تُعتبر الأحماض النووية الجزيء الأكثر أهميةً في جميع الجزيئات الحيوية. تُوجد بكثرةٍ في جميع الكائنات الحية، حيثُ تعمل على إنشاء وتشفير ثم تخزين المعلومات الخاصة بكل خليةٍ حيةٍ لكلٍ كائن حي على وجه الأرض. وبدورها تعملُ على نقل هذه المعلومات والتعبير عنها داخل وخارج نواة الخلية (إلى العمليات الخلوية الداخلية وفي النهاية إلى الجيل التالي لكلٍ كائنٍ حي). تُحتَوى المعلومات المُشفرة وتُنقل عبر تسلسل الحمض النووي، والذي يُوفر ترتيبًا سُلمي للنيوكليوتيدات داخل جزيئات الحمض النووي الريبوزي والحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين.
تُربط سلاسل النيوكليوتيدات لتشكيل السلسلة الرئيسية الحلزونية (نموذجيًا يحتوي واحدًا الحمض النووي الريبوزي على واحدةٍ والحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين على اثنتين)، وتُجمع في سلاسلٍ من أزواجٍ القواعد المُختارة من القواعد النووية الأساسية أو المقبولة الخمسة، وهي: الأدينين، والسايتوسين، والغوانين، والثايمين، واليواسيل. يُوجد الثايمين فقط في الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (دنا) واليواسيل فقط في الحمض النووي الريبوزي (رنا). باستعمال الأحماض الأمينية والعملية المعروفة باسم الاصطناع الحيوي للبروتين،[8] فإنَّ تسلسلًا معينًا في الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (دنا) لهذه الأزواج القاعدية النووية يُتيح تخزين ونقل تعليماتٍ مشفرةٍ مثل الجينات. أما في الحمض النووي الريبوزي (رنا)، فإنَّ تسلسل الأزواج القاعدية يُزودُ لتصنيع بروتيناتٍ جديدةٍ تُحدد الإطارات والأجزاء ومعظم العمليات الكيميائية لجميع أشكال الحياة.
في عام 1938، نشر أستبري وبيل أولَ نمط حيودٍ للأشعة السينية من الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين.[11]
في عام 1952، نشرت روزاليند فرانكلين صورًا خاصة لبلورات من الدنا عالي النقاوة اعتمادًا على خاصية حيود الأشعة السينية استنتجت منها الشكل الحلزوني للدنا، وأنه يتكون من أكثر من شريط[12]
الأحماض النووية في العادة جزيئات كبيرة جدا، وجزيئات الدنا هي على الأرجح أكبر الجزيئات الفردية المعروفة. يتراوح طول جزيئات الأحماض النووية البيولوجية المدروسة جيدا بين 21 نوكليوتيد (الرنا المتدخل الصغير) إلى ملايين النوكليوتيدات كما هو الحال في الصبغيات الكبيرة (الصبغي البشري 1 هو جزيء واحد يحتوي على 247 مليون زوج قاعدي[23]). في معظم الحالات، جزيئات الدنا الطبيعية هي مزدوجة السلاسل وجزيئات الرنا الطبيعية مفردة السلسلة،[24] مع وجود العديد من الاستثناءات. بعض الفيروسات تملك جينومات مكونة من جزيئات رنا مزدوجة السلاسل وفيروسات أخرى تملك جينومات ذات رنا مفرد السلسلة،[25] وفي بعض الحالات يمكن أن تتشكل بنُى أحماض نووية ثلاثية أو رباعية السلاسل.[26]
الأحماض النووية هي مكثورات أو بوليميرات (سلسلة) خطية من النوكليوتيدات، وكل نوكليوتيد يتكون من ثلاث مكونات: قاعدة نوويةبيورينية أو بيريميدينية (في بعض الأحيان تسمى قاعدة نيتروجينية أو قاعدة فقط)، سكربنتوز، ومجموعة فوسفات.
تسمى البنية الفرعية المكونة من سكر وقاعدة نووية نوكليوسيد. تختلف الأحماض النووية في بينة السكر في نوكليوتيداتها حيث يحتوي الدنا على ريبوز منقوص الأكسجين في ذرة الكربون 2' ويحتوي الرنا على الريبوز (والفرق الوحيد بينهما هو وجود مجموعة هيدروكسيل في ذرة الكربون الثانية). كذلك، القواعد النووية المتواجدة في كلا نوعي الأحماض النووية مختلفة: أدينين، سايتوسينوالغوانين تتواجد في كل من الدنا والرنا، في حين يظهر الثايمين في الدنا واليوراسيل في الرنا.
جزيئات السكر والفوسفات في الأحماض النووية مرتبطة ببعضها بشكل متناوب في سلسلة (العمود الفقري السكر-فوسفات) عبر روابط فوسفات ثنائي الإستر.[27] في التسميات المتفق عليها، ذرات كربون السكر التي ترتبط بها مجموعات الفوسفات هي كربوني النهاية 3' والنهاية 5'، هذا يعطي الأحماض النووية اتجاهية ونهايات جزيئات الأحماض النووية يشار إليها بالنهاية 3'والنهاية 5'. ترتبط القواعد النووية بجزيئات السكر عبر روابط غليكوسيدية تتشكل بين ذرة كربون حلقة البنتوز 1' وذرة نيتروجين في حلقة القاعدة النووية (N-1 مع البيريميدينات وN-9 مع البيورينات).
تتواجد النوكليوسيدات غير القياسية كذلك في كل من الرنا والدنا وعادة ما تكون نتيجة لتغيرات في النوكليوسيدات القياسية داخل جزيء الدنا أو بشكل أساسي في نسخة الرنا (الأولية). جزيئات الرنا الناقل تحتوي على عدد كبير من النوكليوسيدات المعدلة.[28]
جزيئات الأحماض النووية في العادة غير متفرعة، ويمكن أن تتخذ جزيئاتها بنية خطية أو دائرية. على سبيل المثال: صبغيات البكتيريا، البلازميدات، دنا المتقدرة، ودنا الصانعة اليخضورية عادة ما تكون ذات جزيئات دنا دائرية مزدوجة السلاسل، في حين أن الصبغيات في أنوية حقيقيات النوى عادة ما تكون ذات جزيئات خطية مزدوجة السلاسل.[19] معظم جزيئات الرنا خطية -جزيئات مفردة السلسلة- لكن يمكن أن تنتُج كل من جزيئات الرنا الدائرية والمتفرعة من تفاعلات توصيل الرنا.[31] مجموع أعداد البيريميدينات مساوٍ لمجموع أعداد البيورينات، وقطر اللولب المزدوج حوالي 20 أنغستروم.
يختلف جزيء الدنا (DNA) أو الرنا (RNA) الواحد عن الآخر في تسلسل النيوكليوتيدات. يُعتبر تسلسل النيوكليوتيد ذو أهميةٍ كبيرةٍ في علم الأحياء؛ وذلك لأنها تحمل التعليمات النهائية التي تُشفر جميع الجزيئات الحيوية، والتجمعات الجزيئية، والهياكل الخلوية وتحت الخلوية، والأعضاء، والكائنات الحية، كما تفعلُ مباشرةً الإدراك والذاكرة والسلوك (طالع علم الوراثة). بُذلت جهودٌ هائلةٌ في تطوير طرقٍ تجريبية لتحديد تسلسل النيوكليوتيدات في جزيئات الدنا والرنا الحيوي،[32][33] وحاليًا يُحدد يوميًا تسلسلُ مئات ملايين النيوكليوتيدات في مراكز الجينوم والمختبرات الأصغر في جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى الحفاظ على قاعدة بيانات تسلسل الحمض النووي في جينبانك (GenBank)، كما أنَّ المركز الوطني لمعلومات التقانة الحيوية (NCBI) يُوفر مُوارد تحليل واسترجاع للبيانات الموجودة في جينبانك (GenBank) والبيانات الحيوية الأخرى المتاحة من خلال موقعهم على شبكة الإنترنت.[34]
الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (بالإنجليزية: Deoxyribonucleic acid) واختصارًا (دنا: DNA) هو حمض نووي يحتوي على المعلومات الوراثية المستخدمة في النمو والتكاثر وأداء الوظائف لدى جميع الكائنات الحية المعروفة. قِطع الدنا التي تحمل المعلومات الوراثية تسمى جينات، ولتسلسلات الدنا الأخرى وظائف بنيوية أو لها دور في تنظيم استخدام المعلومات الجينية. إلى جانب البروتينات والسكريات، الدنا هو أحد الجزيئات الضخمة الثلاث الضرورية لجميع أشكال الحياة المعروفة. يتكون الدنا من مبلمرين طويلين من وحدات بسيطة تسمى النوكليوتيدات مع عمودين فقريين يتكونان من جزيئات السكر والفسفور مرتبطان بالتناوب بواسطة روابط فوسفات ثنائي الأستر. هاتين السلسلتين (الطاقين) تمضيان في اتجاهين متعاكسين بالنسبة لبعضهما، أي في توازي متضاد. يرتبط بكل جزيء سكر (ريبوز منقوص الأكسجين) واحد من أربعة أنواع من الجزيئات تسمى قواعد نووية (أو قواعد). تسلسل أو تتالي هذه القواعد الأربعة على طول العمود الفقري هو الذي يشفِّر المعلومات، وتُقرأ هذه المعلومات باستخدام الشيفرة الجينية التي تحدد تسلسل الأحماض الأمينية في البروتينات. تُقرأ المعلومات المشفرة عبر نسخ أجزاء من الدنا إلى الحمض النووي رنا في عملية تسمى النسخ. داخل الخلايا ينتظم الدنا في بنى طويلة تسمى صبغيات. أثناء انقسام الخلية تتم مضاعفة هذه الصبغيات في عملية تضاعف الدنا ومنح كل خلية بنت مجموعة كاملة من الصبغيات الخاصة بها. تخزن حقيقيات النوى (الحيوانات، النبات، الفطريات، والطلائعيات) معظم الدنا الخاص بها داخل نواة الخلية وبعضه في عضيات مثل المتقدرات أو الصانعات اليخضورية. في المقابل، تخزن بدائيات النوى (بكتيريا، عتائق) الدنا الخاص بها في السيتوبلازم فقط. داخل الصبغيات، تحزِّم بروتينات الكروماتين مثل الهستونات الدنا وتنظمه لتقلل من الحجم الذي يشغله، وتقود هذه البُنى المحزمة التآثرات بين الدنا والبروتينات الأخرى، وتساعد على التحكم في الأجزاء التي يتم نسخها.
^Dahm R (يناير 2008). "Discovering DNA: Friedrich Miescher and the early years of nucleic acid research". Human Genetics. ج. 122 ع. 6: 565–81. DOI:10.1007/s00439-007-0433-0. PMID:17901982.
^Dahm R (يناير 2008). "Discovering DNA: Friedrich Miescher and the early years of nucleic acid research". Human Genetics. nih.gov. ج. 122 ع. 6: 565–81. DOI:10.1007/s00439-007-0433-0. PMID:17901982.
Wolfram Saenger, Principles of Nucleic Acid Structure, 1984, Springer-Verlag New York Inc.
Bruce Alberts, Alexander Johnson, Julian Lewis, Martin Raff, Keith Roberts, and Peter Walter Molecular Biology of the Cell, 2007, (ردمك 978-0-8153-4105-5). Fourth edition is available online through the NCBI Bookshelf: link
Jeremy M Berg, John L Tymoczko, and Lubert Stryer, Biochemistry 5th edition, 2002, W H Freeman. Available online through the NCBI Bookshelf: link
Palou-Mir، Joana؛ Barceló-Oliver، Miquel؛ Sigel، Roland K.O. (2017). "Chapter 12. The Role of Lead(II) in Nucleic Acids". في Astrid، S.؛ Helmut، S.؛ Sigel، R. K. O. (المحررون). Lead: Its Effects on Environment and Health. Metal Ions in Life Sciences. de Gruyter. ج. 17. ص. 403–434. DOI:10.1515/9783110434330-012. PMID:28731305. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط غير المعروف |name-list-format= تم تجاهله يقترح استخدام |name-list-style= (مساعدة)