اللباس التقليدي السوري أو الأزياء السورية جزء من ثقافة الشعب السوري وتراثه الشعبي على امتداد تواجده في سوريا.
الأزياء
تتألف الأزياء التقليدية للرجال في سوريا من سروال قماشي يدعى في اللهجة العامية «شروال»، وفي القسم العلوي من الجسم قميص يعلوه صدرية مع حطّة يعصب بها الرأس وهو الشماخ أو الكوفية[؟]، وغالبًا ما كان الزي التقليدي للرجال يترافق مع شبرية أو قطعة من السلاح. استبدلت الحطة تدريجيًا بالطربوش بالنسبة لكبار السن والمتعلمين، كما يمكن استبدال السروال والقميص بجلابية هي عبارة عن رداء طويل مخيط.
أما المرأة، فاللباس التقليدي يتألف من عباءة طويلة داكنة اللون بالنسبة للسيدات وزاهية بالنسبة للفتيات، وتزيّن غالبًا بأقراط ذهبية أو فضية أو يطرز بعضها، مع وشاح يعصب الرأس.[1][2] ترك الرحالة، والمؤرخين كثيرًا من الوصوف للزي التقليدي:[3]
كانت مضيفتي الفاتنة، تلبس ثوب العيد الطويل الحريري المرقش، ذا اللونين الأخضروالأحمر، أما أكمامها الواسعة شفافة تكشف عن ساعدين متسقين، وكان يحيط خضرها حزام من المخمل المزخرف بصفائح معدنية، وكرات صغيرة مجدولة، تنزلق ثم ترتاح على وركيها.
في البادية والأرياف السورية، حافظ الناس على اللباس العربي التقليدي الذي يعكس التراث والأصالة في تلك المناطق. يرتدي الرجال الثوب، إضافةً إلى الفروة المصنوعة من الفرو والصوف في المناطق الباردة، مثل بعض مناطق القلمون السوري وريف إدلب وحلب. ويكملون الزي بارتداء البشت، وهو عباءة واسعة تُلبس فوق الثوب وتضفي هيبة وجمالاً، بالإضافة إلى الحطة أو الغترة أو الشماغ على الرأس، ويُثبت باستخدام العقال الذي يمنح الثبات للغطاء ويضفي طابعاً تقليدياً. تشكل هذه العناصر جزءاً من التراث الذي توارثته الأجيال في تلك المناطق. غالب أزياء السوريين في المدينة كما في الريف، ومنذ النصف الثاني للقرن العشرين، باتت أزياء غربية كسراويل الجينز وسواها. ومع ذلك ما زال الكثير من السوريين محافظون على لباسهم التقليدي.[4]
نبذة تاريخية
الازياء الشعبية النسائية الدمشقية للأزياء التراثة لغة تحمل خصوصية السوريين وطبيعتهم إضافة إلى أنها تشكل تعبيراً عن أوضاعهما لاجتماعية وتظهر مهارة ورفعة ذوق صانعيها في انتقاء ألوانها وزخارفها المرتبطة إلى حد بعيد بالمعتقدات الشعبية. وترجع أجزاء كثيرة من ثياب المرأة السورية الريفية التقليدية إلى روائع تصاميم أزياء الملوك القدامى الذين عاشوا في دمشق أو تدمر وأفامياوايبلا واوأوغاريت وهي رصينة قليلة التغير لا تقبل التحوير حرصاًمن مرتديها في المحافظة على أصالتها التاريخية.وتتميز كل منطقة بأزياء خاصة بها ففي دمشق تتنوع ملابس النساء التراثية حيث كانت المرأة ترتدي لباس الرأس ويسمى البخنق وهي عبارة عن برقع صغير يغطي الرأس والخمار وهو من أغطية الرأس يغطي الرأس والعنق وجزءاً من الصدر والنقاب الذي تضعه المرأة على وجهها عند خروجها من المنزل يتميز بشيء من الشفافية إضافة إلى الملاءة السوداء والعباءة السوداء الطويلة التي تصل إلى أسفل كعب القدم.والنساء في دمشق حريصات على ارتداءالحلي لتكتمل الصورة الجميلة لهن ومن هذه الحلي العرجة وهي طاقية فضية يتدلى منها شرابات من الفضة تتأرجح على الجبين والقلادة الجردان أو الكردان وهو طوق تضعه المرأة في عنقها مؤلف من عدة سلاسل ذهبية يتدلى منها مخمسات ذهبية وأساور ذهبية
أو فضية ومسكوكات ذهبية من الرشادية والحميدية والعزيزية والإنكليزية والخلخال والحلقوالنطاق الذهبي أو الفضي الذي يلف الخصر وغيرها. وتعد الأزياء الشعبية النسائية السورية جزءاًلايتجزأ من ثقافتنا فهي بقماشها وتفصيلهاوزخارفها تعطي صورة عن هذه الثقافة رغم تراجع تداولها في عصرنا الحالي واستبدالها بأزياءعصرية تأتي من بيوت الأزياء العالمية الزي الشعبي ويعكس الزي السوري الجمال والاشياء على حقيقتها ضمن ألوانها الطبيعية.
الزي الشعبي في حمص
يعد الزي الحمصي أكثر الازياء السورية والازياء العربية تنوعاً عن غيرة من الازياء أهم مكونات ملابس الرجل الحمصي [5] القديم بالقول: «الأزياء الحمصية كثيرة ومتنوعة فهناك «القمباز» العربي الحمصي والذي يلبس على «السروال» الأبيض و«الصدرية» البيضاء أو «الصدرية» المقلّمة، وهي من الحرير النباتي. ويُخلع أثناء العمل أو يوضع عند الخصر «كمر» أو حزام فيرفع القمباز. ويكون من الجوخ الأصلي الذي هو على عدة أنواع كالإنكليزي والصيني والهندي، وأفضل الأنواع الأجواخ الإنكليزية، وهي من الأجواخ الغالية الثمن.
ويوضع مع القمباز البطانة التي يجب أن تكون من الحرير. والقمباز بدأ بالتراجع في الفترة الحالية، فلا
يلبسه إلا الرجال الكبار في السن والمشايخ. كما يختلف القمباز الحمصي عن القمباز الحلبي، الذي يدعى «الركوب»، وهو يختلف من حيث تصميمه وتفصيله، كما يختلف عن القمباز الدمشقي. ونستعمل في القمباز خيوط الحرير«الخرج» التي نستخدمها في تطريز القمباز عند منطقة الصدر وهناك أشكال مختلفة للتطريز».
«هناك «العباءة» التي ما زالت تستخدم حتى الآن، وهي على أنواع وألوان، وأهمها الأسود والأبيض والرمادي والكحلي وهناك العباءة المقصّبة وهناك الحريرية أيضاً، وهذا من حيث الخيط الذي تطرّز به وليس الخيط الذي تحاك منه وتصنع يدوياً أو من خلال الآلات الحديثة، ولكن تبقى العباءة اليدوية صاحبة الكفة الراجحة عند الاختيار. وتلبس فوق القمباز.
وهناك «الصاية» العربية وهي مثل «الجلابية» ولكنها تكون من الحرير النباتي ويلبس عليها الشال، فيرمى على الكتف بشكلٍ عريض، ويكون الشال من «البروكار» كما يوجد أيضاً «المشلح» الذي يوضع فوق «الصاية» بنفس الشكل وبالنسبة للصاية هناك أشكال وألوان وهذه أيضاً لم تعد مطلوبة بكثرة في أسواقنا».
«هناك "الدامر" الذي يلبس فوق الصاية
العربية" وهو يشبه الصدرية ويكون على عدة ألوان بما يتلاءم مع الصاية ويكون مطرّزاً من أسفله بأشكال مختلفة، وبخيوط الحرير، ويطرّز الطوق الذي في أعلى الرقبة والأكمام أيضاً ويأتي "الدامر" على نوعين: إما دامر بأكمام أو دون أكمام. وهناك "الدرّاعة" وهي عبارة عن رداء طويل ذي قماش سميك يدعى "الدُبك"، مبطّن بقماش سميك أيضاً، ويلبس اتقاءً للبرد».
وعن التطريزات المستخدمة يضيف: «أما بالنسبة للتطريز فإننا نستخدم الخيوط المصنوعة من الحرير النباتي، وتدعى «البريم» أو «البند»، فنقوم بتخطيط العلام الأساسي على القماش، ثم نقوم بتطريزه وفق الأشكال التي نود وضعها. وهنا تكمن العملية الجمالية للتطريز، من حيث الرسم الذي نقوم بتطريزه، ومن حيث صعوبته وجماله ومهارة الخياط الذي يقوم به، وهذه العملية كلها تقوم بشكل يدوي بحت، ومن دون استخدام لأية آلة غير يدوية».
ويذكر الباحث «مصطفى الصوفي» في كتابه «التراث الشعبي الحمصي» أن «اللباس الشائع قديماً في «حمص» وما زال معمولاً به حتى وقتنا الحاضر[6]، تعود جذوره في تاريخنا وثقافتنا إلى ما قبل الإسلام، وقد ذكر منه الكثير في
تكبير الصورة
الصاية
الكتب التراثية كما في الأغاني للأصفهاني: العمامة والجبة والإزار والملحفة والقميص (الجلابية) والملاءة والسروال الرجالي والنسائي والدراعة والزنار والخمار والبرقع والمرط والقباء: وهو القنباز. واللباس الشعبي الشائع قديماً عند الرجال هو ما يسمى القنباز وفوقه ما يسمى السترة أو الدراعة أو الجاكيت بالإضافة إلى الشروال وفوقه حزام قماشي (شملة) أو جلدي (قشاط عريض) وقمصان تقليدية دون قبة أو ياقة وفوقها العباءة والفروة».
الزي الشعبي في يبرود والقلمون (النبك، قارة، معلولا، القطيفة وغيرها..)
ألبسة الرجال
كان الرجل يلبس قميصاً[7] من الخام البلدي الأبيض أو الأزرق يصل إلى ما فوق ركبتيه وتحته سروال من الخام البلدي الأبيض أو الأزرق أيضاً يربطه بتكة فوق وركيه وفوق القميص واحيانا الجلابية او الثوب، يمكن استبدال السروال والقميص بجلابية هي عبارة عن رداء طويل مخيط. كان الرجل يلبس صدرية من الجوخ أو القطن (بدون أكمام) تزرر بعدة أزرار من الصدر وغالباً ما كانت تطرز بخيوط الحرير وتحت الصدرية السروال (لباس الدك) وهو لباس الوسط حتى الكاحلين ويصنع من الجوخ أو القطن بلون غامق كالأسود أو الأزرق أو البيج ويطرز بالحرير الأسود على جيوبه وعلى أطراف رجليه ويربطه الرجل فوق خصره بتكة من نوعه ويلبس الرجل فوق الصدرية صدرية ثانية بأكمام ولكن بدون أزرار ومطرزة كالسروال على الصدر والأكمام والقبة بخيوط الحرير الأسود غالباً.
وكان الرجل يتمنطن بالكمر (الزنار) المصنوع من الصوف أو الموصلين وأحياناً من الجلد حيث كان كالكمر قماشي يبطن ويطوى بشكل مائل ويلف حول الخصر دوائر متعددة بحيث تبدو ثنياته من الأمام متدرجة ومنسقة فوق بعضها وفي طرفيه شريطان يعقدان من الخلف وفوف هذا كله كان بعض الرجال يلبسون عباءة الفروة واسعة مطرزة بخيوط الحرير الطبيعي على صدرها مصنوعة من وبر الجمال وأكمامها إلى المرفق وفي أيام البرد الشديد يرتدي عباءة من الصوف الأسود الموشح بقليل من البياض وأكمامها إلة المرفق وتصل إلى ما فوق الركبتين ويسمونها (زنارية) وهي خالية من الأزرار والعروات تحزم من الوسط بشريطين صغيرين أو بزنار رفيع لئلا تعيق صاحبها عن العمل وكانت أحياناً تترك مفتوحة سائبة في الحالات العادية والأعياد وكان قماشها خشناً وينسج من شعر الماعز المبروم أو من الصوف المحلي على أنوال يدوية خشبية.
أما الشبان فكانوا يرتدون إما الجلابية أو الثوب فوق أو القميص والسروال الداخليين رداء يدعى (صاية) مصنوعة من الخام البلدي المصبوغ بالأزرق أو من الجوخ أو من الكتان وهي واسعة مفتوحة من الأمام تلف الجسم وتربط على الجانب بأزرار من الأعلى وزنار رفيع من الوسط إلى الخلف وكانوا يتمنطقون فوقها بسير من الجلد أو زنار من الصوف الملون شتاءً وفوق الصاية كانوا يلبسون صدرية واسعة بأكمام مطرزة بخيوط من الحرير وبدون أزرار وفيما بعد أصبحوا يلبسون الجاكيت وهو من نفس قماش الصاية.
أما لباس الرأس عند الرجال: فكانت طاقية مشغولة بخيوط الحرير الأبيض (التنتناة) وفوقها الحطة الحريرية أو السوداء وفوقها العقال البريم الأسود الذي كان يثبتها على الرأس.
والرجال يحتذون في أرجلهم أحذية متنوعة كالخف والشاروخ والمداس والجزمة والكندرة.
ما سبب تراجع إرتداء الحطة والعقال لدى الشباب في قرى وأرياف سوريا كالقلمون وغيره؟
التراجع في ارتداء الحطة والعقال بين الشباب السوريين يرجع إلى عدة تغييرات اجتماعية وثقافية. في الماضي، كانت هذه القطع شائعة في القرى والمناطق الريفية مثل القلمون في سوريا، حيث كانت ترمز إلى التقاليد، والرجولة، والفخر وكان الشباب يرتدونها ويفتخرون بلباسهم فكانت اي صورة قديمة لقرى وأرياف سوريا، نرى ان أكثرية الرجال الشباب والكبار والصغار يرتدون الحطة والعقال، حيث كانت أيضا مدارس البنين في القلمون السوري (يبرود، النبك، قارة، دير عطية وغيرها...) عندما دخل التعليم إلى تلك المناطق بدايتا من عام 1905 تعتمد الزي التقليدي للطلاب والمدرسين، وهو الكُلابية والكوفية والحطه، والعقال. أما اليوم، فيُنظر إلى هذا اللباس على أنه يرتبط بالأجيال الأكبر سناً والتقاليد الريفية، وهو ما لا يتماشى مع هوية العديد من الشباب السوريين المعاصرين الذين ينجذبون إلى الأزياء الحديثة بفعل التحضر والتأثيرات العالمية والأزياء الأجنبية.
إضافةً إلى العوامل الثقافية والاجتماعية، فإن ارتداء الحطة والعقال من قبل الشباب اليوم قد يجعلهم عرضة للسخرية أو التنمّر، خاصة من قبل أقرانهم الذين يميلون للزي العصري. في اللهجة العامية، قد يُطلق على الشاب الذي يرتدي هذا اللباس التقليدي ألقاب مثل "يا حجي" أو "يا شيخ"، وهو ما قد يشعره بأنه يُعامل كمن ينتمي لجيل أكبر، مما يُصعّب عليه التمسك بهذا الزي في بعض المناطق الغربية من سوريا. هذا التنمّر الخفيف يشكل تحديًا أمام الشباب الذين يرغبون في الحفاظ على هذا التقليد، وقد يؤدي إلى تجنبهم ارتداء الحطة والعقال إلا في المناسبات التقليدية أو في إطار محدود يتجنبون فيه التفاعل مع أولئك الذين قد يسخرون من مظهرهم. ورغم هذه التحديات، إلا أن بعض الشباب لا يكترثون للسخرية أو التعليقات، ويستمرون في ارتداء الحطة والعقال بفخر، معتبرين إياها رمزًا للهوية والتراث الذي يرغبون في الحفاظ عليه وتحدي الصور النمطية من حولهم.
علاوةً على ذلك، كانت الحطة والعقال تقليديًا عمليتين. لكن مع تطور سوريا، فضل الشباب اللباس الملائم للبيئات الحضرية، مما جعل هذه القطع تبدو أقل عملية. ورغم أن الحطة لا تزال رمزًا ثقافيًا وسياسيًا قويًا في بعض المناطق، إلا أن استخدامها اليومي في سوريا قد تراجع، ويقتصر غالبًا على المناسبات التقليدية أو الثقافية حيث يفتخر بها كبار السن، خاصةً في المناطق الريفية أو بعض المجتمعات. ومع ذلك ما زال بعض شباب القلمون وقرى وأرياف سوريا يفتخرون بلباسهم العربي والحطة والعقال وما زالو محافظين عليه.
إمكانية إحياء الحطة والعقال بين الشباب في القلمون وقرى وأرياف سوريا:
رغم تراجع ارتداء الحطة والعقال بين الشباب، إلا أن هناك بوادر تشير إلى إمكانية عودتهما إلى الواجهة مرة أخرى. فقد بدأ العديد من الشباب السوريين بالاهتمام بتراثهم وهويتهم الثقافية، خصوصًا في ظل التحديات الراهنة التي تواجه التراث المحلي. ومع انتشار الحركات التي تشجع على تعزيز الهوية الثقافية، أصبح هناك توجّه بين بعض الشباب لإعادة ارتداء الحطة والعقال كرمز للفخر والانتماء. كما أن وجود وسائل التواصل الاجتماعي سهل من عملية إبراز هذه الهوية والترويج لها، حيث يتم تبادل الصور والمحتوى المتعلق باللباس التقليدي، مما يُشجع آخرين على استعادة هذه القطع التراثية ودمجها في حياتهم اليومية بطريقة حديثة تتناسب مع أسلوب حياتهم الحالي. قد تُسهم هذه العوامل في إعادة إحياء الحطة والعقال بشكل عصري بين الشباب السوريين في القلمون وقرى وأرياف سوريا، ليصبحا رمزين للأصالة والحداثة معاً.
اللباس التقليدي في منطقة عفرين
لا تختلف ألبسة وأزياء أبناء وبنات منطقة «عفرين» [8] في الوقت الحالي عما يلبسه أقرانهم في المناطق الأخرى في سوريا على العكس من ألبسة جداتهم وأجدادهم الكردية التي كانت مختلفة في أسمائها وألوانها وتصميمها.
قبل ظهور الألبسة العصرية كانت المرأة العفرينية تلبس الفستان الذي يسمى «الفستان الكرمانجي» وله عدة ألوان بينما كان له شكل موحد تلبسه النساء بمختلف الأعمار وكانت المسنات منهن يلبسن فوقه جاكيت أسود اللون مصنوع من الصوف وكانت المسنات أيضاً يغطين شعرهن بشال ذي ألوان غامقة /أسود– بني– كحلي/ إضافة إلى شال آخر اصغر لتغطية جبينهن لأن رؤية شعر المرأة حينها كان معيباً، أما الفتيات والشابات فكانت تضع على رؤوسهن ايشابات ذات ألوان زاهية دون تغطية جبينهن كالمسنات ونادراً ما كنت تجد في المجتمع العفريني الملايات كالنسوة الحلبيات».
وحول لباس الرجل العفريني يقول «مصطفى حج مستو» 61 عاماً: «كان الرجل العفريني يلبس القميص الخارجي وفوقه جاكيت، كما كان يلبس الشروال ذا اللون الأسود الذي ما زال شائعاً عند كبار السن في المنطقة وبما أنه ضيق من الأسفل فقد كان الخياطون يتركون فتحة واسعة لتسهيل إدخال الرجلين إليه يغلق ويفتح بواسطة سحابات.
وتحت القميص الخارجي الذي ذكرته كان الرجل في «عفرين» يلبس قميصاً داخلياً أبيض اللون وطويلاً يمتد فوق سروال داخلي يشبه الشروال ولكن بلون أبيض، وعلى الرأس كان كبار السن غالباً يلبسون طاقية بيضاء مثقوبة ومحاكة بواسطة خيوط التنتنة تصنعه يدوياً النسوة الريفيات».
وحول اللباس والأزياء الخاصة بالنساء والرجال في منطقة «عفرين» بالنسبة للمرأة فقد كان لباسها يختلف من بيئة لأخرى فالمرأة في الأسرة الغنية كانت
تلبس القماش الجيد الغالي الثمن مثل المخمل والحرير أما المرأة الفقيرة فقد كانت تقتني الأقمشة الرخيصة من الخام ولكن الصفة المشتركة بين لباس الفئتين كانت الألوان الزاهية والأسماء المشتركة تقريباً.
لباس الرأس في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين يختلف بين المرأة المسنة والزوجة الشابة والفتاة، فكبيرة السن كانت تضع «الكوفية» والأصغر سناً كانت تضع «الطربوش» في المناسبات أو منديلاً خاصاً يُسمى «جاوره» /محلياً/ إلى أن اُستبدلت «الكوفية» عند المرأة المسنة بمنديل خاص سمي «شال» ذا ألوان مختلفة ويوضع تحتها منديل أصغر يكلل الجبهة مع الرأس يُعرف «بَرأنه» /محلياً/ وهذا الزي لا يزال موجوداً لدى فئة لا باس بها من النساء المسنات، الفساتين ملونة ومزركشة فوق أزر داخلي يسمى «كه راس» /محلياً/ بدل قميص النوم الحالي، أما لباس القدم فالمرأة كانت تنتعل «التاصوم» /محلياً/ أو «القبقاب» وهي أحذية مشتركة بين الرجال والنساء».
أوصاف لباس المرأة قديماً نذكر «الكوفية» وهي أصغر حجماً من القبعة الحمراء القديمة والمعروفة والتي كان أهل المدن يلبسونها في أواخر العهد العثماني وكانت «الكوفية» تزيّن في المناسبات بالمعادن الثمينة وبقطع العملة، و«الكوفية» هي خاصة بكبيرات السن وكانت تُصنع من خيوط اللباد وأحياناً من خيوط الحرير والفضة.
أما «كه راس» فكان يلبس تحت الفستان بدل قميص النوم العصري وكان يُصنع من الخام الأبيض /الخاصة/ مع تزيين أكمامه وياقته بشريط ملون يسمى «زريفة» مشغول باليد من خيوط الحرير أو الخيوط الملونة العادية وكانت تعطيه شكلا جميلاً.
وهناك «شاشه» وهو منديل للرأس مصنوع من الشاش الأبيض الرقيق يُخاط على محيطه شريط قماشي ملون مشغول بالخرز ويُعلّق على زواياها كرات صوفية صغيرة وملونة».
«وبالنسبة للباس الرجل العفريني فقد كان يتألف من لباس الجسد والرأس والأقدام. أما لباس الجسد فكان
اللباس التقليدي للفتيات في عفرين
يتألف من «كه راس» /محلياً/ وهو بديل اللباس الداخلي ويغطي الجسم حتى الركبة ويُلبس فوقه قميص طويل يسمى «ملتان» /محلياً/ وهو بطول جاكيت معاصر ذو أكمام قصيرة مفتوح من الأمام ويزين بخيوط ملونة صفراء عادة ويُلبس فوقهما عباءة تسمى «عبا كزني» /محلياً/ وتصنع يدوياً من خيوط ناعمة من وبر الماعز الذي يقي من البرد والمطر وكانت هذه العباءة تقليدياً واسعة الانتشار، وحينما جاء الفرنسيون إلى البلاد جلبوا معهم الجاكيت الذي حل محل العباءة التقليدية الجبلية.
من الأسفل كان الرجل في منطقة «عفرين» يلبس السروال الكردي التقليدي–«شَلوَر» /محلياً/ وذلك فوق سروال أبيض فضفاض، لقد كان السروال التقليدي ولونه أسود طويل وفضفاض من الخلف وضيق عند الساقين يشد الخصر بخيط سميك مصنوع من الصوف والوبر المشغول يدوياً، كما كان الرجل يشد خصره بلفافة عريضة مصنوعة من الحرير يوضع تحتها الخنجر أو المسدس أو أداة التدخين الطويلة إضافة إلى حزام جلدي له جيوب ومخابئ توضع فيها الأدوات الشخصية الصغيرة، وكان هناك أيضاً لباس خاص بالرعاة يسمى «كركي شفان» له قبعة وبدون أكمام ويصنع من اللباد السميك المؤلف من الصوف وشعر الماعز ويُلقى على الأكتاف ليغطي الجسم كاملاً.
بالنسبة للباس الرأس فكان العفرينيون يلبسون «القبعة المثقوبة» وهي غطاء رأس مشهور كانت مخروطية الشكل وطويلة تعلو الرأس بحوالي 10-15 سم وكانت تُصنع منزلياً من الخام أو الخاصة البيضاء ويتم ثقبها بشكل متناسق بواسطة شوكة حيوان «النيس» وتُخاط بخيوط من الحرير بواسطة إبرة رفيعة وقصيرة خاصة لخياطة هذه القبعات وتُعلق على قمته طابة صغيرة من الخيوط أو الصوف الأبيض، لقد كان الرجل يضع قبعته على رأسه ثم يلفها بلفافة خاصة تسمى محلياً «شعرا سورمه».
أما ألبسة الأقدام فكانت عبارة عن «التاصوم» /محلياً/ أو «الصرماية» وهي من الأحذية التقليدية وكانت تُصنع بكاملها من الجلد الأحمر أو البني أو الأسود وفي الفترات المتأخرة
تكبير الصورة
اللباس التقليدي للمسنات في عفرين
صار نعلها من المطاط وهو أكثر الأحذية شيوعاً وينتعلها الرجال والنساء على حد سواء، وهناك نوع آخر يُسمى محلياً «جاروخ» وتصنع من الجلد ومنها نوعان ذات كعب أو دونه وكانت مقدمته طويلة، و«القبقاب» ويصنع من الخشب وينتعل في فصل الشتاء خصوصاً حمايةً من الرطوبة وكان يُلبس معها جراب صوفي مشغول يدوياً، وأخيراً «سول» /محلياً/ وهي من الأحذية الخاصة بالرعاة والفلاحين وتُصنع كلياً من الجلد وتصل إلى منتصف الساق تقريباً وتشد إليه برباطات من الجلد».
الزي الشعبي في حوران
يُعتبر الزي الشعبي جزءاً أساسياً من التراث الثقافي لأهل حوران، فهو يعكس عاداتهم وتقاليدهم، ويتوارثونه عبر الأجيال. يتميز الزي الشعبي في حوران ببساطته وملاءمته لمناخ المنطقة وأنشطتها الاقتصادية، ويختلف في تفاصيله بين مناطق درعا، السويداء، ومنطقة اللجاة.[9]
الزي الشعبي للرجال في حوران:
الخصائص العامة
يتسم لباس الرجال في حوران بالبساطة والاتساع، مما يجعله مناسباً للجو الحار وللأنشطة الزراعية وتربية المواشي. وتغلب عليه الألوان الداكنة والخالية من الزركشة، مما يجعله عملياً ومريحاً للجلوس على الأرض، وهو ما يتناسب مع عادات أهل حوران.
الملابس التقليدية
الدشداشة:الدشداشة والجلابية والثوب، ثوب طويل يغطي كامل الجسم، ويختلف لونه حسب الموسم؛ أبيض في الصيف وداكن في الشتاء.
المزنوك: ثوب مقلّم طويل مفتوح من الأمام ويشد بحزام جلدي على الخصر.
غطاء الرأس: الطاقية القطنية البيضاء وفوقها الشماغ والعقال.
أزياء منطقة السويداء
في السويداء، يلبس الرجال القنباز، المشابه للمزنوك، مع سروال أبيض تحته، ويضعون الكوفية البيضاء ويفضلون العقال متوسط الثخانة.
أزياء منطقة اللجاة:
أما في اللجاة، فإن العباية، الدامر، والفروة تشكل الزي التقليدي للرجال، وتُصنع العباية عادةً من الصوف وتُطرز بخيوط ذهبية، بينما تصمم الفروة ببطانة صوفية للحماية من البرد.
الزي الشعبي للنساء في حوران:
أزياء النساء في السويداء
تتكون ملابس النساء من سروال طويل وفوقه قميص وجيليه، كما يضعن الطربوش على رؤوسهن، وهو مخروط تعلوه قطعة قماش بيضاء.
أزياء النساء في درعا ومنطقة اللجاة:
ترتدي النساء في درعا الشرش، وهو ثوب طويل مفتوح عند الصدر ويصنع من أقمشة فاخرة، مع تنورة مزركشة وسروال ملون تحتها. يُغطى الرأس بقطعة تُعرف بالشنبر الأسود فوقها منديل ملون.
الاختلافات بين الأجيال:
تختلف الأزياء بين الشابات وكبيرات السن، حيث تتميز ملابس الشابات بالألوان الزاهية والتطريزات، في حين تفضل كبيرات السن الألوان الداكنة وتقل فيها الزركشة.
حلي النساء في حوران:
تتنوع حلي النساء بشكل كبير، ومعظمها مصنوع من الذهب أو الفضة، وتشمل:
المرشم: قلائد عنق تتدلى حتى الصدر.
التراكي: الأقراط، وتختلف تسميتها بين السويداء ودرعا.
ثنية الذهب: تزين أسنان النساء الأمامية.
الخزام: زينة للأنف.
العرجة والطربوش: زينة للرأس، وتختلف بين درعا والسويداء في شكلها وتصميمها.
الزي الشعبي في المناسبات
رغم تحول العديد من الشباب إلى الأزياء الحديثة، يحرص أهل حوران على ارتداء الزي الشعبي في المناسبات التقليدية مثل الأعياد والأعراس والجلسات الاجتماعية، حيث يجمع العريس بين البدلة الرسمية والعباية الحورانية، فيما تضع العروس العرجة التقليدية على رأسها يوم الزفاف.
مميزات الثوب السوري النسائي
يعتبر الثوب السوري بتكويناته وزخارفه ورموزه وألوانه جزءاً من البيئة العربيةالسورية.فهذا الثوب يحقق الوظائف الاجتماعية والنفسية والجمالية الحياتية. الا أن هناك تعديلات طرأت على بعض أزياء المدن السورية إلا أنها في مجملها حافظت على أصالتها كرموز مستقاة من الحياة. حيث يعكس الثوب علاقة المرأة بواقعها وتعاملها مع الأرض، ولعل غنى الطبيعة السورية وتنوع مناطقها الجغرافية من سهول إلى جبال إلى وديان كان عاملاً مهماً في غنى وتنوع الرموز المستقاة من البيئة، وكثيراً ما نجد وحدات زخرفية نباتية في الثوب كما نجدها في الأشياء المستخدمة في الحياة اليومية.
إن الثوب الشعبي في سورية لا يزال القناة الأكثر تمثلاً للزخارف وتكويناتها وحركتها اللانهائية فهو يتصف ببساطة اللون وعدم المبالغة في الزخرفة ويتميز عادة بلون واحد « أبيض و أسود[؟]وأحمر ». إن الثوب السوري هو من القنوات الفلكلورية المهمة ومن أجل هذا الثوب أقيمت المعارض الكبيرة التي تنقلت في العديد من الدول الأوروبية للتعريف به، والكشف عن دلالاته وتكويناته ووظائفه.
وهناك العديد من الفنانين الذين وظفوا التكوين الزخرفي للثوب السوري في لوحات فنية وجمالية تشكيلية استرعت الانتباه وشدت الأنظار إليها، لما مثلته من أصالة ونزوع إلى ربط الثوب السوري بأصوله الإبداعية القديمة، وبجذوره الحضارية الإنسانية. لذلك ليس عجيباً أن نجد النسوة في سورية يزين صدورهن بمطرزات تعبر عن الهوية الوطنية، ويحافظن على التراث باعتباره جزءاً من التاريخ القومي لبلاد الشام.
عناصر اللباس السوري
المرأة
الإزار: عباءة طويلة داكنة اللون بالنسبة للسيدات وزاهية بالنسبة للفتيات وتزيّن غالبًا بأقراط ذهبية أو فضية أو يطرز بعضها.
الملاية: العباية الشامية القديمة.
حذاء: حذاء له كعب صغير ترتدية النساء.
الشال: أو بالعامية شالة أو طرحة، تضعها المرأة على راسها كالحجاب أو لرفع شعرها.
الخمار: غطاء يغطي الوجه بالكامل بحيث يظهر فقط العينان، يُستخدم في بعض المناطق كرمز للستر والحشمة.
العباءة: قطعة طويلة وساترة، غالباً سوداء اللون، تلبسها النساء فوق الملابس، وتشتهر بها السيدات الأكبر سنًا، وتعد من الملابس اليومية أو للمناسبات حسب نوع القماش والتطريز.
الرجل
الرجل فكان له لباسه التقليدي أيضا:
القميص: وفي القسم العلوي من الجسم يلبس القميص كم طويل
صباط: هو حذاء أسود جلد يلبس في الرجل
الطربوش: هو غطاء للرأس كالقبعة حمراء اللون أو من مشتقات اللون الأحمر بين الأحمر الفاتح والأحمر الغامق أو أبيض اللون وهو على شكل مخروط ناقص تتدلى من الجانب الخلفي حزمة من الخيوط الحريرية السوداء.
السروال أو الشروال: طويل يكاد يلامس الحذاء، سروال قماشي يدعى في اللهجة العامية «شروال».
الصدرية: تلبس فوق القميص
بانطو: أقصر من العباءة، وهو على أنواع أشهرها: الخنوصي والحلبيّ والحمصيّ والزوفيّ واليوز، والرازي.
الحزام أو السير: قماش يلف حول الشروال يضع فية الرجل مالة أو ساعة أو مسبحة للزينة
الجلابية: الجلابية او الثوب، يمكن استبدال السروال والقميص بجلابية هي عبارة عن رداء طويل مخيط
القنباز أو الغنباز: يسمّونه أيضاً الكبر أو الدماية، وهو رداء طويل مشقوق من أمام، ضيّق من أعلاه، يتسع قليلاً من أسفل، ويردّون أحد جانبيه على الآخر. وجانباه مشقوقان حتى الخصر. وقنباز الصيف من كتّان وألوانه مختلفة، وأما قنباز الشتاء فمن جوخ. ويُلبس تحته قميص أبيض من قطن يسمى المنتيان.
الدامر: جبة قصيرة تلبس فوق القنباز كمّاها طويلان.
الحطة: الحطة أو الغتره، هي عبارة عن قطعة قماش بيضاء مصنوعة من القطن الخفيف يستخدمها الرجال في الريف والبادية، ويتم ثنيها بشكل مثلث توضع على الرأس ويقوم العقال بتثبيتها، وهي تختلف عن الكوفية أو الشماخ لانها لا تحتوي على أي نوع من التطاريز.
العقال: يستخدم الرجال في الريف والبادية العقال العربي وهو حلقة سوداء مصنوعة من صوف الماعز ويوضع على الرأس لتثبيت الحطة أو الشماخ، حيث ان أستخدم العقال في سوريا منذ القدم ويجيد بعض السوريين صنعه حتى الآن.
العمامة: العمامة السورية هي جزء من التراث التقليدي السوري وتعد رمزاً للهوية والثقافة العريقة. يرتديها عادة المشايخ الدمشقيون، وهي تتميز بتصميمها الذي يعكس الوقار والأصالة. تتكون العمامة من قماش طويل يُلف بعناية حول الرأس، وفي بعض الأحيان تُلف حول الطربوش، وهو غطاء الرأس الشهير في المنطقة. تختلف ألوان وأحجام العمائم حسب المناسبة والمكانة الاجتماعية، حيث يُفضل اللون الأبيض في كثير من الأحيان للدلالة على النقاء والتقوى. تُعتبر العمامة رمزاً للتواضع والحكمة، وتحمل في طياتها إرثاً ثقافياً يعود إلى قرون طويلة في المجتمع السوري.
الشماغ: الشماغ أو الشماخ، هو غطاء رأس تقليدي يرتديه الرجال في العديد من الدول العربية، بما في ذلك سوريا. يتميز الشماغ السوري بلونيه الأحمر والأبيض، ويتكون من قطعة قماش كبيرة تُطوى وتوضع على الرأس. يتم تثبيته عادة باستخدام العقال، وهو حبل أسود يُلف حول الشماغ لضمان بقائه ثابتاً على الرأس. يُستخدم الشماغ ليس فقط كغطاء للرأس، بل أيضاً لحماية الوجه والرقبة من أشعة الشمس والرياح. يُعد ارتداء الشماغ مع العقال رمزاً للأصالة والرجولة، وهو جزء لا يتجزأ من الهوية التقليدية للرجال في سوريا، خاصة في المناطق الريفية. وأحيانا يأتي بألوان مختلفة ويلف حول الرأس أو الرقبة.
الكوفية: هي غطاء رأس تقليدي يشتهر بلونيه الأبيض والأسود، وتعتبر رمزاً ثقافياً مهماً في العديد من دول المشرق العربي، بما في ذلك سوريا. تتألف الكوفية من قطعة قماش مربعة الشكل مزخرفة بنقوش مميزة باللونين الأسود والأبيض. يرتديها الرجال بشكل خاص، وتُلف عادة حول الرأس أو الكتفين، وتستخدم للحماية من الشمس أو الغبار، كما أنها تُعد تعبيراً عن الانتماء الوطني والهوية الثقافية.
العقال المقصب: العقال المقصب أو العقال المذهب أو الشطفة، هو نوع مميز من العقال الذي يتميز بخيوط ذهبية أو فضية تزينه، وكان له شهرة واسعة في سوريا خلال فترة الثورة العربية الكبرى وحتى قبلها أي ما بين 1700 و1950. ارتبط العقال المقصب بقادة وشخصيات بارزة، مثل الملك فيصل بن الحسين الهاشمي ملك سوريا ويوسف العظمة، قائد الجيش السوري الذي استشهد في معركة ميسلون ضد الاحتلال الفرنسي. كان العقال المقصب جزءاً من زي الجنود العرب في 1918-1920، وكان رمزاً للفخر الوطني والقومية العربية، حيث ارتداه جنود الملك فيصل والكثير من السوريين خلال حقبة المملكة العربية السورية وحتى قبلها. اكتسب العقال المقصب رمزية كبيرة، ليس فقط كعنصر تقليدي من اللباس، بل كتعبير عن الهوية العربية والكرامة الوطنية خلال حقبة الثورة العربية الكبرى. في الأفلام التاريخية التي تناولت تلك الحقبة، مثل الأفلام التي تصور شخصية يوسف العظمة أو الثورة العربية الكبرى، يظهر العقال المقصب بوضوح كجزء من زي الشخصيات الرئيسية. لكن كان اكثر انواع العقال المقصب شهره في سوريا في الارياف والبادية كان عقال الشطفة السوري،[10] الذي نشأ في سوريا وكان مشهورا ما بين 1950-1700 ميلادي.
البشت: البشت هو عباءة تقليدية تُلبس فوق الملابس، ويُعد رمزاً للأناقة والفخامة في العالم العربي، بما في ذلك سوريا. يُصنع البشت من أقمشة خفيفة أو ثقيلة حسب الموسم، ويتميز بحواف مطرزة بخيوط ذهبية أو فضية، مما يضفي عليه طابعاً ملكياً. يرتدي البشت في سوريا العديد من الرجال، خاصة في المناسبات الرسمية مثل حفلات الزفاف والاحتفالات الدينية. يُعتبر البشت رمزاً للهيبة والمكانة الاجتماعية، ويُفضل ارتداؤه في المناطق الريفية والمدن الكبيرة على حد سواء. كما أنه جزء من التراث الذي يعكس تقاليد العائلة والمجتمع السوري، ويرتبط بالتقاليد العربية القديمة التي تقدر الوقار والاحترام.
الفروة: الفروة هي نوع من العباءات التقليدية تشبه البشت، لكنها مخصصة لفصل الشتاء، وتتميز ببطانة داخلية مصنوعة من الفرو الطبيعي أو الصناعي لتوفير الدفء. تُرتدى الفروة بشكل شائع في المناطق الباردة من سوريا، خاصة في الأرياف والمناطق الجبلية، حيث تساعد على الحماية من البرد القارس. تكون الفروة عادة أثقل من البشت، وتصنع من أقمشة سميكة مع فرو ناعم يغطي الداخل بالكامل، مما يجعلها مثالية للأجواء الشتوية. كما تعتبر الفروة جزءاً من اللباس التقليدي في سوريا وترتبط بالهيبة والرفاهية، حيث يرتديها الرجال في المناسبات الخاصة خلال فصل الشتاء، مما يعكس مزيجاً من الأناقة والوظيفية.
الطاقية: الطاقية هي غطاء رأس صغير يرتديه الرجال تحت الحطه أو الكوفية أو الشماغ، وتعتبر جزءاً أساسياً من الزي التقليدي في سوريا والعديد من الدول العربية. تُصنع الطاقية عادة من قماش قطني خفيف ومثقّب يسمح بتهوية الرأس، وتساعد في تثبيت الغترة أو الشماغ في مكانها بشكل أنيق دون أن تنزلق. كما أنها تمنع الاحتكاك المباشر بين الشماغ أو الغترة وفروة الرأس، مما يوفر راحة إضافية خاصة في الطقس الحار. تختلف أشكال وألوان الطاقية، لكنها غالباً ما تكون بيضاء لتتناسب مع ألوان الغتره والشماغ، وتُعتبر رمزاً للنظافة والترتيب في اللباس التقليدي العربي.
الشال: الشال السوري هو قطعة تقليدية من الملابس تُرتدى عادة على الأكتاف أو على الرأس مع العقال. يتميز هذا الشال بوجود خيوط على الجوانب وزخارف مخصصة، وغالباً ما يأتي بألوان مثل السكري. يعد الشال السوري رمزاً للهوية الثقافية في المنطقة، وقد ظهر في المسلسل الشهير "باب الحارة" حيث كان شخصية أبو عصام ترتديه على كتفيه، مما ساهم في تعزيز ارتباطه بالتراث السوري.
عقال أبيض: كان شائعا ارتدائه لكن قل إستخدامه.
عقال الشطفة: عقال الشطفة هو نوع من العقال المقصب ونشأ في سوريا[11]، عقال الشطفة هو جزء من اللباس التقليدي، تُصنع عادةً من شعر الماعز، وبر الإبل، أو خيوط الحرير الممزوجة بخيوط ذهبية. وقد حافظت على شكلها التقليدي لعدة أجيال، كما توضح الصور التاريخية .الشطفة نشأت في سوريا وكان يرتديها في البداية الكثير من الرجال البدو وبعض من رجال القرى، وهو ما وثقته صور الرحالة في القرن الثامن عشر. مع مرور الوقت، انتقل هذا التقليد إلى بعض دول الخليج، خاصةً السعودية والكويت والإمارات والبحرين، حيث اقتصرت على الرجال من الطبقات الغنية بسبب تكلفة موادها الفاخرة. في الستينيات، ارتبطت الشطفة التقليدية بالملك فيصل ملك السعودية، الذي اعتمد تصميماً خاصاً باللونين الأبيض والذهبي، ليصبح يُعرف باسم "عقال فيصلي" أو "الفيصلية".[10]
الكوفية السورية
أصل التسمية لها عدة أسماء في سوريا منهم من يسميها لفحة أو شال ومنهم من يسميها كوفية لكن كلمة كوفية الآن ترمز إلى الكوفية الفلسطينية وهناك من يسميها شماغ. ويختلف مسماها عند كل أهل مدينة سورية.
كوفية سورية أو الشماخ السوري، تعرف أيضاً بالشال أو لفحة. بلونيها الأبيض والأسود أو الأبيض والأحمر أو بلون سكري علية تطريز بألوان ونقشات مختلغة تعكس بساطة الحياة الفلاحية في قرى السورية، كما الألوان الترابية لملابس الفلاحين هناك بعيداً عن ألوان حياة المدينة.
اعتاد الفلاح أن يضع الكوفية السورية لتجفيف عرقه أثناء حراثة الأرض ولوقايته من حر الصيف وبرد الشتاء، ارتبط اسم الكوفية بالكفاح الوطني منذ ثورة 1925 أو الثورة السورية الكبرى في سوريا، وكان سلطان باشا الأطرش قائدالثورة السورية الكبرى يلف الشماخ على راسة حيث تلثم الفلاحون الثوار بالكوفية لإخفاء ملامحهم أثناء مقاومة القوات الفرنسية في سوريا وذلك لتفادي اعتقالهم أو الوشاية بهم، ثم وضعها أبناء المدن وذلك بأمر من قيادات الثورة آنذاك وكان السبب أن الفرنسيين بدؤوا باعتقال كل من يضع الكوفية على رأسه ظنا منهم انه من الثوار فأصبحت مهمة الفرنسيين صعبة باعتقال الثوار بعد أن وضعها كل شباب وشيوخ القرية والمدينة.
فقد كانت الكوفية رمز الكفاح ضد الانتداب الفرنسي واستمرت الكوفية رمز الثورة حتى يومنا هذا مروراً بكل محطات النضال الوطني السوري. مع انطلاقة الثورة السورية المعاصرة في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي كانت الكوفية مقرونة بالفدائي كما سلاحه وكان أيضاً السبب الرئيسي لوضع الكوفية إخفاء ملامح الفدائي.
أما الآن في سوريا فاصبح العديد من الشباب والرجال وحتى بعض الفنانون سوريون والممثلات السوريات يرتدون الشماخ بوضعة على اكتافهم أو بلفة حول رقبتهم لاحياء التراث السوري العريق والقديم.
ظهور الكوفية السورية في المسلسلات
وقد ظهرت الكوفية السورية في العديد من المسلسلات الشامية ومن أهم هذه المسلسلات:
باتت الكوفية السورية الآن مصدراً لالهام العديد من مصممي الازياء في العالم فمنهم من يستوحي الافكار منها ومنهم من يقوم بالتعديل عليها عبر إضافة علها بعض النقوش أو تغيير لونها من الأسود و الأبيض[؟] أو الأحمر والأبيض إلى الوان أخرى منها البني والأبيض أو الأزرق والأبيض ومنهم من ياخذ نقوشها ليضيف بعض النقوش الأخرى عليها ومنهم من يضيف هذة النقوش إلى بعض الملابس كالاقميص الرجالي والمعاطف والتيشرتات وسبب التعديل على الكوفية السورية في اغلب الاحيان هو لاحياء التراث السوري واحياء الزي التقليدي السوري ويكون عبر التعديل عليها لتراها الثقافات الأخرى أو ليتعرف عليها من لايعرفها أو بانشاء المسلسلات الشامية القديمة أو بالمهرجانات الثقافية السورية وباتت الكوفية السورية تظهر بالعديد من المناسبات والمهرجانات العالمية
الثورة على الطربوش والثورة على التتريك
كانت فترة الحكم العثماني في سوريا مليئة بمحاولات طمس الهوية العربية وتكريس الهوية العثمانية التركية من خلال فرض رموز ثقافية على السوريين، ومن ذلك الأزياء التي فرضت على الناس. تركزت سياسة العثمانيين على فرض الملابس التركية مثل الطربوش منذ دخوله الى سوريا في بدايات القرن الـ 19 مع جيش إبراهيم باشا في تقريبا عام 1830م[12]، مما دفع بالعديد من السوريين إلى رفض هذه المظاهر في تعبير عن تمسكهم بالهوية العربية الأصيلة.
بعد تولي الأمير فيصل بن الحسين الحكم في سوريا عام 1918، حافظ على لباسه العربي، مؤكدًا اعتزازه بالشماغ والعقال والثوب العربي التقليدي، وأهدى الحطة والعقال والكوفية لضيوفه الأجانب كتعبير عن هويته العربية، مما ألهم السوريين للعودة إلى أزيائهم الأصلية، التي شملت الشماغ والعقال والكوفية والثوب العربي، في مواجهة الطربوش العثماني المفروض. وكانت محاولات فرض الأزياء العثمانية تقترن بفرض ألقاب وأسماء تركية على المدارس والشوارع، والتي تمت مواجهتها بإطلاق أسماء عربية على الشوارع بعد إلغاء الألقاب التركية في تلك الفترة.[13]
وقد تم انتقاد أبناء دمشق المتعلمون في الغرب الذين كانوا ينظرون إلى اللباس العربي على أنه متخلف ويجب استبداله بربطة عنق وبدلة أجنبية وقبعة. وقد كثرت انتقاداتهم لرفاقهم العسكريين من جيش الشريف حسين، والد فيصل، الذين ظلّوا بعد تحرير دمشق يرتدون الحطة العربية على رأسهم، كما كانوا يلبسون في زمن الثورة العربية الكبرى.[13]
عندما تأسس الجيش العربي في سوريا، استبدل العسكريون الكوفية والعقال التقليديين بخوذة "الفيصلية"، التي صُممت بشكل يشبه الشماغ، وقد ظهرت على رأس يوسف العظمة، وزير الحربية، وعدد من الجنود العرب الذين ارتدوها مع "العقال المقصب" في معركة ميسلون 1920. هذا التصميم حمل طابعاً عربياً ليحافظ الجنود على رمزهم وهويتهم العربية الأصيلة، حتى في زيهم العسكري.[13]
وقد ظهر الطربوش مجددًا في الدراما السورية، خاصة في المسلسلات الشامية، مما أثار موجة من الانتقاد لدى المثقفين السوريين. فعلى الرغم من انتشار هذه الدراما عربياً، إلا أن البعض أبدى استياءه من توجهها لعرض أعمال تركز على الأزياء الشامية والعثمانية، مثل الطربوش، على حساب الأزياء الريفية والبدوية والعربية الأصلية في المحافظات السورية الأخرى. وقد عبر الناقد خليل صويلح عن استيائه من هيمنة رأس المال غير المحلي على الدراما السورية، مما أدى لتوجه نحو الأعمال الشامية المغلقة بدلاً من الأعمال التي تعكس التنوع الثقافي والحضاري لسوريا. وأضاف صويلح أن الدراما باتت محكومة بتوجهات إنتاجية تسعى للتسويق أكثر من التثقيف، مما أضر بالهوية السورية وأغفل طرح الأزياء العربية الأصيلة.[14]
وأثار هذا التوجه موجة من السخرية بين المثقفين، حيث تم وصف الوضع بأنه "صراع بين الطربوش والعقال". فبينما يظهر الطربوش بوضوح في الأعمال الدرامية التي تُعرض عن دمشق، يتم تهميش الأزياء العربية التقليدية كالعقال والحطة والشماغ والكوفية. ويرى نقاد الدراما أن عرض هذه الأعمال بشكل مبالغ فيه يوحي بأن الطربوش هو الزي التقليدي الأوحد في سوريا، في حين أن مناطق عديدة خارج دمشق لا تزال تحتفظ بالزي العربي الأصيل.[14]
يرى بعض الكتاب والمخرجين، مثل نجيب نصير وهاني السعدي، أن الدراما الشامية تمثل جزءاً من الحياة العربية، إلا أن التركيز عليها دون غيرها يؤدي إلى تشويه الهوية السورية. ومن هنا، يعتبر هذا الوضع أحد الأسباب التي تجعل المشاهدين يربطون الهوية السورية بالطربوش والعادات العثمانية التي فرضت قسراً خلال تلك الحقبة، بدلاً من الزي التقليدي السوري المتنوع الذي شمل الأثواب العربية، الشماغ، العقال، العمامة، الكوفية، العباءة (البِشت)، وغيرها من الأزياء المشتركة مع بلاد المشرق العربي.[1][14]
الطربوش العثماني والهيمنة الثقافية
ارتبط الطربوش العثماني بفرض السلطة التركية على العرب، حيث حاول العثمانيون من خلاله طمس رموز الهوية العربية العريقة، بما في ذلك العقال والعمامة التي تعود بجذورها إلى عصور قبل الإسلام.[15] سعت السلطة العثمانية إلى فرض الطربوش كغطاء موحَّد للرأس في المناطق العربية كجزء من مشروع التتريك تقريبا عام 1830م، ورمز لسياسة توحيد الثقافة ضمن الإمبراطورية العثمانية، ما اعتبره العرب تدخلاً واعتداءً على هويتهم العميقة. رفضت الجزيرة العربية وسوريا ومصر الطربوش، وثاروا مراراً ضد محاولات فرضه على شعوبهم، وكانت الدولة السعودية في طليعة تلك المقاومات.[16]
يعتبر الطربوش من الأزياء التي واجهت العديد من التحديات والرفض، حيث اتخذت منه الشعوب العربية رمزاً للمقاومة. ففي المجتمعات العربية، تم اعتبار الطربوش رمزاً للهيمنة الثقافية العثمانية، ومع مرور الوقت أصبح تمسك العرب بملابسهم التقليدية مثل الكوفية والشماغ والعقال تعبيراً عن مقاومتهم للهيمنة التركية.
أُعتبر الطربوش أيضاً رمزاً لماضي مضطهد، لذا برزت حركات ثقافية تعيد إحياء التراث العربي الأصيل، وتبرز الفخر بالهوية العربية. على مر السنين، أصبح الرفض للطربوش مصدراً للتعبير عن الانتماء الوطني والتمسك بالقيم الثقافية، مما ساهم في تعزيز الهوية العربية في مواجهة التحديات التي واجهتها من القوى الأجنبية.[15]
بدأ الشباب في جورة الشياح عام 1929م ثورتهم على الطربوش. بدأ الشبان بخطوات شجاعة، فقاموا بجمع طرابيشهم وإشعال النار فيها في وسط الشارع، فاجتمع معهم أهالي جورة الشياح فرحاً منهم بشجاعة أولادهم، وقاموا بإشعال النار في الطرابيش لتصبح رمادًا في الهواء، وتعبيراً عن الانتماء للأزياء العربية الأصيلة.[17]
كان الطربوش العثماني رمزًا للاحتلال والسيطرة، وكان الشباب يقصدون من خلال هذه الثورة التأكيد على هويتهم العربية والانتماء للأرض وثقافتها، وهو ما شكل بداية حراك ثقافي أعاد إحياء الأزياء العربية الأصلية في جميع أنحاء سوريا. لقد أظهروا من خلال حركتهم هذه أنهم عازمون على استعادة هويتهم، والعودة إلى الملابس التي تمثل تاريخهم وثقافتهم، مما يجعل هذه الفعاليات جزءًا من الذاكرة الجماعية لشعب سوريا.
يوم إحراق الطربوش في ساحة باب الفرج (1939)
يعود مشهد إحراق الطربوش إلى أحداث ربيع عام 1939م حين قرر طلاب مدرسة "التجهيز الأولى" (المأمون) في حلب إزالة الطربوش من رؤوسهم، في حركة جريئة عكست وعياً اجتماعياً وسياسياً متقدماً. كانت هذه الخطوة رفضاً لرمزٍ فرضه العثمانيون كعلامة للهيمنة الثقافية على السوريين؛ إذ ارتبط الطربوش منذ دخوله مع جيش إبراهيم باشا في عام 1830م، كغطاء للرأس يُحاكي الجيش العثماني. شاع الطربوش، ذو اللون الأحمر، بين طبقة الموظفين والمثقفين، واعتُبِر رمزاً اجتماعياً وشبه رسمي. ومع ذلك، رأى الشباب السوريون في حلب أن الطربوش يرمز إلى عهد سيطرةٍ بائد، فاجتمعوا في ساحة باب الفرج وتخلصوا من طرابيشهم بإحراقها وسط تصفيق وتهليل شعبي حاشد.
لقد كانت كلفة الطربوش النمساوي الأصلي مرتفعة، ما أرهق عائلات الطلاب مادياً، فضلاً عن أنه يتطلب صيانة دائمة للحفاظ على لونه وكيّ هيئته، مما جعله حملاً إضافياً. ومن هنا، قرر هؤلاء الطلاب أن هذا اللباس لا يمثلهم، بل يعبر عن هويةٍ مفروضة لا تتماشى مع تطلعهم نحو تراثهم العربي الأصيل. ولهذا اتجهوا لاستبداله بالعقال والكوفية العربية، في رسالة واضحة بأن هذه الرموز العثمانية لا تمت إلى هوية الشعب السوري بصلة، وأن تمسكهم بالزي العربي هو تعبير عن استقلالهم واعتزازهم بتقاليدهم العريقة.
احداث احراق الطرابيش
كتب الأستاذ مازن سخيطة: أقيم مهرجان لحرق الطرابيش أكثر من مرة، في الساعة الرابعة زوالية من بعد ظهر يوم الجمعة، أقبل على ساحة باب الفرج عدد غير قليل من الشبان أنصار الكوفية والعقال يحملون بأيديهم طرابيشهم التي كانوا يرتدونها سابقًا وقد استعاضوا عنها بالكوفية والعقال. وبالقرب من الساعة القائمة أمام مخفر باب الفرج تجمهر دعاة الكوفية ثم أوقدوا النار في الأرض ورموا فيها الطرابيش بين عاصفة شديدة من الهتاف والتصفيق.
وبعد ذلك أخذت جماهير الناس تتدفق لمشاهدة هذا المهرجان الذي تجلت فيه حماسة الشبان بأشد مظاهرها، فباتوا كأنهم في حومة جهاد يرسلون الأهازيج ويهتفون ويصفقون فرحًا واغتباطًا وينادون بسقوط الطربوش ويرددون: "فليعش العقال والكوفية". وبلغت بهم الحماسة إلى حد أن أخذ بعضهم يختطف طرابيش الناس الذين أقبلوا لمشاهدة هذا المهرجان ويلقيها في النار، وكان أحد الطلاب متولياً مهمة رمي الطرابيش إلى النار. وقد رأيناه يأخذ الطربوش الذي يختطفه زملاؤه عن رأس أحد المتفرجين ويصيح قائلاً: "هل يريد صاحب هذا الطربوش أن يحرق طربوشه؟" وقبل أن يصل احتجاج صاحب الطربوش على خطف طربوشه إلى مسامع الطالب المنادي، يكون زملاء هذا الطالب قد ملئوا الفضاء بصياحهم قائلين بلسان صاحب الطربوش: "احرقه احرقه"، وفي تلك اللحظة يكون الطربوش قد أصبح طعماً للنار، وقد بات صاحبه عاري الرأس مهرولاً يسعى لمشتري طربوش جديد.
وكان هذا العمل سبباً في استياء جمهور من الحضور، ولذا شاهدنا الكثيرين يبتعدون عن المكان القائم فيه المهرجان وهم يحملون طرابيشهم بأيديهم حفظًا من الأيدي الخاطفة. بيد أن هذا المشهد قد أثر في نفر كبير من الشبان الذين اندفعوا إلى وسط المهرجان يرمون طرابيشهم فكانوا يقابلون على عملهم هذا بالهتاف والتصفيق. وقد بلغ عدد الطرابيش التي ذهبت في ذلك المهرجان فريسة النار أربعمائة.
وعلى فجأة، رأينا من الشبان المرتدين الكوفية والعقال يتماسكون بالأيدي ويؤلفون دائرة ويبدأون برقصة "الدبكة" ملتفين حول الطرابيش المشتعلة وهم يغنون "على دلعونة"، وبعد نهاية المهرجان، مشى دعاة الكوفية والعقال بتظاهرة كبيرة يهتفون فيها للباس الرأس الجديد الوطني وينادون بسقوط الطربوش العثماني التركي، وظلوا سائرين حتى نهاية الشارع الجديد بالقرب من محطة الشام، وهناك تفرقوا وذهب الطلاب إلى مدارسهم والباقون كل إلى سبيله. ما يجدر ذكره أن هذا الأمر (احراق الطرابيش) حدث عدة مرات، كان آخرها في بداية الأربعينات من القرن المنصرم.