وغالبًا ما ينخرط المصابون في إيذاء النفس وسلوكياتٍ خطيرةٍ أخرى بسبب صعوبة إعادة سويَّتهم العاطفية -على الأغلب- إلى خط الأساس الصحي أو الطبيعي.[7][8][9] وقد يصارعون أيضًا الشعور بالفراغ والخوف من الهجران والانفصال عن الواقع.[4]
يكون هذا الاضطراب موجودًا منذ مرحلة المراهقة، ويمكن أن يظهر عَرَضًا حسب الموقف.[10] ومن الأعراض الأخرى المصاحبة له الخوف من الهجران والتهميش، وحدوث نوباتٍ شديدةٍ من الغضبوالتهيّجيّة؛ الأمر الذي يكون من الصعب فهمه بالنسبة للآخرين.[10] غالباً ما يبدي الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّي رأيهم في الأشخاص المحيطين بشكلٍ إقصائيٍّ؛ إمّا بجعلهم مثاليّين وإما بأنهم غير متحلّين بالقيم، وذلك بشكلٍ متفاوتٍ ما بين التقدير العالي الإيجابي وخيبة الأمل السلبية.[11] بالإضافة إلى ذلك فإنّ من الممكن أن يصل الأمر إلى إيذاء النفس أو حتى الانتحار.[12]
بما أنّ هذا الاضطراب يتميّز بطول الأمد وقابليته للانتشار والتغلغل، فغالباً ما توجد ممانعة من قبل المصابين به للتشخيص النفسيّ، وخاصّة في المراحل الأولى من المراهقة أو البلوغ المبكر.[13] ومن الممكن أن تزداد أعراض هذا الاضطراب سوءاً في حالة عدم العلاج المبكّر لها.[14]
التاريخ
وُصفت معايشة أشخاصٍ ذوي أنماط مزاجٍ عنيفةٍ ومتباينةٍ منذ زمن الإغريق مروراً بالحضارات المختلفة حتّى أتى الطبيب السويسري ثيوفيل بونيه Théophile Bonet سنة 1684 وأعاد استخدام كلمة ميلانخوليا -وهو التوصيف القديم للاكتئاب- وذلك بالمصطلح folie maniaco-mélancolique،[15] وفيه وصف ظاهرة المزاج غير المستقر الذي ينحو منحىً غير قابلٍ للتنبّؤ. وبمرور الوقت بدأ التمايز في توصيف الأمراض النفسيّة، فعلى سبيل المثال في سنة 1884 استخدم الطبيب النفسي الأمريكي C. Hughes مصطلح الجنون الحدّي لتوصيف هذا الاضطراب.[16] وسنة 1921 حدّد إميل كريبيلن وجود شخصيّة قابلة للاستثارة وهي مقاربة جداً لميّزات الشخصيّة التي تعاني من الاضطراب الحدّي.[17]
ورد أوّل استخدامٍ واضحٍ لمصطلح «الحدّي» في تقرير تحليلٍ نفسيٍّ كتبه أدولف شتيرن Adolf Stern سنة 1938،[18] وصف فيه مجموعةً من المرضى يعانون ممّا ظنّ أنّه شكل خفيف من الفصام، وذلك على «الحد» بين العُصابوالذِّهان.[19] شهدت ستينات وسبعينات القرن العشرين انزياحاً في التوجه في توصيف الحالة من كونها حالة فصامٍ حدّيٍّ إلى كونها اضطراباً حدّياً في المزاج، وذلك على غرار الاضطراب ذي الاتجاهين، ودَورَويّة المزاج، والاكتئاب الجزئي، وقد بان هذا الأمر في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية في نسخته الثانية سنة 1968 عندما جرى التأكيد على أهمية توصيف اضطرابات المزاج.
ومع تطوّر كيفيّة وضع الشروط القياسيّة لتشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّي[20] -وذلك بغية تمييز هذا الاضطراب عن اضطرابات المزاج وعن اضطرابات المحور الأول الأخرى- أصبح تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّي يندرج تحت اضطراب الشخصيّة، وذلك في الإصدار الثالث من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-III سنة 1980.[21] وبذلك جرى تمييز اضطراب الشخصيّة الحدّي عن اضطراب الشخصيّة الفصامي.[19] وفي الإصدار الرابع من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية جرى تحديد التسمية باضطراب الشخصية الحدي،[17] بالرغم من أن مصطلح «الحدّي» وصفه البعض بغير المناسبٍ لتوصيف الأعراض المميّزة لهذا الاضطراب.[22]
ومن أكثر أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي تميّزاً هي الحساسيّة تجاه الرفض الاجتماعي، والأفكار والمخاوف من أن يُلفظ ذاك الشخص من قبل المجتمع.[23] ويمكن أن يتعدّى الأمر إلى حدوث اضطرابٍ في مفهوم الهويّة والقيم الذاتيّة، بحيث يمكن أن ترد أفكار جنون الارتياب عند الشعور بالتوتّر، بالإضافة إلى شعورٍ بالتفارق.[23]
المشاعر
يشعر المصابون باضطراب الشخصية الحدّي بالمشاعر النفسيّة شعوراً أسهلَ وأعمقَ ولمدةٍ أطولَ من الآخرين.[24][25] يمكن للمشاعر أن تظهر على السطح بشكلٍ متكرّرٍ، وأن تستمرّ لفترةٍ طويلة.[25] وعليه فإنّ المصابين بذلك الاضطراب يتطلّبون وقتاً أطول من الناس العاديّين كي يعودوا إلى حالة التوازن العاطفي الطبيعي بعد خضوعهم لتجاربَ عاطفيّةٍ شديدة التأثير.[26]
حسب الأخصائية في علم النفس مارشا لاينهان Marsha Linehan فإنّ حساسية وشدّة ومدّة الإحساس بالمشاعر لدى المصابين بهذا الاضطراب يترك آثاراً إيجابيّةً وسلبيّةً في الوقت نفسه،[26] فهم غالباً ما يكونون مثاليّين ومفعمين بالسعادة والحب في حالة المشاعر الإيجابيّة،[26] ولكنّهم بالمقابل يشعرون بطغيان المشاعر السلبيّة عند الأسى، فهم يشعرون بالفجع الشديد بدل الحزن، وبالخزيوالإذلال بدل الحرج، وبالغضب بدل الانزعاج، وبالفزع بدل القلق.[26] غالباً ما يكون المصابون بهذا الاضطراب حساسين تجاه المشاعر المرافقة للرفض أو العزلة أو الفشل.[27] في حالة عدم وجود بوادرَ للتأقلم فإنّ محاولات هؤلاء الأشخاص للتحكّم أو الهرب من المشاعر السلبيّة ربما تودي بهم في نهاية المطاف إلى إيذاء الذات أو الانتحار.[28] غالباً ما يكون المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّي مدركين لشدة تأثير ردود أفعالهم على المشاعر السلبيّة، وبما أنهم لا يستطيعون التحكّم بها، فإنّهم يلجؤون إلى تعطيل تلك المشاعر بالكامل،[26] وهذا يمكن أن يكون ضارّاً بهؤلاء الأشخاص، لأنّ مهمّة المشاعر السلبيّة هي تنبيه البشر إلى وجود ظرفٍ إشكاليٍّ ليقودهم إلى مواجهته في الحالة الطبيعيّة.[26]
يكون المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّي عُرضةً بشكلٍ خاصٍّ لحالة الانزعاج، أو للشعور بحالةٍ من المعاناة الذهنيّة والعاطفيّة. قامت مجموعة بحث زاناريني Zanarini بتمييز أربعة أصنافٍ من حالة الانزعاج، والتي تكون نمطيّةً ومرافقةً لمرضى اضطراب الشخصية الحدي وهي: المشاعر الجامحة، التدمير أوالتدمير الذاتي، والشعور بالتجزئة أو بنقص الهوية، والشعور بالتضحية.[29] ضمن هذه التصنيفات يترافق تشخيص الحالة ترافقاً كبيراً مع مزيجٍ من ثلاث حالاتٍ محدّدة: وهي الشعور بالخيانة، والشعور بالأذى النفسي، والشعور بالوجود في حالةٍ خارجةٍ عن السيطرة.[29] وبما أنّ هناك تنوّعاً كبيراً في أنماط حالات الانزعاج المصادَفة لدى مرضى هذا الاضطراب، فإنّ مقدار المعاناة يعدّ مؤشّراً مهمّاً على وجود اضطراب الشخصيّة الحدّي.[29]
بالإضافة إلى المشاعر الجامحة قد يعاني المصابون من التقلقل (أو عدم الثبات الانفعالي)، أو تقلّب المشاعر؛ إذ يتأرجح مزاج المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي في العادة بين الغضب والقلق، وأحياناً بين الاكتئاب والقلق.[30]
السلوك
يشيع السلوك الاندفاعي عند مرضى اضطراب الشخصيّة الحدّي بما في ذلك تعاطي مواد الإدمان، أو معاقرة الكحول، أو اضطرابات الأكل، أو التهوّر في القيادة، أو تبذير النقود.[31] كما يمكن أن يصدر عن المصاب به سلوك اندفاعي يتمثّل بهجر العمل أو العلاقات، أو بالهرب.[32]
يتصرّف المصابون بهذا الاضطراب باندفاعيّةٍ، لأنّها تمنحهم شعوراً بالارتياح الفوري من آلامهم الانفعاليّة،[32] وذلك دون التفكير بالعواقب على المدى الطويل، والتي ستزيد من معاناتهم بالشعور بالخزي والندم جرّاء تلك الأفعال.[32] يصبح الأمر في النهاية حلقةً مفرغةً تبدأ بشعور مرضى هذا الاضطراب بألمٍ انفعاليٍّ ينتج عنه سلوك اندفاعي للتخلّص من ذلك الألم، ثمّ الشعور بالندم على ذلك السلوك، ممّا ينجم عنه رغبة أقوى من ذي قبل بالتخلّص من ذلك الألم الانفعالي، وهكذا دواليك.[32] وبمرور الوقت يصبح السلوك الاندفاعي ردّ فعلٍ آليٍّ تجاه الألم الانفعالي.[32]
إيذاء النفس والانتحار
يكون إيذاء النفس أو السلوك المؤدي للانتحار أحد شروط التشخيص الرئيسة لاضطراب الشخصيّة الحدّي في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM-IV-TR. يكون كل من إيذاء النفس والإقدام على الانتحار ردّا فعلٍ على الإحساس بالمشاعر السلبيّةٍ.[28] إنّ إدارة وعلاج هذا السلوك معقّد وليس بالأمر الهيّن.[33] تتراوح نسبة المخاطرة في الانتحار عند المصابين بهذا الاضطراب ما بين 3% و10%،[23][34] وتشير دراسة إلى أنّ نسبة الانتحار عند الرجال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي أكبر بحوالي الضعفين مقارنةً بالنساء المصابات.[35] وتشير دراسة أخرى إلى إمكانيّة وجود نسبةٍ معتبرةٍ من الرجال الذين أقدموا على الانتحار، ولديهم أعراض غير مشخّصةٍ من اضطراب الشخصية الحدي.[36]
إنّ إيذاء النفس عند المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي أمر شائع، ويمكن أن يحدث مع أو بدون نيّة الانتحار،[37][38] إذ إنّ الأسباب المؤدية لإيذاء النفس تختلف عن الأسباب المؤدية لمحاولات الانتحار.[28] تتضمّن الأسباب المؤدية لإيذاء النفس دون الانتحار إظهار مشاعر الغضب، ومعاقبة النفس بالألم الجسدي لمحاولة حيودها عن الألم الانفعالي أو الظروف الصعبة.[28] بالمقابل فإنّ محاولات الانتحار تعكس غالباً إيماناً بأنّ الآخرين سيكونون بحالٍ أفضلَ بعد الانتحار.[28] وجدت دراسة أن الانتهاك الجنسي يمكن أن يكون عاملاً مؤثّراً ومؤدياً للانتحار عند المراهقين الذين لديهم ميل لاضطراب الشخصيّة الحدّي.[39]
العلاقات مع الأشخاص
يمكن للمصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي أن يكونوا حسّاسين جدّاً لكيفية تعامل الآخرين معهم حيث يشعرون بفرحةٍ غامرةٍ وامتنانٍ عند فهم تعبيرات الأشخاص المحيطين اللطيفة، في حين ينتابهم حزن شديد أو غضب عند فهم تعابير الانتقاد أو الإيذاء.[40] إنّ مشاعر المصابين بأعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي تجاه الآخرين يمكن أن تنزاح من الإيجابيّة إلى السلبيّة بعد حدوث أمرٍ ما مخيّبٍ لأمل المريض، أو عند فهم قضيّةٍ ما على أنّها تهديد بفقدان شخصٍ ما، أو عند إحساسهم بأنّهم سقطوا في عين من يقدّرون. تتضمّن هذه الظاهرة -التي تدعى أحياناً باسم الانفصام أو أسلوب التفكير «أبيض-أسود»-[41] حدوثَ انزياحٍٍ في التوجّه من جعل الآخرين مثاليّين (مشاعر الإعجاب والود تجاههم) إلى جعلهم خالين من القيم (مشاعر الغضب أو الكره). بالتشارك مع معكّرات مزاجٍ أخرى يمكن لهذا التأرجح في المشاعر أن يحدث في علاقات المصابين بهذا الاضطراب مع ذويهم وعائلاتهم وأصدقائهم وزملائهم في العمل.[42][43]
وعلى الرغم من الرغبة الداخليّة للمصابين في إنشاء علاقاتٍ حميمةٍ، إلا أنّهم يخشون بالمقابل من التعلّق بشخصٍ في العلاقة معه، ويقومون بعلاقاتٍ عابرةٍ مع الآخرين،[44] وغالباً ما يُظهرون العالمَ الخارجي على أنه مليء بالشرّ والحقد.[40] يرافق اضطراب الشخصيّة الحدّي وجود مستوياتٍ متزايدةٍ من الكروب المزمنة والخلافات في العلاقات الرومانسيّة، كما يكون هناك عدم رضىً من الشريك في تلك العلاقة.
إنّ التلاعب للحصول على الرعاية من الآخرين هو خاصية مميّزة لاضطراب الشخصيّة الحدّي.[45][46] بالرغم من وجوب ألا يعطى مفهوم التلاعب حجماً أكبر من حجمه عند تشخيص المرض، لأنّ ذلك قد يودي إلى سوء فهمٍ للحالة، لاسيما للمعالجين في نظام الرعاية الصحيّة.[47]
الشعور بالذات
يعاني المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّي من مشاكلَ في تكوين صورةٍ واضحةٍ عن شخصيتهم وهويّتهم، فهم يميلون على الخصوص إلى مواجهة مشاكلَ مع أنفسهم لمعرفة ما الشيء الذي يقيّمونه أو الذي يؤمنون به أو يفضلونه أو يستمتعون به،[48] كما يكونون غير واثقين من أهدافهم بعيدة الأمد، وذلك فيما يتعلّق بالعلاقات والعمل. هذه الصعوبة التي تواجه هؤلاء المرضى في معرفة ذواتهم وقيمتهم يمكن أن تسبب لهم شعوراً بالفراغ أو الضياع.[48]
المعارف
بسبب المشاعر الجامحة التي تنتاب مرضى اضطراب الشخصيّة الحدّي يكون من الصعب عليهم المحافظة على تركيز انتباههم.[48] إضافةً إلى أنّهم يميلون إلى التفارق، والذي يمكن فهمه على أنه حالة متطرّفة للخروج من الصورة الضيّقة إلى الصورة الشاملة.[48] يمكن للتفارق أيضاً أن يحدث كردّ فعلٍ على تجربة حدثٍ مؤلمٍ (أو المرور بتجربة أمر ما يمكن أن يولّد ذكرى حدث مؤلم)، بحيث إنّ الذهن يصرف انتباهه تلقائياً عن ذلك الحدث كوسيلة دفاعٍ لأجل تجنّب الإحساس بمشاعرَ جامحةٍ، وبالتالي الاندفاعات السلوكيّة التي تولّدها مثل تلك المشاعر.[48] وعلى الرغم من أنّ عادة الذهن في القيام بحجب المشاعر شديدة الألم يمكن أن يعطيَ شعوراً مؤقّتاً بالراحة، إلاّ أنّه في الوقت نفسه يمكن أن يكون له أثر جانبي بحجب أو كسر حد تجارب المشاعر العاديّة ممّا يقلّل إمكانيّة وصول مرضى تلك الحالة إلى المعلومات المُتضمَّنةِ في هذه المشاعر، التي تفيد في توجيه صناعة القرار في الحياة اليوميّة.[48] في بعض الأحيان من الممكن لشخصٍ آخرَ أن يستنبط متى يكون المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّي في حالة تفارقٍ، وذلك لأن تعابير وجوههم وأصواتهم يمكن لها أن تصبح حينئذٍ بدون حيويّةٍ أو خاليةً من التعبير؛ ولكن في حالاتٍ أخرى يكون من الصعب التعرّف على دخولهم في حالة التفارق تلك.[48]
الأسباب
كما الحال في العديد من الاضطرابات النفسيّة فإنّ أسباب اضطراب الشخصيّة الحدي معقّدة، ولا يوجد اتّفاق كلّي عليها.[49] تشير الدلائل إلى وجود اشتراكٍ بين اضطراب الشخصيّة الحدّي (BPD) واضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD) إلى حدٍّ ما.[50] يُجمع معظم الباحثين على أنّ وجود صدمة نفسية في تاريخ طفولة المصاب يمكن أن يكون عاملاً مساهماً في ذلك،[51] وذلك دون إغفال التحقيق في الأسباب الأخرى مثل وجود حالاتِ تشوّهٍ في وظائف الدماغ المعرفيّة وانتقال الاضطراب وراثيّاً في الجينات، ومن تأثير عواملَ عصبيّةٍ حيويّةٍ، ومن تأثيرات البيئة المحيطة.[49][52] تتضمّن العوامل الاجتماعيّة كيفيّة تصرّف الشخص في مراحل نموّه الأولى مع عائلته وأصدقائه ومع الأطفال الآخرين.[53] أمّا العوامل النفسيّة فتشمل الشخصيّة الفرديّة والمزاج وتأثير البيئة المحيطة في ذلك، بالإضافة إلى كيفيّة تعلّم مهارات التأقلم مع الكرب،[53] وعليه ثمة عواملُ متعدّدةٌ تؤدّي إلى حدوث اضطراب الشخصيّة الحديّ يمكن أن تأتيَ مجتمعةً أو فُرادى.
أسباب وراثيّة
تقدّر وروثية اضطراب الشخصيّة الحدّي بحوالي 65%.[54] وهذا يعني أنّ 65 بالمئة من التغيّر الإحصائي في المسؤولية -المتضمّنةِ حدوثَ اضطراب الشخصيّة الحدّي في العيّنة الإحصائيّة- يمكن تفسيرها نتيجة اختلافاتٍ وراثيّة. من الممكن أن تفرط الدراسات التوأميّة في تقدير أثر المورّثات على التنوّع والاختلاف في اضطرابات الشخصيّة، وذلك للعوامل المعقّدة بسبب وجود بيئة عائلية مشتركة.[55] ومع ذلك فإنّ الدراسات العائليّة على التوائم والأخوة تشير إلى حدوث وروثية جزئيّة بشأن العدوان الاندفاعي، ولكنّ دراساتٍ أخرى على المورّثات المتعلقّة بالناقل العصبي سيروتونين تشير إلى وجود تأثيراتٍ طفيفةٍ على السلوك.[56] خلصت دراسة أجريت على مجموعةٍ من التوائم في هولندا وعلى والديهم إلى وجود صلةٍ ما بين المادة الوراثيّة على الصبغي رقم 9 وملامح اضطراب الشخصيّة الحدّي،[57] وأن 42% من التغيرات في ملامح هذا الاضطراب يمكن عَزْوُها إلى تأثيراتٍ وراثيّةٍ، و58% يمكن عزوها إلى تأثيراتٍ بيئيّة.[57]
تشوّهات دماغيّة
أظهرت دراسات التصوير العصبي لمرضى اضطراب الشخصيّة الحدّي وجود انحساراتٍ في مناطقَ من الدماغ مسؤولةٍ عن الضبط والتحكم بردود الأفعال تجاه الكرب والعواطف، والتي تكون في منطقة الحصينوالقشرة الجبهيّة الحجاجيّةواللوزة الدماغيّة بالإضافة إلى مناطقَ أخرى.[58] في عددٍ محدودٍ من الدراسات جرى استخدام تقانة مطيافيّة الرنين المغناطيسي النووي بغية دراسة التغيّرات في تراكيز المستقبلات العصبيّة في مناطقَ محدّدةٍ في الدماغ لدى المصابين بهذا الاضطراب، وخاصّة مركّبات مثل ن-أسيتيل الأسباراتات، والكرياتين، والمركّبات المتعلّقة بالغلوتامات، والمركّبات الحاوية على الكولين.[58]
الحصين
يكون الحصين ذا حجمٍ أصغرَ عند المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي مقارنةً بالأشخاص الذين لديهم اضطراب الكرب التالي للصدمة، وكذلك فإنّ مرضى BPD (اضطراب الشخصيّة الحدّي) على العكس من مرضى PTSD (اضطراب الكرب التالي للصدمة) يمتلكون لوزةً دماغيةً ذات حجمٍ أصغر أيضاً.[59]
اللوزة الدماغية
تكون اللوزة الدماغيّة عند المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي صغيرةً وذات فعاليّةٍ أكبرَ.[59] كما وُجدت ظاهرة صغر حجم اللوزة الدماغية عند الأشخاص الذين لديهم اضطراب وسواسي قهري.[60] في دراسة أخرى أظهرت الأبحاث وجود نشاطٍ قوي غير طبيعي في اللوزة اليسرى عند المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي عندما يمرّون بتجربةٍ تؤدي إلى إظهار مشاعرَ سلبيّة.[61] بما أنّ للوزات الدماغيّة دوراً في العديد من المشاعر (من ضمنها السلبيّة)، فإنّ النشاط غير الطبيعي لها يمكن أن يفسّر مدى قوة واستمرارية الشعور بالخوف والغضب والخزي عند المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي، بالإضافة إلى حساسيّتهم العالية لإظهار تلك المشاعر أمام آخرين.[59]
القشرة أمام الجبهية
تميل القشرة أمام الجبهيّة لأن تكون أقلّ فاعليّة عند المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي، وخاصّة عند استرجاع ذكريات الهجران.[62] تحدث ظاهرة عدم الفعاليّة النسبيّة هذه في القشرة الحزاميّة الأماميّة اليمينيّة (في باحات برودمان 24 و32).[62] وبما أن للقشرة أمام الجبهيّة دوراً في ضبط الهيجان العاطفي، فإنّ عدم فعاليّتها النسبيّة يمكن أن يشرح الصعوبات التي يعانيها المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّي في ضبط مشاعرهم وردود أفعالهم تجاه الكروب.[63]
المحور الوطائي-النخامي-الكظري
يقوم المحور الوطائي-النخامي-الكظري (HPA axis) بتنظيم الكورتيزول، والذي ينتج كردِّ فعلٍ لوجود الكرب. لوحظ ارتفاع إنتاج الكورتيزول عند المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي ممّا يعني نشاطاً في محور HPA عند هؤلاء الأفراد.[64] هذا الأمر يسبّب لهم معايشة رد فعلٍ حيويٍّ أكبرَ، وبالتالي يفسّر تعرّضهم تعرّضاً أكبر إلى التهيّجيّة.[65] ترتبط زيادة نسبة الكورتيزول أيضاً بارتفاع نسبة خطورة حدوث سلوك انتحاري.[66]
عوامل حيويّة عصبيّة
الإستروجين
وُجد أن اختلافاتٍ فرديةً في دورات الإستروجين يمكن أن ترتبط بإظهار أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي عند النسوة المصابات بهذا المرض.[67] أظهرت دراسة سنة 2003 أنّ أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي عند النساء يمكن لها أن ترتبط بتغيّراتٍ في مستويات الإستروجين في الدورة الشهرية، وهو أثر بقي مهمّاً عند التحقّق من النتائج عند وجود زيادة في الوجدان السلبي.[68]
تجارب سيّئة في مرحلة الطفولة
ثمة ارتباط وثيق بين معاناة تجاربَ سيّئةٍ في مرحلة الطفولة -وخاصّةً إذا كان هناك تحرّش جنسي- مع تطوّر أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي.[51][69][70][71][72] صرّح العديد من المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي بأنّه كان لديهم تاريخ سيئ أثناء طفولتهم من حيث الانتهاك والإهمال،[73] كما بيّن بعضهم تعرّضهم لسفاح القربى، وفقدان الرعاية أثناء مرحلة الطفولة المبكّرة.[74] وأظهرت دراسات على المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي أنّ والديهم -من كلا الجنسين- كانا قد انسحبا عاطفياً من حياة الطفل، وأنّه قد تمّ معاملتهم بشكلٍ متفاوتٍ ومتضاربٍ.[74] عموماً ففي الغالب إنّ الأطفال الذين عانوا من معاملةٍ سيّئةٍ في مرحلةٍ مبكّرةٍ من الطفولة، وكانت لديهم صعوبة في التعلّق ستتطوّر لديهم غالباً أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي.[75]
عوامل أخرى مساعدة
إنّ شدّة وتفاعل العواطف والمشاعر السلبيّة عند الأشخاص وميلهم للشعور بالمشاعر السلبيّة يمكن أن يؤدي مستقبلاً إلى ظهور أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي طهوراً أكبرَ من تأثير الانتهاك الجنسي عند الأطفال.[76] إنّ العوامل المذكورة من التشوّهات الدماغيّة أعلاه، وحقيقة أنّ بعض المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي لم تكن لديهم تجارب سيّئة أثناء الطفولة تشير إلى أنّ اضطراب الشخصيّة الحدّي مختلف تماماً عن اضطراب الكرب التالي للصدمة، والذي غالباً ما يكون مرافقاً له.[77]
الوظائف التنفيذيّة
في حين تكون حساسية الرفض الاجتماعي مترافقةً مع أعراضٍ أقوى من اضطراب الشخصيّة الحدّي، فإنه يبدو أن الوظائف التنفيذيّة تقوم بدورٍ وسيطٍ في العلاقة بين حساسيّة الرفض الاجتماعي وأعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي.[78] أي إنّ زمرةً من العمليات المعرفيّة -التي تتضمّن التخطيط، وذاكرة العمل، والانتباه، وحلّ المشاكل- يمكن أن تكون الآلية التي من خلالها يؤثّر الرفض الاجتماعي على أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي. أظهرت دراسة أجريت سنة 2008 أنّ العلاقة بين حساسيّة الرفض الاجتماعي لشخصٍ ما وأعراض هذا الاضطراب تكون أقوى عندما تكون الوظائف التنفيذيّة أكثر انخفاضاً، بالمقابل تكون تلك العلاقة أضعف عندما تكون الوظائف التنفيذية أكثر ارتفاعاً.[78] ممّا يدلّ على أنّ الوظائف التنفيذيّة المرتفعة يمكن أن تساعد في حماية الأشخاص الذين لديهم حساسيّة رفضٍ عاليةٍ كعرضٍ من أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي.[78] كما وجدت دراسة أخرى أنّ المشاكل في الذاكرة العمليّة يمكن أن تساهم في حدوث اندفاعيّةٍ أكبرَ عند المصابين بهذا الاضطراب.[79]
البيئة العائليّة
تقوم البيئة العائليّة بدور وساطةٍ في مدى تأثير الانتهاك الجنسي للأطفال على تطور أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي. إنّ البيئة العائليّة غير المستقرّة تهيّئ لتطوّر هذا الاضطراب، في حين تكون مخاطر حدوث ذلك الأمر أقلّ في البيئة العائليّة المستقرّة، لأنّ البيئة المستقرّة تحجب تطوّر أعراض الاضطراب.[80]
التعقيد الذاتي
يعتمد أثر دور التعقيد الذاتي من حيث صورة الذات المهتزّة وغير المستقرّة عند المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي على السؤال فيما إذا كان الأفراد ينظرون إلى أنفسهم على ضوء الميّزات أو الخصائص التي يتمنّونها [أو يرغبون] بها، أو على ضوء الميّزات أو الخصائص التي ينبغي أن تكون لديهم.[81]
قمع التفكير
أظهرت دراسة أجريت سنة 2005 أنّ قمع التفكير يقوم بدور وسيطٍ في العلاقة بين المشاعر السيّئة وبين أعراض هذا الاضطراب،[76] وبشكلٍ خاصٍّ العلاقة بين البيئة غير المساعدة على التفكير وأعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي.[82]
التشخيص
يجب أن يعتمد تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّي على فحص نفسي من قبل أخصائي مؤهّل. من أفضل الطرق التي يعتمدها الأخصائي في التشخيص هي تقديم شروط حدوث الاضطراب للمرضى وسؤالهم إن كانوا يشعرون أن تلك الخصائص تصف حالتهم بدقة.[23] إنّ عملية تضمين المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي بشكلٍ فعّالٍ في تحديد تشخيص حالتهم يمكن أن يساعدهم بأن يكونوا أكثر رغبةً في تقبل الأمر.[23] مع أن بعض الأخصائيّين يفضّلون ألا يُعلموا مرضاهم المصابين بذلك الاضطراب بنتيجة التشخيص من باب الحرص والقلق من قضية الوصمة المتعلّقة بهذه الحالة، أو لأن اضطراب الشخصيّة الحدّي كان يُعد غير قابلٍ للشفاء [في الماضي]. في النهاية إنّ معرفة المصابين بهذا الاضطراب بتشخيص حالتهم عادةً ما يكون أمراً مساعداً، إذ يساعدهم في معرفة أنّ آخرين قد عانَوا مشاكلَ مشابهةً، وأنّهم قد شُفوا من ذلك، ممّا يساعد على جلسات معالجةٍ فعّالةٍ.[23]
عمومًا فإنّ التقييم النفسي يتضمّن سؤال المريض عن مدى الأعراض وشدّتها، إضافةً إلى أسئلةٍ أخرى عن مدى تأثير الأعراض على نوعيّة حياة المريض، ومن الأمور التي ينبغي الانتباه لها بالخصوص الحالات التي يرد فيها ذكر تبنّي أفكارٍ انتحاريةٍ، أو الإشارة إلى تجاربَ في إيذاء النفس، أو التفكير في إيذاء الآخرين.[83] يعتمد التشخيص على تقرير المريض عن حالته النفسيّة والأعراض المصاحبة وعلى ملاحظات المعالج النفسي الخاصة.[83] يمكن إجراء فحوصٍ إضافيّةٍ تتضمّن فحوصاتٍ جسمانيةٍ ومخبريّةٍ لمعرفة مسبّباتٍ إضافيّةٍ ممكنةٍ للأعراض، من ذلك فحص الغدة الدرقيّة، أو التثبت ما إذا كان المريض من مدمني المخدرات.[83]
يعرّف الدليل التشخيصي والأحصائي للاضطرابات النفسيّة في طبعته الخامسة (DSM-5) الميّزات الرئيسية لاضطراب الشخصيّة الحدّي على أنّها نموذج متخلّل ومنتشر من عدم الاستقرار في العلاقات مع الأشخاص وفي صورة الذات وفي الوجدان إضافةً إلى وجود سلوك اندفاعي مميّز.[84] فضلًا عن ذلك فإنّ DSM-5 يقدّم طرحاً بديلاً للشروط التشخيصيّة لاضطراب الشخصيّة الحدّي في القسم الثالث (section III) والذي يعتمد على الأبحاث في السمات المرضيّة، ويتضمّن تحديد أربع سماتٍ لا تكيّفيّةٍ على الأقل من أصل سبعة.[86]
كي يشخّص المرء من النمط الاندفاعي عليه أن يحقّق ثلاثة شروطٍ على الأقل أحدها يجب أن يكون الشرط الثاني لزومًا، وهذه الشروط هي:
ميل واضح لأن يتصرّف تصرّفًا غير متوقّعٍ وبدون تفكيرٍ متَعَقِّلٍ بالنتائج.
ميل واضح لأن يقوم بسلوكٍ مشاكسٍ، وأن تكون لديه نزاعات مع الآخرين خاصّة عندما تُعارض أو تُنتقد الأفعال الاندفاعية.
وجود حالةٍ من التقلقل وعدم الحصانة من حدوث نوباتٍ من الغضب أو العنف، مع عدم المقدرة على التحكّم في الانفجارات السلوكيّة الناتجة.
صعوبة في المداومة على أداء أيّ فعلٍ لا يحصل في نهايته على نتيجة فوريّة.
مزاج غير مستقرٍ ومتقلّبٍ (اندفاعي ومتلوّن).
النمط الحدّي F60.31
يُشخّص المرء من النمط الحدّي إذا توفرت فيه ثلاثة أعراض على الأقل من المذكورة في النمط الاندفاعي F60.30 إضافةً إلى تحقيق اثنين على الأقل من الشروط الإضافية التالية:
وجود شكٍّ واضطراباتٍ في صورة الذات، وفي الأهداف، وفي الرغبات الداخليّة.
حالة من التقلقل وعدم الحصانة من الانخراط في علاقاتٍ شديدةٍ وغير مستقرّةٍ، والتي تؤدّي غالباً إلى أزمةٍ عاطفيّةٍ.
محاولات حثيثة من أجل تجنّب الهجران.
تهديدات أو أفعال متكرّرة بإيذاء النفس.
أحاسيس مزمنة بالفراغ الذاتي.
إظهار سلوك اندفاعي مثل التهوّر في القيادة أو الإدمان.[88]
كما تصف المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض (ICD-10) بعض الشروط العامة التي تعرّف وجود اضطراب في الشخصيّة.
أنماط فرعية حسب تصنيف ميلون
قام عالم النفس ثيودور ميلون Theodore Millon باقتراح أربعة أنماطٍ من اضطراب الشخصيّة الحدّي، بحيث إنّ تشخيص المرء بهذا الاضطراب يجعله مؤهلًا لأن يكون لديه واحد أو أكثر، أو قد لا تكون لديه الصفات التالية:[89]
يكون المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّي عرضةً للشعور بالغضب تجاه أفراد عائلاتهم والانسلاخ منهم، وبالمقابل فإنّ أفراد العائلة من جهتهم يشعرون بالغضب والعجز حيال تصرفات أقاربهم المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي.[23]
أظهرت دراسة سنة 2003 أن تجاربَ أفراد العائلة من تحمّل العبء، والشعور بالضائقة الانفعاليّة، والعداء تجاه المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي كانت بالفعل أسوأ بعد معرفتهم لمعلوماتٍ أكثر عن هذا الاضطراب.[90] يمكن أن تشير هذه الكشوفات إلى ضرورة التحقّق من نوعيّة ودقّة المعلومات التي يُستحصل عليها من أفراد العائلة.[91] عادةً ما يكون الآباء والأمّهات الذين لهم مرضى بالغين مصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي إما مشتركين اشتراكًا زائدًا عن حدّه وإما دون الحدّ من حيث العلاقات والتفاعلات الأسريّة المتبادلة مع أبنائهم.[92]
المراهقة
تظهر علائم وأعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي نمطياً خلال مرحلة المراهقة والبلوغ المبكّر، على الرغم من أن بعض الأعراض الموحية بهذا الاضطراب يمكن أن تُلاحظ عند الأطفال.[93] إنّ الأعراض عند المراهقين التي يمكن أن تشير إلى احتماليّة تطوّر اضطراب الشخصيّة الحدّي عند البلوغ تتضمّن المشاكل فيما يخص الصورة الجسمانية، والحساسية المفرطة للرفض، والمشاكل السلوكيّة، وإيذاء النفس غير الانتحاري، ومحاولات إيجاد علاقاتٍ حصريّةٍ، بالإضافة إلى الخجل الشديد.[23] هذه الأعراض عند المراهقين تعطي مؤشّراتٍ مرتفعةٍ لإمكانيّة تطوّر اضطراب الشخصيّة الحدّي في المستقبل،[94] كما يمكن غالباً أن تتطوّر أشكال أخرى من الإعاقات الاجتماعيّة طويلة الأمد.[23]
لا ينصح للأخصائيّين النفسيّين أن يشخّصوا أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي لأحدٍ ما قبل سن الثامنة عشر، وذلك بسبب الاختلاجات العاطفيّة التي تصيب المراهقين، ولكنّ مراقبة الحالة مهم، وذلك من أجل وضع خطة علاج فعّآلة.[94] على العموم وجدت دراسة أنّ المراهقين الذين تظهر لديهم علائم اضطراب الشخصيّة الحدّي ينقسمون إلى مجموعتين، الأولى ممن يبقى لديهم الاضطراب ثابتاً ولا يتغيّر بمرور الوقت، والمجموعة الثانية ممّن يمرّون به ثم يتخلّصون منه.[95]
التشخيص التفريقي والمراضة المشتركة
إنّ حالات المراضة المشتركة (الاشتراك في الحالة المرضية) الدائمة أمر شائع في اضطراب الشخصيّة الحدّي. فمقارنةً بالأفراد الآخرين المشخّصين باضطراباتٍ شخصيّةٍ أخرى غير هذا الاضطراب، فإنّ الناس المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي يظهرون معدّلاً مرتفعاً من التشارك في شروط تلك الاضطرابات الأخرى.[96] مثل:
يعد العلاج النفسي العلاجَ الرئيسي لاضطراب الشخصيّة الحدّي.[97] وينبغي للعلاج أن يُبنى على الحاجات الفرديّة للأشخاص أكثر من مجرد التشخيص العام للاضطراب. تفيد الأدوية في علاج الاضطرابات ذات المراضة المشتركة، مثل الاكتئابوالقلق.[98] وقد وجد أن الاستشفاء قصير الأمد ليس أكثر فعاليّةً بالمقارنة مع الرعاية الاجتماعيّة طويلة الأمد التي تشمل المنع طويل الأمد من السلوك الانتحاري.[99]
العلاج النفسي
إنّ العلاج النفسي طويل الأمد حالياً هو العلاج الأمثل لاضطراب الشخصيّة الحدّي.[100] هناك ستّة أنواع علاجٍ متوفّرةٍ لاضطراب الشخصيّة الحدّي هي:
وفي حين «العلاج السلوكي الجدلي» DBT هو الأكثر دراسةً بين أساليب العلاج المذكورة، فإن البحث التجريبيودراسات الحالة أظهرت أنّ جميع تلك الأساليب العلاجية فعّالةٌ في علاج اضطراب الشخصيّة الحدّي باستثناء العلاج المركّز على التخطيط.[23] وعلى كلٍّ فالعلاج طويل الأمد من أيّ نوعٍ -ولو كان العلاج المركز على التخطيط- أفضل من دون علاج، وخاصّة عند تقليل الدافع إلى إيذاء النفس.[102]
يرتكز العلاجان النفسيان المعتمدان على التعقّل والتحويل على مبادئ الديناميكيّة النفسيّة، في حين يعتمد «العلاج السلوكي الجدلي» على مبادئ السلوك المعرفي وعلى الوعي.[102] تَجمع «إدارة العلاج النفسي العامّة» المبادئ الأساسيّة لأساليب العلاج التفصيليّة، وتعدّ سهلة التعلّم ولا تتطلّب الجهد الكبير.[23] أظهرت دراسة لعيّناتٍ عشوائيّةٍ من التجارب أنّ العلاج باستخدام أسلوبي «العلاج السلوكي الجدلي» DBT، و«العلاج المعتمد على التعقّل» MBT هما الأكثر نجاعةً، وأنّهما يشتركان في عديدٍ من الأمور المتشابهة.[103][104] بيّنت دراسة أخرى أنّ أسلوب «العلاج النفسي التفكيكي الديناميكي» DDP يمكن أن يكون أكثر فاعليةً من DBT أي «العلاج السلوكي الجدلي».[105] يهتمّ الباحثون يإيجاد صيغةٍ مختصرةٍ من أساليب العلاج المذكورة وتطويرها، وذلك من أجل زيادة اليسر والتقليل من الأعباء المادية على المرضى، ولتخفيف عبء توفير الموارد على مزوّدي العلاج.[102][106]
من وجهة نظرٍ ديناميكيّةٍ نفسيّةٍ فالمشكلة الخاصّة التي تواجه العلاج النفسي هو الإسقاط النفسي إذ يتطلّب الأمر من المعالج النفسي أن يكون مرناً في التفكّر في الصفات السلبيّة لدى المريض أكثر من التفسير السريع للإسقاط.[107] يشير بعض الباحثين إلى أنّ استخدامَ وسائل تأمّلٍ مثل الوعي التام يمكن أن يجلب تغيّراتٍ بنيويّةٍ مرغوبةٍ في العقل فيما يتعلّق باضطراب الشخصيّة الحدّي،[108][109][110] كما يمكن لجلسات التأمّل الواعي التام أن تخفّفَ من أعراضٍ مميّزةٍ لاضطراب الشخصيّة الحدّي.[111][112]
الأدوية
أظهر منشور مراجعةٍ علميٍّ من قبل مؤسسة كوكرين سنة 2010 أنّ لا دواءَ أظهر نجاعةً في علاج الأعراض الرئيسيّة لاضطراب الشخصيّة الحدّي من حيث الشعور المزمن بحالة الفراغ واضطراب الشخصيّة والهُجران، ولكن -ورغم ذلك- وجد مؤلّفو ذلك المنشور أنّ لبعض الأدوية تأثيراً على أعراضٍ منفصلةٍ مترافقةٍ مع هذا الاضطراب، أو أعراض المراضات المشتركة.[113]
من بين المضادات النمطيّة للذِّهان التي دُرست فيما يخصُّ اضطراب الشخصيّة الحدّي وُجد أن دواء هالوبيريدول يخفّف من الغضب، في حين إن فلوبينتكسول يمكن أن يقلل احتماليّة حدوث انتحار. أمّا من بين المضادات غير النمطيّة للذِّهان فإن أريبيبرازول يمكن أن يخفّف من المشاكل مع الأشخاص المحيطين، كما يمكن أن يحدّ من الاندفاعيّة ومن الغضب ومن الأعراض الزَّوَرانيّة الذِّهانيّة؛ الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسيّة العامّة.[114] يمكن لعقار أولانزابين أن يخفّف من الشعور بعدم الاستقرار والغضب، في حين كان تأثير زيبراسيدون غير مهم.[113]
أوصى المعهد الوطني للصحة وتفوّق الرعايةNICE سنة 2009 -بما يخصّ معالجة اضطراب الشخصيّة الحدّي يالأدوية- بما يلي: «إنّ العلاج الدوائي لا ينبغي استخدامه استخدامًا خاصٌّا ومُحددًا بهدف علاج اضطراب الشخصيّة الحدّي، أو أيٍّ من أعراضٍ فرديّةٍ، أو أي سلوكٍ مُرافقٍ لهذا الاضطراب».[115] رغم ذلك فإنّ المعالجة بالأدوية والعقاقير يمكن استخدامها من أجل المعالجة الكلّية لحالات المراضة المشتركة، ولكن ينصح بالتخفيف وإيقاف أي علاجٍ دوائيٍّ غير ضروري.[115]
تقييم الخدمات
هناك فرق كبير بين عدد الأشخاص الذين يمكنهم الاستفادة من العلاج وعدد أولئك الذين عولجوا. هذه الظاهرة التي تدعى «فجوة العلاج» تشمل إعراض المصابين بهذا الاضطراب عن الخضوع للعلاج، وعدم التشخيص الكافي للاضطراب من قبل مسؤولي الصحة، بالإضافة إلى قلّة العدد والإمكانيات المحدودة من أساليب العلاج المتطورة والحديثة.[116] مع ذلك فإنّ نسبة الأفراد المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي الموجودين في مراكز الاستشفاء النفسيّة تبلغ حوالي 20% من المراجعين حسب إحدى الدراسات.[117] إنّ أغلب الأشخاص المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي الخاضعين للعلاج يستمرّون في علاجهم بزيارة العيادات الخارجيّة بشكلٍ مستمرٍّ ولعدّة سنواتٍ، وذلك مقارنةً مع عدد من يعالَجون بأسلوب العيادات الداخليّة، والذين يتناقص عددهم بمرور الوقت.[118]
على العموم هناك تفاوت في خبرة الخدمات المقدّمة لعلاج اضطراب الشخصيّة الحدّي.[119] يمثّل تقييم خطر الانتحار تحدّياً للمعالجين، إذ إنّ المرضى أنفسّهم يقلّلون من خطورة السلوك المؤدي لإيذاء النفس الأمر الذي يدفعهم لاحقاً -مع الزمن وعند حدوث أزماتٍ- إلى محاولاتٍ متكرّرةٍ للانتحار.[120] خاصّةً وأنّ «اضطراب الشخصيّة الحدّي» هو أكثر اضطرابات الشخصيّة المترافق مع حدوث حالات انتحار.[121]
المآل
تُظهر توقّعات سير المرض بالنسبة لاضطراب الشخصيّة الحدّي أنّه يمكن لغالبية المصابين مع العلاج أن يجدوا الراحة من الأعراض الضائقة، وأن يجدوا الهدأة، والتي يمكن تعريفها في هذه الحالة على أنها الراحة المستمرّة من أعراض هذا الاضطراب لمدّة سنتين على الأقل.[21][122] أظهرت دراسة طوليّة[122] قامت بتتبّع الأعراض لدى المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي أنّ 34.5% من حالات الهدأة أنجزت خلال سنتين من بداية الدراسة، وفي غضون أربع سنواتٍ فإن 49.4% وجدوا الهدأة، في حين إنّ 68.6% وجدوا الهدأة في غضون ست سنواتٍ، وعند انتهاء الدراسة كان 73.5% من المشاركين فيها قد وجدوا الهدأة. إلى ذلك فإنّ 5.9% فقط من المصابين الذين حققوا شفاءً من الأعراض عايشوا نكساتٍ مجددًا.[122] وجدت دراسة متأخّرة أنّه بعد مرور عشر سنوات من بداية الاستشفاء، فإنّ 86% من المرضى عايشوا حالة شفاءٍ مستمرّةٍ من الأعراض دونما نكساتٍ.[123]
بناءً عليه فإنّه بعكس المفهوم الشائع بين الناس فإنّ الشفاء من اضطراب الشخصيّة الحدّي ليس ممكناً فقط، بل شائع الحدوث حتّى في الحالات ذات الأعراض المستعصية،[122] ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ تلك النسبة المرتفعة من حالات الشفاء من الأعراض الضائقة جرى ملاحظتها على أشخاصٍ كانوا تلقّوا العلاج.[122]
يمكن لشخصيّة المريض أن تلعب دوراً مهماً خلال العلاج، مما يقود إلى نتائجَ سريريّةٍ أفضلَ، إذ إنّ الأشخاص ممّن لديهم سمة أكبر من الوفاق والخاضعين لنمط "العلاج السلوكي الجدلي"DBT أظهروا نتائجَ إيجابيّةً أكثر من أولئك الذين لديهم سمة وفاقٍ ضعيفةٍ، أو ممّن لم يُعالَجوا بأسلوب DBT. وُجد هذا الترابط نتيجة الاحتكاك المباشر بين المعالج والمريض؛ بمعنى أنّ المرضى ذوي الوفاق المرتفع كانوا متعاونين تعاونًا أكبر مع معالجيهم، مّما أدى بدوره إلى نتائجَ سريريّةٍ أفضل.[124]
إضافةً إلى الشفاء من الأعراض الضائقة المزعجة لاضطراب الشخصيّة الحدّي، فإنّ المصابين بهذا الاضطراب الذين يخضعون للعلاج يمكن لهم أن يحقّقوا مستوياتٍ مرتفعةً من الوظائف النفسية الاجتماعيّة مرّةً أخرى. أظهرت دراسة طوليّة تتبّعت المقْدرات في مجال العلاقات الاجتماعيّة للمصابين أنّه بعد ست سنواتٍ من بدء التشخيص بالاضطراب فإنّ ثمة 56% منهم أظهروا علاقاتٍ جيّدةً في محيط المجتمع والعمل مقابل نسبة 26% فحسب من المشاركين الذين جرى سؤالهم عند بداية التشخيص بالاضطراب.[125]
معدل الانتشار
قُدّر معدّل انتشار اضطراب الشخصيّة الحدّي بشكلٍ أوّليٍّ بحوالي 1 إلى 2 % من تعداد السكّان العام،[21][126] وأنّ حدوثه أكبر بثلاث مرّاتٍ عند النساء مقارنةً بالرجال.[127][128][129] بالمقابل فإنّ دراسة معدّل الانتشار العمرية لاضطراب الشخصيّة الحدّي -وقد أجريت سنة 2008- أظهرت أنّ 5.9% من التعداد العام مصابون بهذا الاضطراب، وأنّ النسبة بين الرجال والنساء متقاربة (5.6% رجال و6.2% نساء).[130] هذا الفرق في معدّلات الإصابة بين الرجال والنساء في تلك الدراسة لم يكن لها أي دلالةٍ إحصائيّةٍ (اعتداد).[130]
يُقدّر بأنّ حوالي 20% من حالات الاستشفاء النفسيّة في المصحّات هي من اضطراب الشخصيّة الحدّي،[131] وأنّها 10% في الحالات بالنسبة للمرضى الخارجيّين.[12] وفي نسبةٍ أخرى مقاربةٌ وُجد أن المصابين بهذا الاضطراب يشغلون 25% من أسرّة ردهات الأمراض النفسيّة، وما لا يقلّ عن 15% من مراجعات العيادات الخارجية لقسم الأمراض النفسيّة.[85]
أمور خلافيّة
مصداقيّة الشهادة أمام المحكمة وصلاحيتها
كانت مصداقيّة الأشخاص المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي موضع تساؤلٍ وبحثٍ في الولايات المتحدّة الأمريكيّة منذ ستّينات القرن العشرين على الأقل.[132] ثمة شكوك في أنّ خاصيّتان متوفّرتان عند هؤلاء الأشخاص تزيدان من أهمّية هذا الأمر وهما حدوث حالة التفارق، وإمكانيّة حدوث كذبٍ أثناء أداء الشهادة.
هناك عدم اتفاقٍ بين الباحثين فيما إذا كان التفارق (وهو حدوث حالة انفصالٍ عن المشاعر والشروط الفيزيائيّة المحيطة) يمكنه أن يؤثّر في قدرة المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي على تذكّر وقائعَ حدثت في الماضي بتفاصيلها. بيّنت دراسة أجريت سنة 1999 وجود ضعفٍ في خاصية التحديد في ذاكرة السيرة الذاتيّة عند مرضى هذا الاضطراب، وكان هذا متوافقاً مع حدوث حالات تفارق.[133] غير أنه في دراسةٍ أوسعَ أجريت سنة 2010 وُجد بأنّ من لديهم أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي بدون اضطرابٍ اكتئابيٍّ عندهم ذاكرة جيدة للسيرة الذاتية بشكلٍ أكبرَ ممن لا يملكون هذه الأعراض (أي أعراض BPD) ولكن مع وجود اكتئابٍ لديهم؛ وعليه فإنّ وجود حالة الاكتئاب عند هؤلاء الأشخاص كان السبب الرئيسي لعدم قدرتهم على تذكّر وقائعَ من الماضي بتفاصيلها، ممّا يعني أن ضعف ذاكرة السيرة الذاتيّة ليس بأمرٍ مقترنٍ مع التفارق أو مع الأعراض الأخرى لهذا الاضطراب.[134]
وبينما يدّعي -من جهةٍ أخرى- بعض باحثي علم النفس أنّ مرضى اضطراب الشخصيّة الحدّي قد يستخدمون الكذب في بعض الأحيان،[135] نجد -بالمقابل-باحثين آخرين أقرَّوا بأنّ ثمّة حالاتٍ نادرةٍ من الكذب عند مرضى اضطراب الشخصيّة الحدّي BPD.[135] ختامًا فإنّ الكذب ليس من السمات المميّزة لاضطراب الشخصيّة الحدّي، إنّ الاعتقاد يأنّ المريض يكذب يمكنه أن يؤثّر على نوعيّة الرعاية الصحّية التي يتلقّاها من النظام الصحّي والتشريعي.[136]
الفوارق بين الجنسين
تشير بعض الدراسات إلى أنّ النسبة العظمى ممن لديهم أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّي ويتلقّون العلاج في العيادات هنّ من النساء.[137] يعود هذا الأمر إلى أنّ للنساء قابليّةً أكبرَ للخضوع لعلاج هذا الاضطراب، حيث يميل الرجال -بالمقابل- ميلًا أكبرَ إلى الخضوع لعلاج الأعراض BPD المصاحبة مثل العلاج من معاقرة المواد كالمخدرات والكحول، فضلًا عن أنّ الرجال يمكن أن يُقدموا على الانتحار أكثرَ من النساء قبل حدوث تشخيصٍ للمرض.[35]
التلاعب النفسي
بحسب النسخة الرابعة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسيّةDSM-IV-TR يعدّ سلوك التلاعب النفسي للحصول على الرعاية أحد المميّزات لاضطراب الشخصيّة الحدّي.[138] أشارت أخصائية الطب النفسي «مارشا لاينهان» Marsha Linehan إلى أنّ هذا السلوك من المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي -والذين يريدون أن يوصلوا ألمهم الشديد، أو ممن وصلوا إلى مرحلة إيذاء النفس أو الانتحار- نابع من رغبتهم في التأثير على سلوك الآخرين.[139] من جهةٍ أخرى بما أنّ مرضى هذا الاضطراب تعوزهم القدرة على الإدارة الناجحة للمشاعر المؤلمة وللتحدّيات الشخصيّة، فإنّ تعبيرهم المتكرّر للألم الشديد، ولإيذاء الذات، والسلوك الانتحاري يمكن أن يكون محاولةً منهم لضبط المزاج، أو محاولة اتخاذ آليّة هروبٍ من المواقف التي لا يحتملونها.[139]
الوصمة الاجتماعيّة
تتضمّن خصائص اضطراب الشخصيّة الحدّي وجود عدم استقرارٍ عاطفيٍَ، وعلاقاتٍ مضطربةٍ مع الأشخاص المحيطين، ممّا يدفعهم إلى البحث عن علاقاتٍ حميمةٍ، وإلى الخوف من الرفض الاجتماعي. بالمقابل فإنّ الوسط المحيط يمكن له أن يستخدم مصطلحاتٍ يعتبرها المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّي ازدرائيّةً مثل القول في وصف أحدهم إنه «عَسِر»، و«مقاوم للعلاج»، و«متلاعب»، و«متطلِّب»، و«باحث عن استرعاء الانتباه». إنّ استعمال مثل هذه الألفاظ يمكن أن يكون لها التأثير السلبي الكبير على علاج هؤلاء المرضى، ممّا قد يدفعهم بالنهاية إلى سلوك التدمير الذاتي المتمثّل بإيذاء الذات أو الانتحار.[140]
العنف الجسدي
تتضمّن «الوصمة الاجتماعيّة» التي تسم مرضى اضطراب الشخصيّة الحدّي وجود اعتقادٍ بين الناس المحيطين بهم أنّ هؤلاء المصابين بذلك الاضطراب لديهم القابلية للقيام بأعمال عنيفةٍ اتجاه الآخرين،[141] وهذا الأمر شائعٌ تصويره في الأفلام والإعلام المرئي على أنّه كذلك بالرغم من أنّ أغلبية الباحثين متّفقون على أنّ مرضى هذا الاضطراب لا يقومون غالباً بإيذاء الآخرين جسدياً.[141] صحيح أنّه قد تنتابهم مشاعر غضبٍ شديدةٍ، ولكنّهم يعكسون ذاك الغضب داخليّاً تجاه أنفسهم،[141] وذلك على العكس من المصابين باضطراب الشخصيّة المعادية للمجتمعASPD، والذين يميلون إلى التنفيس عن مشاعر غضبهم بإيذاء المحيطين حولهم.[141] إضافةً لذلك فإنّ الكثير من البالغين المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي ممن عانوا من انتهاكاتٍ جنسيّةٍ في طفولتهم يرفضون مطلقاً التعبير عن الغضب من خلال إيذاء الآخرين.[141]
أسلوب تقديم الرعاية الصحيّة
يُشكّل المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّي تحدّياً كبيراً للمعالجين النفسيين من أجل علاجهم، وذلك مقارنةً مع المجموعات الأخرى من المصابين باضطراب الشخصيّة، حيث يتطلّب الأمر الكثيرَ من الحكمة والمهارة وتدريب الكوادر من الأطباء النفسيّين والمعالجين والممرّضين.[142] تقرّ غالبيّة الطقم العامل في العلاج بوجود صعوباتٍ في التعامل مع المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّي، مقارنةً مع المجموعات الأخرى من زائري العيادات للعلاج.[143] ممّا أدّى في النهاية إلى تكثيف الجهود الداعمة لتحسين أسلوب تعامل المعالجين مع المصابين بهذا الاضطراب.[144][145]
بما أنّ التشخيص بوجود اضطراب الشخصيّة الحدّي يسم المريض بالوصمة الاجتماعيّة، فإنّ ردود الأفعال السلبيّة من قبل المعالجين يمكن أن يزيد من سوء حالة المريض، وخاصّةً ممّن عانى من انتهاكٍ جنسيٍّ في طفولته.[146] حسب نظرية التحليل النفسي فإنّ قيام طاقم العلاج بالتعبير بشكلٍ أو بآخرَ عن إظهار الوصمة لدى مرضى اضطراب الشخصية الحدي هو نتيجة حدوث انتقال مقابل. هذا الأمر يؤدّي إلى حدوث شرخٍ في التشاعر (تبادل المشاعر) بين المعالج والمريض،[19] ممّا قد يؤدي -نهايةَ المطاف- إلى ردود أفعالٍ علاجيّةٍ غير مرغوبةٍ، بما في ذلك الاستخدام غير الضروري للأدوية، واستخدام طرقٍ محدودةٍ للعلاج.[147] في حالاتٍ أخرى يؤدّي استخدام توصيف اضطراب الشخصيّة الحدّي إلى الحدّ من الحصول على الرعاية الصحّيّة الكافية لهذا الاضطراب بسبب تلك الوصمة الاجتماعيّة.[148]
الاصطلاح
تصف فئة من المعالجين استخدام توصيف اضطراب الشخصيّة الحدّي على أنه أمر يسبب إشكالياتٍ، ومن الأفضل تجنّب استخدام هذا المصطلح، أو حتّى تغيير الاسم. بالرغم من أنّ البعض لا توجد عندهم مشكلة في ذلك، إلا أن البعض الآخر يشير إلى ضرورة استبداله،[149] وذلك أمر يعود إلى الوصمة الاجتماعيّة حسب نظرية الوصم، ممّا قد يؤدّي إلى إعاقة العلاج.[150]
هناك العديد من الأعمال الفنيّة التي صوّرت شخصياتها على أنّها مصابة باضطراب الشخصيّة الحدّي أو لها سمات مقاربة له، وذلك على صعيد الأفلام أو المسلسلات أو الروايات.
الأفلام
العب بأسلوب غامض من أجليPlay Misty for Me، وهو فيلم إثارة نفسيّة، إنتاج سنة 1971 ومن بطولة كلينت إيستوود وإخراجه.[151] على الرغم من أنّ الشخصيّة كانت عنيفةً اتجاه الآخرين أكثر منها اتجاه نفسها، وهو أمر غير مميّزٍ لاضطراب الشخصيّة الحدّي.[152]
أخرجوني من هنا: قصة علاجي من اضطراب الشخصية الحديGet Me Out of Here: My Recovery from Borderline Personality Disorder للكاتبة راشل ريلاند Rachel Reiland
أغنيات الجزر الثلاثSongs of Three Islands للكاتبة ميليسنت مونكس Millicent Monks
التوعية
سنة 2008 أقرّ مجلس النواب الأمريكي بجعل شهر أيار/مايو من كل عامٍ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة شهراً تقام فيه حملات للتوعية فيما يخص اضطراب الشخصيّة الحدّي.
ملاحظة 1: يرمز له اختصاراً BPD من Borderline personality disorder)، كما يدعى هذا الاضطرابات أيضاً اضطراب الشخصيّة غير المستقرّة عاطفياً أو اضطراب الشدّة العاطفيّة أو النمط الحدّي حسب المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض (ICD-10)، (أو بالاسم الشائع اضطراب الشخصيّة الحدّية)،[127]
^"اضطراب الشخصية الحدي". موسوعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للمحتوى الصحي. 6 مارس 2012. مؤرشف من الأصل في 2016-03-04. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2018-04-09. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^Borderline personality disorder NICE Clinical Guidelines, No. 78. British Psychological Society. 2009. Archived from the original on 12 November 2020. Retrieved 11 September 2017.
^"Borderline Personality Disorder". The National Institute of Mental Health. ديسمبر 2017. مؤرشف من الأصل في 2023-03-29. اطلع عليه بتاريخ 2021-02-25. Other signs or symptoms may include: [...] Impulsive and often dangerous behaviors [...] Self-harming behavior [...]. Borderline personality disorder is also associated with a significantly higher rate of self-harm and suicidal behavior than the general public.
^ ابAmerican Psychiatric Association (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (ط. 5th). American Psychiatric Publishing. ISBN:978-0-89042-555-8. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2018-04-09. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^ اب"BPD Fact Sheet". National Educational Alliance for Borderline Personality Disorder. 2013. مؤرشف من الأصل في 2014-01-18. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2018-04-09. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^American Psychiatric Association (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (ط. 5th). American Psychiatric Publishing. ص. 646–9. ISBN:978-0-89042-555-8. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2018-04-09. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
^National Education Alliance for Borderline Personality Disorder. "A BPD Brief"(PDF). ص. 4. مؤرشف من الأصل(PDF) في 5 مارس 2016. اطلع عليه بتاريخ 2013. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
^Gunderson، John G.؛ Links، Paul S. (2008). Borderline Personality Disorder: A Clinical Guide (ط. 2nd). American Psychiatric Publishing, Inc. ص. 9. ISBN:978-1585623358.
^ ابKreisman J, Strauss H (2004). Sometimes I Act Crazy. Living With Borderline Personality Disorder. Wiley & Sons. ص. 206.
^Paris J (2008). Treatment of Borderline Personality Disorder. A Guide to Evidence-Based Practice. The Guilford Press. ص. 21–22.
^Horesh N, Sever J, Apter A (Jul–August 2003). "A comparison of life events between suicidal adolescents with major depression and borderline personality disorder". Compr Psychiatry. ج. 44 ع. 4: 277–83. DOI:10.1016/S0010-440X(03)00091-9. PMID:12923705. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^ ابArntz A (سبتمبر 2005). "Introduction to special issue: cognition and emotion in borderline personality disorder". Behav Ther Exp Psychiatry. ج. 36 ع. 3: 167–72. DOI:10.1016/j.jbtep.2005.06.001. PMID:16018875.
^Zanarini، MC؛ Frankenburg، FR (1997). "Pathways to the development of borderline personality disorder". J. Pers. Disord. ج. 11 ع. 1: 93–104. DOI:10.1521/pedi.1997.11.1.93. PMID:9113824.
^Szeszko PR, Robinson D, Alvir JM؛ وآخرون (أكتوبر 1999). "Orbital frontal and amygdala volume reductions in obsessive-compulsive disorder". Arch. Gen. Psychiatry. ج. 56 ع. 10: 913–9. DOI:10.1001/archpsyc.56.10.913. PMID:10530633. {{استشهاد بدورية محكمة}}: Explicit use of et al. in: |مؤلف= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Herpertz SC, Dietrich TM, Wenning B؛ وآخرون (أغسطس 2001). "Evidence of abnormal amygdala functioning in borderline personality disorder: a functional MRI study". Biol. Psychiatry. ج. 50 ع. 4: 292–8. DOI:10.1016/S0006-3223(01)01075-7. PMID:11522264. {{استشهاد بدورية محكمة}}: Explicit use of et al. in: |مؤلف= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^ ابSchmahl CG, Elzinga BM, Vermetten E, Sanislow C, McGlashan TH, Bremner JD (يوليو 2003). "Neural correlates of memories of abandonment in women with and without borderline personality disorder". Biol. Psychiatry. ج. 54 ع. 2: 142–51. DOI:10.1016/S0006-3223(02)01720-1. PMID:12873804.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Dozier، Mary؛ Stovall-McClough، K. Chase؛ Albus، Kathleen E. (1999). "Attachment and psychopathology in adulthood". في Cassidy، Jude؛ Shaver، Phillip R. (المحررون). Handbook of attachment. New York: Guilford Press. ص. 497–519.
^Parker، AG؛ Boldero، JM؛ Bell، RC (سبتمبر 2006). "Borderline personality disorder features: the role of self-discrepancies and self-complexity". Psychol Psychother. ج. 79 ع. Pt 3: 309–21. DOI:10.1348/147608305X70072. PMID:16945194.
^Sauer، SE؛ Baer، Ruth A.؛ Baer، RA (فبراير 2009). "Relationships between thought suppression and symptoms of borderline personality disorder". J. Pers. Disord. ج. 23 ع. 1: 48–61. DOI:10.1521/pedi.2009.23.1.48. PMID:19267661.
^ ابAmerican Psychiatric Association (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (ط. 5th). American Psychiatric Publishing. ص. 663–8. ISBN:978-0-89042-555-8.
^American Psychiatric Association (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (ط. 5th). American Psychiatric Publishing. ص. 766–7. ISBN:978-0-89042-555-8.
^Gabbard, G.O. (2014). Psychodynamic psychiatry in clinical practice. 5th Edition. American Psychiatric Publishing: Washington, D.C., pp. 445-448.
^ ابجاكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع BPD_therapies
^Linehan MM, Comtois KA, Murray AM؛ وآخرون (يوليو 2006). "Two-year randomized controlled trial and follow-up of dialectical behavior therapy vs therapy by experts for suicidal behaviors and borderline personality disorder". Arch. Gen. Psychiatry. ج. 63 ع. 7: 757–66. DOI:10.1001/archpsyc.63.7.757. PMID:16818865. {{استشهاد بدورية محكمة}}: Explicit use of et al. in: |مؤلف= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Paris J (فبراير 2010). "Effectiveness of different psychotherapy approaches in the treatment of borderline personality disorder". Curr Psychiatry Rep. ج. 12 ع. 1: 56–60. DOI:10.1007/s11920-009-0083-0. PMID:20425311.
^Sachdeva, S., Goldman, G., Mustata, G., Deranja, E., & Gregory, R. J. (2013). Naturalistic outcomes of evidence-based therapies for borderline personality disorder at a university clinic: A quasi-randomized trial. Journal of the American Psychoanalytic Association, 61, 578-584.
^اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع DBT_and_Mentalization
^>Tang YY, Posner MI (يناير 2013). "Special issue on mindfulness neuroscience". Social Cognitive & Affective Neuroscience. ج. 8 ع. 1: 1–3. DOI:10.1093/scan/nss104.
^Posner MI, Tang YY, Lynch G (2014). "Mechanisms of white matter change induced by meditation training". Frontiers in Psychology. ج. 5 ع. 1220: 297–302. DOI:10.3389/fpsyg.2014.01220.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link) صيانة الاستشهاد: دوي مجاني غير معلم (link)
^Chafos VH, Economou P (يوليو 2014). "Beyond Borderline Personality Disorder: The Mindful Brain". Social Work. ج. 59 ع. 4: 297–302. DOI:10.1093/sw/swu030.
^اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع Mindfulness_therapies
^Sachse S, Keville S, Feigenbaum J (يونيو 2011). "A feasibility study of mindfulness-based cognitive therapy for individuals with borderline personality disorder". Psychology and Psychotherapy. ج. 84 ع. 2: 184–200. DOI:10.1348/147608310X516387.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^ ابجBinks CA, Fenton M, McCarthy L, Lee T, Adams CE, Duggan C (2006). Binks، Claire (المحرر). "Pharmacological interventions for people with borderline personality disorder". Cochrane Database of Systematic Reviews ع. 1: CD005653. DOI:10.1002/14651858.CD005653. PMID:16437535.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Fallon P (أغسطس 2003). "Travelling through the system: the lived experience of people with borderline personality disorder in contact with psychiatric services". J Psychiatr Ment Health Nurs. ج. 10 ع. 4: 393–401. DOI:10.1046/j.1365-2850.2003.00617.x. PMID:12887630.
^Hirsh JB, Quilty LC, Bagby RM, McMain SF (أغسطس 2012). "The relationship between agreeableness and the development of the working alliance in patients with borderline personality disorder". J. Pers. Disord. ج. 26 ع. 4: 616–27. DOI:10.1521/pedi.2012.26.4.616. PMID:22867511.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Zanarini MC, Frankenburg FR, Hennen J, Reich DB, Silk KR (فبراير 2005). "Psychosocial functioning of borderline patients and axis II comparison subjects followed prospectively for six years". J. Pers. Disord. ج. 19 ع. 1: 19–29. DOI:10.1521/pedi.19.1.19.62178. PMID:15899718.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Hinshelwood RD (مارس 1999). "The difficult patient. The role of 'scientific psychiatry' in understanding patients with chronic schizophrenia or severe personality disorder". Br J Psychiatry. ج. 174 ع. 3: 187–90. DOI:10.1192/bjp.174.3.187. PMID:10448440.
^Deans C, Meocevic E (2006). "Attitudes of registered psychiatric nurses towards patients diagnosed with borderline personality disorder". Contemp Nurse. ج. 21 ع. 1: 43–9. DOI:10.5172/conu.2006.21.1.43. PMID:16594881.
^Krawitz R (يوليو 2004). "Borderline personality disorder: attitudinal change following training". Aust N Z J Psychiatry. ج. 38 ع. 7: 554–9. DOI:10.1111/j.1440-1614.2004.01409.x. PMID:15255829.
^Nehls N (1998). "Borderline personality disorder: gender stereotypes, stigma, and limited system of care". Issues Ment Health Nurs. ج. 19 ع. 2: 97–112. DOI:10.1080/016128498249105. PMID:9601307.
Fonagy, P.; Bateman, A. W.: (abril 2006). Mechanisms of change in mentalization-based treatment of BPD. J. Clin Psychol, abril 2006, 62 (4): 411-30.
Horowitz, M. J.: Psychotherapy for Borderline Personality: Focusing on Object Relations, The American Journal of Psychiatry, mayo 2006, 163 (5): 944-5.
Linehan, M. M.; Tutek, D. A.; Heard, H.L. y otros: Interpersonal Outcome of Cognitive Behavioral Treatment for Chronically Suicidal Borderline Patients. The American Journal of Psychiatry, diciembre 1994 151 (12): 1771.
Reynolds, S.; Lindenboim, N.; Comtois, K. A., y otros: Risky Assessments: Participant Suicidality and Distress Associated with Research Assessments in a Treatment Study of Suicidal BehavioR. Suicide & Life - Threatening Behavior, junio 2005 36 (1): 19.
Twemlow, S.; Fonagy, P.; Sacco, F.: A developmental approach to mentalizing communities: I. A model for social changE. Bulletin of the Menninger Clinic, 2005 69 (4): 265.
Vinocur, D.: Mental representations, interpersonal functioning and childhood trauma in personality disorders. Long Island University: The Brooklyn Center, 2005 AAT 3195364.
Zeigler-Hill, V.; y Abraham, P.: Borderline personality features: Instability of self-esteem and affec. Journal of Social & Clinical Psychology, junio 2006 25 (6): 668-687.
إخلاء مسؤولية طبية
تتضمَّن هذه المقالة معلوماتٍ طبَّيةٍ عامَّة، وهي ليست بالضرورة مكتوبةً بواسطة متخصِّصٍ وقد تحتاج إلى مراجعة. لا تقدِّم المقالة أي استشاراتٍ أو وصفات طبَّية، ولا تغني عن الاستعانة بطبيبٍ أو مختص. لا تتحمل ويكيبيديا و/أو المساهمون فيها مسؤولية أيّ تصرُّفٍ من القارئ أو عواقب استخدام المعلومات الواردة هنا. للمزيد طالع هذه الصفحة.
Артур Стокдейл Коуп Морские офицеры Первой мировой войны. 1921 год англ. Naval Officers of World War I Холст, масло. 264,1 × 514,4 см Национальная портретная галерея, Лондон, Великобритания (инв. NPG 1913) Медиафайлы на Викискладе «Морские офицеры Первой мировой войны» (англ. ...
Şişli District in Turkije Situering Regio Marmara Bölgesi Provincie Istanboel Coördinaten 41°3'34,13NB, 28°59'12,91OL Algemeen Oppervlakte 35,0 km² Inwoners (2007) 314.684[1] (8.988 inw./km²) Foto's Het Ali Sami Yenstadion van Galatasaray SK in Mecidiyekoy Portaal Turkije Şişli is een Turks district in de provincie Istanboel en telt 314.684 inwoners (2007). Het district heeft een oppervlakte van 35,0 km². De bevolkingsontwikkeling van het district is weerg...
Євген Гребінка УкраїнаНомінал 5 гривеньМаса 15,55 / 16,81[1] гДіаметр 33,0 ммГурт гладкий із заглибленим написомМетал срібло 925 пробиРоки карбування 2012Аверс Реверс У Вікіпедії є статті про інші значення цього терміна: Гребінка Євген Павлович. «Євге́н Гребі́нка» —
اضغط هنا للاطلاع على كيفية قراءة التصنيف فيروسات مخاطية فيروسات مخاطية المرتبة التصنيفية فصيلة[1][2] تصنيف الفيروسات المجموعة: ((-)ssRNA) V مجموعة الرتبة: فيروسات سلبية أحادية الفصيلة: Paramyxoviridae الاسم العلمي Paramyxoviridae[1][2] الأجناس Aquaparamyxovirus Avulavirus Ferlavirus فيروس ه
Liden Films, Inc.Nama asli株式会社ライデンフィルムNama latinKabushiki gaisha Raiden FirumuJenisKabushiki gaishaIndustriAnimasi JepangDidirikanFebruari 2012; 11 tahun lalu (2012-02)KantorpusatSuginami, Tokyo, JepangIndukUltra Super PicturesSitus weblidenfilms.jp Liden Films, Inc. (Jepang: 株式会社ライデンフィルムcode: ja is deprecated , Hepburn: Kabushiki gaisha Raiden Firumu, diformat menjadi LIDENFILMS) adalah sebuah studio animasi Jepang dan perusahaan produksi....
Yoshihiro Fukuda (福田 佳弘code: ja is deprecated , Fukuda Yoshihiro, lahir 11 Oktober 1969) adalah aktor asal Jepang. Dia mulai berkarier di dunia film sejak tahun 1996, dan dia dikenal dengan peran-perannya dalam serial tokusatsu dan drama: sebagai Minoru Uesugi / Green Racer dalam serial Super Sentai Gekisou Sentai Carranger. Filmografi Drama televisi Gosei Sentai Dairanger (episode 36) (TV Asahi, 1993) Shizukanaru Don (episode 1) (1994) Gekisou Sentai Carranger (TV Asahi, 1996 - 1997)...
سلوقية (سفينة)معلومات عامةصنف فرعي من عنصر من سفينة تعديل - تعديل مصدري - تعديل ويكي بيانات نسخة طبق الأصل من فِكتورية، وهي السفينة الوحيدة من بين سفن ماجِلّان الخمس التي عادت إلى إسبانيا في عام 1522 والتي تُظهر كلاً من السلوقية عن يسار. السَّلوقية[1] هو السطح الأعلى لسفينة...
Ini adalah nama Minahasa, marganya adalah Mogot.Artikel ini sudah memiliki daftar referensi, bacaan terkait, atau pranala luar, tetapi sumbernya belum jelas karena belum menyertakan kutipan pada kalimat. Mohon tingkatkan kualitas artikel ini dengan memasukkan rujukan yang lebih mendetail bila perlu. (Pelajari cara dan kapan saatnya untuk menghapus pesan templat ini) Daan MogotNama lahirElias Daniel MogotJulukanDaan MogotLahir(1927-12-28)28 Desember 1927Manado, Sulawesi Utara, Hindia BelandaMe...
Mimic Royal PrincessVolume 1 cover art少年王女(Shōnen Ōjo)GenreFantasy[1] MangaWritten byUtako YukihiroZenko MusashinoIllustrated byUtako YukihiroPublished byASCII Media WorksImprintSylph ComicsMagazineSylph (2011–2013)Comic It (2015–2018)DemographicShōjo, joseiOriginal runJanuary 22, 2011 – February 15, 2018Volumes5 (List of volumes) Audio dramaOriginal runJanuary 27, 2017 – March 27, 2017Episodes2 Mimic Royal Princess, known in Japan as Shōnen Ōjo (Ja...
Igreja de São Paio de MerelimApresentaçãoTipo igrejaLocalizaçãoLocalização Merelim (São Paio), Panoias e Parada de Tibães PortugalCoordenadas 41° 35′ 08″ N, 8° 27′ 41″ Oeditar - editar código-fonte - editar Wikidata A Igreja de São Paio é o maior ponto religioso de São Paio de Merelim.[1] O orago é São Paio, jovem martirizado nos tempos da dominação árabe da Península Ibérica. Referências ↑ Rocha, Ângela; Peixoto, Isabel; Carvalho, Sónia. «Sete Maravil...
American baseball player (born 1999) Baseball player Alika WilliamsWilliams with the Indianapolis Indians in 2023Pittsburgh Pirates – No. 75ShortstopBorn: (1999-03-12) March 12, 1999 (age 24)San Diego, California, U.S.Bats: RightThrows: RightMLB debutJuly 25, 2023, for the Pittsburgh PiratesMLB statistics (through 2023 season)Batting average.198Home runs0Runs batted in6 Teams Pittsburgh Pirates (2023–present) Alexander David Williams (born March 12, 1999) is an America...
2016 documentary film by Dominic Rodriguez For referring to the furry's avatar, see Fursona. This article has multiple issues. Please help improve it or discuss these issues on the talk page. (Learn how and when to remove these template messages) This article has an unclear citation style. The references used may be made clearer with a different or consistent style of citation and footnoting. (December 2016) (Learn how and when to remove this template message) This article may need to be rewr...
Swedish high jumper Erika KinseyPersonal informationBirth nameErika Anna Kristina WiklundBorn (1988-03-10) 10 March 1988 (age 35)Nälden, SwedenHeight186 cm (6 ft 1 in)Weight73 kg (161 lb)SportCountry SwedenEvent(s)High jumpLong jumpTriple jumpCollege teamCentral Missouri JenniesClubTrångsvikens IFAchievements and titlesPersonal bestHigh jump: 1.97 m (2015) Medal record European Junior Championships 2007 Hengelo High jump Updated on 14 August 2015...
Japanese musician Yoshiki林 佳樹Japanese musician and composer Yoshiki in 2016.BornYoshiki Hayashi (1965-11-20) November 20, 1965 (age 58)Tateyama, Chiba, JapanOccupations Musician songwriter composer record producer entrepreneur fashion designer film director Years active1982–presentAgentWilliam Morris Endeavor[1]Musical careerGenresClassicalrockpopheavy metalInstrument(s)DrumspianoLabels Extasy Columbia Avex Warner EMI Sony Universal[2][3] Member of X ...
The Pageant of Empire was the name given to various historical pageants celebrating the British Empire which were held in Britain during the early twentieth century. For example there was a small Pageant of Empire at the town of Builth Wells in 1909. In 1911 a giant Pageant of Empire took place at the Festival of Empire at the Crystal Palace in Sydenham, where thousands of amateur performers acted out historical scenes[1] The most notable was the Pageant of Empire which took place in ...
British film editor (1925–2018) Anne V. CoatesOBEBornAnne Voase Coates(1925-12-12)12 December 1925Reigate, Surrey, EnglandDied8 May 2018(2018-05-08) (aged 92)Woodland Hills, California, U.S.Other namesAnne CoatesAnne Coates-HickoxOccupationFilm editorYears active1947–2015Spouse Douglas Hickox (m. 1958, divorced)Children3AwardsAcademy Award for Best Film Editing 1963 Lawrence of Arabia American Cinema Editors 1995 Career Achieve...
British TV series or programme Daniel DerondaGenreDramaBased onDaniel Deronda by George EliotScreenplay byAndrew DaviesDirected byTom HooperStarringHugh Dancy Romola Garai Hugh Bonneville Jodhi MayTheme music composerRob LaneCountry of originUnited KingdomOriginal languageEnglishNo. of series1No. of episodes3ProductionExecutive producersKate HarwoodLaura MackieRebecca EatonProducerLouis MarksEditorPhilip KlossRunning time210 minutesProduction companyWGBH Boston for BBCOriginal releaseNet...
Political party in Guinea Union for Progress and Renewal Union pour le Progrès et le RenouveauAbbreviationUPRLeaderBah OusmaneFoundedSeptember 1998; 25 years ago (1998-09)Merger of Renewal and Progress Party (PRP) Union for the New Republic (UNR) Websiteupr-guinee.orgPolitics of GuineaPolitical partiesElections The Union for Progress and Renewal (French: Union pour le Progrès et le Renouveau, UPR) is an opposition political party in Guinea, founded in September 1...