محقق الوفيات (Coroner) أو ما يطلق عليه حديثا الطبيب الشرعي، موظف رسمي يقوم بالتحقيق في أسباب الوفيات المشتبه فيها التي جاءت بطريق مفاجئ لا تُعْلم أسبابه. ويُسمّى في بعض الدول قاضي الوفيات. ويقوم بهذه المهمّة في بعض الدول ما يُسمّى بالقاضي الشرعي الذي عادةً ما يحوّل الجثة إلى الطبيب الشرعيلتشريحها، ووضع تقرير عنها يرفع له بعد ذلك ويتخذ فيها قرار الحكم. ومن الأقطار التي يوجد فيها محققو الوفيات أستراليا، نيوزيلندا، الولايات المتحدة الأمريكيةوبريطانيا (دون اسكتلندا).
يبحث محقق الوفيات في كيف ومتى وأين حدث الموت. وقد يقوم محقق الوفيات بإجراء استجواب (استطلاع قضائي خاص). ويقوم محقق الوفيات بإجراء التحقيق حين يرتبط حادث الموت بالعنف، أو يكون غير طبيعي. يُلْزَم محقق الوفيات بحكم القانون، بإجراء التحقيق في حالات أخرى معينة؛ فعلى سبيل المثال، في بريطانيا، يجب إجراء هذا التحقيق حين يموت شخص في السجن. ومحقق الوفيات البريطاني كان يُلْزَمُ في السابق أن يطلب تحقيق المحلفين، حين تكون هناك أسباب تستدعي الشبهة في الوفاة، مثل القتل، الانتحار، القتل الخطأ، أو قتل الأطفال، أو إذا كان الموت ناتجًا عن حادث من حوادث الطرق. وقد زال هذا الإلزام في عام 1977. وحوادث الوفاة يمكن أن يبلغ المحققُ عنها الطبيب والشرطة والجمهور.
يعين محقق الوفيات عادة من المحامين الكبار ومن الأطباء. وتتطلب السلطات المحلية في محقق الوفيات أن يمتلك الكفاءة الشرعية والفقهية والقانونية والطبية. وفي الولايات المتحدة، يُنْتَخب محقق الوفيات بالطريقة التي ينتخب بها المسؤولون المحليون.
في اسكتلندا، لا يوجد مكتب محقق إطلاقًا. ولكن وكيل النيابة يقوم بالاستطلاع والتحري بصورة سريّة في حالات الموت المفاجئ، والمشتبه فيها، التي تحدث في الإقليم.
الواجبات والمهام
تشمل مسؤوليات محقق الوفيات الإشراف على التحقيق وإصدار شهادات الوفيات المتعلقة بالكوارث الجماعية التي تحدث داخل منطقة سلطته. عادة ما يحتفظ مكتب المحقق بسجلات الوفاة.
بعد التشريح، يعلن المحقق عن سبب الوفاة إما بنفسه أو من خلال المتحدث الرسمي لمكتبه الذي ظهر للمرة الأولى في إنجلترا في القرون الوسطى.[3][4] للمحقق سلطة قضائية تؤثر في عملية المحاكمة فلديه الحق قانونيا بأن يكون فردا في هيئة المحلفين في الطب الشرعي. سريعا ما تم اعتماد وظيفة محقق الوفيات في العديد من الدول التي تخضع أنظمتها القانونية للقانون الإنجليزي أو المملكة المتحدة. تتطلب تلك المميزات التي يحصل عليها المحقق خبره كبيرة في مجالات الطب الشرعي، القانون والعديد من المهن المختلفة.[5]
تم الاعتراف بالمهنة رسميا في إنجلترا بموجب المادة 20 من "Articles of Eyre" في سبتمبر 1194.[7] يتم استدعاء المكتب عند إجراء محاكمة لشرح عملية القتل وكيف كان موقع الجريمة.[8]
عرفت ويلز محققي الوفيات بعد الفتح العسكري الذي قام به إدوارد الأولملك إنجلترا في عام 1282 عن طريق النظام الأساسي لرودلان في عام 1284.[9]
المحققين حسب البلد
أستراليا
الأطباء الشرعيون الأستراليون مسؤولون عن تحديد سبب وفاة الحالة التي تم الإبلاغ عنها. في جميع الولايات والأقاليم، يشترط على الطبيب الشرعي أن يتلقى تدريبا قانونيا، وأن يكون ملحق بمحكمة محلية. أربع ولايات فقط لديها محققين وفيات معينين من الولاية لمراجعة أعمال محقق القضية وهم نيو ساوث ويلز، جنوب أستراليا، فكتورياوأستراليا الغربية.
في تسمانيا، يقوم رئيس القضاة بدور قاضي الوفيات الحكومي.[10]
كندا
في كندا، يدرس محقق الوفيات حالات الوفاة بجميع أشكالها وظروفها، الطبيعية، غير الطبيعية، المتوقعة، المفاجئة في إطار دائرته القانونية. لا يمتلك المحقق أي صفة قانونية لإتهام شخص بعينه.[11] فتنتهي وظيفته بإعادة تمثيل مسرح الجريمة وتحديد هل هي جريمة قتل أم حالة موت طبيعية كما يقوموا بتقديم توصيات لتحسين السلامة العامة والتأكد من عدم تكرار هذه الحادثة مرة أخرى.
تخضع خدمات محقق الوفيات للاختصاص القضائي لحكومات المقاطعات أو الأقاليم، بشكل عام في إطار السلامة العامة والأمن أو وزارة العدل. يدير هذه المنظمة رئيس قضاه التحقيق الجنائي (رئيس الأطباء الشرعيين) يختاره المجلس التنفيذي للمنظمة.
يتم تعيين محققي الوفيات من قبل السلطات المحلية الايرلندية كخبراء مستقلين بشرط أن يكونوا أطباء مؤهلين أو محامين ذو خلفية طبية.[16][17] وظيفتهم الأساسية هي التحقيق في أي حالة موت مفاجئ غير مبرر أو عنيف لإصدار شهادة الوفاة. تتطلب أي وفاة ناتجة عن أسباب غير طبيعية إجراء تحقيق جنائي.[16]
نيوزيلندا
يوجد نظامين للتحقيق في حالات الوفاة في نيوزيلندا. الأول يتعامل مع حالات الوفاة التي حدثت قبل منتصف ليل 30 يونيو 2007 ولا زالت تحت قيد التحقيق، بينما يتعامل الثاني مع قضايا مع بعد ليل 30 يونيو. بموجب قانون الأدلة الجنائية لعام 2006 تم الاتفاق على التالي:[18][19]
تأسيس مكتب لرئيس الطب الشرعي لتوفير القيادة والتنسيق اللازم.
تعيين أطباء شرعيين بدوام كامل.
إبلاغ عائلات الضحايا بالخطوات التي سيتم إتخاذها أول بأول.
توضيح جميع العمليات التي تم إجراؤها على الجثة ونتائج الفحص.
في سيريلانكا، يلزم على وزارة العدل تعيين محققين في حالات الوفاة المفاجئة وغير الطبيعية وفقا لقانون الإجراءات الجنائية. يوجد في بعض المدن الكبرى مثل كولومبووكاندي محكمة للتحقيق الجنائي بقاضي تحقيق جنائي ومحققين للعمل الميداني، المحكمة ملحقة بمستشفى المدينة الرئيسية.
المملكة المتحدة
نظرة عامة
في المملكة المتحدة، محقق الوفيات هو موظف قضائي مستقل، يعين ويتلقى راتبه من السلطة المحلية المختصة. انحصر بذلك دور وزارة العدل على سن القوانين والسياسات التي يسير عليها المحققين، وليس لها أي مسؤولية تشغيلية.
يختلف دور محقق الوفيات في انجلترا عن كلا من ويلزوأيرلندا الشمالية. ففي إنجلترا وويلز، يشرف قاضي التحقيق الجنائي على محققي الوفيات ويعين من قبل رئيس المحكمة العليا بعد استشارة وزير العدل. يتمركز دوره على تقديم المشورة، التوجيه والتدريب للمحققين الجدد، ضمان سير عملية التحقيق بنزاهة وحيادية تامة وضمان وجود تجانس بين جميع الهيئات التي تتعامل مع المحققين والمحققين. يطبق نظام خاص في اسكتلندا، حيث أنه لا يوجد بها هيئة قضائية خاصة بها.
الاختصاص القضائي
لا ينظر محقق الوفيات في الوفيات التي تحدث تحت رعاية طبية، أو تمت رؤيته من قبل طبيب في غضون 14 يوما قبل وفاته، ففي تلك الحالتين يمكن للطبيب إصدار شهادة الوفاة بلا أي مسألة قانونية، لكن في حالة وفاة المريض دون أن يراه طبيب في غضون 14 يوما أو في حالة رفض الطبيب إصدار شهادة الوفاة هنا يأتي دور محقق الوفيات للكشف عن سبب الموت وهل هو طبيعي أم لا.[21][22]
تهدف هذه الإجراءات إلى توفير الوقت اللازم ليحقق الطبيب في الوفيات:[21][22]
الوفيات العنيفة غير الطبيعية أو المشكوك فيها وتحمل طابع جنائي.
الموت نتيجة التسمم أو الإصابة الصناعية.
الموت في أقسام الشرطة أو السجون.
أي شخص يرى جثة ملقاة في منطقة ما يجب عليه التبليغ عنها، عدم القيام بذلك هو جريمة.[21][22]
يمتلك محقق الوفيات فريق لمساعدته من ضباط الشرطة الجنائية (في السابق، كانوا فقط من ضباط تنفيذ القانون أما الآن يشمل الفريق الممرضين وأطباء لتقديم العون والمشورة) ليقوموا بالتحقيق مع الجناه نيابه عن الطبيب الشرعي.
ليتم الاعتراف بشخص كمحقق وفيات في إنجلتراوويلز، يجب عليه أن يكون محاميا مؤهلا، أو زميلًا في معهد تشارترد للتنفيذيين القانونيين (CILEx) بخبرة لا تقل عن 5 أعوام لضمان كفائته في تحديد سبب الوفاة في الحالات التي تم ذكرها سابقا بالإضافة إلى الحالات التي تحدث في أماكن السلطات المركزية كقسم الشرطة أو السجون.[23]
كان يمكن تعيين أي طبيب مؤهل في هذا المنصب حتى عام 2013، أم بعد ذلك فيجب عليه أن يحمل المؤهلات الطبية والقانونية اللازمة.
عندما يشتبه في أن الوفاة كانت إما مفاجئة أو غير معروفة أو عنيفة أو غير طبيعية، فإنه يقرر ما إذا كان سيجري تشريحا للجثة أم لا، وإذا لزم الأمر إجراء تحقيق جنائي.
الحكم
قديما، كان محقق الوفيات السلطة اللازمة لاتهام مشتبة به وتحويله للمحاكمة، لكن تمت إلغاء هذه السلطة لينحصر دوره في معرفه الأسباب والظروف المحاطة بالجريمة وعرضها على السلطات التنفيذية ودائرة التاج البريطاني.[27][28] عادة ما يخبر المحقق هيئة المحلفين بالأحكام القانونية لقضية معينة.
غالبا ما يصف المحقق أن الوفاة باحدى الصفات التالية:[29]
يشمل القتل القانوني القتل للدفاع عن النفس بكافه صوره. لا يوجد فرق جوهري بين الموت في حادثة والموت في مغامرة.[31]
يتطلب النطق بحكمي الانتحار والقتل غير القانوني إثباتا لا يدع مجالا للشك. أما باقي الأحكام يمكن الاعتماد على منطق الاحتمالية.[32]
يتطلب الحكم بالإهمال في المنشآت الصحية (المستشفيات، مراكز الرعاية الصحية، دار المسنين) والسجون وجود تقصير في الرعاية كالتغذية والعناية الطبية والدفء.[33]
يتم إعطاء الحكم المفتوح عندما لا يمكن تحديد سبب الوفاة بسبب نقص الأدلة المتاحة.
إنجلترا وويلز
يوجد 98 محقق وفيات في إنجلتراوويلز، لتغطية حالات الوفيات داخل 109 منطقة محلية.[34]
أيرلندا الشمالية
لدى أيرلندا الشمالية ثلاثة قاضيين شرعيين يشرفون على المقاطعة ككل. يتم توفير كافة الخدمات اللازمة لهم من قوات تنفيذ القانون والموظفين الطبيين.[35]
إسكتلندا
لم تعد مهنة محقق الوفيات مهنة رسمية معترف بها في اسكتلندا في وقتنا الحاضر، بينما تراوح عددهم في الماضي ما بين 1500-1800.
المعادل في الدول الأخرى
لا يستخدم مصطلح مكتب محقق الوفيات إلا في بريطانيا والدول التابعة للتاج الملكي. توجد المكاتب المعادلة في الدول الأخرى بأسماء مختلفة فهي إما تتبع وزارات الصحة أو جزءا من هيئتي الشرطة والقضاء. يسمى المكتب في فرنسا بمنظمة أطباء بلا حدود، في إيطاليا يسمى المكتب بمكتب القانون الطبي.
في اليابان يسمى بمكتب الطبيب الشرعي لكن أصحاب المكتب هم رجال شرطة تخرجوا من أكاديمية الشرطة الوطنية ولديهم خبره طبية وميدانية.