لقد عرفت مشكلة تلوث الماء منذ زمن بعيد، ومن أوائل الدلائل التاريخية ما وصف عن تحول مياه النيل إلى اللون الأحمر في فترات معينة من السنة. يعتبر المجرى المائي ملوثاً عندما يتغير تركيب عناصره أو تتغير حالته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بسبب نشاط الإنسان، بحيث تصبح هذه المياه أقل صلاحية للاستعمالات الطبيعية المخصصة لها أو لبعضها، ويتضمن هذا التعريف أيضاً ما يطرأ على الخصائص الطبيعية والكيميائية والبيولوجية التي تجعل الماء غير صالح للشرب أو للاستهلاك المنزلي أو الصناعي أو الزراعي وغيره بسبب التغيرات الحرارية الناتجة عن التلوث الحراري.
هناك عدة طرق لتصنيف ملوثات الماء، ويعتبر التصنيف التالي هو المستعمل من قبل أكثر وكالات الحماية البيئية ويضم:
الماء من أهم ضروريات الحياة لكافة الكائنات الحية بالإضافة إلى أهميته في الزراعة والصناعة، إلا أن الماء بالرغم من كونه الأساس في استمرار الحياة فقد يكون سبباً في تهديدها إذا كان ملوثاً، فهناك عدة أمراض ترتبط بتلوث مصادر المياه عن طريق فضلات الحيوان والإنسان وهذه الأمراض، تشمل: الكوليرا، وحمى التيفوئيد، وحمى البارا تيفوئيد، والديزنطريا، وداء التولاريميا، والتهابات الكبد المعدية. وهناك بعض الأمراض التي تنتج من مجرد التلامس المائي كما في حالة البلهارسيا أو الناقلات الحشرية كما هي الحال في الملاريا. ولقد كثر في الماضي انتشار هذه الأمراض والتي كانت تظهر على شكل كوارث تودي بحياة الكثير وذلك بسبب عدم اتباع الشروط الصحية في تأمين الماء. ويعد تلوث الماء بواسطة صرف المجاري هو السبب الرئيسي للأمراض التي تنتقل عن طريق الماء، إذ يحتوي الإخراج المعوي للمرضى والحاملين لمثل هذه الأمراض البكتيريا الممرضة والفيروسات والطفيليات المسؤولة عن انتشار المرض، فحامل المرض قد لا يكون هو نفسه مدركاً أنه مصاب ولذلك يصبح من الضروري اتخاذ الاحتياطات الصحيحة لكل فضلات الإنسان، فالكائنات الدقيقة المسببة للمرض يمكن أن تنتقل من إخراج شخص مصاب إلى أفواه أناس أصحاء عن طريق الغذاء أو الماء الملوث. ويمكن السيطرة على انتشار مثل هذه الأمراض المعدية بالمعالجة الصحيحة لفضلات الإنسان وبتنقية موارد مياه الشرب. كما أن زيادة بعض المواد الكيميائية في الماء أو نقصها قد تسبب أمراضاً مختلفة كالاضطرابات المعدية الكلوية التي تنتج عن زيادة أملاح كربونات وكلوريدات وكبريتات الكالسيوم والرصاص وكذلك تآكل ميناء الأسنان وإذا زاد تركيز الفلور في الماء عن حد معين، وتورم الغدة الدرقية الناتج عن نقص اليود وتسوس الأسنان الذي ينجم عن نقص في تركيز الفلور عن حد معين وغيرها. وحتى لا يكون الماء سبباً في انتشار الأمراض فلا بد من اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية التي يمكن إجمالها في التالي:
المياه النقية هي تلك الخالية من البكتيريا والمواد المنحلة التي تكسبها لوناً أو طعماً أو تجعلها مسببة للأمراض، وأما مصادر هذه المياه التي يمكن استخدامها لإمداد التجمعات السكنية بحاجاتها الشخصية والزراعية والصناعية فهي الأمطار والمياه الجوفية والمياه السطحية، وأياً كان مصدر المياه فإنها لا توجد في الطبيعة نقية بصورة تامة فمياه الأمطار التي تعتبر من أنقى المياه أصبحت ملوثة قليلاً أو كثيراً بسبب ما يذوب فيها أثناء سقوطها من غبار وغازات وغيرها ولا سيما في بدء سقوط المطر، ولكن إذا جمعت الأمطار بعد فترة من سقوط المطر لكانت نقية إلى درجة بعيدة. أما المياه الجوفية التي تذيب نسبة من الأملاح أثناء تسربها في التربة فيمكن القول أنها من المياه الجيدة التي يمكن للإنسان الاعتماد عليها في إمداد التجمعات السكنية بالمياه اللازمة النقية وتخرج هذه المياه إلى السطح على شكل ينبوع أو يستخرجه الإنسان بحفر الآبار. وإذا لم تتوفر الينابيع والمياه الجوفية ومياه الأمطار فلا بد من استعمال المياه السطحية (الأنهار وروافدها والبحيرات وغيرها) كمصدر للمياه العذبة، واستعمال مثل هذه المياه غير ممكن إلا بعد تنقيتها قبل استعمالها وذلك لتحسين الصفات الطبيعية لها بإزالة المواد العالقة فيها وكذلك اللون والطعم والرائحة وكذلك البكتيريا، وخاصة الممرضة منها، وجعلها صالحة للاستعمال. وتتوقف طريقة التنقية المختارة على الصفات الأصلية للماء وما تحويه من شوائب وعلى الاستعمال المتوقع لها، وتقسم محطات تنقية الماء إلى ثلاثة أنواع رئيسية وهي محطات تنقية الماء بالترشيح البطيء، ومحطات تنقية الماء بالترشيح السريع، ومحطات تنقية الماء لأغراض خاصة مثل إزالة عسر الماء.
تهدف إلى الإبقاء على الماء في حالة كيميائية وطبيعية وبيولوجية بحيث لا تسبب ضرراً للإنسان والحيوان والنبات، وأهم هذه الإجراءات التالية:
لقد ازداد في السنوات الأخيرة الاهتمام بمياه المخلفات البشرية السائلة وتلوثها وذلك نظراً للزيادة المستمرة في معدلات استهلاك المياه والتي ترتبط بعوامل كثيرة منها زيادة السكان والتقدم الصناعي وما يحتاجه من الماء، والمركبات الكيميائية المختلفة والمعقدة المستخدمة في الصناعة والتنظيف، والتي يصرف جزء منها مع المخلفات السائلة، كل هذه العوامل جعلت من المخلفات السائلة مشكلة كبيرة تتفاقم آثارها عاماً بعد آخر. ويصحب زيادة استعمال الماء، سواءً بالنسبة للاستعمال المنزلي أو للاحتياجات الصناعية، زيادة الملوثات وما يرافق ذلك من مشاكل سواءً في نقل الأمراض أو تلويث التربة والمياه الجوفية أو تلويث المسطحات المائية إلى جانب التأثيرات السلبية على الكائنات التي تعيش في الماء، لذا فإن التخطيط في السنوات الأخيرة أخذ ينمو في اتجاه عدم التخلص من المخلفات السائلة في الأنهار أو البحيرات أو البحار وإنما إعادة استعمالها بعد معالجتها إلى درجة كافية تحول دون وقوع أضرار من استعمالها. إن معالجة المخلفات السائلة وإعادة استعمالها أصبح ملحاً في مثل ظروف الوطن العربي الذي تفتقر معظم أقطاره إلى مصادر مائية ثابتة من ناحية وبسبب الزيادة المستمرة في الحاجة إلى المياه للزراعة والصناعة والاستهلاك البشري من ناحية ثانية، الأمر الذي يدعو بعضاً منها إلى تحلية مياه البحر. تشمل مراحل معالجة المخلفات البشرية السائلة عمليات بيولوجية وأخرى كيميائية تهدف إلى تحسين خواص المياه حتى يمكن التخلص منها في المسطحات المائية أو إعادة استعمالها دون أي أضرار على الإنسان أو الكائنات الحية أو التربة.
[1]