تعتبر مثبطات استرداد السيروتونين الاختيارية من أكثر الأدوية التي يتم وصفها كمضاد للاكتئاب في دول عديدة. يعد تأثير هذه المركبات على حالات الاكتئاب المرضية المعتدلة أو المتوسطة طفيفًا، إذ ان الآثار الجانبية تفوق الفائدة الدوائية وتضر بالمريض.
قد تسبب مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية ومثبّطات استرداد النورأدرينالين والسيروتونين ألم في الفك، ومتلازمة تشنج الفك القابلة للعكس (على الرغم من أنها ليست شائعة). نجح العلاج بالبوسبيرون في تدبير صرير الأسنان الناجم عن استخدام هذه الأدوية.[9][10][11][12]
خلل الوظيفة الجنسية
يمكن أن تسبب مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية أنواعًا مختلفة من خلل الوظيفة الجنسية، مثل فقد الإرجاز، وضعف الانتصاب، وتناقص الرغبة الجنسية، وتنميل الأعضاء التناسلية، وانعدام التلذذ الجنسي (النشوة الجنسية غير الممتعة).[13] المشاكل الجنسية شائعة مع مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية.[14] يعد ضعف الوظيفة الجنسية واحدًا من أهم الأسباب التي تدفع المريض للتوقّف عن تناول الدواء.[15]
قد تستمر أعراض خلل الوظيفة الجنسية في بعض الحالات بعد التوقف عن تناول مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية. يشار إلى هذا المزيج من الأعراض أحيانًا باسم خلل الوظيفة الجنسية التالي لاستخدام مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائية.[16][17][18][19] في 11 يونيو 2019، اعترفت لجنة تقييم المخاطر الدوائية التابعة لوكالة الأدوية الأوروبية رسميًا بإمكانية تطوّر خلل طويل الأمد في الوظيفة الجنسية لدى الأشخاص المُعالجين بمثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائية، حتّى بعد التوقّف عن تناولها، وأصدرت قائمة معلومات جديدة عن المنتج فيما يتعلق بالعجز الجنسي المستمر تتضمن تحذيرات واحتياطات خاصة للاستخدام.[20][21][22]
لم يفهم العلماء الآلية التي تسبّب من خلالها مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية آثارًا جانبية جنسية. تشمل الآليات المحتملة:
تأثيرات عصبية غير انتقائية (مثل التركين) تثبّط السلوك عمومًا وبما في ذلك الوظيفة الجنسية.
تأثيرات نوعية على الأجزاء الدماغية التي تتوسط الوظيفة الجنسية.
تأثيرات نوعية على الأنسجة والأعضاء المحيطية المرتبطة بالعملية الجنسية مثل القضيب.
تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة على الهرمونات التي تتوسط الوظيفة الجنسية.[23]
تشمل استراتيجيات تدبير ضعف الانتصاب إضافة أحد مثبطّات الفوسفوديإستيراز مثل السيلدينافيل، يمكن إضافة البوبروبيون في حالة نقص الرغبة الجنسية، ويمكن التحويل إلى النيفازودون في حالة خلل الوظيفة الجنسية العام.[24]
أشارت العديد من الدراسات إلى أن مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية قد تؤثر سلبًا على جودة السائل المنوي.[27]
على الرغم من أنّ الترازودون (مضاد للاكتئاب ينتمي لزمرة حاصرات مستقبلات ألفا الأدرينالية) هو سبب معروف للقسوح، فقد سُجّلَت حالات انتصاب مستمر مرتبطة بتناول مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (مثل فلوكستين، وسيتالوبرام).[28]
الآثار الجانبية القلبية
لا يبدو أن مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية تؤثر على خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية لدى المرضى الذين لا يملكون سوابق إصابة بأحد هذه الأمراض.[29] اقترحت دراسة أتراب كبيرة عدم وجود زيادة كبيرة في احتمال الإصابة بالتشوهات القلبية عند استخدام مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.[30] أفاد عدد من الدراسات الكبيرة التي أجريت على أشخاص لا يعانون من أمراض قلبية عدم وجود تغييرات في مخطط كهربية القلب مرتبطة باستخدام مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية.[31] خُفّضَت الجرعة اليومية القصوى الموصى بها من السيتالوبرام والإسيتالوبرام بسبب مخاوف من إمكانية زيادة طول المسافة «كيو تي» على مخطط كهربية القلب.[32][33][34] سُجّلَت حالات من فرط جرعة الفلوكسيتين مترافقة مع تسرّع قلب جيبي، واحتشاء عضلة قلبية، ونُظُم وصلي، وتثلاث. اقترح بعض المؤلفين مراقبة مخطط كهربية القلب لدى المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية الشديدة ويتناولون مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية.[35]
الآثار الجانبية النزفية
تتفاعل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية مع مضادات التخثر مثل الوارفارين، والأدوية المضادة للصفيحات مثل الأسبرين.[36][37][38][39] ما يعني زيادة خطر الإصابة بنزوف الجهاز الهضمي، والنزوف التالية للجراحة. يزداد الخطر النسبي للنزيف داخل الجمجمة، ولكن يبقى الخطر المطلق منخفض للغاية.[40] من المعروف أن مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية تسبب سوء في وظيفة الصُفيحات الدموية.[41][42] يزداد خطر النزف لدى أولئك الذين يتناولون مضادات التخثر والعوامل المضادة للصفيحات ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية إلى جانب مثبّطات استرداد السيروتونين الانتقائية، ويزداد أيضًا لدى مرضى تشمّع الكبد والقصور الكبدي.[43][44]
زيادة خطر الإصابة بكسور العظام
تشير الدلائل المستمدة من دراسات أترابية مختلفة إلى وجود ارتباط بين استخدام مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية بالجرعات العلاجية وانخفاض كثافة العظام المعدنية، وزيادة مخاطر الكسر، وهي علاقة يبدو أنها تستمر حتى مع العلاج المساعد بالبيسفوسفونات.[45][46][47][48] ولكنّ العلاقة بين تناول مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية والكسور تستند إلى بيانات مصدرها الملاحظة والمراقبة بدلاً من التجارب، ما يعني أنّ العلاقة ليست بالضرورة سببية. تزيد هذه الأدوية من حالات السقوط المسبّبة للكسور، ما يعني ضرورة الاهتمام بالمرضى المسنين الذين يستخدمون الدواء. لا يبدو أنّ المرضى الأصغر سنًّا يعانون من نقص الكثافة المعدنية للعظم عند تناولهم مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية.[49][50][51]
يجب عدم التوقف عن تناول مثبطات استرداد السيروتونين فجأة بعد علاج طويل الأمد، بل يجب تخفيض الجرعة على مدى عدّة أسابيع قبل إيقاف الدواء، درءًا لأعراض متلازمة السحب التي تتضمّن: الغثيان، والصداع، والدوخة، والقشعريرة، والآلام الجسدية، وتشوش الحس، والأرق. قد ينتج عن الباروكستين أعراض مرتبطة بالسحب بمعدل أكبر من مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية الأخرى، على الرغم من الإبلاغ عن تأثيرات مماثلة لجميع مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية.[52][53] تبيّن أيضًا أنّ أعراض السحب أقل بالنسبة للفلوكستين، ربما بسبب نصف عمره الطويل وأثره المتناقص بشكل طبيعي بسبب إزالته البطيئة، تنطوي إحدى استراتيجيات تقليل أعراض متلازمة سحب مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية على تحويل المريض إلى العلاج بالفلوكستين ثم تخفيض الجراعة، والتوقف عن تناوله.[52]
متلازمة السيروتونين
تحدث متلازمة السيروتونين عادةً بسبب استخدام اثنين أو أكثر من الأدوية سيروتونينيّة المفعول، بما في ذلك مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية.[54] متلازمة السيروتونين هي حالة قصيرة الأمد، تتراوح أعراضها بين الخفيفة (أكثر شيوعًا) والمميتة. تشمل الأعراض الخفيفة زيادة معدل ضربات القلب، والرعشة، والتعرق، واتساع حدقة العين، والرمع العضلي (ارتعاش أو ارتعاش متقطع)، بالإضافة إلى اشتداد المنعكسات.[55] لا يبدو أن الاستخدام المتزامن لمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية أو مثبطات استرداد النوربينفرين الانتقائية (المستخدمة لعلاج الاكتئاب) مع التريبتان (المستخدم لعلاج الشقيقة) يزيد من خطر تطوّر متلازمة السيروتونين.[56]
^Wu Q, Bencaz AF, Hentz JG, Crowell MD (يناير 2012). "Selective serotonin reuptake inhibitor treatment and risk of fractures: a meta-analysis of cohort and case-control studies". Osteoporosis International. ج. 23 ع. 1: 365–75. DOI:10.1007/s00198-011-1778-8. PMID:21904950. S2CID:37138272.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Stahl SM, Lonnen AJ (2011). "The Mechanism of Drug-induced Akathsia". CNS Spectrums. PMID:21406165.
^Lane RM (1998). "SSRI-induced extrapyramidal side-effects and akathisia: implications for treatment". Journal of Psychopharmacology (Oxford, England). ج. 12 ع. 2: 192–214. DOI:10.1177/026988119801200212. PMID:9694033. S2CID:20944428.
^Koliscak LP, Makela EH (2009). "Selective serotonin reuptake inhibitor-induced akathisia". Journal of the American Pharmacists Association. ج. 49 ع. 2: e28–36, quiz e37–8. DOI:10.1331/JAPhA.2009.08083. PMID:19289334.
^Prisco، V.؛ Iannaccone، T.؛ Di Grezia، G. (1 أبريل 2017). "Use of buspirone in selective serotonin reuptake inhibitor-induced sleep bruxism". European Psychiatry. Abstract of the 25th European Congress of Psychiatry. ج. 41: S855. DOI:10.1016/j.eurpsy.2017.01.1701. ISSN:0924-9338.
^American Psychiatric Association (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (ط. 5th). Arlington: American Psychiatric Publishing. ص. 449. ISBN:978-0-89042-555-8.
^Gitlin MJ (سبتمبر 1994). "Psychotropic medications and their effects on sexual function: diagnosis, biology, and treatment approaches". The Journal of Clinical Psychiatry. ج. 55 ع. 9: 406–13. PMID:7929021.
^Kanaly KA، Berman JR (ديسمبر 2002). "Sexual side effects of SSRI medications: potential treatment strategies for SSRI-induced female sexual dysfunction". Current Women's Health Reports. ج. 2 ع. 6: 409–16. PMID:12429073.
^Scherzer، Nikolas D.؛ Reddy، Amit G.؛ Le، Tan V.؛ Chernobylsky، David؛ Hellstrom، Wayne J.G. (أبريل 2019). "Unintended Consequences: A Review of Pharmacologically-Induced Priapism". Sexual Medicine Reviews. ج. 7 ع. 2: 283–292. DOI:10.1016/j.sxmr.2018.09.002. PMID:30503727.
^Pacher P، Ungvari Z، Nanasi PP، Furst S، Kecskemeti V (يونيو 1999). "Speculations on difference between tricyclic and selective serotonin reuptake inhibitor antidepressants on their cardiac effects. Is there any?". Current Medicinal Chemistry. ج. 6 ع. 6: 469–80. PMID:10213794.
^Weinrieb RM، Auriacombe M، Lynch KG، Lewis JD (مارس 2005). "Selective serotonin re-uptake inhibitors and the risk of bleeding". Expert Opinion on Drug Safety. ج. 4 ع. 2: 337–44. DOI:10.1517/14740338.4.2.337. PMID:15794724. S2CID:46551382.
^de Abajo FJ (2011). "Effects of selective serotonin reuptake inhibitors on platelet function: mechanisms, clinical outcomes and implications for use in elderly patients". Drugs & Aging. ج. 28 ع. 5: 345–67. DOI:10.2165/11589340-000000000-00000. PMID:21542658.
^Eom CS، Lee HK، Ye S، Park SM، Cho KH (مايو 2012). "Use of selective serotonin reuptake inhibitors and risk of fracture: a systematic review and meta-analysis". Journal of Bone and Mineral Research. ج. 27 ع. 5: 1186–95. DOI:10.1002/jbmr.1554. PMID:22258738.
^Fernandes BS، Hodge JM، Pasco JA، Berk M، Williams LJ (يناير 2016). "Effects of Depression and Serotonergic Antidepressants on Bone: Mechanisms and Implications for the Treatment of Depression". Drugs & Aging. ج. 33 ع. 1: 21–5. DOI:10.1007/s40266-015-0323-4. PMID:26547857. S2CID:7648524.
^Nyandege AN، Slattum PW، Harpe SE (أبريل 2015). "Risk of fracture and the concomitant use of bisphosphonates with osteoporosis-inducing medications". The Annals of Pharmacotherapy. ج. 49 ع. 4: 437–47. DOI:10.1177/1060028015569594. PMID:25667198. S2CID:20622369.
^Winterhalder L، Eser P، Widmer J، Villiger PM، Aeberli D (ديسمبر 2012). "Changes in volumetric BMD of radius and tibia upon antidepressant drug administration in young depressive patients". Journal of Musculoskeletal & Neuronal Interactions. ج. 12 ع. 4: 224–9. PMID:23196265.