أبو ذر الغفاري

أبو ذر الغفاري
معلومات شخصية
اسم الولادة جُنْدَب بن جُنادَة بن سفيان
مكان الميلاد الحجاز
الوفاة 31 هـ أو 32 هـ[1][2][3]
الربذة
الكنية أبو ذر
إخوة وأخوات
أقرباء أخوه لأبيه:
أنيس بن جنادة
أخوه لأمه:
عمرو بن عبسة
الحياة العملية
النسب الغفاري الكناني
عدد الأحاديث التي رواها 281 حديث
التلامذة المشهورون أنس بن مالك  تعديل قيمة خاصية (P802) في ويكي بيانات
المهنة داعية، ومُحَدِّث، وتاجر
اللغات العربية  تعديل قيمة خاصية (P1412) في ويكي بيانات
الخدمة العسكرية
المعارك والحروب غزوة حنين
غزوة تبوك
الفتح الإسلامي للشام

أبو ذر جُنْدَب بن جنادة الغفاري (المتوفى سنة 31 هـ أو 32 هـ) صحابي[5] من السابقين إلى الإسلام. قيل إنَّه رابع أو خامس من دخل في الإسلام، وأحد الذين جهروا بالإسلام في مكة قبل الهجرة النبوية.

كان أبو ذر الغفاري في الجاهلية يتكسَّب من قطع الطريق،[6][7] كما كان موحدًا، ولا يعبد الأصنام.[8][9] وحين بلغته الأخبار بأن هناك من يدعو للتوحيد في مكة، سارع إلى الإسلام، فكان من السابقين إلى الإسلام.[10][11] هاجر إلى المدينة المنورة بعد غزوتي بدر وأحد،[9][12] ولزم النبي، وشارك في غزواته.[10]

شهد أبو ذر فتح بيت المقدس مع عمر بن الخطاب،[13] وأقام في الشام.[10] تسببت حدَّته في فساد العلاقة مع والي الشامِ معاوية بن أبي سفيان، فكتب معاوية يشكوه إلى عثمان بن عفان بأنه أفسد عليه الشام، فطلبه عثمان؛ فخرج أبو ذر إلى المدينة.[14] وفي المدينة حدثت خلافات، فخرج إلى الرَّبْذَة،[15][16] وتوفي فيها سنة 31 هـ أو 32 هـ،[3][17] وصلى عليه عبد الله بن مسعود،[3][18] وألحده بنفسه.[18]

كان أبو ذر زاهدًا عالمًا، قال عنه الذهبي في ترجمته في كتابه «سير أعلام النبلاء»: «وَكَانَ رَأْسًا فِي الزُّهْدِ، وَالصِّدْقِ، وَالعِلْمِ، وَالعَمَلِ، قَوَّالًا بِالحَقِّ، لاَ تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، عَلَى حِدَّةٍ فِيْهِ».[10]

سيرته

نشأته ونسبه

نشأ أبو ذر الغفاري في مضارب قبيلته غِفار أحد بطون بني بكر بن عبد مناة بن كنانة، وكانت مضاربها على طريق القوافل بين مكة والشام، واشتهرت بالسطو على القوافل.

أما اسمه ونسبه فقد تضاربت فيه عدة أقوال فقيل اسمه هو جندب بن جنادة،[3][10] وقيل جندب بن السكن،[3][10] وقيل برير بن جنادة،[3][10] وقيل برير بن عبد الله،[3][10] وقيل يزيد بن جنادة،[10] وقيل برير بن جندب،[11] وقيل برير بن عشرقة،[3][11] وقيل جندب بن عبد الله،[3][11] وقيل بُرَيْرُ بْنُ جنادة،[19] أما نسبه فقيل هو جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة،[3][10] وقيل جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.[3][11] وقيل جندب بن جنادة بن كعيب بن صعير بن الوقعة بن حرام بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.[20] والمشهور والثابت أن اسمه هو «جُنْدَب بْنُ جُنَادَةَ».[21] أما أمه فهي رملة بنت الوقيعة الغفارية،[11][22] وهو أخو عمرو بن عبسة السُلمي لأمه.[23][24]

صفاته

كان أبو ذر الغفاري رجلًا آدمًا ضخمًا جسيمًا، كث اللحية،[25] طويلًا، أبيض الشعر واللحية،[26][27] لكن صاحب الإصابة يذكر أنه كان نحيفًا (لا جسيمًا).[28] وكان أبو ذر آية في الزهد وحب الفقراء، عطاؤه من بيت المال أربعة آلاف، فكان إذا أخذ عطاءه، يدعو خادمه، فيسأله شراء ما يكفيهم للسنة، ثم يستبدل بباقي المال نقودًا يفرقها على الفقراء، ويقول: «إنه ليس من وعاء ذهب ولا فضة يوكى عليه إلا وهو يتلظى على صاحبه».[29][30]

حياته في الجاهلية

كان أبو ذر الغفاري في الجاهلية يتكسب من قطع الطريق، وعُرف عنه شجاعته في ذلك، فكان يُغير بمفرده في وضح النهار على ظهر فرسه، فيجتاز الحي، ويأخذ ما يأخذ.[6][7] ورغم مهنته تلك، كان موحّدًا، ولا يعبد الأصنام،[9] وذكره محمد بن حبيب البغدادي فيمن «حرم في الجاهلية الخمر والسكر والازلام».[31]

إسلامه وصحبته للنبي

مسجد منسوب لأبي ذر الغفاري في ميس الجبل في جنوب لبنان

حين بلغته الأخبار بأن هناك من يدعو للتوحيد في مكة، سارع إلى الإسلام، فكان من السابقين إلى الإسلام على خلاف أكان رابع أربعة أم خامس خمسة انضمامًا إلى الإسلام.[10][11]

ووردت روايتان حول قصة إسلامه، الأولى أنه بلغه مبعثُ النبيّ، فقال لأخيه أُنَيْس: «اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني»، فانطلق أنيس وسمع قوله، ثم رجع إلى أبي ذر، فقال له: «رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، ويقول كلامًا ما هو بالشعر»، فقال أبو ذر: «ما شفيتني مما أردت»، فتزوّد أبو ذر، وقدم مكة، والتمس النبي وهو لا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل، فاضطجع فرآه علي بن أبي طالب فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه، واستضافه ثلاثة أيام، ثم سأله عن سبب قدومه، قال أبو ذر: «إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا أن ترشدني فعلت»، ففعل علي فأخبره، فقال: «إنه حقّ، وإنه رسول الله ، فإذا أصبحت فاتبعني، فإني إن رأيت شيئًا أخافه عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي»، ففعل، وانطلق يلحق به حتى دخل على النبي، وسمع من قوله، فأسلم لوقته، ثم أمره النبي قائلاً: «ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري»، فقال أبو ذر: «والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم»، فخرج حتى أتى المسجدَ فنادى بأعلى صوته: «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله»، فقام القوم إليه فأوسعوه ضربًا حتى أضجعوه، وأتى العباس بن عبد المطلب، فأكبَّ عليه ليمنع عنه، وقال: «ويلكم، ألستم تعلمون أنه من غِفار! وأنه من طريق تجارتكم إلى الشام؟»، فأنقذه منهم.[32] أمّا الرواية الثانية فقد رواها مسلم في «صحيحه» عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر.[32]

انطلق أبو ذر بعدها إلى قومه امتثالًا لأمر النبي لدعوتهم إلى الإسلام، فلبّى نصف قومه دعوته، وأقام فيهم يقيم معهم شعائر الإسلام، يؤمهم كبيرهم إيماء بن رحضة الغفاري، وبقي نصفهم الآخر على شرْكه حتى هاجر النبي إلى المدينة المنورة، فأسلم بقية قومه، وتبعتهم قبيلة أسلم، ثم وفدوا على النبي، وفيهم أبو ذر، فدعا لهم النبي فقال: «غِفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله».[6][33] وكان مَقدم أبي ذر على النبي في المدينة المنورة بعد غزوة أحد،[9][12] وقال ابن قتيبة الدَّيْنَوَري: «لم يشهد «بدرًا» ولا «أحدًا» ولا «الخندق»، لأنه حين أسلم رجع إلى بلاد قومه، فأقام فيها، حتى مضت هذه المشاهد، ثم قدم «المدينة» على رسول الله --».[34]

منظر عام للمدينة المنورة قديمًا، حيث هاجر إليها أبو ذر الغفاري.

ما إن هاجر أبو ذر حتى لازم النبي، وشاركه في غزواته.[10] قيل إن النبي آخى بينه وبين المنذر بن عمرو، قال ابن إسحاق: «آخَى رَسُولُ اللَّهِ -- بَيْنَ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَالْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو أَحَدِ بَنِي سَاعِدَةَ وَهُوَ الْمُعْنِقُ لِيَمُوتَ»، وأنكر محمد بن عمر هذه المؤاخاة، وقال: «لَمْ تَكُنِ الْمُؤَاخَاةُ إِلا قَبْلَ بَدْرٍ فَلَمَّا نَزَلَتْ أَيَّةُ الْمَوَارِيثِ انْقَطَعَتِ الْمُؤَاخَاةُ».[35]

يُذكر أن النبيّ استعمل على المدينة أبا ذر لما خرج إلى غزوة ذات الرقاع، ويقال إنه استعمل عليها عثمان بن عفان،[36] ولما خرج النبي إلى غزوة بني المصطلق استعمله على المدينة؛ وقيل إنه استعمل نميلة بن عبد الله الليثي،[37] كما حمل أبو ذر راية قبيلته غفار يوم حنين، ولما انطلق النفير ليجمع الرجال للمسير إلى قتال الروم في غزوة تبوك، تحسس المسلمون المتخلفين عن الغزوة، وأعلموا النبي، فقالوا: «يا رسول الله، تخلّف فلان»، فقال النبي: «دعوه، إن يكن فيه خير فسيلحقكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه»، حتى قيل: «يا رسول الله، تخلف أبو ذر»، وكان بعير أبي ذر قد أبطأ به، فأخذ متاعه، فجعله على ظهره، وخرج يغذُّ السير يتبع الجيش ماشيًا، ونظر ناظر، فقال: «إن هذا لرجل يمشي على الطريق»، فقال النبي: «كن أبا ذر»، فلما تأمله القوم، قالوا: «هو والله أبو ذر»، فقال النبي: «رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث وحده».[38]

كان أبو ذر أثناء إقامته بالمدينة يقوم على خدمة النبي، حتى إذا فرغ من خدمته، أوى إلى المسجد لينام. وجده النبي يومًا نائمًا في المسجد، فنكته برجله، فاستوى أبو ذر جالسًا، فقال النبي: «ألا أراك نائمًا؟»، قال أبو ذر: «فأين أنام، هل لي من بيت غيره؟»، فجلس النبي إليه، ثم قال: «كيف أنت إذا أخرجوك منه؟»، قال أبو ذر: «ألحق بالشام؛ فإن الشام أرض الهجرة، وأرض المحشر، وأرض الأنبياء، فأكون رجلاً من أهلها»، فقال النبي: «كيف أنت إذا أخرجوك من الشام؟»، قال: «أرجع إليه؛ فيكون بيتي ومنزلي»، قال النبي: «فكيف أنت إذا أخرجوك منه الثانية؟»، قال أبو ذر: «آخذ إذًا سيفي فأقاتل حتى أموت»، فكشّر النبي، وقال: «أدلك على خير من ذلك؟»، قال: «بلى، بأبي وأمي يا رسول الله»، فقال النبي: «تنقاد لهم حيث قادوك، حتى تلقاني وأنت على ذلك».[39] ولما اتسعت رقعة دولة الإسلام في آخر حياة النبي سأل أبو ذر النبيَّ الإمارةَ، فأبى النبيُّ وقال: «إنك ضعيف، وإنها خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها».[18][40]

روايته للحديث النبوي

بعد وفاة النبي

شارك أبو ذر في الفتح الإسلامي للشام بعد وفاة النبي، وشهد فتح بيت المقدس مع عمر بن الخطاب،[13] وبعد الفتح أقام في الشام، وتذكر بعض المصادر الشيعية أن عثمان هو الذي نفاه إلى الشام،[16] وكان يُفتي الناس ويُعلّمهم أمور دينهم، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ولكن في حِدّة.[10] تسببت حدته تلك في فساد العلاقة مع معاوية بن أبي سفيان والي الشام حين اختلفوا في آية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ۝٣٤ [التوبة:34] فيمن نزلت، إذ قال معاوية: «نزلت في أهل الكتاب»، بينما قال أبو ذر: «نزلت فينا وفيهم»،[14] فكتب معاوية يشكوه إلى الخليفة عثمان بن عفان بأنه أفسد عليه الشام، فطلبه عثمان؛ فخرج أبو ذر إلى المدينة.[14] أقام أبو ذر في المدينة يدعو الناس بنفس المنهج الحاد، مما دعا الخليفة عثمان لمعاملته معاملة خاصة يغالبها الحذر. حتى إذا كان يوم كان فيه أبو ذر عند باب عثمان ليؤذن له، إذ مر به رجل من قريش، فقال: «يا أبا ذر، ما يجلسك هاهنا؟»، قال أبو ذر: «يأبى هؤلاء أن يأذنوا لنا»، فدخل الرجل فقال: «يا أمير المؤمنين، ما بال أبي ذر على الباب؟». فأذن له، فجاء حتى جلس، فإذا عثمان يسأل كعب الأحبار في ميراث يُقسّم: «أرأيت المال إذا أدي زكاته، هل يخشى على صاحبه فيه تبعة؟»، فقال كعب: «لا»، فقام أبو ذر فضربه بعصا، ثم قال: «يا ابن اليهودية، تزعم أن ليس عليه حق في ماله، إذا آتى زكاته، والله يقول: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ۝٩ [الحشر:9]. ويقول: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ۝٨ [الإنسان:8]»، وجعل يذكر نحو ذلك من القرآن، فقال عثمان للقرشي: «إنما نكره أن نأذن لأبي ذر من أجل ما ترى».[15] لم يستطع أبو ذر أن يتأقلم مع ذلك، وروى البخاري في صحيحه أنه ذكر ذلك لعثمان فقال عثمان: «إن شئت تنحَّيتَ، فكنتَ قريبًا»،[45] فخرج أبو ذر للإقامة في الربذة.[46] بينما ذكر ابن هشام أن عثمان نفاه إلى الربذة.[16][47]

علمه ومكانته

قبر أبي ذر في الربذة.

كان أبو ذر حريصًا على التعلم من النبي، فكان يُكثر سؤاله، حتى أصبح أبو ذر علمًا مُقدّمًا للفتوى على عهد أبي بكر وعمر وعثمان،[39] بل كان يُعد موازيًا لابن مسعود في علمه، مما دعا الخليفة عُمر لأن يفرض له فرضه كأهل بدر رغم أنه لم يشهدها.[17][48] وكان علي بن أبي طالب يرى أن أبا ذر كان على قدر كبير من العلم، إلا أنه لم يُخرجه إلى طُلابه، فقال: «أبو ذر وعاء مُلئ علمًا، أوْكى عليه، فلم يَخرج منه شيء حتى قُبض».[49]

وقد حظي أبو ذر بمكانة خاصة عند النبي، روى الترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم من طريق شَرِيك، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قال رسول الله: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ سَمِّهِمْ لَنَا، قَالَ: عَلِيٌّ مِنْهُمْ، يَقُولُ ذَلِكَ ثَلاَثًا وَأَبُو ذَرٍّ، وَالمِقْدَادُ، وَسَلْمَانُ أَمَرَنِي بِحُبِّهِمْ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ».[50] ويروي أبو الدرداء أن النبي كان يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويتفقده إذا غاب،[51] كما أردفه النبي خلفه يومًا على حماره،[52] وقد سمع عبدُ اللهِ بنُ عمرو بن العاص النبيَّ يقول: «ما أقلت الغبراء، ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر»،[53] ويروي أبو هريرة عن النبي قوله: «من سرّهُ أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم، فلينظر إلى أبي ذر».[54] وقال عنه علي بن أبي طالب: «لم يبق أحد لا يبالي في الله لومة لائم، غير أبي ذر»، ثم ضرب بيده على صدره وقال: ولا نفسي.[55][56]

وفاته

توفي أبو ذر الغفاري في ذي الحجة سنة 31 هـ أو 32 هـ في الربذة،[57] قال ابن الأثير: «وتوفي أَبُو ذر بالربذة سنة إحدى وثلاثين، أو اثنتين وثلاثين، وصلى عَلَيْهِ عبد الله بن مسعود، ثُمَّ مات بعده فِي ذَلِكَ العام».[3]

وكان أبو ذر لما حضرته الوفاة، قد أوصى امرأته وغلامه، فقال: «إذا مت فاغسلاني وكفناني، وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولا: هذا أبو ذر». فلما مات فعلا به ذلك، فإذا بركب من أهل الكوفة فيهم عبد الله بن مسعود، فسأل: «ما هذا؟»، قيل جنازة أبي ذر، فبكى ابن مسعود، وتذكر قول النبي محمد: «يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده».[18] فصلى عليه،[58] وألحده بنفسه.[18]

وجاء في إحدى الروايات أن أبا ذر لما حضرته الوفاة قال لابنته: «يَا بُنَيَّةُ فَانْظُرِي هَلْ تَرِينَ أَحَدًا!»، قالت: «لا»، وأمرها بذبح شاة، وطبخها، ففعلت، وقال لها: «إذا جاءك الذين يدفنون فَقُولِي لَهُمْ: إِنَّ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ عَلَيْكُمْ أَلا تَرْكَبُوا حَتَّى تَأْكُلُوا»، ولما نضجتْ قدرها قال لها: «انْظُرِي هَلْ تَرَيْنَ أَحَدًا؟»، فقالت له: «نَعَمْ، هَؤُلاءِ رَكْبٌ مُقْبِلُونَ». فقال لها أن تستقبل به الكعبة، ففعلت، وقال: «بِسْمِ اللَّهِ، وَبِاللَّهِ، وَعَلَى ملة رسول الله»، ثم خرجت ابنته فتلقتهم، وقالت: «رَحِمَكُمُ اللَّهُ! اشْهَدُوا أَبَا ذَرٍّ»، فسألوها عن مكانه، فأشارت لهم إليه وقد مات، فقالوا: «نَعَمْ وَنِعْمَةُ عَيْنٍ! لَقَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِذَلِكَ»، وإذا بركب جاء من الكوفة، وفيه عبد الله بن مسعود، فجعل يبكي، ويقول: «صَدَقَ رسول الله : يَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ»، فغسلوه وكفنوه ودفنوه، فلما أرادوا الرحيل، قالت لهم ابنة أبي ذر: «إِنَّ أَبَا ذَرٍّ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلامَ، وَأَقْسَمَ عَلَيْكُمْ أَلا تَرْكَبُوا حَتَّى تَأْكُلُوا»، فَفَعَلُوا.[59][60]

وقد ترك من الذرية بنتًا واحدة[61] ضمها عثمان بن عفان إلى عياله بعد وفاة أبي ذر،[62] وكان لأبي ذر ابنٌ اسمه «ذر».[63]

في السينما والتلفزيون

طالع أيضًا

المراجع

  1. ^ مُعرِّف المكتبة الوطنيَّة الفرنسيَّة (BnF): https://catalogue.bnf.fr/ark:/12148/cb12273901s — باسم: Ǧundab ibn Ǧunādah Abū D̲arr al-Ġifārī — المؤلف: المكتبة الوطنية الفرنسية — العنوان : اوپن ڈیٹا پلیٹ فارم — الرخصة: رخصة حرة نسخة محفوظة 2021-06-05 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ مُعرِّف الموسوعة الكتالونية الكبرى (GEC): https://www.enciclopedia.cat/EC-GEC-0000342.xml— باسم: Abū Ḏarr al-Ġifārī — العنوان : Gran Enciclopèdia Catalana — الناشر: Grup Enciclopèdia Catalana "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2021-06-06. اطلع عليه بتاريخ 2021-09-09.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  3. ^ ا ب ج د ه و ز ح ط ي يا يب ابن الأثير 1994، صفحة 96، الجزء 6
  4. ^ Identifiants et Référentiels — تاريخ الاطلاع: 2 مايو 2020 — الناشر: وكالة الفهرسة للتعليم العالي نسخة محفوظة 10 يوليو 2021 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ "جندب بن عبد الله بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفار بن مليل". موسوعة الحديث. مؤرشف من الأصل في 2021-09-10.
  6. ^ ا ب ج البغدادي 1990، صفحة 167، الجزء 4
  7. ^ ا ب سليمان الأشقر، عمر 2012، صفحة 139
  8. ^ ابن الجوزي (2012). صفة الصفوة. دار الكتاب العربي. ص. 211.
  9. ^ ا ب ج د البغدادي 1990، صفحة 168، الجزء 4
  10. ^ ا ب ج د ه و ز ح ط ي يا يب يج الذهبي 1985، صفحة 47 و49، الجزء 2
  11. ^ ا ب ج د ه و ز المزي 1980، صفحة 294، الجزء 33
  12. ^ ا ب العسقلاني 1415 هـ، صفحة 107، الجزء 7
  13. ^ ا ب الذهبي 1985، صفحة 47، الجزء 2
  14. ^ ا ب ج البغدادي 1990، صفحة 171-170، الجزء 4
  15. ^ ا ب الذهبي 1985، صفحة 68، الجزء 2
  16. ^ ا ب ج "هو الذي نفى أبا ذر إلى الربذة - مركز الأبحاث العقائدية". www.aqaed.com. مؤرشف من الأصل في 2013-04-13. اطلع عليه بتاريخ 2021-09-09.
  17. ^ ا ب العسقلاني 1415 هـ، صفحة 109، الجزء 7
  18. ^ ا ب ج د ه الذهبي 1985، صفحة 57، الجزء 2
  19. ^ البغدادي 1990، صفحة 166، الجزء 4
  20. ^ البغدادي 1990، صفحة 165، الجزء 4
  21. ^ أبو نعيم الأصبهاني - معرفة الصحابة، ترجمة أبي ذر الغفاري. موقع موسوعة رواة الحديث نسخة محفوظة 2020-11-30 على موقع واي باك مشين.
  22. ^ ابن الأثير 1994، صفحة 119، الجزء 7
  23. ^ المزي 1980، صفحة 119، الجزء 22
  24. ^ العسقلاني 1415 هـ، صفحة 143: 144، الجزء 8
  25. ^ ا ب المزي 1980، صفحة 295، الجزء 33
  26. ^ الذهبي 1985، صفحة 71 و74، الجزء 2
  27. ^ البغدادي 1990، صفحة 174، الجزء 4
  28. ^ الإصابة في تمييز الصحابة، ج7، ص107.
  29. ^ الذهبي 1985، صفحة 73، الجزء 2
  30. ^ البغدادي 1990، صفحة 173، الجزء 4
  31. ^ المحبر لابن حبيب، ص237-المكتبة الشاملة نسخة محفوظة 2021-09-11 على موقع واي باك مشين.
  32. ^ ا ب
  33. ^ الذهبي 1985، صفحة 133-135، الجزء 1
  34. ^ ابن قتيبة (1992)، المعارف، تحقيق: ثروت عكاشة (ط. 6)، القاهرة: دار الكتب والوثائق القومية، ج. 1، ص. 253، OCLC:929498770، QID:Q114755560 – عبر المكتبة الشاملة
  35. ^ البغدادي 1990، صفحة 170، الجزء 4
  36. ^ عيون الأثر لابن سيد الناس، ج 2، ص 29 على المكتبة الشيعية نسخة محفوظة 2020-02-18 على موقع واي باك مشين.
  37. ^ غَزْوَةُ بني المصطلق - بوابة السيرة النبوية نسخة محفوظة 29 سبتمبر 2021 على موقع واي باك مشين.
  38. ^ * ابن الأثير 1994، صفحة 96، الجزء 6
  39. ^ ا ب الذهبي 1985، صفحة 61، الجزء 2
  40. ^ البغدادي 1990، صفحة 174-175، الجزء 4
  41. ^ العسقلاني 1415 هـ، صفحة 108، الجزء 7
  42. ^ المزي 1980، صفحة 295-296، الجزء 33
  43. ^ الذهبي 1985، صفحة 75، الجزء 2
  44. ^ المزي 1980، صفحة 298، الجزء 33
  45. ^ العيني، بدر الدين. "عمدة القاري شرح صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب ما أدي زكاته فليس بكنز، الجزء 8". islamweb.net. دار إحياء التراث العربي. ص. 261. مؤرشف من الأصل في 2020-11-12. اطلع عليه بتاريخ 2021-09-09.
  46. ^ البغدادي 1990، صفحة 171، الجزء 4
  47. ^ ابن هشام 1955، صفحة 524، الجزء 2
  48. ^ المزي 1980، صفحة 297، الجزء 33
  49. ^ انظر:
  50. ^ "حديث : (إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ). - الإسلام سؤال وجواب". islamqa.info. مؤرشف من الأصل في 2021-09-30. اطلع عليه بتاريخ 2021-09-30.
  51. ^ الذهبي 1985، صفحة 58، الجزء 2
  52. ^ البوصيري 1999، صفحة 125، الجزء 6
  53. ^ *المزي 1980، صفحة 296، الجزء 33
  54. ^ الذهبي 1985، صفحة 59، الجزء 2
  55. ^ البغدادي 1990، صفحة 175، الجزء 4
  56. ^ الذهبي 1985، صفحة 64، الجزء 2
  57. ^ * ابن الأثير 1994، صفحة 96، الجزء 6
  58. ^ * المزي 1980، صفحة 298، الجزء 33
  59. ^ محمد بن جرير الطبري (1967)، تاريخ الرُّسُل و المُلُوك، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم (ط. 2)، القاهرة: دار المعارف، ج. 4، ص. 308، OCLC:934442375، QID:Q114456807 – عبر المكتبة الشاملة
  60. ^ كتاب: عثمان بن عفان، فصل: وفاة أبي ذر الغفاري. موقع نداء الإيمان نسخة محفوظة 2020-01-26 على موقع واي باك مشين.
  61. ^ البغدادي 1990، صفحة 179، الجزء 4
  62. ^ الذهبي 1985، صفحة 74، الجزء 2
  63. ^ مستدركات علم رجال الحديث لعلي النمازي الشاهرودي، ج. 3، ص. 376 على المكتبة الشيعية نسخة محفوظة 9 سبتمبر 2021 على موقع واي باك مشين.
  64. ^ مسلسل - قمر بني هاشم - 2008 طاقم العمل، مؤرشف من الأصل في 2021-01-20، اطلع عليه بتاريخ 2021-09-09
بيانات المراجع
كتب

وصلات خارجية

Read other articles:

هذه المقالة يتيمة إذ تصل إليها مقالات أخرى قليلة جدًا. فضلًا، ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالات متعلقة بها. (نوفمبر 2019) رولاند سبراغ معلومات شخصية الميلاد 11 يوليو 1894  تاريخ الوفاة 1 أغسطس 1967 (73 سنة)   مواطنة ألمانيا  الحياة العملية المدرسة الأم جامعة برلين الحرة  المهن

 

هذه المقالة يتيمة إذ تصل إليها مقالات أخرى قليلة جدًا. فضلًا، ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالات متعلقة بها. (نوفمبر 2016) اضغط هنا للاطلاع على كيفية قراءة التصنيف جنس القيثارية القيثارية المذنبة المرتبة التصنيفية جنس[1]  التصنيف العلمي النطاق: حقيقيات النوى المملكة: الن...

 

Gismo Graf 2016 Gismo Graf (* 1. Oktober 1992 in Stuttgart) ist ein deutscher Jazzmusiker (Gitarre, Komposition). Inhaltsverzeichnis 1 Leben und Wirken 2 Gitarren 3 Diskografie (Auswahl) 4 Weblinks 5 Einzelnachweise Leben und Wirken Graf erlernte im Alter von 6 Jahren das Gitarrespielen. Sein Vater Joschi Graf (Mitbegründer des Zigeli Winter Quintetts) brachte seinem Sohn die ersten Akkorde und das Rhythmusspiel auf der Gitarre bei. Kurze Zeit später fing er an sich das Melodie- bzw. Solosp...

Ferrocarril Ojos Negros-Sagunto Antiguo trazado ferroviario en Jérica, 2009.DescripciónTipo FerrocarrilSistema Vía estrechaInauguración 27 de junio de 1907Clausura 30 de julio de 1972Inicio Ojos NegrosFin SaguntoCaracterísticas técnicasLongitud 204 kmAncho de vía 1000 mmExplotaciónEstado DesmanteladoRehabilitado como vía verde[editar datos en Wikidata] El ferrocarril Ojos Negros-Sagunto fue una línea férrea española de vía estrecha que discurría entre Ojos Negros (Teru...

 

Damián FrascarelliDatos personalesNombre completo Damian Andrés Frascarelli GutiérrezNacimiento Montevideo, Uruguay2 de junio de 1985 (38 años)Nacionalidad(es) Uruguaya EcuatorianaAltura 1,82 m (6′ 0″)Carrera deportivaDeporte FútbolClub profesionalDebut deportivo 2007(Miramar Misiones)Club AucasLiga Serie A de EcuadorPosición PorteroDorsal(es) 1Goles en clubes 1[editar datos en Wikidata] Damian Andrés Frascarelli Gutiérrez (Montevideo, Uruguay; 2 de junio de 19...

 

العلاقات المجرية البلغارية المجر بلغاريا   المجر   بلغاريا تعديل مصدري - تعديل   العلاقات المجرية البلغارية هي العلاقات الثنائية التي تجمع بين المجر وبلغاريا.[1][2][3][4][5] مقارنة بين البلدين هذه مقارنة عامة ومرجعية للدولتين: وجه المقارنة المج...

Lead ship of a class of armored cruisers For other ships with the same name, see USS Pennsylvania and USS Pittsburgh. USS Pennsylvania (ACR-4) Tinted postcard of USS Pennsylvania, from around 1905–1908. History United States Name Nebraska (1900–1901) Pennsylvania (1901–1912) Pittsburgh (1912–1931) Namesake Commonwealth of Pennsylvania City of Pittsburgh, Pennsylvania Ordered3 March 1899 Awarded10 January 1901 BuilderWilliam Cramp & Sons, Philadelphia, Pennsylvania Cost$3,890,000 (...

 

Ki-20 Bombardero pesado Mitsubishi Ki-20 en la Base Aérea de Hamamatsu. Tipo Bombardero pesadoFabricante MitsubishiDiseñado por Ernst ZindelPrimer vuelo 15 de agosto de 1930Usuario principal Servicio Aéreo del Ejército Imperial JaponésProducción 1931-1935N.º construidos 6Desarrollo del Junkers G 38[editar datos en Wikidata] El Mitsubishi Ki-20, designado Bombardero pesado del Ejército Tipo 92, era una variante del avión comercial alemán Junkers G 38. Mitsubishi fabricó se...

 

Ruta Provincial 23  Santa Cruz,  Argentina Datos de la rutaIdentificador  RP 23 Tipo Ruta provincialLongitud 124 kmOtros datosDepartamentos Lago ArgentinoIntersecciones al noreste del Lago ViedmaOrientaciónInicio Ruta Nacional 40Fin Lago del Desierto[editar datos en Wikidata] La Ruta Provincial 23 es una carretera de Argentina que comienza en la Ruta Nacional 40 al sudoeste de la provincia de Santa Cruz.[1]​ Su recorrido total es de 124 kilómetros, s...

Meduza. Russian lubok. 17th–18th century. Meduza (Russian: Медуза), Meluza (Russian: Мелуза, literally «small», «little») or Meluzina (Russian: Мелузина) is a mythical creature in Russian folklore. She was depicted in a Russian lubok of the 17th or 18th century. She is described as half-woman, half-snake, or as the half-woman, half-fish creature.[1][2] She is also said to be the deity of deception.[3] Appearance She is represented ...

 

Part of a series on the History of Mozambique Timeline Pre-colonial Mozambique Portuguese Mozambique Independence movements FRELIMO Mozambican War of Independence Lusaka Accord People's Republic of Mozambique Mozambican Civil War RENAMO Recent history (1993–present) Topics Independence movements Jews Postal history Rail transport Polities Kingdom of Mutapa Kingdom of Tembi Zulu Kingdom Gaza Empire Angoche Sultanate Portuguese Mozambique People's Republic of Mozambique Republic of Mozambique...

 

English football and tennis player Max WoosnamWoosnam in 1920Full nameMaxwell WoosnamCountry (sports)Great BritainBorn(1892-09-06)6 September 1892Liverpool, EnglandDied14 July 1965(1965-07-14) (aged 72)London, EnglandSinglesGrand Slam singles resultsWimbledonQF (1923)Other tournamentsOlympic Games2R (1920)DoublesGrand Slam doubles resultsWimbledonW (1921)[1]Other doubles tournamentsOlympic Games Gold medal (1920)Mixed doublesGrand Slam mixed doubles resultsWim...

«Газ Метан» Повна назва Club Sportiv Gaz Metan Mediaş Прізвисько Lupii negri (човні вовки) Засновано 1945 Розформовано 2022 Населений пункт Медіаш, Румунія Стадіон Газ Метан Вміщує 8 500 Президент Корін Чіндря Головний тренер Крістіан Пуштяї Ліга Ліга 1 2019-20 6-e Домашня Виїзна «Газ Метан» (рум. Club S...

 

Italian polar-expedition airship Norge Other name(s) N-1, I-SAAN (Italian registration number) Type N-class semi-rigid airship Manufactured 1923 First flight March 1924 as N-1; April 1926 as Norge Owners and operators Umberto Nobile et al Fate Dismantled at Teller, Alaska, for transport to Europe. Never flown again. The Norge was a semi-rigid Italian-built airship that carried out the first verified trip of any kind to the North Pole, an overflight on 12 May 1926. It was also the first aircra...

 

Porträt des Decius Gaius Messius Quintus Traianus Decius (* ca. 190 oder 200/201 in Budalia bei Sirmium, heute Sremska Mitrovica, in der römischen Provinz Pannonia inferior; † 1. Hälfte Juni 251 bei Abrittus, heute Rasgrad in Bulgarien) war Kaiser des Römischen Reichs von 249 bis 251, der erste in einer längeren Reihe fähiger Männer aus den illyrischen Provinzen. Allerdings war Decius im Gegensatz zu den meisten späteren „illyrischen Kaisern“ bereits der Aufstieg in den Senat ge...

As referências deste artigo necessitam de formatação. Por favor, utilize fontes apropriadas contendo título, autor e data para que o verbete permaneça verificável. (Março de 2021) Aeroporto Internacional da Costa de Prata Aeroporto da Figueira da Foz IATA: nenhum - ICAO: nenhum Características Tipo Público Serve Figueira da Foz, Costa de Prata e Região Centro Localização Lavos, Figueira da Foz Inauguração Não foi inaugurado (proj. 1993) Coordenadas 40° 5' 25 N 8° 51'&...

 

Italian writer, historian and politician (1483–1540) This article is about the historian and statesman. For the 19th-century Italian cabinet member, see Francesco Guicciardini (politician). Francesco GuicciardiniBorn6 March 1483Florence, Republic of FlorenceDied22 May 1540(1540-05-22) (aged 57)Arcetri, Duchy of FlorenceNationalityItalianOccupation(s)Historian, statesman Francesco Guicciardini (Italian: [franˈtʃesko ɡwittʃarˈdiːni]; 6 March 1483 – 22 May 1540) was an Ita...

 

  لمعانٍ أخرى، طالع اللعب بالنار (توضيح). اللعب بالنارمعلومات عامةتاريخ الصدور 19 أبريل 1948مدة العرض 95 دقيقةاللغة الأصلية العربيةالعرض أبيض وأسود البلد  المملكة المصريةالطاقمالمخرج عمر جميعيالكاتب عمر جميعيزكي إبراهيمالسيناريو زكي إبراهيم البطولة زوزو ماضيمحمود ...

Constituency of the Karnataka legislative assembly in India K. R. PuramConstituency No. 151 for the Karnataka Legislative AssemblyLocation of KR Puram assembly, shown in red, in BangaloreConstituency detailsCountryIndiaRegionSouth IndiaStateKarnatakaDistrictBangalore UrbanLS constituencyBangalore NorthReservationNoneMember of Legislative Assembly16th Karnataka Legislative AssemblyIncumbent Byrati Basavaraj PartyBharatiya Janata PartyElected year2019 K. R. Pura constituency K. R. Puram or Kris...

 

Cet article est une ébauche concernant les Pyrénées-Orientales. Vous pouvez partager vos connaissances en l’améliorant (comment ?) selon les recommandations des projets correspondants. Presbytère de la Cathédrale Saint-Jean-Baptiste de PerpignanPresbytère de la cathédrale Saint-Jean Baptiste de PerpignanPrésentationType BâtimentDestination initiale habitationDiocèse Diocèse de Perpignan-ElneArchitecte Léon BénouvilleMatériau brique et pebble material (d)Construction 1899...

 

Strategi Solo vs Squad di Free Fire: Cara Menang Mudah!