بنيت البلدة على الضفة اليمنى لوادي اللوكوس من المدخل الشمالي للعرائش فوق هضبة تسمى التشوميس، وهي مطلة على الساحل الأطلسي على علو 80 مترا.[8] ومن ذاك العلو، تشرف البلدة على أهوار عديدة تشكلها الأنهار. وتحاط البلدة شمالا بهضاب عديدة هي ذاتها محاطة بغابات البلوط الفليني. تقدر مساحة البلدة بأكثر من 75 هكتار.
وفي ما عثر عليه من الآثار هناك، حمامات رومانية ومعابد وجدران تعود إلى القرن الرابع الميلادي، هنالك كذلك أرضية فسيفسائية وكنيسة نصرانية، وبقايا أخرى محيرة.[9]
اكتشاف وتقييم أهمية الموقع
ليكسوس
وقد تم اكتشافها على عدة مراحل خلال القرن التاسع عشر الميلادي، إذ بدأ اهتمام الباحثين الغربيين بالموقع سنة 1845 وسنة 1877م حيث تعرف عليها الباحث الفرنسي جاك فيتسو، ثم في سنة 1890م وضع الباحث الفرنسي هينري دولا مرتينيير أول تصميم للموقع من خلال دراسته لتاريخ المدينة، إلا أن الحفريات الرئيسية بدأت سنة 1925م من طرف باحث إسباني موفد من طرف مصلحة الآثار الإسبانية خلال استعمارهم لمدينة العرائش، ولكن الأبحاث الأكثر أهمية كانت في فترة القرن العشرين والتي قام بها باحث إسباني آخر ميكييل ديتراكييل وذلك خلال الخمسينات حيث تركزت على الفترة الفنيقية بالموقع.
خلال أعوام الستيينات قام الباحث الفرنسي ميشيل فوسييك بأبحاثه بالموقع قاده إلى اكتشاف حي المعابد بجميع مبانيه وكذا المسرح الدائري وهكذا تم التعرف على الموقع بجهود خارجية وبسيطة.
وتعدّ المصادر التاريخية المدينة إحدى أقدم المنشآت الفنيقية بغرب البحر الأبيض المتوسط، إذ يذكر بلنيوس الشيخ، الذي توفي سنة 79م، بناء معبد أو مذبح هرقل المتواجد بجزيرة قريبة من مصب نهر اللوكوس، ويؤرخ له بالقرن الثاني عشر قبل الميلاد.
أساطير
حدد بعض الكتاب الإغريق القدماء موقع حدائق هيسبيريديس الأسطورية في ليكسوس، حيث زرعت هيرا تفاحات ذهبية أهداها إليها زيوس، وقدد ذكر اسم المدينة عدد من الكتاب مثل حانون القرطاجي وفي الكوزموغرافيا رافينا. وقد اعتقد بعض القدماء أن ليكسوس هي الملاذ الذي التجأ إليه هرقل حيث جمع التفاحات الذهبية.
تاريخ
انتشار الفينيقيين في حوض المتوسط
الحقبة الفينيقة
كان الفينيقيون أول من أسس الموقع، إذ أنشأوا بها مستعمرة لهم وبنوا أساس الموقع في القرن ال12 قبل الميلاد، وكان ذلك الموقع جزءا من سلسلة مستعمرات متفرقات بناها الفينيقون في طرقهم التجارية حول البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، إلا أن المدينة سقطت بعدها عندما هزمت قوات القرطاجيين الفينيقين على يد الروم. [1]
الحقبة الرومانية
ازدهرت المدينة في عهد الإمبراطور كلوديوس (42-43 ب. م) وكان أهلها مواطنين رومان بحقوق كاملة، وتتمتع مدينة ليكسوس بكونها أحد المدن الرومانية القليلة في إفريقيا التي تملك مدرجا رومانيا، وفي القرن الثالث، تحول جل أهل المدينة إلى المسيحية، ويوجد بالمدينة آثار كنيسة. وعلى إثر الأزمات التي عرفتها الإمبراطورية الرومانية مع نهاية القرن الثالث بعد الميلاد تم إنشاء سور حول الاكروبول والحي الصناعي ودخلت المدينة عهدا من الانحطاط.[10]
الحقبة الإسلامية
خلال العهد الإسلامي، تفيد المصادر أن تشمس[بحاجة لمصدر] وهو الاسم الذي كانت تعرف به ليكسوس في هذه الفترة، قد عرفت انبعاثا جديدا حيث أصبحت عاصمة لإحدى الإمارات الإدريسية. إلا أن الأبحاث الأركيولوجية التي أجريت بالموقع لم تكشف إلا عن مسجد صغير ومنزل بفناء بالإضافة إلى عدة قطع خزفية تؤرخ بالفترة الممتدة من القرن الثاني عشر إلى القرن الرابع عشر الميلاديين.
التنقيب
لم يكشف في الموقع سوى عن نذر يسير من آثاره لا يتعدى ال10 بالمئة، ورغم أهمية الموقع التاريخية فلا تجد اهتماما شديدا، إذ أن الكثير من الآثار إما سلبت أو دمّرت، وما تبقى منها فقد نقل إلى متاحف تطوانوالرباطوالعرائش.
وكان اختيار الفينيقيين القادمين من لبنان لهذا الموقع لسهولة الاتصال عبر النهر المؤدي إلى المحيط الأطلسي، وقد جعلوه مركزا وميناءً هاما، ثم انضمت البلدة إلى حكم قرطاج الفينيقي، ثم سقطت أخيرا بيد الروم فجعلوها مدينة رئيسية في المنطقة. وفي عهد الرومان كانت مكانا لأساطير رومانية مثل جنة هيسبيريديس وهي المكان المقدس لهرقل.[11]
من الآثار الرومانية البارزة في ليكسوس مجموعة من المساكن والقصور المتباينة من خلال أعمدتها الضخمة وأرضيتها المزينة بالفسيفساء ذات أشكال متجانسة ما زال بعض آثارها لحد الآن رغم العبث الذي تعرض له هذا الموقع. من المعالم العمرانية كذلك بعض أماكن تجفيف وتمليح السمك التي امتاز بها سكان المدينة في تلك الفترة والتي تعد من أول مصانع تصبير الأسماك عرفتها المنطقة.
لقد عرفت ليكسوس فترات عمران كبيرة في أيام الرومان ثم أعقبها دمارا كبيرا خلال القرن الثالث الميلادي على إثر الأزمة السياسية والاقتصادية التي عصفت بالإمبراطورية الرومانية حتى القرن الخامس الميلادي، ثم عرفت خلال القرنين الثامن والتاسع الميلادي تغيير اسمها إلى التشوميس التابعة إلى الإمارة الإدريسية وذلك إثر اكتشاف مسجد ومبان بها إلا أن تم هجرها خلال القرن الثالت عشر الميلادي وبناءْ مدينة العرائش الحالية على الضفة الأخرى من مدخل نهر اللوكوس.