في مجال الذكاء الاصطناعي، يعتبر النظام الخبير[1] نظام حاسوبي يحاكي قدرات وخبرات البشر[2] في اتخاذ القرارات. الأنظمة الخبيرة في أساسها مصممة لإيجاد حلول للمشاكل المعقدة من خلال التفكير باستخدام مختلف مجالات المعرفة، والتي يتم تمثيلها في هذه النظم باستخدام شروط (إذا .. فإن) بدلاً من البرمجة الإجرائية التقليدية.[3]
أول أنظمة خبيرة تم ابتكارها في سبعينيات القرن العشرين وانتشرت في الثمانينيات من القرن نفسه.[4] الأنظمة الخبيرة كانت من أوائل الأشكال الناجحة لبرمجيات الذكاء الاصطناعي.[5][6]
تاريخ الأنظمة الخبيرة
المراحل الأولى
بعد فترة قصيرة من ظهور الحواسيب الحديثة في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن العشرين، بدأ الباحثون يدركون الإمكانيات الهائلة التي تملكها هذه الآلات للمجتمع. كانت إحدى التحديات الأولى جعل هذه الآلات قادرة على "التفكير" مثل البشر، وبشكل خاص، جعل هذه الآلات قادرة على اتخاذ القرارات المهمة بنفس الطريقة التي يتبعها البشر لاتخاذ القرارات. وكان مجال الطب والرعاية الصحية هو التحدي الأبرز للرغبة بتمكين هذه الآلات من اتخاذ قرارات وتشخيصات طبية.[7]
وفي أواخر الخمسينيات، بدأ الباحثون بتجربة استخدام تقنيات الحواسيب لمحاكاة اتخاذ القرار البشري. على سبيل المثال، بدأ الباحثون في مجال الطب الحيوي بإنشاء أنظمة مدعومة بالحواسيب للتطبيقات التشخيصية في الطب والأحياء. استخدمت هذه الأنظمة التشخيصية المبكرة أعراض المرضى ونتائج الاختبارات المخبرية كمدخلات لإنتاج تشخيص طبي.[8][9] كانت هذه الأنظمة غالبًا ما توصف بأنها الأشكال المبكرة للأنظمة الخبيرة. ومع ذلك، وجد الباحثون عوائق كبيرة أمامهم عند استخدام الطرق التقليدية مثل الرسوم البيانية[10]، أو مطابقة الأنماط الإحصائية[11]، أو نظرية الاحتمالات.[12]
المراحل اللاحقة
تبع المراحل الأولى تطورات ملحوظة على الأنظمة الخبيرة، والتي استخدمت اتجاهاً قائمًا على المعرفة. كانت من بين الأنظمة الخبيرة الأولى في الطب نظام MYCIN الخبير[13]، والنظام الخبير Internist-I، ولاحقًا في منتصف الثمانينيات، نظام CADUCEUS.[14]
حوالي العام 1965 تم تقديم الأنظمة الخبيرة رسميًا بواسطة مشروع البرمجة التجريبية من جامعة ستانفورد بقيادة إدوارد فيغنبوم، الذي يُعتبر أحيانًا "أبو الأنظمة الخبيرة".[15] كان من أبرز المشاركين الرئيسيين كذلك في هذا المجال بروس بوكانان وراندال ديفيس.
حيث سعى الباحثون في جامعة ستانفورد إلى تحديد المجالات حيث تكون الخبرة فيها ذات أهمية عالية ومعقدّة، مثل تشخيص الأمراض المعدية (Mycin) وتحديد الجزيئات العضوية المجهولة (Dendral).[16] كانت فكرة أن "الأنظمة الذكية تستمد قوتها من المعرفة التي تمتلكها بدلاً من التشكيلات الخاصة أو أنظمة الاستنتاج" _بحسب فيغنبوم_ "خطوة مهمة إلى الأمام"، حيث كانت الأبحاث السابقة تركز على الأساليب التجريبية الحسابية.
كانت الأبحاث حول الأنظمة الخبيرة نشطة أيضًا في أوروبا. فبينما كان التركيز في الولايات المتحدة على استخدام أنظمة ذات قواعد، كان التركيز في أوروبا على الأنظمة الخبيرة المطورة باستخدام برولوغ. كان أحد الأمثلة المبكّرة على أحد هذه الأنظمة الخبيرة هو نظام APES.
في الثمانينيات من القرن العشرين، انتشرت الأنظمة الخبيرة. حيث قدمت الجامعات دورات حول الأنظمة الخبيرة وطبقت ثلثي شركات فورتشين 500 هذه التقنيات في الأنشطة التجارية اليومية.[4]
في العقد الأول من الألفية الجديدة، شهدت هذه التقنية "إحياءً جديداً" مع استخدام مصطلح الأنظمة المبنية على القواعد والاستخدام الناجح لها.[17] حيث دمجت العديد من الشركات الكبرى المزودة للتطبيقات التجارية (مثل SAP، Siebel، وOracle) قدرات الأنظمة الخبيرة ضمن منتجاتها، فأصبحت محركات الاستدلال التي ذكرناها سابقاً تستعمل أيضاً ضمن أنواع مختلفة من القواعد التجارية المعقدة.
النهج الحالي للأنظمة الخبيرة
دفعت العقبات التي أظهرتها الأنواع السابقة من الأنظمة الخبيرة الباحثين إلى تطوير أنواع جديدة. فقد طوروا نهجًا أكثر كفاءة، ومرونة، وقوة من أجل محاكاة عملية اتخاذ القرارات البشرية وكانت مبنية على طرق جديدة في الذكاء الاصطناعي (AI)، وبشكل خاص في التعلم الآلي وطرق استخراج البيانات مع آليات التغذية الراجعة. غالبًا ما تستفيد الشبكات العصبية المتكررة من مثل هذه الآليات.
تستطيع الأنظمة الحديثة دمج المعرفة الجديدة بسهولة أكبر وبالتالي تحديث نفسها بسهولة. ويمكن لمثل هذه الأنظمة التعامل مع كميات هائلة من البيانات المعقدة. أحيانًا يُطلق على هذا النوع من الأنظمة الخبيرة "الأنظمة الذكية".
^Jackson، Peter (1999). Introduction to expert systems. International computer science series (ط. 3. ed., [Nachdr.]). Harlow Bonn: Addison-Wesley. ISBN:978-0-201-87686-4.
^Lea، Andrew Scott (2023). Digitizing diagnosis: medicine, minds, and machines in twentieth-century America. Baltimore: Johns Hopkins University Press. ISBN:978-1-4214-4681-3.