فقام «علي ولد سي سعدي» بتنظيم المقاومة في فصل ربيع سنة 1831م حيت تمردت قبائل سهل متيجة لتهاجم الثكنة العسكرية الفرنسية في الحراش بالإضافة إلى استهداف «المزرعة النموذجية» في منطقة بابا علي لوقوعهما على ضفة وادي الحراش.[3]
وكان «محمد بن زعموم» على رأس 4 000 جندي قد خيموا قرب وادي الحراش منذ أيام قليلة في انتظار التحاق أفواج عسكرية مقاومة من قبائل شرق متيجة، كما أن المقاومين في منطقة البليدة كانوا يتكفلون بتوفير الذخيرة والمؤونة للجنود.[5]
وكانت مجموعات تنطلق كل يوم من هذا المخيمالحراشي لنهب الممتلكات الاستيطانية الفرنسية المحيطة بوادي الحراش، ليتم تنظيم هجوم كبير بعد ذلك على «المزرعة النموذجية» في منطقة بابا علي بتاريخ 17 جويلية1831م.[6]
وقد تنبهت سلطة الاحتلال الفرنسي بعد أحداث جويلية1831م إلى أهمية منطقة الحراش المطلة على سهل متيجة، فتم تحصين هذا المدخل الشرقي للعاصمة من طرف القيادة العسكرية الفرنسية عبر تواجد كثيف وقوي للجنود والثكنات بشكل دائم في هذا الموقع لضمان الأمن على مشارف مدينة الجزائر[9]
إلا أن الاعتبارات الصحية المتعلقة بتواجد مستنقعات كثيرة قرب وادي الحراش كانت عائقا كبيرا أمام تمركز الجيش الفرنسي هناك، مما عجل من حتمية اتخاذ قرار «تجفيف المستنقعات» المتواجدة مباشرة قرب «برج الحراش» للسماح بمكوث أطول لجنود الثكنة دون تعرضهم للإصابة بالأمراض المعدية.[10]
فتم تكليف «جنود الثكنة الحراشية» بعملية «تجفيف المستنقعات» بمساعدة 500 جزائري تم انتدابهم من السكان المحيطين بوادي الحراش بالإضافة إلى 300 سجين مدني.[11]
واستغرقت أشغال «تجفيف المستنقعات» أكثر من سبعة شهور من العمل الدؤوب من أجل الوصول إلى نتيجة مقبولة تحمي الفرنسيين من الأمراض المعدية والرطوبة الزائدة.[12]
ذلك أن إبادة «قبيلة العوفية» تمت خلال ليلة 6 أفريل1832م إلى 7 أفريل1832م، حيث تم القضاء على حوالي مائة جزائري من هذه القبيلة من طرف جنود فوج الفرسان والفيلق الأجنبي[18]، ولم ينج من هذه الإبادة إلا أربعة رجال.[19]
فقد تمت مفاجأة هذه القبيلة قبيل فجر7 أفريل1832م من أجل معاقبتها بهمجية، حيث تم اعتقال شيخها واقتياده إلى مدينة الجزائر لتتم محاكمته وإدانته ثم يُطَبَّقَ عليه حكم الإعدام، ولقد هلك الكثير من الأهالي الجزائريين الأصليين خلال هذه الحادثة.[20]
وقد تبين بعد التحقيق بأنه ليس لأفراد القبيلة أي مسؤولية في ذلك، إلا أن «شيخ القبيلة» تمت محاكمته محاكمة صورية وأُعْدِمَ رغم أن التهمة لم تثبت عليه ولا على القبيلة، وتم قطع رأسه وحمله هدية إلى دوق روفيغو الذي تبرع برأس «الشيخ ربيع بن سيدي غانم» ورأس أحد أفراد قبيلته إلى طبيب يدعى «بونافون» ليجري على الرأسين التجارب العلمية.
وكانت «قبيلة العوفية» الهادئة تعيش ليلتها في حالة من الغفلة حتى فوجئت بهجوم قوات العقيد ماكسيميليان جوزيف شوينبيرغ فكانت عملية إبادة لجميع سكانها لأنهم كانوا حلفاء المجاهدين في متيجة منطقة القبائل، وقتلوا شيخ القبيلة أمام الملأ وباعوا أشياءهم للسفير الدنماركي.[22]
فتم حشد مائة فارس وتحضير كمين للمفرزة الفرنسية بتاريخ 23 ماي1832م على بُعد بعض المئات من الأمتار قرب «برج الحراش» الذي كانت «قبيلة العوفية» تتحكم فيه.[28]
وتمت إثر نصب هذا الكمين المُحكَم مهاجمة ومفاجأة 27 جنديا من الفيلق الأجنبي الفرنسي و25 فارسا من صيادي أفريقيا من طرف الفرسان لتتم إبادة 26 جنديا منهم بعد الاشتباك معهم، ونجاة جندي واحد تم أسره[29] · .[30]
إلا أن جهود الجنرال «صافاري دي روفيغو» ذهبت سدى ولم يستطع تنظيم الهجوم المرتقب على المقاومين، في حين أن بلوغ منتصف شهر جوان عَجَّلَ في إخلاء موقع «برج الحراش» كالمعتاد من طرف الفرنسيين بسبب رطوبة المستنقعات وانتشار الأمراض المعدية خلال فصل الصيف ذي الحرارة المرتفعة[35] · .[36]