الأبله البغداديّ شاعر مجيد رقيق جمع بين الصناعة والرقّة و كان شعره موافقا للغناء. و له قصائد طوال ومقطّعات. و فنونه المدح والغزل و النسيب، وقد كان بارعا جدّا في التخلّص من الغزل إلى المدح، كقوله مثلا:
الله أعلم أن الروح قد تلفت
شوقـاً إليـك و لكني أمـنيها
و نظرة منك يا سؤلي و يا أملي
أشهى إلي من الدنيا ومن فيها
إني وقفت بباب الدار أسألها
عن الحبيب الذي قد كان لي فيهـا
فما وجدت بها طيفاً يكلمني
سوى نواح حمام في أعاليها
يا دار أين أحبائي لقد رحلوا
ويا ترى أي أرضٍ خيموا فيهـا
قالت : قبيل العشا شدوا رواحلهم
و خلفـوني على الأطلال أبكيها
لحقتهم فاستجابوا لي فقلت لهم
إني عُبـيدٌ لهذي العيس أحميها
قالوا أتحمي جمالاً لست تعرفها
فقلت:أحـمي جمالاً سادتي فيها
قالوا:ونحن بوادٍ ما به عشبٌ
و لا طـعام ٌ و لا ماءُ فنسقيها
خلُّوا جمالكم يرعون في كبدي
لعل في كبدي تنمو مراعيها
روحُ المُحب على الأحكام صابرةٌ
لعل مسقمها يوماً يداويها
لا يعرف الشوق إلا من يكابده
و لا الـصبابـة إلا من يعانيها
لا يسهرالليل إلا مـن بـه ألـمٌ
ولا تحرق النار إلا رجل واطيهـا
صلوا على خير خلق الله من مضرٍ
محمدٌ سيد الدنيا ومن فيها
دعني أكابد لوعتي وأعاني... أين الطليق من الأسير العاني
آليت، لا أدع الملام يغرّني ... من بعد ما أخذ الغرام عناني
و مهفهف ساجي اللحاظ: حفظته... فأضاعني، وأطعته فعصاني
يصمي قلوب العاشقين بمقلةٍ... طرف السنان وطرفها سيّان
خنث الدلال: بشعره وبثغره ... - يوم الوداع - أضلّني وهداني
يا أهل نعمان، إلى وجناتكم... تعزى الشقائق لا إلى نعمان