المناظرة هي نوع مرتب أو رسمي من المناقشة وتختلف المناظرة عن المناقشة المنطقية التي تدور إثبات الحقيقة كما تختلف عن الجدل المعتمد على البلاغة والإقناع، فالمناظرة وإن اعتمد النقاش المنطقي وشيء من العاطفة فهو ينجح ويثبت نفسه عند متابعيه بحسب قوة السياق وخطة الحوار المتقنة ومرونتها.[1][2][3]
وتهدف دراسة فن الحوار لجعل الشخص متمكناً من موقفه بسهولة. وقد لا يهدف الحوار لإثبات أمور سياسية أو اقتصادية بل لكل نوع من التنافس العام بغرض تنمية المهارات في المدارس والجامعات.
إذا نستطيع أن نسمي الحوار الهادف لاستخراج الحقيقة نقاشاً. والنقاش له آداب وضوابط من أهمها: النقاش مع المخالفين بخلق رفيع وتقبل أرائهم بسعة صدر دون انزعاج ممن يخالفنا الرأي، بل باحترام الرأي والرأي الآخر، فليس المقصود بالنقاش التغلب على الآخرين أو إفحامهم. بقدر ما هو سعيٌ دؤوب وراء الحقيقة، فالغاية من النقاش اثبات صحة الفكرة وليس اثبات الذات.
المناظرة في اللغة مأخوذة من النظير أو من النظر بمعنى الإبصار أو الانتظار وفي الاصطلاح هي النظر بالبصيرة من الجانبين المعلل والسائل بغرض إظهار الصواب. وعلم المناظرة علم عربي أصيل يختص بدراسة الفعالية التناظرية الحوارية من خلال تقعيد قواعدها المنطقية وشروطها الأخلاقية بقصد تطوير أسلوب المباحثة التي تتم بين طرفين يسعيان إلى إصابة الحق في ميدان من ميادين المعرفة، حيث يواجه كل طرف الطرف الآخر بدعوى يدعيها ويسندها بجملة من الأدلة المناسبة، يواجهها في ذلك اعتراضات الخصم.
إن الجذر من ناقش يناقش مناقشة أو نقاشاً هو: نقش وقد ورد في أساس البلاغة ما يلي: يقال: ثوب منقوش ومنقّش. ونقش في خاتمة كذا، وفيه نقش ونقوش. وانتقش الرجل على فصّه: أمر أن ينقش عليه. تقول: اضطربت خاتماً وانتقشت على فصّه. ونقَش الشوكة وانتقشها: استخرجها. ونقش الشّعر بالمنقاش: نتفه بالمنتاف. وناقشه الحساب وفي الحساب. وعن عائشة بنت أبي بكر «من نوقش الحساب عذّب». ومن المجاز: استخرجت منه حقي بالمناقيش إذا تعبت في استخراجه. وانتقش منه حّقه. وإذا تخيّر الرجل رجلاً لنفسه قالوا: جاد ما انتقشه لنفسه. ونقش الرحى: نقرها.
قال يوسف ابن الإمام ابن الجوزي: "وأول ما تجب البداية به حسن القصد في إظهار الحق".[4]
وقال الخطيب البغدادي: "ويخلص النية في جداله؛ بأن يبتغي به وجه الله".[5]
وقال إمام الحرمين الجويني: "وعليك المحافظة على قدرك، وقدر خصمك، وإنزال كل أحد في وجه كلامك معه درجته ومنزلته، فتميز بين النظير، وبين والمسترشد، وبين الأستاذ".[8]
قال الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل:125].
قال أبو إسحاق الشاطبي في فوائد المجادلة بالحسنى واللين والرفق: "لأن ذلك أدعى إلى القبول وترك العناد، وإطفاء نار العصبية".[9]
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: "ينبغي لمن ناظر غيره أن يؤسس الأسس التي يتفق عليها المتناظران، ثم إذا حصل الاتفاق وتم الالتئام، انتقل منه إلى المواضع المختلف فيها بلطف وهدوء".[10]
وتكون المناظرات أو الحوارات الرسمية ذات قواعد محددة تسمح بتوزيع الأوقات وتفاعل المتحاورين وتفاعل الجمهور أحياناً، فمثلاً في سلسلة حوارية طبعتها دار الفكر «حوارات لقرن جديد» يكتب كلا المتحاورين بحثاً عن موضوع بعدد صفحات معين ثم يعطي البحث للمحاور الآخر ويطلب منه كتابة رد بعدد صفحات أقل وتنشر النصوص الأربعة، أما في برنامج مناظرات الدوحة التي تجريه قناة BBC فعلى الأغلب يستدعى أربعة أشخاص وجمهور متنوع ويقوم مدير الحوار بتوزيع الوقت بين المتحاورين والجمهور حسب القضية المحددة ويسمح ببعض الاستثناءات اللازمة لإحكام الأفكار أو مناقشتها من الطرف الثاني، وفي أدبيات الحضارة العربية الإسلامية كتابات كثيرة عن أدب الحوار وتقنياته ومنها «الفنقلة» وهي استباق رأي الخصم بعبارة «فإن قلت كذا قلنا كذا».
في المناظرات التنافسية، تتنافس الفرق ضد بعضها ويُقيّم الفائز من خلال قائمة من المعايير التي تستند عادةً إلى مفاهيم «المحتوى والأسلوب والاستراتيجية».[14] هناك العديد من الأساليب والمنظمات والقواعد المختلفة للمناظرة التنافسية.
يحدث الجدال التنافسي على المستوى المحلي والوطني والدولي.[15]
في المدارس والكليات، غالبًا ما تأخذ المناظرة التنافسية شكل مسابقة ذات قواعد واضحة. ويمكن أن يرأسها مُحكّم أو أكثر من المحكّمين. يسعى كل من الطرفين للفوز ضد الآخر مع اتباع القواعد. عادةً ما يكون أحد الأطراف يوافق (يُعرف أيضًا باسم «مع» أو «إيجابي» أو «مؤيد») أو يعارض (يُعرف أيضًا باسم «ضد» أو «سلبي» أو «معارض») لبيان أو اقتراح أو جدال أو قرار. يجب على الجانب «مع» توضيح النقاط التي تدعم الاقتراح؛ يجب على الجانب «ضد» دحض هذه الحجج بما فيه الكفاية لتكذيب الطرف الآخر. لا يُطلب من الجانب «ضد» اقتراح بديل ولكن يجب عليه إثبات نفيه إذا لم يكن هناك موقف آخر ممكن. على سبيل المثال، دعنا نقول إن قيمة «إكس» هي قيمة منطقية تحمل إحدى القيمتين فقط. إذا كان الجانب «مع» يقول إن إكس صحيحة، فيجب أن يقول الجانب «ضد» أن إكس خاطئة. لا يمكن للجانب «ضد» أن يقول ببساطة «أنا غير مقتنع بأن إكس صحيحة» إذا كان كلاهما يريد الجدال حول ذلك. يتعين على الطرفين تبني مواقفهما والدفاع عنها. خلاف ذلك، فهو ليس جدالًا، بل مجرد مناقشة للجدل حيث يحاول أحد الأطراف فقط إقناع الجانب الآخر أو المستمعين الآخرين بموقفه.
الخطاب الارتجالي هو أسلوب لا يتضمن أي تخطيط مسبقًا، وفريقين لكل منهما متحدث أول وثاني. في حين أن غالبية الحكّام سوف يسمحون للمناظرين بالاستشهاد بالأحداث الجارية والإحصائيات المختلفة (التي قد يشك الخصم في مصداقيتها)، فإن البحث الوحيد المسموح به هو مقال أو أكثر من المقالات المقدمة للمناظرين إلى جانب القرار قبل المناظرة بفترة وجيزة. تبدأ هذه المناظرة بخطاب إيجابي بنّاء من المتحدث الأول، متبوعة بخطاب سلبي؛ ثم خطاب إيجابي ثم سلبي للمتحدث الثاني على التوالي. مدة كل خطاب سابق ست دقائق، وتليها دقيقتان من الاستجواب الشامل. ثم، هناك دحض لإيجابي وسلبي المتحدث الأول، ودحض للمتكلم الثاني السلبي والإيجابي، على التوالي. هذه الخطب تستغرق كل منها أربع دقائق. لا يمكن طرح أي نقاط جديدة في الجدال خلال عمليات النقض.
يركز نمط المناظرة هذه عمومًا على ثلاثة ادعاءات رئيسية، رغم أن الفريق يمكنه أحيانًا استخدام اثنين أو أربعة. من أجل أن يفوز الجانب الإيجابي، يجب هزيمة جميع الادعاءات السلبية، ويجب ترك جميع الادعاءات الإيجابية قائمة. يجب ربط معظم المعلومات المقدمة في النقاش لدعم أحد هذه الادعاءات أو «وضع إشارة». يتشابه الخطاب الارتجالي كثيرًا مع الأشكال المعروفة باسم مناظرة السياسة العامة ومناظرة الكونغرس. ومع ذلك، فإن أحد الاختلافات الرئيسية بين الاثنين هو أن الخطاب الارتجالي يركز بشكل أقل على تنفيذ القرار. أيضًا، يُنظر إلى الخطاب الارتجالي في المزيد من المجالات، خاصة في الولايات المتحدة، كشكل من أشكال الخطاب، والذي يعتبر منفصلًا عن المناظرة، أو في حد ذاته شكلًا من أشكال المناظرة مع عدة أنواع من الأحداث.
المناظرة بأسلوب أكسفورد، المستمد من مجتمع المناظرة لاتحاد أكسفورد في جامعة أكسفورد، هي شكل من أشكال المناظرة التنافسية يتميز باقتراح محدد بشكل واضح يقترحه أحد الأطراف ويعارضه الطرف الآخر. يُعلن عن الفائز في المناظرة بأسلوب أكسفورد إما بتصويت الأغلبية أو أي فريق استطاع التأثير بشكل أكبر على الجمهور بين التصويتين. تتبع المناظرات حسب أسلوب أكسفورد هيكلية رسمية تبدأ بالجمهور الذين يدلون بأصواتهم قبل المناظرة على اقتراح إما مؤيد أو معارَض أو لم يقررون بعد. يقدم كل مشارك كلمة افتتاحية مدتها سبع دقائق، وبعدها يأخذ المشرف أسئلة من الجمهور مع تحديات بين الفريقين. أخيرًا، يقدم كل مشارك حجة ختامية مدتها دقيقتان، ويقدم الجمهور تصويتهم الثاني (والأخير) للمقارنة مع الأول.[16][17][18]
مع تزايد شعبية الإنترنت وتوافره، تبرز الآراء المختلفة بشكل متكرر. غالبًا ما يُعبّر عنها عبر المضايقة والأشكال الأخرى من الجدال، والتي تتكون أساسًا من التأكيدات، إلا أن مواقع المناظرة الرسمية موجودة. يختلف أسلوب المناظرة من موقع إلى آخر، مع تطور المجتمعات والثقافات المحلية. تعمل بعض المواقع على الترويج لإثارة الخلاف والذي يمكن أن يشابه «المضايقة» (الإهانة الشخصية لخصمك، والمعروفة أيضًا بنوع من مغالطة الشخصنة)، بينما تقوم مواقع أخرى بضبط هذه الأنشطة بشكل صارم وتشجع بقوة على البحث المستقل والحجج الأكثر تنظيمًا.
تعمل مجموعات القواعد على مواقع مختلفة عادةً على تنفيذ أو إنشاء الثقافة التي يتصورها مالك الموقع، أو في بعض المجتمعات الأكثر انفتاحًا، المجتمع نفسه. تُضبط عبر محتوى المنشور وأسلوبه وبنيته إلى جانب الاستخدام المتكرر لأنظمة «المكافآت» (مثل السمعة والألقاب وأذونات المنتدى) للترويج للأنشطة التي يُنظر إليها على أنها مثمرة مع عدم تشجيع الإجراءات غير المرحب بها. تختلف هذه الثقافات بما فيه الكفاية بحيث يمكن لمعظم الأنماط العثور على مكانة. تمارس بعض مجتمعات ومنتديات المناظرة عبر الإنترنت مناقشة السياسة عبر رفع الخطابات وعدد الكلمات المحددة مسبقًا لتمثيل الحدود الزمنية الموجودة في المناظرة الواقعية. تتميز هذه المناظرات الافتراضية عادة بفترات طويلة من الوقت التحضيري النظري، بالإضافة إلى القدرة على البحث أثناء الجولة.[19]
في الأصل كانت معظم مواقع المناظرة أكثر بقليل من لوحات نشرات أونلاين. منذ ذلك الحين أصبح التطوير الخاص بالموقع شائعًا بشكل متزايد في تيسير أساليب المناظرة المختلفة.
ومن البيئات التي يشيع فيها الحوار المجالس النيابية والهيئات التشريعية ودور القضاء ومجالس الإدارات. إن الحكم على نتائج الحوار يقررها إما تصويت الجمهور كما في برنامج الوسطية للداعية الإسلامي والمدرب القيادي الكويتي طارق السويدان أو مناظرات الدوحة لمحطة بي بي سي، أو يقررها الحكام بشكل يشبه ما يتم في دور القضاء بعد ترافع كل طرف بحجته، أو بمزيج من الاثنين كما في القضاء المعتمد على المحلفين. والسبب الكامن لمشاركة الجمهور في تقرير النتيجة هو بدهية أن الحقائق تعتمد على إجماع العقلاء والخبراء، وتشيع المناظرات العامة كتقليد عام في ممارسات الانتخابات في بعض البلدان.
رغم أن الحوار وسيلة حضارية لحل المشكلات وتوضيح الأفكار؛ فإنه بحسب طبيعة الجدل المكتنفة فيه قد يوقع المتحاورين في سلبيات وتزيد بعد الموقف بينهما بدل تقريبه وقد رصد مؤلف كتاب إحياء علوم الدين هذه السلبيات الأخلاقية (كتاب صدر في القرن العاشر) وأكد أن المناظرة لغاية إفحام الخصم وإظهار الأفضلية واستمالة الجماهير من أسوأ التوجهات الأخلاقية السلبية عند الإنسان وسوف تثمر عنده مما يلي:
من أشهر المراجع الغربية في قضية إدارة الحوار والمناظرات قواعد النظام لروبرت والكتاب متوفر بنسخته الكاملة على الويب بطبعة 1915 كما يتوفر جدول قواعد روبرت النظامية على الإنترنت وطبع مركز دراسات الوحدة العربية نسخة مترجمة بعنوان قواعد النظام الديمقراطية، أما المراجع باللغة العربية فيوجد العديد منها بعضها قديم مثل كتاب الكافية في الجدل لمؤلفه أبو المعالي الجويني، وتوجد عدة عناوين حديثة في الموضوع.
Typically, judges decide how persuasive debaters have been through three key criteria: Content: What we say and the arguments and examples we use. Style: How we say it and the language and voice we use. Strategy: How well we engage with the topic, respond to other people's arguments and structure what we say.
{{استشهاد ويب}}
|تاريخ الوصول=