كان للملك أذينة ملك تدمر السورية نفوذ واسع على المنطقة من الأناضول إلى حدود شمال أفريقيا، يبدو أن الملك من أصول عربية وآرامية مختلطة:[4] اسمه، واسم والده حيران، واسم جده وهب اللات، وهي عربية.[5] بينما يحمل جده الأكبر نصور اسم آرامي.[6][7]
وكانت أول خطوة تحققت هي قرار القيصر بتعيين أذينة رئيساً لمجلس الشيوخ، ولقد ساعده هذا المنصب لكي يوطد نفوذه على البادية ويعبئ صفوفها لتحقيق أمله بالتحرر من تبعيته للرومان، ابتداءً من إعلان شعبه بتسميته ملكاً على تدمر ولكن قيصر وقد أقلقه هذا القرار، دفع من قتله في قصره، وعين رئيساً لمجلس الشيوخ ابنه الأكبر خيران، وكان ابنه الأصغر يحمل لوالده حباً دفعه للتخطيط للانتقام لمقتله من الرومان. وكان هذا الابن مقرباً من أبيه ويحمل اسم أبيه أذينة الثاني، وقد تمتع بشخصية جذابة صارمة مما جعل البدو يلتفون حوله لتحقيق مشاريعه، ويهتفون لنجاحاته. ولقد بدا ولاؤهم وحبهم له عندما احتفل بزواجه وهو ابن السابعة عشر. ثم عندما ماتت زوجته الأولى إثر الولادة، وتركت له ابناً دعاه باسم هيرودوس.
كانت شخصية أذينة القوية وثروته ضمانه بالسيطرة على أكثر القبائل، وكثيراً ما أعلن أذينة عن أهدافه البعيدة أمام هذه القبائل التي عاش بينها والتي كانت تهفو إلى ذلك اليوم الذي تصبح فيه تدمر دولة ومملكة واسعة، تضاهي وتتحدى الإمبراطورية الرومانية، التي قضت على أبيه وعلى مطامحه التي ورثها أذينة وحمل مسؤولية تحقيقها.
زواجه من زنوبيا وحروبه
عندما تزوج أذينة من زنوبيا ابنة القائد زباي رئيس وقائد الفرسان، اقترن بنصير عنيد لا يقل عنه رغبةً في تحقيق أهدافه الجريئة والطموحة. كانت زنوبيا رائعة الجمال راجحة العقل والتفكير مثقفة. وكانت معرفة أذينة بها قبل زواجه سبباً لعودته إلى المدينة، يجالس فيها القادة والشيوخ ويتدخل في شؤون الحكم والحرب. ولكنه لم يكن قادراً على الا ستغناء عن البادية ورجاله فيها.
فجأة يموت أخوه رئيس مجلس الشيوخ، فاحتل أذينة مكان ابن أخيه «معني» معلناً عن عصر جديد سيقود تدمر إلى مصيرها في الذروة. استغل أذينة حدثاً هاماً تم لإمبراطور رومافاليريان، الذي قاد الحرب ضد ملك الفرس، فخسرها وأخذ أسيراً، فقام أذينة ملك تدمر بشن حرب ضد سابور الأول ملك الفرس وانتصر فيها وفي جولات ثلاث، مما أرغم سابور الأول ملك الفرس على الاحتماء وراء الأسوار وعرف أنه أمام جيش قوي لمملكة تفرض سيطرتها وهي مملكة تدمر.
على الرغم من شهرة أذينة كثائر متمرد على السلطة الرومانية، إلا أن انتصاره وقوته المفاجئة، دفعت روما إلى الاعتراف به شريكاً في الحكم على هذه المنطقة الواسعة، وأطلق عليه لقب «ملك الملوك». كان أذينة طموحاً لا تكفيه حدود مملكة تدمر، لذلك سعى منذ عام 265م إلى توسيع ملكه في أنحاء سوريا، معتمداً على جنده بعد أن أبعد الجنود الرومان من صفوفه وقد أصبحوا شوكة في كيان دولته بقيادة ابن أخيه «معنى».
مقتله
عندما كان أذينة عائداً من إحدى حروبه في اللاذقية إلى حمص، وكان ابنه عبد اللات بصحبته، أحاط الثائرون عليه في مكان وليمته، وقضوا عليه وعلى ابنه وعلى حرسه أجمعين، وأعلن «معني» نفسه ملكاً، ولكن إلى وقت قصير فقد تألّب عليه أنصاره أنفسهم، وحاصروه وقتلوه بعد أشهر من حكمه. وكان على وهب اللات ابن أذينة أن يسترد عرش أبيه بدعم أمه زنوبيا التي أصبحت وصية على الملك القاصر وتولت الحكم بصفتها ملكة تدمر لتقود المملكة وتلقب بملكة ملوك الشرق، وذلك عام 267 ميلادية.