه أنتيجونوس الحشموني، وخرج منتصرًا. وبحسب المؤرخ اليهودي الروماني يوسيفوس فلافيوس فقد كتب "بنى مدينة في تلك البقعة تخليداً لذكرى انتصاره، وعززها بقصور رائعة، وسماها هيروديون على اسمه".[13] وقدم يوسيفوس وصفًا كاملًا للمكان، وقال عنها:
«وهذه القلعة التي تبعد عن القدس نحو 60 ستاديون،[14] هي قوية بطبيعتها ومناسبة جداً لمثل هذا البناء، إذ يوجد بالقرب منها إلى حد معقول تلة، ترتفع إلى ارتفاع أكبر من يد الإنسان، وتدور في الأفق على شكل الثدي. وعلى مسافات متقطعة توجد أبراج مستديرة، ولها مصعد شديد الانحدار يتكون من مائتي درجة من الحجر المنحوت. ويوجد بداخلها شقق ملكية باهظة الثمن مصممة للحماية والزينة في نفس الوقت. وفي قاعدة التل توجد مناطق ترفيهية مبنيّة بطريقة تستحق المشاهدة بالإضافة لمشاهد أخرى، وذلك بسبب الطريقة التي يتم فيها جلب المياه التي يحتاجها هذا المكان، ومن مسافة بعيدة وبتكلفة كبيرة. وقد تم بناء السهل المحيط كمدينة لا مثيل لها، حيث كان التل بمثابة أكروبوليس للمساكن الأخرى.[15]»
بعد 60 عام من تدمير المدينة، وفي بداية ثورة بار كوخبا، أعلن شمعون بار كوخبا أن الجبل أصبح مقرًا ثانويًا له. كان يقود القلعة يشوع بن جلجولا، الذي كان على الأرجح في الخط الثاني أو الثالث لقيادة بار كوخبا. تم العثور على الأدلة الأثرية للثورة في جميع أنحاء الموقع، من المباني الخارجية إلى نظام المياه تحت الجبل. وداخل نظام المياه تم اكتشاف جدران داعمة بناها المتمردون، كما تم العثور على نظام آخر من الكهوف. وعثر داخل أحد الكهوف على خشب محروق يعود تاريخه إلى زمن الثورة.