الحملة العثمانية على الدروز في 1585

الحملة العثمانية على الدروز في 1585
جبال الشوف حيث توجهت الحملة
معلومات عامة
التاريخ صيف 1585
الموقع قضاء الشوف في جبل لبنان، سنجق صيدا-بيروت، الدولة العثمانية
33°41′44″N 35°34′45″E / 33.69555556°N 35.57916667°E / 33.69555556; 35.57916667   تعديل قيمة خاصية (P625) في ويكي بيانات
النتيجة انتصار عثماني
  • نزع سلاح الدروز وتحصيل الضرائب المتأخرة
المتحاربون
 الإمبراطورية العثمانية المتمردون الدروز
القادة
داماد إبراهيم باشا
منصور بن فريخ
قرقماز معن  
القوة
أكثر من 20,000 رجل من 15,000 إلى 30,000 رجل
الخسائر
مجهول مئات
خريطة

كانت الحملة العثمانية على الدروز في 1585، وتسمى أيضاً الغزو العثماني للشوف في 1585، حملة عسكرية عثمانية بقيادة إبراهيم باشا على الدروز وغيرهم من زعماء جبل لبنان وملحقاته، التي كانت حينئذ جزءاً من سنجق صيدا-بيروت المُلحق بإيالة دمشق. لطالما اعتُبرت هذه الحملة تقليدياً كنتيجة مباشرة لإغارة قطاع الطرق في عكار على قافلة تحمل خراج مصر وفلسطين لإبراهيم باشا، والذي كان والي مصر المنتهية ولايته آنذاك، وفي طريقه إلى القسطنطينية. ومع ذلك، تشير الأبحاث الحديثة إلى أن قافلة الخراج وصلت سليمة وأن الحملة كانت بالأحرى أوج المحاولات العثمانية لإخضاع الدروز والمجموعات القبلية الأخرى في جبل لبنان والتي يعود تاريخها إلى 1518.

أُحرقت عشرات القرى الدرزية في قضاء الشوف في 1523-1524، وقُتل أو أسر المئات من الدروز على يد الوالي خُرَّم باشا، تلى ذلك فترة من السلام. عادت التوترات خلال ستينيات القرن السادس عشر عندما استحوذت السلالات المحلية الدرزية وغير الدرزية، وخاصة آل معن وبنو عساف والشهابيون، على كميات كبيرة من الأسلحة النارية المحظورة، والتي غالباً ما كانت أفضل من تلك التي تمتلكها القوات الحكومية. فشل العمل العسكري لولاة دمشق العثمانيون في سبعينيات القرن السادس عشر في نزع سلاح الزعماء والعامة أو تحصيل المتأخرات الضريبية، التي كانت تتراكم منذ ستينيات القرن السادس عشر.

انتُدب إبراهيم باشا «لمعالجة الوضع» في بلاد الشام في 1583، فأطلق هذه الحملة على دروز جبل لبنان في صيف 1585 كتحريف لأمر الباب العالي لقافلته المتجهة إلى القسطنطينية. وحشد لذلك حوالي 20.000 جندي، بما في ذلك الإنكشارية في مصر ودمشق، بالإضافة إلى زعماء القبائل المحليين، مثل الأمير البدوي منصور بن فريخ وخصوم آل معن من الدروز. قُتل المئات من المتمردين الدروز، وصادر إبراهيم باشا آلاف البنادق وجمع مبالغ طائلة من الأموال على شكل متأخرات ضريبية. كما مات قرقماز زعيم آل معن في مخبئه بعد رفضه الاستسلام، والذي كان أحد الأهداف الرئيسية للحملة.

قبض والي دمشق، علي باشا ابن علوان [الإنجليزية]، على زعماء آل عساف وآل حرفوش وآل بحتر وآل فروخ المحليين في العام التالي وأرسلهم إلى القسطنطينية. وقد أُعيدوا بعد ذلك إلى مناطقهم الأصلية وأُلزموا بتحصيل ضريبة الالتزام. شكلت الحملة وما أعقبها نقطة تحول في الحكم العثماني لبلاد الشام، حيث جرى تعيين زعماء القبائل المحليين غالباً منذ ذلك الحين فصاعداً كسنجق بكي (حكام مناطق). وكان أحد هؤلاء الحكام هو ابن قرقماز، فخر الدين الثاني، الذي أصبح أقوى قوة محلية في بلاد الشام منذ تعيينه في سنجق صيدا-بيروت وصفد في تسعينيات القرن السادس عشر و1602 على التوالي، لغاية نهايته في 1633.

مصادر الحملة

اعتمد مؤرخو جبل لبنان والمؤرخون المعاصرون في تأريخ حملة 1585 خلال القرن التاسع عشر على مصدر يتمثل في رواية البطريرك الماروني والمؤرخ إسطفان الدويهي، والذي يرجع تاريخه إلى حوالي 1668.[1] تعزو رواية الدويهي سبب الحملة إلى الغارة على قافلة الخراج المتجهة إلى القسطنطينية لوالي مصر إبراهيم باشا من قبل قطاع الطرق في جون عكار، وهي منطقة ساحلية شمال طرابلس.[2] وقد استنسخ المؤرخون المقيمون في لبنان رواية الدويهي على نحو مماثل تقريباً في القرن التاسع عشر مثل حيدر الشهابي (توفي في 1835) وطنوس الشدياق (توفي في 1859).[3] وكانت رواياتهم هي المصدر الرئيسي الذي استند عليه المؤرخون المعاصرون للحديث عن الواقعة مثل بيتر مالكولم هولت [الإنجليزية] وعبد الكريم رفيق وكمال الصليبي ومحمد عدنان البخيت. حدد الديهي سنة غارة القافلة على أنها 1584، ومن ثَمَّ وافقه رفيق والصليبي والبخيت، بينما حدد الشهابي، وهولت بدوره، بتحديد الغارة في 1585.[4]

خلفية تاريخية

جبال الشوف

نزعت الدولة العثمانية حكم بلاد الشام من المماليك بعد معركة مرج دابق بالقرب من حلب في 1516. وقد حافظ السلطان العثماني سليم الأول إلى حد كبير على نُظم الحكم المملوكية والمسؤولين في المنطقة.[5] وكان بكلربك دمشق (حاكم الإيالة)، جان بردي الغزالي، قد خدم نفس الدور في عهد المماليك. لكنه أعلن نفسه سلطاناً بعد وفاة سليم في 1520، فقمع العثمانيون ثورته وبدأوا في دمج بلاد الشام بحزم أكبر في نُظم الدولة.[5] كان التحدي الأكبر الذي واجه الباب العالي (حكومة الدولة العثمانية في القسطنطينية) في بلاد الشام هو إخضاع باديتها الشرقية وأطرافها الجبلية الغربية. كان سليم قد عهد إلى العشيرتين البدويتين المسلمتين السنيتين القويتين في وادي البقاع وجبل نابلس، آل حنش وآل طرباي على التوالي، بتهدئة القبائل البدوية وتأمين طريق الحج بين دمشق ومكة.[5]

أصبحت منطقة جبل لبنان ومدينتي صيدا وبيروت الساحليتين تابعة إدارياً لسنجق صيدا-بيروت، أحد سناجق إيالة دمشق. قُسم سنجق صيدا-بيروت إلى نواحي بيروت وصيدا على طول الساحل، وضمت النواحي التسع التالية في الأجزاء الجبلية من السنجق: من الشمال إلى الجنوب، كسروان، المتن، الجرد، الغرب، إقليم الخروب، بجانب ثلاث نواحي تعرف مجتمعة بالشوف وإقليم التفاح. كانت نواحي المتن والجرد والغرب والشوف مأهولة في الغالب بالدروز، وهم أتباع فرع من المذهب الشيعي الإسماعيلي في القرن الحادي عشر.[6] أثبت رجال القبائل الدرزية في جنوب جبل لبنان أنهم يشكلون تحدياً أمام السلطات لتهدئة الوضع، وأشار إليهم قانون إقليمي من عهد السلطان سليمان (1520-1566) على أنهم «قوم ضالون يتبع كل منهم طائفته الخاصة» وكان من الصعب تحصيل الضرائب منهم.[7]

اعتبر العثمانيون الدروز مسلمين رسمياً لأغراض ضريبية، على الرغم من أن السلطات أو علماء المسلمين السنة لم يعتبروهم مسلمين بحق. كان على أفراد الطائفة أن يتظاهروا بأنهم من المسلمين السنة للوصول إلى أي منصب رسمي، وكانوا يُجبرون في بعض الأحيان على دفع الجزية المخصصة للمسيحيين واليهود، وكانوا هدفاً لأطروحات الإدانة وفتاوي علماء دمشق. في المقابل، كان الدروز أيضاً متشككين في العثمانيين. واستفادوا من وعورة التضاريس وحيازة الأسلحة النارية والتماسك الطائفي والعشائري ضمن جهودهم المستمرة لمواجهة اندماجهم في النظام الإداري والمالي، مما جعل من الصعب فرض سلطة الحكومة في المناطق الدرزية.[8] ولذلك، كان الوجود العثماني في المناطق الدرزية، وكذلك النواحي غير الدرزية في صيدا-بيروت، محدوداً خلال معظم القرنين السادس عشر والسابع عشر، حيث كان الزعماء القبليون المحليون، الدروز والمسلمون على حد سواء، يحكمون المنطقة من خلال نظام الالتزام. (المزارع الضريبية محدودة الأجل). ظاهرياً، كان على أصحاب الالتزام المُعينين، الذين يطلق عليهم اسم الملتزمين، تحويل الضرائب إلى الحكومة والقيام بمهام عسكرية رسمية؛ إلا أن الملتزمين المحليين لم يقوموا بشئ من ذلك وكانوا أقوى من السنجق بكي (حاكم السنجق) الذي تعينه الحكومة في بعض الأحيان.[9]

الأعمال العدائية بين الدروز والعثمانيين قبل 1585

وقع أول إجراء حكومي معروف ضد الدروز في 1518 أثناء تمرد ناصر الدين، زعيم آل حنش وسنجق بكي صيدا-بيروت، ضد سليم.[10][11] قمع جان بردي التمرد، واعتقل ناصر الدين وأعدمه وقبض على حلفائه من زعماء الدروز، مثل قرقماز وزين الدين وعلم الدين سليمان من عشيرة معن القاطنة في الشوف وشرف الدين يحيى من عشيرة بُحتر التنوخية في الغرب. ولم يُطلق سراح الزعماء الدروز الأربعة إلا بعد دفع غرامة كبيرة.[11][12]

شن خرم باشا، بكلربك دمشق، حملة عقابية ضد دروز الشوف بقيادة زعماء آل معن في 1523. فأحرقت 43 قرية درزية، بما في ذلك الباروك، مقر قرقماز، وذكر ابن طولون أن خرم باشا عاد إلى دمشق بأربعة جمال محملة برؤوس الدروز ومؤلفات دينية درزية تثبت العداء الديني للإسلام السني. مثلت هذه الحملة المحاولة الأولى لفرض سلطة حكومية مباشرة في الشوف. وأقام خرم باشا صوباشية (مفتشو الشرطة) لفرض القانون والنظام في المنطقة، لكنهم قتلوا على يد الدروز. رد خرم باشا بشن حملة عقابية ثانية ضد الشوف في 18 يونيو 1524، أحرقت خلالها ثلاثين قرية وعاد البكلربك في اليوم التالي ومعه ثلاث جمال مُحملة برؤوس الدروز مع أسر 300 من نساء وأطفال الدروز. وقد مدح العلماء والشعراء المعاصرون في دمشق هذه الحملات.[13] لم تُذكر أي إشارة أخرى إلى ثورات الدروز أو الحملات الحكومية في المصادر حتى أواخر القرن السادس عشر.[14]

تصاعدت التوترات بين الدروز والباب العالي بشكل كبير حيث حصل الدروز، إلى جانب المجموعات القبلية والطائفية الأخرى في سوريا، على أسلحة نارية كانت في بعض الأحيان متفوقة على الأسلحة النارية لدى الجيوش العثمانية.[14] حُظر حيازة الأسلحة النارية من قبل أشخاص غير عسكريين، على الرغم من أن السلطات واجهت صعوبات في تطبيق الحظر في سوريا.[15] حصل السوريون على جزء على الأقل من أسلحتهم من القوى الأوروبية بهدف زعزعة استقرار الحكم العثماني في سوريا. والتي وفرتها السفن التجارية التي رست في الموانِ السورية. وشملت المصادر الأخرى إنكشارية دمشق وأصحاب التيمار (الإقطاعيات) في سوريا والسفن العثمانية القادمة من القسطنطينية والتي جاءت لنقل الحبوب من سوريا إلى عاصمة السلطنة.[16] هاجم الدروز المسلحون بالبنادق الطويلة المسؤولين الذين أُرسلوا لجمع الضرائب من مناطقهم الفرعية وصدوا الغارة العثمانية اللاحقة ضدهم في عين دارة في 1565.[17]

جاء في فرمان أصدره الباب العالي إلى بكلربك دمشق في أغسطس 1574، أن قرى الغرب والجرد والشوف والمتن مديونة بمتأخرات ضريبية يعود تاريخها إلى أكثر من عشرين عاماً وأن مُقدمي (زعماء) الدروز يمتلكون كميات كبيرة من البنادق. ذُكر المقدمون بالترتيب كالتالي: قرقماز المعني، ربما حفيد قرقماز المذكور أعلاه، وشرف الدين التنوخي والزعماء غير الدروز مثل منصور بن حسن من آل عساف في كسروان وقاسم الشهابي في وادي التيم. أُمر البكلربك بجمع ما لا يقل عن 6000 بندقية من زعماء القبائل المذكورين وأكثر من ذلك من كل عشيرة في المناطق الفرعية المذكورة.[18] أطلقت القوات المشتركة لبكلربك دمشق، والإنكشارية الدمشقية السلطنية، وسنجق بكي طرابلس، والأسطول العثماني حملة ضد الدروز في ذلك العام، لكنهم لم يتمكنوا من إخضاعهم ونزع سلاحهم.[17]

تجدد الفرمان الهمايوني الصادر خلال 1574 في فبراير 1576، لكن بكلربك دمشق لم يتمكن مرة أخرى من تنفيذ الأمر، بل اشتكى من أن سكان الغرب والجرد والشوف والمتن ما زالوا في حالة تمرد، وأنه لا يوجد أي ملتزم على استعداد لدفع الالتزام عن المناطق الفرعية وأن الأمناء المعينين (جامعي الضرائب) لا يحظون باحترام السكان.[19] وبناء على ذلك، أمر الباب العالي بأن يقوم البكلربك بتدمير عدد غير محدد من القرى الدرزية، واعتقال ومعاقبة مقدميهم، وتحصيل متأخرات الضرائب. لكن لم يؤخذ أي إجراء عسكري واستمر الدروز في تحدي السلطات وعلمت الحكومة أنهم حصلوا على المزيد من البنادق في 1582.[20] واتهموا في ذلك العام بالتخابر مع الدروز والشيعة في سنجق صفد جنوب صيدا-بيروت، ودعا فرمان الباب العالي إلى «التخلص من [قرقماز] بن معن الذي تجاوزت فتنته وسوء أعماله كل الآخرين.».[21]

تمهيد

كتب القرماني أن الوزير إبراهيم باشا أُرسل إلى مصر وسوريا في 1583 «لتصحيح الوضع [هناك]».[22] صدر فرمان في 12 فبراير 1585 إلى بكلربك دمشق، أويس باشا، يؤكد مجدداً أن قرقماز كان «زعيماً عاصياً.. جمع [حوله] الأشقياء في الطائفة الدرزية وألحق الأذى والضرر بسنجق صفد.»[23] وصل إبراهيم باشا إلى دمشق بقافلة الجزية من مصر وحشد عسكري كبير في يونيو. وقد كلفه الباب العالي بإخضاع دروز جبل لبنان.[24] أمر الباب العالي أويس باشا في 31 أغسطس، بالتعاون مع إبراهيم باشا ضد البدو والدروز الذين تمردوا في جميع أنحاء إيالة دمشق، وتسببوا في أضرار وهاجموا الطرق السريعة.[23] يرى أبو حسين أن السبب المباشر لحملة إبراهيم باشا هو حالة التمرد المستمرة من قبل الدروز والعصيان العام لزعماء القبائل في أجزاء من سوريا حيث لم تكن الحكومة قادرة على ممارسة السلطة.[22][25]

الحملة العسكرية وما تلاها من تجريدات

تألف جيش إبراهيم باشا من إنكشارية مصر والشام،[20] وبلغ عدد قواته حوالي 20 ألف جندي.[24] أضافت روايتا الدويهي والشهابي، قوات إيالة حلب وإيالة قبرص إلى قوة الحملة، وذكرت أن قوات إبراهيم باشا نزلت في منطقة تسمى مرج عرموش وأن حجم القوة العثمانية وحده «أرعب كل البلاد العربية».[26] أغلقت القوات العثمانية وحلفائها المحليين الطرق المؤدية إلى الساحل وسهل البقاع وقتلت حوالي 500 من شيوخ الدروز.[27] تؤكد السجلات الحكومية أن إبراهيم باشا قتل مئات المتمردين الدروز، وأرسل العديد من رؤوسهم إلى القسطنطينية و«وبالتالي عاقب المجتمع المتمرد عقاباً مناسباً».[28] نُهبت العديد من قرى الشوف واختبأ قرقماز في أحد الكهوف ومات.[29] نُزع سلاح الدروز وغيرهم وحُصلت المتأخرات الضريبية، وذكر البوريني أن إبراهيم باشا صادر آلاف البنادق ومبالغ كبيرة من المال من الدروز.[27]

استعمل إبراهيم باشا منصور بن فريخ دليلاً له. كان ابن فريخ زعيماً بدوياً سنياً في وادي البقاع وخصماً محلياً لقرقماز وكان معروفاً بعدائه للدروز والشيعة. إن الدور المنسوب لابن فريخ في إقناع الوزير بشن الحملة من قبل مؤرخي القرن التاسع عشر لا أساس له من الصحة، بحسب أبو حسين.[30] خلال الحملة، انشق عدد من المعنيين وغيرهم من زعماء الدروز، بما في ذلك آل علم الدين في المتن وآل شرف الدين في الغرب وانضموا إلى إبراهيم باشا، إلى جانب نسبة كبيرة من رجال قرقماز.[31] وصل إبراهيم باشا إلى القسطنطينية في وقت لاحق في 1585. ووفقاً لرواية مينادوي، فقد دخل القرن الذهبي بنحو 24 قادساً واستُقبل بوابل من نيران المدفعية من قصر طوب قابي وحشود كبيرة.[29][32] تشير الروايات المعاصرة، في تناقض مع رواية الدويهي عن سرقة الجزية، إلى أنها وصلت إلى القسطنطينية بحوالي 300,000-1,000,000 قرش، و173,000 قطعة ذهبية، وعرش زمردي للسلطان مراد الثالث (حكم من 1574 إلى 1595)، وخيول عربية، وفيل وزرافة.[32]

انفصل سنجق صيدا-بيروت عن إيالة دمشق بعد الحملة، في نفس العام، وأصبح جزءاً من إيالة طرابلس، التي تأسست في 1579. عُزل يوسف سيفا باشا، بكلربك طرابلس من 1579 والزعيم المحلي لقضاء عكار في نفس الوقت، على الأرجح بسبب التشكك في أنه سيضر بمصالح الحكومة لاعتبارات محلية. مع تكليف بديله، القائد العثماني المخضرم جعفر باشا الطواشي، بمواصلة قمع التمرد الذي قاده إبراهيم باشا في جبل لبنان.[33] ربما يكون يوسف سيفا قد قاوم عزله، فوفقاً للدويهي، داهم جعفر باشا أراضيه في عكار.[34] أُعيد تعيين الأخير على الجبهة الصفوية وفي غضون بضعة أشهر، ومع غياب قبضته الحديدية، خرجت أراضي صيدا-بيروت عن سيطرة طرابلس، وعادت عملياً إلى إشراف دمشق.[33] على الرغم من أن رواية الدويهي تقول أنه قُبض على عدد من زعماء القبائل السورية في حملة إبراهيم باشا ونُقلوا إلى القسطنطينية، فإن المصادر المعاصرة تشير إلى أن معظم زعماء القبائل قد قُبض عليهم في حملة تالية قادها علي باشا بن علوان [الإنجليزية]، الذي عينه إبراهيم باشا بصفته بكلربك دمشق. في 1586.[29] وكان من بين زعماء القبائل الأسرى محمد، المقيم في غزير وابن وخليفة منصور زعيم آل عساف، ومحمد بن جمال الدين ومنذر، الزعيمان التنوخيان في عرمون وعبيه، وعلي الحرفوش، زعيم الشيعة في بعلبك، وابن فريخ.[35] وقد لقى زعماء القبائل استقبالاً حسناً في القسطنطينية وبعد فترة وجيزة أُعيدوا إلى أراضيهم مع مُصادقات بالتزامهم.[36]

التداعيات

خريطة لسوريا العثمانية خلال القرن السابع عشر، تُظهر إيالات دمشق وطرابلس وحلب والرقة.

شكلت أحداث 1585–1586 نقطة تحول في تاريخ جبل لبنان وبلاد الشام عموماً في ظل الحكم العثماني.[37][38] بدأ العثمانيون في تكليف زعماء القبائل المحليين بمهام الشرطة وفرض الضرائب في المنطقة من خلال تعيينهم على سناجق المنطقة ومنحهم لقب باي (المقابل التركي لأمير عربي).[38] عُين نجل قرقماز فخر الدين الثاني سنجق بكي على صيدا-بيروت في أوائل تسعينيات القرن السادس عشر، بالإضافة إلى ذلك تعيينه على سنجق صفد في 1602.[39] جمع فخر الدين بين علاقات تجارية مربحة مع الإيطاليين، وجيش من السكبان (الفرسان) ممول من القطاع الخاص، ودعم من المسؤولين العثمانيين، والذين ضمنهم من خلال الرشاوى والدفع الفوري للضرائب، ليثبت نفسه كأقوى زعيم قبلي في بلاد الشام حتى سقوطه في 1633.[38] ظل علي الحرفوش، الذي عُين على سنجق حمص سنة 1585، في منصبه أثناء منفاه في القسطنطينية وعاد إلى مقره في بعلبك بحلول 1589. وقد أُعدم في حوالي 1590 لكن ابنه موسى خلفه في بعلبك وعين سنجق بكي على حمص في 1592.[40]

يضع المؤرخ ستيفان وينتر [الإنجليزية] حملة 1585 في سياق التغييرات العثمانية في النُظم العسكرية والمالية لبلاد الشام في أواخر القرن السادس عشر، والتي تضمنت إنشاء إيالة طرابلس الهجينة في 1579، والتي جمعت بين سنجق جبلة العسكري الملحق مع سناجق صيدا-بيروت وحمص والسلمية التي تعتمد على عائدات الضرائب، والتي كان يحكمها زعماء قبليون محليون ولم تساهم بقوات في الحرب. في نفس الوقت تقريباً، بدأ الباب العالي أيضاً في منح الأراضي على طول وادي الفرات العلوي للضباط العثمانيين وزعماء البدو المخلصين وتأسست إيالة الرقة في 1586 بهدف ممارسة سيطرة أكبر على المناطق الصحراوية الداخلية في بلاد الشام.[41]

انظر أيضاً

المراجع

فهرس المراجع

  1. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحات 13–15.
  2. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحات 13–14.
  3. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحات 14, 15 note 7.
  4. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحة 13, note 1.
  5. ^ ا ب ج Winter 2010، صفحة 36.
  6. ^ Abu-Husayn 1992، صفحة 666.
  7. ^ Winter 2010، صفحات 36–37.
  8. ^ Abu-Husayn 1992، صفحات 666–667.
  9. ^ Abu-Husayn 1992، صفحة 667.
  10. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحة 16.
  11. ^ ا ب Abu-Husayn 1992، صفحات 667–668.
  12. ^ Abu-Husayn 1985b، صفحة 66.
  13. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحة 17.
  14. ^ ا ب Abu-Husayn 1985b، صفحة 77.
  15. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحة 17, note 21.
  16. ^ Abu-Husayn 1985b، صفحة 78, note 52.
  17. ^ ا ب Abu-Husayn 1985b، صفحة 78.
  18. ^ Abu-Husayn 2004، صفحات 26–27.
  19. ^ Abu-Husayn 1985b، صفحات 78–79.
  20. ^ ا ب Abu-Husayn 1985b، صفحة 79.
  21. ^ Abu-Husayn 2004، صفحة 30.
  22. ^ ا ب Abu-Husayn 1985b، صفحة 20.
  23. ^ ا ب Abu-Husayn 2004، صفحة 34.
  24. ^ ا ب Harris 2012، صفحة 91.
  25. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحة 19.
  26. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحات 14–15.
  27. ^ ا ب Bakhit 1972، صفحة 191.
  28. ^ Abu-Husayn 2004، صفحة 35.
  29. ^ ا ب ج Abu-Husayn 1985b، صفحة 80.
  30. ^ Abu-Husayn 1985b، صفحة 154.
  31. ^ Abu-Husayn 2004، صفحة 13.
  32. ^ ا ب Abu-Husayn 1985a، صفحة 15.
  33. ^ ا ب Abu-Husayn 1992، صفحة 670.
  34. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحات 18–19.
  35. ^ Salibi 1967، صفحة 164, note 6.
  36. ^ Salibi 1967، صفحة 164.
  37. ^ Abu-Husayn 1985a، صفحة 13.
  38. ^ ا ب ج Winter 2010، صفحة 37.
  39. ^ Abu-Husayn 1992، صفحات 671–672.
  40. ^ Winter 2010، صفحة 48.
  41. ^ Winter 2010، صفحة 38.

المعلومات الكاملة للمراجع

  • Abu-Husayn، Abdul-Rahim (1985a). "The Ottoman Invasion of the Shūf in 1585: A Reconsideration". Al-Abhath. ج. 32: 13–21. مؤرشف من الأصل في 2023-08-27.
  • Abu-Husayn، Abdul-Rahim (1985b). Provincial Leaderships in Syria, 1575-1650. Beirut: American University of Beirut. ISBN:9780815660729. مؤرشف من الأصل في 2023-09-16.
  • Abu-Husayn، Abdul-Rahim (نوفمبر 1992). "Problems in the Ottoman Administration in Syria during the 16th and 17th Centuries: The Case of the Sanjak of Sidon-Beirut". International Journal of Middle East Studies. ج. 24 ع. 4: 665–675. DOI:10.1017/S002074380002239X. JSTOR:164441. S2CID:159670509. مؤرشف من الأصل في 2023-02-11.
  • Abu-Husayn، Abdul-Rahim (2004). The View from Istanbul: Lebanon and the Druze Emirate in the Ottoman Chancery Documents, 1546–1711. Oxford and New York: The Centre for Lebanese Studies and I. B. Tauris. ISBN:1-86064-856-8.
  • Bakhit، Muhammad Adnan Salamah (فبراير 1972). The Ottoman Province of Damascus in the Sixteenth Century (PhD). School of Oriental and African Studies, University of London.
  • Harris، William (2012). Lebanon: A History, 600–2011. New York: Oxford University Press. ISBN:978-0-19-518-111-1. مؤرشف من الأصل في 2023-09-16.
  • Salibi، Kamal (يونيو 1967). "Northern Lebanon under the Dominance of Ġazīr (1517–1591)". Arabica. ج. 14 ع. 2: 144–166. DOI:10.1163/157005867X00029. JSTOR:4055631.
  • Winter، Stefan (2010). The Shiites of Lebanon under Ottoman Rule, 1516–1788. Cambridge University Press. ISBN:9781139486811. مؤرشف من الأصل في 2023-04-17.

وصلات خارجية

Read other articles:

Diócesis de Sigüenza-Guadalajara Dioecesis Seguntina-Guadalaiaren(sis) (en latín) Escudo de la diócesis Catedral de Santa MaríaInformación generalIglesia católicaIglesia sui iuris latinaRito romanoSufragánea de archidiócesis de ToledoPatronazgo Nuestra Señora de la AsunciónFecha de erección Siglo IV? (como Diócesis)SedeCatedral de Santa MaríaCiudad sede SigüenzaDivisión administrativa comunidad autónoma de Castilla-La ManchaPaís España EspañaConcatedral de Santa ...

 

ФіліппНародився 4 століття до н. е.Помер 318 до н. е.Діяльність губернаторПосада сатрап Філіпп (дав.-гр. Φιλιππoς ; страчений в 318 до н. е.) — македонський воєначальник, сатрап Согдіани, а потім Парфії Карта поділу імперії Ахеменідів на сатрапії Біографія Очевидно,

 

Piotr Gojniković Władca Serbii Okres od ok. 892do ok. 917 Poprzednik Pribisław Następca Paweł Branović Dane biograficzne Dynastia Wyszesławice Ojciec Gojnik {{Władca infobox}} Przestarzałe pola: tytulatura. Piotr Gojniković (serb.: Петар Гојниковић, Petar Gojniković) – książę serbski panujący od około 892 do 917 roku. Piotr był synem Gojnika, którego po 870 roku zwycięski brat Muncimir odesłał do Bułgarii jako zakładnika. Gojnik wraz...

1833 Maine gubernatorial election ← 1832 September 9, 1833 1834 →   Nominee Robert P. Dunlap Daniel Goodenow Samuel E. Smith Party Democratic National Republican Independent Democrat Popular vote 25,731 18,112 3,024 Percentage 52.14% 36.70% 6.13% Governor before election Samuel E. Smith Democratic Elected Governor Robert P. Dunlap Democratic The 1833 Maine gubernatorial election took place on September 9, 1833. Incumbent Democratic Governor Samuel E. Smith was ...

 

James T. Conway Información personalNacimiento 26 de diciembre de 1947 (75 años)Walnut Ridge (Estados Unidos) Nacionalidad EstadounidenseEducaciónEducado en Roosevelt High SchoolSoutheast Missouri State University Información profesionalOcupación Oficial militar Cargos ocupados Comandante del Cuerpo de Marines (2006-2010) Lealtad Estados Unidos Rama militar Cuerpo de Marines de Estados UnidosMandos I Fuerza Expedicionaria de Marina1.ª División de MarinaRango militar GeneralConflic...

 

يفتقر محتوى هذه المقالة إلى الاستشهاد بمصادر. فضلاً، ساهم في تطوير هذه المقالة من خلال إضافة مصادر موثوق بها. أي معلومات غير موثقة يمكن التشكيك بها وإزالتها. (ديسمبر 2018) سجل الميداليات إسبانيا كرة القدم داخل الصالات - سيدات منافس من  إسبانيا بطولة العالم برونزية إسبانيا 20...

BulimbaGeneral informationLocationOxford Street, BulimbaCoordinates27°27′01″S 153°03′08″E / 27.4503°S 153.0522°E / -27.4503; 153.0522Owned byBrisbane City CouncilOperated byRiverCity FerriesPlatforms1ConstructionAccessibleYesOther informationStation code317584Fare zonego card 1HistoryOpened1922Rebuilt2014Services Preceding wharf RiverCity Ferries Following wharf Hawthornetowards UQ St Lucia CityCat Teneriffetowards Northshore Hamilton Terminus Cross River F...

 

Brazilian mixed martial artist In this Portuguese name, the first or maternal family name is da Costa and the second or paternal family name is Andrade. Jéssica AndradeJéssica Andrade interviewed at UFC 228 in Dallas, Texas, in September 2018Born (1991-09-25) September 25, 1991 (age 32)Umuarama, Paraná, BrazilNicknameBate EstacaHeight5 ft 2 in (157 cm)Weight115 lb (52 kg; 8 st 3 lb)DivisionStrawweight (2016–2020, 2022–present) Flyweight (2020...

 

Taiwanese television series Someday or One DayPromotional PosterAlso known as KR: 상견니 JP: 時をかける愛 Traditional Chinese想見你Hanyu PinyinXiǎng Jiàn Nǐ Genre Romance Comedy Time travel Inference Suspense Thriller Mystery Written by Chien Chi-feng (簡奇峯) Lin Hsin-hui (林欣慧) Directed byHuang Tien-jen (黃天仁)Starring Ko Chia-yen Greg Han Patrick Shih Theme music composer Wu Chia-hsiang (吳嘉祥) Lin Kuo-kai (林國凱) Hsu Chi-yang (徐啟洋) Chen Jen-sh...

謝爾蓋·弗拉基米羅維奇·亞斯特列任布斯基 謝爾蓋·弗拉基米羅維奇·亞斯特列任布斯基(俄語:Сергей Владимирович Ястржембский,波蘭語:Siergiej Władimirowicz Jastrzębski,拉丁轉寫:Sergey Vladimirovich Yastrzhembsky),1953年12月4日—),生於莫斯科的波蘭家庭,俄羅斯聯邦政治人物、外交家。1976年畢業於莫斯科國立國際關係學院。 參考來源 外部連結 维基共享资源...

 

Electronic Delay Storage Automatic Calculator (EDSAC)EDSAC I pada Juni 1948PengembangMaurice Wilkes dan rekannya di Laboratorium Matematika Universias CambridgePembuatUniversitas CambridgeGenerasi1Tanggal rilis6 Mei 1949; 74 tahun lalu (1949-05-06)Ketersediaan eceran1949–1958DihentikanYaTerkirimkan1Sistem operasiTidak adaTenaga11 kWCPUTabung elektron deratingMemori512 17-bit kata, ditingkatkan pada tahun 1952 menjadi 1024 17-bit kataKompatibilitasbalikTidak adaPenerusEDSAC 2 dan LEO IA...

 

Il mito della nascita di Eros è un mito platonico presente all'interno del Simposio di Platone[1][2]. Indice 1 L'eros prima di Platone 1.1 L'eros per i greci 1.2 Eros come divinità 2 Il dialogo 2.1 La natura dell'amore 2.2 L'origine di Amore e le sue caratteristiche 3 La procreazione nel corpo e nell'anima 4 Figure e simbolismi 5 Note L'eros prima di Platone L'eros per i greci Lo stesso argomento in dettaglio: Esiodo e Lirici greci. Come nota George M. A. Hanfmann &#...

Pour les articles homonymes, voir Second maître. Second-maître Armée  Marine nationale Statut Officier marinier Abréviation SM Appellation « Second maître » ou « Chef » Code OTAN OR-5 Équivalence Sergent Quartier-maitre de 1re classe Maître modifier  Un second maitre timonier prend un relèvement avec une alidade. Le grade de second maître[a] est le premier grade du corps des officiers mariniers de la Marine française. Il correspond au grade de serge...

 

Head of government of a state or union territory in India Chief Minister of States and Union Territories of IndiaEmblem of IndiaFlag of IndiaStyle Honourable (Inside India) His/Her Excellency (Outside India) TypeHead of State GovernmentAbbreviationCMMember ofState legislature of that stateReports to Governor legislative assembly ResidenceRespective state capitalsNominatorMembers of legislative assemblyAppointerThe Governorby convention, based on appointee's ability to command confidence in th...

 

American insurance company Genworth Financial, Inc.TypePublicTraded asNYSE: GNW[1] (Class A)S&P 600 ComponentIndustryFinancial servicesFoundedOctober 23, 2003; 20 years ago (2003-10-23)HeadquartersHenrico County, Virginia, United StatesKey peopleTom McInerney (CEO)ProductsLong-term care insurance[2] Life Insurance[3]AnnuitiesMortgage insuranceRevenue US$7.507 billion (2022)Net income US$609 million (2022)Total assets US$86.442 billion (2022)T...

OverlordGambar sampul novel ringan volume pertamaオーバーロード(Ōbārōdo)GenreFantasi gelap,[1] isekai[2] Seri novelPengarangKugane MaruyamaPenerbitArkadiaShōsetsuka ni NarōTerbit2010 – sekarang Novel ringanPengarangKugane MaruyamaIlustratorso-binPenerbitEnterbrainPenerbit bahasa InggrisNA Yen PressDemografiPriaTerbit30 Juli 2012 – sekarangVolume16 (Daftar volume) MangaPengarangSatoshi ŌshioIlustratorHugin MiyamaPenerbitKadokawa ShotenPenerbit bahasa InggrisNA ...

 

Radio station in Fort Walton Beach, FloridaWKSMFort Walton Beach, FloridaBroadcast areaEmerald CoastFrequency99.5 MHzBranding99 RockProgrammingFormatMainstream rockOwnershipOwnerCumulus Media(Cumulus Licensing LLC)Sister stationsWFTW, WNCV, WYZB, WZNSHistoryFirst air dateMay 28, 1965; 58 years ago (1965-05-28) (as WFTW-FM at 99.3)Former call signsWFTW-FM (1965-1978)WFTW (1978-1979)WFTW-FM (1979-1988)Former frequencies99.3 MHz (1965-1994)Technical informationFacility ID27467C...

 

Recording KingProduct typeMusical instrumentsOwnerMusic Link Corporation (c. 2010–)[1]CountryUnited StatesIntroduced1930s [2]Discontinued1939 (1940); then revived in 2007MarketsWorldwide [3]Previous ownersMontgomery Ward (1930s)Registered as a trademark in12 April 2011 (latest), United States [1]Websiterecordingking.com 1940 Recording King archtop by GibsonRecording King Tricone (after 2007)Singer songwriter Caitlin Canty writes and plays her songs with ...

2013 American filmExposedFilm posterDirected byBeth BStarringJulie Atlas MuzMat FraserBunny LoveDirty MartiniJames HabackerBambi the MermaidRose WoodRelease date February 8, 2013 (2013-02-08) (Berlin)[1] CountryUnited StatesLanguageEnglish Exposed is a 2013 American documentary film directed by Beth B.[2][3][4][5] The film premiered in the Panorama portion of the 2013 Berlin International Film Festival.[1] Synopsis American do...

 

Administrative subdivisions formed in 2009 You can help expand this article with text translated from the corresponding article in Finnish. (June 2023) Click [show] for important translation instructions. Machine translation, like DeepL or Google Translate, is a useful starting point for translations, but translators must revise errors as necessary and confirm that the translation is accurate, rather than simply copy-pasting machine-translated text into the English Wikipedia. Do not tran...

 

Strategi Solo vs Squad di Free Fire: Cara Menang Mudah!