القوميه العربيه هى مشروع ايديولوجى مبنى على مبدأ عروبة شعوب منطقة شمال افريقيا و الشرق الاوسط . العروبه (بالإنجليزي:Pan-Arabism) , كفكره , مبنيه على فرضية ان شعوب العالم العربى هى شعب منحدر من جذور عرقيه واحده , بيتكلم لغه واحده , و له ثقافه واحده , و تراث دينى واحد , و ليه تاريخ و مصير مشترك و من البديهى انه يتوحد فى دوله تاريخيه واحده ممتده من المحيط للخليج . القوميه العربيه بتوظف مبدأ العروبه على مستويين : المستوى الاولانى ثقافى و هو الاعتزاز بالمكون العربى فى ثقافات الشعوب العربيه , و التانى سياسى و هو السعى للوحده السياسه و التكامل الاقتصادى بين الدول العربيه .
خطاب القوميه العربيه فى العاده بيكون موجه ضد التأثير الغربى على الثقافه و السياسه العربيه , و فى العاده القوميين العرب بيعتبروا الغرب و الثقافه الغربيه اعداء مباشرين للعرب و العروبه . القوميه العربيه ظهرت بقوه مع سقوط الدوله العثمانيه فى اوائل القرن الـ20 , و انحسرت بعد هزيمة العرب فى حرب 67. من الشخصيات المهمه فى تاريخ القوميه العربيه : المفكر السورى ميشيل عفلق و الرئيس المصرى الاسبق جمال عبد الناصر .
الايديولوجيا
اللغه العربيه بتستخدم مصطلحين للتعبير عن الانتماء : "الوطنيه" و هو مصطلح بيشير اكتر للانتماء على مستوى الـ"وطن" او الارض . و "القوميه" و هو مصطلح بيشير اكتر للانتماء على مستوى الـ"قوم" او الشعب فى اشاره لوحدة الشعب العربي.
القوميين العرب بمؤمنين بإن الشعب العربى هما "قوم" , يعنى شعب تاريخى واحد موجود قبل فكرة العروبه نفسها ماتتوجد . بناءاً على فرضية ان شبه الجزيره العربيه هى منبع الشعوب العربيه الساميه (الكنعانيين و الاراميين فى الشام و الاشوريين و البابليين فى بلاد ما بين النهرين) اللى خرجت من هناك و انتشرت فى الشرق الاوسط و شمال افريقيا فى هجرات ضخمه حصلت من ازمنه بعيده . و بيعتقدوا ان الثقافه العربيه اتكونت مع الانتشار التدريجى للغه العربيه فى الدول و المناطق اللى دخلها الاسلام فى شمال افريقيا و الشرق الاوسط , و مع الوقت , العربى بقى وسيلة التعبير و التواصل بين شعوب المنطقه و حولهم مع الوقت لشعب واحد له ثقافه واحده و تراث و طموحات مشتركه . حسب الكاتب اللبنانى يوسف شويرى "القوميه العربيه بتمثل وعى العرب بالحاجات اللى بتميزهم عن غيرهم من شعوب العالم , و بتمثل طموحهم المشترك انهم يبنوا دوله حديثه ممثله للإراده الشعبيه المشتركه لكل مكونات الشعب العربي".
بعد الحرب العالميه التانيه القوميين العرب اخدوا اتجاه يسارى ثورى معتمد على العنف المسلح فى بعض الاحيان بسبب الخلفيات العسكريه للانظمة القوميه فى العالم العربى . العنف ده كان موجه تاريخى ضد اسرائيل كممثل للقوى الغربيه او ضد العرب التانيين اللى ضد الوحده العربيه. خلال حكم الرئيس جمال عبد الناصر الدوله المصريه استخدمت قوتها السياسيه و العسكريه لنشر فكرة القوميه العربيه فى الدول العربيه التانيه , و ده كان بيتم بالتدخل العسكرى المباشر زى ما حصل فى اليمن او من خلال حلفاء قوميين محليين زى ما حصل فى ازمة 1958 فى لبنان.
التاريخ
اصل الفكره
خلال القرن الـ19 فى مصر و الشام كان فيه شغف فكرى بقضية الانتماء الوطنى . وقتها كان الانتماء الوطنى بيتم مناقشته بشكل مطلق من غير كلام عن الانتماء العربى بالتحديد . المفكرين المصريين و الشوام كتبوا ملاحظاتهم عن تقدم دول اوروبا خلال سفرياتهم , و اتكلموا فى تحليلات مطوله عن ان واحد من عوامل التقدم عند الاوروبيين كان الانتماء الوطنى . خلال الوقت ده كان فيه بعثات تعليميه و ارساليات مسيحيه اوروبيه فى مصر و الشام , و من خلال البعثات دى , عدد كبير من الطلبه قدروا يتصلوا بالحركات الفكريه و الفلسفيه الاوروبيه و ابتدا يتكون زخم فكرى محلى فى اوساط المتعلمين من الطبقه المتوسطه فى مصر و الشام .
و بحلول الـ1860’ات كان فيه ادبيات سياسيه بيتم تداولها بين النشطا من الحركات الوطنيه فى مصر بتتكلم عن تخاذل العثمانيين و "خيانتهم للاسلام و الوطن" . ظهر هنا لأول مره مصطلح الوطن اللى مكانش موجود قبل كده . من وجهة نظر الادبيات دى , الاسلام هو المصدر لحضارة اوروبا و للحداثه , و انحراف العثمانيين عن الدين الصحيح هو السبب فى تراجع و تخلف الشعوب العربيه , و انهم لو رجعوا لصحيح الاسلام ممكن المسلمين يتقدموا و يبقى عندهم حكومات و اداره حديثه زى اللى موجوده فى اوروبا . لكن فى نفس الوقت التيار ده كان مقتنع ان استيراد العثمانيين للتكنولوجيا و نظم الاداره الحديثه من بلاد الغرب هو تبعيه للغرب , و ان التأثر بالغرب لازم هاينتج عنه فساد و مشاكل اجتماعيه و انحراف اخلاقى . و بالتالى التيار ده كان شايف الحل هو الرجوع للاسلام الصحيح بس برؤيه عصريه تقدر تحقق التقدم بس بشكل محلي. التيار ده هايتعرف بعدها بإسم تيار التجديد الإسلامى.
فى نفس الوقت ظهر تيار فكرى فى الشام مهتم بفكرة العروبه . من رواد التيار ده كان الصحفى و الروائى و المفكر اللبنانى جرجى زيدان مؤسس حركة النهضه . زيدان كان له تأثير مهم على الفكر العربى , و بشكل خاص على استبدال اللغه التركيه باللغه العربيه الحديثه كلغه موحده لكل الشعوب العربيه اللى كانت تحت الحكم العثمانى . زيدان اشتغل على تحويل فكرته لرأى عام من خلال كتابة روايات ادبيه باللغه العربيه بتحكى عن الابطال المحليين فى البلاد العربيه المختلفه و وضعهم فى سياق تاريخى عربي.
بنهاية القرن الـ19 كان اتلاقى التيارين , تيار التجديد الاسلامى و تيار النهضه العربيه , و انضم التيارين فى اول محاوله للثوره ضد العثمانيين و الاستقلال عنهم فى سوريا و لبنان . الفيلسوف اللبنانى المسيحى ابراهيم اليازجى كان من رواد التيار العروبى و كان بيطالب العرب سنة 1868 بإنهم "ينهضوا و يستعيدوا مجدهم القديم و ينفضوا عن نفسهم غبار الاتراك" . بعدها فى الـ1870’ات اتكونت جمعيه سريه انضم ليها اليازجى بتشتغل على نفس الخط . الجمعيه كانت بتوزع منشورات فى بيروت بتنادى بالثوره و الاستقلال . و بالتوازى مع ده كان فيه عدد من الشخصيات المعتبره فى سوريا و مدن لبنانيه تانيه بتقوم بانشطه مشابهه ضمن تنظيمات سريه ليها نفس الغرض . من الملاحظ ان المثقفين المسيحيين فى لبنان كانو بيطالبوا باستقلال كامل للبنان , بس المثقفين المسلمين كانو بيطالبوا بحكم ذاتى لسوريا الكبرى بس ضمن اطار الامبراطوريه العثمانيه .
على الناحيه التانيه استمر المجهود الفكرى و التنظير لقضية الانتماء الوطنى . الكاتب السورى فرنسيس مراش فرق بين الانتماء للـ"وطن" و الانتماء للـ"امّه" , و طبّق الفرق بين المفهومين على قضية الانتماء لسوريا الكبرى كمثال و ركز على الدور اللى بتلعبه اللغه فى لخبطة المفاهيم بين الانتماء للوطن و الانتماء للامّه , و ركز على ان الهويه الوطنيه كمبدأ مرتبطه بالوطن مش بالامّه. نفس التفريق برضو ظهر فى كتابات حسن المرصفى فى 1881. بالتزامن مع الكلام ده اتكونت مجموعه من المثقفين المصريين المتأثرين بخطاب التجديد الدينى بتاع محمد عبده و افكار النهضه العربيه عند جمال الدين الافغانى .
كان من ضمنهم عبد الرحمن الكواكبى احد تلامذة محمد عبده اللى كتب عن ضرورة تولى العرب للخلافه العثمانيه بدل الاتراك , لأن الثقافه و اللغه العربيه لازم يكون ليهم الصداره بحكم ان العربى هو لغة الاسلام .