مبايعة الأمير عبد القادر الثانية تمت بتاريخ 15 رمضان 1248 هـ الموافق 4 فيفري 1833م في قضر الإمارة ضمن منطقة معسكر في الجزائر.
لما اشتدت المظالم بالجزائريين وأدرك أهلها أنهم أصبحوا لقمة سائغة أمام الاحتلال الفرنسي، أجمعوا أمرهم على تنظيم أنفسهم في حركة جهادية لتحرير الوطن من المحتلين.[1]
فأجمع أهالي الإقليم الوهراني أمرهم على توكيل أمور الجهاد إلى أسرة الأمير عبد القادر وقصدوا الشيخ «محي الدين الحسني» لورعه وبأسه العسكري، فألف جيشا كثيرا من فرسان القبائل، وأسند الراية إلى ولده عبد القادر الجزائري الذي برزت براعته العسكرية في معركة خنق النطاح إذ أبهرت خطته العسكرية داخل المعركة كل من شاهدوه.[2]
وزاد من حنكته، حين اقترح أبوه على القبائل أن يختاروه قائدا فقبلوا إمارته وعقدوا له «البيعة الأولى» بتاريخ 27 نوفمبر 1832م تحت شجرة الدردار التي تقع بـ«واد فروحة».[3]
لما ذاع خبر البيعة الأولى بادر أعيان ووجهاء ورؤساء القبائل التي لم تبايع إلى المبايعة فتمت في مسجد بمعسكر يسمى حاليا بـ مسجد سيدي الحسان أي بعد حوالي ثلاثة شهور من البيعة الأولى بتاريخ 27 نوفمبر 1832م، وقعت «البيعة الثانية» أو «البيعة العامة» في قصر الإمارة بمعسكر بتاريخ 4 فيفري 1833م.[4]
ففي يوم الجمعة 4 فيفري 1833م دخل الأمير عبد القادر إلى «مسجد معسكر الجامع»، المسمى «مسجد سيدي حسان» حاليا «مسجد المبايعة»، وألقى خطبة جماعية واسعة حاثا أبناء قومه على الجهاد وفق ما تقتضيه الشريعة الإسلامية.[5]
وكان ممن حضر هذه «البيعة العامة» أهالي سهل غريس الهشم «الشراقة»، و«الغرابة»، و«خالدي»، و«عباسي»، و«براهيمي»، و«حساني»، و«العوفي»، و«جعفري»، و«برجي»، و«شقراني»، و«بنى السيد دحو»، و«بني سيدي أحمد بن علي»، و«الزلامطة»، و«مغراوة»، و«طلوية»، و«عارف»، وأهالي «واد الحمام».[6]
حيث حررت وثيقة أخرى للبيعة وقرئت على الشعب وتولى كتابتها محمود بن حوا المجاهدي أحد علماء المنطقة وجاء فيه:
وقد وجه خطابه الأول إلى كافة العروش قائلاً: "… وقد قبلت بيعتهم (أي أهالي وهران وما حولها) وطاعتهم، كما أني قبلت هذا المنصب مع عدم ميلي إليه، مؤملاً أن يكون واسطة لجمع كلمة المسلمين، ورفع النزاع والخصام بينهم، وتأمين السبل، ومنع الأعمال المنافية للشريعة المطهرة، وحماية البلاد من العدو، وإجراء الحق والعدل نحو القوى والضعيف، واعلموا أن غايتي القصوى اتحاد الملة المحمدية، والقيام بالشعائر الأحمدية، وعلى الله الاتكال في ذلك كله 13 رمضان 1248 هـ الموافق لـ 4 فبراير 1833 م
حافظت المقاومة الشعبية الجزائرية ضد فرنسا بقيادة الأمير عبد القادر الجزائري على التصميم الأول للعلم في «البيعة الأولى» ليكون لواءً أعلاه وأسفله من الحرير الأخضر ووسطه من الحرير الأبيض رُسمت عليه يد مبسوطة محاطة بعبارات نصر من الله وفتح قريب وناصر عبد القادر بن محي الدين مضيفا أن كل من الرسم والكتابة كانتا باللون الذهبي.[6]
﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ١٣﴾ (سورة الصف)