الحقوق الطبيعية والحقوق القانونية هما نوعان من الحقوق. الحقوق الطبيعية هي تلك التي لا تعتمد على قوانين أو أعراف خاصة بأي ثقافة معينة ولذلك فهي عالمية وغير قابلة للتصرف (لا يمكن إلغاؤها أو ضبطها من قبل القوانين البشرية). الحقوق القانونية هي تلك تُمنح إلى شخص معين بواسطة نظام قانوني (يمكن تعديلها أو إلغاؤها، وضبطها من قبل القوانين البشرية).
فكرة حقوق الإنسان ترتبط أيضا ارتباطا وثيقا بالحقوق الطبيعية: وحيث لا يعترف البعض بوجود فرق بين الاثنين، باعتبارهما مترادفين، بينما يختار البعض الآخر بقاء المصطلحين منفصلين للقضاء على جمع بعض الميزات المرتبطة تقليديا بالحقوق الطبيعية.[2] الحقوق الطبيعية وعلى وجه الخصوص، تعتبر خارج سلطة أي حكومة أو هيئة دولية لترفضها أو تقوم بإلغائها. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في عام 1948 هو صك قانوني مهم لتكريس مفهوم واحد للحقوق الطبيعية إلى قانون دولي غير ملزم. الحقوق الطبيعية كانت تعتبر تقليديا حقوقا سلبية حصرا[3] في حين أن حقوق الإنسان تشمل أيضا حقوقا إيجابية.[4] حتى بناء على الحقوق الطبيعية فمفهوما حقوق الإنسان حيث قد لا يكونان مترادفين.
القول بأن للحيوانات حقوق طبيعية شغل اهتمام الفلاسفة وعلماء القانون في القرن العشرين وفي القرن الحادي والعشرين.[5]
طالما تم تأكيد وجود الحقوق الطبيعية من قبل مختلف الأفراد في أماكن مختلفة، باعتبارها بداهة في التفكير الفلسفي أو المبادئ الدينية. على سبيل المثال، فقد ادعى إمانويل كانط استخلاص الحقوق الطبيعية عن طريق المنطق وحده. إلا أن اعلان استقلال الولايات المتحدة مبنيّ على أساس الحقيقة «البديهية» أن «جميع البشر... وُهبوا من قبل خالقهم بعض الحقوق الأساسية الغير قابلة للتصرف».[6]
وبالمثل فقد قام مختلف الفلاسفة ورجال الدولة بتصميم قوائم مختلفة من ما يعتقدون أنها هي الحقوق الطبيعية؛ تقريبا جميعها تشمل الحق في الحياةوالحرية باعتبارهما اثنين من أعلى الأولويات. هـ.هارت قال أنه إذا كان هناك أي حقوق على الإطلاق، فإنه يجب أن يكون هناك الحق في الحرية حيث أن جميع الحقوق الأخرى سوف تعتمد عليه. كما قال ت. جرين أنه «إذا كان هناك أي حقوق على الإطلاق، فإنه يجب أن يكون هناك الحق في الحياة والحرية، أو بعبارة أوضح الحق في الحياة بشكل حر.»[7] كما أكد «جون لوك» على حق «الحياة والحرية والملكية» كحقوق أولية. ومع ذلك، وعلى الرغم من تأثير لوك في الدفاع عن حق الثورة، إلا أن توماس جيفرسون استبدله بالحق في «السعي لتحقيق السعادة» بدلا من «الملكية» في إعلان استقلال الولايات المتحدة.
العصور القديمة
ستيفن كينزر الصحفي المخضرم في «نيويورك تايمز» ومؤلف كتاب كل رجال الشاه، يكتب في الأخير أن:
«علمت الديانة الزرادشتية الإيرانيين أن المواطنين لديهم حق غير قابل للتصرف في إرشاد القيادة وأن واجبهم ليس فقط في طاعة الملوك الحكماء بل أيضا الثورة ضد الأشرار. يُعتبر الملوك كممثل للإله في أرضه، ولكنهم يستحقون الطاعة فقط طالما كان لديهم "فر" وهي منحة إلهية يجب أن يكتسبوها بالأعمال الأخلاقية»
اعتبر الرواقيون أنه لا يوجد شخص عبد بطبيعته؛ حيث اعتبروا العبودية ظرفا خارجيا جنبا إلى جنب مع الحرية الداخلية للروح. كتب سينيكا الأصغر:
«من الخطأ تصور أن العبودية انتشرت في كل البشرية. حيث أن الجزء الأفضل منها كان استثناء. فربما يكون الجسد تحت العبودية وربما القوة كذلك، إلا أن الروح والعقل حرين طليقين ولا يمكن حبسهما حتى بعد حبس الجسد الذي يحتويهما»
من أهم الأفكار في تطور فكرة الحقوق الطبيعية هو بزوغ فكرة المساواة الطبيعية الإنسانية. وكما قال المؤرخ أ. كارلايل: "لا يوجد تغيير في النظرية السياسية بطريقة مذهلة في اكتمالها كالتغير من نظرية أرسطو إلى رؤية شيشرون وسينيكا الفلسفية اللاحقة.... ونحن نعتقد أن هذا يمكن أن يكون أفضل مثال فيما يتعلق بنظرية المساواة في الطبيعة الإنسانية."[8] كما يلاحظ تشارلز ميكوين أن «فكرة المساواة بين البشر هي مساهمة عميقة من الرواقيين في الفكر السياسي» وأن «التأثير الأعظم في تغيير مفهوم القانون هي النواتج المترتبة على ذلك.»[9] يقول شيشرون في دي ليجبوس «إننا نولد من أجل العدالة، وأن اخذ الحق قائم -ليس على الآراء- ولكن على الطبيعة».[10]
في العصر الحديث
من أوائل المفكرين الغربيين الذين قاموا بتطوير فكرة الحقوق الطبيعية المعاصرة كان عالم اللاهوت الفرنسي جان جيرسون والذي تعتبر أطروحته De Vita Spirituali Animae في عام 1402 واحدة من أوائل المحاولات التي يمكن أن نطلق عليها نظرية الحقوق الطبيعية الحديثة.[11]
بعد عدة قرون، ظهر المذهب الرواقي أن «الجزء الداخلي لا يمكن تسليمه إلى العبودية»[12] مجددا في الإصلاح البروتستانتي وفي مبدأ حرية الضمير. كتب مارتن لوثر:
«علاوة على ذلك، فإن كل إنسان مسئول عن إيمانه الخاص كما يجب أن يراه من وجهة نظره كشئ يؤمن به حقا. وإن كان هناك القليلون الذين قد يذهبون إلى الجحيم أو الجنة لأجلي، فإن قلة أقل قد يؤمنون أو لا يؤمنون لأجلي. وإن كان هناك القليلون الذين قد يفتحون الجحيم أو الجنة لأجلي، لإغن قلة أقل قد يدفعوني للإيمان أو عدم الإيمان. ومن هنا فإن الإيمان أو عدم الإيمان هي مسئلة ضمير كل شخص ولأن ذلك ليس تقليلا من قوة العلمانية والتي يجب أن تكون ثابتة وملتزمة بأعمالها وتسمح للإنسان بأن يؤمن بشئ أو بآخر لأنه قادر وله إرادة وليس ملزما بقوة شخص آخر»
في القرن السابع عشر ناقش الفيلسوفالإنجليزيجون لوك الحقوق الطبيعية في أعماله، حيث حددهم باعتبارهم «حق الحياة وحق الحرية وحق التملك (العقاري)»، ورأى أن هذه الحقوق الأساسية لا يمكن الاستغناء عنها في العقد الاجتماعي. الحفاظ على الحقوق الطبيعية في الحياة والحرية والملكية كانت هي مبررات التمرد في المستعمرات الأمريكية. وكما أكد جورج ميسون في مسودة إعلان حقوق فيرجينيا: «يولد جميع الناس على قدم المساواة الحرة» وأكمل: «بعض الحقوق الطبيعية التي لا يمكن دمجها بأي حال أو حرمان الأجيال القادمة منها.»[13] رجل إنجليزي آخر في القرن السابع عشر هو جون ليبرون المعروف باسم (المناضل جون) الذي كان في صراع مع النظام الملكي المكون من الملك تشارلز الأولوالديكتاتورية العسكرية الممثلة في الجمهورية المحكومة بواسطة أوليفر كرومويل. نادى جون بحقوق أساسية للإنسان والتي سماها «الحقوق المكفولة بالميلاد» والتي عرّفها على أنها هي الحقوق التي يولد بها كل إنسان على عكس الحقوق التي تكفلها له الحكومة أو القوانين البشرية.
توماس هوبز
توماس هوبز (1588-1679) تضمن مناقشة الحقوق الطبيعية في الفلسفة السياسية والفلسفة الأخلاقية. امتد مفهوم هوبز للحقوق الطبيعية من مفهوم الإنسان في «حالة الطبيعة». وهكذا كان يرى أن من الحقوق الطبيعية للإنسان هي أن «يستخدم قوته الخاصة كما يريد هو للحفاظ على طبيعته الخاصة أو يمكن القول حياته الخاصة وكنتيجة لذلك فعل أي شئ طبقا لحكمه وتبريره ومنطقه الخاص»
ميز هوبز «الحرية» الطبيعية عن «القوانين» الطبيعية، حيث وصف عموما المبدأ أو القاعدة العامة التي ينشؤها المنطق، والذي يحرم على الإنسان أن يفعل من الأشياء ما هو مدمر لحياته، أو يتخلى عن السبل لمحاولة الحفاظ على حياته وترك ما قد يعتقد أنه من الأفضل أن يحافظ عليه.
يعتبر هذا مغادرة هامة لنظريات القوانين الطبيعية في العصور الوسطى والذي أعطى الأولوية للالتزامات على الحقوق.
الحرية: لكل شخص الحق في فعل أي شيء يريد طالما أنه لا يتعارض مع الحق الأول.
التملك: لكل إنسان الحق في امتلاك كل ما يقوم بصنعه أو الحصول عيه كهدية أو من خلال التجارة طالما أنه لا يتعارض مع الحقين الأولين.
سعيا إلى تطوير مفهوم الحقوق الطبيعية، تأثر لوك بتقارير المجتمع بين الأمريكيين الأصليين الذين اعتبرهم «شعوبا طبيعية» الذين عاشوا في حالة من الحرية «شبه مثالية» ولكنها بدون عَقد.[15] وهذا أكد على مفهوم العقد الاجتماعي.
العقد الاجتماعي هو اتفاق بين أعضاء بلد على العيش ضمن نظام مشترك من القوانين. الأشكال المحددة من الحكومة هي نتيجة للقرارات التي اتخذت من قبل هؤلاء الأشخاص الذين يتصرفون داخل الحيز الجماعي. توضع الحكومة لتسنين القوانين التي تحمي هذه الحقوق الطبيعية الثلاث. وإذا لم تستطع الحكومة حماية هذه الحقوق الثلاث بشكل سليم، فإن يُمكن الإطاحة بها.
توماس باين
أكد توماس باين (1731-1809) على الحقوق الطبيعية في عمله المؤثر «حقوق الإنسان» (1791) حيث أكد على الحقوق لا يمكن أن تمنح من قبل أي جهة لأن هذا سيعني أنه من الممكن تقليلها أو إلغائها تحت ظروف معينة.
^Rommen, Heinrich A., The Natural Law: A Study in Legal and Social Philosophy trans. Thomas R. Hanley, O.S.B., Ph.D. (B. Herder Book Co., 1947 [reprinted 1959] ), p.. 5
^Jones, Peter. Rights. Palgrave Macmillan, 1994, p. 73.
^For example, the imperative "not to harm others" is said to be justified by natural law, but the same is not true when it comes to providing protection against harm
^See James Nickel, Human Rights, 2010. The claim that "..all human rights are negative rights.." is rejected, therefore human rights also comprise positive rights. نسخة محفوظة 11 يونيو 2018 على موقع واي باك مشين.
^Lectures on the Principles of Political Obligation, T. H. Green, 1883, p.114.
^Carlyle، A.J. (1903). A History of Medieval Political Theory in the West. ج. 1. ص. 8, 9.
^McIlwain، Charles H. (1932). The Growth of Political Thought in the West: From the Greeks to the End of the Middle Ages. ص. 114–15.
^Cicero, De Legibus (Keyes translation), book 1, section 28.
^Richard Tuck, Philosophy and Government 1572–1651 (1993), pp. 25-7.
^Davis, David Brion. The Problem of Slavery in Western Culture. Cornell University Press, 1966, p. 77.
^Pauline Maier,American Scripture: Making the Declaration of Independence. New York: Alfred A. Knopf, 1993, p. 134. نسخة محفوظة 21 سبتمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
^Kunze، Fred. "A Biography of John Locke". American History from revolution to reconstruction and beyond. GMW – University of Groningen. مؤرشف من الأصل في 2019-02-14. اطلع عليه بتاريخ 2015-07-20.