نوبة الصرع (بالإنجليزية: Epileptic seizure أو fit)، هي فترة من الأعراض الناجمة عن النشاط العصبوني المفرط أو التزامني الشاذ في الدماغ.[1] تتراوح التأثيرات الظاهرية من الحركات الاهتزازية غير الإرادية الشاملة لمعظم الجسم مع فقدان الوعي (نوبة توترية رمعية)، مرورًا بالحركات الاهتزازية المنحصرة في جزء واحد من الجسم مع مستويات مختلفة من الوعي (نوبة بؤرية) ووصولًا إلى الفقدان اللحظي الدقيق للوعي (نوبة صرعية مصحوبة بغيبة).[2] لا تزيد مدة هذه النوبات في غالبية الأحيان عن دقيقتين، ويتطلب المصاب بعض الوقت للعودة إلى الحالة الطبيعية.[3][4] قد يفقد المصاب أيضًا القدرة على التحكم في المثانة.[2]
قد تحدث النوبات نتيجة محرض ما أو دون تحريض.[1] تنجم النوبات المحرضة عن حدث مؤقت مثل نقص سكر الدم، أو الانسحاب الكحولي، أو تعاطي الكحول المترافق مع الأدوية الموصوفة، أو نقص صوديوم الدم، أو الحمى، أو التهاب الدماغ أو ارتجاج الدماغ.[1][2] تحدث النوبات غير المحرضة دون وجود سبب معروف أو ثابت إذ من المرجح حدوث نوبات مستمرة.[1][2][3][5] قد تتفاقم النوبات غير المحرضة نتيجة التوتر أو الحرمان من النوم.[2] يصف الصرع المرض الدماغي المترافق مع نوبة غير محرضة واحدة على الأقل مع وجود خطر مرتفع للإصابة بنوبات إضافية في المستقبل.[1] تشمل الحالات التي تتشابه مع النوبات الصرعية لكنها لا تُعتبر منها: الإغماء، والنوبات النفسية غير الصرعية والرعاش.[2]
تُعتبر النوبة المستمرة بعد مرور فترة وجيزة حالة طوارئ طبية.[6] يجب التعامل مع أي نوبة مستمرة لفترة أطول من 5 دقائق كحالة صرعية.[4] لا تطلب النوبة الأولى عمومًا علاجات طويلة الأمد باستخدام الأدوية المضادة للنوبات إلا عند وجود مشكلة معينة في تخطيط كهربية الدماغ (إي إي جي) أو تصوير الدماغ.[5] نموذجيًا، يمكن متابعة مريض النوبة الواحدة كمريض خارجي بشكل آمن.[2] قد تبدو نوبة ما على أنها النوبة الأولى لدى الكثيرين على الرغم من حدوث نوبات طفيفة في السابق.[7]
تصل نسبة الأشخاص المصابين بنوبة صرعية واحدة على الأقل إلى 10%.[3][8] تحدث النوبات المحرضة لدى ما يقارب 3.5 لكل 10,000 شخص سنويًا، بينما تحدث النوبات غير المحرضة لدى ما يقارب 4.2 لكل 10,000 شخص سنويًا. تصل نسبة الإصابة بنوبة أخرى بعد النوبة الأولى إلى 50%.[9] يصيب الصرع 1% تقريبًا من سكان العالم في أي وقت[8] مع إصابة 4% من سكان العالم في مرحلة ما من الزمن.[5] تتطلب العديد من الأماكن من المصابين التوقف عن القيادة حتى مرور فترة معينة من الزمن دون اختبار أي نوبة.[3]
تختلف علامات النوبة وأعراضها بالاعتماد على نوعها.[10] يُوصف النوع الأكثر شيوعًا ونمطية للنوبات بالنوع الاختلاجي (60%)، الذي يُطلق عليه عادة اسم النوبة التوترية الرمعية.[11] يبدأ ثلثا هذه النوبات كنوبات بؤرية لتتطور إلى نوبات توترية رمعية.[11] يمثل 40% من النوبات المتبقية نوبات غير اختلاجية، مثل النوبة الصرعية المصحوبة بالغيبة.[12] يُطلق على النوبة التي تظهر في تصوير «إي إي جي» مع عدم وجود أي أعراض اسم النوبة دون السريرية.[13]
غالبًا ما تبدأ النوبات البؤرية باختبار المصاب لتجارب معينة، إذ تُعرف هذه التجارب باسم الأورة.[10] قد يشمل ذلك كلًا من الظواهر الحسية (بما في ذلك البصرية، والسمعية وإلخ)، أو المعرفية، أو المستقلية، أو الشمية أو الحركية.[14]
قد يظهر المريض مرتبكًا أو مذهولًا أثناء النوبة الجزئية المركبة وقد يفشل في الإجابة على الأسئلة أو الاتجاهات.[14]
قد يبدأ نشاط النفضات في مجموعة عضلية معينة لينتشر منها إلى المجموعات العضلية المحيطة – ما يُعرف باسم مسيرة جاكسونيان.[15] يمكن حدوث بعض الأنشطة غير المعتادة الناشئة بشكل غير واع.[15] تُعرف مثل هذه الأنشطة باسم السلوكيات التلقائية التي تشمل نشاطات بسيطة مثل صفع الشفاه أو نشاطات معقدة أكثر مثل محاولة التقاط شيء ما.[15]
يوجد ستة أنواع رئيسية للنوبات المعممة: نوبات توترية رمعية، وتوترية، ورمعية، ورمعية عضلية، ومصحوبة بغيبة وونائية.[16] تشمل جميع هذه الأنواع فقدان الوعي وتحدث نموذجيًا دون إنذار سابق.[17]
قد تستمر النوبة لمدة متراوحة بين ثوان قليلة وأكثر من خمس دقائق، إذ تُعرف عند وصولها إلى هذه المرحلة باسم الحالة الصرعية.[18] تستغرق معظم النوبات التوترية الرمعية فترة أقل من دقيقتين إلى ثلاث دقائق.[18] غالبًا ما تستمر النوبات المصحوبة بغيبة لمدة 10 ثوانٍ تقريبًا.[12]
بعد انتهاء الجزء النشط من النوبة، يختبر المصاب نموذجيًا فترة من الارتباك، التي تُسمى الفترة التالية للنشبة، قبل استعادة المستوى الطبيعي للوعي.[10] تستمر هذه الفترة 3-15 دقيقة،[19] إلا أنها قد تستمر في بعض الحالات لساعات. تشمل الأعراض الشائعة الأخرى: الشعور بالتعب، والصداع، وصعوبة الكلام والسلوك غير الطبيعي.[20] يُعتبر حدوث الذهان بعد النوبة أمرًا شائعًا نسبيًا، إذ يحدث لدى 6-10% من المصابين.[21] غالبًا ما ينسى المصابون ما حدث خلال هذه الفترة.[20]
تحدث النوبات جراء أسباب عديدة. يعاني 25% من مرضى النوبات من الصرع.[22] يرتبط عدد من الحالات غير الصرعية مع تطور النوبات بما في ذلك: معظم النوبات الحموية وتلك الناتجة عن الإنتان الحاد، أو السكتة القلبية أو السمية.[23] تُعرف هذه النوبات باسم النوبات «العرضية الحادة» أو «المحرضة» وتشكل جزءًا من الاضطرابات المرتبطة بالنوبات.[23] يبقى سبب الكثير من النوبات مجهولًا.
تختلف أسباب النوبات الشائعة باختلاف الفئات العمرية.
قد يحرض التجفاف الشديد حدوث النوبات.[27] قد يسبب عدد من الاضطرابات المختلفة حدوث النوبات بما في ذلك: نقص سكر الدم، ونقص صوديوم الدم، وحالة فرط الأسمولية مع فرط سكر الدم، وفرط صوديوم الدم، ونقص كالسيوم الدم ومستويات تبلون الدم المرتفعة. قد تنتج النوبات أيضًا عن الاعتلال الدماغي الكبدي والاضطراب الوراثي البرفيريا.[17]
تسبب الأدوية والجرعات الزائدة على حد سواء النوبات، إلى جانب بعض الأدوية المعينة والأعراض الانسحابية.[17] تشمل الأدوية الشائعة: مضادات الاكتئاب، ومضادات الذهان، والكوكايين، والإنسولين، والمخدر الموضعي الليدوكائين.[17] تحدث صعوبات في النوبات الانسحابية بشكل شائع بعد تعاطي الكحول أو المهدئات المطول، إذ تُعرف هذه الحالة باسم الهذيان الارتعاشي.[17]
يمكن للتوتر تحريض النوبات لدى الأشخاص المصابين بالصرع، بالإضافة إلى اعتباره عامل خطر لتطوير الصرع. تساهم الشدة والمدة الزمنية والوقت الذي يحدث فيه التوتر خلال التطور في قابلية تطور الصرع وتكراريته. يُعتبر التوتر أحد أكثر محرضات الصرع المبلغ عنها ذاتيًا لدى مرضى الصرع.[32][33]
يؤدي التعرض إلى التوتر إلى تحرير الهرمونات التي تتوسط تأثيره في الدماغ. تعمل هذه الهرمونات على كل من المشابك العصبية التحفيزية والتثبيطية، ما يسبب فرط استثارية في عصبونات الدماغ. يُعد الحصين بدوره منطقة عالية الحساسية للتوتر وعرضة للنوبات. تتفاعل العوامل المتوسطة للتوتر في هذه المنطقة مع المستقبلات المستهدفة لإنتاج التأثيرات.[34]
قد تحدث النوبات نتيجة ارتفاع ضغط الدم، إذ يُعرف هذا باسم الاعتلال الدماغي بارتفاع ضغط الدم، أو نتيجة الحمل عند حدوث الإرجاج بالترافق مع النوبات أو انخفاض مستوى الوعي.[17] تمثل حرارة الجسم شديدة الارتفاع بدورها إحدى الأسباب المحتملة. يتطلب ذلك نموذجيًا حرارة أكبر من 42 °C (107.6 °F).[17]