نقل الكلاسيكيات اليونانية لاوروبا الغربية اللاتينية خلال العصور الوسطى كان عامل رئيسى فى تطور الحياة الفكرية فى اوروبا الغربية. كان الاهتمام بالنصوص اليونانية ومدى توفرها نادر فى الغرب اللاتينى خلال العصور الوسطى المبكرة ، لكن مع زيادة حركة المرور للشرق، زادت كمان الدراسات الغربية. تتكون الفلسفة اليونانية الكلاسيكية من مجموعة متنوعة من الأعمال الأصلية اللى تتراوح من أعمال اليونان القديمة (مثل أرسطو ) لعلما اليونان والرومان فى الإمبراطورية الرومانية الكلاسيكية (مثل بطليموس ). رغم ان دى الأعمال كتبت فى الأصل باللغة اليونانية، هيا لغة العلما فى منطقة البحر المتوسط على مدى قرون، فقد تُرجم الكتير منها لالسريانيةوالعربيةوالفارسية خلال العصور الوسطى، و فى الغالب ما كانت النسخ اليونانية الأصلية مش معروفة للغرب. مع تزايد الوجود الغربى فى الشرق بسبب الحروب الصليبية ، والانهيار التدريجى للإمبراطورية البيزنطية خلال أواخر العصور الوسطى ، فر الكتير من العلما اليونانيين البيزنطيين لاوروبا الغربية، حاملين معاهم الكتير من المخطوطات اليونانية الأصلية،و ده وفر الزخم للتعليم باللغة اليونانية فى الغرب والمزيد من جهود ترجمة الدراسات اليونانية للاتينية.
الخط الفاصل بين الدراسات اليونانيةوالعربية فى اوروبا الغربية كان غامض اوى خلال العصور الوسطى والعصر الحديث المبكر . فى بعض الأحيان، يتم استخدام مفهوم نقل الكلاسيكيات اليونانية للإشارة لالمعرفة الجماعية اللى تم الحصول عليها من الإمبراطوريتين العربية والبيزنطية، بغض النظر عن مكان نشأة المعرفة الفعلية. بس، و رغم إزالتها من النص اليونانى الأصلى مرة أو مرتين، فقد حلت محلها ترجمات مباشرة محسنة قام بيها موربيك وتانيين فى القرن التلاتاشر وما بعده.
الاستقبال المباشر للنصوص اليونانية
مع تراجع معرفة اللغة اليونانية فى الغرب بسقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية ، تراجعت كمان معرفة النصوص اليونانية، اللى ظل الكتير منها بدون ترجمة لاتينية. الطبيعة الهشة لورق البردى كوسيلة للكتابة تعنى أن النصوص القديمة اللى لم يتم نسخها على ورق باهظ الثمن هاتنهار فى النهاية وتضيع.
اللغة السريانية تلعب دور مهم فى نقد النصوص الحديث لحد يومنا ده. تستخدم النسخة الكلاسيكية من أكسفورد للنص اليونانى لـ " أورجانون" لأرسطو الحروف Ρ و Ι و Γ، هيا نصوص يرجع تاريخها لالممتلكات المسيحية من القرن السادس للقرن الثامن. لعبت الترجمات السريانية دور رئيسى فى استقبالها فى اللغة العربية بعد كده . و كان معظم دول المترجمين من السريانية من المسيحيينالنساطرة واليعاقبة، وعملوا فى المائتى عام اللى أعقبت إنشاء الخلافة العباسية . و كان أهم مترجم فى دى المجموعة هو المسيحى الناطق باللغة السريانية حنين بن إسحاق (809-873)، المعروف عند اللاتين باسم يوانيتيوس .
الإمبراطورية الرومانية الغربية
تعلم اللغة اليونانية الكلاسيكية كان موجودًا بقوة فى كل مدينة كبرى فى الإمبراطورية الرومانية، بما فيها روما نفسها. فى القرن الرابع، قام النحوى الرومانى ماريوس فيكتورينوس بترجمة كتابين لأرسطو، عن المنطق، للاتينية: الفئاتوالتفسير ( De Interpretatione ).[1] بعد مرور يزيد شويه على قرن من الزمان، تمت ترجمة معظم أعمال أرسطو المنطقية، باستثناء ممكن كتاب التحليلات اللاحقة ، على ايد بوثيوس ، حوالى 510-512 [1] (انظر: Corpus Aristotelicum ). بس، ترجمات بوثيوس لكتابى "الفئات" و "فى التفسير" بس كانت قد دخلت التداول العام قبل القرن الاتناشر. فى المجمل، لم تتم ترجمة سوى عدد قليل من الأعمال الرئيسية لأرسطو لاللغة العربية. ومن دى القضايا، يظل مصير السياسة على وجه الخصوص غير مؤكد.
تمت ترجمة بقية كتب أرسطو فى الاخر للاتينية، لكن بعد اكتر من 600 عام، بدايه من نص القرن الاتناشر بالتقريب . الاول ، خلص بقية الأعمال المنطقية، باستخدام ترجمات بوثيوس كأساس. بعدين جه كتاب الفيزياء ، بعدين كتاب الميتافيزيقا (فى القرن الاتناشر)، وتعليق ابن رشدعلى كتاب الميتافيزيقا لأرسطو (فى القرن التلاتاشر)، ب تمت ترجمة كل الأعمال بحلول نص القرن التلاتاشر.[1] على سبيل المثال، ماكانش نص زى "عن الروح" متاح باللغة اللاتينية فى اوروبا المسيحية قبل نص القرن الاتناشر. يرجع الفضل فى الترجمة اللاتينية الأولى لجيمس البندقية (القرن الاتناشر)، و اعتبرت دايما يعتبر الترجمة القديمة. أما الترجمة اللاتينية التانيه ( translatio nova ، ترجمة جديدة) فقد تمت من الترجمة العربية للنص حوالى سنة 1230، و كانت مصحوبة بتعليق ابن رشد ؛ ويُعتقد عموم أن المترجم هو مايكل سكوت . تمت مراجعة ترجمة جيمس القديمة بعد كده بويليام موربيك فى 1266 و1267، وبقت معروفه باسم " recensio nova " (المراجعة الجديدة)، هيا النسخة الاكتر قراية على نطاق واسع. انتهى الأمر بكتاب "عن الروح" لأن يبقا مكون من المناهج الأساسية للدراسة الفلسفية فى معظم الجامعات فى العصور الوسطى،و ده اتسبب فى ولادة تقليد غنى اوى من التعليقات، و بالخصوص فى الفترة من 1260 ل1360 بالتقريب . رغم ان أفلاطون كان معلم أرسطو، لكن معظم كتابات أفلاطون لم تُترجم للاتينية لحد بعد اكتر من 200 عام من أرسطو.[1] فى العصور الوسطى، كان الكتاب الوحيد لأفلاطون اللى كان متداول بشكل عام هو الجزء 1 حوار طيماوس (لحد سنة 53ق)، كترجمة مع تعليق على ايد كالسيديوس (أو خالسيديوس).[1] يصف تيماوسعلم الكونيات عند أفلاطون، باعتباره روايته عن أصل الكون. فى القرن الاتناشر، قام هنرى أريستيبوس من كاتانيا بترجمة كتابى مينونوفيدون ، لكن تلك الكتب كانت متداولة بشكل محدود.[1] و اختفت بعض الترجمات التانيه لكتب أفلاطون خلال العصور الوسطى. أخير، بعد حوالى 200 عام من إعادة اكتشاف أرسطو، فى عصر النهضة الأوسع، قام مارسيليو فيسينو (1433-1499) بترجمة الأعمال الكاملة لأفلاطون والتعليق عليها.[1]
بوثيوس
بوثيوس فى روما، نشر أعمال التعلم الكلاسيكى اليوناني. كان بوثيوس يعتزم نقل الثقافة اليونانية الرومانية العظيمة لالأجيال القادمة بكتابة كتيبات عن المزيكا وعلم الفلك والهندسة والحساب. كتير من كتابات بوثيوس، اللى كانت مؤثرة لحد كبير خلال العصور الوسطى، استمدت أفكار بورفيرىويامبليخوس . كتب بوثيوس تعليق على كتاب إيساغوجيببورفيرى ، اللى سلط الضوء على وجود مشكلة الكليات : اذا كانت دى المفاهيم كيانات قائمة بذاتها اللى من شأنها أن توجد سواء فكر فيها أى شخص، أو اذا كانت موجودة بس كأفكار. كان ده الموضوع المتعلق بالطبيعة الأنطولوجية للأفكار العالمية واحد من اكتر الخلافات صخب فى الفلسفة فى العصور الوسطى .
مع الأعمال الفلسفية المتقدمة دى ، يُقال إن بوثيوس قام كمان بترجمة نصوص يونانية مهمة لموضوعات الرباعية . ساهمت ترجمته الفضفاضة لرسالة نيكوماخوس فى الحساب ( De Institutione arithmetica libri duo ) وكتابه المدرسى عن المزيكا ( De Institutione musica Libri quinque ، غير مكتمل) فى التعليم فى العصور الوسطى. يبتدى علم الحساب بالحساب المعياري، زى الزوجى والفردي، والزوجى بالتساوي، والفردى بالتساوي، والفردى الزوجى بشكل فردي. بعدين ينتقل لالتعقيد غير المتوقع بتصنيف الأرقام و أجزاء الأرقام.
إن ترجماته لإقليدس فى الهندسة وبطليموس فى علم الفلك، إذا اكتملت، لم تعتبر موجودة. قام بوثيوس بترجمة كتابى أرسطو فى التفسيروالفئات لاللغة اللاتينية مع التعليقات. كانت تستخدم على نطاق واسع خلال العصور الوسطى.
العصور الوسطى المبكرة فى المقاطعات الغربية
فى المقاطعات الغربية (اللى تعتبر اليوم قلب اوروبا الغربية)، فقدت الإمبراطورية الرومانية المنهارة الكتير من المخطوطات اليونانية اللى لم يتم الحفاظ عليها فى الأديرة. بس، بسبب تكلفة وندرة مواد الكتابة، كان الكتبة الرهبان قادرين على إعادة تدوير الرقوق القديمة. ممكن إعادة استخدام الرقوق بعد كشط الحبر من النصوص القديمة، وكتابة كتب جديدة على الرقوق المستخدمة قبل كده ،و ده يؤدى لإنشاء ما يسمى بالنسخة المخطوطة . ولحسن الحظ بالنسبة للعلما المعاصرين، لسه من الممكن استرجاع الكتابات القديمة، وتم استعادة الكتير من الأعمال القيمة للغاية، اللى كانت ستضيع لولا ذلك، بهذه الطريقة. وباعتبارها لغة الأرستقراطيين والعلما الرومان، انقرضت اللغة اليونانية مع انقراض الإمبراطورية الرومانية فى الغرب، و عام 500 ميلادية، لم يعد واحد من تقريب فى اوروبا الغربية قادر على قراية (أو ترجمة) النصوص اليونانية، ومع صعود الإمبراطورية الإسلامية، بقا الغرب اكتر انقطاع عن اللغة. و بعد فترة من الزمن، مافضلش سوى عدد قليل من الأديرة فى الغرب فيها أعمال يونانية، بل إن عدد أقل منها قام بنسخ دى الأعمال (و بالخصوص الأيرلنديين ). تم تعليم بعض الرهبان الأيرلنديين على ايد المبشرين اليونانيين واللاتينيين اللى ممكن جابوا معاهم نصوص يونانية.
العصور الوسطى المتأخرة: ويليام موربيكى
ويليام موربيك كان واحد من اكتر المترجمين غزارة وتأثير فى النصوص الفلسفية اليونانية فى النصف الوسطانى من القرن التلاتاشر. مش معروف سوى القليل عن حياة ويليام. اتولد على الأرجح سنة 1215 فى قرية موربيك ، الواقعة دلوقتى فى بلجيكا ، ويمكن دخل الدير الدومينيكى فى لوفين لما كان شاب . و أنجز معظم أعماله المتبقية خلال الفترة من سنة 1259 لسنة 1272. لا شك أن مساهمة ويليام فى "استعادة" أرسطو فى القرن التلاتاشر ساعدت فى تكوين صورة أوضح للفلسفة اليونانية، و بالخصوص لأرسطو، مقارنة بالنسخ العربية اللى اعتمدوا عليها قبل كده ، اللى شوهت أو حجبت العلاقة بين النظامين الفلسفيين الأفلاطونى والأرسطي. كانت ترجمة ويليام لبروكلس مهمة كمان ، أظهرت أن الكتاب المؤثر Liber de Causis ، ماكانش عمل أصيل لأرسطو، بل من كتاب Elementatio Theologica لبروكلس. حسب تقليد نشأ فى أواخر العصور الوسطى، كان ويليام يعرف توما الأكوينى ، وكلفه الأخير بإجراء بعض الترجمات. لكن مافيش سجل معاصر للصداقة أو اللجان. إذا كان قد التقيا، فمن المرجح أن يكون ذلك خلال السنين الثلاث أو الأربع اللى عمل فيها توما الأكوينى فى أورفيتو ، أى ليس قبل انتخاب البابا أوربان الرابع فى اغسطس/آب 1261، اللى دعا توما الأكوينى للخدمة فى البلاط البابوي، مش بعد سنة 1265، لما غادر توما الأكوينى لروما. استشهد توماس بترجمته لكتاب De motu animalium فى كتابه Summa Contra Gentiles ، اللى ممكن اكتمل سنة 1264.
الترجمات والتعليقات العربية
ورث المنطقيين العرب الأفكار اليونانية بعد غزوهم واحتلالهم لمصروالشام . و نقلت ترجماتهم وتعليقاتهم على دى الأفكار عبر الغرب العربى لاسبانياوصقلية ، اللى بقو مركزين مهمين لنقل دى الأفكار. تعود الترجمات العربية الغربية للأعمال اليونانية (اللى وجدت فى شبه الجزيرة الأيبيرية وصقلية) لالمصادر اليونانية اللى حفظها البيزنطيين. و تمت دى الإرساليات لالغرب العربى على مرحلتين رئيسيتين.
الفترة الأولى: الترجمات اليونانية العربية
الامويونين
سبقت الفترة الأولى من انتقال اللغة خلال القرنين الثامن والتاسع فترة من الفتوحات، حيث سيطر العرب على المناطق اللى كانت متأثرة باليونانية قبل كده زى مصر وبلاد الشام فى القرن السابع. فى المرحله دى، بدأوا فى مواجهة الأفكار اليونانية لأول مرة، رغم ان الكتير منهم من البداية كانو معادين للتعلم الكلاسيكي.[2] وبسبب ده العداء، لم يتمكن الخلفاء الدينيون من تأييد الترجمات العلمية. كان على المترجمين أن يبحثوا عن رعاة الأعمال الاغنيا بدل الرعاة الدينيين.[2] لكن لحد الحكم العباسى فى القرن الثامن، ماكانش هناك سوى القليل من العمل فى مجال الترجمة. تم اكتساب معظم المعرفة باللغة اليونانية فى عهد الأمويين بعلما اليونانية اللى بقوا من العصر البيزنطي، مش بالترجمة واسعة النطاق و نشر النصوص. يقال عدد قليل من العلما أن الترجمة كانت اكتر انتشارو ده يُعتقد خلال الفتره دى، لكن رأيهم يظل رأى الأقلية.
العباسيون
الفترة الرئيسية للترجمة كانت فى عهد العباسيين. نقل الخليفة العباسى التانى المنصور العاصمة من دمشقلبغداد . أسس هنا مكتبة عظيمة، بيت الحكمة، فيها نصوص كلاسيكية يونانية. و أمر المنصور بترجمة ده المخزون الغنى من الأدب العالمى لاللغة العربية. فى عهد المنصور وبأوامره، تمت ترجمات من اليونانية والسريانية والفارسية، و كانت الكتب السريانية والفارسية فى حد ذاتها ترجمات من اليونانية أو السنسكريتية. [3] ملك فارس فى القرن السادس، أنوشيروان ( كسرى الأول )، العادل، كان دخل مملكته كتير من الأفكار اليونانية . وبمساعدة دى المعرفة والمقارنة بين المعتقدات، اعتبر العباسيون أنه من المفيد أن ننظر لالإسلام بعيون يونانية، و أن ننظر لاليونانيين بعيون إسلامية. كما أكد الفلاسفة العباسيون على فكرة أن الإسلام أكد من البداية على أهمية جمع المعرفة بالنسبة للدين. سمحت دى الخطوط الفكرية الجديدة بتوسيع عمل جمع وترجمة الأفكار اليونانية بشكل ما حصلش من قبل.
بيت الحكمة فى بغداد
الخليفة المنصور كان الراعى اللى بذل الكثير لجذب الأطباء النساطرة لمدينة بغداد اللى أسسها، و كان كمان أمير بذل الكثير لتشجيع دول اللى كرسوا نفسهم لإعداد ترجمات عربية للأعمال اليونانية والسريانية والفارسية. و كان الأمر الاكتر أهمية هو الرعاية اللى قدمها الخليفة المأمون ، اللى أسس سنة 217 هـ (= 832 م) مدرسة فى بغداد، اللى اقترحها بلا شك المدارس النسطورية والزرادشتية الموجودة بالفعل، وسماها اسم بيت الحكمة ، ووضعها تحت إشراف يحيى بن ماسويه (ت. 243 هـ = 857 م)، اللى كان مؤلف باللغتين السريانية والعربية، وتعلم كمان استخدام اليونانية. كانت أطروحته الطبية عن "الحمى" ذات شهرة طويلة وتم ترجمتها بعد كده للاتينية والعبرية. و كان أهم عمل قامت به الأكاديمية هو اللى قام به تلاميذ يحيى وخلفاؤه، و بالخصوص أبو زيد حنين بن إسحاق الإباضى (ت 263 هـ = 876 م)، الطبيب النسطورى اللى أشرنا ليه سابق و هو يترجم لالسريانية أهم المراجع الطبية، فضل عن أجزاء من أورغانون أرسطو. بعد دراسته فى بغداد على ايد يحيى زار الإسكندرية وعاد، ليس بس بالتدريب اللى حصل عليه فى أول مدرسة طبية آنذاك، لكن كمان بمعرفة جيدة باللغة اليونانية اللى استخدمها فى إجراء الترجمات لالسريانية والعربية. [3]
و بعد كده ، بعت الخليفة المأمون مبعوثين لالبيزنطيين لجمع المخطوطات اليونانية لجامعته الجديدة،و ده جعلها مركز لأعمال الترجمة اليونانية فى العالم العربي. فى البداية كان البحث عن الأعمال العملية بس، زى تلك المتعلقة بالطب والتكنولوجيا، لكن فى الاخر بقت الأعمال المتعلقة بالفلسفة شائعة.
يتفق معظم العلما على أنه خلال الفتره دى لم تتم ترجمة الخطابة والشعر والتاريخ والدراما لاللغة العربية، حيث كان يُنظر ليها على أنها تخدم أغراض سياسية ماكانش من المفترض أن تسعى ليها الدول الإسلامية. وبدل ذلك، كانت الأعمال الفلسفية والعلمية هيا محور الترجمة بالكامل بالتقريب . بس، فقد عارضت أقلية من العلما ده الرأي، حيث زعموا أن قصص زى ألف ليلة وليلة تحمل أوجه تشابه واضحة مع الأدب اليونانى - و هو دليل على أن الكتير من المسلمين كانو على دراية بالعلوم الإنسانية اليونانية اكترو ده يُعتقد.
بعد الترجمة: التعليق العربى على الأعمال اليونانية
الكندى، و هو منطقى مشهور وشخصية بارزة فى بيت الحكمة، يُشاد به بالإجماع باعتباره "أبو الفلسفة الإسلامية أو العربية ". و لاقى تجميعه بين الفلسفة اليونانية والمعتقدات الإسلامية معارضة شديدة، و فى واحده من المراحل تعرض للجلد على ايد دول المعارضين لأفكاره. قال أنه من الممكن قبول القرآن والنصوص المقدسة التانيه، والعمل من تلك النقطة لتحديد الحقيقة . كلما وصل لطريق مسدود ، كان يتخلى عن الأفكار اليونانية لصالح العقيدة الإسلامية. يُعتبر مسؤول لحد كبير عن سحب الشرق الاقرب من طريقة التفكير الصوفية واللاهوتية لنمط اكتر عقلانية.[4] قبل الكندي، على سبيل المثال، فى مسألة كيف ممكن للإله غير المادى فى القرآن أن يجلس على عرش فى نفس الكتاب، قال واحد من علما الدين: "إن الجلوس معروف، وكيفيته مش معروفة. والإيمان به ضرورة، و إثارة الأسئلة بشأنه بدعة". مافضلش سوى القليل من كتابات الكندي، ده يخللى صعب الحكم على عمله بشكل مباشر، لكن من الواضحو ده هو موجود أنه عمل بعناية لتقديم أفكاره بطريقة مقبولة عند المسلمين التانيين.[4] الكندي، جادل الكتير من الفلاسفة بآراء اكتر تطرف ، لحد أن بعضهم رفض الوحى ، و أبرزهم المنطقى الفارسى ، الرازى أو "الرازي". يُعتبر واحد من اكتر المفكرين أصالة بين الفلاسفة الفرس. ، تحدى الأفكار الإسلامية واليونانية بطريقة عقلانية. كما ركز الكندى على أرسطو ، فى الوقت نفسه ركز الرازى على أفلاطون ، وقدم أفكاره على النقيض.
الفارابى ( ألفارابيوس ) بعد الكندي، قدم الفلسفة الأفلاطونية المحدثة بمعرفته بالثقافة الهلنستية فى الإسكندرية . وعلى النقيض من الكندى أو الرازي، كان الفارابى متردداً فى التعبير عن مشاعره الخاصة بخصوص قضايا الدين والفلسفة، واختار بدل ذلك التحدث بس بكلمات الفلسفات المختلفة اللى صادفها. بعد عقود من الفارابي، جمع ابن سينا ( Avicenna ) أفكار الكتير من الفلاسفة المسلمين فى القرون السابقة و أسس مدرسة جديدة معروفه باسم Avicennism . و بعد الفتره دى، دخلت الفلسفة اليونانية فى حالة تراجع فى العالم الإسلامي. و قال علما الدين زى الغزالى أن الكتير من مجالات المنطق لا تعمل إلا من الناحية النظرية، مش فى الواقع.[4] و أثرت أفكاره بعد كده على الأفكار الدينية فى اوروبا الغربية.[5] رد الفيلسوف الأندلسىابن رشد على كتابتهافت الفلاسفة للغزالى برسالته تهافت التهافت . أعماله وصلت لالمدرسة الفلسفية ابن رشد .
بحلول سنة 1200، لما تم إحياء الفلسفة تانى فى العالم الإسلامى ، لم يعد الكندى والفارابى من الأعمال اللى تم تذكرها، أعمال ابن سينا التجميعية لسه قائمة. كان لابن سينا، المعروف كمان باسم أفيسينا، تأثير كبير فى الفكر الفلسفى واللاهوتى والعلمى الأوروبى بعد كده ، و بقا معروف باسم "العالم الاكتر شهرة فى الإسلام" عند الكتير من المؤرخين الغربيين.
الاستقبال الأوروبى الغربى للأفكار اليونانية عن طريق التقاليد الإسلامية
الأفكار اليونانية كانت تتغلغل تدريجيا فى العالم الإسلامي، فى نفس الوقت امتدت الفتوحات الإسلامية لالقارة الأوروبية. تم غزو اسبانيامن قبل الأمويين حوالى سنة 700 بعد الميلاد، لحد وصلت لبواتييه فى جنوب فرنسا بحلول سنة 732 ( معركة تورز ). بحلول عام 902 تم الاستيلاء على صقلية . وبمساعدة الأفكار اليونانية و غيرها، بسرعه بقت اسبانيا على وجه الخصوص المنطقة الاكتر سكان وازدهار فى اوروبا. بذل واحد من حكام الأندلس ، الحكم التانى ، جهدًا لجمع الكتب من كل اماكن الشرق الأوسط ، و أنشأ مكتبة بقت بعدين مركز للترجمة للاتينية. ومع تجميع الكتب، تجميع الكتير من العلما المسلمين اللى درسوا الأفكار اليونانية فى الشرق. على سبيل المثال، جه محمد بن عبدون وعبد الرحمن بن إسماعيل لاسبانيا و قدمو الكتير من الأفكار حوالين الطب و الكتير من أعمال أرسطو وإقليدس . كان ابن باجة (المعروف باسم "أفيمباس") وابن رشد (المعروف باسم "افيروس") من الفلاسفة المشهورين التانيين فى اسبانيا اللى ساهموا فى توسيع الأفكار اليونانية فى الطب والفلسفة. قبل ابن رشد ، كتير من الفلاسفة خلطو بين أرسطو و بلوتينوس ، و هو مصرى يونانى أسس الأفلاطونية المحدثة وخلط أفكار أرسطو مع أفكار أفلاطون. أعاد ابن رشد اكتشاف أرسطو "الحقيقي" بترجمة النصوص الرئيسية اللى أعادته لالأندلس . كما تحدى فلسفات الغزالى المناهضة لليونانية لحد كبير، وقدم بعض من احسن التوفيق بين الإسلام والفلسفة ساعتها . كان مفتاح حججه هو فكرة أنه رغم وجود حقيقة واحدة بس، لكن دى الحقيقة ممكن التعبير عنها بطرق كتيرة، بما فيها الفلسفة والدين. لحد أنه استخدم القرآن لدعم حججه لصالح الفلسفة والمنطق اليوناني، و بالخصوص المقطع: "هو اللى أنزل عليك الكتاب... من آياته متشابهات... ومن آياته متشابهات... لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم". قال ابن رشد أن "الراسخين فى العلم" هم فلاسفة.[6]
أطلق الفلاسفة واللاهوتيون المدرسيون فى العصور الوسطى، زى توما الأكويني، على ابن رشد بعدين لقب "المعلق"، وقام مايكل الاسكتلندى بترجمة الكتير من أعمال ابن رشد خلال خمسين سنه من وفاته. بس، استقبال ابن رشد فى اوروبا الغربية كان متناقض مع رفضه النهائى فى اسبانيا. و بعد فترة وجيزة من ظهور ابن رشد، واجهت الأفكار اليونانية فى الأراضى العربية معارضة شديدة من جانب دول اللى لم يعجبهم أى شيء "ليس عربى حقيقى".
فى الوقت اللى كان فيه المسلمين كانو بيترجمو و بيضيفو تفسيراتهم الخاصة للفلسفات اليونانية، الغرب اللاتينى كان لسه بيشك فى الأفكار الوثنية. كما عارض زعماء الكنيسة الأرثوذكسية فى الإمبراطورية البيزنطية الفلسفة، و كانت الإمبراطورية قد مرت للتو بفترة من الطاعون والمجاعة والحرب. و للغرب، عززت الكتير من الشخصيات الرئيسية فى التاريخ الأوروبى اللى جت بعد بوثيوس التحول الساحق بعيد عن الأفكار الهلنستية. لمدة قرون، كانت الأفكار اليونانية فى اوروبا غير موجودة بالتقريب ، لحد تم نهب الجزء الشرقى من الإمبراطورية الرومانية - بيزنطة - وقت الحملة الصليبية الرابعة ،و ده اتسبب فى فتح الكتير من النصوص اليونانية القديمة. فى اوروبا الغربية، ماكانش هناك سوى عدد قليل من الأديرة اللى فيها أعمال يونانية، و كان عدد أقل منها ينسخ دى الأعمال. كان فيه فترة وجيزة من الإحياء، لما أعاد الراهب الأنجلو ساكسونىألكوين وتانيين تقديم بعض الأفكار اليونانية خلال عصر النهضة الكارولنجية فى القرن الثامن. بس، بعد وفاة شارلمان ، رجعت الحياة الفكرية لالانحدار مرة تانيه. بس، بحلول القرن الاتناشر، ابتدا الفكر المدرسى فى التطور،و ده اتسبب فى ظهور الجامعات فى كل اماكن اوروبا. جمعت دى الجامعات القليل من الفكر اليونانى اللى تم الحفاظ عليه عبر القرون، بما فيها تعليقات بوثيوس على أرسطو. زى ما كانت يعتبر أماكن لمناقشة الأفكار الجديدة القادمة من الترجمات الجديدة من اللغة العربية فى كل اماكن اوروبا.[7]
بحلول القرن الاتناشر، مخاوف الأوروبيين من الإسلام باعتباره تهديداً عسكرى تراجعت لحد ما. وقعت طليطلة فى اسبانيا من أيدى الأمويين سنة 1085، وصقلية والقدس من أيدى الفاطميين فى 1091 و 1099 على التوالي. أثبتت دى المناطق الحدودية اللغوية أنها أرض خصبة للمترجمين. كانت دى المناطق قد غزاها العرب واليونانيون واللاتينيون على مر القرون، و كانت فيها قدرات لغوية من كل دى الثقافات. ولم يساهم عدد السكان الصغير و مش المتعلمين فى الممالك الصليبية فى الأرض المقدسة إلا قليل فى جهود الترجمة، لحد استولت الحملة الصليبية الرابعة على معظم الإمبراطورية البيزنطية. كانت صقلية، اللى كانت لسه تتكلم اليونانية لحد كبير، اكتر إنتاجية؛ فقد شافت حكم البيزنطيين والعرب والإيطاليين، و كان الكتير منهم يجيدون اللغة اليونانية والعربية واللاتينية. بس، كان الصقليون أقل اتأثر بالعرب، وبدل ذلك اشتهروا بترجماتهم المباشرة من اليونانية للاتينية.[8] ومن ناحية تانيه، كانت اسبانيا مكان مثالى للترجمة من العربية للاتينية بسبب مزيج من الثقافات اللاتينية والإسلامية الغنية اللى تعيش جنب لجنب.[8]
اسبانيا وصقلية
ومنذ وقت مبكر من القرن العاشر، ابتدا العلما فى الأندلس فى جمع النصوص المترجمة، و فى النصف الأخير من كده القرن بدأو فى نقلها لبقية اوروبا. بس، بعد استرداد الأندلس فى القرن الاتناشر، انفتحت اسبانيا بشكل اكبر قدام العلما المسيحيين، اللى أصبحوا دلوقتى قادرين على العمل فى الأراضى الدينية "الصديقة". ولما واجه دول الأوروبيين الفلسفة الإسلامية، تحولت مخاوفهم السابقة لإعجاب، ومن اسبانيا جت ثروة من المعرفة الإسلامية فى الرياضيات والفلك. جه الأجانب لاسبانيا للترجمة من كل اماكن اوروبا، [9] وبقت طليطلة مركز لمثل دول المسافرين، كتير من مواطنيها كان بيكتبو كل يوم بالعربى و اللاتينى .
رغم إنجاز قدر هائل من العمل فى اسبانيا، إلا أنه ما كانتش هناك مدرسة مركزية للترجمة ولا جهد منظم حقيقي، زى ما كان الحال فى بعض الأحيان بين المسلمين. جه المترجمون من خلفيات مختلفة كتيرة وقاموا بالترجمة لأسباب مختلفة كثيرة. على سبيل المثال، شارك علما يهود غير مسيحيين فى ترجمة الأعمال العربية اللى تمت ترجمتها بالفعل لالعبرية، و لاللغتين اللاتينية والفولجاتا. بس، اقترح بعض العلما أن ريموند دى سوفيت ، رئيس أساقفة توليدو، يبدو أنه ابتدا حركة منظمة لدعم الترجمات، ويمكن قام الكتير من العلما اللى يبدو أنهم مرتبطون به فى الوثائق بالترجمة اثنين اثنين، بالعمل مع بعض .
بحلول القرن التلاتاشر، تراجعت الترجمة فى اسبانيا، لكن كانت فى ارتفاع فى ايطاليا وصقلية، ومن هناك لكل اماكن اوروبا. سافر الإنجليزى أديلارد من باث لصقلية والأراضى العربية، وترجم أعمال فى علم الفلك والرياضيات، بما فيها أول ترجمة كاملة لكتاب العناصر لإقليدس . كان الملوك النورمان الأقوياء يجمعون الرجال اصحاب المعرفة العالية من ايطاليا ومناطق تانيه لبلاطهم، كدليل على الهيبة. لحد البيزنطيين شهدوا إحياء أرسطوى فى نص القرن الاتناشر، وجمعوا رجال من ايطاليا أيضا.[10] علشان بعض آراء أرسطو المترجمة جديد استبعدت مفاهيم الإله الشخصي، أو الروح الخالدة، أو الخلق، فقد كان الكتير من قادة الكنيسة الكاثوليكية يميلون لفرض الرقابة على تلك الآراء لعقود من الزمن، زى قوائم الكتب المحظورة فى إدانات 1210-1277 فى جامعة باريس . و فى الوقت نفسه، كان توما الأكوينى (حوالى 1225-1274)، فى نهاية تلك الفترة الزمنية، قادر على التوفيق بين وجهات نظر الأرسطية والمسيحية، فى المقام الاولانى فى عمله Summa Theologica (1265-1274).[1][11]