يعتبر محمد المنصف المرزوقي مفكرا وسياسيا وأحد المعارضين السابقين لنظام زين العابدين بن علي، ومدافعا عن حقوق الإنسان، وأحد منظري ثورات الربيع العربي قبل قيامه إلى جانب العديد من الوجوه البارزة، خصوصا في السنوات الأخيرة من المنفى السياسي، وأحد وجوه الربيع العربي البارزة، فهو أول رئيس في العالم العربي يأتي إلى سدة الحكم ديمقراطيا ويرحل ديمقراطيا بعد انتهاء مدة ولايته اتصل هاتفيا بمنافسه وهنئه بفوزه في الانتخابات الرئاسية. في حدث نادر في تاريخ المسار الديمقراطي العربي. وكأنه يجمع بين النظرية والفعل، النظرية (ماهو فكري عند المرزوقي أثناء حقبة المعارضة)، والفعل بماهو تجريبي أثناء تواجده في دواليب الدولة وسدة الحكم.[1][2][3][4]
ساهم المرزوقي في إغناء الخزانة الفكرية التونسية والعربية، من خلال إنتاج غزير ومتنوع بين فن المقالة إلى التأليف في مختلف الميادين، المهنية والفكرية. وأكثر ما يميزها هو بعدها الإنساني والتركيز على الحقوق وأوضاع وقضايا الإنسان العربي المعاصر. ظلت فاعلة في مدار الكفاح والدفاع عن مفهوم الحريات والتقدم المدني وحقوق الفرد على مستوى القطر التونسي والوطن العربي ككل.
وكما هو الحال في الحياة المهنية، فلم يكتف المرزوقي بالتطبيب داخل عيادة أنيقة كالتي يمتلكها أغلب زملائه،[5] وكما هو الحال في السياسة عند المروزوقي كذلك، فلم يعمل على أن يصبح نائبا برلمانيا كمقدمة للحلم بوزارة، وبقي في شق المعارضة الرافضة للتعامل مع نظام بن علي الذي استبد بمنظومة الحكم الفردي على طوال 23 سنة ونيف. وقد آثر أن يكون معارضا لممارسات بن علي في انتهاك حقوق الإنسان بتونس. وكذلك هو الشأن للكتابة عند المرزوقي فهي لم تتموقع في زاوية واحدة، بل امتدت إلى ماهو فكري سياسي مهني أدبي.. إلى أدب الرحلة ثم إلى فن المقالة والسيرة الذاتية، أغنت الخزانة السياسية والفكرية والأدبية التونسية والمغاربية والعربية ككل، إلا أن صلة الوصل بين هذه الإنتاجات عند المرزوقي هو الإنسانوالكرامة، مع تركيزه على قضايا الإنسان العربي المعاصر والحريةوحقوق الإنسان.
المنصف المرزوقي كظاهرة ثقافية[4] تقدم مشروعاً فكرياً جديداً توافقت فيه الفكرة (النظرية) مع التجربة، التجربة على أرضية المعارضة المنفية أو المقموعة ثم التجرية على دواليب الحكومة.
مسار ذو رسالة في سجل الكفاح التحريري للإنسان العربي، في برنامج تشكّل أو صناعة الوعي العربي الجديد، وعي يعيش حالة مخاض مصيري وكبير بين الانتكاسة والطموح.
التعتيم والمنع
دخل المرزوقي إلى عالم الكتابة منذ ثمانينات القرن الماضي، من خلال مؤلفات ومقالات مختلفة في منابر صحفية وإعلامية عديدة.
وقد خضع للاستجواب أكثر من مرة، والإحالة إلى المحاكم بسبب كتاباته ومنشوراته، كواقعة المحاكمة التي تعرّض لها بإيعاز من ديكتاتوريةبن علي في ثمانينات القرن العشرين بسبب كتابه «دع وطني يستيقظ». حيث تمت مصادرة الكتاب.[6]
وقد وصف المرزوقي هذه المرحلة من حياته في مواجهة تسلط ديكتاتورية بن علي قائلا:..ففي سنة 1992 سرق البوليس السياسي من المطبعة أفلام كتابي "الرؤيا الجديدة"، وسنة 1994 طبعت لي الدار التونسية للنشر كتاباً علمياً هو "المدخل للطب" لتختفي الألف نسخة بقدرة قادر، وفي سنة 1995 سحبت السلطة التونسية كل كتبي من المكتبات العمومية". _المنصف المرزوقي.[6]
وانتهت هذه المواحهة غير المتكافئة (ماديا) مع نظام بن علي، إلى حل القسم الذي أشرف عليه المرزوقي في كلية طب سوسة في تونس، والتعرض إلى الطرد النهائي من كلية الطب عام 2000.[7] بل وانتهى هذا الخيار التحرري، الذي يضخ في الفكر العربي المعاصر جرعات من الحرية، بضريبة التعرض للسجن. وقد أدت حملة قادها نشطاء حقوقيون آنذاك شارك فيها نلسون مانديلا لإطلاق سراحه.
الكتاب عبارة عن حوار صحفي مطوّل أجراه معه الصحافي والباحث الفرنسي فانسون جيسيه، سنتين قبل ثورة 17 ديسمبر. حول الديمقراطية وحقوق الإنسان ومعالم نظام ديمقراطي عربي جدبد.
الدولة الجملكية- الاستبداد- الحرية - المواطن- الصحافة- الديمقراطية- الأنظمة - حقوق الإنسان- الشعب- القضاء- الواقع السياسي والانهيار العربي– الظلم – التنوير والتحريض...[22]
"لقد حذرت من التقوقع على أي نظرية فالمهم دوما أن نبني إطارا نظريا نجربه في الواقع وعندما تتبين نواقصه نعود له بالتحسين أو حتى بالتجديد الجذري وباستمرار عملا بالقول المأثور” تتناهي النصوص ولا تتناهى أحوال الناس"[25]