الخِلافةُ الرَّاشِدَة، أو الخِلافةُ الراشِدِيَّة، أو دولةُ الخُلَفاءُ الرَّاشِدين، هي أولى دُول الخِلافة الإسلاميَّة التي قامت عقِب وفاة الرسول مُحمَّد يوم الاثنين 12 ربيع الأوَّل سنة 11هـ، المُوافق فيه 7 يونيو سنة 632م، وهي دولةُ الخِلافة الوحيدة التي لم يكن الحكم فيها وراثيًّا بل قائمٌ على الشورى، عكس دول الخِلافة التالية التي كان الحُكمُ فيها قائمٌ على التوارث. توالى على حكم الدولة أربع خُلفاء من كِبار الصحابة، وجميعهم من العشرة المُبشرين بالجنَّة وِفق المُعتقد الإسلامي السُنّي تحديدًا، وهم: أبو بكر الصدّيقوعُمر بن الخطَّابوعُثمان بن عفَّانوعليّ بن أبي طالب، يُضاف إليهم الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب. اشتهر الخُلفاءُ الراشدون بالزُهد والتواضع وعاشوا حياتهم دون أي أبَّهة وبشكلٍ مُماثل لباقي الناس. بلغت الخِلافةُ الرَّاشِدة أوج اتساعها خلال عهد الخليفة الثالث عُثمان بن عفَّان. وقد وقعت أغلب الفتوحات الإسلاميَّة في عهد الخليفة الثاني عُمر بن الخطَّاب، وأخذت القبائل العربيَّة تتوطن في البلاد الجديدة وتعمل على نشر الإسلام بين أهلها، فأصابت في ذلك نجاحًا كبيرًا حيث اعتنقت الأغلبيَّة الساحقة من أهالي تلك البلدان الإسلام خلال السنوات اللاحقة. وكان اتساع الدولة سببًا في جعل العرب يقتبسون لأوَّل مرَّة النظم الإداريَّة الأجنبيَّة.أخذت المشاكل تدبُّ في جسم دولة الخِلافة الراشدة خلال عهد عُثمان بن عفَّان، وانتهت تمامًا بعد أن تنازل الحسن بن علي عن الخِلافة لمُعاوية في عام الجماعة حقنًا لدماء المُسلمين، وبعد وفاة الحسن ثبَّت مُعاوية الخِلافة في البيت الأموي وجعلها وراثيَّة، فكان بذلك المؤسس للخلافة الإسلاميَّة الثانية، وهي الخِلافة الأمويَّة.
الدولة العباسية أو الخلافة العباسية أو العباسيون هو الاسم الذي يُطلق على ثالث خلافة إسلامية في التاريخ، وثاني السلالات الحاكمة الإسلامية. استطاع العباسيون أن يزيحوا بني أمية من دربهم ويستفردوا بالخلافة، وقد قضوا على تلك السلالة الحاكمة وطاردوا أبنائها حتى قضوا على أغلبهم ولم ينج منهم إلا من لجأ إلى الأندلس، وكان من ضمنهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، فاستولى على شبه الجزيرة الأيبيرية، وبقيت في عقبه لسنة 1029م. تأسست الدولة العباسية على يد المتحدرين من سلالة أصغر أعمام نبي الإسلاممحمد بن عبد الله، ألا وهو العباس بن عبد المطلب، وقد اعتمد العباسيون في تأسيس دولتهم على الفرس الناقمين على الأمويين لاستبعادهم إياهم من مناصب الدولة والمراكز الكبرى، واحتفاظ العرب بها، كذلك استمال العباسيون الشيعة للمساعدة على زعزعة كيان الدولة الأموية. نقل العباسيون عاصمة الدولة، بعد نجاح ثورتهم، من دمشق العربية الشاميّة، إلى الكوفة، ثم الأنبار قبل أن يقوموا بتشييد مدينة بغداد العراقية لتكون عاصمة الخلافة الإسلامية، والتي ازدهرت طيلة ثلاث قرون من الزمن، وأصبحت أكبر مدن العالم وأجملها، وحاضرة العلوم والفنون، لكن نجمها أخذ بالأفول مع بداية غروب شمس الدولة العباسية ككل. تنوّعت الأسباب التي أدّت لانهيار الدولة العباسية، ومن أبرزها: بروز حركات شعوبية ودينية مختلفة في هذا العصر. انتهى الحكم العباسي في بغداد سنة 1258م عندما أقدم هولاكو خانالمغولي على نهب وحرق المدينة وقتل أغلب سكانها بما فيهم الخليفة وأبنائه. انتقل من بقي على قيد الحياة من بني العباس إلى القاهرة بعد تدمير بغداد، حيث أقاموا الخلافة مجددًا في سنة 1261م، وبحلول هذا الوقت كان الخليفة قد أصبح مجرد رمز لوحدة الدولة الإسلامية دينيًا، استمرت الخلافة العباسية قائمة حتى سنة 1519م، عندما اجتاحت الجيوش العثمانية بلاد الشامومصر وفتحت مدنها وقلاعها، فتنازل آخر الخلفاء عن لقبه لسلطان آل عثمان، سليم الأول، فأصبح العثمانيون خلفاء المسلمين، ونقلوا مركز العاصمة من القاهرة إلى القسطنطينية.
الدَّوْلَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الخِلَاْفَةُ الفَاطِمِيَّةُ أو الدَّوْلَةُ العُبَيْدِيَّةُ هي إحدى دُولُ الخِلافةُ الإسلاميَّة، والوحيدةُ بين دُولِ الخِلافةِ التي اتخذت من المذهب الشيعي (ضمن فرعه الإسماعيلي) مذهبًا رسميًّا لها. قامت هذه الدولة بعد أن نشط الدُعاة الإسماعيليّون في إذكاء الجذوة الحُسينيَّة ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهديّ المُنتظر، الذين تنبؤوا جميعًا بظُهوره في القريب العاجل، وذلك خلال العهد العبَّاسي فأصابوا بذلك نجاحًا في الأقاليم البعيدة عن مركز الحُكم خُصوصًا، بسبب مُطاردة العبَّاسيين لهم واضطهادهم في المشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيثُ تمكنوا من استقطاب الجماهير وسط قبيلة كتامة البربريَّة خصوصًا، وأعلنوا قيام الخِلافةِ بعد حين. شملت الدولة الفاطميَّة مناطق وأقاليم واسعة في شمال أفريقياوالشرق الأوسط، فامتدَّ نطاقها على طول الساحل المُتوسطيّ من المغرب إلى مصر، ثُمَّ توسَّع الخُلفاء الفاطميّون أكثر فضمّوا إلى مُمتلكاتهم جزيرة صقلية، والشَّام، والحجاز، فأضحت دولتهم أكبر دولةٍ استقلَّت عن الدولة العبَّاسيَّة، والمُنافس الرئيسيّ لها على زعامة الأراضي المُقدَّسة وزعامة المُسلمين. شكَّل العصر الفاطمي امتدادًا للعصر الذهبي للإسلام، لكنَّ قُصور الخُلفاء لم تحفل بالعُلماء والكُتَّاب البارزين كما فعلت قُصور بغداد قبلها. وكان الجامع الأزهرودار الحكمة مركزين كبيرين لنشر العلم وتعليم أُصول اللُغة والدين. وأبرز عُلماء هذا العصر كان الحسن ابن الهيثم. أخذت الدولة الفاطميَّة تتراجع بسُرعةٍ كبيرة خلال القرنين الحادي عشروالثاني عشر الميلاديين، فاستبدَّ الوُزراء بالسُلطة وأصبح اختيار الخُلفاء بأيديهم. استمرَّت الدولة الفاطميَّة تُنازع حتّى سنة 1171م عندما استقلَّ صلاح الدين الأيوبي بمصر بعد وفاة آخر الخُلفاء الفاطميين، وهو أبو مُحمَّد عبدُ الله العاضد لدين الله، وأزال سُلطتهم الإسميَّة بعد أن كانت سُلطتهم الفعليَّة قد زالت مُنذُ عهد الوزير بدر الدين الجمالي.
الدولة الغزنوية (باللغة الفارسية: غزنویان) هي دولة إسلامية حكمت بلاد ما وراء النهر، وشمالالهندوخراسان، في الفترة ما بين سنتي 961مو1187م. وهي دولة تركية. سمى الغزنويون عاصمتهم باسمهم، وهي مدينة غزنة التي توجد الآن داخل حدود دولة أفغانستان. كانت دولة الغزنوين قبل ظهور سلالتهم خاضعة لحكم السامانيينالإيرانيين، الذين كان لهم تأثيرٌا كبيرٌا على ثقافة وسياسة تلك المنطقة، وقد أدى هذا التأثير إلى ذوبان الأتراك الغزنويين في تلك المنطقة مع الفارسيين بمرور الوقت. يعد ألب تكين مؤسس دولة الغزنويين الفعلي، وقد كان من قادة الجيش الساماني، إلا أن أسرته لم تتولى شؤون الحكم إلا في عهد أبو منصور سبکتكین (977-997م) فقام بتحويل مدينة غزنة إلى عاصمة له، وأنقذ قومه من السيادة السامانية. وقد قام ابن سبكتكين محمود الغزنوي (998–1030م) بتوسيع حدود الدولة الغزنوية من نهر جيحون حتى نهر السند، ومن هناك حتى المحيط الهندي، وقد شمل هذا التوسع الريوهمدان. وفي عهد مسعود بن محمود الغزنوي فقدت الدولة الغزنوية الكثير من قوتها وجزءًا كبيرًا من أراضيها، فسيطرت الدولة السلجوقية على مناطقها الجنوبية بعد معركة داندقان، ولم يبق في يد الغزنويين بعد تلك المعركة سوى المناطق التي كانت خاضعة لهم في أفغانستان، وبلوشستان، والبنجاب. ولم يكن تشتت السلاجقة في عام 1157م ذا نفع كبير للدولة الغزنوية. وفي هذه الأوضاع المتضاربة بدأت قوة دولة الغوريين الناشئة في التصاعد، حتى قاموا بهزيمة بهرام شاه في عام 1151م. وسيطروا على مدينة غزنة عاصمة الغزنويين، ومن بعدها بدأ حكم الغزنويين الذين قاموا بنشر الإسلام داخل الهند بالإنهيار.
بنو قسي هي أسرة من مولدي الأندلس، حكمت مناطق واسعة في الثغر الأعلى في حوض نهر أبرة في القرن التاسع الميلادي، حتى دانت لهم في عهد موسى بن موسى مدن سرقسطةوناجرةوبقيرةوقلعة أيوبوتطيلةووشقةوطليطلةبرجةولوكرونيوطرسونةوأرنيطوقلهرة، فعدّهم بعض المؤرخين أصحاب المملكة الثالثة في أيبيريا، قبل أن يسقطوا نهائيًا في الربع الأول من القرن العاشر الميلادي، نتيجة صراعاتهم الداخلية وتغير موازين القوى العسكرية في تلك المنطقة. تنحدر الأسرة من نبيل إسباني أو قوطي يدعى قسي، كان حاكمًا للثغر الأعلى في عهد القوط، وبعد الفتح الإسلامي للأندلس رحل إلى دمشق وأسلم على يدي الخليفة الوليد بن عبد الملك، وأصبح من مواليبني أمية. وظلوا كذلك في بداية حكم الأمويين في الأندلس حتى عهد الحكم الربضي. أسس بنو قسي منطقة حكم شبه ذاتي في مناطق من الثغر الأعلى، بين الأراضي الخاضعة لسلطة مملكة أستورياس في الشمال، والدولة الأموية في الأندلس في الجنوب، التي كان بنو قسي خاضعين لهم إسميًا. وعلى مدى قرنين من الزمان، ظل بنو قسي يغيرون ولائهم وتحالفاتهم حسب مصالحهم الشخصية؛ فكانوا يتحالفون مع بشكنسبنبلونة، أو مع الأراغونيين في الشمال، أو أسر المولدين الأخرى في وادي نهر أبرة كبني الطويل، وأحيانًا ينقادون لسلطة الأمويين. وعلى الرغم من كونهم مسلمين، إلا أنهم كانوا يتزاوجون مع نبلاء البشكنس المسيحيين في كثير من الأحيان. فكان موسى بن موسىوإنيغو أريستا زعيم البشكنس إخوة غير أشقاء من جهة الأم، بل وزوّج ابنته أورية من غارسيا إنيغيز وبنات أخيه لأمراء من البشكنس. وتجلّى ذلك التناقض في أسماء بني قسي، فتسمّوا بالأسماء العربية كمحمد وموسى وعبد الله، واللاتينية كأورية ولُبّ، والبشكنسية كغرسية.
الدَّولةُ الطُّولُونِيَّة أو الإِمَارَةُ الطُّولُونِيَّة أو دَوْلَةُ بَنُو طُولُون، وتُعرفُ اختصارًا وفي الخِطاب الشعبي باسم الطولونيُّون، هي إمارة إسلاميَّة أسَّسها أحمد بن طولون التغزغزي التُركي في مصر، وتمدَّدت لاحقًا باتجاه الشَّام، لِتكون بِذلك أولى دُويلة تنفصل سياسيًّا عن الدولة العبَّاسيَّة وتتفرَّد سُلالتها بِحُكم الديار المصريَّة والشَّاميَّة. قامت الدولة الطُولونيَّة خِلال زمن تعاظم قُوَّة التُرك في الدولة العبَّاسيَّة وسيطرة الحرس التُركي على مقاليد الأُمور، وهو ذاته العصر الذي كان يشهد نُموًا في النزعة الشُعوبيَّة وتغلُّب نزعة الانفصال على شُعوب ووُلاة الدولة مُترامية الأطراف، فكان قيام الدولة الطولونيَّة إحدى النتائج الحتميَّة لِتنامي هذا الفكر. نشأ مُؤسس هذه السُلالة، أحمد بن طولون، نشأةً عسكريَّةً في سامرَّاء التي كانت حاضرة الخِلافة الإسلاميَّة حينها، ولمَّا عيَّن الخليفة أبو عبد الله المُعتز بالله الأمير بايكباك التُركي واليًا على مصر في سنة 254هـ المُوافقة لِسنة 868م، وقع اختيار بايكباك على ابن زوجته أحمد بن طولون لِيكون نائبًا عنهُ في حُكم الولاية. ومُنذُ أن قدم ابن طولون مصر، عمل على ترسيخ حُكمه فيها. وكان يتخلَّص من سُلطة الوالي الأصيل بِإغرائة بالمال والهدايا التي كان يُرسلها إليه. وعندما طلب إليه الخليفة أبو إسحٰق مُحمَّد المُهتدي بالله أن يتولَّى إخضاع عامل فلسطين المُتمرِّد على الدولة، سنحت لهُ الفُرصة التي كان ينتظرُها، فقد أنشأ ابن طولون جيشًا كبيرًا من المماليكالتُركوالرُّوموالزُنوج ودعم حُكمه به. وقد أخذ من الجُند والنَّاس البيعة لِنفسه على أن يُعادوا من عاداه ويُوالوا من والاه.
الدولة الأيوبية هي دولة إسلامية نشأت في مصر، وامتدت لتشمل الشاموالحجازواليمنوالنوبة وبعض أجزاء المغرب العربي. يعتبر صلاح الدين يوسف بن أيوب مؤسس الدولة الأيوبية، كان ذلك بعد أن عُيِّن وزيرًا للخليفة الفاطمي العاضد لدين الله ونائبًا عن السلطان نور الدين محمود في مصر، فعمل على أن تكون كل السلطات تحت يده، وأصبح هو المتصرف في الأمور، وأعاد لمصر التبعية للدولة العباسية، فمنع الدعاء للخليفة الفاطمي ودعا للخليفة العباسي، وأغلق مراكز الشيعة الفاطمية، ونشر المذهب السني. بعد وفاة نور الدين زنكي توجه صلاح الدين إلى بلاد الشام، فدخل دمشق، ثم ضمَّ حمص ثم حلب، وبذلك أصبح صلاح الدين سلطانًا على مصر والشام. كانت دولة الأيوبيين قد امتدت إلى بلاد الحجاز، حيث قام صلاح الدين بتحصين جنوب فلسطين، والاستعداد لأي أمر يقوم به أرناط صاحب قلعة الكرك، والذي كان يدبر للهجوم على الأماكن المقدسة في مكةوالمدينة، وكان صلاح الدين قد اعتنى بميناء القلزم وميناء جدة، لأن أرناط كان قد عمَّر أسطولا في ميناء أَيْلَة (العقبة)، وأرسل سفنًا بلغت عِيذاب، فاستولى صلاح الدين على أيلة. استرد صلاح الدين بيت المقدس في 27 رجب583 هـ الموافق 2 أكتوبر1187م، بعد ثلاثة أشهر من انتصاره في معركة حطين، عقب ذلك سقطت في يده كل موانئ الشام، ما عدا مينائي إمارة طرابلسوأنطاكية، وانتهت الحرب الصليبية الثالثة بسقوط عكا بيد الصليبيين، وتوقيع صلح الرملة بين صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد. توفي صلاح الدين عام 589 هـ بعد أن قسم دولته بين أولاده وأخيه العادل، ولكنهم تناحروا فيما بينهم، وظل بعضهم يقاتل بعضًا في ظروف كانت الدولة تحتاج فيها إلى تجميع القوى ضد الصليبيين. بعد وفاة العادل تفرقت المملكة بين أبنائه الثلاثة الكامل محمد على حكم مصر، والمعظم عيسى على دمشق وما حولها، والأشرف موسى على باقي الشام، لم يكد يتوفى العادل أبو بكر حتى انهال الصليبيون على الشام ومصر وخصوصًا مصر في ثلاثة حملات صليبية متتابعة جعلت الكامل محمد على أن يتنازل طواعية عن بيت المقدس للملك فريدريك الثاني سنة 625 هـ الموافق 1228م.
الدولة الأموية في الأندلس إمارة إسلامية أسسها عبد الرحمن الداخل سنة 138 هـ/756 م في الأندلس وأجزاء من شمال أفريقيا وكانت عاصمتها قرطبة، وتحولت إلى خلافة بإعلان عبد الرحمن الناصر لدين الله نفسه في ذي الحجة 316 هـ/يناير 929م خليفة قرطبة بدلاً من لقبه السابق أمير قرطبة، وهو اللقب الذي حمله الأمراء الأمويون منذ أن استقلّ عبد الرحمن الداخل بالأندلس. تميزت الدولة الأموية في الأندلس بنشاط تجاري وثقافي وعمراني ملحوظ، حتى أصبحت قرطبة أكثر مدن العالم اتساعًا بحلول سنة 323 هـ/935م، كما شهدت تشييد الكثير من روائع العمارة الإسلامية في الأندلس ومنها الجامع الكبير في قرطبة. كما شهدت فترة حكم الأمويين نهضة في التعليم العام، جعلت عامة الشعب يجيدون القراءة والكتابة في الوقت الذي كان فيه علية القوم في أوروبا لا يستطيعون ذلك. وقد استمرت الدولة الأموية في الأندلس رسميًا حتى سنة 422 هـ/1031م، حيث سقطت الخلافة وتفككت إلى عدد من الممالك بعد حرب أهلية بين الأمراء الأمويين الذين تنازعوا الخلافة فيما بينهم، مما أدى بعد سنوات من الاقتتال، إلى تفكك الخلافة إلى عدد من الممالك المستقلة.
الدَّولةُ الإِخشِيدِيَّةُ أو الإِمَارَةُ الإِخشِيدِيَّةُ أو دَوْلَةُ بَنُو الإِخشِيد، وتُعرفُ اختصارًا وفي الخِطاب الشعبي باسم الإِخشِيدِيُّون، هي إمارة إسلاميَّة أسَّسها مُحمَّد بن طُغج الإخشيد في مصر، وامتدَّت لاحقًا باتجاه الشَّاموالحجاز، وذلك بعد مضيّ ثلاثين سنة من عودة الديار المصريَّة والشَّاميَّة إلى كنف الدولة العبَّاسيَّة، بعد انهيار الإمارة الطولونيَّة التي استقلَّت بِحُكم الديار سالِفة الذِكر وفصلتها عن الخِلافة العبَّاسيَّة طيلة 37 سنة. كان مُؤسس هذه الدولة مُحمَّد بن طُغج مملوكًا تُركيًا، عيَّنهُ الخليفة العبَّاسي أبو العبَّاس مُحمَّد الراضي بالله واليًا على مصر، فأقرَّ فيها الأمن والأمان وقضى على المُتمردين على الدولة العبَّاسيَّة، وتمكَّن من الحد من الأطماع الفاطميَّة بِمصر. فلمَّا تمكَّن من ذلك منحهُ الخليفة لقبًا تشريفيًا فارسيًا هو «الإخشيد» تكريمًا لهُ ومُكافأةً على عمله. وما لبث الإخشيد أن سار على طريق أحمد بن طولون مُؤسس الإمارة السابقة لِإمارته، فاستقلَّ بِمصر عن الدولة العبَّاسيَّة، واستولى على أغلب أجناد الشَّام: فلسطينودمشقوحمصوالأُردُن عدا حلب التي تركها لِلحمدانيين. ثُمَّ ضمَّ الحِجاز إلى دولته، وكان ابن طولون قد حاول أن يضُمَّها إليه فلم ينجح. وكان الإخشيد واليًا حازمًا يقظًا خبيرًا بِالحرب، شديد الحذر والحيطة على نفسه، فاعتمد على جُنده وحرسه وخدمه. وبعد وفاة الإخشيد، تولَّى أبو المسك كافور شُؤون الحُكم، نيابةً عن ولديّ الإخشيد: أُنوجور وعليّ. ولمَّا مات عليّ انفرد كافور بالحُكم، ونشط إلى توسيع رقعة إمارته مُستفيدًا من تضعضُع الدولة الحمدانيَّة، ورضى الخِلافة العبَّاسيَّة عنه. وقد استطاع كافور أن يصمد أمام هجمات الفاطميين القادمين من إفريقية. وأمضى كافور في الحُكم، نيابةً وأصالةً، اثنين وعشرين سنة، من أصل 34 سنة من حياة الدولة الإخشيديَّة كُلَّها. وقد استغلَّ كافور الظُروف السياسيَّة التي كانت قائمةً في أيَّامه لِمصلحته، فاستفاد من ضُعف الخِلافة في بغداد، ومن الخلاف الناشب بين أُمراء الدُويلات المُجاورة، وحافظ على التوازن في الصراع القائم بين الدولة العبَّاسيَّة المُتداعية في بغداد والدولة الفاطميَّة النامية في إفريقية. وبِموت كافور، ضاع التوازن السياسي الذي كان يُحافظ عليه. فقد خلفه أبو الفوارس أحمد، حفيد الإخشيد، وكان عمره أحد عشر سنة، ولم يستطع أن يُقاوم القُوَّات الفاطميَّة التي استولت على مصر، وأسقطت الدولة الإخشيديَّة. وبدأ في مصر والشَّام عهدٌ جديد هو العهدُ الفاطميّ.